
هل كان عمر بن سعد ليتجنّب الحرب لو لم يستخدم عبيد الله بن زياد ورقة الشمر؟
عندما وصل مسلم بن عقيل إلى الكوفة من أجل أن يرى موقف أهلها من نصرة الإمام الحسين، لم يكن عمر بن سعد من الذين بايعوه وأرسلوا الكتب إلى الإمام، على شاكلة شبث بن ربعي وحجار ابن أبجر. بل على العكس تمامًا، كان ابن سعد في طليعة من كاتبوا يزيد بن معاوية، وأطلعوه على أحوال الكوفة والمسار الذي تتجه إليه الأمور مع حركة مسلم بن عقيل فيها¹… وعلى ضوء هذه الكتب التي وصلته، ومنها كتاب عمر بن سعد، قام يزيد بن معاوية بعزل النعمان بن البشير من إمارة الكوفة، واستبدله بعبيد الله بن زياد، الذي قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة، وهدّد بقتل أي انسان يثبت اتصاله بالحسين بن علي، عبر بث إشاعة هجوم جيش الشام²…
وكان من الأمر ما هو معروف من لقاء الحسين بالحر وفشل المفاوضات من أجل نزول الحسين على طاعة يزيد، إلى أن قرّر ابن زياد أن ينتدب قائدًا لقتال الحسين… فوقع خياره على عمر بن سعد الذي كان قد سبق وأن عُيّن قائدًا للجيش الذي سيخرج لقتال الديلم في دستبى. وقد كانت مكافأة عمر بن سعد هي حصوله على ملك الري، إن استطاع أن يهزم الديلم. ثم تأجّلت حرب الديلم لانشغال السلطة بأمر الحسين بن علي³.
حضر عمر بن سعد بين يدي عبيد الله بن زياد، فأمره الأخير بالخروج على رأس الجيش لمقاتلة الحسين، فطلب منه عمر أن يختار شخصًا آخر لهذا الأمر، فاشترط عليه ابن زياد أن يتنازل عن ملك الري إن أراد أن يتنحّى عن قتال الحسين، عندها طلب ابن سعد مهلة ليُفكّر في الأمر…فلم يكن ابن سعد يستشير أحدًا إلا ونهاه عن ذلك الأمر الفظيع، ولمّا عاد إلى ابن زياد ليطلب منه أن يعفيه من تلك المهمة، على أن يساعده عمر في اختيار قائد الجيش، سخر منه عبيد الله، وكرّر له شرطه الوحيد لكي يمنحه ملك الري… عندها عجز عمر بن سعد عن مقاومة هذا العرض فوافق على قتال الإمام⁴.
وعندما وصل جيش عمر بن سعد إلى كربلاء، جرى لقاء بينه وبين الحسين، فسأله الحسين عن السبب الذي جعله يقود الجيش الذي يريد قتاله، فقال ابن سعد بأنه يخشى أن تُهدم داره وقريته ويقتل أولاده… فأكّد له الحسين بأنه يضمن له سلامة أولاده وبناء دار أخرى له، ولكن ملك الري كان يسير في عروق ابن سعد سريان الدم⁵… وروى عقبة بن سمعان بأن الحسين اختتم لقاءه مع ابن سعد واضعًا إيّاه أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يسمحوا له بالرجوع إلى المدينة، أو أن يمضي إلى إحدى ثغور المسلمين… فوافق عمر بن سعد على ذلك وطلب من أبي عبد الله أن يُمهله حتى يكتب إلى عبيد الله بن زياد ويرى رأيه في ذلك⁶…
هنا بإمكاننا أن نقول بأن هذه محاولة أخرى من عمر بن سعد لتجنب الحرب مع الحسين بن علي، ولكن لحد الآن لم يُبدِ أي استعداد لنصرة الإمام، وكانت كل محاولة منه للعدول عن هذا الأمر ترتطم بحلم ولاية الري…
لمّا وصل كتاب ابن سعد إلى عبيد الله بن زياد، أبدى الأخير استعداده لقبول عرض الإمام الحسين، وهمَّ بأن يوافق على إحدى الخصال التي عرضها أبو عبد الله، عندها تدخّل الشمر بن ذي الجوشن، فحذّر ابن زياد من أن يترك الحسين يمضي حيث يريد، مؤكّداً له على خطورة أن يذهب الإمام حرًّا طليقًا… ثم أشار إليه الشمر بأنه على استعداد لقيادة الجيش إن كان ابن سعد رافضًا للقتال… فوافق ابن زياد على ذلك وكتب مع الشمر إلى ابن سعد، بأن يُعجّل بقتال الحسين إن رفض بيعة يزيد، أو أن يُخلّي بين الشمر وبين العسكر⁷. وعندما وصل الشمر إلى كربلاء، واطّلع عمر بن سعد على أمره، عاد شبح ملك الري ليظهر أمامه، فرفض تسليم الجيش إلى الشمر، وأعرب عن استعداده لقتال الحسين⁸… وكان عمر بن سعد أول من سدّد سهمًا في تلك المعركة⁹…
يمكن لنا أن نستنتج في نهاية المطاف بأن عمر بن سعد كان متعلّقًا بالدنيا بشكل كبير، وعلى الرغم من أنه حاول أن يتجنّب جريمة مقاتلة الحسين، إلا أنه لم يقف في صفه، بعد أن باع الآخرة بملك الري… وعلى الرغم من أن الإمام قد أكد له بأنه لن يذوق من ثمار الري حبة واحدة¹⁰… إلا أنه أبى… هذا بالإضافة إلى عدم نصرته لمسلم بن عقيل، وإرساله كتابًا إلى يزيد… من الممكن أن يكون ابن سعد غير متعطش لدماء الحسين مثل الشمر وعبيد الله، ولكن تعلّقه بالدنيا سوّغ له الاشتراك بجريمة قتل ابن بنت رسول الله وعائلته.
الهوامش:1) الكامل في التاريخ -الجزء الثالث -ص 3782) اللهوف على قتلى الطفوف-ص 343) مقتل أبي مخنف ـ ص 944) مقتل الخوارزمي ـ الجزء الاول -ص3405) مقتل الخوارزمي ـ الجزء الاول ـ ص 3486) الكامل في التاريخ -الجزء الثالث -ص 4137) تاريخ الطبري -الجزء الخامس -ص 4148)الكامل في التاريخ -الجزء الثالث -ص 4159) كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي-تحقيق علي شيري-الجزء الخامس ص 100
10)مدينة المعاجز-الجزء الثالث -ص 482
المصدر: موقع المنار

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المنار
منذ ساعة واحدة
- المنار
الشيخ القطان يزور السفارة الإيرانية مهنئًا بالانتصار على العدوان الإسرائيلي
زار رئيس جمعية 'قولنا والعمل' الشيخ الدكتور أحمد القطان، على رأس وفد من الجمعية ضمّ علماء دين وأعضاء من المجلس المركزي، سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، حيث كان في استقبالهم السفير الإيراني في بيروت، الدكتور مجتبى أماني. وتهدف الزيارة إلى تقديم التهنئة للجمهورية الإسلامية الإيرانية على ما اعتبره الوفد 'انتصارًا حققته خلال العدوان الإسرائيلي الأخير'، مؤكدًا أن طهران أثبتت من خلاله قدرتها على توجيه 'هزيمة نكراء' للكيان الإسرائيلي. كما جرى خلال اللقاء التباحث في عدد من الملفات التي تكرّس الوحدة الإسلامية، والتأكيد على دعم خيار المقاومة في مواجهة ما وصفوه بـ'الهمجية الصهيو-أميركية'. وبعد اللقاء، صرّح الدكتور القطان قائلاً 'تشرفنا في جمعية 'قولنا والعمل' بزيارة سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت، والتقينا سعادة السفير الدكتور مجتبى أماني في هذا المقر المبارك. وأكدنا مع سعادته أن ما قامت به الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو انتصار للأمة جمعاء'. وأضاف 'انتصرت إيران على العدو الصهيوني – الصهيو-أميركي، وهذا الانتصار ليس لإيران وحدها، بل هو انتصار لكل الأحرار في العالم. ونحن كمسلمين من أهل السنة والجماعة نعتبر أن كل من يطلق رصاصة أو صاروخًا على هذا الكيان المؤقت، يمثّل ما نؤمن به وما نعتقده، فكيف بإيران الإسلام التي تدعم حركات المقاومة، لا سيما في فلسطين، غزة، لبنان، واليمن السعيد، وكل مكان فيه مقاومة؟' وتابع القطان 'نحيّي الجمهورية الإسلامية الإيرانية على مواقفها الثابتة في دعم المستضعفين والمظلومين، خصوصًا في فلسطين ولبنان، ونؤيد هذا النهج في الدفاع عن أهلنا في كل مكان توجد فيه حركات مقاومة. نحن في لبنان، لطالما كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى جانب بلدنا ومقاومتنا وشعبنا. ونسأل الله أن يوحّد الأمة لتكون على قلب رجل واحد في مواجهة العدو الصهيو-أميركي، الذي يهدد كل الدول العربية والإسلامية، وليس فقط إيران أو فلسطين أو لبنان أو اليمن. أطماعه تشمل كامل العالم العربي والإسلامي، ومن واجبنا جميعًا الوقوف في وجهه'. من جهته، رحّب السفير الإيراني الدكتور مجتبى أماني بالشيخ القطان والوفد المرافق، وقال 'تشرفنا اليوم بحضور سماحة الشيخ القطان والوفد الكريم، وتأتي زيارتهم في إطار سلسلة من اللقاءات تستقبل فيها السفارة وفودًا لبنانية جاءت للتبريك بالانتصار الذي حققته الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على إيران'. وأضاف 'هذا التضامن الشعبي من مختلف أطياف ومذاهب الشعب اللبناني مع الجمهورية الإسلامية في نضالها ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني، يُحفّزنا أكثر على المضي قدمًا في هذا الخط المبارك. فالجمهورية الإسلامية الإيرانية تقف دائمًا إلى جانب جبهة الحق في مواجهة جبهة الباطل، ونتائج هذا الصراع ستكون عظيمة في محو الظلم والظالمين من عالمنا الإسلامي، لا سيما أولئك الذين يقتلون النساء والأطفال في غزة، إيران، لبنان، وسواها من المناطق التي يسعون للسيطرة على أرضها وثرواتها'. وختم السفير أماني بتجديد شكره للشيخ القطان والوفد المرافق على زيارتهم وتضامنهم. المصدر: موقع المنار


المنار
منذ ساعة واحدة
- المنار
الشيخ القطان يزور السفارة الإيرانية مهنئًا بالانتصار على العدوان الإسرائيلي
زار رئيس جمعية 'قولنا والعمل' الشيخ الدكتور أحمد القطان، على رأس وفد من الجمعية ضمّ علماء دين وأعضاء من المجلس المركزي، سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، حيث كان في استقبالهم السفير الإيراني في بيروت، الدكتور مجتبى أماني. وتهدف الزيارة إلى تقديم التهنئة للجمهورية الإسلامية الإيرانية على ما اعتبره الوفد 'انتصارًا حققته خلال العدوان الإسرائيلي الأخير'، مؤكدًا أن طهران أثبتت من خلاله قدرتها على توجيه 'هزيمة نكراء' للكيان الإسرائيلي. كما جرى خلال اللقاء التباحث في عدد من الملفات التي تكرّس الوحدة الإسلامية، والتأكيد على دعم خيار المقاومة في مواجهة ما وصفوه بـ'الهمجية الصهيو-أميركية'. وبعد اللقاء، صرّح الدكتور القطان قائلاً 'تشرفنا في جمعية 'قولنا والعمل' بزيارة سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت، والتقينا سعادة السفير الدكتور مجتبى أماني في هذا المقر المبارك. وأكدنا مع سعادته أن ما قامت به الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو انتصار للأمة جمعاء'. وأضاف 'انتصرت إيران على العدو الصهيوني – الصهيو-أميركي، وهذا الانتصار ليس لإيران وحدها، بل هو انتصار لكل الأحرار في العالم. ونحن كمسلمين من أهل السنة والجماعة نعتبر أن كل من يطلق رصاصة أو صاروخًا على هذا الكيان المؤقت، يمثّل ما نؤمن به وما نعتقده، فكيف بإيران الإسلام التي تدعم حركات المقاومة، لا سيما في فلسطين، غزة، لبنان، واليمن السعيد، وكل مكان فيه مقاومة؟' وتابع القطان 'نحيّي الجمهورية الإسلامية الإيرانية على مواقفها الثابتة في دعم المستضعفين والمظلومين، خصوصًا في فلسطين ولبنان، ونؤيد هذا النهج في الدفاع عن أهلنا في كل مكان توجد فيه حركات مقاومة. نحن في لبنان، لطالما كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى جانب بلدنا ومقاومتنا وشعبنا. ونسأل الله أن يوحّد الأمة لتكون على قلب رجل واحد في مواجهة العدو الصهيو-أميركي، الذي يهدد كل الدول العربية والإسلامية، وليس فقط إيران أو فلسطين أو لبنان أو اليمن. أطماعه تشمل كامل العالم العربي والإسلامي، ومن واجبنا جميعًا الوقوف في وجهه'. من جهته، رحّب السفير الإيراني الدكتور مجتبى أماني بالشيخ القطان والوفد المرافق، وقال 'تشرفنا اليوم بحضور سماحة الشيخ القطان والوفد الكريم، وتأتي زيارتهم في إطار سلسلة من اللقاءات تستقبل فيها السفارة وفودًا لبنانية جاءت للتبريك بالانتصار الذي حققته الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على إيران'. وأضاف 'هذا التضامن الشعبي من مختلف أطياف ومذاهب الشعب اللبناني مع الجمهورية الإسلامية في نضالها ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني، يُحفّزنا أكثر على المضي قدمًا في هذا الخط المبارك. فالجمهورية الإسلامية الإيرانية تقف دائمًا إلى جانب جبهة الحق في مواجهة جبهة الباطل، ونتائج هذا الصراع ستكون عظيمة في محو الظلم والظالمين من عالمنا الإسلامي، لا سيما أولئك الذين يقتلون النساء والأطفال في غزة، إيران، لبنان، وسواها من المناطق التي يسعون للسيطرة على أرضها وثرواتها'. وختم السفير أماني بتجديد شكره للشيخ القطان والوفد المرافق على زيارتهم وتضامنهم. المصدر: موقع المنار


ليبانون 24
منذ 2 ساعات
- ليبانون 24
إثر اقتراب حرائق الساحل من الحدود.. سوريا تغلق معبرا مع تركيا
أعلنت سوريا ، السبت، إغلاق معبر كسب مع تركيا مؤقتا بسبب الحرائق المندلعة في جبال الساحل واقترابها من المنطقة الحدودية. وقال مدير العلاقات العامة بالهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السوري، مازن علوش ، في تدوينة على صفحته بمنصة "إكس"، السبت: " تنويه لأهلنا المسافرين عبر معبر كسب الحدودي، نُحيطكم علماً أنه تم إغلاق معبر كسب من الجانب التركي مؤقتاً بسبب الحرائق المندلعة في جبال الساحل واقترابها من المنطقة الحدودية". وأضاف علوش: "نرجو منكم تفهّم هذا الإجراء الطارئ، ونسأل الله السلامة لأهلنا في ريف اللاذقية ، وأن يُطفئ الحرائق، ويرفع الضرر عن الجميع". وتعمل فرق الإطفاء والدفاع المدني السوري على 3 محاور أساسية لمواجهة انتشار النار في غابات ريف اللاذقية الشمالي ، وهي برج زاهية وغابات الفرنلق، ومنطقة نبع المر قرب مدينة كسب، وهي المحاور الأصعب في العمل بسبب كثافة الغابات ووعورة التضاريس والانتشار الكبير للألغام ومخلفات الحرب. وكشف الدفاع المدني، في منشور على صفحته بموقع " فيسبوك"، عن "صعوبات كبيرة على الأرض في مواجهة حرائق غابات اللاذقية بسبب شدة الرياح التي أدت لتجدد اشتعال النيران، وانتقال شرر النار لمسافات بعيدة تتجاوز خطوط القطع الناري، فضلا عن وجود ألغام وتضاريس المنطقة شديدة الوعورة".