
روسيا تُلغي عرضاً كبيراً للبحرية الروسية «لأسباب أمنية»
ونقلت وكالات أنباء روسية عن المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، قوله إنّ «الأمر يتعلّق بالوضع العام، والأسباب الأمنية لها أهمية قصوى»، مشيراً إلى إلغاء العرض الذي يقام منذ عام 2017 في سانت بطرسبرغ (شمال غرب) بمشاركة سفن وغواصات لإظهار قوة البحرية الروسية.
وكانت السلطات المحلية قد أعلنت، الجمعة، إلغاء العرض البحري وعرض الألعاب النارية التقليدي بمناسبة العيد الذي يُحتفل به في روسيا، يوم الأحد الأخير من شهر يوليو (تموز)، من دون تقديم أي تفسير لذلك، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
من جانبه، هنّأ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي كان يحضر شخصياً هذا العرض كل عام، البحرية الروسية، في رسالة عبر مقطع فيديو، وأشاد بـ«جرأة» و«بطولة» عناصر البحرية الروسية المشاركين في العملية العسكرية بأوكرانيا.
خاطب بوتين، في مؤتمر عبر الفيديو، أفراد الجيش المشاركين في مناورات بحرية واسعة النطاق أُطلق عليها اسم «عاصفة يوليو». وقال: «نحن نحتفل بالعيد في أجواء من العمل». وبحسب الرئيس الروسي، فإنّ هذه المناورات التي بدأت في 23 يوليو، على أن تنتهي الأحد في بحري البلطيق وقزوين والمحيط المتجمد الشمالي والمحيط الهادئ، تشمل أكثر من 150 سفينة وأكثر من 15 ألف جندي. وأشار بوتين من سانت بطرسبرغ إلى أنّ «مهمّتنا الرئيسية هي ضمان أمن روسيا وحماية سيادة الوطن ومصالحه الوطنية بحزم. وللبحرية الروسية دور كبير في ذلك»، وفقاً للمكتب الإعلامي في الكرملين.
وخلال الأشهر الأخيرة، تعرّضت روسيا التي تشنّ حرباً مع أوكرانيا منذ فبراير (شباط) 2022، لهجمات يومية بطائرات من دون طيار أوكرانية.
قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الأحد، إن روسيا تفضل السبل السياسية والدبلوماسية لحل النزاع في أوكرانيا، لكن كييف والغرب يرفضان هذا المسار.
ونقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن بيسكوف قوله: «مسارنا المفضل هو الوسائل السياسية والدبلوماسية». وأضاف بيسكوف أن موسكو تواصل عمليتها العسكرية في أوكرانيا، لأن «كل مقترحات الحوار قوبلت بالرفض، سواء من أوكرانيا أو من الدول الغربية».
ميدانياً، أعلنت إدارة منطقة فولغوغراد في جنوب روسيا أن أوكرانيا شنَّت هجوماً على المنطقة باستخدام طائرات مسيّرة. وأضافت أن الحطام المتساقط من الطائرات المُدمَّرة أدى إلى تعطل إمدادات الكهرباء للسكك الحديدية وحركة القطارات في جزء من فولغوغراد.
بوتين زار معرضاً للبحرية بمناسبة «يوم الأسطول الروسي» في سانت بطرسبرغ يوم 27 يوليو (أ.ب)
وذكرت الإدارة، عبر تطبيق «تلغرام»، نقلاً عن حاكم المنطقة أندريه بوتشاروف، أنه لم تقع إصابات نتيجة الهجوم الأوكراني، وفقاً لوكالة «رويترز».
وقالت وزارة الدفاع الروسية، على «تلغرام»، إن وحدات الدفاع الجوي دمَّرت 9 طائرات مسيّرة أوكرانية فوق المنطقة. وذكرت الوزارة أن روسيا أسقطت ما مجموعه 99 طائرة مسيّرة خلال الليل فوق 12 منطقة روسية وشبه جزيرة القرم والبحر الأسود. وقال بيان وزارة الدفاع: «خلال الليلة الماضية، دمرت أنظمة الإنذار للدفاع الجوي واعترضت 99 طائرة مسيَّرة أوكرانية، من بينها 36 فوق أراضي مقاطعة بريانسك، و21 فوق أراضي مقاطعة سمولينسك، و10 فوق أراضي مقاطعة كالوجا، و9 فوق أراضي مقاطعتَي فولغوغراد وروستوف».
وأضاف البيان أنه «تم إسقاط 4 طائرات مسيّرة فوق أراضي جمهورية القرم، واثنتين فوق أراضي مقاطعتَي فورونيغ وكورسك وفوق حوض البحر الأسود، وواحدة فوق كل من أراضي منطقة موسكو، ونيجني نوفغورود، وأوريول، وتامبوف».
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال حضوره عرضاً بمناسبة «يوم البحرية الروسية» في سانت بطرسبرغ يوم 28 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
وأعلنت هيئة الطيران المدني الروسية (روسافياتسيا)، عبر تطبيق «تلغرام»، تعليق الرحلات الجوية بعد منتصف الليل بفترة وجيزة، في مطار مدينة فولغوغراد، التي تعدّ المركز الإداري لمنطقة فولغوغراد الكبرى. ولم تُستأنف الرحلات الجوية، صباح الأحد. وقالت وكالة الإعلام الروسية إن الهجوم أدى إلى تأخير حركة القطارات في أجزاء من فولغوغراد.
ولم يتضح حجم الضرر الناتج عن هجوم الطائرات المسيّرة الأوكرانية. وتعلن وزارة الدفاع الروسية عدد الطائرات المسيّرة التي دمَّرتها وحداتها، لا عدد الطائرات التي أطلقتها أوكرانيا.
وفيما لم تعلق أوكرانيا، اعتادت كييف على القول إن هجماتها تأتي رداً على ضربات موسكو المتواصلة منذ بدء الغزو الروسي في 2022. وإنها تهدف إلى تدمير البنية التحتية الحيوية لقدرات روسيا الحربية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 4 ساعات
- الشرق الأوسط
سمومُ موازينِ القوى
أولُ الحكمةِ القراءةُ الدَّقيقةُ في موازين القوى. لا بدَّ منهَا إذا تعلَّق الأمر بحرب أو ثورةٍ أو انقلاب. ميزانُ القوى حكم شبه مبرم يصعب شطبه من الحساب. تجاهله يقودُ غالباً إلى نتائج كارثية. لكن القوة التي تصنعُ الانتصارَ ليست قادرة بالضرورة على ضمان الاستقرار. قرأَ فلاديمير بوتين ميزانَ القوى. سيرتفع صراخُ الغربِ حين يستيقظ على رؤيةِ الدبابات الروسية تشطبُ ما يسمونه الحدودَ الدولية مع أوكرانيا. لكنَّ حلفَ «الناتو» لن يغامرَ بإرسال قوات للدفاع عن دولة ليست بين أعضائه. ستفرض أميركا عقوباتٍ وتطلق تهديداتٍ، لكنَّها لن ترسل قواتِها لأنَّ قراراً من هذا النوع يوقظ شبحَ الحرب العالمية الثالثة. كانت حساباتُه دقيقةً وها هوَ جيشه يلتهمُ مزيداً من الأراضي بعدما ضمن سيطرتَه على تلك التي ضمَّها إلى روسيا. لكنَّ التجاربَ تقول إنَّ القسرَ والقهر لا يمكن أن يشكلا قاعدةً لاستقرار طويل أو دائم. لأهلِ الشرق الأوسط حكاياتٌ طويلةٌ مع موازين القوى. في 1967 لم يتوقَّف جمال عبد الناصر طويلاً عند ميزان القوى ومعادلاته. أعلنَ إغلاق مضائق تيران وحشدَ الجيش. كانتِ النتيجة الحرب التي شنتها إسرائيل وأسفرت عن احتلالِ سيناء والضفةِ الغربية ومرتفعاتِ الجولان. ضاعفتِ الحرب الخللَ الفاضح في ميزان القوى. استنتج أنور السادات أنَّ مصرَ لا تستطيع التعايش مع احتلال سيناء. أعدَّ مع حافظ الأسد حرب 1973. ورغم إنجازات الجيش المصري، أعادت مجرياتُ الحرب تذكيرَه بالحقائق المؤلمة لميزان القوى. أدرك السادات أنَّ استعادة سيناء بالقوة متعذرة، فاختار التَّسليمَ بالتعامل مع وقائع ميزان القوى واستعادَ الأرض من بوابة كامب ديفيد. شنَّ حافظ الأسد حملة قاسية على السادات. لكنَّه سلّم في داخله بقسوة ميزان القوى الذي يمنعه من استعادة الجولان، فاختار التَّعويضَ المتاح وهو «استعادة» لبنان وإدارته والمرابطة فيه. حين أطلقت حركةُ «فتح» رصاصتَها الأولى في اليوم الأول من يناير (كانون الثاني) 1965، كان ياسر عرفات يحلم باستعادة كامل الأرض المحتلة بفوهة رشاشِه. معاركه الطويلة والمريرة شرحت له وبقسوة، حقيقةَ ميزان القوى الممتد من تل أبيب إلى واشنطن. لهذا رأينا ياسر عرفات يصافح إسحقَ رابين في حديقة الورود بالبيت الأبيض. لهذا رأيناه يقبل بحلم دولة على بعض الأرض رغم قسوة التنازل عن بعضها الآخر. في مقره الفرنسي، صارحَ الخميني مبعوث صدام حسين. قالَ له إنَّ إسقاط «نظام البعث الكافر» هو البند الثاني في برنامجه بعد إسقاط نظام الشاه. وكانَ حلم الخميني اقتلاع نظام صدام خصوصاً حين رجحت كفة إيران في الحرب مع العراق. لم يسمح ميزان القوى الدولي للخميني بتحقيق حلمه، فوافق على تجرّع سمّ القبول بوقف النار. في المقابل، لم يلتفت صدام إلى وقائع ميزان القوى حين غزت قواتُه الكويت. لم يلتفت أيضاً إلى ضرورة محاولة تفادي الغزو الأميركي للعراق، معتبراً الأمرَ «معركة كرامة الأمة»، كما قال لصحيفتنا وزيرُ الخارجية اليمني الأسبق أبو بكر القربي. لنتركِ الماضي إلى الحاضر. حين راح سلاحُ الجو الإسرائيلي يدمر أسلحة «جيش الأسد»، لم يكن أمام الرئيس أحمد الشرع غير التعاطي مع ميزان القوى. لقد تضاعف الخلل في ميزان القوى بعدما تمكَّنت إسرائيل من إخراج إيران من سوريا، ووجهت ضربةً موجعة إلى «حزب الله» اللبناني وقيادته. وحين اندلعتِ الأزمة الأخيرة في السويداء، لم يكن أمام الشرع أيضاً غير الالتفات إلى ما يمليه ميزان القوى. الرئيس جوزيف عون يختبر مع حكومته قسوةَ ميزان القوى وما طرأ عليه بعد «الطوفان». المسيّرات الإسرائيلية لا تكفُّ عن انتهاك أجواء لبنان وتنفيذ اغتيالات. ويعرف الرئيس أنَّ نزع سلاح «حزب الله» شرط أميركي ودولي لدخول لبنان مرحلة الحصول على المساعدات لإعادة الإعمار. هذا من دون أن ننسى سموم ميزان القوى وما تفرضه على السلطة الفلسطينية. في الفترة التي أعقبت هجوم «حماس» الشهير في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أصيبت إسرائيل بجنون الثأر والانتصار. ولا مجال لإنكار أنَّ آلتها الحربية، المدعومة أميركياً، تمكَّنت من تدمير غزة وفرض سيطرتها في أجواء خرائط عدة، كما تمكَّنت من تنفيذ توغلات في أراضي سوريا ولبنان. ميزان القوى الحالي واضح. لا قدرة للفلسطينيين على استعادة حقوقهم بالقوة؛ لا الآن ولا في مستقبل قريب. يمكن قول الشيء نفسه عن سوريا التي لا بدَّ أن تعطي الأولوية لبناء دولة مؤسسات تحفظ الوحدة والتعايش، وتفتح باب الاستقرار والازدهار. «حزب الله» اللبناني ليس قادراً على إطلاق حرب جديدة ضد إسرائيل، لا الآن ولا في مستقبل قريب. أمام خللٍ بهذا الحجم في ميزان القوى، لا يملك الفريق الأضعف خياراً غير اللجوء إلى الشرعية الدولية. مبادئ الشرعية الدولية تساعد في الاحتماء من الظلم الذي يفرضه ميزان القوى. ولا بد أيضاً من الذهاب إلى جوهر الموضوع، أي إلى معالجة الظلم اللاحق بالشعب الفلسطيني، والذي كانَ أساس زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. لا يمكن خفض سموم ميزان القوى إلا بالرجوع إلى مبادئ الشرعية الدولية التي تضمن قيام السلام العادل. من هنا أهمية معركة الدولتين التي تلعب فيها السعودية دوراً نشطاً ومؤثراً، كان من آخر نتائجه إعلان الرئيس الفرنسي أن بلاده ستعترف بالدولة الفلسطينية. سياسات البطش والقوة والإلغاء ستبقي الشرق الأوسط نائماً على براميل البارود، في حين تحتاج دوله إلى التقاط الأنفاس لمحاربة الفقر واستعادة النازحين وخوض معركة التنمية واللحاق بالعصر. الحلّ ليس الاستسلام لإملاءات ميزان القوى. الحلّ هو توظيف كل الأوراق لإنعاش دور الشرعية الدولية.


الرياض
منذ 5 ساعات
- الرياض
الكرملين: كييف والغرب يرفضان «الدبلوماسية» لحل نزاع أوكرانيا
نقلت وكالات أنباء روسية الأحد عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن روسيا تفضل السبل السياسية والدبلوماسية لحل النزاع في أوكرانيا، لكن كييف والغرب يرفضان هذا المسار. ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن بيسكوف قوله "مسارنا المفضل هو الوسائل السياسية والدبلوماسية". وأضاف بيسكوف، دون تقديم دليل، أن موسكو تواصل عمليتها العسكرية في أوكرانيا لأن "كل مقترحات الحوار قوبلت بالرفض، سواء من أوكرانيا أو من الدول الغربية". إلى ذلك قال مسؤول من جهاز الأمن الأوكراني إن طائرات مسيرة أوكرانية قصفت مصنعا لمعدات الاتصالات اللاسلكية وعتاد الحرب الإلكترونية في منطقة ستافروبول الروسية في هجوم خلال الليل. وذكر المسؤول أن منشأتين في مصنع سيجنال في مدينة ستافروبول، التي تبعد حوالي 540 كيلومترا عن الحدود الأوكرانية، تضررتا في الهجمات. ونشر المسؤول عدة مقاطع مصورة قصيرة تظهر انفجارا وعمودا كبيرا من الدخان الكثيف يتصاعد في السماء. وأضاف أن المصنع من المنشآت الرائدة في إنتاج عتاد الحرب الإلكترونية، بما في ذلك الرادار ومعدات الملاحة اللاسلكية ومعدات الاتصالات اللاسلكية. ولم يتسن التحقق من تفاصيل الهجوم. ولم ترد وزارة الدفاع الروسية بعد على طلب للتعليق. كما ذكر سلاح الجو الأوكراني أن القوات الروسية أطلقت 208 طائرات مسيرة وطائرات مسيرة وهمية و12 صاروخا باليستيا من طراز إسكندر و15 صاروخ كروز على أوكرانيا، الليلة قبل الماضية، مستهدفة منطقة دنيبروبيتروفسك شرق أوكرانيا، بشكل خاص. وقال التقرير إن القوات الأوكرانية أسقطت 183 طائرة مسيرة و17 صاروخا وصاروخ كروز. ونشر سيرهي ليساك، حاكم مدينة دنيبروبيتروفسك على تطبيق تيليغرام أن ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب ستة آخرون في دنيبرو وضواحيها وتحدث عن "ليلة مروعة". وأسفرت غارات جوية روسية وكرانية وقعت ليل الجمعة -السبت عن مقتل ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص في وسط أوكرانيا، وشخصين في غرب روسيا، وفقا للسلطات. وقُتل ثلاثة أشخاص على الأقل في هجوم بمسيّرة أوكرانية على منطقة روستوف بجنوب غرب روسيا، فيما أسفرت ضربة روسية في أوكرانيا عن مقتل شخص في مدينة دنيبرو في شرق البلاد، وفقا لمسؤولين روس وأوكرانيين. هذا ونقلت وكالة ريا نوفوسيتي للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن قواتها سيطرت على قريتين في شرق أوكرانيا، وهما زيليني هاي في منطقة دونيتسك ومالييفكا في منطقة دنيبروبتروفسك. ولم يتسن التحقق بصورة مستقلة من تقرير ساحة المعركة.


Independent عربية
منذ 6 ساعات
- Independent عربية
إخفاق بوتين في الشرق الأوسط
قبل بضع سنوات بدا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد رسخ نفوذ موسكو في الشرق الأوسط بعد عقود من التراجع. فمع توطيد بوتين العلاقات مع حلفاء روسيا التقليديين، مثل إيران وسوريا، وتطوير علاقات أكثر وداً مع إسرائيل والأنظمة العربية، بدا أن واقعيته البراغماتية تعد بديلاً مناسباً أكثر عما اعتبرته دول متعددة في المنطقة التزاماً أميركياً ساذجاً ومزعزعاً للاستقرار بهدف نشر الديمقراطية. وقد سمحت هذه الاستراتيجية لروسيا بأن تصبح قوة موازنة راجحة لنفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، كما أنها جنت ثماراً على المستوى المحلي [في محيطها الجغرافي]. فقد التزم قادة الشرق الأوسط صمتاً ملحوظاً تجاه الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022. وحتى إسرائيل، الحليف الصدوق للولايات المتحدة، لم تنتقد روسيا، ولم تشارك في فرض عقوبات عليها. ولكن على مدار الأشهر الـ20 الماضية، انهارت مكانة روسيا في الشرق الأوسط. فقد أدى رد إسرائيل على هجمات "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى تدمير ما يعرف بمحور المقاومة، وهو الشبكة المدعومة من إيران التي كانت روسيا قد نسجت معها علاقات وثيقة. فجأة، انهار نظام الأسد في سوريا، الذي ظل لفترة طويلة موالياً لروسيا [ركناً بارزاً في شبكة روسيا الزبائنية]. أما الضربات الأميركية والإسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية فقد أضعفت إلى حد كبير أهم حليف إقليمي لروسيا. ونتيجة لذلك، تردى دور موسكو كراعٍ وضامن للأمن في المنطقة. وفي الشرق الأوسط الجديد الذي يتشكل الآن، انتفت الحاجة إلى موسكو. وسوف تتردد أصداء إخفاقات موسكو إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط. وسواء كان ذلك نتيجة قرار واع من بوتين بعدم التدخل، أو بسبب عجز الكرملين عن القيام بذلك، فإن تخلي روسيا عن شركائها في المنطقة يحمل عبرة قاسية سيعتبر بها شي جينبينغ والحزب الشيوعي الصيني: ففي أوقات الأزمات، لن تكون روسيا حليفاً يعول عليه. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فإن تراجع النفوذ الروسي في الشرق الأوسط يجب أن يحملها على إعادة النظر في التوازنات هناك. طوال سنوات، ناقش صانعو السياسات والباحثون مدى قوة العلاقة الروسية - الصينية، وما إذا كان ثمة فائدة ترتجى من محاولة دق إسفين بينهما أو تشجيع علاقات الاعتماد المتبادل بينهما، مع زيادة الكلف والأخطار التي يشكلها ذلك على كلا البلدين، ولكن الانتكاسات الأخيرة التي منيت بها موسكو في الشرق الأوسط أوضحت حقيقة أساسية طمستها خطابات الصين وروسيا عن علاقة خاصة بينهما. إن روسيا هي صديق في السراء فقط. ففي حال نشوب صراع أميركي - صيني، على سبيل المثال نزاع حول تايوان، في مستطاع واشنطن أن تتوقع بقاء موسكو على الحياد، تماماً مثلما فعلت مع شركائها في الشرق الأوسط. الطريق إلى دمشق بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 لم تعد روسيا لاعباً دولياً رئيساً، بما في ذلك في الشرق الأوسط. فقد ركز الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين بدلاً من ذلك على دمج روسيا المتجهة نحو الديمقراطية مع الغرب، وكان يطمح للانضمام إلى مؤسسات غربية مثل مجموعة الدول السبع، ومنظمة التجارة العالمية، وحلف شمال الأطلسي، ولم يكرس سوى مساع وموارد ضئيلة للحفاظ على علاقات الحقبة السوفياتية مع خصوم الولايات المتحدة الاستبداديين، مثل إيران وسوريا. كما أن عقداً من الركود الاقتصادي حال دون انتظام روسيا في علاقات مع دول المنطقة. لكن بوتين، الذي فاز بالرئاسة عام 2000، طوى تدريجاً تجاهل موسكو للشرق الأوسط. فبعد هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول)، سارع إلى تبني "الحرب العالمية على الإرهاب" التي أطلقها الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش. وفي سبيل دعم المساعي الحربية الأميركية في أفغانستان، أسهمت روسيا في تيسير إنشاء الولايات المتحدة قواعد عسكرية في ما كان بوتين يعتبره ضمن مجال نفوذه، أي جمهوريتي أوزبكستان وقرغيزستان السوفياتيتين السابقتين. حتى عندما اختلف بوتين مع بوش في شأن غزو العراق عام 2003 بسبب العلاقات الوثيقة بين الرئيس العراقي صدام حسين وروسيا، واصل الرئيس الروسي التعاون مع واشنطن في الشرق الأوسط في ملفات القضايا ذات الاهتمام المشترك، وأبرزها السعي المشترك للحيلولة دون حيازة إيران السلاح النووي. عام 2010، صوتت روسيا إلى جانب الولايات المتحدة على قرار 1929 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وهو قرار فرض حينها أشد العقوبات المتعددة الأطراف على طهران. وبعد خمس سنوات، انضمت روسيا إلى الولايات المتحدة، إلى جانب الصين وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، في توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة. وطوال هذه الفترة، تعاونت روسيا أيضاً مع الولايات المتحدة في محاربة منظمات إرهابية مختلفة في المنطقة، كان لبعضها صلات وثيقة بمتطرفين إسلاميين داخل روسيا. وقد شكل الربيع العربي عام 2011 منعطفاً في سياسة بوتين الشرق أوسطية. فبينما احتفى قادة الولايات المتحدة وأوروبا بسقوط الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، تبنى بوتين، الذي كان حينذاك رئيساً للوزراء، وجهة نظر مغايرة حول الاحتجاجات. وفي اجتماعاته مع قادة غربيين، بمن فيهم الرئيس الأميركي باراك أوباما، حذر من أن انهيار الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي سيؤدي إلى حروب أهلية، ويقوي شوكة المتطرفين، ويشجع الإرهابيين، بل إنه انتقد علناً حليفه المقرب، الرئيس ديمتري ميدفيديف، لامتناعه عن التصويت على قرار لمجلس الأمن أجاز استخدام القوة ضد جيش الزعيم الليبي معمر القذافي، الذي كان يهدد بارتكاب فظائع جماعية في بنغازي، ثاني أكبر مدن ليبيا. وانتقد بوتين القرار بشدة ووصفه بأنه "معيب وتشوبه ثغرات كثيرة"، قائلاً إنه "يسمح بكل شيء" و"يشبه الدعوات للحروب الصليبية في العصور الوسطى". لقيت مخاوف بوتين حول الاستقرار صدى في أوساط حكام الشرق الأوسط في ذلك العام اندلع تحرك شعبي آخر ضد الاستبداد، لكن هذه المرة في روسيا. في ديسمبر (كانون الأول) 2011، نزل مئات الآلاف من الروس إلى الشوارع احتجاجاً على تزوير نتائج الانتخابات البرلمانية. ومثلما اتهم واشنطن بالتحريض على الثورات ضد الأنظمة في مصر وليبيا وسوريا وتونس، ألقى بوتين باللوم على الولايات المتحدة في التظاهرات التي شهدها بلده ضد نظامه. وأدت التهديدات لحكمه في الداخل، التي كان بوتين مقتنعاً بأنها مدعومة من إدارة أوباما، إلى تخلي الزعيم الروسي عن التعاون مع الولايات المتحدة، مما كان له تداعيات كبيرة على السياسة الخارجية الروسية في الشرق الأوسط. ولقيت مخاوف بوتين على الاستقرار صدى في أوساط حكام الشرق الأوسط، الذين اتفقوا على أن تغيير الأنظمة في المنطقة سيؤدي إلى وصول الإسلاميين المتطرفين إلى السلطة. واستغل بوتين هذه اللحظة لتوطيد العلاقات مع إسرائيل والأنظمة العربية، في وقت كانت فيه علاقاتها مع الولايات المتحدة متوترة بسبب دعم واشنطن للتغيير السياسي في العالم العربي وتقاربها الملحوظ مع إيران. علاوة على ذلك، عمل بوتين على توطيد علاقاته مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعدما استولى على السلطة في انقلاب عام 2013. وملأت روسيا الفراغ الذي خلفه الانسحاب الأميركي من ليبيا، وقدمت دعماً خطابياً [كلامياً] ومالياً للمشير خليفة حفتر، أمير الحرب القوي الذي يسيطر الآن على الجزء الشرقي من البلاد. خلال هذه الفترة، عزز بوتين أيضاً علاقته الشخصية برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان يخشى هو الآخر انهيار الدول وصعود الحكومات والحركات الإسلاموية في العالم العربي. وشاركه الشعور نفسه عديد من اليهود المحافظين المهاجرين من الاتحاد السوفياتي السابق إلى إسرائيل، والذين كانت القنوات الإعلامية الروسية تتواصل معهم مباشرة. بالنسبة إليهم، كان بوتين قائداً محترماً وعملياً يدعم الاستقرار في منطقتهم. وبعد الفوز بولاية رئاسية ثالثة عام 2012، وجد العداء المتصاعد لدى بوتين تجاه الولايات المتحدة، باعتبارها مصدراً لعدم الاستقرار الإقليمي والدولي، آذاناً صاغية ومتعاطفة بصورة خاصة عند المستبد الثيوقراطي الإيراني، آية الله علي خامنئي. منذ أن أصبح المرشد الأعلى عام 1989، سعى خامنئي سعياً دؤوباً منهجياً إلى توجيه السياسة الخارجية الإيرانية نحو روسيا والصين. ومع قتال "حزب الله"، وكيل إيران، إلى جانب القوات الجوية الروسية لدعم الديكتاتور السوري بشار الأسد في حرب أهلية وحشية، تعاظم تقارب العلاقات بين طهران وموسكو. أما "حماس"، التي كانت قد اتخذت في البداية موقفاً نقدياً من نظام الأسد، فقد انضمت في نهاية المطاف إلى محور إيران وروسيا. ولم يصنف الكرملين ولا بوتين "حماس" منظمة إرهابية، بل وصفاها بأنها حركة تحرر وطني، مشابهة للحركات في أميركا اللاتينية وجنوب شرقي آسيا وأفريقيا التي كان يدعمها الاتحاد السوفياتي إبان الحرب الباردة. وفي الواقع، كانت قدرة بوتين على مد علاقات مع كل من إسرائيل و"حماس" في الوقت نفسه أمراً لافتاً، ودليلاً على نجاح دبلوماسيته في الشرق الأوسط في ذلك الحين. صديق الطغاة إن مساعي بوتين لتوسيع نفوذ روسيا في الشرق الأوسط قد أثمرت في البداية وحققت نتائج ملموسة. فبعد أن شنت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا عام 2022، زودت إيران موسكو بآلاف الطائرات المسيرة الفتاكة من طراز "شاهد" لدعم المساعي الحربية الروسية. كما امتنعت الأنظمة العربية عن التصويت في الأمم المتحدة لإدانة الغزو الروسي، ولم تنضم إلى التحالف الدولي لفرض العقوبات عليها. وفي أكتوبر 2022، وقع بوتين وولي العهد السعودي محمد بن سلمان اتفاقاً لتقليص صادرات النفط، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وأسهم في تمويل آلة الحرب الروسية. حتى إسرائيل خالفت موقف معظم دول العالم الديمقراطي بامتناعها عن انتقاد الغزو، وصوتت ضد قرار للأمم المتحدة يدين العدوان الروسي. عندما كان نظام الأسد في سوريا يترنح عام 2015، أدى نشر بوتين للقوات الجوية الروسية، من أجل دعم القوات البرية السورية والإيرانية و"حزب الله"، إلى منح الديكتاتور السوري تسع سنوات إضافية في السلطة. وفي مقابل هذا الدعم، منح الأسد روسيا حق الوصول الدائم إلى قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية (قرب اللاذقية)، مما عزز الوجود البحري الروسي في البحر المتوسط، وأصبح رمزاً دائماً للوجود العسكري الروسي في الشرق الأوسط العربي. وقد أسهم التدخل العسكري الروسي في سوريا في تعزيز صورة روسيا كشريك حاسم وموثوق. وبخلاف الولايات المتحدة، لم تعظ روسيا قط مستبدي المنطقة بخطابات عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وواصلت إمدادهم بالسلاح. في السنوات التي تلت الربيع العربي، ارتفعت صادرات الأسلحة الروسية إلى الشرق الأوسط، بما في ذلك إلى مصر بقيادة السيسي، وإلى تركيا، حليفة "الناتو" التي وافقت على رغم من ذلك على شراء نظام الدفاع الجوي الروسي "أس-400". كل شيء انهار دفعة واحدة لكن بعدما شنت حركة "حماس" هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، بدأت استراتيجية بوتين تتهاوى. فقد أطلقت إسرائيل عمليات عسكرية كبرى رداً على الهجوم، أولاً ضد "حماس" في غزة، ثم ضد "حزب الله" في لبنان، مما ألحق أضراراً جسيمة بالبنية القيادية والتنظيمية في الجماعتين. حاول بوتين تجنب الانحياز في الصراع، وعرض بدلاً من ذلك التوسط بين "حماس" وإسرائيل، وهي لفتة لم يكن نتنياهو ولا المجتمع الإسرائيلي مستعدين لقبولها، لكنه لم يقدم أيضاً أي مساعدة تذكر لـ"حماس" أو "حزب الله." ثم، في ديسمبر 2024 انهار نظام الأسد. وفي غضون أيام، انهار الاستثمار الروسي الذي دام عقوداً لدعم الديكتاتورية. منح بوتين الأسد وعائلته اللجوء في روسيا، لكنه لم يتخذ أي إجراء لصد القوات المتمردة أثناء دخولها دمشق. وقد ترددت أصداء عدم تدخله في أرجاء المنطقة. وتعاظم ضعف "حزب الله" وبدأت وسائل الإعلام المحسوبة على الحرس الثوري الإيراني تعلن تذمرها علناً من عجز روسيا عن إنقاذ شريكهما المشترك. وتلقت روسيا ضربة أكبر لسمعتها في الشرق الأوسط عندما قصفت القوات الإسرائيلية والأميركية المنشآت النووية الإيرانية في يونيو (حزيران). وبعد أيام فقط من الهجوم الأميركي على موقع "فوردو"، توجه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى موسكو طلباً للدعم. فقدم بوتين إدانته الخطابية المعتادة للولايات المتحدة، لكنه لم يقدم أي مساعدة عسكرية جديدة لحليف روسيا الصدوق والأكثر وفاءً في الشرق الأوسط، على رغم بقاء إيران على موقفها الذي يقضي بتقديم دعم عسكري مباشر لروسيا في حربها في أوكرانيا. داخلياً، أصبح خامنئي ونظامه اليوم أضعف من أي وقت مضى، لكن بوتين لم يقدم شيئاً يذكر لدعم موقع المرشد الأعلى. الخوف والكراهية لاحظ القادة والمجتمعات في الشرق الأوسط تقاعس روسيا ولا مبالاتها في المنطقة. وكان رد الفعل داخل إيران واضحاً بصورة خاصة. كثيراً ما كان خامنئي مخلصاً لموسكو، ولكن مع ضعف موقفه الآن، تتعاظم حدة الانتقادات الموجهة لتقربه من روسيا. فالمعلقون الإيرانيون، الذين كانوا في السابق حذرين ومتحفظين على علاقة طهران بموسكو، باتوا الآن ينتقدون بوتين علناً لرفضه تضمين بند دفاعي مشترك في اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي وقعتها طهران وموسكو في يناير (كانون الثاني)، (في حين أن الاتفاقات الروسية المماثلة مع بيلاروس وكوريا الشمالية تتضمن مثل هذا البند). في المقابل، انتقدت أصوات أخرى، من بينها نائب رئيس البرلمان الإيراني السابق علي مطهري، تأخر روسيا في تزويد إيران بنظام الدفاع الجوي الصاروخي "أس-400" الذي كان من شأنه أن يساعد في التصدي للضربات الإسرائيلية. وفي أعقاب الضربات الإسرائيلية والأميركية، نشرت صحيفة مؤثرة، أسسها ثلاثة رجال دين (من بينهم خامنئي) قبل عقود، افتتاحية لاذعة انتقدت القادة الذين دفعوا إيران نحو علاقات أوثق مع موسكو، في إشارة واضحة إلى خامنئي. كان البعض حتى داخل صفوف الحرس الثوري الإسلامي، الذي يفترض غالباً أنه معقل للتعاطف المؤيد لروسيا، منزعجين لدرجة أنه عندما عرض بوتين التوسط بين إيران والولايات المتحدة، أشارت صحيفة مقربة من الحرس الثوري الإيراني إلى أن الرئيس الروسي كان يحاول في الواقع التوسل بإيران للحصول على صفقة أفضل مع الولايات المتحدة، من خلال دعم القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني مقابل تنازلات أميركية في شأن أوكرانيا. وأصبح المعلقون على مواقع التواصل الاجتماعي الإيرانية يناقشون الآن علناً تاريخ الأطماع الاستعمارية الروسية في إيران في العهدين القيصري والسوفياتي. واكتسبت أصوات أعضاء المعارضة المؤيدين للديمقراطية الذين طالما انتقدوا توطيد العلاقات مع روسيا الاستبدادية صدى جديداً، سواء داخل إيران أو في صفوف الشتات الإيراني. وتغيرت المواقف الإسرائيلية تجاه روسيا أيضاً. لا يبدو أن نتنياهو أو المجتمع الإسرائيلي مهتمان بخدمات الوساطة التي يقدمها بوتين مع إيران. وعندما توترت العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مال نتنياهو نحو موسكو، لكن مع عودة ترمب إلى البيت الأبيض، تراجعت رغبة نتنياهو في الحفاظ على القرب من بوتين وروسيا الضعيفة. وخلف الأبواب المغلقة، يشعر قادة عرب بالرضا والسرور لأن البرنامج النووي الإيراني قد تراجع، ولأن جيش طهران، وبخاصة ترسانته الصاروخية، قد أثبت عجزه التام عن إلحاق أضرار جسيمة بإسرائيل أو بالقاعدة العسكرية الأميركية في قطر. إن عجز بوتين أو لا مبالاته في التأثير في الأحداث في المنطقة، سواءً من طريق الدبلوماسية أو السبل العسكرية، قد تحمل الأمير محمد بن سلمان إلى إعادة النظر في سياسته المدروسة بعناية لاستمالة الولايات المتحدة والصين وروسيا. قبل الضربات الإسرائيلية، كانت السعودية وروسيا قد تصادمتا بالفعل في شأن زيادة إنتاج النفط. وانتصرت الرياض، ومن المقرر أن تزيد "أوبك+" الإنتاج في أغسطس (آب)، مما أسعد واشنطن وأغضب موسكو. "لا يمكن الاعتماد عليَّ" إن قرارات بوتين بعدم مساعدة شركاء روسيا في الشرق الأوسط ينبغي أن توجه أيضاً رسالة إلى القادة في بكين حول قيمة روسيا كحليف في حال نشوب حرب بين الصين والولايات المتحدة في شأن تايوان. إذا كان رفض روسيا دعم النظام الإيراني في أكثر أوقاته حرجاً يدل على شيء فهو أن موسكو لن تقدم مساعدة تذكر لبكين في وقت أزمتها. وعلى نحو مماثل، يشير تخلي موسكو عن نظام الأسد إلى أن القوات المسلحة الروسية لن تخوض حرباً ضد الولايات المتحدة. وفي حال نشوب صراع في آسيا، سيقتصر دعم بوتين على مواصلة إمداد الصين بالنفط والغاز. وكما صرح وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال اجتماع مع القادة الأوروبيين، ستظل روسيا قيمة بالنسبة إلى الصين طالما أنها مستمرة في القتال في أوكرانيا، مما يحول موارد الولايات المتحدة واهتمامها بعيداً من آسيا. ولكن لا يمكن التعويل عليها في أي أمر آخر. وحري بإدارة ترمب أن تستخلص النتيجة نفسها. ففي الأشهر الأولى للإدارة، جادل بعض المحللين بأن الولايات المتحدة في حاجة إلى إبعاد روسيا عن الصين للمساعدة في احتواء بكين، وهي "صيغة عكسية لسياسة كيسنجر" [سياسة كيسنجر الأساسية قضت بالتقارب مع الصين لفصلها عن الاتحاد السوفياتي، أما الصيغة العكسية فهي التقارب مع روسيا لفصلها عن الصين]. كانت مثل هذه الخطوة لتشكل خطأً فادحاً آنذاك، وستكون خطأ أكبر اليوم. لقد أظهر بوتين أن روسيا غير جديرة بالثقة حتى بالنسبة إلى الأنظمة الديكتاتورية التي تربطها علاقات طويلة الأمد بموسكو. وستكون شريكاً أقل فاعلية لواشنطن في مواجهة الصين. فبوتين سيوفر للولايات المتحدة والعالم الديمقراطي الموارد نفسها التي قدمها للحكم الديني [الثيوقراطي] في طهران: لا شيء يذكر. لذا، أياً كان النهج الذي سيقرر ترمب اتباعه في النهاية مع بوتين، حري به أن يتخلى عن هدف محاولة إبعاد موسكو عن بكين. كان النجاح الأولي لاستراتيجية موسكو في الشرق الأوسط يوحي بأن روسيا قد تكون شريكاً جيوسياسياً قيماً، بيد أن فشل هذه الاستراتيجية التام في نهاية المطاف يجب أن يثني ترمب وآخرين عن التودد إلى مهندسها. *مايكل ماكفول هو مدير "معهد فريمان سبوغلي للدراسات الدولية" والمتخصص في مجال العلوم السياسية وزميل في "معهد هوفر" في جامعة ستانفورد. شغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى روسيا من عام 2012 إلى عام 2014. وهو مؤلف كتاب سيصدر قريباً بعنوان "المستبدون ضد الديمقراطيين: الصين، روسيا، أميركا، والفوضى العالمية الجديدة" **عباس ميلاني هو مدير برنامج حميد وكريستينا مقدم لقسم الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد، وزميل باحث في "معهد هوفر". وهو مؤلف كتاب "سيمرغ: صور في ذهني". مترجم من فورين أفيرز، 25 يوليو (تموز) 2025