logo
التصدّي لدُعاة تقسيم لبنان: حيث لا مجال للسكوت وحيث لا مكان للتخاذل

التصدّي لدُعاة تقسيم لبنان: حيث لا مجال للسكوت وحيث لا مكان للتخاذل

العربيةمنذ يوم واحد
لدعاة تقسيم لبنان تبريرات متنوّعة لخطابهم. منهم من يبرّر ضرورة التقسيم باستحالة التعايش مع ميليشيا دينية تصرّ على الاحتفاظ بسلاحها بعد اتفاق اللبنانيين في الطائف على حصر السلاح بيد الدولة. ومنهم من يبرّره باستحالة التعايش مع الفكر 'الجهادي التكفيري' المنتشي بالانتصار الإقليمي الكبير في سوريا. ومنهم من يبرّره بالاختلاف العميق في الميول والخيارات الجيوسياسيّة بين الهويّات المتنوّعة ضمن المجتمع اللبناني.
إنّما، هل تقسيم لبنان هو الحل؟ حتماً لا
إنّ تقسيم لبنان هو انتحار اقتصاديّ واجتماعيّ، وإنكار يائس لتاريخ لبنان وهويته كأمة. ومع ذلك، فإنّ رفض تسلح ميليشيا دينية هو أمر منطقي ومفهوم، مهما كانت شعاراتها، وحتّى لو كان بيدها مفتاح الجنّة وليس فقط مفتاح القدس.
غير أنّ الحلّ لهذا الأمر هو استمرار الضغط من أجل الإسراع في حصر كلّ السلاح بيد الدولة اللبنانية، انطلاقاً من أنّ تمسّك ميليشيا دينية بسلاحها في لبنان يهدّد وحدة المجتمع ويقوّض سيادة الدولة. والخوف من تعاظم قوّة 'الجهاديين التكفيريين' هو خوف مفهوم لا جدال فيه، حتى لو كان أصحاب هذا الفكر قد واجهوا نظام البعث والخمينيين في مرحلة ما، وهم ليسوا أفضل منهم بأي شكل من الأشكال.
غير أنّ التصدّي لهذا الهاجس يكون بتعزيز قدرات الجيش ليكون قادراً على حماية البلاد من الإرهاب التكفيري وكل تهديد خارجي. أمّا الاختلاف في الميول والخيارات الجيوسياسيّة بين الهويّات المتنوّعة ضمن المجتمع اللبناني فحلّه يكمن في تكريس فكرة الأمّة اللبنانيّة، وتحييد لبنان عن الانخراط في صراعات المحاور الإقليميّة والدوليّة.
لقد واجهنا سابقاً من قال إن مرجعيته الخميني، ونتصدّى اليوم لمن يقول أنّ مرجعيته الشرع، كما تصدّينا لكلّ من قال إن مرجعيته هي الغرب. ولبنان لا يحتمل أن يكون هناك 'مربط رسن' في الخارج لأيّ شريحة من مجتمعنا. فللخارج أجنداته، ولنا مصالحنا. نحن أمة حقيقية، ذات خصائص ثقافية مشرقية متوسطية، والذي يوحّد مجتمعنا أكبر بكثير من الذي يفرّقه.
ومع ذلك، يبقى السؤال: هل يلائم النظام السياسي الحالي تطلعات الأمة اللبنانية؟
والجواب هو كلا قطعاً. لهذا السبب، لا بد من تغييره. إنّ مصلحة لبنان اليوم تقتضي حماية وحدة مجتمعنا وتعزيزها عبر نظام سياسي جديد يرتكز على ثلاثة أركان: إدارة لامركزية، قوانين مدنية، ودولة اجتماعية. ولبنان يمرّ اليوم في مرحلة تاريخيّة. مرحلة تأسيسيّة بكلّ ما تحمله الكلمات من معاني. وهذه المرحلة تتطلب توحيد الجهود لفرض الإصلاحات الماليّة والإداريّة، وتعزيز الاقتصاد الوطني، وبناء تحالفات استراتيجية تضمن استقرار لبنان.
فلنطوِ صفحة كل محاولة لتقسيم لبنان، ولنُقسم معاً على التمسك بوحدة الأرض والمجتمع، وعلى جعل الانتماء للأمة اللبنانية أقوى من أي انتماء آخر. ولنعلن توبتنا النهائية عن كل استقواء بالخارج على الداخل. لبنان لا يحتمل الضعف أو الانقسام، بل يحتاج إلى إرادة جامعة لبناء مستقبله.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن رصد إطلاق صاروخين من اليمن
الجيش الإسرائيلي يعلن رصد إطلاق صاروخين من اليمن

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

الجيش الإسرائيلي يعلن رصد إطلاق صاروخين من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي الاثنين رصد إطلاق صاروخين من اليمن، بعد ساعات من تنفيذه سلسلة غارات استهدفت بنى تحتية تابعة للحوثيين في هذا البلد. وقال الجيش في بيان نشر على تلغرام «جرت محاولات لاعتراض الصاروخين، العمل جار على مراجعة نتائج الاعتراض»، مضيفا أنه تم تفعيل صفارات الإنذار في مناطق عدة من إسرائيل.

«هدنة غزة» تنتظر دَفعة من ترمب
«هدنة غزة» تنتظر دَفعة من ترمب

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

«هدنة غزة» تنتظر دَفعة من ترمب

بات إعلان هدنة في غزة بانتظار دفعة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في لقائه المنتظر اليوم في واشنطن، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. واستعد مفاوضون من «حماس» وإسرائيل لبدء مفاوضات في الدوحة بشأن هدنة غزة، مساء أمس (الأحد). وقال نتنياهو، قبل مغادرته إلى واشنطن إنه عازم على «ضمان عودة الرهائن المحتجزين، والقضاء على التهديد الذي تمثله (حماس) لإسرائيل». لكن نتنياهو كان قد استبق المفاوضات بضغط على «حماس»؛ إذ طلب من جيشه إعداد خطة لاحتلال القطاع تُعرض عليه بعد عودته من لقاء ترمب، كما أعلن رفضه لما قال إنها «تغييرات تسعى (حماس) إلى إدخالها» على مقترح الهدنة. من جهته، رفض مصدر كبير في حركة «حماس» التعليق على استباق نتنياهو للمحادثات، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط»: «سننتظر انعقاد الجلسات، والكل متفائل؛ لأن إدارة ترمب تريد للصفقة أن تسير». وأضاف: «إخواننا (المفاوضون) ماضون، ولن يعيقوا شيئاً، وستكون هناك مرونة كبيرة في سبيل نجاح كل شيء، بما لا يتعارض مع ضرورة وقف الحرب». وقتلت الغارات الإسرائيلية على غزة، أمس، أكثر من 70 قتيلاً، وبلغ عدد القتلى منذ بدء الحرب أكثر من 57 ألف شخص.

التحركات السعودية لحل الأزمات
التحركات السعودية لحل الأزمات

عكاظ

timeمنذ 2 ساعات

  • عكاظ

التحركات السعودية لحل الأزمات

تتفاعل الإدارة الأمريكية مع التحركات الدبلوماسية السعودية لرأب الصدع في المنطقة وإيجاد الحلول السلمية للحروب والصراعات التي ألقت بظلالها على الشعوب وتسبّبت في القتل والتهجير والمجاعة. ولم يقتصر التحرك السعودي الذي أجبر المجتمع الدولي على التفاعل معه على الملف الفلسطيني باعتباره في مقدمة اهتمامات القيادة السعودية، وإنما امتد ليشمل الحرب الإيرانية - الإسرائيلية من خلال التحركات في البيت الأبيض من إجل إقناع جميع الأطراف على العودة لطاولة الحوار للوصول إلى تسوية شاملة تضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، وهو ما ثمّنته دول العالم التي تنظر بتقدير للتحركات الدبلوماسية السعودية في مختلف المحافل الدولية. وفي الملف الفلسطيني شكّلت الضغوط الدبلوماسية السعودية، التي تطالب بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية نوعاً من الارتباك لدى إسرائيل ما أجبرها على القبول بوقف إطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بوساطة أمريكية تفاعلت مع التحركات السعودية التي نجحت في تحشيد دول مؤثرة للمطالبة بحل الدولتين وهو ما ترفضه إسرائيل وتذهب إلى أنه تهديد لوجودها. تبقى السياسة السعودية متفردة بنهجها في التعامل مع جميع ملفات المنطقة الشائكة باعتبارها ترفض الحروب وتدعو إلى ضرورة الحوار والجلوس على طاولة المفاوضات وصولاً إلى حلول سلمية تجنّب المنطقة تداعيات الحروب والصراعات. أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store