
هل يسّلم "حزب الله" سلاحه أم يُنتزَع منه؟
هل صحيح أن الموفد الأميركي الجديد إلى لبنان توماس برّاك قد أبلغ المسؤولين اللبنانيين، الذين التقاهم في آخر زيارة له لبيروت، أن سلاح " حزب الله" يجب أن يُنزع بأي طريقة من الطرق؟ فإذا كان لبنان غير قادر على هذه المهمة فإن إسرائيل ، التي امتدّت يدها إلى إيران ، مصدر هذا السلاح، قادرة على القيام بهذه المهمة. وهذا ما ورد صراحة في الورقة الموقعّة بين واشنطن وتل أبيب على هامش اتفاق وقف إطلاق النار. وهذه الورقة لم تعد سرّية لأن الجميع، بمن فيهم أركان "حزب الله"، على علم بما تضمّنته من بنود تجيز للعدو الإسرائيلي ملاحقة العناصر الحزبية ومخازن الأسلحة أينما وجدوا حتى ولو كانوا في المناطق، التي لم تطلها الصواريخ الإسرائيلية خلال حربها ضد "حزب الله". وهذه "المطاردة" لم تتوقف يومًا، وهي مستمرة بوتيرة أعنف، خصوصًا بعدما أصبحت إسرائيل "مرتاحة على وضعها" بعد حربها مع إيران، وما نتج عنها من خسائر طالتها كما طالت إيران، على رغم ادعاء كل منهما بأن النصر كان حليفه فيما الواقع هو على عكس هذه الادعاءات.
قد يكون أمر تسليم "حزب الله" سلاحه للدولة مهمًّا بالنسبة إلى اللبنانيين، الذين يريدون أن يأكلوا عنبًا لا قتل الناطور، لكنهم يرون أن أكل العنب وقت القطاف أفضل بكثير من أن تُترك العناقيد على أمها فتأتي طيور السماء لتنتهشها، خصوصًا إذا ما تيقنت أن "خيالات الصحراء"، التي توضع عادة في الكروم لإخافة هذه الطيور، ليست سوى دمىً لا تُخيف.
وهذا ما تمّ بحثه على الأرجح بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس حزب " القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع في أول لقاء بين الرجلين بعد الانتخابات الرئاسية.
الذين اطّلعوا على بعض تفاصيل ما دار من أحاديث في لقاء بعبدا يؤكدّون أن معظمها دار حول سلاح "حزب الله"، وأن مهمة تسليمه إلى الدولة يجب أن تُناط بمؤسسة الجيش اليوم قبل الغد، لأن نزع هذا السلاح بغير هذه الطريقة "الحبّية" سيؤدّي حتمًا إلى ردود فعل غير مستحبّة في الظرف الحالي، الذي يمرّ به لبنان، وستكون له انعكاسات سلبية على مسيرة العهد، التي بدأت بخطاب قسم تاريخي.
ولكن تسليم السلاح إلى الجيش بطريقة "حبّية" يجب ألا يعني بالضرورة "تمييع" هذه المهمة، أو إضاعة الفرصة أمام إمكانية استعادة الدولة بأجهزتها الشرعية قرار السلم والحرب، بما يعنيه هذا القرار من استعادة هيبة هذه الدولة كمقدمة لا بدّ منها لإعادة بسط سلطتها على كل شبر من الأراضي اللبنانية بما فيها التلال الخمس، وكذلك مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، على رغم كل الكلام، الذي قيل في السابق ويُقال اليوم عن غير وجه حقّ بالنسبة إلى "لبنانية" هذه المزارع وتلك التلال.
فالفرق كبير، في رأي الخبراء العسكريين، بين "تسليم" السلاح، وبين "نزع" هذا السلاح. ففي الأمر الأول، خصوصًا إذا أتى وفق ما يسعى إليه الرئيس عون ، يكون هذا التسليم مقدمة لأمور كثيرة، ومن بينها بالطبع عودة الدولة إلى الدولة، وعودة "حزب الله" بالتالي إلى هذه الدولة، التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية في خطاب القسم، والتي تحدّث عنها بصراحة متناهية في خلال استقباله وزير خارجية إيران عباس عراقجي عندما زار لبنان عشية الضربة الإسرائيلية لإيران.
أمّا في الأمر الثاني فإن كثيرًا من اللبنانيين يعتبرون أن "نزع" سلاح "حزب الله" بالقوة أو عن طريق حرب إسرائيلية جديدة ضد " المقاومة الإسلامية" ستُدخل البلاد مرّة جديدة في متاهات الحروب العبثية، التي من شأنها أن تقوّض التركيبة اللبنانية القائمة على توازنات دقيقة وحسّاسة.
باختصار كلي يمكن القول، واستنادًا إلى أوساط مراقبة، بأن الوضع غير مطمئن، لأن "حزب الله" لا يزال يعتبر حتى الساعة أن دور سلاحه لم ينتهِ بعد، وهو حاجة وطنية قبل أن يكون مجرد حاجة للبيئة الشيعية فقط.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ ساعة واحدة
- المدن
من مقاتل في الحزب إلى الموساد: علاقة أسقطته عميلًا.
لا تملك إسرائيل قالباً واحداً لعملائها. تتفنّن في استقطابهم، تختار وسيلتها بحسب الهدف، وتنسج ملفاتها بخيوط متداخلة من الابتزاز، والتدريب، والإغراء، ثم تُسقِطهم عند أول اختبار فشل. وفي هذا السياق، تبرز قضية محسن عبد المحسن سلامة، ابن بلدة يانوح الجنوبية، الذي أدانته المحكمة العسكرية بالتعامل مع العدو الإسرائيلي، وقضت بسجنه 7 سنوات. أوقف في 20 أيلول 2022، بعدما تمكّنت شعبة المعلومات، في إطار متابعتها لنشاط شبكات العملاء والجواسيس العاملون لصالح الموساد، من رصده. محسن، من مواليد 1994، التحق بـ"حزب الله" عام 2010 في مركز يانوح كعنصر مشاة، وخضع لدورات في محو الأمية، القتال، والقوات الخاصة. شارك في معارك سوريا عامي 2012 و2013، ثم عاد إلى لبنان عام 2014، والتحق بصفوف الحزب في الضاحية الجنوبية لسبعة أشهر، قبل أن يُنقل إلى فرع الهندسة في يانوح. وفي 2015، عاد إلى سوريا واستمرّ في القتال حتى عام 2019، حين قرر ترك الحزب. لاحقًا، غادر إلى أفريقيا طلبًا للعمل، واستقرّ في سيراليون، قبل أن ينتقل في حزيران 2021 إلى ليبيريا، بناءً على طلب من الموساد. وبعد ذلك، عاد إلى لبنان في 4 آب 2021، لتنفيذ مهمة تقضي بالانخراط مجددًا في صفوف الحزب. من الجنس إلى الموساد في ملهى ليلي في سيراليون، تعرّف محسن على فتاة تُدعى "شارلوت"، بلجيكية الجنسية. وبعد علاقة جنسية بينهما، تلقّى مقطع فيديو يوثّق ما جرى، أُرسل إليه من رقم مجهول، تلاه اتصال جاء فيه: "ما تلعب بالخطر... أنا الموساد". عرّف المتصل عن نفسه باسم "أمير"، وقدّم العرض: إمّا التعاون، أو نشر الفيديو وإرساله إلى أهله وأصدقائه، وراح يعدد أرقام هواتفهم. فأبلغه محسن استعداده لتنفيذ كل ما يُطلب منه مقابل حذف الفيديو وعدم فضحه. عندها، أخبره "أمير" أن عملية تجنيده ستتم على مراحل، وبشكل تدريجي. منذ اللحظة التي وافق فيها محسن سلامة على التعاون مع الموساد، تكثّف التواصل، وتلقّى لاحقًا أوامر واضحة بلقاء في ليبيريا، حيث أُبلغ بأن مهمته الأساسية هي العودة إلى لبنان والانخراط مجددًا في صفوف "حزب الله"، وتحديدًا في فوج الهندسة، بهدف تزويد الإسرائيليين بمعلومات مفصّلة عن مستودعات الأسلحة والذخائر، إضافة إلى صور وإحداثيات لمراكز الحزب المنتشرة في الجنوب. زوّد مشغّليه لاحقًا بمعلومات أمنية عن سبعة عشر كادرًا ومسؤولًا من المنتمين إلى الحزب، إضافة إلى تحديد مواقع لمراكز حساسة في بلدات مثل البازورية وصور، البص، الحوش، يانوح. وتمّ استجوابه حول جهاز "البيجر" واستخدامه في الحزب، كما شرح لهم كيفية تسلّم الأسلحة وتوزيعها في لبنان وسوريا. التدريبات تدرّب محسن على يد عدد من الخبراء، بعدما انتهت علاقته بـ"أمير"، وبدأ يتابع العمل مع شخص جديد يُدعى "عاهد"، قبل أن يُسلَّم إلى خبير يُعرف باسم "آدم". تولّى الأخير الجانب العملياتي، فاستنطقه حول مهاراته القتالية، مواقع خدمته السابقة، ودورات الهندسة التي خضع لها. كما طلب منه تحديد مواقع على الخرائط، والإجابة عن أسئلة تتعلق بهيكلية "حزب الله"، مثل عديد فوج الهندسة، تجهيزاته، أنواع العبوات، وآلية تفجيرها. وسلمه بعدها مبلغ 5000 دولار "هدية". ولتقييمه بدقة، خضع لفحوصات طبية شاملة واختبار كشف كذب، وتابعته معالجة نفسية تُدعى "نسرين"، استجوبته مطولًا حول طفولته وظروف انتسابه إلى الحزب. في مرحلة لاحقة، تلقى تدريبات نظرية وعملية على يد شخص يُدعى "روبير"، شملت التعامل مع البريد الميت، رصد المباني والأشخاص، وتحديد الإحداثيات وإرسالها بشكل مشفّر. أما خبير يُدعى "باين"، فقد ركّز على الجوانب التنظيمية، ودربه على كيفية العودة إلى صفوف الحزب، وطريقة التعامل مع أسئلة التحقيق، وكيفية رفض السفر إلى سوريا في حال طُلب منه ذلك، لتجنّب انكشاف مهمته. كما تسلّم تدريبًا متخصصًا من خبير لوجستي، عرّفه إلى جهاز إلكتروني متطور يشبه الهاتف الخليوي، لكنه ليس كذلك فعليًا، بل معدّل ليؤدي مهامّ تجسسية متعددة. قيل له إن الجهاز نفسه، أو شبيهه، سيتم تسليمه إليه لاحقًا في لبنان عبر آلية الاستلام والتسليم سرّية التي تدرب عليها. تمويه وتمهيد للاندماج...18 ألف دولار وقبل مغادرته ليبيريا في 2021، حصل على 8000 دولار. وبعد عودته إلى لبنان، تسلّم 1000 دولار عبر البريد الميت في منطقة بئر حسن كـ"هدية" لخطيبته، تزامنًا مع خطوبته في 8 آب 2021. وفي تشرين الثاني من العام نفسه، طلب منه فتح مشروع صغير كإشارة إلى أنه لا ينوي السفر مجددًا، فأرسلوا له 4000 دولار، استلمها من منطقة المدفون. بالتوازي، بدأ ينفّذ تعليمات التمويه: طلبوا منه التقرب من أصدقائه في "حزب الله"، بهدف أن يُعرض عليه الانضمام مجددًا. كما طُلب منه التظاهر بتأدية الصلاة والصوم. وكان "عاهد" يتصل به كل عشرة أيام، يسأله عن التطورات. وفي إحدى المرات، عاتبه على بطء التنفيذ، فأجابه محسن بأنه يحاول التقرب من مسؤول في الحزب تجمعه به صلة قرابة، وأنه يرتاد مقهى في بلدة الحوش يتردّد إليه عدد كبير من عناصر الحزب. وفي آب 2022، وصلته رسالة شديدة اللهجة، كُتب فيها "ليك حبيبي، بدك تشتغل معنا أو لا؟ هيك الشغل ما بصير وما بدنا نزعل من بعض." فجاء جوابه حاسمًا "اللي بدك بصير." ليتم القبض عليه في أيلول. الدفاع: لم يسع للعودة إلى الحزب! أمام المحكمة العسكرية، أبدى سلامة ندمه الشديد على ما فعله، وأجهش بالبكاء، متوجّهًا إلى رئيس المحكمة العميد وسيم فياض بالقول: "يا ريت فُضحت وما عملت هيك شي"، مضيفًا: "لو إنني متّ قبل أن أصل إلى هذه اللحظة". وفي مرافعتها، اعتبرت المحامية فاديا شديد أنّ "هذا الملف يختلف عن غيره من الملفات المخجلة التي سبق أن تسلّمتها"، مشيرة إلى أن موكّلها تعرّض لضغوط نفسية وتهديدات دفعته إلى التعاون مع الموساد، لا سيما أنه كان خارج لبنان حينها. ولفتت إلى أن مطلب الاستخبارات الإسرائيلية من موكّلها كان محدّدًا: العودة إلى "حزب الله" والانخراط في فرع الهندسة تحديدًا. وشكّكت شديد بما ورد في التحقيق الأولي حول تزويده الموساد بمعلومات عن 17 من كوادر الحزب، مشيرة إلى أن التحقيق لم يأتِ على ذكر أي من أسمائهم، وطالبت بشطب هذه العبارة من المحضر. كما اعتبرت أن موكّلها خالف الشروط التي طُلبت منه، إذ لم يسعَ فعليًا للعودة إلى الحزب، ولم يزوّد مشغّليه بأي معلومات أمنية، بل استفاد من الأموال التي تلقاها للزواج والسفر في رحلة شهر عسل إلى تركيا. وفي ختام مرافعتها، طالبت بكفّ التعقبات عن موكّلها بموجب المادة 283 معطوفة على المادتين 284 و278، وإلحاقها بالمادة 227، باعتبار أن تجنيده تم تحت وطأة الإكراه المعنوي والمادي، واعتبار فعله مشمولًا بالمادة 398 من قانون العقوبات، لجهة العدول الاختياري. وقبل صدور الحكم ليلًا، والذي قضى بسجن سلامة سبع سنوات، أفاد الأخير بأنه تلقّى عرضًا للعودة إلى الحزب، لكنه رفض.

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
ماذا يجري في الضاحية ليلاً؟
قالت مصادر صحفية أن "حزب الله" كثف انتشاره في الضاحية الجنوبية لبيروت في ساعات متأخرة من الليل، حيث انتشرت مجموعات ترتدي "ملابس ظاهرة" كُتب عليها "حزب الله". ويأتي هذا الإجراء في إطار سعي "حزب الله" لجعل عناصره الميدانيين المدنيين معروفين للعامّة، وذلك بعدما كان كثيرون آخرون ينتحلون صفة حزبية في مناطق مختلفة، ما يؤدي إلى إشكالات. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


MTV
منذ 2 ساعات
- MTV
28 Jun 2025 07:00 AM رسالة جنبلاط لا تحتمل التأخير...
خرق الرئيس السابق للحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط المشهد السياسي، موجّهاً رسالة واضحة على طريقته، ولا تحتمل التمييع والتأخير، بأن الزمن تغيّر وعلى الجميع في البلد أن يفهموا طبيعة المتغيّرات، ويبادروا الآن ومن دون إبطاء من أجل إنقاذ البلد، وشقّ طريق بناء الدولة الكاملة من دون أي نقصان وأي شركاء في سيادة القرار وامتلاك السلاح الشرعي. أعادت رسالة جنبلاط التذكير بموقفه وتحذيراته المتكررة التي أطلقها بعد عملية طوفان الاقصى في 7 أكتوبر 2023، ومطالبته بضرورة تحييد لبنان عن الصراع في المنطقة والاستغناء عن حرب الإسناد وعدم جرّ لبنان الى حرب لا قدرة له على مواجهتها. وكانت النتيجة وصول البلد إلى الخراب والدمار، في حين ما تزال عشرات القرى الحدودية مدمّرة جتى اليوم رغم مرور أكثر من 6 أشهر على اتفاق وقف إطلاق النار. مصادر سياسية اعتبرت عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية أنّ ما قاله جنبلاط، في مؤتمره الصحافي، كان يُفترض على الأحزاب اللبنانية التي تمتلك السلاح أن تفعله منذ سنوات، وأن تبادر لتسليمه الى الدولة من دون تردّد. وتمنّت على المسؤولين اللبنانيين أن يكونوا قد حصلوا على إجابات واضحة ومقنعة من قيادة "حزب الله" بالموافقة على تسليم السلاح قبل عودة الموفد الأميركي الى لبنان توم براك في السابع من الشهر المقبل، الذي سيبلغ بدوره الرئيس دونالد ترامب بموافقة "حزب الله" الضمنية بتسليم السلاح أو عدم الموافقة، في حين تتربص إسرائيل بلبنان شرّاً، في ظل غياب أي ضمانات لوقف عدوانها على لبنان.