
الحبل والصمت والصهريج: مأساة لم يكن يجب أن تقع؟
في لحظة صمتٍ ثقيل، وقفت أعين الناس مشدوهة أمام مشهد مأساوي تتقاطع فيه الأسى مع العجز. مواطن يصعد إلى أعلى صهريج مائي احتجاجًا على عدم فتح تحقيق في وفاة والده، ويظل معتصمًا هناك طيلة خمسة عشر يومًا متواصلة، تحت لهيب الشمس، وانعدام الماء، وقساوة الظروف. ثم يسقط، والحبل ملتفٌّ حول عنقه، لينقل في حالة حرجة إلى قسم الإنعاش، يصارع بين الحياة والموت، بينما سقط كذلك عنصر من عناصر الوقاية المدنية أثناء محاولة الإنقاذ.
هذه الحادثة الأليمة، التي لا تزال مفتوحة على تداعيات إنسانية ونفسية عميقة، تكشف عن خلل حقيقي في منظومة المواكبة والتأطير، وفي غياب استباق مؤسساتي كان من الممكن أن يجنّب الجميع هذه النهاية المفجعة.
فالمواطن المعتصم لم يلوّح بالعنف، ولم يطلب المستحيل، بل طالب بفتح تحقيق في وفاة والده. لكن جهلُه بالمساطر القانونية، وشعورُه بعدم التفاعل مع مطلبه، أوصله إلى مرحلة يائسة جعلته يعتصم في مكان خطر، وينفذ احتجاجًا مؤلمًا بجسده، لا بصوته.
ما كان لهذه المأساة أن تقع لو تم التواصل معه في وقت مبكر، ولو وُجدت آلية فعالة للوساطة الاجتماعية تُنصت وترافق وتوجّه، لا أن تُحيل الصمتَ إلى مأساة.
وحتى طريقة التدخل لاحتواء الاعتصام، تثير تساؤلات مشروعة: كيف يُترك شخص معلقًا في العراء لأيام طويلة دون تدخل فعلي؟ كيف يتم الصعود لإنقاذه دون احترام شروط السلامة، وعلى رأسها ارتداء الحزام الواقي (harnais)؟ وأين كانت الكفاءات النفسية والاجتماعية القادرة على التدخل في مثل هذه الحالات الدقيقة قبل أن يقع المحظور؟
لسنا هنا بصدد تحميل المسؤولية لأشخاص، بل بصدد المطالبة بقراءة مؤسساتية لما جرى، وفق مقاربة تُعلي من قيمة الإنسان وتربط المسؤولية بالمحاسبة، لا من باب الإدانة، بل من باب البناء، ومنع التكرار.
إن ما وقع يفتح الباب على أسئلة أكبر من الصهريج والحبل والسقوط. من يُواكب المواطن عندما ينهار؟ من يرشده حين تُغلق الأبواب؟ ومن يُصغي إليه قبل أن يصرخ بجسده بدل صوته؟
لا نحتاج إلى تأثُّر مؤقت، بل إلى قرار دائم: أن لا تتكرر المأساة، وأن لا يُترك أي مواطن وحيدًا مع وجعه، على علوّ شاهق، وصمتٍ أكثر ارتفاعًا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغرب اليوم
منذ 10 دقائق
- المغرب اليوم
ترمب يعلن اتفاقا تجاريا وإندونيسيا تتحدث عن مرحلة جديدة مع واشنطن
أشاد الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، الأربعاء، بـ«حقبة جديدة من المنفعة المتبادلة» مع واشنطن بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوما جمركية بنسبة 19% على السلع الإندونيسية التي تدخل الولايات المتحدة بدلا من نسبة 32% كان هدد بها. وكتب على إنستغرام «أجريت اتصالا هاتفيا جيدا جدا مع الرئيس دونالد ترمب. اتفقنا على نقل العلاقات التجارية بين إندونيسيا والولايات المتحدة إلى حقبة جديدة من المنفعة المتبادلة» من دون تقديم تفاصيل حول الاتفاق. اتفاق الرسوم قال أحد مستشاري الحكومة الإندونيسية، اليوم الأربعاء، إن إندونيسيا ترى أن الاتفاق على خضوع الصادرات إلى الولايات المتحدة لرسوم جمركية بنسبة 19% «مكسب ضخم لبعض القطاعات الاقتصادية كثيفة العمالة مثل المنسوجات والأحذية».وأضاف هيريانتو إيراونا عضو المجلس الاقتصادي الوطني الإندونيسي في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ إن مثل هذا الاتفاق «يتيح فرصة لإندونيسيا للدخول إلى سوق إضافية في الولايات المتحدة». ووصف إيراونا الرسوم التي أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوم الثلاثاء اعتزامها فرضها على منتجات إندونيسيا بنسبة 19% بدلا من 32% كما كان مقررا من قبل بأنها من أقل الرسوم التي يتم فرضها على منتجات الدول التي تسجل فوائض فى التجارة مع الولايات المتحدة، مما يعطي إندونيسيا ميزة نسبية.ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن إيراونا القول «من المهم أيضًا أن ندرك أن هذه هي المنتجات التي تستوردها إندونيسيا على أية حال»، مشيرا إلى المشتريات المعتزمة من فول الصويا والقمح والبترول وسلع أخرى.وأضاف «نحن نقوم باستيراد هذه السلع من الولايات المتحدة، بدلا من استيرادها من دول أخرى». مجموعة البريكس وعن موضوع انضمام إندونيسيا إلى مجموعة البريكس، بعد انتقادات ترمب للمجموعة وتهديده بفرض رسوم جمركية أعلى على أعضائها، قال المسؤول الإندونيسي إن موقف ترمب لم يؤثر في نهاية المطاف على نتائج المحادثات.وأوضح إيراونا أن انضمام إندونيسيا إلى المجموعة جاء لأسباب اقتصادية لفتح المزيد من الأسواق. وقال ترمب إنه توصل إلى اتفاق مع إندونيسيا يقضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 19% على سلعها، مضيفًا أن جاكرتا وافقت على إلغاء جميع الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية وشراء منتجات طاقة وزراعية أميركية بقيمة تزيد عن 19 مليار دولار، بالإضافة إلى شراء 50 طائرة بوينغ.وقال ترمب أمس الثلاثاء «هناك المزيد من الاتفاقات قيد التفاوض». وقال أيضا إنه سيتم إرسال رسائل قريبا تخطر الدول الأصغر بمعدلات الرسوم الجمركية الأميركية، وإن إدارته ستفرض على الأرجح معدلا للرسوم الجمركية «يزيد قليلا على 10 بالمئة» على تلك الدول.


المغرب اليوم
منذ 35 دقائق
- المغرب اليوم
بدء انسحاب وحدات الجيش السوري من مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية بعد اتفاق لوقف إطلاق النار
أعلنت وزارة الدفاع السورية، مساء الأربعاء، بدء انسحاب وحدات الجيش السوري من مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، تنفيذًا لاتفاق تم التوصل إليه مع وجهاء المدينة، بعد أيام من التوترات الدامية والاشتباكات بين فصائل محلية وعشائر مسلحة. وقالت الوزارة في بيانها: "بدء انسحاب قوات الجيش العربي السوري من مدينة السويداء تطبيقًا لبنود الاتفاق المبرم، وبعد الانتهاء من تمشيط المدينة من المجموعات الخارجة عن القانون". وذكرت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" أن الانسحاب جاء بالتنسيق مع مشايخ العقل، وهم المرجعيات الدينية للطائفة الدرزية، وبعد انتهاء ما وصفته بـ"مهمة ملاحقة الخارجين عن القانون". بالتزامن مع هذا التطور، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات جوية عنيفة استهدفت العاصمة السورية دمشق، حيث أُصيب جزء من مبنى وزارة الدفاع، إضافة إلى مواقع قرب القصر الرئاسي، حسب ما أفادت مصادر سورية. وقالت مصادر إسرائيلية إن الهجوم كان ردًا على ما وصفته بـ"اعتداءات الجيش السوري على تجمعات درزية في الجنوب"، مؤكدة أن تل أبيب ستواصل ضرب قدرات النظام السوري إذا ما استمر في خرق التفاهمات بشأن الجنوب السوري. ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤولين إسرائيليين أن دمشق خرقت التفاهمات الأمنية المشتركة التي جرى التوصل إليها قبل دخول الجيش السوري السويداء، والتي تضمنت عدم إدخال أسلحة ثقيلة إلى المدينة.


مراكش الآن
منذ 39 دقائق
- مراكش الآن
'ألتراس الشارك' تطالب بالمساواة والاحترافية داخل أولمبيك آسفي
في بلاغ شديد اللهجة، حمّلت مجموعة 'ألتراس الشارك' رئيس نادي أولمبيك آسفي، محمد الحيداوي، مسؤولية مباشرة عن ما وصفته بـ'سوء التدبير المالي'. وركز البلاغ بشكل خاص على عقود اللاعبين ومستحقاتهم العالقة، مطالبة بإرساء مبدأ المساواة والعدالة داخل الفريق لتفادي الانقسامات التي قد تفجر الأجواء من الداخل. دعت المجموعة إلى تفعيل مبدأ المحاسبة، مشيرة إلى أنها ستكون أول من يدق ناقوس الخطر في حال تكررت مشاهد الفوضى أو الإهمال التي كادت تُعرقل مسار الفريق في الموسم المنصرم، لولا تدخلها. وشددت 'ألتراس الشارك' على ضرورة تدبير ملف الانتدابات بشكل احترافي وبعيداً عن 'الترضيات أو الحسابات الضيقة'. وأكدت أن دعم الفريق بلاعبين جدد يجب أن يتم وفق رؤية المدرب واحتياجات الميدان، وليس تحت ضغط وكلاء أو توازنات خارجية. وفي سياق متصل، أكد البلاغ أن مرحلة ما بعد التتويج بلقب كأس العرش لا تقل أهمية عن الفوز ذاته، بل هي لحظة حاسمة لتحديد هوية الفريق وطموحاته المستقبلية. وتساءلت المجموعة: 'هل سيكون اللقب نقطة انطلاق نحو عهد جديد من الأمجاد، أم مجرد نشوة عابرة تسبق الانهيار؟' أعادت 'ألتراس الشارك'، المعروفة بمواقفها الحاسمة وغير القابلة للتأويل، تأكيد التزامها بالدفاع عن قميص الفريق، ووقوفها في وجه أي جهة تُهدد استقراره. وشددت على أن الجماهير ستكون كما كانت دائماً، العين التي لا تنام، والدرع الذي يحمي الأولمبيك من كل عبث.