logo
هل تمكن قادة الناتو من فك شيفرة ترامب؟

هل تمكن قادة الناتو من فك شيفرة ترامب؟

الجزيرةمنذ 2 أيام
أقر قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) المجتمعون في لاهاي الأسبوع الماضي التعهد بإنفاق 5% من الناتج المحلي الإجمالي لبلدانهم في مجال الدفاع، في استجابة مفاجئة لمطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وصفها مراقبون بأنها استسلام لرئيس متقلب المزاج.
وحققت قمة لاهاي نجاحا معتبرا بفضل "استسلام" الأوروبيين لرغبات الرئيس ترامب وهالة المدح والشكر التي أحاطه بها الأمين العام للحلف مارك روته، لكنه نجاح محفوف بالمخاطر، فلم يعلن ترامب صراحة عن تخليه عن سحب قواته من أوروبا، وغابت عن تصريحاته الإدانة الصريحة لما تفعله روسيا -العدو الأول للناتو- في أوكرانيا.
فك شيفرة ترامب
يرى المتابعون للقمة أن الأمين لحلف شمال الأطلسي مارك روته استطاع فك شيفرة ترامب الذي يحب أن يحمد بما فعل وبما لم يفعل، فكال له المديح ووصفه -حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية نشرته عن القمة الأربعاء الماضي- بالأب قائلا "يضطر أبي أحيانًا إلى استخدام لغة حادة"، وهو ما فرح به ترامب وعلق عليه مبتسما "أبي، نعم أبي".
وزاد روته من إطرائه لترامب إذ قال "هل كنتم لتتخيلوا يومًا أن هذه ستكون نتيجة هذه القمة لو لم يُعد انتخابه رئيسًا؟". وكان ترامب قد نشر قبيل القمة سلسلة من الرسائل النصية المُجاملة له من روته، وجاء في إحداها "أنت تُحلق نحو نجاح كبير آخر".
وحسب صحيفة الغارديان، فقد بدا الرئيس الأميركي ترامب مرتاحًا، وأكد التزامه بالحلف مشيدا بما وصفه "بالنجاح الكبير" المتمثل في موافقة دول الناتو على زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي تقرير نشره عن نتائج قمة لاهاي الأربعاء الماضي، نقل مركز المجلس الأطلسي عن سفير الولايات المتحدة السابق في بولندا دانيال فريديس قوله إن الأمين العام لحلف الناتو مارك روته تعرّض للانتقادات بسبب إطرائه لترامب، لكن يبدو أنه اتخذ القرار الصائب، فإن كان ترامب قد حقق هدفه بالحصول على الموارد اللازمة، فإن استمرار الولايات المتحدة ضمن الناتو يمثل نجاحا للحلف.
وقد أفاد الصحفي بول كيربي في تقرير لهيئة بي بي سي بأنه تم تقليص أجندة قمة لاهاي، إذ اقتصرت على حفل عشاء مساء الثلاثاء استضافه الملك وليام ألكسندر، واجتماع للقادة يوم الأربعاء استمر ساعتين ونصف الساعة فقط.
وقد أبلغ روته قادة الناتو أنهم يجتمعون في "لحظة حرجة"، وأن ضمان استمرار التحالف (في حد ذاته) يبعث برسالة قوية. وحسب تقرير الغارديان، فقد أشاد الرئيس الأميركي بالأمين العام مارك روته، وبليلة "مريحة" أمضاها في قصر الملك الهولندي.
وقال ترامب في ختام القمة "عندما جئت إلى هنا، جئت لأن هذا كان شيئًا يفترض بي القيام به، لكنني غادرت مختلفًا بعض الشيء.. فقد شاهدت رؤساء هذه الدول ينهضون، حيث أظهروا حبا لا يصدق لبلدانهم".
ووصف ترامب القمة بأنها "حدث تاريخي للغاية.. وأمر لم يخطر ببال أحد قط. قالوا: لقد فعلتها يا سيدي، لقد فعلتها. حسنًا، لا أعرف إن كنتُ أنا من فعلها.. لكنني أعتقد أنني فعلتها".
ولم يكتف روته بإطراء ترامب، بل طمأنه بأن الزيادة الكبيرة في الإنفاق الدفاعي لا تعني أن يدفع دافعو الضرائب الأميركيون المزيد من الأموال، في ظل اقتراب الولايات المتحدة من هدف الإنفاق العسكري البالغ 3.5%، بل يتعلق الأمر بدفع الأوروبيين والكنديين المزيد من الأموال لزيادة ميزانيات بلدانهم الدفاعية.
بيان على مقاس ترامب
لاحظ مراقبون أن بيان قمة لاهاي أخذ وقتا كبيرا من الإعداد حتى يناسب ترامب، فكان قصيرا جدا، ومنقحا بعناية، وخاليا من مواضيع كثيرة كانت تتضمنها بيانات القمم السابقة.
فقد جاء بيان لاهاي في 5 فقرات فقط و427 كلمة، بينما كان بيان العام الماضي في واشنطن 5341 كلمة و88 فقرة، مع بنود مفصلة وواسعة تغطي جهود تحديث الدفاع، ودعم أوكرانيا، والتحدي الإستراتيجي الأوسع الذي تُمثله الصين وإيران وكوريا الشمالية، وقبل ذلك صدر عن قمة فيلنيوس في ليتوانيا عام 2023 بيان عملاق مُكوّن من 90 فقرة.
أما هذا العام، فلا ذكر للصين ولا إيران ولا كوريا الشمالية، وهو ما يعكس الرأي السائد في البنتاغون بعدم ربط مسارح العمليات هذه، حسب تقرير المركز الأطلسي.
ونقل المركز عن الدبلوماسي البريطاني السابق فيليب ديكنسون قوله إن إعلان لاهاي يعكس حقيقة أن الحلف بات يرقص على أنغام ترامب ويسايره فقط في أولويته المتعلقة بزيادة الإنفاق.
لكن بالنسبة للأمين العام لحلف الناتو، روته، فإن إعادة البيان تأكيد الالتزام "الصارم" بالمادة الخامسة وتصنيف روسيا كأبرز تهديد أمني يعتبر نجاحا.
وإن كانت الغارديان أوردت في تقريرها أن ترامب راوغ عندما سئل عن التزام الولايات المتحدة بالمادة الخامسة من ميثاق الناتو التي تنص على أن أي هجوم على أي عضو في الحلف يُعد هجومًا على جميع الدول الأعضاء، وقال ترامب وهو يستقل طائرة الرئاسة الأميركية إلى القمة "هناك تعريفات عديدة للمادة الخامسة، أنتم تعرفونها، أليس كذلك؟".
"ادفعوا كي أدافع عنكم"
حسب تقرير لصحيفة "لاتريبيون" الفرنسية بعنوان "قمة الناتو: لا يزال من الممكن أن تسوء الأمور"، فإن أعضاء الناتو وافقوا على زيادة الإنفاق الدفاعي "مكرهين لا أبطالا" في ظل الضغوط الناجمة عن الخطر الروسي المتنامي وتهديدات ترامب بكشف الغطاء الأميركي عن أي دولة عضو في الناتو لم تستجب لطلباته بزيادة الإنفاق الدفاعي والتلويح أكثر من مرة بسحب القوات الأميركية من أوروبا.
فمنذ عودته إلى البيت الأبيض في نهاية يناير/كانون الثاني، كرر ترامب دعواته للدول الأوروبية في الحلف وكندا لتخصيص ما لا يقل عن 5% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع، وقد أكد ذلك بقوة وصراحة في شهر مارس/آذار الماضي إذ قال "إذا لم يدفعوا فلن أدافع عنهم!".
وتعتبر الصحيفة أنه يحسب لمارك روته أنه لما أحس معارضة قوية لنسبة 5% جاء بفكرة تقسيم الهدف إلى قسمين: 3.5% تتعلق بالسلاح والجنود و1.5% تتعلق بالبنى التحتية المساعدة، وهو ما جعل الأمور أكثر قبولًا لدى الأوروبيين، لأنه من خلال فئة الـ1.5% يمكنهم إدراج كثير مما أنفقوا من أموالهم.
وحسب صحيفة الغارديان البريطانية، لم يُكرّر بيان القمة الالتزامات السابقة "بالمسار الحتمي" لأوكرانيا نحو عضوية الناتو، مما يعكس مراعاة لموقف البيت الأبيض.
ينقل تقرير المجلس الأطلسي عن نائب وزير الدفاع الأميركي السابق لأوروبا وسياسة الناتو، إيان بريجنسكي، قوله إن قمة الناتو في لاهاي ستُذكر في المستقبل بما يقال ولا يُفعل، مضيفا أنه رغم الزيادة التاريخية في الإنفاق العسكري، ورغم أن روسيا لا تزال مصنفة كعدو أول للناتو، ورغم تصعيد روسيا هجماتها على أوكرانيا تزامنا مع اجتماع قادة الناتو، لم تسفر القمة عن أي إجراء جوهري جديد ضد روسيا.
ويورد بريجنسكي أنه على العكس من ذلك، منعت الولايات المتحدة جهدًا مخططًا له منذ مدة طويلة لإصدار إستراتيجية للتحالف ضد روسيا في القمة، وكرر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو معارضة الولايات المتحدة لفرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا، وتردد ترامب علنًا في تقديم دفعة جديدة من المساعدات الأمنية لأوكرانيا.
ويؤكد بريجنسكي أنه لم يتضح بعد مستقبل التزام الولايات المتحدة بالأمن الأوروبي، حيث لم يوضح ترامب مستقبل وضع القوات الأميركية في أوروبا بعد أن أشارت إدارته مرارا سابقا إلى احتمال سحبها.
ويخلص الباحث إلى أن غياب الولايات المتحدة عن اتخاذ إجراءات ضد روسيا في قمة لاهاي أمر بالغ الأهمية، فليس هناك مؤشر أوضح على مدى الالتزام بالأمن عبر الأطلسي مما يفعله أو لا يفعله حليف في الناتو لدعم أوكرانيا ضد الغزو الروسي المستمر.
ورغم الإجماع الظاهر، فإن عددا من أعضاء الناتو كانوا حتى قبيل انعقاد القمة يصفون دعوة دونالد ترامب بتخصيص 5% من الناتج المحلي للإنفاق على الدفاع بأنها "جنون محض"، أو "عبث" و"سخافة"، كما أن 8 من أعضاء الحلف لم يحققوا حتى الآن هدف 2% الذي تم تحديده منذ عام 2014.
وفي طليعة الدول التي أعربت عن معارضتها أو تحفظها على قرار الـ5% -وإن وقعت عليه في النهاية- إسبانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ وإيطاليا وسلوفينيا.
أي تداعيات اقتصادية واجتماعية؟!
في مقال نشره معهد جاك ديلور الفرنسي، اعتبرت الباحثة المتخصصة في نفقات الدفاع سيلفي ماتيلي أنه إذا افترضنا أن النمو الاقتصادي في أوروبا سيكون صفرا في السنوات المقبلة، فإن الوصول إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي يتطلب من الأوروبيين أن ينفقوا مجتمعين أكثر من 850 مليار يورو سنويا، أي ما يساوي زيادة بنسبة 250% على ما ينفقونه اليوم.
واعتبرت الباحثة ماتيلي أن مثل هذا الهدف (5%) سوف يتطلب خيارات سياسية قوية وعمليات تحكم صعبة للغاية في وقت تتضخم فيه مصادر الهشاشة وعدم المساواة ويشيخ السكان وتتخلف أوروبا عن الركب من حيث القدرة التنافسية والابتكار.
وتقول ماتيلي إنه ينبغي التفكير مليا في كل يورو يتم إنفاقه، فالموارد محدودة، ويتعين على الأوروبيين أن يحددوا أولا مصالحهم، وأن تكون مصالح أوروبا مفهومة وواضحة، بدلا من اتباع شعارات وضعها زعيم أصبحت مصالحه وأولوياته بعيدة كل البعد عن مصالحهم وأولوياتهم.
إعلان
أما راشيل ريزو، من مركز أوروبا التابع للمجلس الأطلسي، فترى أن السؤال الآن هو عما إذا كان القادة الأوروبيون مستعدين لبذل رأس المال السياسي اللازم لإقناع شعوبهم بجدوى الإنفاق على الدفاع، لا سيما إذا كان ذلك من ميزانيات الإنفاق الاجتماعي الأخرى.
إستراتيجية مالية
يورد الباحث في مبادرة الأمن عبر الأطلسي روب موراي أن الوصول إلى نسبة 5% يتطلب أكثر من مجرد خطاب، "فلا بد من إستراتيجية مالية واضحة ومنسقة تعكس حقيقة أن دول الغرب لم يعودوا في زمن السلم. يجب تفعيل وكالات ائتمان الصادرات الوطنية، وتحفيز البنوك التجارية، وتعبئة رأس المال الخاص ورأس المال الاستثماري، وإشراك المستثمرين المؤسسيين الطويلي الأجل".
ويؤكد الصحفي بول زوي من موقع "كليم" الأسترالي أن قرار حلف الناتو يمثل تحولًا كبيرًا في الأولويات المالية العالمية، مع عواقب واسعة النطاق على الاقتصاد والقطاعات الخدمية والاجتماعية، حيث يُفسح هذا التحول السياسي المجال أمام حقبة جديدة من تخصيص رأس المال لإعادة التسلح.
ويشير الباحث إلى أن آلية تمويل هذا التوسع الهائل لا تزال غير مؤكدة، فإما أن تكون بزيادات ضريبية كبيرة أو بتخفيضات حادة في النفقات الأخرى، أو بزيادة الاقتراض العام، وهو المسار الأكثر ترجيحًا، ويعني استمرار الضغط التصاعدي خصوصا على مستوى الاقتصادات التي تعاني أصلا من ضائقات مالية مثل إيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة.
وفي كل الأحوال ستواجه القطاعات المعتمدة على الدعم العام -مثل الطاقة المتجددة والتعليم والخدمات الاجتماعية- تداعيات سلبية للقرار مما قد يتسبب في تذمر شعبي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يصف تأسيس ماسك لحزب سياسي جديد بأنه "سخيف"
ترامب يصف تأسيس ماسك لحزب سياسي جديد بأنه "سخيف"

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

ترامب يصف تأسيس ماسك لحزب سياسي جديد بأنه "سخيف"

انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأحد إعلان حليفه السابق إيلون ماسك تأسيس حزب سياسي جديد ووصفه بأنه "سخيف". وقال ترامب للصحافيين في نيوجيرسي قبل صعوده طائرته عائدا إلى واشنطن"أعتقد أن تأسيس حزب ثالث أمر سخيف.. نحن نحقق نجاحا باهرا مع الحزب الجمهوري". وأضاف "لقد كان النظام دائما قائما على حزبين، وأعتقد أن تأسيس حزب ثالث يزيد فقط من الارتباك". وختم ترامب قائلا "يمكنه أن يتسلى بذلك قدر ما يشاء، لكنني أعتقد أن هذا أمر سخيف". وكان ماسك وترامب قريبين جدا، فقد ساهم أغنى رجل في العالم بأكثر من 270 مليون دولار في حملة الجمهوري الرئاسية، وقاد "لجنة الكفاءة الحكومية" لخفض الإنفاق الفدرالي، وكان ضيفا دائما على المكتب البيضاوي. صدام علني وغادر رجل الأعمال "لجنة الكفاءة الحكومية" في مايو/أيار للتركيز على إدارة شركاته، وخاصة تسلا المتخصصة في السيارات الكهربائية التي تضررت صورتها ومبيعاتها في أنحاء العالم نتيجة تعاونه مع ترامب. لكن بعد فترة وجيزة، وقع صدام علني بين الرجلين بشأن مشروع قانون الميزانية الذي اقترحه الرئيس على الكونغرس وأقره الأخير. وكان إيلون ماسك قد وعد بتأسيس حزب سياسي جديد إذا تم اعتماد النص. وقد نفذ وعده السبت، في اليوم التالي للتوقيع على "قانون دونالد ترامب الكبير والجميل"، بإعلانه عن تأسيس "حزب أميركا".

محللون: إسرائيل أمام خيارين بشأن غزة وحماس لن تتنازل عن 3 نقاط
محللون: إسرائيل أمام خيارين بشأن غزة وحماس لن تتنازل عن 3 نقاط

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

محللون: إسرائيل أمام خيارين بشأن غزة وحماس لن تتنازل عن 3 نقاط

تتجه الأنظار إلى العاصمة القطرية الدوحة بعد وصول وفدي إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) للانخراط في مفاوضات ماراثونية سعيا لاتفاق جديد لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. وفي خطوة ليست ببعيدة عن مفاوضات الدوحة، توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية – إلى العاصمة الأميركية واشنطن للقاء الرئيس دونالد ترامب للمرة الثالثة خلال 6 أشهر. وتركز مفاوضات الدوحة على النقاط الخلافية، وأبرزها مدى انسحاب قوات الاحتلال من القطاع، وآلية دخول وتوزيع المساعدات، وضمانات إنهاء الحرب. وتشير تقديرات محللين إلى أن السيناريو الأقرب إلى الواقع هو التوصل لصفقة جزئية مدتها 60 يوما، في سيناريو مشابه لـ" اتفاق يناير/كانون الثاني 2025"، وسط خشية من عودة إسرائيل للحرب بعد خرقها الاتفاق الأول في 18 مارس/آذار الماضي. ضمانات حماس ووفق هذا التقدير، تتمسك حماس في المفاوضات بطلب ضمانات بشأن 3 نقاط لا تستطيع التنازل عنها، وهي وقف القتل والنزوح، والتجويع، والانسحاب إلى المنطقة العازلة، حسب حديث الباحث في الشؤون السياسية سعيد زياد لبرنامج "مسار الأحداث". وتركز مفاوضات الدوحة على ملفي الانسحاب الإسرائيلي والمساعدات الإنسانية، في حين سيكون وقف الحرب نهائيا محور اجتماع ترامب ونتنياهو. وبعد مرور أكثر من 21 شهرا على الحرب، تدرك إسرائيل أن حماس باقية في غزة، لذلك تبحث عن وسائل "لا تلزمها بوقف الحرب"، عبر عمليات عسكرية وأمنية تحول القطاع إلى منطقة مستباحة. على الطرف الآخر، تريد تل أبيب وواشنطن نزع سلاح غزة، ولا تريدان حكما فلسطينيا فيها، فضلا عن رغبة إسرائيلية في الاحتفاظ بمحوري فيلادلفيا و موراغ جنوبا. وبناء على هذا المشهد، فإن غزة ذاهبة إلى مرحلة "الحصار المطبق مقابل الإعمار"، وهو خيار مهلك لا يقل عن ديمومة الحرب وتدمير القطاع وتهجير سكانه، حسب زياد، مما يفرض على الفلسطينيين الصمود والقتال، مع ضرورة توفير مظلة عربية تحمي الفلسطينيين. خياران لا ثالث لهما أما ما يشغل حكومة نتنياهو -التي تواجه ضغوطا داخلية لوقف الحرب واستعادة الأسرى- فهو بحث اتفاق نهائي بشأن اليوم التالي للحرب، وليس الاتفاق المرحلي الخاص بالصفقة الجزئية، وفق الخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى. ويتفق المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية توماس واريك مع هذا الطرح، إذ يركز اجتماع ترامب ونتنياهو المرتقب على حكم غزة مستقبلا، وليس بشأن مفاوضات الدوحة وتفاصيلها. وحسب هذا التفكير، فإن إسرائيل قد تتفاوض على أوراق قوة تمتلكها، لكن لن تتنازل عنها، وهي عدم الانسحاب الكامل من قطاع غزة، وعدم التعهد بوقف الحرب بعد هدنة الـ60 يوما، وعدم تفكيك منظومة المساعدات الأميركية الإسرائيلية. لكن هذا التشدد الإسرائيلي لن ينسحب على ملف الأسرى، إذ يريد نتنياهو استعادة بعض المحتجزين، وإضعاف هذه الورقة التي تمتلكها حماس -حسب مصطفى- مقابل تعزيز أوراق إسرائيل التفاوضية. وبناء على هذا الوضع، تبدو إسرائيل أمام خيارين لا ثالث لهما، فالأول يقضي باحتلال كامل قطاع غزة ومحاولة تهجير سكانه، في حين يفضل نتنياهو الخيار الآخر بوقف الحرب والانسحاب إلى المنطقة العازلة مقابل رفض إعادة إعمار غزة وعدم إعطاء حماس أي فرصة لإعادة منظومتها العسكرية والحكومية. وبين مطالب حماس وخيارات إسرائيل، لا يبدو سيد البيت الأبيض في وارد منح ضمانات للفلسطينيين، لأن وجهة النظر الأميركية تعتقد أن حماس تريد تمديد المفاوضات دون التخلي عن سلطتها في غزة وعدم تسليم سلاحها، حسب واريك. وتميل واشنطن إلى خطة تستند إلى إدارة مؤقتة لغزة تجمع بين هيئة حكم دولية وجهات فلسطينية غير منتمية لأحزاب سياسية، وإرسال قوات حفظ سلام دولية. كما تعتبر نزع سلاح غزة شرطا أساسيا لإعادة إعمار القطاع، إضافة إلى ضمان عدم الاعتداء على هذه القوات الدولية. وفي هذا السياق، نقل موقع "والا" الإسرائيلي عن مسؤولين أميركيين قولهم إن ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء الحرب في غزة، إذ ستكون قضية اليوم التالي للحرب موضوعا مركزيا في اللقاء المرتقب. وحسب هؤلاء المسؤولين، فإن القضية الشائكة هي من سيسيطر على غزة بعد الحرب، وأن إسرائيل والولايات المتحدة ترغبان في تجنب سيناريو يشبه نموذج حزب الله في لبنان.

الفرنسيات المحجبات يواجهن ببلدهن العنف اللفظي والجسدي المعادي للإسلام
الفرنسيات المحجبات يواجهن ببلدهن العنف اللفظي والجسدي المعادي للإسلام

الجزيرة

timeمنذ 8 ساعات

  • الجزيرة

الفرنسيات المحجبات يواجهن ببلدهن العنف اللفظي والجسدي المعادي للإسلام

قال موقع ميديا بارت إن الفرنسيات المسلمات المحجبات منذ أن أطلق عليهن السياسيون أفظع التعليقات واجهن عنفا لفظيا وجسديا متزايدا من المارّة وأصحاب الأعمال، وبدأن يشعرن بأجواء قمعية متزايدة. وانطلق الموقع -في تقرير بقلم ماري توركان- من حالة أسماء (25 عاما) التي كانت تتمشى غائبة عما حولها تحت حجابها وسماعاتها، عندما سمعت شخصا يتحدث إليها بصوت عال، فأدركت أنها معلمة اللغة الفرنسية القديمة في المدرسة الإعدادية، وظنت أنها تلوح لها، ولكن المرأة كانت تصرخ على الحجاب قائلة "انزعيه، لا أريد أن أرى ذلك في الشارع، هذه فرنسا وليست إيران". كانت أسماء "مذهولة" وانصرفت من دون أن تقول شيئا، لكن المعلمة التي لم تتعرف على تلميذتها، لحقت بها و"ألصقت وجهها بوجهها"، واستمرت في شتائمها المعادية للإسلام، ولم يوقفها إلا مجموعة من المارة، "كان من بينهم أشخاص من أصول أوروبية وشمال أفريقية"، كما تتذكر أسماء. قررت أسماء التي ترتدي الحجاب منذ 5 أو 6 سنوات تقديم شكوى بتهمة الاعتداء بدوافع عنصرية على أساس دين حقيقي أو متصور، لكنها لم تخبر والديها "كي لا تقلقهما"، وقالت "حقيقة أنها كانت معلمتي السابقة تؤلمني أكثر، أود أن أعرف كيف أصبحت هكذا"، وأضافت أنها تشعر بأجواء قمعية متزايدة. التجريد من الإنسانية "إنه اعتداء في الشارع كغيره من الاعتداءات"، هكذا يقول محامي أسماء رفيق شكات، ويضيف: "لكن هناك الكثير من الضحايا الذين لا يقدمون أي شكوى" ففي الأسابيع الأخيرة، تعرضت امرأة لنزع حجابها في نانتير من قبل رجل على دراجة هوائية، لم تحدد هويته بعد، كما أُمرت أخرى "بخلع حجابها" من قبل امرأة ثملة. وأشار رفيق شكات إلى تحول بدأ في المجتمع الفرنسي منذ أوائل عشرينيات القرن 21 مع قانون "الانفصالية"، أدى إلى اعتبار النساء المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب "أهدافا مشروعة". بدأ تحول في المجتمع الفرنسي منذ أوائل عشرينيات القرن الحادي والعشرين مع قانون الانفصالية، أدى إلى اعتبار النساء المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب أهدافا مشروعة بواسطة رفيق شكات وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد دعا إلى "اندفاعة جمهورية"، واستخدم لغة حربية، حتى إنه تحدث عن استعادة السيطرة، ونتيجة لذلك، يعتقد الناس أنهم قادرون على القيام بدورهم، وأنهم سيؤدون واجبهم المدني من خلال "الصيد"، لأن هؤلاء النساء لا ينبغي لهن أن يشغلن حيزا في الأماكن العامة. وفي الأشهر الستة الأولى من عام 2025، سجل موقع ميديا بارت ما يقارب من 100حادثة معادية للإسلام في فرنسا، وقد أحصت وزارة الداخلية 145 حادثة معادية للمسلمين خلال الأشهر الخمسة الماضية بناء على شكاوى قدمت، وقد أظهرت هذه البيانات القليلة أن النساء المحجبات في مقدمة المتعرضين لهذه الاعتداءات. وبالفعل، أكدت منظمة "لالاب" النسوية المناهضة للعنصرية في تقرير صدر في مارس/آذار 2025، نقلا عن بيانات جمعتها "الجماعة المناهضة ل لإسلاموفوبيا في أوروبا" أن "81.5 من أعمال الإسلاموفوبيا ترتكب ضد النساء". وذكر الموقع أن هذه المنظمة تعمل منذ سنوات على تسليط الضوء على "العقاب المزدوج" للنساء المسلمات اللاتي يعانين من التمييز الجنسي وكراهية الإسلام، وقالت إن "تجريد المسلمات من إنسانيتهن، كأنهن لسن نساء كغيرهن، متأصل في الوعي الجمعي الفرنسي"، وبالتالي فإن المسلمات ضحايا لمعتقدات جنسية يجب تحريرهن منها. منعت من دخول صالة رياضية واتفق أعضاء مجلس الشيوخ والحكومة في الأشهر الأخيرة على محاولة منع الفرنسيات اللاتي يرتدين الحجاب من المسابقات الرياضية، متجاهلين عمدا دراسات جادة تظهر عدم وجود صلة بين الحجاب وبين التطرف الديني المحتمل في هذا المجال. وأشار الموقع إلى رفض طلب أليسيا الاشتراك في صالة ألعاب رياضية في مرسيليا في ديسمبر/كانون الأول 2024، وقالت "في النهاية أخبرني المدرب أنه يتعين علي خلع الحجاب للدخول إلى الصالة. فأخبرته أن ذلك تمييز وأنه غير قانوني"، ولكنه رد بأن الأمر يتعلق بسياسة الغرفة، وأنه ليس صاحب القرار. ومع أن الفرع المحلي للنادي نفى هذا الحظر نفيا قاطعا، فإن صفحة الشركة على غوغل تحتوي على تعليقات تعود إلى أواخر عام 2024، تشكو من أن "النساء اللاتي يرتدين الحجاب غير مقبولات"، مع أن قانون العقوبات الفرنسي يقول إنه لا يحق لأي مؤسسة التمييز بين الأفراد "على أساس أصلهم أو انتمائهم أو عدم انتمائهم لمجموعة عرقية معينة أو أمة أو ما يسمى بالعرق أو دين معين". ومع ذلك، يسمح البعض لنفسه باتخاذ قرارات تعسفية، وفقا للموقع، مثل هذا المطعم القريب من مونبلييه الذي رفض قبل أقل من شهر دخول مجموعة من النساء رغم الحجز المسبق، وقد صدمت اثنتان منهن ونشرتا مقاطع فيديو على الفور على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت إحداهما "منعنا من الدخول لأننا نرتدي الحجاب"، وقالت الأخرى "أخبرنا حارس الأمن أن المالك طلب رفض جميع الرموز الدينية". وفي اليوم التالي، نشرت إدارة المطعم بيانا على فيسبوك قالت فيه "نستنكر هذا الوضع الناتج عن سوء فهم، وسنجري تحقيقا داخليا لتحديد ما حدث وضمان عدم تكرار هذا النوع من الحوادث"، واعتذر "لمن شعروا بالإهانة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store