logo
الدولة تخذل فقراءها: أين تبخّرت أموال الحماية الاجتماعية؟

الدولة تخذل فقراءها: أين تبخّرت أموال الحماية الاجتماعية؟

لا يكاد اللبنانيون يتخطّون محنة حتى تصدمهم محنة جديدة. وليس بالأمر مبالغة إذا قيل أنّهم لم بعرفوا خلال السنوات الستّ الأخيرة، فترة هادئة. فمن أزمة اقتصادية ونقدية إلى تفجير مرفأ بيروت وصولاً إلى حربٍ إسرائيلية مدمِّرة، كانت التداعيات السلبية تتراكم مسبّبة أزمة اجتماعية لا يمكن تجاوزها بسهولة، خصوصاً في ظل نقص الإيرادات الكافية لتمويل برامج المساعدات الإجتماعية.
أمّا الدولة، فلم تتمكّن طيلة هذه السنوات من بلورة خطة فعّالة لتأمين الإيرادات والتحكّم بها وتوجيهها بشكل صحيح نحو محتاجيها، بل على العكس تماماً، أُهدِرَ المال في غير محلّه، وأصبحت الدولة أمام عقبة تأمين تمويل مستدام لبرامج الحماية الاجتماعية. فهل خذلت الدولة فقراءها؟.
واقع الحماية الاجتماعية
بين العامين 2019 و2024 تركت الأزمات المتتالية بصماتها على كاهل اللبنانيين، فأفرزت ارتفاعاً لمعدّلات البطالة إلى نحو 43 بالمئة، وازداد الفقر بمعدّل 3 أضعاف ما كان عليه قبل الأزمة الاقتصادية، في حين طرحت كلفة احتياجات التعافي وإعادة الإعمار بعد الحرب، والمقدّرة بنحو 11 مليار دولار، التساؤلات حول القدرة الفعلية للبنان على تخطّي ما يمرّ به بسهولة. وما يزيد الأمر تعقيداً، هو إشارة تقارير الأمم المتحدة إلى أنّ لبنان خسر أكثر من عقدٍ من مكتسبات التنمية البشرية، خصوصاً في مجالات الطبابة والصحة والتعليم. وهذه المؤشّرات تعني بأنّ مروحة اللبنانيين الذين يحتاجون لمساعدة اجتماعية، تتّسع.
أمام هذا الاتّساع، تقف مالية الدولة عاجزة عن تمويل برامج الحماية الاجتماعية بشكل كافٍ. ويُقرّ وزير المالية ياسين جابر خلال عرض تقرير لمعهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، يهدف إلى تحليل كيف أنفقت الحكومة على الحماية الاجتماعية خلال السنوات من 2017 إلى 2024، بأنّ "التحدي الأكبر أمامنا هو أنّ قدرتنا المالية محدودة للغاية، مع هامش ضيّق جداً للإنفاق التقديري، يذهب معظمه اليوم لتلبية الاحتياجات الطارئة". ويلفت النظر إلى أنّ "نسبة ما خصّص للحماية الاجتماعية في موازنة العام 2024 لم يتجاوز الـ4 بالمئة، وهذه نسبة لا تعكس حجم الحاجة، ولا تتناسب مع طموحنا ولا حقّ الناس علينا".
ورغم إقرار مجلس الوزراء في شباط 2024، الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية، والتي تقوم على تقديم المساعدات لمن هم أكثر حاجة. توسيع شبكات التأمينات الاجتماعية. تعزيز خدمات الرعاية الاجتماعية. دعم فرص العمل للفئات الأكثر هشاشة. تكريس حق كل لبناني ولبنانية في التعليم والصحة من دون تمييز أو عائق. إلاّ أننا ندرك أنّ هذه الاستراتيجية تصطدم بواقع صعب ومعقّد، فالواقع يقول لنا بوضوح أنّ أزمتنا الاقتصادية أعمق وأقدم".
كشف الأرقام
ضعف الإمكانيات المالية للدولة راهناً لا يعطيها صكّ براءة عن عدم تأمينها الحماية لمواطنيها قبل الأزمة وعدم احترازها للأزمة، وبالتأكيد يفتح المجال أمام ترقُّب ما ستقوم به في القريب العاجل لتدارك ما فاتها.
مليارات الدولارات تبخّرت بلا حماية اجتماعية حقيقية. هذا ما أظهرته أرقام التقرير. وبالاعتماد على الموازنة العامة، فإنّ "الاعتمادات المرصودة للحماية الاجتماعية كانت نحو 6.9 آلاف مليار ليرة في العام 2017 وارتفعت لأكثر من 50 ألف مليار ليرة في العام 2014"، لكن هذا الارتفاع لا يعكس بالضرورة أمراً إيجابياً يطال التغطية الاجتماعية، لأنّ قيمة هذه الزيادة بالدولار تبيِّن انخفاض التقديمات. وعليه "تراجعت قيمة التقديمات من 6.6 مليار دولار إلى نحو 1.3 مليار دولار"، ما يعني تراجع قدرة الدولة على الإنفاق على الحماية الاجتماعية.
حاولت الدولة تأمين الإيرادات الكافية لتغطية برامج الحماية الاجتماعية التي تشمل تقديمات وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة... ففي موازنة العام 2024 "نجد أنّ 42 بالمئة من الموازنة مخصّصة للتغطية الاجتماعية. 21 بالمئة من هذه النسبة ذهبت للحماية الاجتماعية ومثلها ذهب للتغطية الصحية، ما يعكس إنفاق الدولة على الصحة خصوصاً بعد موجة كورونا وتفجير المرفأ. وظهر هذا الإنفاق في مخصصات وزارة الصحة التي ارتفعت من 3.4 بالمئة في العام 2020 إلى 13 بالمئة في موازنة 2024".
الجدير ذكره، أنّ تخصيص الاعتمادات في الموازنات، لا يعني أنّها أنفِقَت حكماً. فبموجب التقرير "انخفضت نسبة الحماية الاجتماعية من الناتج المحلي الإجمالي من 6 بالمئة قبل الأزمة الاقتصادية إلى 2 بالمئة بدءاً من العام 2021. فالدولة لم تعد تستطيع صرف الاعتمادات بسبب نقص السيولة مع انخفاض الايرادات. فبات تركيز إدارة الخزينة على صرف النفقات الطارئة وغير القابلة للتأجيل".
الإنفاق على الشيخوخة
بغضّ النظر عن حجم الإنفاق على الحماية الاجتماعية، فإنّ تبويب الإنفاق عكسَ أزمة بنيوية، إذ أنّ "60 بالمئة من إجمالي الإنفاق على الحماية الاجتماعية جاء على شكل مخصّصات الشيخوخة والصحة للمواطنين. و77 بالمئة من هذه المخصّصات كانت عبارة عن معاشات للمتقاعدين في القطاع العام، و11 بالمئة للقطاع الخاص على شكل تعويضات نهاية الخدمة التي يقدّمها الضمان الاجتماعي".
وأظهرَ التقرير أنّ "موظفي القطاع العام هم أكثر الفئات استفادة من الإنفاق على الحماية الاجتماعية، وخصوصاً القوى العسكرية والأمنية، ويأتي بعدها موظفو القطاع الخاص. أمّا مَن استفاد من باقي المواطنين، فهم نسبة ضئيلة جداً". وبالتركيز على الإنفاق المتعلّق بالقطاع العام، فإنّ "معدّل 11 بالمئة من الإنفاق في الموازنة، على مدى 7 سنوات، ذهب لتغطية احتياجات 2.5 بالمئة من السكّان فقط".
ورغم كشف هذه الأرقام، إلاّ أنّ "الموازنة العامة لا تحمل تصنيفات واضحة تبيِّن الإنفاق على الحماية الاجتماعية"، وفق ما أكّدته الخبيرة الاقتصادية في معهد باسل فليحان المالي، سابين حاتم، التي أشارت في حديث لـ"المدن"، إلى أنّ "غياب التصنيف الواضح يؤدّي إلى إخفاء أموال قد تكون رصدت للحماية الاجتماعية لكن تحت بنود أخرى مثل التربية والصحة وغيرها. فمثلاً، هناك 40 بالمئة من الإنفاق على الحماية الاجتماعية، لا يظهر فعلياً تحت هذا البند في الموازنة، بل مخبَّأ تحت وظائف أخرى 15 بالمئة منها لا تهدف إلى الحماية الاجتماعية". ولفتت حاتم النظر إلى أنّ "التصنيف الصحيح للنفقات، يؤدّي إلى متابعتها والتدقيق بها". وقد أوصى المعهد، بحسب حاتم "في اعتماد تصنيفات أكثر وضوحاً للموازنة".
التمويل المستدام
أرهقت الدولة خزينتها بأموال استنزفت تحت شعار الحماية الاجتماعية، لكنّها في الواقع لم تبنِ شبكة أمان اجتماعي فعلي. وعلى سبيل المثال "أنفقت الدولة 60 بالمئة من أموال حقوق السحب الخاصة SDR لدعم المحروقات والقمح والأدوية، وهي ضمن الحماية الاجتماعية"، لكنها لم تحقّق الفائدة المرجوة. وفي السنوات الـ4 الأخيرة، باتت سلف الخزينة هي السبيل الأبرز لتأمين الحماية الاجتماعية "وفي العام 2023 كان هناك 32 بالمئة من سلفات الخزينة هي الممول لبرامج الحماية الاجتماعية، من دون الأخذ بالاعتبار المساعدات الاجتماعية لموظفي الدولة". وبالنتيجة، فإنّ التمويل المحلّي المتاح لتغطية الحماية اليوم "يعادل بين 9 إلى 10 بالمئة مقارنة بما كان عليه قبل الأزمة الاقتصادية". فكيف نؤمِّن تمويلاً مستداماً؟.
لتأمين استدامة مالية تعمل الحكومة اليوم، برأي وزير المالية "على تعبئة الإيرادات المحلية من خلال إصلاح السياسات الضريبية وترشيد الإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة، وفرض ضرائب انتقائية جديدة... وغير ذلك".
الحديث عن الاستدامة المالية "أمر جدّي"، برأي حاتم، لأنّ التركيز الأساسي اليوم هو على عاتق التمويل من الجهات المانحة، لكن ماذا إذا توقّف التمويل؟. لذلك كانت توصية المعهد بالبحث عن تمويل مستدام لبرامج الحماية الاجتماعية".
وبالتاوزي، فإنّ التمويل المستدام ليس وحده الحلّ الأنسب. فبنظر وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيّد، هناك ضرورة لـ"الدمج الاقتصادي، عبر توجيه المستفيدين من خدمات وزارة الشؤون الاجتماعية، نحو الوظائف". وبالنسبة إلى السيّد "المسألة لا تتعلّق بتقديم المساعدة فقط على المستوى النقدي أو الخدمات، بل في إيجاد فرص عمل لمحتاجي المساعدة ليتمكّنوا من الوقوف على أقدامهم". وانطلاقاً من أهمية هذا الأمر، كشفت السيّد أنّ "هناك 800 ألف لبناني يحصلون على مساعدات نقدية تتراوح بين 100 و120 دولار شهرياً. وسنعمل في غضون 5 سنوات على زيادة التمويل الحكومي لمواكبة نقص التمويل الخارجي. ومن خلال خلق فرص العمل، سيتراجع عدد محتاجي الدعم المالي خلال 5 سنوات. وعبر فرص العمل سيتراجع معدّل الفقر".
ما أنفقته الدولة في السابق، وعجزها اليوم عن إنفاق ما يكفي، يظهر أنّ الدولة خذلت فقراءها. أمّا الحديث عن خطوات لتأمين إنفاق إضافي، فيحتاج إلى إعادة بناء الثقة التي فقدت بين الدولة ومواطنيها، وهو أمر صعب في الوقت الراهن، ما يُبقي الفقراء أمام حاجة ملحّة للحماية.
خضر حسان - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بورصة الكويت تتجه لإدراج وتداول صناديق الصكوك والسندات
بورصة الكويت تتجه لإدراج وتداول صناديق الصكوك والسندات

ليبانون 24

timeمنذ 36 دقائق

  • ليبانون 24

بورصة الكويت تتجه لإدراج وتداول صناديق الصكوك والسندات

تتجه بورصة الكويت لإدراج وتداول صناديق المؤشرات المتداولة وأدوات الدخل الثابت مثل الصكوك والسندات، مع اقتراب إصدار القواعد واللوائح التنظيمية اللازمة. وكشف بيان صادر عن البورصة، يوم السبت، عن إنجاز تهيئة البيئة التقنية وتطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات اللازمة لإدراج وتداول هذه المنتجات، وإجراء الاختبارات الفنية اللازمة كافة بالتعاون مع الجهات المعنية. منحت هيئة أسواق المال ترخيص ممارسة نشاط الوسيط المركزي لـ«الشركة الكويتية للتقاص»، لتكون بذلك أول جهة في السوق الكويتي تباشر هذا النشاط. وتطلعت أن يسهم «الوسيط المركزي» بتعزيز كفاءة البنية التحتية للسوق ورفع مستوى الشفافية وتقليل المخاطر النمطية. وأشارت إلى ترقية 10 شركات وساطة مالية إلى نموذج «الوسيط المركزي»، بما يسهم في تعزيز قدراتها على تقديم مجموعة أوسع من الخدمات والمنتجات المالية لعملائها ضمن منظومة سوق المال. وكانت بورصة الكويت اختتمت تعاملاتها يوم الخميس الماضي على ارتفاع ملحوظ، حيث صعد المؤشر العام بمقدار 60.39 نقطة، بما يعادل ارتفاعاً بنسبة 0.71 في المائة، ليبلغ مستوى 8605.67 نقطة. وجرى تداول نحو 718.4 مليون سهم عبر 34,885 صفقة نقدية، بقيمة إجمالية ناهزت 134.9 مليون دينار كويتي (نحو 441.6 مليون دولار). في المقابل، سجل مؤشر السوق الرئيسي تراجعاً بواقع 13.89 نقطة، بانخفاض نسبته 0.19 في المائة، ليصل إلى مستوى 7323.36 نقطة، من خلال تداول 531.9 مليون سهم، عبر 24.4 ألف صفقة، بقيمة 62.5 مليون دينار (نحو 204.6 مليون دولار). بينما ارتفع مؤشر السوق الأول بواقع 81.92 نقطة، مسجلاً نمواً بنسبة 0.88 في المائة، ليغلق عند 9350.87 نقطة، بعد تداول 186.5 مليون سهم عبر 10,476 صفقة، وبقيمة بلغت 72.3 مليون دينار (نحو 236.6 مليون دولار). كما سجل مؤشر «رئيسي 50» ارتفاعاً قدره 5.50 نقطة، بما يعادل 0.07 في المائة، ليصل إلى مستوى 7386.56 نقطة، عبر تداول 420 مليون سهم من خلال 14,015 صفقة نقدية، بقيمة 43.5 مليون دينار (نحو 112.9 مليون دولار)

الرياض تؤكد جاهزيتها لتعزيز التعاون الصناعي مع موسكو
الرياض تؤكد جاهزيتها لتعزيز التعاون الصناعي مع موسكو

بيروت نيوز

timeمنذ 41 دقائق

  • بيروت نيوز

الرياض تؤكد جاهزيتها لتعزيز التعاون الصناعي مع موسكو

قال وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف، في مقابلة مع وكالة تاس، إن بلاده معنية ومستعدة لتطوير شراكات مع الشركات الروسية في مختلف المجالات. وأضاف الوزير، ردا على سؤال حول المشاريع الصناعية المشتركة التي يمكن أن تنظمها روسيا والمملكة، وما إذا كان توطين الإنتاج الروسي ممكنا في السعودية: 'هناك الكثير من المجالات التي يمكننا التعاون فيها. لكن إذا كان علي أن أختار الثلاثة أو الأربعة الأوائل، فسأقول إن أحدها بالتأكيد هو إعادة تدوير المعادن وإنتاجها'. ووفقا للوزير السعودي، تتمتع روسيا بخبرة واسعة في هذا المجال، لا سيما في إنتاج الصلب والألمنيوم والتيتانيوم وغيرها من المنتجات المعدنية. وتابع الوزير: 'لقد فتحنا اليوم قطاع التعدين لدينا، وهذا سيفتح آفاقا واسعة وسيوفر إمكانيات كبيرة'. وأشار الوزير السعودي إلى أن قطاع الأدوية يعد مجالا واعدا آخر للتعاون، وهو المجال الذي 'تتمتع فيه المملكة العربية السعودية وروسيا باستراتيجية مفصلة للغاية لتوطين صناعة الأدوية'. وقال: 'هناك مجال إنتاج السيارات، وكذلك الطاقة المتجددة، والآلات والمعدات. كما نهتم بالعمل معا في مجال أتمتة البحوث والتطوير. توجد العديد من الفرص هنا. لدينا خطة طموحة لأتمتة الإنتاج والمعالجة الكيميائية. وأشار الوزير السعودي إلى أن المملكة تبدي اهتماما بالتعاون مع روسيا في مجال المعادن الأرضية النادرة. وخلال رده على سؤال حول هل يتم النظر في آفاق التعاون بين الدولتين في المجال المذكور، قال الوزير: 'حتما بدون شك. تم الإعلان في العام الماضي أن احتياطياتنا ارتفعت من 1.3 تريليون دولار إلى 1.5 تريليون دولار، بعضها من المعادن الأرضية النادرة. ونعتقد أن لدينا نسبة جيدة منها'. وبحسب الوزير، المرحلة الحالية هي مرحلة التفهم والإدراك الكبير، لذلك هناك حاجة إلى التعاون، ومحاولة الحصول على المزيد من البيانات حول احتياطيات المملكة من المعادن النادرة ونوع هذه المعادن. وأعرب الخريف عن اعتقاده بأنه، 'من المثير للاهتمام والمهم أيضا العمل في مجال التكنولوجيات – كيفية فصل هذه العناصر وكيفية معالجتها بحيث تكون جاهزة للاستخدام الصناعي'. (رةسيا اليوم)

من المساعدات الى العودة… خطة لإعادة آلاف النازحين السوريين الى بلادهم قبل نهاية 2025
من المساعدات الى العودة… خطة لإعادة آلاف النازحين السوريين الى بلادهم قبل نهاية 2025

المردة

timeمنذ ساعة واحدة

  • المردة

من المساعدات الى العودة… خطة لإعادة آلاف النازحين السوريين الى بلادهم قبل نهاية 2025

للمرة الأولى منذ العام 2011، 'توافق' المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، على مساعدة الدولة اللبنانية في تطبيق الخطة التي وضعتها مرّات عديدة لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم ولم تتمكّن من تنفيذها طوال السنوات التي تلت انتهاء الحرب في سورية. وكانت اتُهمت المفوضية سابقاً بعرقلة خطة الحكومة لإعادة النازحين من خلال تخويف هؤلاء وترهيبهم من العودة. ويعود السبب الأساسي اليوم لمدّ المفوضية يدها لمساعدة لبنان في تسهيل عودة النازحين إلى تبدّل موقف المجتمع الدولي ككلّ والدول الأوروبية من مسألة 'أنّ ظروف بالوضع السياسي في سورية. ولكن مع تغيّر النظام، وانخفاض المساعدات النقدية من قبل الدول التي تموّل المفوضية الأممية، أصبحت العودة حتمية أمام النازحين، وإن كانت لا تزال 'طوعية'، وليس 'قسرية'. وفي ظلّ حصول رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع على دعم دولي وإقليمي يهدف إلى إعادة إعمار سورية، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، باتت الدول المموّلة للمفوضية أكثر اقتناعاً بفكرة عودة النازحين السوريين من دول الجوار، ومن دول العالم إلى بلادهم بصورة طوعية. كما اقتنعت بفكرة مساعدتهم لدى عودتهم إلى سورية، رغم أنّها ستكون لمرّة واحدة فقط. فوقف التمويل أو شحّه، من شأنه إرغام عدد كبير من النازحين السوريين في لبنان على اتخاذ قرار العودة إلى سورية سريعا، قبل إقفال باب دفع المساعدات النقدية لهم بشكل نهائي. كذلك مع صدور تعاميم عن الحكومة اللبنانية تتعلّق بتقديم تسهيلات إضافية للسوريين واللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من سورية، والراغبين في مغادرة لبنان عبر المعابر الحدودية الرسمية البريّة، والتي نصّت على إعفائهم من دفع الرسوم والغرامات أو ملاحقتهم لعدم تجديد الإقامة، على ما تضيف المصادر، فإنّ المزيد من العوائق قد أزيلت من أمام النازحين الراغبين جديّاً بالعودة، ولا سيما أنّ النظام الجديد سبق وأن دعاهم إلى العودة وطمأنهم بأنّه سيُعامل الجميع سواسية، ولن يقوم بالتالي بمحاسبة أو معاقبة أي منهم. من هنا، أشارت المصادر إلى أنّ السوريين والفلسطينيين الذين دخلوا إلى لبنان، في أي فترة من السنوات السابقة بصورة شرعية أو غير شرعية (أي نظامية أو غير نظامية) وتجاوزوا مدة الإقامة المصرّح بها، بات يمكنهم اليوم مغادرة لبنان عبر المعابر الحدودية الرسمية البريّة من دون دفع أي رسوم أو غرامات ومن دون إصدار منع دخول بحقّهم. وقد بدأ العمل بهذه التسهيلات ابتداءً من 1 تمّوز الجاري، على أن تستمرّ نافذة المفعول لغاية 30 أيلول المقبل. الأمر الذي يُشجّع النازحين على اتخاذ قرار العودة سريعا خلال هذه الفترة، وإبلاغ المديرية العامّة الأمن العام اللبناني بهذا الأمر. في المقابل، واكبت مفوضية اللاجئين خطوة الدولة اللبنانية، من خلال اعتماد برنامجين مناحَين حاليا ومدعومَين منها لتيسير العودة الطوعية للنازحين الراغبين بالعودة إلى سورية بأمان وكرامة، وذلك بعد التنسيق الوثيق مع الحكومة والوزارات المعنية، ومع المنظمات الشريكة والدول المموّلة. وتزامن ذلك مع إعلان مفوضية اللاجئين وقف دعمها الكامل للتكاليف الإستشفائية للاجئين مع نهاية العام الحالي (2025)، بسبب قلّة التمويل. يبقى أنّه على كلّ نازح ان يختار البرنامج الأنسب له من البرنامجين اللذين بدأ تنفيذهما، ضمن الخطة المتكاملة التي تقوم الحكومة الحالية بتفعيلها، وهما: الأول، برنامج العودة الطوعية المنظمة ذاتياً (بصورة فردية): وقد بدأ هذا البرنامج في 1 تمّوز الجاري، ويتضمّن منحة نقدية لمرّة واحدة بقيمة 100 دولار أميركي لكلّ فرد من أفراد العائلة العائدين لمساعدتهم في تنظيم ترتيبات العودة عبر المعابر الحدودية الرسمية. الثاني، برنامج العودة الطوعية المنظّمة (بدعم من المجتمع الدولي): ويوفّر هذا الأخير دعماً لوجيستياً للنقل من قبل الدولة ومنظمة الهجرة، فضلاً عن منحة العودة النقدية لمرّة واحدة بقيمة 100 دولار أميركي لكلّ فرد من أفراد العائلة العائدين إلى سورية. كما جرى التخلّي، وفق المصادر، بعد مشاورات مع النازحين والسلطات المعنية، عن برنامج 'زيارة الذهاب والاطلاع على الأوضاع'، ولن يتمّ تنفيذه، نطراً إلى أنّ عدداً كبيراً من اللاجئين قد قام بهذا النوع من الزيارات بشكل فردي في وقت سابق. وبما أنّ العودة 'طوعية'، فإنّ هذا الأمر يتيح للنازح تغيير موقفه في أي وقت يشاء، على ما تلفت المصادر، إلّا أنّه بعد العودة لا يستطيع العودة عن قراره. فبعد إغلاق ملف العائدين من قبل المفوضية، لا يعودوا مؤهّلين للحصول على أي مساعدة منها في لبنان، إنّما يحصلون على منحة نقدية لمرّة واحدة لدعم إعادة الإندماج، بقيمة 400 دولار أميركي لكلّ أسرة، تُقدّم لهم من قبل المفوضية في سورية. وبمحرّد استلام منحة العودة النقدية من المفوضية في لبنان من قبل النازح الذي قرّر العودة بمفرده دون أسرته، على ما توضح المصادر، يتمّ إغلاق ملفه الفردي بشكل نهائي في لبنان، ولا يُمكن إعادة فتحه، ولن يكون بالتالي مؤهّلاً للحصول على أي مساعدة في لبنان، حتى لو قرّر العودة اليه في المستقبل. أمّا بالنسبة لأفراد عائلته، الذين قرّروا البقاء في لبنان، فيتلقّون المساعدة، وتبقى ملفاتهم سارية المفعول لدى المفوضية. ويمكنهم بالتالي الإستمرار في الحصول على المساعدة التي سيجري تحديدها على أساس عدد أفراد الأسرة الذين قرّروا البقاء في لبنان، شرط مواصلتهم نشاط التحقّق من البطاقة بشكل منتظم واستلام المساعدة، والمشاركة في أنشطة التحقّق المنظّمة من قبل المفوضية. وتجدر الإشارة هنا، إلى أنّ المساعدات من قبل الدول المانحة تخفّ تدريحياً، مع انتفاء أسباب النزوح، ما يُحتم عودة النازحين وبدء حياتهم في بلادهم من جديد. كما أنّ العودة الطوعية إذا لم تنجح سوى في إعادة بين 200 أو 400 ألف نازح خلال عام، قد تتحوّل إلى 'قسرية' مع ازدياد أعباء النزوح على كاهل الدولة اللبنانية. فمن الأفضل للنازحين اليوم إذاً، اتخاذ قرار العودة وتلقّي الدعم المالي الذي سيتوقّف لاحقًا. وكشفت المصادر، بأنّ عدداً من الدول الأوروبية ستعمل على ترحيل اللاجئين السوريين الذين دخلوا اليها بطرق غير شرعية، لعدم قدرتها على استضافة المزيد من المهاجرين. كما أنّ بعضًا منها، يُبدي استياءه اليوم من أداء بعض اللاجئين السوريين من الذين حصلوا على الموافقة على طلبات اللجوء. وستعمل خلال المرحلة المقبلة على اتخاذ التدابير المناسبة بحقّ اللاجئين السوريين، غير المرغوب بهم، لترحيلهم وتسهيل عودتهم إلى بلادهم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store