logo
الجزائر والولايات المتحدة.. عهد جديد نحو شراكة إستراتيجية

الجزائر والولايات المتحدة.. عهد جديد نحو شراكة إستراتيجية

القدس العربي منذ 2 أيام
الجزائر: حراك ملحوظ ونشاط في الاتصالات والزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، ذلك الذي عرفه مسار العلاقات الثنائية بين الجزائر والولايات المتحدة منذ انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وحتى اليوم.
ذلك الزخم الممزوج بتصريحات إيجابية، أكد فيها الجانبان التزامهما بتقوية التعاون في الدفاع والأمن الإقليمي، وأيضًا الاقتصاد والتجارة، عزز التوقعات بتوجه علاقات واشنطن والجزائر 'نحو شراكة إستراتيجية' في مجالات عديدة، بحسب خبيرين.
تلك التوقعات دعمتها بقوة مخرجات الزيارة التي أجراها كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية، مسعد بولس، الأحد، للجزائر وامتدت يومين، والتي رسمت، وفق الخبيرين، 'ملامح الشراكة المستقبلية وفق رؤية جديدة'.
بولس: جئت إلى الجزائر بشغف، وسأغادرها بإعجاب أكبر، خاصة لما يجمع بلدينا من تعاون
ما ذهب إليه الخبيران استند أيضًا إلى التصريح الختامي لزيارة بولس للجزائر، والذي قال فيه: 'جئت إلى الجزائر بشغف، وسأغادرها بإعجاب أكبر، خاصة لما يجمع بلدينا من تعاون'.
مستشار الرئيس الأمريكي كان قد صرح أيضًا، عقب وصوله إلى الجزائر، أنه 'جاء إلى هذا البلد العربي نيابة عن الرئيس ترامب ووزير الخارجية مارك روبيو'، معبرًا عن ارتياحه لمجريات الزيارة.
وقال، في سلسلة تغريدات على حسابه الرسمي بموقع 'إكس'، إنه سعد بلقاء 'وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، ثم الرئيس تبون، ووزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب'.
وأفاد بوجود التزام واضح من قبل بلاده للتعاون مع الجزائر، في الاقتصاد والتجارة العادلة، وفي تأمين الحدود ومكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين، مبدياً تفاؤله بمستقبل التعاون والاستثمار في الطاقة والطاقات المتجددة والمناجم.
وبعد يوم واحد من مغادرة بولس للجزائر، أعلنت السفارة الأمريكية عما أسمته 'فصلًا جديدًا في التعاون الزراعي بين البلدين'، ضمن مشروع 'بلدنا' الزراعي الذي يجمع الجزائر وقطر بقيمة 3.5 مليارات دولار.
ومشروع 'بلدنا' هو مشروع ضخم بين الجزائر وقطر، لإنتاج بودرة الحليب المجفف والألبان واللحوم، وبدأ إنجازه على مساحة شاسعة تناهز 218 ألف هكتار بعدة محافظات جنوب الجزائر.
نشاط دبلوماسي مكثف
وبالعودة قليلًا إلى الوراء، يظهر تزايد الاتصالات بين البلدين منذ انتخاب ترامب قبل نحو 9 أشهر، إذ بعث له الرئيس الجزائري، في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، رسالة تهنئة أعرب فيها عن عزمه 'العمل من أجل ترقية علاقتنا الثنائية إلى آفاق أرحب بما يخدم مصالحنا المشتركة'.
بدوره بعث ترامب رسالة تهنئة لنظيره الجزائري في الخامس من يوليو/تموز الجاري، بمناسبة ذكرى استقلال الجزائر (1962)، ختمها بالقول: 'إن تعاوننا اليوم في مرحلة خلق مستقبل أكثر ضمانًا وأكثر ازدهارًا للأمريكيين كما للجزائريين'.
الرئيس الجزائري: لن نكون خصماً لأحد، بل صديقاً للجميع. الجزائر يسري في دمائها عدم الانحياز
وما بين الاتصالين، تواصل البلدان بشكل لافت، حيث استقبلت الجزائر القائد السابق للقيادة الأمريكية العسكرية في إفريقيا 'أفريكوم'، الجنرال مايكل لانغلي، في يناير/كانون الثاني الماضي، توجت بتوقيع مذكرة تفاهم وُصفت بـ'الهامّة' في التعاون العسكري بين البلدين.
أساس واضح لعلاقة متينة
وبقراءة تحليلية لتصريحات المسؤولين الجزائريين والأمريكيين مؤخرًا، يتجلى وجود سعي أمريكي حثيث لرسم معالم شراكة جديدة، قائمة على وضوح الرؤية، والحد من التقديرات السابقة التي تربط الجزائر بمحور معين من محاور العلاقات الدولية، لكن الأخيرة تصر على أن تكون صديقة للجميع، وهذا لا يمنعها من إقامة الشراكات الإستراتيجية مع من تريد.
فبينما ينصح مسؤولون أمريكيون بلادهم بالاندفاع نحو 'تقوية' العلاقات مع الجزائر، قصد 'الحد من النفوذ' الروسي في شمال إفريقيا والجزائر تحديدًا، على اعتبار أنها شريك إستراتيجي تاريخي لموسكو، يصر الجانب الجزائري على موقعه كبلد متشبث بعقيدة 'عدم الانحياز'.
وكان قائد عمليات القيادة الأمريكية في إفريقيا ومرشح ترامب لتولي قيادة 'أفريكوم'، الجنرال داغفين أندرسون، وجّه دعوة لإدارة بلاده من أجل التقرب أكثر من الجزائر.
وقال، في جلسة استماع أمام الكونغرس الأسبوع الماضي: 'يجب على الولايات المتحدة أن تسعى لإعادة توجيه الجزائر بعيدًا عن اعتمادها التاريخي على روسيا'، وذلك 'عبر بناء شراكة عسكرية وإستراتيجية قوية'.
لكن الجانب الجزائري، وفي مقدمته الرئيس تبون، أكد في آخر حوار له مع وسائل الإعلام المحلية، قبل أسبوعين، أن 'الجزائر يسري في دمائها عدم الانحياز'.
وأوضح أن بلاده مصممة على التمسك بعلاقاتها مع الولايات المتحدة ومع الصين ومع روسيا، قائلًا: 'لن نكون خصمًا لأحد، بل صديقًا للجميع'.
وأكد تبون أن الجزائر لن ترهن علاقاتها الخارجية لدى دولة أو معسكر دولي واحد.
غير أن تبون ذهب في الوقت ذاته إلى أنه لا يوجد جزائري 'ينسى وقوف الولايات المتحدة مع الجزائر إبان الثورة التحريرية (1954-1962) وإدخال واشنطن الملف الجزائري إلى الأمم المتحدة'.
وأوضح أن الولايات المتحدة كانت من بين أوائل الدول التي ساعدت الجزائر عند استقلالها سنة 1962.
ويشير الرئيس الجزائري بذلك إلى أنه ينبغي التعامل مع الجزائر كشريك موثوق ذي مبادئ خارجية واضحة، ولا ينبغي أن يُحسب على محاور دولية معينة.
ويُفهم من ذلك أن الجزائر تتطلع إلى شراكة مفيدة مع الجانب الأمريكي، تعود بالفائدة على الجانبين، وليس النظر إلى هذه الشراكة باعتبارها فرصة لتقليص العلاقات الجزائرية الروسية.
مرحلة جديدة
في هذا السياق، أوضح المختص في العلاقات الدولية علي ربيج أن العلاقات الجزائرية الأمريكية 'تتجه إلى مرحلة جديدة من التعاون'.
وقال إن 'العلاقات دائمًا ما اقتصرت على التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب وقطاع الطاقة، وحتى في هذا المجال أخذت دَفعًا جديدًا بعد التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون العسكري مطلع هذا العام'.
وتابع أن تطور العلاقات 'يتماشى مع رغبة معلنة' من قبل الجزائر لتنويع الشركاء على جميع الأصعدة.
وأشار المتحدث إلى أن زيارة مستشار ترامب إلى الجزائر تؤكد 'زخمًا وفعالية أكبر للعلاقات بين البلدين، وتُعبّر عن تقدير واضح من الجانب الأمريكي للدور الجزائري في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل الإفريقي' (تشهد أزمات سياسية وأمنية زادت نشاط الجماعات الإرهابية).
ورأى ربيج أن التعاون الجزائري الأمريكي على الصعيد الإستراتيجي يمكن أن يُقدّم أدوات جديدة لحل الأزمات والتوتر في المنطقة، خاصة بعد تأكيد الجانبين على أهمية 'السلم الإقليمي'.
مجالات الشراكة
من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف أن 'براغماتية الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة ترامب، والنظرة الجديدة للجزائر، ترسخان الاعتقاد بانتقال البلدين نحو شراكة جديدة'.
وقال هادف إن 'هناك استجابة أمريكية لمسعى الجزائر في تنويع شراكاتها الاقتصادية والتحول الاقتصادي أيضًا'، تجلت في زيارة مستشار ترامب.
وذكر أن التعاون الاقتصادي بين البلدين طالما اقتصر على الطاقة الأحفورية، 'لكنه اليوم يأخذ مساحة في مجالات جديدة كالطاقات المتجددة والمناجم، خاصة أن الجزائر تحوز على ما يسمى الأتربة النادرة' (عناصر أرضية تدخل في 200 نوع على الأقل من الصناعات الحديثة).
وأفاد هادف بأن الحضور الأمريكي بدأ يلفت الانتباه في القطاعات التي تعتبرها الجزائر أولوية لتنويع اقتصادها، على غرار الزراعة والصناعة التحويلية والصناعة الدوائية إلى جانب اقتصاد المعرفة.
الجنرال داغفين أندرسون: يجب على الولايات المتحدة أن تسعى لإعادة توجيه الجزائر بعيداً عن اعتمادها التاريخي على روسيا، عبر بناء شراكة عسكرية واستراتيجية قوية
ولفت إلى أن الرسوم التي تنوي الإدارة الأمريكية فرضها على الجزائر بنسبة 30 بالمئة في مطلع أغسطس/آب المقبل، يمكن أن تتحول إلى فرصة لتعزيز التعاون التجاري على ضوء التفاهمات التي تكون قد حققتها زيارة مستشار الرئيس الأمريكي.
ولا تُشكّل الولايات المتحدة وجهة رئيسية في التجارة الخارجية للجزائر، لكن البلدين أكّدا مؤخرًا تطلعهما إلى فتح المجال أمام تنقل البضائع من كلا الاتجاهين، علاوة على استغلال الفرص المتاحة في التجارة والاستثمار.
وبشكل عام، تحوز العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة على رمزيات تاريخية، إذ تُعتبر واشنطن من أهم الدول التي دعمت الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وافتتحت أول سفارة لها بالجزائر بعد استقلال الأخيرة عام 1962.
تلك العلاقات لم تشهد في ولاية ترامب الأولى (2016–2020) زخمًا دبلوماسيًا لافتًا، خاصة أنه قام بالاعتراف بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، وهو ما يتعارض مع موقف الجزائر الداعم لجبهة البوليساريو، كما أن العلاقات ظلت طيّ 'السكون' خلال ولاية الرئيس السابق جو بايدن، التي استمرت حتى مطلع العام الجاري.
وفي 2007، اقترح المغرب حُكمًا ذاتيًا موسعًا في إقليم الصحراء تحت سيادته، بينما تدعو جبهة 'البوليساريو' إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.
(الأناضول)
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أميركا و"الناتو" يطوران آلية تمويل جديدة لتزويد أوكرانيا بالأسلحة
أميركا و"الناتو" يطوران آلية تمويل جديدة لتزويد أوكرانيا بالأسلحة

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

أميركا و"الناتو" يطوران آلية تمويل جديدة لتزويد أوكرانيا بالأسلحة

ذكرت ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة رويترز، السبت، أن الولايات المتحدة و حلف شمال الأطلسي نص معاهدة تأسيس حلف شمال الأطلسي (الناتو) 1949 جرى إقرار معاهدة شمال الأطلسي، التي بموجبها أُسّس حلف شمال الأطلنطي (الناتو) في 4 إبريل 1949، في العاصمة الأميركية، ودخلت حيز التنفيذ في 24 أغسطس 1949، بعد إيداع تصديقات جميع الدول الموقعة عليها (بلجيكا، كندا، الدنمارك، فرنسا، أيسلندا، إيطاليا، لكسمبورغ، هولندا، النرويج، البرتغال، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة). (الناتو) يعملان على نهج جديد لتزويد أوكرانيا بالأسلحة باستخدام أموال من دول الحلف لدفع تكلفة شراء الأسلحة الأميركية أو نقلها. يأتي هذا التعاون بشأن أوكرانيا في الوقت الذي عبر فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إحباطه من هجمات موسكو المستمرة على جارتها. واتخذ ترامب في البداية نبرة أكثر تصالحية تجاه روسيا في أثناء محاولته إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات بأوكرانيا، لكنه هدد بعد ذلك بالبدء في فرض رسوم جمركية واتخاذ تدابير أخرى إذا لم تحرز موسكو أي تقدم نحو إنهاء الصراع بحلول الثامن من أغسطس/ آب. وقال ترامب الشهر الماضي إن الولايات المتحدة ستزود أوكرانيا بأسلحة سيدفع ثمنها الحلفاء الأوروبيون، لكنه لم يشر إلى طريقة لإتمام ذلك. وقالت المصادر إن دول حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا والولايات المتحدة تعمل على وضع آلية جديدة تركز على تزويد كييف بأسلحة أميركية مدرجة على قائمة متطلبات أوكرانيا ذات الأولوية. وستُعطي أوكرانيا الأولوية للأسلحة التي تحتاج إليها ضمن دفعات تبلغ قيمتها نحو 500 مليون دولار، على أن تتفاوض دول الحلف فيما بينها بتنسيق من الأمين العام مارك روته لتحديد من سيتبرع أو يموّل الأسلحة المدرجة على القائمة. أخبار التحديثات الحية ترامب يحدد مهلة جديدة لروسيا لإنهاء حرب أوكرانيا: 10 أو 12 يوماً وقال مسؤول أوروبي رفض الكشف عن هويته لـ"رويترز"، إن دول الحلف تأمل عبر هذه الآلية في توفير أسلحة بقيمة 10 مليارات دولار لأوكرانيا. ولم يتضح الإطار الزمني الذي تطمح دول الحلف لتوفير الأسلحة خلاله. وبحسب المسؤول فإن "هذا هو خط البداية، وهو هدف طموح نعمل على تحقيقه. نحن على هذا المسار حاليا وندعم هذا الطموح. نحن بحاجة إلى هذا الحجم من الدعم". كما قال مسؤول عسكري كبير في حلف شمال الأطلسي، تحدث أيضا شريطة عدم الكشف عن هويته للوكالة، إن المبادرة "جهد تطوعي ينسقه حلف شمال الأطلسي ويشجع جميع الحلفاء على المشاركة فيه". وأضاف المسؤول أن الخطة الجديدة تتضمن حسابا جاريا للحلف، حيث يمكن للحلفاء إيداع الأموال لشراء أسلحة لأوكرانيا يوافق عليه القائد العسكري الأعلى للحلف. (رويترز)

أزمة ديمقراطيي أميركا: عجز عن توحيد الصفوف ومواجهة ترامب
أزمة ديمقراطيي أميركا: عجز عن توحيد الصفوف ومواجهة ترامب

العربي الجديد

timeمنذ 4 ساعات

  • العربي الجديد

أزمة ديمقراطيي أميركا: عجز عن توحيد الصفوف ومواجهة ترامب

بدت الأشهر الستة التي تلت بدء ولاية الرئيس الأميركي الجمهوري دونالد ترامب، في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، بالغة التعقيد على الحزب الديمقراطي، الذي لم يجد حتى اليوم الصيغة المناسبة للتصدّي لحملات ترامب المحلية والخارجية، سواء في ملفات التعيينات في الأجسام القضائية والأمنية، أو في تصعيده الميداني ضد المهاجرين، وتحول مدينة لوس أنجليس، وهي من أبرز معاقل الديمقراطيين في ولاية كاليفورنيا، إلى ساحة مواجهة في الفترة الأخيرة. وفشل الديمقراطيون حتى الآن في صياغة مشروع مضاد لترامب، وذلك في ظل غياب الشخصيات القيادية المؤثرة في الحزب، وضعف الأصوات الموجودة، وتشرذمهم إلى تيارات متناثرة، لم تتحد إلا حين تدخل الرئيس الأسبق باراك أوباما في عام 2020، لتوحيدهم مع الرئيس السابق جو بايدن من أجل منع ترامب من الحصول على ولاية ثانية. مقارعة ترامب وكل ذلك يعزز الشكوك بأدائهم ونتائجهم في الانتخابات النصفية للكونغرس ، بغرفتيه النواب والشيوخ، في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2026، لا سيما أن استطلاعات الرأي لا تصب في صالحهم. ولفهم حظوظ الديمقراطيين يجب العودة إلى العام الماضي، الذي شهد فوضى حزبية واسعة النطاق، ساهمت في تعبيد الطريق لترامب للفوز بالرئاسيات. بدأت هذه الفوضى بعجز الحزب الديمقراطي عن اختيار بديل لبايدن لمقارعة ترامب، وعززت المناظرة الوحيدة التي أُجريت بين الرجلين في 27 يونيو/حزيران 2024، مدى سوء رهانات الديمقراطيين، مما حدا ببايدن إلى التنحّي والدفع بنائبته كامالا هاريس إلى منازلة ترامب. وأثبت هذا الرهان فشله مع اكتساح الجمهوريين البيت الأبيض وغرفتي الكونغرس في انتخابات الخامس من نوفمبر 2024. وبات لزاماً على الديمقراطيين تغيير القواعد والشخصيات القادرة على كسب مقاعد في الكونغرس في انتخابات 2026، وتمهيد الدرب لشخصية قادرة على مواجهة خليفة ترامب في رئاسيات 2028، وفي مقدمة لائحة المرشحين للخلافة، نائب الرئيس جي دي فانس. رو خانا: لا أفهم كيف تركنا ترامب يتصرف بمفرده وبرز في السياق نجم حاكم كاليفورنيا الديمقراطي، غافين نيوسوم، الذي قارع ترامب على خلفية إرسال الأخير المارينز والحرس الوطني إلى مدينة لوس أنجليس في السادس من يونيو الماضي، على خلفية المصادمات بشأن اعتقال مهاجرين لترحيلهم. نجح نيوسوم في التحول إلى خصم لترامب، وأزعجه بشدّة، حتى أن ترامب دعا إلى اعتقال نيوسوم، بقوله في التاسع من يونيو الماضي، رداً على سؤال طرحه عليه صحافي حول احتمال اعتقال حاكم كاليفورنيا: "لفعلت ذلك... أعتقد أن ذلك سيكون أمراً رائعاً". ورد نيوسوم في تصريح لشبكة "إم. إس. إن. بي. سي"، بالقول: "هيا، أوقِفوني". ومع أن نيوسوم يُعدّ منافساً مثالياً لأي مرشح رئاسي في عام 2028، تحديداً لكونه من ولاية كاليفورنيا، بما يعنيه ذلك من تحضير الأرضية في الانتخابات النصفية لعام 2026، إلا أنه لا يزال يواجه تعقيدات داخلية عدة. أبرز تلك التعقيدات تكمن في عودة كامالا هاريس إلى الواجهة، رغم أنها أكدت عدم نيتها في المشاركة ترشيحاً بالانتخابات النصفية في العام المقبل. وتروّج هاريس لكتاب عن خسارتها في حملتها الرئاسية لعام 2024، تاركة الباب مفتوحاً أمام محاولة أخرى في عام 2028، وتكوين مجموعة من الديمقراطيين سيشاركون في الانتخابات النصفية. ثاني تعقيدات نيوسوم، تتجلى في بروز وزير النقل السابق الديمقراطي بيت بوتيجيج ، الذي اعتبر في حديثٍ للإذاعة الوطنية العامة "أن بي آر"، مطلع الأسبوع الحالي، أن "الديمقراطيين لم يتكيفوا مع الطريقة التي تغيرت بها السياسة". وأبدى بوتيجيج اعتقاده بأن الديمقراطيين كانوا بطيئين في فهم التغييرات في كيفية حصول الناس على معلوماتهم، وبطيئين في فهم بعض التغييرات الثقافية التي كانت تحدث، وربما كان الأمر الأكثر إشكالية، هو رفضهم التعليق على الوضع الراهن الذي كان يخذلنا لفترة طويلة". وفي وقتٍ بدأ فيه بوتيجيج بالإشارة إلى ضرورة انغماس الديمقراطيين لمواجهة سياسات ترامب، فإن عناوين دسمة تنتظرهم، مثل قانون الميزانية "الجميل والضخم"، الذي اقترحه ترامب، وحاربه الملياردير إيلون ماسك واعتبره أنه سيزيد التضخم ويرفع من حجم الديون الأميركية. صحيح أن الديمقراطيين لم يصوّتوا إلى جانب القانون، لكنهم لم يتمكنوا من كسب أصوات جمهورية إلى جانبهم. وهو ما دفع النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا، رو خانا، للقول في "بودكاست"، الشهر الماضي: "لا أفهم كيف تركنا ترامب يتصرف بمفرده... نحن بحاجة إلى أن نكون الطرف الذي يقول: ها هي رؤيتنا لصنع الأشياء في أميركا". عادت هاريس إلى الواجهة بتوقيعها كتاباً عن حملة 2024 غير أن طموحات خانا، وتطلعات هاريس ونيوسوم وبوتيجيج، تصطدم أيضاً بتراجع شعبية الديمقراطيين. في السياق، أفاد استطلاع أجرته صحيفة وول ستريت جورنال، منذ أيام، بأن 63% من الناخبين المسجلين لديهم وجهة نظر سلبية عن الحزب الديمقراطي، بينما كان لدى 33% فقط وجهة نظر إيجابية. واعتبرت الصحيفة أن هذه الأرقام هي الأسوأ للديمقراطيين منذ أكثر من ثلاثة عقود. وجاء الاستطلاع بعد أسبوعين فقط من إظهار جامعة كوينيبياك شيئاً مشابهاً. كما وجد استطلاع أجرته شبكة سي إن إن في نفس الوقت تقريباً، أن الأميركيين أعطوا الديمقراطيين أدنى علامة لهم في استطلاعات "سي إن إن" منذ عام 1992. مع ذلك لا يُظهر الديمقراطيون اكتراثاً بهذه الأرقام، علماً أن الانتخابات النصفية تكون عادة استفتاء على أداء الرئيس، فضلاً عن الحزب الحاكم دائماً ما يتعرض لنكسات في الانتخابات النصفية. لكن الأزمة لدى الديمقراطيون تبقى في المنافسة التي لا تنتهي بينهم، خصوصاً السيناتور بيرني ساندرز والنائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز. هانتر بايدن على الخط كما أن هانتر بايدن ، نجل الرئيس الأسبق، دخل طرفاً في الخلافات الديمقراطية، منتقدأ مستشارين سياسيين ومؤثرين والممثل جورج كلوني، بسبب انتقادهم والده. وأثار ذلك استياءً لدى ديمقراطيين، أبدوا اعتقادهم أن المشاكل القانونية لهانتر بايدن أضرّت بهم في الحزب في العام الماضي. وهو ما دفع المستشارة الديمقراطية منذ فترة طويلة دونا بويارسكي للقول إن العديد من الديمقراطيين لا يلقون باللوم على هاريس على الخطأ الذي حدث في الدورة الماضية، لكن الكثير من الديمقراطيين باشروا اتخاذ خطوات لقيادة الحزب إلى الأمام... أعتقد أننا بحاجة إلى شيء جديد". رصد التحديثات الحية تراجع شعبية الحزب الديمقراطي الأميركي إلى أدنى مستوى على الإطلاق

تعطيل مصافي عدن: مافيا المشتقات النفطية تُفشل قرار التشغيل
تعطيل مصافي عدن: مافيا المشتقات النفطية تُفشل قرار التشغيل

العربي الجديد

timeمنذ 4 ساعات

  • العربي الجديد

تعطيل مصافي عدن: مافيا المشتقات النفطية تُفشل قرار التشغيل

بينما تستمر أزمة الطاقة بالتفاقم في اليمن مع انهيار خدمة الكهرباء وتجدد تهاوي سعر صرف العملة المحلية، تبرز مصافي عدن كأفضل حل طارئ ومتاح للحكومة المعترف بها دوليًا التي تواجه احتجاجات واسعة وانتقادات حادة بسبب ارتباكها وعدم قدرتها على التخفيف من معاناة المواطنين بسبب هذه الأزمات المتفاقمة. وفي أحدث قرار لها، وجّهت الحكومة بإعداد خطة واقعية مزمنة وقابلة للتنفيذ لإعادة تشغيل مصافي عدن، للقيام بدورها الحيوي في تأمين احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية ورفد الاقتصاد الوطني، باعتبارها إحدى الركائز الاقتصادية والاستثمارية الرئيسية لمدينة عدن، وسط تشكيك بقدرة الحكومة على تحقيق ما عجزت عنه مراراً وتكراراً خلال السنوات الماضية التي شهدت تداول ثلاثة رؤساء عليها. يأتي ذلك في ظل صعوبات وتعقيدات بالغة قد تعترض تنفيذ مثل هذا القرار الذي سيكون كسابقيه من القرارات التي عجزت الحكومة عن تنفيذها، إذ تحدثت مصادر فنية وهندسية في هذا السياق لـ"العربي الجديد" عن أن عملية استعادة مصافي عدن لن تكون بالأمر السهل وتحتاج إلى وقت وجهد ودعم في ظل وضعية صعبة تمر بها الحكومة في عدن التي تواجه انهيارات وأزمة اقتصادية متفاقمة، وذلك بسبب عدم خضوع هذه المنشأة الاستراتيجية العملاقة لأي أعمال صيانة وسط تردٍّ متواصل في وضعيتها وانخفاض قدراتها الإنتاجية والتشغيلية مع وصول الأمر إلى تعثرها وتوقفها عن العمل منذ سنوات. الخبير الجيولوجي المتخصص في النفط والغاز عبد الغني جغمان، يوضح لـ"العربي الجديد" أنه "إذا كان ذلك ضمن برنامج 100 يوم للحكومة منذ تعيين رئيسها الجديد قبل حوالي شهرين، فهذا سيكون أمراً مستحيلاً، فالمصافي دُمّرت، كما دُمّرت محطة الطاقة التي كانت فيها، وجرى مسحها بالبوكلينات، حيث تراجعت الشركة الصينية عن العمل وهي لا تزال تطالب الحكومة بملايين الدولارات". يشير جغمان إلى إمكانية وضع خطة زمنية معقولة ليست 100 يوم ولا شهرين ولا ثلاثة أو أربعة أشهر، متحدثاً أن عملية تدميرها رافقها تمكين هوامير استيراد النفط والتجارة في المشتقات النفطية، مع توسع هذه المافيا التي لن تسمح، وفق جغمان، بإعادة تشغيل مصافي عدن الاستراتيجية التي يقدّر خبراء اقتصاد ومصرفيون أن إيراداتها قد تتجاوز 100 مليون دولار سنوياً في حال عودتها للعمل. مافيات تعطل مصافي عدن تكشف مصادر خاصة في قطاع النفط وخبراء متخصصون، لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك مافيات ضخمة منتشرة في مختلف الموانئ بالمناطق والمدن الساحلية اليمنية، سواء في عدن أو الحديدة أو في ميناء قناء بشبوة وسيحوت بالمهرة وشروين وفي المكلا؛ يقومون باستيراد المشتقات النفطية وبيعها في الداخل بأسعار خيالية. اقتصاد عربي التحديثات الحية المركزي اليمني في عدن يحدد سقفاً لسعر الريال ويحظر 7 شركات صرافة فمثلًا، تصل أرباح شحنة مشتقات نفطية مستوردة يبلغ حجمها نحو 50 ألف طن إلى 1000 دولار عن كل طن يتم بيعه، في حين كان رئيس الحكومة السابق أحمد بن مبارك قد قام بتشكيل لجنة لإجراء مناقصات ومزايدات شراء النفط الخام، حيث جرى خفض السعر من 1200 إلى 700 ريال، وهو ما أدى إلى تحقيق وفر مالي يصل إلى نحو 400 مليار ريال. الباحث الاقتصادي توفيق صالح، يؤكد لـ"العربي الجديد" أن إعادة تشغيل مصافي عدن تحتاج تهيئة شاملة، من الناحية السياسية والأمنية والفنية، فإلى جانب الإرادة الحقيقية، لا بد أن يكون هناك توجه نحو استعادة كافة مؤسسات الدولة المعطلة، وهو ما يبدو خارج إرادة الحكومة في الوقت الراهن. وكان رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، سالم بن بريك، أكد خلال زيارة قام بها مؤخراً إلى مصافي عدن عزم الحكومة إعادة الاعتبار لهذه المنشأة الاستراتيجية المرموقة، والتي تُعتبر الأقدم في المنطقة وليس فقط على مستوى اليمن، إذ يتطلب ذلك تحمّل الجميع مسؤولياتهم والعمل بروح الفريق الواحد، لافتًا إلى أهمية تفعيل دور المصافي في التخزين وتموين السفن وإعادة التصدير وإنتاج مادة الإسفلت وغيرها من المهام. قرار إعادة التشغيل المحلل الاقتصادي في عدن، ماجد الداعري، تطرق في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى نقطة مهمة في هذا الخصوص، كاشفاً أنّ قرار إعادة تشغيل مصافي عدن "مرتبط بقرار إلغاء تعويم تجارة المشتقات النفطية"، وهو ما يستوجب صدور قرار من رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي بإلغاء القرار الذي اتخذه الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، وحصر تجارة الاستيراد على شركة مصافي عدن والتوزيع عبر شركة النفط. ولذلك فإنّ أي جهود حكومية حالياً لإعادة تشغيل مصافي عدن، بحسب حديث الداعري "لا يمكن أن تفلح في إعادة تشغيلها، ما لم نرَ قيادات الدولة متحدين على ضرورة عودة العمل في المصافي". في حين، تؤكد الحكومة حرصها على دعم إنفاذ قرار مجلس الوزراء باستعادة نشاط المصافي وفقًا لنظام المنطقة الحرة، لوقوعها ضمن المنطقة الحرة في عدن، ووفقاً لما كان معمولاً به قبل توقف هذا النشاط في عام 2015. بينما يعتقد صالح أن هذه الخطة تفتقر إلى عنصر الواقعية، وهو الأهم في مسألة نجاح هذه الخطة، كون المصافي الآن تحتاج إلى إعادة صيانة وتحتاج مبالغ كبيرة، علاوة على ضرورة توفر إرادة سياسية كاملة لإعادة تشغيل المصافي بطاقتها القصوى إلى ما قبل الحرب. اقتصاد عربي التحديثات الحية إغلاق مطار صنعاء يدفع اليمن إلى أزمة دواء قاتلة ويرى مصدر لـ "العربي الجديد" أن تعطيل مصافي عدن أكبر من إمكانات ونفوذ وصلاحيات رئيس الحكومة، سالم بن بريك، ونياته لإعادة تشغيل الشركة الحكومية وإنقاذ محطات الكهرباء وتغطية حاجة السوق للمشتقات النفطية، كون القرار مرتبط أولاً بإلغاء قرار تعويم استيراد وتجارة المشتقات النفطية، والإلغاء يحتاج إلى قرار جمهوري يلغي قراراً جمهورياً قضى بالتعويم سبق أن أصدره الرئيس عبد ربه منصور هادي، والذي نشأ على ضوئه تحالف تعطيلي للمصفاة قائم بين كبار التجار وموردي المشتقات النفطية والمتحكمين في السوق، إضافة إلى "مافيات المضاربة بالعملة"، بالتنسيق مع مسؤولين حكوميين نافذين في مجلس القيادة الرئاسي والنظام السابق، "جميعهم متفقون على استمرار تعطيل المصافي وعدم السماح بعودتها للعمل تحت أي ظرف، كون ذلك يخدم مصالحهم الشخصية والتجارية والسياسية" وفق المصدر. وتحدثت مصادر فنية وهندسية مسؤولة في مصافي عدن أنه ستتم إعادة تشغيل وحدتين لإنتاج مادة الإسفلت لتغطية جميع احتياجات السوق المحلية منها، فضلاً عن استكمال العمل في وحدة تكرير للديزل والمازوت بطاقة إنتاجية تُقدَّر بنحو 6 آلاف برميل يومياً، علماً أنّ القدرة الإنتاجية للمنشأة تصل إلى 120 ألف برميل يومياً. ويرى المصرفي اليمني علي التويتي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ فساد وارتهان الحكومة ومسؤوليها وعدم إصلاح المنشآت العامة الحيوية مثل مصافي عدن، التي يُتوقع وصول إيراداتها إلى حوالي 100 مليون دولار سنوياً، كان من أهم الأسباب التي فاقمت سعر صرف الريال اليمني وأزمة التيار الكهربائي. وواجهت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً صعوبات بالغة طوال السنوات الماضية في إعادة تشغيل مصافي عدن لتكرير النفط في ظل بحثها المتواصل عن حلول متاحة لأزمة الكهرباء المتدهورة، حيث تسير عملية تأهيل المصافي وصيانة وتشغيل محطة الكهرباء ببطء شديد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store