قبلان: الجنوب والبقاع والضاحية ضحّوا للبنان ولهم دَين تاريخي بعنق الدولة عليها سداده
جرى إحياء الليلة الثانية من محرم الحرام في مقر المجلس طريق المطار ، برعاية وحضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، بحضور ممثلي المرجعيات الدينية وعلماء دين وشخصيات سياسية وقضائية وعسكرية وتربوية وثقافية واجتماعية ومواطنين.
وألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان كلمة قال فيها: "لأننا في قلب الملحمة التي نهضت بها وصايا الأنبياء والأولياء، وذخّرها القرآن بما سمّاه الذبح العظيم، وأكثر النبيّ (ص) من مقامها ووجعها، ودلّ عليها بعظيم ما ينتظرها، فقد فاضت الأرضُ بأثقالها، ودلّت كربلاء على حالها، وتمتم النور العجيب بما لا سمع يعيه، ولا عين تحيطه، واتصلت صيحة أهل الأرض بدهشة أهل السماء، واهتز العرش الأسمى، واجتمعت خيمة الله على عزاء من به عزاء أهل الأرض يضجّ بذكر الإمام الحسين . ولأننا بمحضر من به تُعرف الحقيقة وقبسها، فقد أخذتُ من كنزها قول الإمام الحسين لمروان ابن الحكم: "ويلٌ لك يا ابن الزرقاء، أنت تأمر بضرب عنقي، كذبت والله ولُئمت"، ثم أقبل على الوليد ابن عتبة قائلاً: "إنّا أهلُ بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، بنا فتح الله وبنا ختم الله، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلنٌ بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله". وهذه أبرز مبادئ الإمام الحسين التي نهض بها، وعينه على الإنسان، بعذاباته وواقع أمره، المرتبط بالسلطة، التي تُشكل مركز إنتاج واقع الإنسان بكل حقباته".
أضاف: "ولأن السلطة بالمنطق الإلهي ومنطق العقلاء، سبب أكبر قوة تغييرية وتأثيرية، فقد خاض جماعة النفوذ والمال والقوة وحيتانه أغلب معاركهم حولها وعليها، وجيّروها للأرباح الذاتية والمصالح العائلية والإثنية. إلا أن القضية من منظار الأنبياء والأولياء تتعلّق بتطويع السلطة لخدمة العدالة الاجتماعية والمنطق الوجودي للإنسان. من هنا، فإن مبدأ الإمام الحسين : مثلي لا يبايع مثله، يريد تأكيد الأهلية الفكرية والدستورية والمشروع الإلهي الناهض بالإنسان، ولهذا لا يمكن النقاش بالسلطة بل بالحقّ كأساس للسلطة، ووظيفتها الضامنة. ومنطق الإمام الحسين هنا يختصره مبدأ: الحقّ فوق السلطة وليس العكس، وهذا كان أمراً ممنوعاً بعقلية أمية ومشروعها الإستئثاري، ودون هذا المبدأ تتحوّل الشعوب الى عبيد منهوبة، وتحت هذا العنوان نفهم موقف الامام الحسين الذي عبّر عنه بقوله: " ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منّا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حميّة، ونفوس أبيّة، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام".
وتابع: "هنا يكمن جوهر القضية الحسينية، لأن الإمام الحسين ما قام بثورته من باب أنه خصم سياسي، بل من باب أنه قيمة مرجعية في عالم الضمانات، ولم يعارض الإمام الحسين لأنه خصم سياسي، بل لأنه وظيفة إلهية تأبى ضياع الإنسان أو الاستئثار بالسلطة أو الطغيان بالحكم. والنقاش هنا بهوية الحكم، لا بفروعه، فيما المظهر العملي للسلطة أو الحكم كان عبارة عن نظام فاسد، يصرّ على شرعنة الاستبداد، وهذا ما حذّر منه الإمام علي في اليوم الأول لرحيل النبي الأعظم (ص)، لافتاً الأمة الى أن فتنة الضلالة (وخصّ بذلك الفتنة الفكرية او المرجعية) إن تمكّنت من مركز السلطة ستعركها الأمةُ كلّها عرك الأديم، وهذا ما حصل. والأهم على الاطلاق بثورة الامام الحسين الفكرة بجوهرها وحقيقتها وليس بدعايتها وسواترها، لأن حيتان الطغيان السياسي كانوا وما زالوا يجيدون لعبة الساتر القانوني أو الديني، والأمثلة كثيرة هنا، منها قول أمية: لله جنود من عسل" فيما القتيل من أكبر أولياء الله تعالى على الاطلاق، أو قول القائل: "إنما أكذب لرسول الله وليس عليه"، أو قول القائل: "إنما أخالف الله ورسوله لأنصح لله ورسوله"، وهذا كلام خطير للغاية قيل في لحظة أراد فيها القائل نسف الهوية الشرعية للسلطة كما يريدها الله ورسوله".
وقال: "مع هذا المنطق صارت ثورة الامام الحسين دفاعاً عن هوية الأمة والانسان، بخلفية ما يلزم لها من سلطة ومواثيق وقيم تضمن الدور الوظيفي للبشر، وموقف الامام الحسين كجدّه(ص) ينبع من منطق الأمة الواحدة، وعالمية الانسان، والتضحية هنا تضحية من أجل الهوية والمبادئ، واللعنة هنا على الفقهاء الذين ناصروا السلطة الفاسدة كعنوان لانتفاعهم. فمنطق الامام الحسين هنا تختصره حقيقة: أن الأرض لا تحتاج الى فراعنة جدد ولا سلطات فاسدة، ولا نفوذ ولا دعاية وأوثان بشرية تعتاش على نهب وقمع وقتل الإنسان والاستثمار به في حروب المال والسيطرة والتوظيفات القذرة التي تعود أرباحها الى أقل من 1% من جماعة المال والإمكانات وعصابات الأسواق والثروة والسلطة. وعينُ الامام الحسين هنا على قوة الحقّ لا حقّ القوة، كأساس لشرعية السلطة وأدوارها ووظائفها، من هنا أراد الامام الحسين بالإصلاح الذي نهض به التأسيس لأرضية فكرية وسلطوية تمنع إنتاج فراعنة قتلة جبّارين، والأمثلة عليهم كثر".
أضاف: "المهم أن عين الامام الحسين على الترابط بين العدالة الاجتماعية والشرعية الفكرية للسلطة التي تساهم بتكوين سياسات السلطة، وخلفية الامام هنا تختصرها حقيقة: لا سلطات مطلقة، لا شرعية للسلطة بما هي سلطة، ولا سلطة بلا قيود، ولا سلطة بلا رقابة وقضاء ومعارضة شعبي وتبرير وظيفي للسياسات الحكومية، وكل سلطة تحتاج الى سبب لشرعيتها، والشرعية تنبع من مصالح الخلق، وليس من مصالح الحاكم وفريقه، وقضية: المال لنا، وإنما الناس عبيد في ملكنا، أسّست لوثن أكبر وأخطر من كافة أوثان قريش مجتمعة، وهذا المنطق كان سبباً رئيسياً في ذبح الامام الحسين وأهل بيته وأصحابه وسبي نسائه".
وتابع: "على قاعدة: كل حاكم مسؤول، والحق فوق السلطة، والعدل فوق النظام، وأخوّة البشر فوق التمزيق والحدود السياسية، رفضنا مبدأ الهيمنة والوحشية، سواءً كان بنسخة الكيان الصهيوني أو هيمنة واشنطن وسواتر أوروبا وكارتيلات الناشطين الدوليين المنافقين، الذين يرقصون على أشلاء أهل غزة، ويغطون أسوأ البشاعات والفظاعات البشرية لتي ترتكبها إسرائيل وأميركا بدموع التماسيح، ولا قيمة للتاريخ بلا التضحيات الأخلاقية وأشكالها المقاومة، وما قامت به حركة أمل وحزب الله في وجه إسرائيل في لبنان إبّان المواجهات السابقة وإبّان حرب الاسناد والمواجهة لهو شرف أخلاقي ووطني وإنساني لا سابق له على الإطلاق، وما قاده الأخ الضامن الرئيس نبيه بري، وما قدّمه الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله، شكّل مركز التضحية من أجل حقوق الأمة وسيادة الأوطان، إلا أنه أسّس لمرحلة كبيرة جداً، وحربُ نتنياهو ضد إيران كشف هذا الكيان الصهيوني عن ضعف وزيف، وذكّر تل أبيب بأيام خيبر، وأكّدت للعرب والدول الإسلامية القدرة الحتمية على استئصال هذا الورم السرطاني".
وختم: "اليوم مع هذا الانتصار نحن بلحظة جديدة، ولبنان معني بالدفاع عن سيادته وعن مصالحه الوطنية وعن شعبه، والجنوب والبقاع والضاحية قدّموا وضحّوا وخاضوا عشرات السنين من أجل لبنان الكيان والدولة والشعب، ولهم دَين تاريخي بعنق الدولة اللبنانية، ويجب على الدولة سداد هذا الدين، وتنكّر الدولة كارثة وطنية، ولا دولة بلا سداد دين، ولا قيمة لسلطة تتنكّر للجبهة التي استعادت لبنان، ولبنان في قلب المخاطر السيادية، والضامن الأميركي غدّار، ونتنياهو جزّار ومجرم حرب هذا العصر، وهو أكبر المخاطر التي تهدّد سيادة لبنان".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
الموسوي: مدرسة كربلاء تحمل قيم الكرامة والحرية
أقيمت في باحة مقام السيد عباس الموسوي في بلدة النبي شيت، مراسم رفع راية الإمام الحسين، المهداة من العتبة الحسينية في العراق، بمشاركة حشد من الفاعليات الدينية والسياسية والنيابية والبلدية والاختيارية والاجتماعية. واعتبر عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ابراهيم الموسوي، أن "لبنان لن يكون ممراً ولا بلداً للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، ولن يكون في حالة سلام مع عدو قاتل يرتكب الإبادة الجماعية، وله أطماع دائمة وثابتة في أرضنا ومياهنا، ويريد أن يفلت بإجرامه وبوجوده غير الشرعي". وأشار إلى أن "رفع راية الإمام الحسين، هو تجديد للعهد مع خط المقاومة، وإحياء لمدرسة كربلاء التي ستبقى خالدة في ضمير الأمة، حاملةً قيم الكرامة والحرية والرفض للذل والاحتلال". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


بيروت نيوز
منذ 2 ساعات
- بيروت نيوز
لبنان ليس بحاجة فقط الى أناس ناجحين بل لمبدئيين
احتفلت ثانوية الراهبات الأنطونيات -مار الياس غزير بتخريج طلابها للعام 2025 بحضور النائب أنطوان حبشي، الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر ، رئيسة الثانوية الأم جوديث هارون إضافة إلى رؤساء وأعضاء روابط المعلمين والأهل والأصدقاء والقدامى وآباء وراهبات والهيئة التعليمية وأهالي الخريجين. بعد دخول موكب الخريجين والنشيد الوطني اللبناني ونشيد الثانوية كلمة عريف الاحتفال جورج خليل تمنى فيها للخريجين أن يكون 'هذا اليوم محطة مهمة للإنتقال الى مراحل أخرى في حياتهم وبناء مستقبلهم والنجاح في تحقيق أهدافهم وأحلامهم المستقبلية . ' ثم تحدثت الأم جوديث هارون موجهة 'تحية ترحيبية وتهنئة من القلب في هذا اليوم السعيد' ، وقالت :' إن التخرج هو خاتمة وبداية في آن وانتم اليوم تختتمون خمسة عشر عاما في هذا الصرح التربوي العريق الذي رافق نموكم بالقامة والحكمه والنعمة أمام الله والناس ، إنه يوم تنسلخون فيه عن مطارح ضمتكم بجناحيها وحضنتكم من شرور الدنيا وتحديات المجتمع وظلمة الجهل . وفي الوقت عينه تخرجكم هو بداية لأنكم تنطلقون الى ميادين التحصيل الجامعي والإلتزامين المهني والعائلي وستحلقون في سماء الحياة بجباه عالية وعزائم قوية وترتفع أحلامكم لمواجهة المستقبل بإيمان وثقة وقوة ، فأنتم الحاملون رجاء القيامة والإنبعاث من بين الرماد مهما اشتدّت رياح التحديات تماما كطائر الفينيق'. أضافت: 'شعلة الرجاء هي الأمل المتأصل في نفوسكم جميعا ، وبحق دعاكم قداسة البابا الراحل فرنسيس 'حجاج رجاء ' لتنعموا بهذه السنة اليوبيلية المباركة. وبدوري أنا أود ان أعطيكم إسما جديدا وأدعوكم 'حراس فجر لبنان الجديد'. وختمت: 'أفضل عرفان جميل تؤدونه لمن إهتم بكم هو أن تثمروا خيرا وحقا في مجتمعاتكم ، وتأكدوا أن الفضل يعود لمن أحسن تربيتكم وفي طليعتهم أهلكم الذين بذلوا الغالي والنفيس لتقطفوا ثمار الحياة وبعد أهلكم الفضل لمدرستكم إدارة ومعاونين وهيئة تعليمية. نتمنى للخريجين تحقيق أحلامهم وطموحاتهم ومستقبلا زاهرا'. بعدها تحدث خطيب الاحتفال النائب أنطوان حبشي الذي استهل كلمته بشكر إدارة المدرسة على هذه الثقة للمشاركة بلحظة ستكون مؤثرة في صناعة المستقبل. وقال: 'وجودنا اليوم هو إنجاز بحد ذاته بين الفرح والكلمة العميقة رغم كل المرحلة التي مررنا بها هذا العام وقد رأيت صراعات بينكم لم افهمها وكنت خائفا من تداعياتها ، لذلك اشكر الخريجات والخريجين لأنهم شكلوا العصب والهدف الذي عاد وجمعنا وأقول لكم ان التحدي الذي مررنا به سيكمل ولهذا أقول للإدارة ان الطلاب ليسوا فرصة مادية وهي تعرف ذلك وأقول للأهل ان الادارة ليست ضدكم ومستقبل أولادكم فيها كما أقول للأساتذة من يضعكم في مواجهة الإدارة لديه غاية سيئة وهنا نجد المشهد الثقافي الذي تستطيعون من صفوفكم بناء مجتمعكم ، اما التلاميذ اقول لهم المدرسة ليست علم ومعرفة أكاديمية فقط بل هي هوية ثقافية ووجودية تحافظ على هويتنا ووجودنا'. أضاف: 'عليكم التعاضد فيما بينكم وليس التناقض بين بعضكم البعض ولا تدعوا غياب الدولة والقلة يدخلوكم في صراعات لا معنى لها فالتعاضد يجعلنا نصل الى شاطئ الأمان'. واستشهد بقصة من الأساطير اليونانية الخالدة حول فيليمون اوذيس وتقديمه القليل الذي يملكه دون مقابل الذي عاد عليه بخلاص منزله الوحيد من الطوفان وما حملته هذه القصة من عبر، وقال: 'الدرس الاول هو اللطف والمحبة الغير مشروطة التي لا يقاومها أي شيء وهذا ما قدموه اهلنا الذين مروا بكثير من الأوقات المادية المتواضعة وواجهوا صعوبات وبالرغم من ذلك قدموا أغلى ما لديهم من إنسانيتهم وتعاطفهم واحترامهم للآخر ، فالقيم الحقيقية المنسية في عصر اليوم هي التي تبني العالم الحقيقي'. وتابع: 'اما الدرس الثاني فهو الصمود والإيمان لأنه رغم صعوبة الحياة استمروا بالتمسك بالمبادئ ونالوا مكافأة اكبر بكثير مما قدموه. فأنتم ايها الطلاب تلقيتم في هذه الثانوية ليس المعرفة الأكاديمية فقط وإنما تمتلكون بوصلة أخلاقية متينة وسلم قيم واضح من خلاله تعرفون أن الإنسان الآخر هو قيمة وتكونون مستعدين لمد ايديكم والإصغاء للآخرين . أقول لكم وإن كان طريقكم غير سهل وتواجهون الصعوبات فالطريق السهل لا يوصلكم وعليكم أن تواجهوا وتكونوا اوفياء لمبادئكم كي تخلقوا حياة مليئة بالمعنى والإنجاز وصدقوا أنكم تملكون القوة لتغيير العالم من خلال تراكم تصرفاتكم اليومية وطريقتكم بالتعامل معها ومع الناس التي ستساهم في بناء مجتمعكم'. أضاف: 'في الظرف الذي يمر به لبنان اليوم أقول لكم أنتم امام حياة جديدة مليئة بالتحديات والفرص ، فالحياة لا تنتظر احدا متخاذلا ومتفرجا بل تفتح أبوابها لمن يمتلك الشغف ويعمل بصدق ويقف مجددا بعد تعثره ويرفض أن تكون الظروف الصعبة سببا لجموده وتراجعه . الفرق ليس بالتحديات بل ارادة المواجهة التي تملكونها ، فلا تسعوا وراء الوظيفة والمردود المادي فقط بل لأن تكونوا قيمة مضافة وصادقين وأمناء بالتعامل مع محيطكم ومجتمعكم'. وتابع: 'لبنان ليس بحاجة فقط الى أناس ناجحين بل أناس مبدئيين يحولون الخوف الى عطاء والتعب الى رجاء والتردد الى التصميم ، ونحن بحاجة الى وجود أناس مسوؤلين وأنتم مسوولون عن خطواتكم ، وهنا أقول لكم رددوا ما قاله القديس شربل ' صلوا وكأن المسألة بيد الله وإعملوا وكأن المسألة بيدكم بشكل كامل'. وختم: 'تعبرون اليوم ممرا من مرحلة الى أخرى وأنتم أسياد مصيركم وتكتبون قصتكم لتخبروها فيما بعد ، فالعالم ملك لاؤلئك الذين يجيدون كتابة القصص الساحرة وأنتم قادرين على ذلك .' في الختام قدمت الأم الرئيسة هارون درعا تقديرية لحبشي ووزعت الشهادات على الخريجين.


المركزية
منذ 2 ساعات
- المركزية
قبلان: الجنوب والبقاع والضاحية ضحّوا للبنان ولهم دَين تاريخي بعنق الدولة عليها سداده
جرى إحياء الليلة الثانية من محرم الحرام في مقر المجلس طريق المطار ، برعاية وحضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، بحضور ممثلي المرجعيات الدينية وعلماء دين وشخصيات سياسية وقضائية وعسكرية وتربوية وثقافية واجتماعية ومواطنين. وألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان كلمة قال فيها: "لأننا في قلب الملحمة التي نهضت بها وصايا الأنبياء والأولياء، وذخّرها القرآن بما سمّاه الذبح العظيم، وأكثر النبيّ (ص) من مقامها ووجعها، ودلّ عليها بعظيم ما ينتظرها، فقد فاضت الأرضُ بأثقالها، ودلّت كربلاء على حالها، وتمتم النور العجيب بما لا سمع يعيه، ولا عين تحيطه، واتصلت صيحة أهل الأرض بدهشة أهل السماء، واهتز العرش الأسمى، واجتمعت خيمة الله على عزاء من به عزاء أهل الأرض يضجّ بذكر الإمام الحسين . ولأننا بمحضر من به تُعرف الحقيقة وقبسها، فقد أخذتُ من كنزها قول الإمام الحسين لمروان ابن الحكم: "ويلٌ لك يا ابن الزرقاء، أنت تأمر بضرب عنقي، كذبت والله ولُئمت"، ثم أقبل على الوليد ابن عتبة قائلاً: "إنّا أهلُ بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، بنا فتح الله وبنا ختم الله، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلنٌ بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله". وهذه أبرز مبادئ الإمام الحسين التي نهض بها، وعينه على الإنسان، بعذاباته وواقع أمره، المرتبط بالسلطة، التي تُشكل مركز إنتاج واقع الإنسان بكل حقباته". أضاف: "ولأن السلطة بالمنطق الإلهي ومنطق العقلاء، سبب أكبر قوة تغييرية وتأثيرية، فقد خاض جماعة النفوذ والمال والقوة وحيتانه أغلب معاركهم حولها وعليها، وجيّروها للأرباح الذاتية والمصالح العائلية والإثنية. إلا أن القضية من منظار الأنبياء والأولياء تتعلّق بتطويع السلطة لخدمة العدالة الاجتماعية والمنطق الوجودي للإنسان. من هنا، فإن مبدأ الإمام الحسين : مثلي لا يبايع مثله، يريد تأكيد الأهلية الفكرية والدستورية والمشروع الإلهي الناهض بالإنسان، ولهذا لا يمكن النقاش بالسلطة بل بالحقّ كأساس للسلطة، ووظيفتها الضامنة. ومنطق الإمام الحسين هنا يختصره مبدأ: الحقّ فوق السلطة وليس العكس، وهذا كان أمراً ممنوعاً بعقلية أمية ومشروعها الإستئثاري، ودون هذا المبدأ تتحوّل الشعوب الى عبيد منهوبة، وتحت هذا العنوان نفهم موقف الامام الحسين الذي عبّر عنه بقوله: " ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منّا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حميّة، ونفوس أبيّة، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام". وتابع: "هنا يكمن جوهر القضية الحسينية، لأن الإمام الحسين ما قام بثورته من باب أنه خصم سياسي، بل من باب أنه قيمة مرجعية في عالم الضمانات، ولم يعارض الإمام الحسين لأنه خصم سياسي، بل لأنه وظيفة إلهية تأبى ضياع الإنسان أو الاستئثار بالسلطة أو الطغيان بالحكم. والنقاش هنا بهوية الحكم، لا بفروعه، فيما المظهر العملي للسلطة أو الحكم كان عبارة عن نظام فاسد، يصرّ على شرعنة الاستبداد، وهذا ما حذّر منه الإمام علي في اليوم الأول لرحيل النبي الأعظم (ص)، لافتاً الأمة الى أن فتنة الضلالة (وخصّ بذلك الفتنة الفكرية او المرجعية) إن تمكّنت من مركز السلطة ستعركها الأمةُ كلّها عرك الأديم، وهذا ما حصل. والأهم على الاطلاق بثورة الامام الحسين الفكرة بجوهرها وحقيقتها وليس بدعايتها وسواترها، لأن حيتان الطغيان السياسي كانوا وما زالوا يجيدون لعبة الساتر القانوني أو الديني، والأمثلة كثيرة هنا، منها قول أمية: لله جنود من عسل" فيما القتيل من أكبر أولياء الله تعالى على الاطلاق، أو قول القائل: "إنما أكذب لرسول الله وليس عليه"، أو قول القائل: "إنما أخالف الله ورسوله لأنصح لله ورسوله"، وهذا كلام خطير للغاية قيل في لحظة أراد فيها القائل نسف الهوية الشرعية للسلطة كما يريدها الله ورسوله". وقال: "مع هذا المنطق صارت ثورة الامام الحسين دفاعاً عن هوية الأمة والانسان، بخلفية ما يلزم لها من سلطة ومواثيق وقيم تضمن الدور الوظيفي للبشر، وموقف الامام الحسين كجدّه(ص) ينبع من منطق الأمة الواحدة، وعالمية الانسان، والتضحية هنا تضحية من أجل الهوية والمبادئ، واللعنة هنا على الفقهاء الذين ناصروا السلطة الفاسدة كعنوان لانتفاعهم. فمنطق الامام الحسين هنا تختصره حقيقة: أن الأرض لا تحتاج الى فراعنة جدد ولا سلطات فاسدة، ولا نفوذ ولا دعاية وأوثان بشرية تعتاش على نهب وقمع وقتل الإنسان والاستثمار به في حروب المال والسيطرة والتوظيفات القذرة التي تعود أرباحها الى أقل من 1% من جماعة المال والإمكانات وعصابات الأسواق والثروة والسلطة. وعينُ الامام الحسين هنا على قوة الحقّ لا حقّ القوة، كأساس لشرعية السلطة وأدوارها ووظائفها، من هنا أراد الامام الحسين بالإصلاح الذي نهض به التأسيس لأرضية فكرية وسلطوية تمنع إنتاج فراعنة قتلة جبّارين، والأمثلة عليهم كثر". أضاف: "المهم أن عين الامام الحسين على الترابط بين العدالة الاجتماعية والشرعية الفكرية للسلطة التي تساهم بتكوين سياسات السلطة، وخلفية الامام هنا تختصرها حقيقة: لا سلطات مطلقة، لا شرعية للسلطة بما هي سلطة، ولا سلطة بلا قيود، ولا سلطة بلا رقابة وقضاء ومعارضة شعبي وتبرير وظيفي للسياسات الحكومية، وكل سلطة تحتاج الى سبب لشرعيتها، والشرعية تنبع من مصالح الخلق، وليس من مصالح الحاكم وفريقه، وقضية: المال لنا، وإنما الناس عبيد في ملكنا، أسّست لوثن أكبر وأخطر من كافة أوثان قريش مجتمعة، وهذا المنطق كان سبباً رئيسياً في ذبح الامام الحسين وأهل بيته وأصحابه وسبي نسائه". وتابع: "على قاعدة: كل حاكم مسؤول، والحق فوق السلطة، والعدل فوق النظام، وأخوّة البشر فوق التمزيق والحدود السياسية، رفضنا مبدأ الهيمنة والوحشية، سواءً كان بنسخة الكيان الصهيوني أو هيمنة واشنطن وسواتر أوروبا وكارتيلات الناشطين الدوليين المنافقين، الذين يرقصون على أشلاء أهل غزة، ويغطون أسوأ البشاعات والفظاعات البشرية لتي ترتكبها إسرائيل وأميركا بدموع التماسيح، ولا قيمة للتاريخ بلا التضحيات الأخلاقية وأشكالها المقاومة، وما قامت به حركة أمل وحزب الله في وجه إسرائيل في لبنان إبّان المواجهات السابقة وإبّان حرب الاسناد والمواجهة لهو شرف أخلاقي ووطني وإنساني لا سابق له على الإطلاق، وما قاده الأخ الضامن الرئيس نبيه بري، وما قدّمه الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله، شكّل مركز التضحية من أجل حقوق الأمة وسيادة الأوطان، إلا أنه أسّس لمرحلة كبيرة جداً، وحربُ نتنياهو ضد إيران كشف هذا الكيان الصهيوني عن ضعف وزيف، وذكّر تل أبيب بأيام خيبر، وأكّدت للعرب والدول الإسلامية القدرة الحتمية على استئصال هذا الورم السرطاني". وختم: "اليوم مع هذا الانتصار نحن بلحظة جديدة، ولبنان معني بالدفاع عن سيادته وعن مصالحه الوطنية وعن شعبه، والجنوب والبقاع والضاحية قدّموا وضحّوا وخاضوا عشرات السنين من أجل لبنان الكيان والدولة والشعب، ولهم دَين تاريخي بعنق الدولة اللبنانية، ويجب على الدولة سداد هذا الدين، وتنكّر الدولة كارثة وطنية، ولا دولة بلا سداد دين، ولا قيمة لسلطة تتنكّر للجبهة التي استعادت لبنان، ولبنان في قلب المخاطر السيادية، والضامن الأميركي غدّار، ونتنياهو جزّار ومجرم حرب هذا العصر، وهو أكبر المخاطر التي تهدّد سيادة لبنان".