
كيف منح تشيلسي كأس العالم للأندية مذاقا بإغراق سان جيرمان في النهائي؟
باريس سان جيرمان، الفريق الذي استندت نجاحاته الأخيرة إلى فلسفة جماعية، جرى تفكيكه على يد لاعب واحد هو كول بالمر، الذي مر بستة أشهر صعبة، ثم قدم تذكيراً صادماً بموهبته ليقود "البلوز" نحو الخلود.
سجل بالمر هدفين وصنع الثالث ليصبح لقب "البارد" هو العنوان الذي اختزل بطولة اقترنت بالحرارة.
لقد كانت بطولة كأس العالم للأندية محاطة بالجدل والانتقادات منذ بدايتها. فكثر يرونها إضافة غير ضرورية إلى جدول كروي مزدحم بالأساس، مع تصدر رئيس الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) جياني إنفانتينو المشهد، في مسعى لتحقيق مكاسب سياسية شخصية كما يبدو. وقد رأى الناس من خلال هذا البذخ الزائف الذي يسوقه (فيفا).
ووصفت رابطة لاعبي كرة القدم العالمية (فيفبرو) أمس الأحد إنفانتينو بأنه "الرجل الذي يظن نفسه إلهاً"، بعدما تجاهل اجتماعاً وصفته الرابطة بـ"المفصلي" في شأن رفاهية اللاعبين، واتهمت الهيئة المنظمة بمحاولة "إسكات" الأبطال الحقيقيين لكرة القدم.
لكن مع اقتراب صافرة البداية في ملعب "ميت لايف"، وبينما امتلأت المدرجات بصورة نادرة الحدوث في هذه البطولة، قام (فيفا) بمحاولة أخيرة لإظهار ما يعتبره "نجاحاً" لكأس العالم للأندية من خلال الاستعراض والبهرجة.
قدم روبي ويليامز استعراضاً غنائياً قبل أن تطلق كمية هائلة من الألعاب النارية الصفراء في الأجواء المحيطة، وتلا ذلك أداء حماسي للنشيد الوطني الأميركي "الراية المرصعة بالنجوم"، ثم العرض الجوي العسكري التقليدي، بينما انضم دونالد ترمب إلى إنفانتينو في المقصورة الرئاسية في الذكرى السنوية الأولى لمحاولة اغتياله. وقد فسر ذلك الوجود الأمني الكثيف في إيست راذرفورد، وبخاصة عناصر الخدمة السرية.
لو خرج أبطال أوروبا باريس سان جيرمان من النهائي متوجين باللقب، كما توقع كثر لفريق يعد الأفضل في العالم فعلاً، لما كانت كرة القدم هي الموضوع الرئيس للنقاش، فقد كان انتصارهم ليؤكد فقط ما كنا نظنه مسبقاً، وهو أن هذا العملاق الباريسي، الذي صاغه لويس إنريكي، أصبح لا يقهر، لكن تشيلسي سعى لإعادة كتابة النص، وتحويل الأنظار من السياسة إلى كرة القدم من جديد، وقال قائد الفريق رييس جيمس "قد يبدو الأمر مستحيلاً لكم، لكنه ليس كذلك بالنسبة إلينا".
لم يكن أحد يعلم حقاً كيف سيخوض فريق إنزو ماريسكا هذه المواجهة، فربما كانوا سيتراجعون إلى الخلف ويعتمدون على المرتدات لمباغتة باريس، إذ لا يمكنهم بالتأكيد مجاراة العملاق الفرنسي في لعبته الخاصة، أليس كذلك؟ فكر مجدداً.
بدأ تشيلسي المباراة بنية واضحة، حيث كان لاعبوه يضغطون على باريس سان جيرمان، ويذيقونه من الكأس نفسها، بفرض ضغط مبكر كثيف، وقال ماريسكا: "في الدقائق الـ10 الأولى، كان الفريق موجوداً ليظهر أننا جئنا لنفوز بالمباراة"، وأضاف "تلك البداية رسمت ملامح اللقاء".
بالمر يقود تشيلسي لإسقاط باريس وتغيير قواعد اللعبة
اعتقد الجميع في الملعب أن الفريق اللندني، الذي دخل اللقاء كطرف أقل حظاً، قد خطف هدف التقدم المفاجئ، عندما انقض كول بالمر على تمريرة بكعب القدم رائعة من جواو بيدرو، وسدد كرة مقوسة نحو الزاوية العليا، لتبدو وكأنها دخلت الشباك، لكن تسديدته مرت بجوار القائم وارتطمت بالدعامة الخلفية للمرمى، مما خلق وهماً بصرياً بأنها هدف.
كانت فرصة ضائعة لا تليق بمستوى بالمر، لكنه لم يكرر الخطأ عندما سنحت له الفرصة مرة أخرى. بعد تمريرة محسوبة من مالو غوستو، تريث بالمر خارج منطقة الجزاء وسدد كرة أرضية نحو الزاوية اليسرى السفلى، متجاوزاً ذراعين طويلتين لجيانلويجي دوناروما، ليسجل هدف التقدم الثمين لتشيلسي في الدقيقة الـ22.
تهيأنا لما بدا رد فعل لا مفر منه من باريس سان جيرمان. ذلك الرد الذي كنا نتوقع أن يسحق فيه الباريسيون تشيلسي، عقاباً لهم حتى على مجرد تجرؤهم على تهديد هيمنتهم، لكن هذا الرد لم يأتِ.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بل على العكس ضاعف تشيلسي النتيجة بعد ثماني دقائق فقط، حيث كرر بالمر اللمسة النهائية نفسها، بمراوغة جميلة خدع بها الدفاع، بعدما جذب جواو بيدرو نظيره جواو نيفيز بعيداً من منطقة الخطر بانطلاقة تمويهية حاسمة. وكان البرازيلي قد أثبت طوال الشوط الأول أن هدفيه اللافتين في فلومينينسي لم يكونا مجرد ضربة حظ عابرة، وكان يستحق التقدير على دوره الخفي في مضاعفة التقدم.
لكن لم يكن هناك أي شيء خفي في مساهمته بالهدف الثالث، فعندما اقترب الشوط الأول من نهايته، تعاون مجدداً مع بالمر، الذي مرر له كرة اخترقت الدفاع الباريسي، فانطلق بيدرو خلف الخطوط وسدد كرة ساقطة فوق دوناروما، ليمنح تشيلسي أفضلية بدت فجأة وكأنها لا يمكن تعويضها، حتى لفريق بحجم باريس سان جيرمان. ما لم تحدث انتكاسة مذهلة، فقد أصبح تشيلسي على أعتاب التتويج أبطالاً للعالم.
باريس ينهار تحت ضغط المفاجأة... و"فيفا" يستعرض
لقد كانت حيوية باريس سان جيرمان الشابة هي جوهر نجاحهم خلال الأشهر الثمانية الماضية، بعدما حققوا أخيراً حلمهم المقدس بالتتويج بدوري أبطال أوروبا. ففي ميونيخ، بدوا غير متأثرين بالضغط، وقدموا أداءً نموذجياً ليسجلوا أكبر انتصار في تاريخ نهائيات البطولة الأوروبية، لكن في هذه المباراة، وللمرة الأولى، بدأت قلة خبرة لاعبي إنريكي الحاسمين تنكشف.
كان ينبغي على ديزيري دوي، البالغ من العمر 20 سنة، أن يمنح باريس سان جيرمان هدف التقدم في الشوط الأول، قبل أن تتاح الفرصة لكول بالمر لتوجيه ضربته. فقد قدم له خفيتشا كفاراتسخيليا تمريرة أرضية مثالية، لكنه – وبصورة محيرة – اختار تمرير الكرة مجدداً إلى أشرف حكيمي على بعد خطوات من المرمى، بدلاً من تسديدها بسهولة في شباك روبرت سانشيز. كانت تلك فرصة محققة ضائعة بصورة فاضحة، لا شك أنها غيرت مجرى المباراة – وربما التاريخ – مع بداية تآكل صورة باريس كقوة لا تقهر.
عرض استراحة بين الشوطين، بطابع أميركي مبالغ فيه، شارك فيه كريس مارتن من فرقة كولدبلاي ودوجا كات، ربما بث بعض الحماس في نفوس لاعبي باريس اليائسين، الذين دخلوا الشوط الثاني بعزيمة على العودة. وبدا أنهم على وشك تقليص الفارق حينما تلقى عثمان ديمبيلي، صاحب الـ35 هدفاً هذا الموسم، الكرة على حافة منطقة الست ياردات، لكنه قوبل بتصدٍّ حاسم من روبرت سانشيز، الحارس الذي كثيراً ما تعرض للنقد، حيث مد ذراعه بطريقة مذهلة ليحول تسديدة الفرنسي إلى ركنية.
كان تدخل حارس المرمى الإسباني لحظة حاسمة حالت دون عودة محتملة كانت شبه مؤكدة لباريس سان جيرمان.
وواصل الفريق الباريسي محاولاته للعودة إلى أجواء اللقاء، لكن تشيلسي بدأ يلعب بأسلوب يستهدف الإرباك والإحباط. وكان سيد هذه اللعبة النفسية هو مارك كوكوريا، الذي بعدما تعرض لتدخل عنيف داخل منطقته، بقي على الأرض مطولاً مستغلاً الموقف، مقاوماً محاولات جواو نيفيس الهستيرية لرفعه، مثقلاً جسده عمداً كما لو كان كيس رمل، لإغضاب لاعب الوسط البرتغالي.
وللحديث عن غضب نيفيس، فقولنا إنه كان "منزعجاً" لا يوفي الموقف حقه. ومع بقاء خمس دقائق على نهاية المباراة، حاول أن ينتقم بصورة متهورة، فشد خصلات شعر كوكوريا المجعد الشهيرة، في لحظة انفعال غير محسوبة. لكن في عالم يتحكم فيه نظام حكم الفيديو المساعد، لم يكن لهذا السلوك إلا نهاية واحدة، إذ لم يتردد الحكم في إشهار البطاقة الحمراء، ليترك باريس في موقف عددي أسوأ مع اقتراب النهاية.
النهاية الفوضوية تؤكد أهمية اللقب
أما في لحظة صافرة النهاية، فقد تلاشت كل النقاشات في شأن جدية اللاعبين تجاه البطولة، حين اندلعت مشاهد فوضوية بين لاعبي الفريقين.
لم يعد نادي العاصمة الفرنسية فوق المساءلة، إذ فقد كل من لويس إنريكي ودوناروما أعصابهما مع اندلاع شجار، كان جواو بيدرو العدو المشترك فيه، حيث تلقى صفعة بعد المباراة من المدرب الإسباني. وعلق البرازيلي قائلاً "الجميع يريد الفوز، وفي النهاية أظن أنهم فقدوا أعصابهم". ربما كانت نهاية مرة لبطولة واجهت عديداً من المشكلات، لكنها أثبتت شيئاً واحداً في الأقل: أن اللاعبين والمدربين يهتمون حقاً بكأس العالم للأندية.
ومع اندفاع لاعبي تشيلسي للاحتفال أمام بحرهم الأزرق من الجماهير، بعدما تم تفريقهم أخيراً عن الاشتباك مع الفرنسيين، بدا ما حققوه وكأنه زلزال كروي. ليس فقط بسبب أهمية المناسبة، بل أيضاً نظراً إلى هوية الخصم وطبيعة الانتصار. وقال رييس جيمس "الفوز بهذه الكأس أمام خصم بهذا المستوى يرسل رسالة قوية"، وأضاف "أنا سعيد بما وصل إليه النادي من تطور".
هل هذه هي ذروة مشروع إعادة بناء تشيلسي؟ هم يأملون ألا تكون كذلك. فعلى رغم المكانة الفخمة التي يمنحها لقب "أبطال العالم"، والشارة الذهبية التي ستمثل هذا اللقب لأربع سنوات مقبلة، لا يزال أمامهم أهداف أكبر، بل إن هذا يعد خطوة عملاق إلى الأمام في مسيرة تشيلسي بقيادة ماريسكا، الذي يسعى لإثبات أن فريقه وفلسفته التكتيكية يستحقان الوجود بين الكبار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوئام
منذ 18 دقائق
- الوئام
الهلال يحسم مستقبل روبن نيفيز
كشفت صحيفة عكاظ أن إدارة نادي الهلال تدرس تمديد عقد النجم البرتغالي روبن نيفيز بتوصية من المدرب الإيطالي إنزاغي، وسيتم التفاوض معه على كافة التفاصيل المتعلقة بتمديد عقده مع النادي في غضون الأيام القادمة، إذ ينتهي عقده الحالي صيف 2026، وتهدف إدارة النادي للمحافظة على مكتسبات الفريق الكروي الفنية، إذ يعتبر اللاعب إحدى الركائز الأساسية في خارطة الزعيم. وتألق نيفيز مع الزعيم في الموسمين الماضيين، وساهم مع زملائه في تحقيق أربع بطولات مع الفريق الهلالي (كأس السوبر مرتين، ودوري روشن السعودي للمحترفين، وكأس الملك)، إلى جانب تألقه اللافت في بطولة كأس العالم للأندية 2025 بأمريكا.


صدى الالكترونية
منذ 28 دقائق
- صدى الالكترونية
تراجع ديمبلي في سباق جائزة الكرة الذهبية 2025
تلقي النجم الفرنسي عثمان ديمبلي ضربة قاسية في مشواره نحو التتويج بجائزة الكرة الذهبية لعام 2025، التي تُمنح سنوياً من قبل مجلة فرانس فوتبول لأفضل لاعب في العالم. وجاء هذا التراجع عقب خسارة فريقه باريس سان جيرمان في نهائي كأس العالم للأندية 2025 أمام تشيلسي الإنجليزي بنتيجة 0-3، في المباراة التي أقيمت الأحد الماضي. وأثّرت هذه الخسارة بشكل واضح على ترتيب ديمبلي في سباق الجائزة، خاصة بعد الأداء الجماعي غير المقنع للفريق الفرنسي في البطولة. وبحسب تقرير نشرته صحيفة لوباريزيان الفرنسية المقربة من النادي الباريسي، فقد ديمبلي عدداً من النقاط في التصنيف المتوقع للكرة الذهبية، ليبتعد عن المراكز الأولى التي كان مرشحاً لها حتى شهر يونيو الماضي. ورغم مشاركته في أربع مباريات من أصل سبع في البطولة، وتسجيله هدفين مع تمريرة حاسمة، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتعزيز حظوظه. وفي استطلاع رأي أجرته الصحيفة لاختيار أفضل لاعب في باريس سان جيرمان لموسم 2024-2025، لم يأتِ اسم ديمبلي في الصدارة، بل حلّ في مركز متأخر، بينما نال الدولي المغربي أشرف حكيمي لقب اللاعب الأفضل والأكثر تكاملاً في صفوف الفريق الباريسي على مدار الموسم، بحسب تقييم الصحفيين. ويتنافس حالياً على الكرة الذهبية كلّ من عثمان ديمبلي وزميليه أشرف حكيمي وفيتينيا، إلى جانب النجم المصري محمد صلاح، والإنجليزي كول بالمر هداف تشيلسي، الذي عزز من حظوظه بقوة بعد أدائه اللافت في نهائي مونديال الأندية. ومن المقرر أن يقام حفل توزيع جوائز الكرة الذهبية يوم الإثنين 22 سبتمبر 2025، في مسرح شاتليه بالعاصمة الفرنسية باريس، على أن تنطلق فعاليات الحفل في تمام الساعة التاسعة مساءً بتوقيت مكة المكرمة.


الوئام
منذ 2 ساعات
- الوئام
ريال مدريد يحدد موعد إقامة حفل تكريم نجمه
أعلن نادي ريال مدريد الإسباني عن رحيل لوكاس فاسكيز بشكل رسمي عن صفوف الملكي وإقامة حفل تكريم له تقديرا لمشواره مع الفريق. وحدد نادي ريال مدريد يوم 17 يوليو المقبل موعدا لإقامة حفل تكريم للاعب على أن يقام في المدينة الرياضية بحضور فلورنتينو بيريز رئيس الريال. وسبق وقدم فاسكيز مستويات مميزة مع الريال وحصد أكثر من بطولة على الصعيد المحلي والقاري مع النادي الملكي وقدم مستويات مميزة. وودع الريال مؤخرا بطولة كأس العالم للأندية من الدور نصف النهائي أمام فريق باريس سان جيرمان الفرنسي قبل أن يتوج تشيلسي باللقب.