
فرض الضرائب على فاحشي الثراء يبقى معضلة أبدية
دبي تواصل استقطاب أصحاب الملايين الراغبين في الاستفادة من الضرائب المنخفضة
في عام 2006، سئل وارن بافيت عما إذا كان يخاطر بإثارة صراع طبقي بتشكيكه في عدالة النظام الضريبي، فجاء رده حاسماً: «ثمة حرب طبقية بالفعل، لكنها حرب تشنها الطبقة التي انتمي إليها - طبقة الأثرياء، ونحن ننتصر فيها». وبعد قرابة عشرين عاماً، لا يزال هذا الصراع مستعراً، في حين أصبحت المعضلة التي يواجهها الساسة العالقون في قلب هذه المعركة أكثر حدة وإلحاحاً من أي وقت مضى.
وتتجه سويسرا هذا الخريف نحو استفتاء مهم حول ضريبة على الميراث بنسبة 50%، وذلك بناءً على اقتراحٍ كان حزب الشباب الاشتراكي اليساري المتطرف قدمه في عام 2022. كذلك، في مدينة نيويورك، فاز الديمقراطي اليساري زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب على منصب عمدة المدينة، مع برنامج يتضمن زيادة الضرائب على الأغنياء لتمويل الحافلات المجانية ورعاية الأطفال. أما في المملكة المتحدة، فقد تم إبعاد بعض الأجانب الأثرياء بعد إلغاء نظامها الجذاب لغير المقيمين لتصبح أصولهم العالمية خاضعة لضريبة الميراث.
في الجانب المقابل، تتسارع الخطى في دول أخرى لاستقطاب أصحاب الثروات الطائلة، حيث تهافت نحو 70 ألف شخص من ذوي الملاءة المالية العالية للظفر بـ «بطاقة ترامب الذهبية» مقابل 5 ملايين دولار، والتي تمنحهم حق الإقامة القانونية في الولايات المتحدة، بينما لا تزال إيطاليا تحصد منافع هجرة الأثرياء إليها، للاستفادة من مزايا نظامها الضريبي الموحد على دخولهم الخارجية، رغم تضاعف الرسوم السنوية إلى 200 ألف يورو العام الماضي. كما تواصل دبي وموناكو وغيرهما استقطاب أصحاب الملايين الراغبين في الاستفادة من الضرائب المنخفضة.
ويبدو أن الحياة باتت أكثر تعقيداً ولو بشكل طفيف بالنسبة للأثرياء، فمع انتهاء السرية المصرفية وتحسين تبادل المعلومات بين السلطات الضريبية، لم يعد بإمكانهم إيداع رؤوس أموالهم في ملاذات ضريبية والعيش في مكان آخر. وبدلاً من ذلك، فقد باتوا مضطرين إلى تغيير مكان إقامتهم. لكن من خلال دفع ثمن للحصول على أفضل الاستشارات القانونية والمحاسبية المتاحة، يبقى بإمكانهم اختيار معدل الضريبة الذي يناسبهم والانتقال إلى أكثر المناطق جاذبية عندما تحاول الحكومات استغلالهم للحصول على المزيد من ثرواتهم.
وقد ينظر البعض إلى هذا الترحال الفاخر على أنه أمر مهين، لكن من مزايا الثراء الفاحش إمكانية دفع المال للعيش في أي مكان، بدلاً من التجول حول العالم سعياً وراء بضع نقاط مئوية من المزايا الضريبية. وفي الواقع، يهتم عدد من المليارديرات بتمويل الخدمات العامة، ولو حتى لمجرد ضمان وجود شرطة محلية لممتلكاتهم وطرق مناسبة لسياراتهم، ناهيك عن الحاجة المتزايدة للدفاعات العسكرية.
وتتطلب إعادة توازن الساحة الضريبية المصممة بعناية فائقة للنخبة الثرية تنسيقاً دولياً واسع النطاق. لذلك، جرت مناقشة مقترح فرض ضريبة سنوية موحدة بنسبة 2 بالمائة على ثروات المليارديرات خلال قمة مجموعة العشرين في البرازيل العام الماضي، والتي أسفرت عن تعهد بـ «العمل التعاوني لضمان فرض ضرائب فعالة على أصحاب الثروات الهائلة». ورغم أن أنصار المبادرة يرون أن الزخم لا يزال قائماً، إلا أن ذلك كان قبل عودة دونالد ترامب.
وتستند حجة تبني سياسات جاذبة للمقيمين الأثرياء إلى أنهم يجلبون استثمارات ويتفوقون في إنفاقهم المحلي على دافعي الضرائب العاديين، مما يعزز الإيرادات من ضرائب الاستهلاك، فضلاً عن دعمهم للمبادرات الخيرية، وبذلك يتحقق التعايش بين الأغنياء وغيرهم.
لكن في ظل التحولات الديموغرافية، وتراجع معدلات النمو، والارتفاع المتزايد في تكاليف الرعاية الاجتماعية والدفاع وتدابير مواجهة التغير المناخ، تواجه الحكومات انتقادات متزايدة بأن المقيمين الأثرياء غير المرتبطين بجذور محلية أو اهتمامات مجتمعية يتسببون في ارتفاع أسعار العقارات وإقصاء «الأسر العاملة العادية» التي يسعى الساسة لاستمالتها انتخابياً.
ومع غياب الشفافية وشح البيانات، يصعب على صناع السياسات إجراء تحليل عقلاني للجدوى الاقتصادية يمكن أن يبرر قرارات فرض الضرائب على الأثرياء وكيفيتها ومقدارها، مما يفسح المجال أمام سياسات الجشع والحسد لملء هذا الفراغ. وإذا استعصى حل هذا التوتر وتفاقمت حدة التفاوت، فلنتوقع المزيد من المناوشات في حرب الطبقات، من برن السويسرية وصولاً إلى بروكلين الأمريكية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ ساعة واحدة
- الإمارات اليوم
سارة الأميري تهنئ الطلبة الأوائل لحصولهم على نتائج متميزة
هنّأت وزيرة التربية والتعليم، سارة بنت يوسف الأميري، الطلبة الأوائل لحصولهم على نتائج متميزة في واحدة من أهم مراحلهم التعليمية، مشيدة بحرصهم ومثابرتهم وإصرارهم على تحقيق المراكز الأولى، كما باركت لأولياء أمور الطلبة نتائج أبنائهم المشرفة، مشيدة بحرصهم ومتابعتهم المستمرة لمسيرة أبنائهم، وتوفيرهم كل متطلبات تميزهم وتقدمهم، متمنية لهم دوام التوفيق في مساراتهم التعليمية المستقبلية. وثمّنت دعم واهتمام القيادة الرشيدة بالمسيرة التعليمية الوطنية، وتسخير كل الإمكانات لرفعتها وتقدمها، وتعزيز تنافسيتها على المستوى العالمي، إلى جانب متابعتها للخطط التطويرية في قطاع التعليم. وأشادت بكوادر الميدان التربوي الذين يشكّلون حجر الأساس في مسيرة التعليم، مؤكدة أن تفوّق الطلبة هو ثمرة لجهود الكوادر المخلصة، وعطائهم المتواصل، وتفانيهم في أداء رسالتهم النبيلة. وأشارت إلى أن المعلم شريك محوري في بناء المستقبل، وركيزة أساسية في تحقيق تطلعات الإمارات في ملف التعليم.


الإمارات اليوم
منذ ساعة واحدة
- الإمارات اليوم
بلدية دبي تُوقف مكتبين استشاريين لمخالفتهما ضوابط المهنة
أعلنت بلدية دبي عن قرار لجنة قيد وترخيص مزاولة المهنة بإيقاف مكتبين استشاريين هندسيين، ومنعهما من ترخيص أي مشاريع جديدة لمدة ستة أشهر، بعد رصد ممارسات مهنية تتعارض مع الأنظمة والاشتراطات المعتمدة وأخلاقيات المهنة، وهو ما قد يؤثر سلباً في مصالح المُلّاك والمطورين. ويندرج القرار ضمن مهام البلدية في تنظيم مزاولة مهنة الاستشارات الهندسية وضبط جودة العمل. وتُنفّذ البلدية زيارات ميدانية دورية على مقار مزاولة مهنة الاستشارات الهندسية، للوقوف على مدى الالتزام بالتشريعات والقوانين المنظمة لمزاولة المهنة، والتأكد من تطبيق المعايير والاشتراطات المعتمدة في الإمارة ضمن حرصها على متابعة الأنشطة المتعلقة بقطاع البناء والتشييد. من جانب آخر، أعلنت البلدية عن خطة جديدة لتحديث معايير «نظام تقييم شركات المقاولات والمكاتب الهندسية»، ليشمل إدخال مجموعة من المعايير والمؤشرات، التي تُمكّن من توفير معايير تقييم شاملة ودقيقة للأداء، تعزيزاً لجهودها المتواصلة في تطوير قطاع البناء والتشييد في الإمارة ليكون أكثر ذكاءً واستدامةً وريادةً، وبما يرتقي إلى أعلى المعايير والمقاييس العالمية، ومن المتوقع دخول تحديث المعايير الجديد حيز التنفيذ بداية العام المقبل. وتتضمن المعايير جوانب مثل الملاءة المالية، ومعدل التوطين، والمشاركة في المسؤولية المجتمعية، فضلاً عن الالتزام بتسليم المشاريع ضمن الفترات المحددة، وتبنّي ودعم المشاريع المبتكرة التي تستخدم أحدث التقنيات في التصميم والتنفيذ، إضافة إلى استمرار اعتماد تقييم الملاك عنصراً رئيساً في النظام. وأكدت المدير التنفيذي لمؤسسة تنظيم وترخيص المباني في البلدية، المهندسة مريم عبيد المهيري، أن تحديث المعايير يعكس التزام البلدية برفع مستوى جودة المباني في الإمارة، وتعزيز مكانتها التنافسية على مستوى العالم، إلى جانب تطوير خدماتها الاستباقية، وتحسين بيئة ممارسة المهن الهندسية، ومكاتب الاستشارات، بما يرسّخ ثقافة التميز المهني، ويرتقي بمعايير هذا القطاع الحيوي، ليعزز ريادة الإمارة في تبنيها أحدث وأفضل الممارسات العالمية في مجال البناء والتشييد. وقالت المهيري: «يُعد نظام تقييم شركات المقاولات والمكاتب الهندسية محفزاً أساسياً لرفع كفاءة الأداء وجودة العمل، كما يؤكد حرص بلدية دبي على توفير بيانات شاملة عن المقاولين والاستشاريين وتقييمات أدائهم للمتعاملين من فئة المُلّاك والمطورين، لمساعدتهم على اختيار الأنسب لمشاريعهم، مع إتاحة الفرصة لهم للمشاركة في تقييم الأداء عبر استبيانات إلكترونية من خلال منصة البناء في دبي BID، ما يعزز الشفافية، ويسهم في بناء الثقة بين جميع الأطراف المعنية، ويحقق القيمة المُضافة والمباشرة لهم». وأشارت إلى أن تطوير معايير التقييم سيكون بالتعاون مع شركات المقاولات والمكاتب الاستشارية العاملة في دبي، من خلال تنظيم جلسات ولقاءات دورية معهم للاستماع إلى آرائهم واقتراحاتهم وملاحظاتهم قبل اعتماد النظام رسمياً. مريم المهيري: • نظام التقييم يقدم بيانات دقيقة ترفع كفاءة الأداء وجودة العمل وتعزز الشفافية بين الأطراف.


الإمارات اليوم
منذ ساعة واحدة
- الإمارات اليوم
«طرق دبي»: توسعة شارع الصفا لتعزيز انسيابية الحركة المرورية
أعلنت هيئة الطرق والمواصلات في دبي عن مشروع تطوير شارع الصفا، من تقاطعه مع شارع الشيخ زايد إلى شارع الوصل، بطول 1500 متر، ويتضمن تنفيذ جسرين ونفقين بطول إجمالي يبلغ 3120 متراً، وتوسعة الطرق السطحية، وتحسين التقاطعات والإشارات المرورية. ويسهم المشروع في خفض زمن الرحلة على شارع الصفا، من 12 دقيقة إلى ثلاث دقائق، وزيادة الطاقة الاستيعابية للشارع من 6000 مركبة في الساعة بالاتجاهين، إلى 12 ألف مركبة في الساعة بالاتجاهين. وقال المدير العام ورئيس مجلس المديرين في هيئة الطرق والمواصلات بدبي، مطر الطاير، إن مشروع تطوير شارع الصفا، يأتي استكمالاً للخطة الشاملة التي أعلنتها الهيئة لتطوير شبكة الطرق في المنطقة، وتشمل تطوير شارعَي أم سقيم والوصل، مشيراً إلى أن المشروع يخدم منطقة حيوية تقام فيها العديد من الأنشطة والفعاليات السياحية والفنية والرياضية، وتضم مرافق حيوية، أهمها سيتي ووك، وكوكا كولا أرينا، والمؤسسات التعليمية والمناطق السكنية والتجارية والفنادق والمطاعم الفاخرة، كما يخدم منطقة وسط المدينة والمناطق والمشاريع التطويرية المحاذية لشارع المركز المالي، ويقدر عدد سكانها بأكثر من مليون نسمة. وأضاف أنه روعي في هذا المشروع التركيز على العناصر الإبداعية والجمالية، وتشمل تطوير المسارات الخاصة للمشاة والدراجات الهوائية والمساحات الحضرية لتعزيز التواصل المجتمعي، إلى جانب توفير البيئة الحضرية الحيوية، والزراعة التجميلية، وأوضح الطاير أن المشروع يتضمن تطوير شارع الصفا من تقاطعه مع شارع الشيخ زايد حتى تقاطعه مع الوصل، وتنفيذ جسرين، الأول يخدم الحركة المرورية القادمة من شارع الوصل باتجاه شارعَي الشيخ زايد والمركز المالي، ويتألف من أربعة مسارات، بطول 1005 أمتار، وتقدر طاقته الاستيعابية بنحو 6400 مركبة في الساعة، أما الجسر الآخر فيخدم الحركة المرورية القادمة من شارع السطوة باتجاه شارعَي الشيخ زايد والمركز المالي بسعة مسارين، بطول 360 متراً، وطاقة استيعابية 2800 مركبة في الساعة. وأشار إلى أن المشروع يتضمن أيضاً تنفيذ نفقين، الأول للقادمين من شارعَي الشيخ زايد والمركز المالي، باتجاه شارع الوصل بسعة مسارين وبطول 1005 أمتار، وبطاقة استيعابية تبلغ 3200 مركبة في الساعة، بينما يقع النفق الثاني على تقاطع شارع الوصل مع شارع الصفا، ويبلغ طوله 750 متراً، وبسعة مسارين في كل اتجاه، وتقدر طاقته الاستيعابية بنحو 6400 مركبة في الساعة في الاتجاهين. ويشمل المشروع توسعة الشارع من ثلاثة مسارات في كل اتجاه «محكوم بإشارات ضوئية»، إلى أربعة مسارات في كل اتجاه، منها مساران بحركة مرورية حرة، ومساران محكومان بإشارات ضوئية، كما يشمل تطوير المسارات الخاصة للمشاة والدراجات الهوائية والمساحات الحضرية والزراعة التجميلية، إضافة إلى تطوير وتحسين أنظمة الإنارة واللوحات الإرشادية، وشبكة تصريف مياه الأمطار، وأعمال حماية وتحويل الخدمات الحالية. وأكد أن المشروع سيسهم عند اكتماله في تعزيز انسيابية الحركة المرورية القادمة من المسار العلوي لشارع المركز المالي، وشارع الشيخ زايد، باتجاه شارع الصفا وصولاً إلى شارع الوصل، والعكس، وسيعزز الربط بين عدد من محاور الطرق الحيوية في المنطقة، إلى جانب رفع مستوى السلامة المرورية. وأوضح أن مشروع تطوير شارع الصفا يأتي استكمالاً للخطة الشاملة التي وضعتها الهيئة لتطوير شبكة الطرق في المنطقة، وتشمل تطوير شارع الوصل من تقاطعه مع شارع أم سقيم إلى تقاطعه مع شارع الثاني من ديسمبر، بطول 15 كيلومتراً، وتطوير شارع أم سقيم من تقاطعه مع شارع جميرا حتى شارع الخيل بطول ستة كيلومترات.