
دراسة حديثة تكشف عن معدل جديد للمشي اليومي، يقلل خطر إصابتك بالأمراض
أصبح حساب الخطوات اليومية هواية شائعة مع أجهزة تتبع اللياقة البدنية
توصلت دراسة واسعة نُشرت في مجلة The Lancet Public Health إلى أن المشي 7 آلاف خطوة يومياً قد يكون كافياً لتعزيز قدراتك العقلية والمساعدة في الحماية من مجموعة متنوعة من الأمراض.
وقد يكون عدد الخطوات هذا هدفاً أكثر واقعية من 10 آلاف خطوة، التي لطالما اعتُبرت معياراً للمشي الصحي الذي ينصح به يومياً.
ووجدت الدراسة أن تقليل عدد الخطوات اليومية لم يُضعف من التأثير الوقائي ضد مشاكل صحية خطيرة، بما في ذلك السرطان والخرف وأمراض القلب.
ويقول الباحثون إن هذه النتائج قد تُشجع المزيد من الناس على تتبع خطواتهم كوسيلة عملية لتحسين صحتهم.
وتقول الدكتورة، ميلودي دينغ، الباحثة الرئيسية في لدراسة: "لدينا هذا التصور بأننا يجب أن نمشي 10 آلاف خطوة يومياً، لكن هذا التصور غير قائم على أدلة علمية".
Getty Images
تركز المبادئ التوجيهية للصحة العامة العالمية عادةً على الوقت الذي يقضيه الشخص في ممارسة التمارين الرياضية، بدلاً من الخطوات
وترجع أصول رقم 10 آلاف خطوة إلى حملة تسويقية في اليابان خلال ستينيات القرن الماضي. قبيل دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو عام 1964، إذ طُرح ورُوّج لنوع جديد من جهاز عداد الخطوات يُسمى "مانبو-كي"، والذي يُترجم إلى "عداد 10 آلاف خطوة".
تقول الدكتور ميلودي دينغ إن هذا الرقم "أُخرج عن سياقه" وأصبح دليلاً إرشادياً غير رسمي، ولا تزال العديد من أجهزة تتبع اللياقة البدنية والتطبيقات توصي به.
وقد حلّلت الدراسة الجديدة بيانات حول صحة ونشاط أكثر من 160 ألف بالغ حول العالم.
ووجدت الدراسة أن المشي حوالي 7 آلاف خطوة يومياً يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب (بنسبة 25 في المئة)، والسرطان (بنسبة 6 في المئة)، والخرف (بنسبة 38 بالمئة) والاكتئاب (بنسبة 22 في المئة).
ومع ذلك، يقول الباحثون إن بعض هذه النتائج تستند إلى عدد قليل من الدراسات، وليس من الواضح مدى دقتها.
وتشير الدراستهم الأخيرة إلى أنه حتى عدد الخطوات المتوسط، 4,000 خطوة يومياً، يرتبط بصحة أفضل مقارنةً بالنشاط المنخفض جداً، نحو 2,000 خطوة يومياَ.
وفي معظم الحالات الصحية، تميل الفوائد إلى الظهور والاستقرار بشكل ملحوظ عند عتبة 7,000 خطوة، لكنَّ المشي لمسافات أطول لا يزال يقدم مزيداً من الفوائد لصحة القلب.
Getty Images
يأمل الباحثون أن تساهم نتائجهم في صياغة إرشادات الصحة العامة المستقبلية.
وحالياً، تُركز معظم الإرشادات الرسمية حول التمارين الرياضية اليومية المُوصى بها على عدد الدقائق المُخصصة لممارسة النشاط بدلاً من عدد الخطوات المتبعة.
فعلى سبيل المثال، تُوصي منظمة الصحة العالمية البالغين بممارسة ما لا يقل عن 150 دقيقة من النشاط الهوائي المعتدل، أو 75 دقيقة من النشاط الهوائي المكثف أسبوعياً.
وتقول الدكتورة ميلودي دينغ، إن هذه النصائح قد يصعب على الناس قياسها، على الرغم من أن الإرشادات الحالية لا تزال تُؤدي غرضاً مهماً.
وتُوضح قائلةً: "هناك أشخاص يسبحون أو يركبون الدراجات أو لديهم إعاقات جسدية لا تسمح لهم بالمشي".
لكنها تقول إنه يُمكن إضافة توصية بشأن عدد الخطوات التي يجب على الناس اتخاذها كـ "إضافة" من شأنها "حث الناس على التفكير في توزيع أنشطتهم البدنية على مدار اليوم".
Getty Images
يقول الخبراء إن هدف الـ 10 آلاف خطوة يعتمد على أدلة قليلة
ويقول الدكتور دانيال بيلي، خبير السلوكيات المستقرة والصحة من جامعة برونيل بلندن، إن الدراسة تدحض "الخرافة" القائلة بضرورة المشي 10 آلاف خطوة يومياً.
ومع أن هذا الهدف مناسب لمن يمارسون نشاطاً بدنياً أكثر، إلا أن الدكتور بيلي يقول إن وضع هدف 5 إلى 7 آلاف خطوة يومياً قد يكون "هدفاً أكثر واقعية وقابلية للتحقيق" للآخرين.
ويتفق د. أندرو سكوت، المحاضر الأول في فسيولوجيا التمارين السريرية بجامعة بورتسموث، مع هذا الطرح، مؤكداً أن "المزيد دائماً أفضل"، ولا ينبغي للأشخاص القلق بشأن الوصول إلى رقم دقيق، خاصة في الأيام التي تقل فيها مستويات النشاط.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عين ليبيا
منذ 15 ساعات
- عين ليبيا
ثورة في علم المياه… تقنية تكشف «الطحالب السامة» قبل أن تلوّث البحيرات
طوّر فريق علمي من جامعة برمنغهام البريطانية تقنية جديدة فائقة الدقة للكشف المبكر عن الطحالب الزرقاء السامة (السيانوباكتيريا) في المياه العذبة، وهو ابتكار يُتوقع أن يُحدث تحولًا كبيرًا في إدارة موارد المياه ومراقبة جودتها، خاصة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة. ووفق دراسة نُشرت حديثاً في دورية الجمعية الأميركية للكيمياء، تعتمد التقنية الجديدة على تكنولوجيا الطيف الكتلي المتقدمة، وتمكّن من رصد الأنواع السامة من الطحالب من خلال تحليل مركّب 'الفيكوسيانين'، وهو الصبغة الزرقاء التي تميز هذه الكائنات المجهرية. وأوضح الفريق أن الطحالب الزرقاء تلعب دورًا بيئيًا مهمًا، لكنها تُنتج أحيانًا 'السيانو توكسينات'، وهي سموم قد تُسبب أضرارًا للكائنات المائية والإنسان، منها تلف الكبد وأعراض عصبية خطيرة. وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن بعض البحيرات تسجل مستويات مرتفعة من هذه السموم تفوق الحدود الآمنة لمياه الشرب. وتُمكّن الطريقة الجديدة من التمييز بين الأنواع السامة وغير السامة للطحالب في وقت قياسي، من خلال رصد اختلافات دقيقة في بنية مركّب الفيكوسيانين باستخدام أدوات طيفية وحسابية متطورة، دون الحاجة إلى مجهر أو تسلسل جيني، وهي وسائل تقليدية تستغرق وقتًا أطول وتفتقر للدقة أحيانًا. وقال الدكتور 'جاسبريت ساوند'، المؤلف الأول للدراسة، إن المنهج الجديد سريع وحساس للغاية، ويسمح بتتبع كيفية انتشار الأنواع السامة في البحيرات قبل أن تهيمن عليها. وأضاف البروفيسور 'تيم أوفرتون'، أستاذ التكنولوجيا الحيوية الميكروبية بكلية الهندسة الكيميائية بجامعة برمنغهام، أن التقنية تمثل تقدماً كبيرًا، وستساعد في حماية النظم البيئية وتحسين جودة المياه الصالحة للاستخدام البشري. وشملت الدراسة تحليلاً لعينات من بحيرات مختلفة في المملكة المتحدة، حيث لاحظ الباحثون تفاوت محتوى الطحالب الزرقاء من بحيرة لأخرى، ما يفتح المجال لرسم خرائط طيفية دقيقة لتركيبة كل بحيرة ومخاطرها. ومن المتوقع أن تُستخدم التقنية مستقبلاً في المرافق الحكومية، وشركات معالجة المياه، ومراكز الأبحاث البيئية، مع إمكانية تطوير أجهزة محمولة لتقييم جودة المياه ميدانياً خلال دقائق. ويساهم هذا الابتكار في دعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، خصوصًا الهدف السادس المتعلق بـ'المياه النظيفة والصرف الصحي'، والهدف الثالث بشأن 'الصحة الجيدة والرفاه'.


الوسط
منذ 21 ساعات
- الوسط
متى يتحول الالتهاب من وسيلة دفاع إلى خطر صحي؟
Getty Images "ثلاث علامات تشير إلى أنك تعاني من الالتهاب المزمن"..."10 أطعمة مضادة للالتهاب"..."أفضل مكملات غذائية لمقاومة الالتهاب"..."الالتهاب هو أصل كل الأمراض"... هذه أمثلة على عناوين مقالات ومقاطع فيديو في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي انتشرت بشكل متزايد خلال الأعوام القليلة الماضية مع تصاعد الاهتمام بالالتهاب، رغم أنه ليس مفهوماً جديداً على الإطلاق في مجال الطب. فما المقصود بالالتهاب؟ وهل هو بالفعل بهذه الخطورة؟ الالتهاب الحاد مقابل الالتهاب المزمن يوصف الالتهاب بأنه رد فعل الجهاز المناعي عندما يتعرض الجسم لإصابة أو لعدوى فيروسية أو بكتيرية. فعندما تجرح يدك ويصاب الجرح بالعدوى البكتيرية مثلاً، أو عندما ترتطم ركبتك بمنضدة، فإن الجزء المتأثر يصبح مؤلماً وساخناً عند لمسه ويحمر لونه، وقد يتورم أيضاً. يقول البروفيسور لوك أونيل مدير مجموعة أبحاث الالتهاب بكلية الكيمياء الحيوية وعلم المناعة بجامعة ترينيتي دَبلين بأيرلندا إن "هذه الأشياء تحدث لأن النسيج المصاب بالعدوى أو بجرح يفرز ما يسمى وسائط الالتهاب، والتي تزيد من تدفق الدم إلى المنطقة المتأثرة، ولهذا تصبح ساخنة وحمراء اللون. ثم تغادر كرات الدم البيضاء مجرى الدم وتدخل إلى النسيج المصاب. وأحياناً ما يتسرب سائل البلازما من الوعاء الدموي، وهو ما يسبب التورم. وتبدأ النهايات العصبية في إطلاق إشارات بسبب هذه التغيرات، وهذا هو ما يسبب الألم". الغرض من هذه الآلية هو القضاء على أية عوامل ممرضة تحاول التسلل إلى النسيج المصاب. ثم يتم إصلاح النسيج وتختفي تلك الأعراض وتعود الأمور إلى طبيعتها. وتعمل هذه الآلية بصورة مماثلة عندما نصاب بعدوى مثل الإنفلونزا أو الالتهاب الرئوي. الأمثلة السابقة يطلق عليها مصطلح "الالتهاب الحاد" (acute inflammation)، وهي عملية في غاية الأهمية للدفاع عن الجسم والبدء في التعافي، وبدونها قد تتفاقم الجروح وتصبح العدوى قاتلة. تحدث المشكلة عندما يخرج الالتهاب عن السيطرة، أو يستمر لفترة طويلة، ويواصل الجهاز المناعي ضخ كرات الدم البيضاء وغيرها من المواد الكيميائية لإطالة العملية. الجسم في هذه الحالة يظن أنه معرض للهجوم المستمر، وهو ما يضطر الجهاز المناعي إلى مواصلة المعركة إلى أجل غير مسمى – وهذا ما يطلق عليه "الالتهاب المزمن" (chronic inflammation). Getty Images يزداد تدفق الدم إلى المنطقة المصابة بجرح أو عدوى في الجسم، وتدخل كرات الدم البيضاء إلى النسيج المصاب لكن لماذا يخفق الجهاز المناعي في بعض الأحيان في وقف الالتهاب؟ وما العواقب؟ "هذا سؤال مهم، إجابته هي أننا لا نعرف"، هكذا أخبرني البروفيسور أونيل، مضيفا: "قد يعود السبب جزئياً إلى الجينات الوراثية، بمعنى أن يكون هناك تباين جيني في البروتينات المرتبطة بالالتهاب قد يجعلها مفرطة النشاط، أو في البروتينات المضادة للالتهاب يجعلها لا تؤدي وظيفتها بالشكل الصحيح. وعندما يصبح الالتهاب مزمناً، حينها يصاب الشخص بالأمراض الالتهابية". كيف نفرق بين الالتهاب الحاد والالتهاب المزمن؟ قد يكون عدم زوال الالتهاب بعد تأدية مهمته في الدفاع عن الجسم من سمات الالتهاب المزمن. يقول البروفيسور فيليب كولدر أستاذ علم المناعة الغذائية بجامعة ساوثهامبتون بإنجلترا لـ بي بي سي عربي إن "الالتهاب المزمن الشديد أو "عالي الدرجة" عادة ما يصاحبه ألم وتورم، وأحيانا فقدان في إحدى وظائف الجسم، ومن ثم يدرك الشخص أنه يواجه مشكلة، وقد يحاول التغلب عليها من خلال تناول العقاقير الشائعة المضادة للالتهابات مثل الأسبرين أو الأيبوبورفين وغيرهما من دون استشارة الطبيب"، مضيفا أن الشخص يلجأ إلى الطبيب عندما تكون الأعراض شديدة للغاية، فيصف له الطبيب مضادات التهاب قوية – والتهاب المفاصل مثال على الإصابة بالالتهاب الشديد أو عالي الدرجة. لكن عندما يكون الالتهاب خفيفاً أو "منخفض الدرجة" أحياناً قد لا يدرك الشخص وجوده لعدم تسببه في الألم، "هذا النوع من الالتهاب، الذي قد يستمر لسنوات، يُعتبر ضاراً على المدى البعيد، إذ إنه يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب وتراجع القدرات الإدراكية"، وفق البروفيسور كولدر. هل الالتهاب "سبب كل الأمراض"؟ هناك الكثير من الأبحاث التي تشير إلى وجود ارتباط بين الالتهاب المزمن وعدد من الأمراض، من بينها: مرض القلب النوع الثاني من مرض السكري بعض أنواع السرطان التهاب المفاصل أمراض الأمعاء الالتهابية مثل مرض كرون والتهاب القولون التقرحي أمراض الأيض التدهور الإدراكي فقدان العظام والعضلات المرتبط بالتقدم في العمر الاكتئاب يقول بعض الخبراء الطبيين الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، أو "المؤثرين الطبيين" كما يطلق عليهم، إن الالتهاب هو "سبب كل الأمراض". فهل هذه العبارة صحيحة، أم أنها تنطوي على تبسيط مخل؟ يقول البروفيسور أونيل إن العبارة "ليست غير معقولة، إذ يمكن النظر إلى المرض على أنه اضطراب في الجسم، والجسم يحفز الالتهاب للاستجابة لهذا الاضطراب، لكنه يمكن أن يسهم لاحقاً في تطور المرض. بيد أن هناك ما يمكن وصفه بالأمراض الالتهابية "الكلاسيكية" التي تصاحبها الأعراض الرئيسية للالتهاب مثل الاحمرار والتورم والألم والحرارة. الإصابة بكل هذه الأشياء تعني بالتأكيد وجود التهاب". أما البروفيسور كولدر فيرى أن هذه العبارة من قبيل الخرافات التي يروج لها البعض على وسائل التواصل، ويضيف أنه "لا شك في أن الالتهاب ممكن أن يكون ضاراً، وهو عامل مساهم رئيسي في العديد من الحالات الصحية الشائعة، لكن من غير المرجح أن يكون المساهم الوحيد في اعتلال الصحة". Getty Images حلقة السمنة والالتهاب المفرغة يربط الكثير من الأبحاث والدراسات بين السمنة والالتهاب المزمن. على سبيل المثال، تعريف السمنة وفقاً لدراسة أجراها علماء من جامعة كولونيا الألمانية ونشرت عام 2022 هو أنها "حالة من الالتهاب المزمن منخفض الدرجة يتسبب في العديد من أمراض الأيض". يقول البروفيسور كولدر إن "السمنة هي حالة من تراكم الدهون الزائدة في الجسم، ونطلق على دهون الجسم مصطلح "النسيج الشحمي". وعندما تزداد كمية الدهون في الجسم تصبح ملتهبة. نعرف ذلك من خلال قياس المواد الكيميائية الموجودة في الدم والتي تشير إلى وجود التهاب. وإذا فقد الشخص بعض دهون الجسم، تقل كميات هذه المواد. ولكن عندما تكون أعلى مما ينبغي، فإن أجزاءً أخرى من الجسم، مثل الكبد والبنكرياس والأوعية الدموية، تصبح ملتهبة. وربما يكون هذا هو أحد أسباب أن السمنة تزيد من خطر الإصابة بأمراض الكبد والسكري والقلب". وعادة ما يتم الحديث عن أن العلاقة بين السمنة والالتهاب تشبه الحلقة المفرغة، إذ قد تتسبب زيادة الوزن المفرطة في الالتهاب، والذي بدوره يصعّب من فقدان الوزن ومن ثم يؤدي إلى تفاقم السمنة. يقول كولدر إن "الشخص المصاب بالسمنة ربما يعاني من التهاب في الأنسجة الشحمية، وقد ينتشر هذا الالتهاب فيصيب أنسجة أخرى في الجسم. كما أن الالتهاب من الممكن أن يضعف استجابة الجسم للإنسولين (مقاومة الإنسولين)، وهذا بدوره قد يؤدي إلى الإسهام في تعزيز السمنة. لكن بالعودة إلى نقطة البدء، السمنة هي التي تؤدي إلى الالتهاب وليس العكس. الالتهاب ينخفض إذا فقد الشخص المصاب بالسمنة بعض دهون الجسم". كيف نقلل من الالتهاب؟ تشير المقولة الإنجليزية "you are what you eat" (أنت ما تأكل) إلى الأثر المباشر للطعام الذي نتناوله على صحتنا، وعلاقة النظام الغذائي بالالتهاب ليست استثناءً. ينصح الأطباء دائماً بتفادي الأطعمة فائقة المعالجة أو على الأقل الحد من تناولها، لأنها عادة ما تحتوي على نسب عالية من الملح والسكر والدهون المشبعة والسعرات الحرارية وتفتقر إلى العناصر الغذائية المهمة مثل الألياف والفيتامينات والمعادن. وتضم هذه الأطعمة المشروبات المحلاة ورقائق البطاطا وبعض الوجبات الجاهزة والأيس كريم. وقد ربطت دراسات عديدة بين تلك الأطعمة وبين زيادة خطر الإصابة بحالات مرضية مثل النوع الثاني من مرض السكري والقلب والسمنة. فهل توجد علاقة بين الأطعمة فائقة المعالجة وبين الالتهاب؟ يقول البروفيسور كولدر إن "الدهون المؤكسدة والسكريات المعدلة والدهون المتحولة والمشبعة والسكريات البسيطة من الممكن أن تؤدي إلى تفاقم الالتهاب، أو تهيئ بيئة في الجسم تفضي إلى الالتهاب. الوجبات التي تحتوي على كميات كبيرة من هذه المكونات يرَجح أن تسهم في زيادة الالتهاب في الجسم". انتشر في الفترة الأخيرة مصطلح آخر هو "نظام غذائي مضاد للالتهاب". فهل هناك بالفعل نظام غذائي يمكن أن يحمي الجسم من مخاطر الالتهاب المزمن؟ يرى البروفيسور أونيل أن هذا المصطلح "ربما كان مبالغاً فيه لوصف الدور الذي يمكن أن يلعبه الغذاء. هناك دليل على أن النظام الغذائي غير الصحي (الذي يحتوي على نسبة كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة مثلاً) من الممكن أن يساهم في الإصابة بالأمراض الالتهابية، ومن ثم فإن النظام الغذائي الصحي يمكن أن يساعد في تقليل الخطر". يتفق معه البروفيسور كولدر على أن النظام الغذائي الصحي بشكل عام يرتبط بتقليل الالتهابات. ومن بين الأمثلة التي يعطيها: النظام الغذائي المتوسطي، ونظام داش (DASH) المصمم لخفض الضغط وتعزيز صحة القلب، ونظام مايند (MIND) الذي يجمع بين النظامين السابقين بهدف تعزيز صحة الدماغ، والنظام الغذائي النوردي (Nordic) نسبة إلى دول شمال أوروبا مثل النمارك والسويد والنرويج، والذي يركز على الأطعمة المحلية والموسمية والحبوب الكاملة والأسماك وزيت الزيتون والخضروات والمكسرات والدواجن، فضلا عن الكثير من الأنظمة الغذائية الآسيوية التقليدية. Getty Images بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي صحي، يشدد كولدر على أهمية زيادة النشاط البدني والحصول على قسط كافٍ من النوم وتقليل التوتر قدر الإمكان. هناك الكثير من الأشياء التي يتم الترويج لها لمكافحة الالتهاب، وعلى رأسها المكملات الغذائية وبعض العلاجات التي تدخل ضمن نطاق ما يعرف بالطب التكميلي أو البديل. لكن البروفيسور أونيل يقول إن الأدلة التي تدعم فوائد المكملات الغذائية محدودة، مضيفا: "وجهة نظري العامة بشأن الأساليب البديلة هي أنها قد تأتي ببعض الفوائد، ولكن معظم هذه الفوائد ربما يكون نتيجة لتأثير الدواء الوهمي (البلاسيبو)". أما في حالة الإصابة بأمراض التهابية مثل التصلب المتعدد أو التهاب المفاصل، فإن أونيل يشدد على أنه من غير المرجح أن تؤدي تغييرات نمط الحياة وحدها إلى فوائد كبيرة فيما يتعلق بإبطاء تدهور تلك الحالات المرضية، وينصح بالذهاب إلى الطبيب "للحصول على أفضل وسائل لتخفيف حدة المرض وإبطاء تطوره، إذ إن غالبية الأمراض الالتهابية تتدهور عندما تُترك من دون علاج".


الوسط
منذ 2 أيام
- الوسط
"تصميم" أطفال خارقين: ما هي تقنية "تحسين النسل" التي اعتمدها إيلون ماسك؟
Getty Images واحدٌ على الأقلّ من أطفال ماسك الأربعة عشر، وُلد بعد اختيار جنينيّ دقيق يستند إلى تقييم وراثي يُعرف بـ"درجة الخطر متعددة الجينات" في خريف عام 2021، أنجبت شيفون زيليس توأماً من إيلون ماسك بواسطة تقنية التلقيح الاصطناعي. المديرة التنفيذية في شركة "نيورالينك" التابعة للملياردير، عادت وأنجبت منه طفلين آخرين خلال عامي 2024 و2025. واحدٌ على الأقلّ من أطفال ماسك الأربعة عشر، وُلد بعد اختيار جنينيّ دقيق يستند إلى تقييم وراثي يُعرف بـ"درجة الخطر متعددة الجينات"، وهي التقنية التي توفّرها شركة ناشئة في وادي السليكون اسمها "أوركيد هيلث". بواسطة هذه التقنية التي دخلت حيّز التنفيذ عام 2019 بكلفة عالية جداً، يمكن للراغبين بالإنجاب معرفة احتمالات الإصابة المستقبلية لطفلهم بأمراض مزمنة، وبالتالي استبعادها. تَعِدُ هذه التكنولوجيا العالم بأطفال أصحّاء بالكامل (ومن منّا لا يرغب في ذلك؟) لكنها تفتح أيضاً الباب أمام أسئلة كبرى تتخطى إنقاذ البشرية مستقبلاً من الأمراض: هل نقترب من زمن يُصمَّم فيه الأطفال عبر خوارزميات؟ وهل تتحوّل تقنية وجدت للوقاية من الأمراض إلى وسيلة لاختيار خصائص لأطفال "خارقين"؟ وهل تصبح عملية الإنجاب نتيجة لانتقاء جيني مسبق وتنقيب في البيانات، ما يزيد من انعدام المساواة والعدالة بين الأفراد منذ لحظة التلقيح؟ ما هو الفحص الجينيّ الشامل للأجنّة؟ Getty Images خدمات "أوركيد" تُقدَّم اليوم في أكثر من مئة عيادة تلقيح اصطناعي في الولايات المتحدة. تقوم هذه التقنية على تحليل الحمض النووي الكامل للجنين، أي فحص الخريطة الجينية الكاملة التي تتكوّن من نحو ثلاثة مليارات قطعة، باستخدام عدد قليل جداً من خلاياه. وبعد أن تُدمَج هذه التقنية مع أداة تُسمى "تقييم المخاطر الجينية المتعددة"، وهي وسيلة إحصائية تُقدّر احتمال إصابة الطفل بأمراض معقّدة مثل السرطان أو السكّري أو الفصام، تعد هذه المقاربة بتقديم معلومات وراثية دقيقة ومبكّرة عن صحة الطفل المحتملة قبل ولادته. وعلى عكس الفحوصات الجينيّة التقليدية التي تركز على الأمراض النادرة الناتجة عن طفرة واحدة، تحلّل تقنية "تقييم المخاطر الجينية المتعددة" (PRS) مجموعات من المتغيّرات الجينية لتقييم خطر الإصابة بأمراض شائعة. هو ليس تشخيصاً، بل تنبؤ قائم على الاحتمالات. وتعد "أوركيد هيلث" من بين الشركات الرائدة في هذا المجال، وهي شركة ناشئة مقرها وادي السيليكون في سان فرانسيسكو أسّستها الشابة الأمريكية من أصول باكستانية نور صدّيقي. تدّعي الشركة أنها تقدّم أكثر خدمات فحص الأجنّة شمولًا في السوق، حيث تقيّم كلًّا من الأمراض أحادية الجين والحالات المعقّدة باستخدام خوارزميات حصرية. وتُقدَّم خدمات "أوركيد" اليوم في أكثر من مئة عيادة تلقيح اصطناعي في الولايات المتحدة. وبحسب تقرير حديث لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فإنّ الطلب على هذه الخدمة آخذ في الارتفاع. ومع توسّع الوصول إلى قواعد البيانات الجينومية الضخمة، قد يتحوّل الوعد التكنولوجي بـ"اختيار" أطفال أصحّاء من خيال علمي إلى ممارسة روتينية في عيادات الخصوبة. "الجنس للمتعة وفحص الأجنّة من أجل الإنجاب" تقول صدّيقي، إنها تمتلك "رؤية طموحة تقوم على خوارزميات مصمّمة خصّيصاً وتحليل الجينوم بهدف القضاء على الأمراض والعلل" لدى أطفال المستقبل. وتقوم شركتها الناشئة بفحص الأجنّة للكشف عن آلاف الأمراض المحتملة، ما يتيح للآباء والأمهات المستقبليين التخطيط لعائلاتهم بناءً على كمٍّ من المعلومات غير المسبوق حول نسلهم. ومع أن العقود الأخيرة جعلت من قيام النساء الحوامل، وكذلك الأزواج الذين يخضعون للتلقيح الاصطناعي، بإجراء اختبارات للكشف عن اضطرابات وراثية نادرة ناتجة عن طفرات في جين واحد، مثل التليّف الكيسي، أو عن خلل في الكروموسومات مثل متلازمة داون، ممارسة شائعة، إلا أن "أوركيد" هي أول شركة تقول إنها قادرة على تحديد تسلسل الجينوم الكامل للجنين، والمكوّن من 3 مليارات كروموسوم. وتستخدم الشركة ما لا يزيد عن خمس خلايا من الجنين لفحص أكثر من 1200 حالة نادرة ناتجة عن جين مفرد، تُعرف باسم الأمراض أحادية الجين. Getty Images هل تصبح عملية الإنجاب نتيجة لانتقاء جيني مسبق وتنقيب في البيانات، ما يزيد من انعدام المساواة والعدالة بين الأفراد منذ لحظة التلقيح؟ كما تطبّق الشركة خوارزميات مصمّمة خصيصاً لإنتاج ما يُعرف بـ "درجات الخطر متعددة الجينات وهي أدوات تهدف إلى قياس القابلية الوراثية للطفل المستقبلي للإصابة بأمراض معقّدة في وقت لاحق من حياته، مثل الاضطراب ثنائي القطب، والسرطان، ومرض ألزهايمر، والسمنة، والفصام. صدّيقي التي تنوي إنجاب أربعة أطفال باستخدام أجنّتها التي خضعت لفحص "أوركيد"، تدافع عن فكرة أكثر جرأة بدأت تكتسب زخماً في عالم التكنولوجيا: وهي أن تقنيات الخصوبة المتطورة والمتاحة بشكل متزايد "ستحلّ تدريجياً محلّ الجنس كوسيلة مفضّلة للإنجاب لدى الجميع". وقالت صديقي في مقطع فيديو شاركته عبر منصة إكس (تويتر سابقاً): "الجنس للمتعة، وفحص الأجنّة من أجل الإنجاب". وتشير إلى أن الوقت قد اقترب الذي سيصبح فيه من الطبيعي أن يختار الأزواج أجنّتهم من خلال جدول بيانات، تماماً كما يفعل زبائنها الحاليون، موازنين مثلاً بين قابلية للإصابة بأمراض القلب أعلى بـ1.7 مرة من المعدّل العام، وبين درجة خطر 2.7 للإصابة بالفصام. شكوك في دقة الفحوصات Getty Images استخدام تقييم المخاطر متعددة الجينات يُنتقَد باعتباره لا يزال "غير ناضج سريرياً" برغم الوعود الكبيرة التي تقدّمها شركة "أوركيد"، يثير العديد من العلماء شكوكاً جدّية بشأن دقّة الفحوصات التي تعتمدها. فعملية تسلسل الجينوم الكامل انطلاقاً من خمس خلايا جنينية فقط تُعدّ تقنية حسّاسة، وقد تؤدي، بحسب خبراء من جامعتي ستانفورد وكاليفورنيا، إلى أخطاء كبيرة نتيجة "تكبير" المادة الوراثية بشكل قد يُشوّه النتائج. كما يُنتقَد استخدام تقييم المخاطر متعددة الجينات باعتباره لا يزال "غير ناضج سريرياً"، بخاصة أن دقّته تنخفض لدى الأجنّة من أصول غير أوروبية، بسبب "تحيّز قواعد البيانات الجينية المتاحة". ويرى بعض المتخصصين أن الفروقات الطفيفة بين خوارزميات الشركات المختلفة قد تؤدي إلى نتائج متباينة تماماً، في غياب معيار علمي موحّد يضمن الموثوقية. أجندة يمينيّة؟ Getty Images العديد من الشخصيات بينها نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس كرّروا أن تراجع معدلات المواليد "يُهدّد مستقبل الدول الصناعية" يربط البعض بين هذا التوجّه المتنامي في تقنيات الإنجاب وبين النزعة المؤيدة للإنجاب في الولايات المتحدة والتي يروّج لها عدد كبير من رموز اليمين الأمريكي. وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن شركة "أوركيد" تشكّل جزءاً من حركة ثقافية أوسع يروّج من خلالها أشخاص نافذون في واشنطن ووادي السيليكون لأهمية إنجاب المزيد من الأطفال. فقد كرّر مرات عدة كل من نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، وإيلون ماسك، بالإضافة إلى المستثمر الملياردير المحافظ بيتر ثيل، وهو الراعي الأساسي لشركة "أوركيد"، أن تراجع معدلات المواليد "يُهدّد مستقبل الدول الصناعية"، وأنه "ينبغي للناس إنجاب المزيد من الأطفال لمواجهة هذا الانحدار". ويضع البعض في السياق نفسه الأمر التنفيذي الذي أصدره البيت الأبيض في فبراير/ شباط الماضي، والذي يدعو إلى توسيع الوصول إلى علاجات التلقيح الاصطناعي. عودة إلى "تحسين النسل"؟ Getty Images المخاوف تطال البُعد الاجتماعي: إذ يمكن لمثل هذه الممارسات أن تعزّز شعوراً بالتفوّق الجيني لدى فئات معينة، وتُعمّق الفوارق الطبقية. يرى العديد من النقّاد أن استخدام تقنيات فحص الأجنّة بناءً على تقييمات متعددة الجينات يفتح الباب أمام شكل جديد من "تحسين النسل التكنولوجي" (techno-eugenics)، أي استخدام الوسائل العلمية لاختيار أو استبعاد خصائص وراثية معينة بهدف إنجاب أفراد يُعتبرون "أفضل" جينياً. وتستند هذه الرؤية إلى تاريخ مثير للجدل، إذ ارتبط مفهوم "تحسين النسل" تقليدياً بمحاولات سلطوية للتحكّم بالتكاثر البشري، سواء عبر منع الفئات المصنّفة "أقل شأناً" من الإنجاب، أو عبر تشجيع خصوبة من يُعتبرون "أعلى قيمة". واليوم، وعلى الرغم من أن هذا المشروع لم يعد يتخذ طابعاً قسرياً، فإن التقنيات الحديثة تعيد إحياء هذا المنطق ولكن بصيغة فردية وطوعية، تُقدَّم تحت عنوان الحرية والاختيار. وتتجاوز المخاوف الجانب الأخلاقي لتطال البُعد الاجتماعي: إذ يمكن لمثل هذه الممارسات أن تعزّز شعوراً بالتفوّق الجيني لدى فئات معينة، وتُعمّق الفوارق الطبقية، حيث لا تتوفّر هذه التقنيات سوى للأثرياء القادرين على "تصميم" أطفالهم. كما قد يؤدي التركيز على بعض السمات، مثل الذكاء أو الطول، إلى تعزيز معايير ضيّقة للقيمة الإنسانية، تُقصي من لا تنطبق عليهم هذه المعايير منذ مرحلة ما قبل الولادة. غير أن القائمين على هذا المشروع ينفون الربط بينه وبين هذه الاتهامات. ويؤكد هؤلاء، ومن بينهم نور صدّيقي، أن التلقيح الاصطناعي نفسه واجه في بداياته خلال سبعينيات القرن الماضي موجة من الانتقادات والاتهامات، إذ اعتبره البعض آنذاك شكلاً من أشكال "لعب دور الإله". "لكن مع مرور الوقت، تحوّل إلى تقنية شائعة ومقبولة على نطاق واسع، تُستخدم اليوم لتحسين فرص الإنجاب لدى من يواجهون صعوبات في الحمل، من دون أن تثير الاعتراضات التي صاحبت انطلاقتها الأولى".