logo
عدالة معلقة وقضاة بلا حماية: السلطة القضائية في اليمن بين الإهانة والتجويع

عدالة معلقة وقضاة بلا حماية: السلطة القضائية في اليمن بين الإهانة والتجويع

يمرسمنذ 5 ساعات
راتب لا يفي بالإيجار.. فكيف بالعيش؟
لا يتجاوز راتب القاضي في صنعاء 250,000 ريال يمني شهريًا، أي ما يعادل نحو 470 دولارًا بسعر الصرف الرسمي (533 ريالًا للدولار)، أو قرابة 200 دولار بسعر السوق. في المقابل، يصل إيجار أبسط شقة سكنية إلى 200 ألف ريال للقاضي رب الأسرة الكبيرة و100 ألف ريال للقاضي رب الأسرة الصغيرة . وباحتساب تكاليف الماء والكهرباء والمواصلات والغذاء والتعليم، نجد أن القاضي يعيش تحت خط الفقر، وبلا أي مخصصات إضافية أو سكن وظيفي أو بدل انتقال.
البطاقة القضائية لا يُعتَرَفُ بها كوثيقة رسمية !
في مفارقة تُثير الاستغراب والأسى، لا تعترف أغلب الجهات العامة والخاصة بالبطاقة القضائية ولا تعطي لحاملها وزنا حتى شركات الصرّافة أو البنوك لا تقبل البطاقة القضائية كوثيقة تعريفية لصرف راتب القاضي ، في حين يُقبل التعامل بالبطاقة العسكرية بسهولة. وهكذا، يفقد القاضي احترام السوق، كما فقد من قبل حماية السلطة، ومعها احترام فئات المجتمع.
أوامر لا تُنفذ.. ما لم يوافق قسم الشرطة
رغم صدور الأحكام القضائية "باسم الشعب"، إلا أن تنفيذها مرهون برضا مأموري الضبط ومدراء أقسام الشرطة، ما يجعل هيبة القاضي رهينة مزاج السلطة التنفيذية. وقد يحدث أن يُعلّق أمر قضائي مشروع، أو يُماطل فيه، أو يُرفض تنفيذه بالكامل، دون أن يُسأل أحد.
خروج القاضي إلى الميدان.. مخاطرة قد تودي بحياته
لا تملك المحاكم الاستئنافية ولا الابتدائية أي أطقم عسكرية مخصصة أو وحدات أمنية لحماية القضاة أثناء النزول الميداني أو تنفيذ الأحكام. وقد سُجلت حالات لقضاة تعرضوا للتهديد أو القتل أثناء تأدية مهامهم، في ظل غياب أي مظلة أمنية أو خطة حماية مؤسسية لهم.
كل موظف في المحكمة يُحسب على القضاة!
لا يميز كثير من الناس بين القاضي الحقيقي والموظف الإداري. ف"أمين السر"، و"المُحضر"، و"الجندي الإداري"، جميعهم يُلقبون مجتمعيًا ب"قضاة"، وما يرتكبه أحدهم يُحسب مباشرة على القاضي في نظر الجمهور. وهذا ما يتسبب في انهيار الصورة المجتمعية للقضاء، حيث تتراكم الشكاوى والاتهامات على القاضي، وهو منها براء.
القاضي محاصر من جميع مصادر الدخل
في سابقة فريدة بين موظفي الدولة، يخضع القاضي اليمني لحصار غير قانوني صارم يمنعه من تحصيل أي دخل مشروع خارج راتبه الهزيل:
ممنوع عليه التحكيم، حتى إن طلبه الناس.
ممنوع عليه تقديم الاستشارات القانونية، رغم خبرته.
ممنوع عليه كتابة العقود، وعقوده لا تُعتمد في السجل العقاري، بينما تُعتمد عقود الأمناء الشرعيين.
ممنوع عليه إجراء القسمة أو التصرف كوسيط، ولو تطوع بذلك.
ممنوع عليه العمل بالتجارة أو أي نشاط خاص.
ممنوع عليه حتى التعبير عن رأيه في قضايا عامة.
وبالمقابل، تنشط السلطة التنفيذية – أفرادًا وجهات – في المجال نفسه بمخالفة صريحة للقانون.
رجال إدارات أمنية ، ومحافظون ، ووكلاء محافظات ، ومشايخ، وموظفون ادارييون ، يتصدرون التحكيم، ويُجرون القسمة، ويبتّون في النزاعات ، بلا تحصيل علمي ولا معرفة قانونية ، بل ويحبسون المواطن لإجباره على التحكيم، ويفرضون أجورًا باهظة بلا سند قانوني أو رقابة قضائية أو مساءلة إدارية.
وما يزيد الطين بلة أن السلطة تغض الطرف، والإعلام صامت، والمواطن لا يجد غير هؤلاء الجهلة للإنصاف، بعدما عجز القاضي الحقيقي عن تأدية وظيفته وهو مكبل اليدين مغلول الدخل.
نادي محاصر
نادي قضاة اليمن ، وهو الهيئة النقابية الوحيدة التي تمثل القضاة، لم يسلم من الحصار والتهميش. فقد أُجبر على إخلاء مقره لعجزه عن دفع الإيجار، وأصبح بلا مبنى ولا ميزانية تشغيل ولا منصة إعلامية.
ورغم كفاءة القائم بأعمال رئيس النادي ونزاهته المشهودة، تعرّض لحملات تشويه وتشويش ممنهجة، وأُقصي النادي عن دوره، حتى بلغ الأمر تجاهله من قبل السلطة التي لا تعترف إلا بقناة وحيدة للتفاهم بشأن القضاة، وهي القناة التي عينتها بقرار سياسي منها ، لا بانتخاب أو تمثيل حقيقي.
استقلال القضاء.. مصطلح فارغ بلا حماية وكرامة
إن الحديث عن استقلال القضاء في اليمن لا معنى له في ظل هذا الواقع. فالقاضي الجائع لا يستطيع أن يحكم بحرية، والمكشوف أمنيًا لا يجرؤ على إنفاذ العدالة بحق المتنفذين، والمهان أمام الجمهور لا يملك الجرأة على قول الحق في وجه من لا يخاف.
السلطة القضائية تنهار ببطء من الداخل، وتُسلَب قوتها وأدواتها بندًا بندًا، وقاضي اليوم يُطلب منه أن يُشبه الله في عدله، وهو لا يملك رغيفًا يُطعم به أطفاله.
ختام القول
في بلد يبحث عن سيادة القانون، لا يمكن أن يستقيم ميزانه وقاضِيه مهدد ومُحتقر ومعزول.
فإما أن نعيد للقضاء سلاحه: كرامته وهيبته وأدواته، أو فلنلزم الصمت حين يعلو صوت الفوضى على صوت العدل.
المصدر: بوابة القانون والقضاء اليمني (قناة على التلغرام)
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نتنياهو ينتقد خطط الجيش ل"المدينة الإنسانية" في رفح
نتنياهو ينتقد خطط الجيش ل"المدينة الإنسانية" في رفح

مصرس

timeمنذ 40 دقائق

  • مصرس

نتنياهو ينتقد خطط الجيش ل"المدينة الإنسانية" في رفح

كشف موقع "واي نت" الإسرائيلي، اليوم الاثنين، عن توتر داخل دوائر صنع القرار في تل أبيب، بعد انتقاد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتقديرات الجيش بشأن مشروع إقامة "مدينة خيام" في رفح جنوب قطاع غزة، وهي الخطة التي تصفها إسرائيل ب"المدينة الإنسانية" المخصصة لإيواء مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين. وبحسب التقرير، فقد عرضت المؤسسة العسكرية خلال اجتماع لمجلس الوزراء الأمني المصغر، تقديرات تشير إلى أن تنفيذ المشروع قد يكلف نحو 15 مليار شيقل (أكثر من 4 مليارات دولار)، ويتطلب فترة تنفيذ قد تمتد إلى عام كامل، وهو ما تجاوز بشكل كبير الجدول الزمني المبدئي الذي حُدِّد بستة أشهر فقط.وأثارت هذه الأرقام، وفقاً لمصادر نقل عنها الموقع دون تسميتها، غضب نتنياهو، الذي اعتبر الخطة غير واقعية، مطالباً بتقديم بدائل "أسرع وأقل تكلفة"، ووجّه تعليماته لكبار القادة العسكريين بإعادة النظر في الآليات المقترحة لبناء المدينة.تهجير قسريعلى الجانب الآخر، وصفت وزارة الخارجية الفلسطينية المشروع الإسرائيلي ب"التهجير القسري المغلف بمصطلحات إنسانية"، مؤكدة في بيان رسمي أن "ما يسمى بالمدينة الإنسانية لا يمتّ للإنسانية بصلة"، وأن الحل الحقيقي يبدأ بتمكين السلطة الفلسطينية من بسط ولايتها السياسية والقانونية على غزة باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من أرض الدولة الفلسطينية.وتكشف هذه التطورات عن خلاف داخلي في إسرائيل بين المؤسسة السياسية والعسكرية حول سُبل إدارة الأزمة في غزة، في وقتٍ تتزايد فيه التحذيرات الدولية من تدهور الوضع الإنساني، وتتصاعد فيه اتهامات الفلسطينيين بأن ما يُطرح من "مبادرات إنسانية" ما هو إلا غلاف لمشاريع تهجير قسري تحت غطاء تقني.

القاهرة الإخبارية: تصاعد الجدل بين المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل حول "المدينة الإنسانية"
القاهرة الإخبارية: تصاعد الجدل بين المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل حول "المدينة الإنسانية"

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

القاهرة الإخبارية: تصاعد الجدل بين المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل حول "المدينة الإنسانية"

قالت دانا أبو شمسية، مراسلة القاهرة الإخبارية من القدس المحتلة، إن الجدل يتصاعد داخل إسرائيل بين المستوى السياسي والقيادة العسكرية بشأن ما يُعرف بـ "المدينة الإنسانية" في رفح جنوب قطاع غزة، مشيرة إلى أن الخلاف ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى مراحل سابقة سبقت زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى الولايات المتحدة. المشاورات الأمنية شهدت توترًا ملحوظًا ونوهت أبو شمسية، خلال تصريحاتها عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أن المشاورات الأمنية شهدت توترًا ملحوظًا، واتهامات مباشرة من وزراء في الحكومة، وعلى رأسهم بتسلئيل سموتريتش، تجاه قيادة الجيش بعدم الالتزام بالتنفيذ الكامل للقرارات السياسية، موضحة أن مصادر مطلعة أشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يتبنى بحماسة الخطة، ويفضل التركيز على إتمام صفقة تبادل الأسرى، وهو ما صرّح به صراحة رئيس الأركان في أحد الاجتماعات الأخيرة. وأضافت مراسلة القاهرة الإخبارية، أن الخطة التي تُروج لها الحكومة تحت مسمى "مدينة الخيام"، تهدف إلى حصر سكان غزة في أقصى جنوب القطاع، ما يُمكّن من إفراغ المناطق الشمالية لأغراض عسكرية، ومع ذلك، عبّر الجيش عن شكوكه حول إمكانية تنفيذ الخطة في الظروف الراهنة، كما أنها تحتاج إلى عام كامل لتنفيذها، إضافة إلى تكاليف باهظة تُقدّر ما بين 10 إلى 15 مليار شيكل، رغم وجود تضارب في التقديرات. التكلفة قد تصل إلى 15 مليار دولار وتابعت: نقلت بعض التقارير عن رئيس الأركان قوله إن التكلفة قد تصل إلى 15 مليار دولار، ما يعكس ارتباكًا في الرؤية والخطط اللوجستية والمالية، وهذا التردد أثار غضب السياسيين الذين رأوا في موقف المؤسسة العسكرية نوعًا من التمرد على التوجهات الحكومية. وأوضحت مراسلة القاهرة الإخبارية، أن نتنياهو طلب منح الجيش مهلة حتى الغد لتقديم خطة بديلة أكثر سرعة وأقل تكلفة، لكن المتشددين في اليمين الإسرائيلي، مثل سموتريتش وإيتمار بن غفير، رفضوا أي حديث عن مدينة إنسانية من الأساس، معتبرين أنها تمثل استسلامًا لحركة حماس، وإهانة لدماء الجنود الذين قُتلوا في معارك رفح، وتُظهر هذه الأزمة عمق الانقسام بين السياسيين والعسكريين في إسرائيل حول إدارة المرحلة المقبلة من الحرب في غزة.

وثائق بريطانية: السادات عرض دعمًا عسكريًا وإعلاميًا على المعارضة الإيرانية لإسقاط حكم الخميني
وثائق بريطانية: السادات عرض دعمًا عسكريًا وإعلاميًا على المعارضة الإيرانية لإسقاط حكم الخميني

24 القاهرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • 24 القاهرة

وثائق بريطانية: السادات عرض دعمًا عسكريًا وإعلاميًا على المعارضة الإيرانية لإسقاط حكم الخميني

كشفت وثائق بريطانية رُفعت عنها السرية أن الرئيس المصري الراحل أنور السادات، قد عرض دعمًا عسكريًا وإعلاميًا على المعارضين الإيرانيين في المنفى، وذلك بهدف الإطاحة بنظام آية الله الخميني في إيران، وذلك في عام 1981، أي بعد عامين فقط من انتصار الثورة الإيرانية. ووفقًا للوثائق التي راجعتها وزارة الخارجية البريطانية، فقد التقى السادات بشابور بختيار، آخر رئيس وزراء في عهد الشاه، خلال زيارة قام بها إلى باريس، حيث استمر اللقاء 55 دقيقة، عبّر خلاله السادات عن دعمه لتحركات بختيار ضد النظام الثوري، وعرض عليه استخدام محطة إذاعية في الإسكندرية أو تسهيلات عسكرية مصرية كوسيلة للمساعدة. وثائق بريطانية: السادات عرض دعمًا عسكريًا وإعلاميًا على المعارضة الإيرانية لإسقاط حكم الخميني لكن بختيار أبدى تحفظًا على البعد الجغرافي لمصر عن إيران، وصرّح بأنه يأمل في الحصول على دعم إضافي من دول أخرى، مثل تركيا. وأكد أحد مساعدي بختيار أن لديهم شبكة تنظيمية قائمة على نظام الخلايا، وتتمتع بدعم متنامٍ داخل إيران، يشمل ضباطًا في الجيش والقوى الجوية، فضلًا عن دعم من بعض رجال الدين المعتدلين. الوثائق البريطانية ورغم محاولة المجموعة النأي بنفسها عن نظام صدام حسين، إلا أن الوثائق لاحقًا كشفت عن حصول بختيار على تمويل كبير من العراق، وصل إلى مليوني دولار شهريًا، ما أثار استياء بعض حلفائه الذين اتهموه باستخدام الأموال لمصالحه الخاصة. وقد عبّر دبلوماسيون بريطانيون عن شكوكهم تجاه فعالية المعارضة الإيرانية في المنفى، معتبرين أن نظام الخميني أو شبيهًا به سيظل قائمًا لفترة طويلة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store