
زهرية
أشاح بوجهه إلى المنضدة المجاورة لسور الشرفة. الدهشة عقدت لسانه. اختفت الزهرية. ضباب الكآبة ينتشر داخل صدره، راح يتحرك.. يبحث عنها أسفل المنضدة، لم يجدها. خطا إلى حجرته ينقب فى أركانها، فوق المكتب، على أرفف المكتبة.. لا شىء.
دنا من مكتبه، وأزاح كرسيه، وجلس مستندًا برأسه للخلف، وأسبل عينيه.
كان منهمكًا فى إعداد الألوان للوحته الجديدة، سمع خطوات خفيفة تدنو منه، وأحس بأنامل رقيقة تداعب خصلات شعره، رفع رأسه: «حبيبتى، لقد تأخرتِ».
«زوجى الحبيب، لا داعى للقلق».
«أنت تعلمين أننى أحب أن تكونى بجوارى عندما أبدأ العمل فى لوحة جديدة. فوجهك الصبوح وعيناك الساحرتان تلهماننى.. تنساب ريشة الألوان فى يسر».
اكتسا وجهها بالحمرة: «كفاك مدحًا فى.. لولا أنك فنان موهوب ما كنت فزت فى البينالى».
«ماذا؟»
«لقد حصلت على المركز الأول».
«الحمد لله».
«ولهذه المناسبة اشتريت لك هدية».
«كان يكفى أنك أبلغتنى بهذا الخبر».
«أرجو أن تنال إعجابك، وأكون وفقت فى اختيارها».
أعطتها له، ففتحها بشغف:
«يا لها من زهرية رائعة، نقوشها غاية فى الرقة. إن ذوقك عذب».
«أنت الذى نميت عندى حاسة التذوق بلوحاتك الرقيقة».
قاطعها: «حديثك عن الجائزة جعلنى أنسى أهم شىء.. ماذا فعلت فى إجراءات السفر لإعداد الماجستير؟»
«بإذن الله، سأسافر إلى فرنسا بعد خمسة عشر يومًا».
«أى أيام وتتركيننى أنا و(هنا).. سنشعر بالوحدة تتغلغل فى أفئدتنا».
بصوت يشوبه الشجن: «لماذا هذا الحزن العميق؟ إنها شهور قليلة.. وأعود إليكما».
«شهور.. سنفتقدك كثيرًا.. كثيرًا».
«ما حيلتى؟ إنها فرصة لن تتكرر…».
ألقت برأسها على صدره.. طوقها بذراعيه.. سالت الدموع من عينيها.. وتدفقت على وجنتيها.. اهتز جسدها بشدة.. هدهد على شعرها.. وبصوت، متهدج: «أرجوك.. اهدئى».
رفعت رأسها، ومسحت الدموع بيديها: «أنا مثلكما، لا أستطيع أن أحيا بدونكما، فأنتما كل شىء، بغيركما أشعر بغمامة سوداء تحجب الرؤية أمام عيــنى، لكننى تعبت كثيرًا حتى أحصل على منحة إعداد الماجستير».
«فى الحقيقة، لم أكن أتوقع أن تنتهى الإجراءات سريعًا، وتسافرين بعد أيام قليلة».
«أين ستضع الزهرية؟».
ابتسم: «طبعًا، تطمئنين على هديتك الغالية.. سأضعها فى عينى».
بدلال: «هذا أمر واثقة منه.. ولكن ما هو المكان الذى تختاره لوضعها فيه؟»
«أنت التى ستختارين المكان اللائق بها».
نظرت ناحية شرفة حجرة المكتب:
«اقترح وضعها هناك على المنضدة المجاورة للسور.. إنه أفضل مكان.. وعندما أسافر، لا تنس أن تضع الزهور المفضلة إلى.. عصفور الجنة والبانسيه».
«كيف أنسى؟ كل يوم سأضع الزهور الأثيرة عندك.. وبالطبع سأتذكرك أنت…».
«أبى.. أبى».
فتح عينيه بتثاقل:
«…»
«أبى.. أنا بجوارك منذ خمس دقائق».
«لقد غفوت بعض الوقت.. متى حضرت من المدرسة؟»
«من نصف ساعة».
«تصورى؟ لم أحس بك».
«أبى.. إننى أرى لمحة ضيق على وجهك».
«لا شىء».
«أنا أعلم ما يضايقك».
«تعلمين؟».
قالت، بأسف: «الزهرية».
قال، بتلهف: «أين هى؟».
«كسرت».
«كيف؟».
«كنت أقف فى الشرفة.. أنتظر أتوبيس المدرسة.. ولمحت الزهرية متربة.. فحملتها لكى أنظفها.. سقطت من يدى.. أنا آسفة، لم أقصد ذلك».
حدق إلى ابنته، بحنو: «سنتصل بماما الآن».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغربية المستقلة
منذ 42 دقائق
- المغربية المستقلة
فاعل جمعوي بأكادير يرفع رسالة تظلم إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله
المغربية المستقلة : رفع الفاعل الجمعوي المعروف وطنيا، السيد أحمد فضول لعروسي، رسالة تظلم إلى السدة العالية بالله، جلالة الملك محمد السادس نصره الله، يناشد فيها جلالته التدخل لإنصافه ورفع الضرر المادي والمعنوي الذي طاله، حسب تعبيره. وجاء في الرسالة التي حملت نبرة إنسانية قوية، أن السيد فضول، المعروف بمساهماته المجتمعية والمدنية في مدينة أكادير، تعرض لحيف وصفه بـ'الغبن والجور'، دون أن يذكر تفاصيل القضية، مكتفيا بالإشارة إلى أن فعاليات المدينة وقفت إلى جانبه وساندته في مطالبه. وأكد المتظلم ثقته الراسخة في عدالة جلالة الملك وإنصافه للمظلومين، مشيرا إلى أنه لم يجد من ملاذ بعد الله سوى التوجه إلى جلالته، أملا في استعادة الاعتبار ورفع الحيف الذي لحق به. وختم رسالته بالدعاء لجلالة الملك بطول العمر والتوفيق في خدمة الوطن والمواطنين، راجيا من الله عز وجل أن يحفظه دخرا وسندا لرعاياه الأوفياء.


المغربية المستقلة
منذ 42 دقائق
- المغربية المستقلة
مبادرات غير محسوبة في مسيرة مثيرة للجدل… وغضب واسع في صفوف العلماء
المغربية المستقلة : سيداتي بيدا شهدت الساحة الوطنية خلال الأيام الأخيرة جدلًا واسعًا إثر مشاركة بعض الأفراد في مبادرات رمزية اعتُبر أنها تحمل إشارات تطبيعية، من بينهم أحد رموز الطرق الصوفية بالمغرب. وقد أثارت هذه التحركات ردود فعل متفاوتة، خاصة في الأوساط الدينية، التي سارعت إلى التعبير عن موقفها الثابت والداعم لقضية فلسطين والقدس الشريف، باعتبارها جزءًا من الضمير الجماعي للأمة الإسلامية. عدد من العلماء والمهتمين بالحقل الديني والوطني أكدوا، في تصريحات لهم، أن مثل هذه التصرفات قد تُفهم بشكل لا ينسجم مع الثوابت الوطنية والدينية للمغاربة، مشددين على ضرورة التحلّي بالحكمة والاحتكام للمؤسسات المختصة في ما يتعلق بالقضايا ذات الحساسية الإقليمية والدولية. وفي هذا السياق، نبّه فاعلون من أن التحركات الفردية أو الرمزية ( مهما كانت نواياها ) قد تُستغل أو تُفهم بشكل مغلوط، ما يُربك المواقف الوطنية الواضحة والمعلنة بخصوص القضية الفلسطينية، والتي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، يؤكد عليها في مختلف المحافل، بصفته رئيس لجنة القدس، ومناصرًا قوياً لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة. وأكد المراقبون أن السياسة الخارجية تندرج ضمن اختصاص مؤسسات الدولة، وتُمارس ضمن الأطر الدستورية والقانونية، وبالتالي فإن أي مبادرة تتصل بهذا المجال تتطلب تنسيقًا رفيع المستوى واستشارة مع الجهات المعنية، لما قد يترتب عنها من تبعات على مستوى العلاقات الدولية. وفي ظل الأوضاع الدقيقة التي تعيشها الأمة الإسلامية، يُجمع كثير من المغاربة، بمختلف مشاربهم، على أن قضية فلسطين تظل في وجدان الشعب المغربي، باعتبارها قضية عادلة ومبدئية، لا تقبل المساومة أو الغموض.


نافذة على العالم
منذ 4 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : الإمارات تسطّر ملحمة إنسانية.. غزة ليست وحدها
الثلاثاء 5 أغسطس 2025 11:40 مساءً نافذة على العالم - العريش: محمد أبوعيطة مع انبلاج الفجر كل يوم، وعلى طريق يمتد لمسافة 40 كم من مدينة العريش بشمال سيناء وصولاً إلى الحدود المصرية مع غزة، تتحرك قوافل الشاحنات الإماراتية، في مشهد لا يخلو من الأمل، محملة بالمساعدات الإغاثية العاجلة التي تنقلها دولة الإمارات إلى القطاع، ضمن مبادرة «الفارس الشهم 3»، التي باتت رمزاً متجدداً للعطاء والتضامن الإنساني في وجه المأساة. شحنات المساعدات المنقولة من أبوظبي بحراً وجواً وبراً إلى مراكز استقبال المساعدات بمدينة العريش المصرية على مسافة قريبة من حدود غزة، تشق طريقها بثبات صوب الأراضي الفلسطينية على ظهر الشاحنات المحمّلة بالغذاء والدواء ومستلزمات الإيواء وتجهيزات خطوط مياه، وتمرّ من بوابة معبر رفح وصولاً إلى معبر كرم أبو سالم حتى تصل إلى القطاع، محملة برسائل دعم وأمل لشعب أنهكته الحرب وأعياه وأثقل كاهله الدمار. وترصد «الخليج» ميدانياً من قبالة الحدود المصرية مع غزة ومن مدينة العريش، هذا الحراك الإنساني الإماراتي الذي لم يتوقف منذ نوفمبر 2023، حين انطلقت مبادرة «الفارس الشهم 3»، بصفتها ترجمة واقعية لسياسة إماراتية ثابتة ترى في الإنسان أولوية وفي دعم الفلسطينيين واجباً أخلاقياً لا يقبل التأجيل. وتحمل كل قافلة إغاثية قصة، ويحمل كل صندوق دواء فرصة حياة، وكل وجبة غذائية تحمل دفئاً يبدد قسوة الجوع والخوف، حيث إن هذه المساعدات ليست مجرد دعم طارئ، بل منظومة إنسانية متكاملة، تسير بخطى واثقة ومدروسة، تتضمن نقل الإمدادات وإقامة المرافق وتوفير العلاج، وخلق بيئة داعمة لمواجهة الكوارث. سفينة «خليفة الإنسانية» وفي أبرز مشهد لهذا الدعم المتواصل، رست سفينة «خليفة الإنسانية» في ميناء العريش، حاملة على متنها أكثر من 7166 طناً من المساعدات، ضمن سلسلة الإمدادات البحرية المستمرة، وانطلقت السفينة من ميناء خليفة في أبوظبي، لتكون ثامن سفينة مساعدات إماراتية تصل إلى الميناء المصري على ساحل البحر الأبيض المتوسط منذ بدء المبادرة. وتضمنت حمولة السفينة 4372 طناً من المواد الغذائية، 1433 طناً من مستلزمات الإيواء، 860 طناً من المواد الطبية، و501 طن من المواد الصحية، إضافة إلى 16 سيارة إسعاف مجهزة بالكامل، و20 صهريج مياه لتلبية احتياجات غزة من المياه النظيفة.وتم تجهيز السفينة بالتعاون مع عدد من المؤسسات الخيرية الإماراتية، بينها مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان، ومؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، ومؤسسة صقر القاسمي، وهيئة الأعمال الخيرية، وجمعية دار البر، ومؤسسة القلب الكبير، وجمعية الفجيرة الخيرية. تخفيف المعاناة وأكد أحمد ساري المزروعي، الأمين العام لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، أن هذا الدعم يأتي تجسيداً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يضع القضية الفلسطينية على رأس أولويات العمل الإنساني، ويوجّه دوماً بضرورة تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة الذي يعاني ظروفاً إنسانية قاسية. من جانبه، أعرب سالم محمد الكتبي، رئيس البعثة الإماراتية الدائمة في العريش، عن تقديره للتعاون المصري الكبير، مشيداً بالدور الفاعل الذي تؤديه السلطات المصرية في تسهيل عبور المساعدات، ما يعكس عمق الشراكة الإنسانية بين البلدين. ومن أبرز صور الدعم، تدشين المستشفى الإماراتي العائم قبالة ميناء العريش في 23 فبراير، هذا المستشفى وهو مستشفى متكامل، جُهز بأحدث الإمكانيات الطبية ليقدم خدمات علاجية وجراحية ونفسية متقدمة للجرحى والمصابين من غزة، بطاقة استيعابية 200 سرير، منها 100 للمرضى و100 لمرافقيهم، وبكوادر طبية متعددة الجنسيات والتخصصات. وحتى نهاية إبريل الماضي، استقبل المستشفى أكثر من 10,370 حالة، وأجرى عمليات جراحية دقيقة، بعضها باستخدام تقنية المناظير، كما استحدث قسماً للعلاج الطبيعي نفّذ أكثر من 3000 جلسة تأهيلية ساعدت العديد من المصابين على استعادة حركتهم ووظائفهم الحيوية. فريق طبي إماراتي ويتولى الإشراف على المستشفى فريق طبي إماراتي متكامل، بالتعاون مع فريق طبي إندونيسي، يضم جراحين وأطباء في تخصصات دقيقة، ما يعزز قدرته على التعامل مع الحالات الحرجة، خاصة تلك الناتجة عن العمليات العسكرية، من إصابات حربية وحروق وتشوهات. ومنذ انطلاق عملية «الفارس الشهم 3»، قدّمت الإمارات أكثر من 80 ألف طن من المساعدات الغذائية والطبية والإيوائية، تم نقلها عبر أكثر من 600 رحلة جوية، و17 سفينة شحن، و5400 شاحنة برية، في عملية لوجستية معقدة ومنظمة. ولم تكتفِ الإمارات بذلك، بل نفذت 63 عملية إنزال مساعدات في مناطق يصعب الوصول إليها داخل القطاع، باستخدام 190 طائرة عسكرية أسقطت أكثر من 3800 طن من المواد الغذائية والطبية العاجلة، ما أسهم في الوصول إلى الفئات الأشد احتياجاً في عمق غزة. 2000 جريح ومريض أما على صعيد الدعم الطبي الخارجي، تم نقل أكثر من 2000 جريح ومريض فلسطيني للعلاج داخل الإمارات، من بينهم 1000 من مرضى السرطان، و1000 من المصابين جراء الحرب، ضمن مبادرة الشيخ محمد بن زايد للعلاج الإنساني. وفي خطوة استباقية لدعم سكان القطاع المحاصر، أنشأت الإمارات 6 محطات لتحلية المياه في مدينة رفح المصرية، بقدرة إنتاجية مليوني جالون يومياً، لتوفير مياه الشرب النقية، كما أقامت مستشفى ميدانياً متكاملاً داخل غزة، ضمن خطة استجابة شاملة تراعي الجوانب الصحية والخدمية والبيئية. ولعل ما تقوم به الإمارات من جهود إنسانية متواصلة في غزة، ليس مجرد استجابة طارئة، بل يعكس نهجاً راسخاً في التضامن مع الشعوب المنكوبة، خاصة في قضاياها المصيرية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فالمبادرة ليست حملة محدودة بزمان أو مكان، بل عملية مدروسة ومترابطة، تهدف إلى إنقاذ الأرواح وتوفير الحياة الكريمة وصناعة الأمل. اليماحي يشيد بجهود الدولة أشاد محمد بن أحمد اليماحي رئيس البرلمان العربي، بالدور الإنساني الرائد الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في دعم الشعب الفلسطيني والتخفيف من معاناته في ظل الظروف الإنسانية القاسية التي يشهدها قطاع غزة. وأكد أن المبادرات الإماراتية، وفي مقدمتها «الفارس الشهم 3»، تمثل نموذجاً مشرفاً للتضامن العربي والعمل الإنساني الفاعل.