
حراس أمريكيون يُطلقون الذخيرة الحية على طالبي المساعدات في قطاع غزة
ممارسات خطيرة
وقال متعاقدان أمريكيان، تحدثا إلى الوكالة شريطة عدم الكشف عن هويتهما لكشفهما عن العمليات الداخلية، إنهما تقدما للإبلاغ عن الأمر لانزعاجهما مما اعتبراه ممارسات خطيرة وغير مسؤولة حيث أكدا أن موظفي الأمن المُعينين كانوا في الغالب غير مؤهلين، ومُدججين بالسلاح، ويبدو أنهم مصرح لهم بحرية التصرف بما يشاؤون.
وقالا إن زملاءهم كانوا يلقون بانتظام قنابل الصوت ورذاذ الفلفل باتجاه الفلسطينيين بينما قال أحد المتعاقدين إن الرصاص كان يطلق في جميع الاتجاهات في الهواء، وعلى الأرض، وأحيانا باتجاه الفلسطينيين، مستذكرا حالة واحدة على الأقل اعتقد فيها أن شخصًا ما قد أصيب.
وأضاف المتعاقد: "هناك أبرياء يُصابون. بشكل بالغ. دون داعٍ"، مشيرا إلى أن الفريق الأمريكي في المواقع يراقب القادمين بحثا عن الطعام ويوثق أي شخص يعتبر "مشتبها به" بينما يشارك هذه المعلومات مع الجيش الإسرائيلي.
وتظهر مقاطع فيديو قدمها أحد المتعاقدين، والتقطت في المواقع، مئات الفلسطينيين مزدحمين بين بوابات معدنية، يتدافعون للحصول على المساعدة وسط دوي الرصاص وقنابل الصوت ولسعة رذاذ الفلفل. وتتضمن مقاطع فيديو أخرى محادثات بين رجال ناطقين باللغة الإنجليزية يناقشون كيفية تفريق الحشود ويشجعون بعضهم البعض بعد رشقات نارية.
وتقدم شهادات المتعاقدين - إلى جانب مقاطع الفيديو والتقارير الداخلية والرسائل النصية التي حصلت عليها وكالة أسوشيتد برس - لمحة نادرة عن مؤسسة غزة الإنسانية، المنظمة الأمريكية السرية حديثة النشأة والمدعومة من إسرائيل لإطعام سكان قطاع غزة.
وفي الشهر الماضي، تعهدت الحكومة الأمريكية بمبلغ 30 مليون دولار للمؤسسة لمواصلة عملياتها - وهو أول تبرع أمريكي معروف للمؤسسة، التي لا تزال مصادر تمويلها الأخرى غامضة.
ولم يتمكن الصحفيون من الوصول إلى مواقع مؤسسة غزة الإنسانية، الواقعة في مناطق خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية. ولا تستطيع وكالة أسوشيتد برس التحقق بشكل مستقل من روايات المتعاقدين.
وصرح متحدث باسم شركة سيف ريتش سوليوشنز، وهي شركة الخدمات اللوجستية المتعاقدة من الباطن مع مؤسسة غزة الإنسانية، لوكالة أسوشيتد برس بأنه لم تقع إصابات خطيرة في أي من مواقعهم حتى الآن. وفي حوادث متفرقة، أطلق متخصصون في الأمن ذخيرة حية على الأرض وبعيدًا عن المدنيين لجذب انتباههم. وقال المتحدث إن ذلك حدث في الأيام الأولى "في ذروة اليأس حيث كانت تدابير السيطرة على الحشود ضرورية لسلامة وأمن المدنيين".
ووفقا لخبراء الأمن الغذائي، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في غزة أزمة إنسانية كارثية فمنذ أن هاجمت حماس إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، مشعلة بذلك شرارة الحرب التي استمرت 21 شهرًا، قصفت إسرائيل القطاع وحاصرته، تاركة الكثيرين على شفا المجاعة.
وقبل شهرين ونصف من افتتاح مؤسسة الإغاثة الإنسانية العالمية في مايو الماضي، منعت إسرائيل دخول جميع المواد الغذائية والمياه والأدوية إلى غزة، مدعيةً أن حماس كانت تسرق المساعدات التي تُنقل بموجب نظام قائم مسبقًا تُنسقه الأمم المتحدة. وتريد إسرائيل الآن أن تحل مؤسسة الإغاثة الإنسانية العالمية محل نظام الأمم المتحدة. وتقول الأمم المتحدة إن عملياتها الإغاثية في غزة لا تتضمن حراسا مسلحين.
وقُتل أكثر من 57 ألف فلسطيني في غزة منذ اندلاع الحرب، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع، التي لا تُفرق بين المدنيين والمسلحين.
وتركز تقارير وكالة أسوشيتد برس لهذا المقال على ما يحدث في المواقع نفسها حيث يقول الفلسطينيون الواصلون إلى المواقع إنهم عالقون بين النيران الإسرائيلية والأمريكية، وفقًا للمتعاقد الذي شارك مقاطع فيديو مع الوكالة.
كما تحدثت وكالة أسوشيتد برس مع المتعاقدين مع شركة يو جي سوليوشنز وهي شركة أمريكية متعاقدة من الباطن لتوظيف أفراد أمن في مواقع التوزيع. وقالوا إن الرصاص والقنابل الصوتية ورذاذ الفلفل استُخدم في كل عملية توزيع تقريبًا، حتى في غياب أي تهديد.
ويبدو أن مقاطع فيديو للمساعدات التي توزع في المواقع التي شاهدتها وكالة أسوشيتد برس تؤكد المشاهد المحمومة التي وصفها المتعاقدان.
ففي أحد الفيديوهات، يبدو أن متعاقدين أمنيين أمريكيين مدججين بالسلاح في أحد المواقع بغزة يناقشون كيفية تفريق الفلسطينيين القريبين حيث انطلقت في تلك اللحظة، رشقات نارية من مكان قريب، ما لا يقل عن 15 طلقة.
وقال أحد المتعاقدين:"أعتقد أنك أصبت واحدًا"، ليرد الأخر: "يا إلهي، أجل يا فتى!".
وقال المتعاقد الذي صوّر الفيديو لوكالة أسوشيتد برس إنه رأى متعاقدين آخرين يطلقون النار باتجاه فلسطينيين كانوا قد جمعوا طعامهم للتو وكانوا يغادرون. وقال إن الرجال أطلقوا النار من برج فوق الموقع ومن أعلى الكومة. قال إن إطلاق النار بدأ لأن المتعاقدين أرادوا تفريق الحشد، لكن لم يكن واضحًا سبب استمرارهم في إطلاق النار بينما كان الناس يبتعدون.
ولا تُظهر الكاميرا من كان يطلق النار أو ما الذي كان يُطلق عليه النار. لكن المتعاقد الذي صوّر الفيديو قال إنه شاهد متعاقدًا آخر يطلق النار على الفلسطينيين، ثم رأى رجلًا على بُعد حوالي 60 ياردة (مترًا) - في نفس اتجاه إطلاق الرصاص - يسقط على الأرض.
في مقاطع فيديو أخرى قدمها المتعاقد، يُمكن رؤية رجال يرتدون زيًا رماديًا - زملاء، كما قال - يحاولون إبعاد الفلسطينيين المحاصرين في ممر ضيق مسيج يؤدي إلى أحد المراكز حيث يطلق الرجال رذاذ الفلفل ويلقون قنابل صوتية تنفجر وسط الحشد كما يُسمع صوت إطلاق نار.
وخلال عملية توزيع واحدة في يونيو الماضي، استخدم المتعهدون 37 قنبلة صوتية، و27 قذيفة مطاطية ودخانية، و60 عبوة رذاذ فلفل، وفقًا لرسائل نصية داخلية تمت مشاركتها مع وكالة أسوشيتد برس بينما أفاد المتعاقد الذي قدم الفيديوهات أن هذا العدد لا يشمل الذخيرة الحية.
وخلص تقرير داخلي صادر عن شركة سيف ريتش سوليوشنز، وهي شركة لوجستية متعاقدة من الباطن مع جي إتش إف لإدارة المواقع، إلى أن طالبي المساعدة أصيبوا خلال 31% من عمليات التوزيع التي جرت خلال أسبوعين في يونيو الماضي. ولم يحدد التقرير عدد الإصابات أو سببها. وأبلغت إس آر إس وكالة أسوشيتد برس أن التقرير يشير إلى إصابات غير خطيرة.
ووفقًا للمتعاقد الذي صوّر الفيديوهات، يستغل الجيش الإسرائيلي نظام التوزيع للوصول إلى المعلومات حيث أكد كلا المتعاقدين أن الكاميرات تراقب عمليات التوزيع في كل موقع، وأن المحللين الأمريكيين والجنود الإسرائيليين يجلسون في غرفة تحكم حيث تُعرض اللقطات آنيًا. وأوضحا أن غرفة التحكم موجودة في حاوية شحن على الجانب الإسرائيلي من معبر كرم أبو سالم إلى غزة.
وأكد المتعاقد أن بعض الكاميرات مزودة ببرنامج للتعرف على الوجوه. وفي اللقطات المباشرة للمواقع التي شاهدتها وكالة أسوشيتد برس، وُصفت بعض مقاطع الفيديو بأنها "تحليلات" - وهي المواقع التي تحتوي على برنامج التعرف على الوجوه، على حد قوله.
وأضاف المتعاقد أنه إذا ظهر شخص مهم على الكاميرا - وكانت معلوماته موجودة بالفعل في النظام - يظهر اسمه وعمره على شاشة الكمبيوتر. وقال إن الجنود الإسرائيليين الذين يراقبون الشاشات يدونون ملاحظاتهم ويقارنون معلومات المحللين بلقطات طائراتهم المسيرة من المواقع.. فيما أكدت وكالة أسوشيتد برس أنها لم تتمكن من التحقق من معلوماته بشكل مستقل.
من جانبه، قال مسؤول أمني إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن اسمه، إنه "وفقًا لبروتوكول الجيش، لا توجد أنظمة فحص أمني طورها أو شغلها الجيش داخل مواقع الإغاثة".
وحذر المتعاقدان من أنه إذا استمرت المنظمة على هذا المنوال، فيتعرض المزيد من الأبرياء للإصابة دون داعٍ، وربما القتل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 4 دقائق
- نافذة على العالم
أخبار العالم : بشير عبدالفتاح يكشف سبب تعليق الإدارة الأمريكية تسليم بعض الأسلحة لأوكرانيا
الخميس 03/يوليو/2025 - 07:34 م 7/3/2025 7:34:01 PM قال بشير عبدالفتاح، الباحث بمركز الأهرام للدراسات، إن قرار الإدارة الأمريكية بتعليق تسليم بعض الأسلحة لأوكرانيا ليس صادمًا ولا مفاجئًا، إذ سبقته إشارات ومواقف أمريكية عديدة تشير إلى عدم استعداد الولايات المتحدة لمواصلة تقديم الدعم العسكري والاستراتيجي لأوكرانيا في مواجهتها مع روسيا. وأضاف عبدالفتاح، خلال تصريحاته لبرنامج 'مطروح للنقاش'، والمذاع عبر فضائية 'القاهرة الإخبارية'، أن توقيت القرار بالغ الدقة، حيث إن روسيا تحقق في هذه المرحلة إنجازات ميدانية على الأرض، وتحتل مزيدًا من الأراضي وتضم بلدات جديدة، كما تشن هجمات قوية بالصواريخ والطائرات المسيرة، تتراوح ما بين 500 إلى 1000 مسيرة تطلق ضد أوكرانيا، ما يشير إلى تكثيف للضربات الروسية وكسب المزيد من الأراضي وتحقيق إنجازات ميدانية، بالتزامن مع صدور القرار الأمريكي. وأشار إلى أن القرار فسر على أنه ليس سياسيًا بحتًا، بل تحكمه اعتبارات عديدة، أبرزها الضغوط الواقعة على صناعة الدفاع الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالمقذوفات والصواريخ التي تعتمد عليها أوكرانيا في حربها ضد روسيا، موضحًا أن إنتاج الولايات المتحدة من الصواريخ محدود، وأن التعليق جزئي ومرحلي وليس شاملًا أو كليًا، لكنه يشمل منظومات تسليحية دقيقة وحساسة، مثل صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ والطائرات، التي تعتمد عليها أوكرانيا بشكل أساسي في التصدي للضربات الجوية والصاروخية والمسيرات الروسية. منظومة باتريوت الواحدة تتكلف نحو مليار دولار وتابع، أن هناك أيضًا مقذوفات أخرى مهمة ودقيقة في التوجيه، ما يضعف من قدرة أوكرانيا على التصدي للضربات الروسية، موضحًا أن منظومة باتريوت الواحدة تتكلف نحو مليار دولار، وتنتج شركة "لوكهيد مارتن" الأمريكية 650 صاروخًا فقط سنويًا، وهو عدد لا يكفي احتياجات الولايات المتحدة لتأمين قواعدها وأصولها العسكرية حول العالم، ولا يكفي أيضًا لتزويد الحلفاء مثل إسرائيل وتايوان.


صوت الأمة
منذ 7 دقائق
- صوت الأمة
«المشاط»: لابد من وجود حلول متكاملة ومبتكرة تستعين بها الدول النامية من أجل الحفاظ على مكتسبات التنمية والاستثمار في رأس المال البشري
شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في جلسة بعنوان «حلول الديون من أجل الصمود والإصلاح: تمويل أجندة 2030 في أفريقيا وخارجها»، التي تنظمها وزارة المالية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بمشاركة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وأحمد كجوك، وزير المالية، وذلك ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية بإسبانيا، حيث ركزت الجلسة على أهمية وجود حلول مُتكاملة لضائقة الديون التي تواجه العديد الدول النامية حيث بلغ رصيد الديون الخارجية للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل رقمًا قياسيًا بلغ ٨.٨ تريليون دولار أمريكي في عام 2023، مع نمو الديون قصيرة الأجل بوتيرة أسرع من الالتزامات طويلة الأجل. وأوضحت الدكتورة رانيا المشاط، في كلمتها، أن الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط أنفقت 1.4 تريليون دولار على خدمة ديونها في عام 2023، وباستثناء الصين، بلغ هذا العبء قرابة تريليون دولار أمريكي، أي ضعف ما كان عليه قبل عقد من الزمن، مضيفة أنه قد ازدادت تكلفة الاقتراض بشكل متزايد خاصة في عام 2023، حيث واجهت الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط أسعار فائدة مرتفعة تُعد هي الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية، فضلا عن أكثر من 60% من الدول منخفضة الدخل تعاني الآن من ضائقة ديون أو معرضة لخطر كبير. وبدون تدخل، من المتوقع أن يتجاوز الدين العام العالمي 100% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030. وتحدثت عن الاستجابات الوطنية حيث اتخذت مصر نهجاً استباقياً في تعزيز إدارة وإصلاح الديون المستدامة، مستفيدةً من الأدوات المبتكرة والشراكات الاستراتيجية، من بينها تنفيذ برنامجي مبادلة الديون مع ألمانيا وإيطاليا بقيمة تجاوزت 900 مليون دولار، وتوقيع اتفاق يُعد الأول من نوعه مع الصين، وقد نجحت هذه البرامج في إعادة توجيه التزامات السداد نحو القطاعات ذات الأولوية، بما في ذلك الصحة والتعليم والعمل المناخي، مما أدى إلى مواءمة التمويل الخارجي مع أهداف التنمية الوطنية. وذكرت أنه في إطار استكمال تلك الجهود فقد تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل (E-INFS)، التي تُمثّل نموذجاً لتعبئة التمويل المستدام لسد الفجوات التنموية وتقليل المخاطر المالية والديون المستقبلية. كما أشارت إلى الجهود التي بذلتها الدولة لمبادلة الديون بالاستثمارات من خلال الاتفاق التاريخي مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بما يحفز جهود جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفي ذات الوقت خفض الأعباء التمويلية، وبالتوازي مع ذلك، عززت مصر ريادتها في مجال التمويل الأخضر من خلال إصدار السندات الخضراء، كما أنها تستكشف المزيد من أدوات التمويل المرتبطة بالاستدامة والتمويل الأزرق لتنويع مصادر تمويلها ودمج الاستدامة البيئية والاجتماعية بشكل أفضل في محفظة ديونها. وأكدت "المشاط" على ضرورة أن يكون لدينا نظام مالي عالمي أكثر مرونة وتركيزًا على التنمية، ومنح أجندة الإصلاح الشاملة الأولوية لنهج مبتكرة وشفافة وعادلة لإدارة الديون السيادية، فضلاً عن أهمية تعزيز آليات شاملة وجامعة لتسوية الديون السيادية كمحرك رئيسي لتحقيق التنمية المستدامة، وإرساء عمليات عادلة - ترتكز على أطر متعددة الأطراف - تُعالج قيود النهج المُجزأ الحالي لتسويات الديون. كما أكدت على ضرورة اعتماد مبادئ معتمدة عالميًا للإقراض والاقتراض المسؤول بما في ذلك تجميد السداد التلقائي في أوقات الأزمات، والتركيز على خفض تكلفة ومخاطر الاقتراض بالنسبة للدول النامية، من خلال توسيع نطاق استخدام الأدوات المبتكرة مثل السندات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة. كما ينبغي تشجيع الدول على استخدام مبادل الدين بالمناخ والديون بالتنمية، شريطة أن تكون مصممة بشكل منصف ومتوافقة مع أولويات التنمية الوطنية. واتصالاً بالتوصيات الصادرة عن مجموعة خبراء الأمين العام للأمم المتحدة، والتي أشارت إلى أهمية إنشاء منصة لتبادل الخبرات والدعم الفني للاستفادة من آليات التمويل المبتكر وبرامج مبادلة الديون من أجل التنمية؛ سلّطت الدكتورة رانيا المشاط، الضوء على تجربة مصر التي استطاعت ان توازن بين أولوياتها الوطنية والاستفادة من الأدوات المالية المتاحة لدي مؤسسات التمويل الدولية. ففي عام 2022، أطلقت مصر المنصة الوطنية لبرنامج "نـُوفّي"، التي تستهدف حشد التمويلات التنموية لتمكين مشاركة القطاع الخاص في المشروعات التنموية لا سيما مشروعات التكيف والتخفيف، من خلال آليات التمويل المبتكر، وكذلك أدوات ضمانات الاستثمار، بالإضافة إلى نجاح مصر في الفترة ما بين عامي 2020 ومايو 2025، في حشد ما يقرب من 15,6 مليار دولار أمريكي لصالح تمويل القطاع الخاص، منها 4 مليار دولار موجهة للمشاركين في مشروعات المنصة الوطنية لبرنامج "نـُوفّي". وأكدت أن تحديث تحليل استدامة الدين Debt Sustainability Analysis يعد عمليةً حاسمةً لتقييم أكثر إنصافا لقدرات الدول النامية على الوفاء بالتزاماتها المالية الحالية والمستقبلية دون التعرض لأزمة ديون، لما يعكسه من تقييم للوضع الاقتصادي الكلي والوضع المالي للدول وكفاءة ادارتها للديون. وأضافت أن بنوك التنمية متعددة الأطراف يمكنها تعزيز سيولتها وقدرتها على التمويل من خلال زيادة استخدام حقوق السحب الخاصة من الدول الأعضاء، من خلال آليات مثل أدوات رأس المال المختلط ووسائل دعم السيولة، وغيرها من الحلول المتكاملة والمبتكرة التي يمكن أن تعزز قدرة تلك المؤسسات على مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ. وفي ختام كلمتها، أكدت أن المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية فرصةً محوريةً لتحفيز إصلاحات هيكل الدين العالمي، والدفع نحو حلولٍ عادلةٍ تُوائِم إدارة الديون السيادية مع أهداف التنمية المستدامة. منتدى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة (أونكتاد) من جانب آخر شاركت الدكتورة رانيا المشاط، بالمنتدى الذي نظمه مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، لمناقشة وضع الديون العالمية. وخلال كلمتها أشادت الدكتورة رانيا المشاط، بتقرير الأونكتاد موضحة أنه لا يكتفي بمجرد تسليط الضوء على أزمة الديون، بل يقدّم خطة تنفيذية واقعية وعملية للتعامل مع الأزمة، بما يمثل تطورًا كبيرًا في طبيعة النقاش حول الدين العام. وأكدت «المشاط»، أهمية أن تشارك الدول التي خاضت تجارب ناجحة في مجال إعادة هيكلة الديون أو اتفاقيات مبادلة الدين، تجاربها مع المجتمع الدولي، ليس فقط من حيث النتائج، ولكن من حيث الحوكمة الداخلية التي ساعدت على نجاح التجارب، حيث لا تقتصر إدارة ملف الدين العام على وزارة أو جهة واحدة، بل تتطلب تنسيقًا بين أطراف كثيرة داخل الدولة، مما يجعل من الحوكمة عنصرًا حاسمًا في تلك التجارب. كما شددت على ضرورة أن يتم الإقرار بأن الجهات الدائنة تختلف في طبيعتها، وكذلك تختلف الآليات التي يتم من خلالها التوصل إلى الاتفاقات بما يتطلب من الدول المدينة أن تملك قدرات فنية ومؤسسية قوية، حتى تتمكن من التفاوض بشكل فعّال، ليس فقط على صفقة واحدة بل لبناء سلسلة من الصفقات المرتبطة بمسارات تنموية طويلة الأجل. وأشارت إلى أهمية الدعم الفني ليس فقط بوصفه تدريبًا أو مشورة، بل كقيمة مالية ملموسة حيث يتطلب تنفيذ تلك المبادرات موارد حقيقية، موضحة أن هناك بالفعل أدوات وآليات قائمة داخل مؤسسات وهيئات متعددة، تُعنى بذلك النوع من القضايا، مضيفة أن جمع تلك الجهود ضمن منصة مشتركة تحدث تكتمل مع ما هو قائم بالفعل، مما يشكل قيمة مضافة حقيقية لجميع الأطراف سواء الدول المدينة أو الجهات الدائنة.


يمني برس
منذ 10 دقائق
- يمني برس
الدين الفيدرالي الأمريكي يتجاوز 36 تريليون دولار: تحذيرات من أزمة مالية ممتدة
في الوقت الذي تقدم فيه الولايات المتحدة نفسها كقوة اقتصادية عالمية ذات نفوذ سياسي ومالي واسع، يكشف الواقع عن صورة مقلقة تتعلق بأحد أعمدتها الاقتصادية: الدين الفيدرالي المتفاقم بوتيرة تنذر بالخطر. فقد تخطى الدين العام الأمريكي حاجز 36 تريليون دولار مطلع عام 2025، وهو رقم لم يكن يتخيله أكثر المحللين تشاؤمًا قبل عقدين فقط. لكن ما يثير الدهشة ليس الرقم فحسب، بل السياسات التي قادت إليه؛ إذ تشير تقارير اقتصادية دولية، من بينها دراسات صادرة عن صندوق النقد الدولي (IMF) ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، إلى أن الولايات المتحدة قد وقعت في فخ سياساتها المالية التوسعية غير المستدامة، متجاهلة تحذيرات متكررة من التضخم المالي، واستنزاف الموارد، والانفاق المفرط على حروب خارجية ومشاريع لا تولد عائدًا اقتصاديًا داخليًا. لقد رصدت تقارير أوروبية وآسيوية، خاصة من الصين وروسيا، أن واشنطن باتت تعتمد بشكل متزايد على طباعة الأموال واقتراضها داخليًا وخارجيًا للحفاظ على نفوذها السياسي والعسكري، دون وجود سياسة اقتصادية متزنة توازن بين النمو الحقيقي والاستدانة الآجلة. بل إن بعض المحللين وصفوا النموذج الأمريكي الحالي بأنه 'اقتصاد على حافة الانهيار المؤجل'، وأن استمراره بهذه الطريقة يهدد ليس فقط التوازن المالي المحلي، بل يضع الاقتصاد العالمي في مهب أزمة جديدة، خاصة مع الارتباط الوثيق للدولار الأمريكي في الأنظمة النقدية العالمية. من هنا، فإن أزمة الدين الفيدرالي لم تعد شأناً أمريكياً داخلياً فقط، بل تحوّلت إلى قضية دولية تعكس عمق الخلل في التوجهات الاقتصادية الأمريكية، وتطرح تساؤلات عن استدامة الهيمنة المالية للدولة التي تطالب العالم بالتقشف، بينما تغرق هي في بحر من العجز والديون. أرقام قياسية غير مسبوقة سجّل الدين الفيدرالي الأمريكي مع مطلع عام 2025 مستوى قياسيًا بلغ 36.1 تريليون دولار، وفق بيانات وزارة الخزانة الأمريكية. ويتوزع هذا الدين بين ديون مملوكة للجمهور بقيمة 28.8 تريليون دولار، وديون بين الحسابات الحكومية بقيمة 7.3 تريليون دولار. وتشير الإحصاءات إلى أن الدين العام ارتفع بنسبة 123% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعكس حجم الضغط الذي تواجهه الحكومة في ظل عجز مالي متزايد. جذور الأزمة: تاريخ من التوسع في الإنفاق منذ تأسيس الولايات المتحدة في عام 1791، بدأت الديون تتراكم تدريجيًا، لكنها شهدت طفرات كبيرة خلال الحروب والأزمات الاقتصادية. في عام 1835، كانت الولايات المتحدة شبه خالية من الديون، لكن الحرب الأهلية الأمريكية والحربين العالميتين، ثم الأزمات المالية الحديثة، مثل الركود الكبير (2008) وجائحة كوفيد-19 (2020)، أعادت تصعيد مستويات الدين بوتيرة غير مسبوقة. تسببت السياسات التحفيزية، بما فيها حزم الإنقاذ المالي وتخفيضات الضرائب، في زيادة الفجوة بين الإنفاق والإيرادات. ففي الفترة ما بين عامي 2019 و2021، ارتفع الإنفاق الفيدرالي بنسبة 50% نتيجة جائحة كوفيد-19، وهو ما دفع الدين إلى مستويات مرتفعة خلال وقت قصير. الكونغرس يرفع سقف الدين وسط انقسام سياسي في 22 مايو 2025، أقرّ مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون لرفع سقف الدين بمقدار 4 تريليونات دولار، بأغلبية 215 صوتًا مقابل 214. ويُقدّر مكتب الميزانية بالكونغرس أن القانون سيرفع العجز بمقدار 3.3 تريليون دولار خلال العقد المقبل، مما يضيف أعباء جديدة على الاقتصاد الفيدرالي. تكلفة خدمة الدين: الفائدة تلتهم الميزانية أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة تكاليف خدمة الدين، حيث يُتوقع أن تضيف هذه التكاليف نحو 2.5 تريليون دولار على مدى العقد القادم. وتعد هذه التكاليف من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة في إدارة الدين العام، خاصة أن أغلب الاستدانة الأمريكية مرتبطة بسندات طويلة الأجل. برامج الضمان الاجتماعي والتقاعد تحت الضغط تشير التقارير إلى أن برامج الرعاية الصحية والتقاعد ستشكل ضغطًا طويل الأجل على الميزانية الفيدرالية. ويُتوقع أن تصل الفجوة بين النفقات والإيرادات إلى نحو 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية السنة المالية 2025، ما يعني أن هذه البرامج قد تصبح غير قابلة للاستدامة دون إصلاحات هيكلية. خيارات محدودة أمام وزارة الخزانة بعد تعليق العمل بسقف الدين في يناير 2025، بدأت وزارة الخزانة باستخدام 'إجراءات استثنائية' للحفاظ على قدرتها في الوفاء بالالتزامات المالية. وقدّرت تقارير الميزانية أن هذه القدرة ستستمر حتى منتصف سبتمبر 2025، قبل أن تبدأ الموارد النقدية في النفاد، ما يستدعي تحركًا عاجلًا من الكونغرس. يحذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار هذا الاتجاه دون ضبط للنفقات أو إصلاح ضريبي شامل قد يؤدي إلى أزمة ديون تهدد الاستقرار الاقتصادي للولايات المتحدة. ووفقًا لمكتب الميزانية، فإن العجز المزمن والمستويات التاريخية من الدين قد يضعفان قدرة البلاد على الاستجابة للأزمات المستقبلية، سواء كانت اقتصادية أو جيوسياسية.