
لماذا يخشى الشباب الفشل في عالم ريادة الأعمال؟
وبين خبراء أن 90 % من الشركات الناشئة حول العالم تفشل في أول عشر سنوات من نشأتها وتطورها، وهو أمر طبيعي في الريادة، وأن الكثير من قصص الريادة الناجحة قد تعرضت سابقا للفشل والعثرات، ولم تنجح إلا بعد أن تعلم الريادي وعالج عوامل الفشل.
وأكد الخبراء أن الأسباب الرئيسة وراء الخوف من الفشل تتركز في الضغوط الاجتماعية بأن يوصف الريادي بالفاشل، والمخاطر المالية التي يتعرض لها المشروع في بداياته ما قد يحمّل الريادي أعباء مالية كبيرة قد لا يتحملها.
وأشاروا الى أن على الريادي أن يعي طبيعة ريادة الأعمال ومخاطرها، وأن يمتلك الإصرار لتنفيذ فكرته، وحتى لو فشل في أول مرة فعليه أن ينهض ويكمل الطريق ويصحح المسار، في وقت يجب أن تقدم منظومة ريادة الأعمال الدعم التام سواء المالي أو المعنوي والإرشادي للرياديين في محافظات المملكة كافة، وخصوصا الشركات الناشئة في مرحلة الفكرة.
وكان التقرير الوطني لمرصد ريادة الأعمال أظهر أن 48 % من الأردنيين لا يقدمون على خوض تجربة ريادة الأعمال، وذلك بسبب 'الخوف من الفشل'.
وقال التقرير 'إن نجاح ريادة الأعمال يعتمد على امتلاك المهارات الأساسية واتخاذ القرارات الذكية، ومن هنا تبرز أهمية القدرة على ملاحظة الفرص واقتناصها في سوق تنافسي، ومع ذلك يحجم كثيرون عن اتخاذ القرارات بسبب خوفهم من الفشل ما قد يمنعهم من إطلاق مشاريعهم، لذا فإن تحليل هذه العوامل ومعالجتها أمر ضروري لبناء عقلية ريادية قوية وابتكارية'.
الفشل جزء من رحلة الريادة
وقال مدير مركز الملكة رانيا للريادة في جامعة الأميرة سمية محمد عبيدات 'الفشل في ريادة الأعمال' ليس أمرا غريبا، كما أنه ليس أمرا سيئا كما يعتقد كثير من رواد الأعمال، فعلى الريادي ان يتوقع الفشل في اي مرحلة من مراحل المشروع ولأسباب متعددة'.
وبين عبيدات أن على الشباب أن يدركوا تماما أن 'الفشل هو جزء من رحلة الريادة' وأن تأسيس شركة ناشئة يحتاج الى الكثير من العمل، كما أنه يحتاج الى صفات رئيسة مثل الإصرار والعناد الإيجابي، في أول الطريق وفي مراحل تطور المشروع.
وبين عبيدات أن كثيرا من الشركات الناشئة الناجحة اليوم في الأردن والعالم قد تعرضت الى نوع من الفشل في مراحل مختلفة.
وقال 'على الريادي أن يدرك أن الفشل هو تجربة وتعلم تفيده في تصحيح مساره'.
قلة الموارد المالية
ويرى عبيدات أن أهم أسباب الرياديين أنهم قد يخافون خوض تجربة ريادة الأعمال لسبب رئيس، وهو أنهم لا يمتلكون الموارد المالية التي تحميهم في حال فشل مشاريعهم، لا سيما أن كثيرا منهم يعتمد على المنح والدعم المالي البسيط أو الاستثمار الشخصي والقروض في تمويل أولى مراحل المشروع.
ودعا عبيدات، الحكومة والقطاع الخاص والجهات المعنية بريادة الأعمال، الى ضرورة توفير الدعم المالي والتمويلات للمشاريع الريادية في مرحلة الفكرة، وضرورة توعية الشباب بأن الريادة ليست طريقا سهلة، فضلا عن أهمية توفير الاحتضان والدعم للمشاريع في قطاع متنوعة وألا يقتصر ذلك على المشاريع التقنية فقط.
مقترحات لمعالجة الخوف من الفشل
التقرير الوطني لمرصد ريادة الأعمال أكد أهمية مواجهة تحدي (الخوف من الفشل) في منظومة ريادة الأعمال الأردنية، وذلك لتشجيع ودفع وتأهيل أكبر عدد من رواد الأعمال لتنفيذ أفكارهم الريادية على أرض الواقع.
ولمعالجة هذا التحدي والحد من تأثيره، اقترح التقرير مجموعة من المقترحات لمواجهته وتجاوزه ومنها تطوير نماذج تمويل قادرة على تحمل الفشل، مثل تمويل الفرصة الثانية لرواد الأعمال ذوي الأفكار الجديدة الواعدة.
ودعا التقرير إلى تنفيذ برامج تدريب على الصمود الريادي تركز على إدارة المخاطر وإستراتيجيات التعامل مع التحديات.
وأكد التقرير أهمية إنشاء شبكات دعم لحالات فشل الأعمال يقوم من خلالها رواد الأعمال ذوي الخبرة بتوجيه من سبق لهم مواجهة تحديات في مشاريعهم.
وأشار إلى أهمية العمل على تنظيم فعاليات دورية مثل، ورش العمل والندوات وفتح قنوات تواصل تربط رواد الأعمال الطموحين بأصحاب الأعمال الناجحين والمرشدين والمستثمرين.
الضغوط الاجتماعية والمخاطر المالية
وقال ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن م.هيثم الرواجبة 'إن ثمة أسبابا تجعل الخوف من الفشل سببا رئيسا يقصي الشباب عن الدخول الى عالم ريادة الأعمال، على رأسها الضغوط الاجتماعية والمجتمعية، إذ ينظر في كثير من الثقافات ومنها الثقافة العربية، إلى الفشل كوصمة عار، وليس كدرس أو تجربة'.
وقال 'الريادي تحت هذه الضغوط يتخوف من كلام الناس وردود أفعالهم، أو من أن يُنظر إليه كمتهور أو غير ناجح'.
وأشار إلى أن الثقافة المجتمعية الأردنية ما تزال تعتبر الوظيفة الثابتة أكثر 'أمانا' و'احتراما' من المشاريع الخاصة.
وأكد الرواجبة أن من الأسباب الرئيسة أيضا المخاطر المالية، حيث إن تأسيس شركة ناشئة يتطلب استثمارا شخصيا أو قروضا، مما يزيد من القلق حول الفشل بسبب الخسارة المالية المحتملة.
الفشل ليس شيئا سيئا
يرى الرواجبة أن 'الفشل ليس شيئا سيئا' إذا نظرنا إليه كجزء من رحلة التعلم والنضج، مبينا أن الفشل يساعد الريادي على فهم السوق، تطوير النموذج التجاري، وتحسين قدراته القيادية.
ولفت إلى أن معظم قصص النجاح الريادية الكبرى في العالم والمنطقة والأردن (مثل ستيف جوبز أو إيلون ماسك) مرت بسلسلة من الإخفاقات، والفشل المبكر والذي قادهم الى النجاح المستدام لاحقًا، لان الفشل المبكر عادة ما يكشف الأخطاء في وقت مبكر لتجري بعد ذلك عملية معالجتها والتعامل معها.
وأضاف 'في الدول المتقدمة، مثل الولايات المتحدة، ينظر إلى الريادي الفاشل على أنه شخص 'ذو تجربة' وليس 'فاشلاً'.
أسباب فشل الشركات الناشئة
وعلى صعيد متصل، أوضح الرواجبة أن ثمة أسبابا تقف وراء الفشل من أهمها، عدم وجود حاجة حقيقية في السوق، نقص السيولة، فريق غير مناسب أو ضعيف، ومشاكل في التسعير أو التسويق.
الخوف من المجهول وقلة الدعم
وأشار الرواجبة إلى أن الشباب عادة ما يخافون من المجهول وعدم وجود الضمانات، وعدم التأكد من جدوى الفكرة أو النجاح في السوق، وهذا يولد قلقا يدفعهم لعدم الدخول الى الريادة التي غالبا ما تبنى على فكرة جديدة يجب أن يتم اختبارها ومواءمتها مع حاجات ومتطلبات المستهلك.
ولفت الى أن من الأسباب أيضا قلة الدعم والتجارب السابقة، مع غياب حاضنات أعمال قوية، البيئة القانونية، مع عدم الاطلاع على تجارب سلبية لرياديين سابقين، وهي جميعها تجعل الرحلة غير واضحة أمام الريادي وتزيد من حالة الخوف لدى الشباب.
عوامل نفسية وعاطفية
ومن جانبه، قال الخبير في مجال التقنية والاقتصاد وصفي الصفدي 'إن رواد الأعمال في الأردن يخافون الفشل خوفا عميقا ينبع من مزيج من العوامل النفسية والعاطفية والمالية والاجتماعية'.
وأوضح الصفدي أنه من الناحية النفسية، بينما قد يُظهر بعض رواد الأعمال تحيزات معرفية مثل الثقة المفرطة التي تدفعهم إلى التقليل من شأن المخاطر الموضوعية، إلا أن الخوف الأساسي من الفشل يظل قائمًا، حيث يرتبط هذا الخوف ارتباطًا وثيقًا بالتحديات المتعلقة بالصحة العقلية؛ فغالبًا ما يعاني مؤسسو الشركات الناشئة الأردنية من الاكتئاب والقلق بسبب الأعباء الهائلة المترتبة على إطلاق وتوسيع مشروع تجاري.
وقال 'يعد الخوف من الخجل والإحراج وتدهور الثقة بالنفس والمستقبل غير المؤكد أعباء نفسية كبيرة تثني رواد الأعمال المحتملين'.
دراسات حول الخوف من الفشل
وبين الصفدي أن دراسات متعددة ومقالات عالمية تتناول الصحة العقلية لمؤسسي الشركات الناشئة وهي تشير إلى أن المؤسسين يعانون من الاكتئاب والقلق، وأن 'التحدث عن ذلك ما يزال من المحرمات'، مما يعني وجود ضغط اجتماعي للحفاظ على صورة النجاح.
وأشار إلى دراسة للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية حول رائدات الأعمال تظهر أن هناك خوفا من قبل السيدات الرياديات من الوصمة الاجتماعية والنبذ الاجتماعي إذا ما فشلن، وهذا أمر قد يمنعهن من دخول الريادة، وقال 'دراسة أخرى تظهر أن 'النجاح في ريادة الأعمال يمنح الفرد مكانة اجتماعية عالية' في الأردن، مما يشير ضمنًا إلى أن الفشل قد يؤدي إلى فقدان هذه المكانة المرموقة.
وحول واقع الفشل في الشركات الناشئة والإحصاءات المتعلقة به، أكد الصفدي أن الدراسات العالمية تؤكد أن بيئة الشركات الناشئة العالمية تتميز بمعدلات فشل عالية للغاية، حيث تجمع أغلبها أن ما يقرب من 90 % من جميع الشركات الناشئة تفشل.
وفي تفاصيل الدراسات العالمية، أوضح الصفدي أنها تظهر أن حوالي 10 % من الشركات الناشئة تفشل في غضون عامها الأول، وتثبت الفترة ما بين السنتين الثانية والخامسة أنها الأكثر تحديًا، حيث يفشل حوالي 70 % من الشركات الناشئة خلال هذه الفترة الزمنية. وعلى المدى الطويل، يتوقف حوالي 90 % من الشركات الناشئة عن الوجود في غضون عقد من الزمن.
ومن جهة أخرى، تقول هذه الدراسات إن خبرة المؤسس تلعب دورا مهما، فالمؤسسون لأول مرة لديهم معدل نجاح يبلغ حوالي 18 %، بينما ترتفع النسبة قليلاً إلى 20 % لأولئك الذين فشلوا سابقًا، ويتمتع المؤسسون الذين لديهم مشاريع ناجحة سابقة بأعلى معدل نجاح يبلغ حوالي 30 %.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 2 ساعات
- رؤيا نيوز
الحياري: توسعة المصفاة لتعزيز الأمن الطاقي
أكد الرئيس التنفيذي لشركة مصفاة البترول الأردنية، المهندس حسن الحياري، أن مشروع التوسعة الرابع للمصفاة بات أكثر نضجا واستجابة للتغيرات الحاصلة في السوق العالمية، خصوصا في ظل الانتشار المتسارع للسيارات الكهربائية، والتوسع في استخدام أنواع الوقود البديل مثل وقود الطيران المستدام (SAF)، إضافة إلى المستجدات المرتبطة بالغاز الطبيعي المحلي. وأوضح الحياري، أن الشركة أعادت دراسة المشروع بعمق في ضوء المتغيرات المتسارعة، خصوصا بعد أن توقفت مفاوضات تنفيذ المشروع نهاية العام الماضي، نتيجة للتطورات الجيوسياسية التي فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات الحرب في قطاع غزة. وأشار إلى أن إعادة التقييم شملت الجوانب السوقية، الفنية والاقتصادية، بالتعاون مع شركات استشارية عالمية مرموقة. وقال إن المشروع لا يمثل مجرد توسعة في الطاقة الإنتاجية لمصفاة الزرقاء، بل هو 'مشروع وطني بامتياز'، يخدم الاقتصاد الأردني والمواطن على حد سواء، لما له من دور محوري في تعزيز أمن التزود بالمشتقات النفطية، وتقليل الاعتماد على الواردات، ورفع القيمة المضافة الناتجة عن التكرير المحلي. من 120 ألفا إلى 73 ألف برميل يومياً.. مراجعة جدوى واعية للسوق كشف الحياري أن الدراسة السوقية التي أعدتها شركة عالمية متخصصة بناء على تكليف مباشر من المصفاة، أخذت في الاعتبار عوامل عديدة مؤثرة، أبرزها تزايد انتشار السيارات الكهربائية في الأردن والمنطقة، وتأثيرها المتوقع على الطلب المستقبلي على الوقود التقليدي، إضافة إلى إدخال وقود الطيران المستدام في المعادلة، وهو ما يعيد تشكيل أنماط الاستهلاك للطاقة. كما أشار إلى أن الشركة طلبت مؤخرا، تحديثا إضافيا للدراسة يأخذ بعين الاعتبار تطور إنتاج الغاز المحلي، وتحديدا في حقل الريشة، الذي بدأ يشكل مصدرا ذا أهمية استراتيجية ضمن مزيج الطاقة في المملكة. وبناء على نتائج هذه الدراسات، تم إعداد دراسة جدوى اقتصادية وفنية متكاملة من قبل شركة 'تكنيب' (Technip) الفرنسية البريطانية، إحدى أبرز الشركات العالمية في مجال الطاقة والمصافي. وأظهرت نتائج الدراسة أن القدرة التكريرية المثلى للمشروع الجديد ستكون بحدود 73 ألف برميل يوميا، بدلا من الرقم السابق البالغ 120 ألف برميل يوميا، وهو ما يتناسب بدقة مع الحاجة الفعلية لشركة 'جوبترول'، الذراع التسويقية لشركة المصفاة. الظروف الجيوسياسية تعرقل التنفيذ.. وشركات عالمية انسحبت وفي حديثه عن الخلفية التاريخية للمشروع، أوضح الحياري أن عطاء عالميا تنافسيا تم طرحه في العام 2018 لاستقطاب ائتلافات شركات عالمية مؤهلة لتنفيذ التوسعة الرابعة، حيث كانت الخطط آنذاك، تتحدث عن رفع الطاقة التكريرية إلى 120 ألف برميل يوميا. وقال إن الائتلاف الذي قدم أفضل عرض فني ومالي كان يتألف من شركات إيطالية وصينية ويابانية، إلا أن المشروع واجه تحديات عدة، أبرزها انسحاب الشركة الإيطالية لاحقا، بعد أن طالبت بزيادة في قيمة العطاء، وهو ما رفضته إدارة الشركة حفاظا على القوانين الناظمة والمعايير التعاقدية. بعد ذلك، تم التفاوض مع الشركة الصينية المتخصصة في بناء المصافي، لكن ظهرت إشكالية تتعلق بحقوق الترخيص لبعض الوحدات التكريرية، التي تملكها شركة أميركية، ما فاقم من تعقيدات التنفيذ. وفي ظل الأزمات الدولية، وبخاصة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثير الحرب في غزة على حركة الاستثمارات وسلاسل الإمداد، قرر مجلس إدارة المصفاة وقف التفاوض نهاية العام الماضي. مصفاة الزرقاء.. قصة تطور منذ السبعينيات وحتى اليوم وأشار الحياري إلى أن مشروع التوسعة الرابع ليس وليد اللحظة، بل بدأ الحديث عنه منذ العام 2005، بهدف زيادة الطاقة التكريرية إلى 14 ألف طن يوميا، وتحسين الالتزام بالاشتراطات البيئية العالمية. وقد مرت المصفاة بمراحل تطويرية عدة، بدءا من مشروع التوسعة الأول العام 1970، ثم المشروع الثاني العام 1973 والثالث العام 1982، الذي رفع الطاقة التكريرية إلى 8700 طن يوميا. وأوضح أن تكلفة مشروع التوسعة الرابع تقدر بنحو 2.64 مليار دولار، ويهدف إلى التوقف عن إنتاج زيت الوقود عالي الكبريت، وتلبية احتياجات السوق المحلي المتزايدة، وتحسين مواصفات المنتجات النفطية، بما يتوافق مع المعايير البيئية والصحية العالمية. أمن التزود.. درع الأردن في الأزمات وسلط الحياري الضوء على أهمية وجود مصفاة محلية في حماية السوق الأردني من أزمات التزود، قائلا 'خلال الحرب الروسية الأوكرانية، شهدت بعض الدول الأوروبية، مثل بريطانيا، طوابير طويلة في محطات الوقود. أما في الأردن، فلم نشهد أي أزمة، بفضل وجود المصفاة'. وأكد الحياري أن مشروع التوسعة ليس مشروعا يخص شركة مصفاة البترول فقط، ولا يحقق أهدافها وحدها، بل هو مشروع وطني بامتياز، يستفيد منه المواطن الأردني، وتستفيد منه الحكومة. ومن وجهة نظره، فإن لتر البنزين أو الديزل الذي ينتج ويكرر داخل الأردن من خلال مصفاة البترول، يمتلك قيمة اقتصادية أعلى بكثير من أي لتر يتم استيراده من الخارج، وذلك بسبب ما يوفره من فرص عمل، وما يتيحه من تشغيل للعمالة، إضافة إلى تنشيط الشركات التي تقدم خدمات للمصفاة. كما بين أن المصفاة تعنى بتكرير النفط الخام المستورد من السعودية أو العراق، وبيع المشتقات النفطية محليا، مع الإشارة إلى أن وجود مصفاة بترول، يتيح للدول التي تمتلكها مرونة أكبر في التعامل مع أزمات المشتقات أو الأزمات العالمية. استيراد نفط العراق والسعودية واستثمار حقل حمزة تحدث الحياري بإسهاب عن مصادر التزود الحالية، مشيرا إلى أن معدل التكرير اليومي يتراوح بين 40 إلى 50 ألف برميل، منها حوالي 10 آلاف برميل من النفط العراقي، إضافة إلى واردات من شركة 'أرامكو' السعودية، ونحو 90 ألف برميل سنويا من حقل حمزة المحلي. وأوضح أن المفاوضات جارية بين الأردن والعراق لتجديد مذكرة التفاهم التي تنص على تصدير كميات تتراوح بين 10 و15 ألف برميل يوميا بأسعار تفضيلية تقل بـ16 دولارا عن السعر العالمي، مشيرا إلى تراجع كميات التوريد من العراق في العام الحالي، مقارنة بالعام السابق، بسبب تأخر تجديد الاتفاقيات. السوق المحلي.. منافسة عادلة وسقوف سعرية محل نقاش وأكد الحياري أن وجود شركتين إضافيتين في السوق، إحداهما أجنبية، خلق بيئة تنافسية صحية، رغم أن الأسعار وهوامش الربح ما تزال تحددها الحكومة. واعتبر أن جوهر المنافسة حاليا، يكمن في جودة الخدمة المقدمة، مؤكداً أن فتح السوق ساهم في تحسين أداء محطات الوقود. وحول مسألة 'السقوف السعرية'، شدد على أنها خطوة مرحلية ضمن قانون المشتقات البترولية، داعيا إلى تسريع الإجراءات الحكومية لتطبيقها تدريجيا، بدءا من المنتجات الأقل تأثيرا على المواطن، مثل الفيول أويل والإسفلتين. ولفت إلى أن تحرير السوق كليا، مع وجود رقابة فعالة من هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، قد يكون الحل الأنسب لتجنب تفاهمات الأسعار بين الشركات. الضريبة المقطوعة والتراجع في استهلاك المشتقات وأوضح الحياري أن هناك نقاشا جادا حول إعادة هيكلة الضريبة المقطوعة على الوقود، خاصة في ظل التراجع الملحوظ في استهلاك المشتقات النفطية نتيجة التحول إلى السيارات الكهربائية والغاز. وبين أن أرقام وزارة الطاقة تشير إلى انخفاض بنسبة 6.5 % في استهلاك الوقود خلال الربع الأول من العام الحالي، مع انخفاض لافت في الطلب على بنزين (أوكتان 90) بنسبة 10.7 %. الأسطوانات المركبة.. ثقافة استخدام وتنظيم مطلوب وفيما يخص أسطوانات الغاز المركبة (البلاستيكية)، أشار الحياري إلى أنها موجودة في السوق منذ سنوات، لكنها لا تدخل ضمن نطاق عمل المصفاة حاليا، موضحا أن هناك حاجة لتعزيز ثقافة استخدامها، ووضع تعليمات تنظيمية واضحة. لكنه أكد في المقابل استعداد المصفاة لتبنيها مستقبلا، إذا ثبتت كفاءتها وأمانها. الغاز الطبيعي.. وقود بيئي واستراتيجي للتوسعة الرابعة وبين الحياري أن مشروع التوسعة صمم منذ البداية على أساس استخدام الغاز الطبيعي كوقود رئيسي، لما يتمتع به من مزايا بيئية واقتصادية، مشيرا إلى أن الغاز المستخرج من حقل الريشة سيكون ضمن أولويات الشركة في هذا الإطار. أداء مالي قوي ومشاريع استراتيجية أكد الحياري أن الشركة حققت العام الماضي، صافي أرباح بلغ 73 مليون دينار بعد الضريبة، مع صافي إيرادات تشغيلية بنحو 174 مليون دينار، وارتفاع في إجمالي موجوداتها بنسبة 25 %، لتصل إلى 1.8 مليار دينار، نتيجة لزيادة مديونية الجهات الحكومية. وأشار إلى مشاريع استراتيجية قيد التنفيذ، منها بناء خزانين جديدين للغاز المسال في العقبة، بسعة 4000 طن، ومشروع إقامة خمسة خزانات كروية في الزرقاء بكلفة 32 مليون دينار. تعاون إقليمي وتصدير إلى سورية واختتم الحياري حديثه بالإشارة إلى تعزيز التعاون الإقليمي، حيث قدمت المصفاة عرضا رسميا لسورية، لتزويد منطقة حوران بالمشتقات النفطية، كما بدأ الأردن فعليا بتصدير الغاز البترولي المسال إلى دمشق منذ بداية العام الحالي، في خطوة تعكس قدرة المصفاة على تلبية احتياجات الجوار الجغرافي بطريقة فعالة وموثوقة.- الغد


الغد
منذ 2 ساعات
- الغد
الحياري: توسعة المصفاة لتعزيز الأمن الطاقي (فيديو)
رهام زيدان - تخفيض طاقة مشروع التوسعة إلى 73 ألف برميل - "التوسعة" صمم على أساس استخدام الغاز الطبيعي - التنوع يعزز الخدمة ويمنح المستهلك خيارات أوسع - السقوف السعرية مرحلة انتقالية تحتاج إلى تشريع اضافة اعلان - جاهزون لأسطوانات البلاستيك وفق معايير السلامة أكد الرئيس التنفيذي لشركة مصفاة البترول الأردنية، المهندس حسن الحياري، أن مشروع التوسعة الرابع للمصفاة بات أكثر نضجا واستجابة للتغيرات الحاصلة في السوق العالمية، خصوصا في ظل الانتشار المتسارع للسيارات الكهربائية، والتوسع في استخدام أنواع الوقود البديل مثل وقود الطيران المستدام (SAF)، إضافة إلى المستجدات المرتبطة بالغاز الطبيعي المحلي. وأوضح الحياري، في حوار موسع مع "الغد"، أن الشركة أعادت دراسة المشروع بعمق في ضوء المتغيرات المتسارعة، خصوصا بعد أن توقفت مفاوضات تنفيذ المشروع نهاية العام الماضي، نتيجة للتطورات الجيوسياسية التي فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات الحرب في قطاع غزة. وأشار إلى أن إعادة التقييم شملت الجوانب السوقية، الفنية والاقتصادية، بالتعاون مع شركات استشارية عالمية مرموقة. وقال إن المشروع لا يمثل مجرد توسعة في الطاقة الإنتاجية لمصفاة الزرقاء، بل هو "مشروع وطني بامتياز"، يخدم الاقتصاد الأردني والمواطن على حد سواء، لما له من دور محوري في تعزيز أمن التزود بالمشتقات النفطية، وتقليل الاعتماد على الواردات، ورفع القيمة المضافة الناتجة عن التكرير المحلي. من 120 ألفا إلى 73 ألف برميل يومياً.. مراجعة جدوى واعية للسوق كشف الحياري أن الدراسة السوقية التي أعدتها شركة عالمية متخصصة بناء على تكليف مباشر من المصفاة، أخذت في الاعتبار عوامل عديدة مؤثرة، أبرزها تزايد انتشار السيارات الكهربائية في الأردن والمنطقة، وتأثيرها المتوقع على الطلب المستقبلي على الوقود التقليدي، إضافة إلى إدخال وقود الطيران المستدام في المعادلة، وهو ما يعيد تشكيل أنماط الاستهلاك للطاقة. كما أشار إلى أن الشركة طلبت مؤخرا، تحديثا إضافيا للدراسة يأخذ بعين الاعتبار تطور إنتاج الغاز المحلي، وتحديدا في حقل الريشة، الذي بدأ يشكل مصدرا ذا أهمية استراتيجية ضمن مزيج الطاقة في المملكة. وبناء على نتائج هذه الدراسات، تم إعداد دراسة جدوى اقتصادية وفنية متكاملة من قبل شركة "تكنيب" (Technip) الفرنسية البريطانية، إحدى أبرز الشركات العالمية في مجال الطاقة والمصافي. وأظهرت نتائج الدراسة أن القدرة التكريرية المثلى للمشروع الجديد ستكون بحدود 73 ألف برميل يوميا، بدلا من الرقم السابق البالغ 120 ألف برميل يوميا، وهو ما يتناسب بدقة مع الحاجة الفعلية لشركة "جوبترول"، الذراع التسويقية لشركة المصفاة. الظروف الجيوسياسية تعرقل التنفيذ.. وشركات عالمية انسحبت وفي حديثه عن الخلفية التاريخية للمشروع، أوضح الحياري أن عطاء عالميا تنافسيا تم طرحه في العام 2018 لاستقطاب ائتلافات شركات عالمية مؤهلة لتنفيذ التوسعة الرابعة، حيث كانت الخطط آنذاك، تتحدث عن رفع الطاقة التكريرية إلى 120 ألف برميل يوميا. وقال إن الائتلاف الذي قدم أفضل عرض فني ومالي كان يتألف من شركات إيطالية وصينية ويابانية، إلا أن المشروع واجه تحديات عدة، أبرزها انسحاب الشركة الإيطالية لاحقا، بعد أن طالبت بزيادة في قيمة العطاء، وهو ما رفضته إدارة الشركة حفاظا على القوانين الناظمة والمعايير التعاقدية. بعد ذلك، تم التفاوض مع الشركة الصينية المتخصصة في بناء المصافي، لكن ظهرت إشكالية تتعلق بحقوق الترخيص لبعض الوحدات التكريرية، التي تملكها شركة أميركية، ما فاقم من تعقيدات التنفيذ. وفي ظل الأزمات الدولية، وبخاصة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثير الحرب في غزة على حركة الاستثمارات وسلاسل الإمداد، قرر مجلس إدارة المصفاة وقف التفاوض نهاية العام الماضي. مصفاة الزرقاء.. قصة تطور منذ السبعينيات وحتى اليوم وأشار الحياري إلى أن مشروع التوسعة الرابع ليس وليد اللحظة، بل بدأ الحديث عنه منذ العام 2005، بهدف زيادة الطاقة التكريرية إلى 14 ألف طن يوميا، وتحسين الالتزام بالاشتراطات البيئية العالمية. وقد مرت المصفاة بمراحل تطويرية عدة، بدءا من مشروع التوسعة الأول العام 1970، ثم المشروع الثاني العام 1973 والثالث العام 1982، الذي رفع الطاقة التكريرية إلى 8700 طن يوميا. وأوضح أن تكلفة مشروع التوسعة الرابع تقدر بنحو 2.64 مليار دولار، ويهدف إلى التوقف عن إنتاج زيت الوقود عالي الكبريت، وتلبية احتياجات السوق المحلي المتزايدة، وتحسين مواصفات المنتجات النفطية، بما يتوافق مع المعايير البيئية والصحية العالمية. أمن التزود.. درع الأردن في الأزمات وسلط الحياري الضوء على أهمية وجود مصفاة محلية في حماية السوق الأردني من أزمات التزود، قائلا "خلال الحرب الروسية الأوكرانية، شهدت بعض الدول الأوروبية، مثل بريطانيا، طوابير طويلة في محطات الوقود. أما في الأردن، فلم نشهد أي أزمة، بفضل وجود المصفاة". وأكد الحياري أن مشروع التوسعة ليس مشروعا يخص شركة مصفاة البترول فقط، ولا يحقق أهدافها وحدها، بل هو مشروع وطني بامتياز، يستفيد منه المواطن الأردني، وتستفيد منه الحكومة. ومن وجهة نظره، فإن لتر البنزين أو الديزل الذي ينتج ويكرر داخل الأردن من خلال مصفاة البترول، يمتلك قيمة اقتصادية أعلى بكثير من أي لتر يتم استيراده من الخارج، وذلك بسبب ما يوفره من فرص عمل، وما يتيحه من تشغيل للعمالة، إضافة إلى تنشيط الشركات التي تقدم خدمات للمصفاة. كما بين أن المصفاة تعنى بتكرير النفط الخام المستورد من السعودية أو العراق، وبيع المشتقات النفطية محليا، مع الإشارة إلى أن وجود مصفاة بترول، يتيح للدول التي تمتلكها مرونة أكبر في التعامل مع أزمات المشتقات أو الأزمات العالمية. استيراد نفط العراق والسعودية واستثمار حقل حمزة تحدث الحياري بإسهاب عن مصادر التزود الحالية، مشيرا إلى أن معدل التكرير اليومي يتراوح بين 40 إلى 50 ألف برميل، منها حوالي 10 آلاف برميل من النفط العراقي، إضافة إلى واردات من شركة "أرامكو" السعودية، ونحو 90 ألف برميل سنويا من حقل حمزة المحلي. وأوضح أن المفاوضات جارية بين الأردن والعراق لتجديد مذكرة التفاهم التي تنص على تصدير كميات تتراوح بين 10 و15 ألف برميل يوميا بأسعار تفضيلية تقل بـ16 دولارا عن السعر العالمي، مشيرا إلى تراجع كميات التوريد من العراق في العام الحالي، مقارنة بالعام السابق، بسبب تأخر تجديد الاتفاقيات. السوق المحلي.. منافسة عادلة وسقوف سعرية محل نقاش وأكد الحياري أن وجود شركتين إضافيتين في السوق، إحداهما أجنبية، خلق بيئة تنافسية صحية، رغم أن الأسعار وهوامش الربح ما تزال تحددها الحكومة. واعتبر أن جوهر المنافسة حاليا، يكمن في جودة الخدمة المقدمة، مؤكداً أن فتح السوق ساهم في تحسين أداء محطات الوقود. وحول مسألة "السقوف السعرية"، شدد على أنها خطوة مرحلية ضمن قانون المشتقات البترولية، داعيا إلى تسريع الإجراءات الحكومية لتطبيقها تدريجيا، بدءا من المنتجات الأقل تأثيرا على المواطن، مثل الفيول أويل والإسفلتين. ولفت إلى أن تحرير السوق كليا، مع وجود رقابة فعالة من هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن، قد يكون الحل الأنسب لتجنب تفاهمات الأسعار بين الشركات. الضريبة المقطوعة والتراجع في استهلاك المشتقات وأوضح الحياري أن هناك نقاشا جادا حول إعادة هيكلة الضريبة المقطوعة على الوقود، خاصة في ظل التراجع الملحوظ في استهلاك المشتقات النفطية نتيجة التحول إلى السيارات الكهربائية والغاز. وبين أن أرقام وزارة الطاقة تشير إلى انخفاض بنسبة 6.5 % في استهلاك الوقود خلال الربع الأول من العام الحالي، مع انخفاض لافت في الطلب على بنزين (أوكتان 90) بنسبة 10.7 %. الأسطوانات المركبة.. ثقافة استخدام وتنظيم مطلوب وفيما يخص أسطوانات الغاز المركبة (البلاستيكية)، أشار الحياري إلى أنها موجودة في السوق منذ سنوات، لكنها لا تدخل ضمن نطاق عمل المصفاة حاليا، موضحا أن هناك حاجة لتعزيز ثقافة استخدامها، ووضع تعليمات تنظيمية واضحة. لكنه أكد في المقابل استعداد المصفاة لتبنيها مستقبلا، إذا ثبتت كفاءتها وأمانها. الغاز الطبيعي.. وقود بيئي واستراتيجي للتوسعة الرابعة وبين الحياري أن مشروع التوسعة صمم منذ البداية على أساس استخدام الغاز الطبيعي كوقود رئيسي، لما يتمتع به من مزايا بيئية واقتصادية، مشيرا إلى أن الغاز المستخرج من حقل الريشة سيكون ضمن أولويات الشركة في هذا الإطار. أداء مالي قوي ومشاريع استراتيجية أكد الحياري أن الشركة حققت العام الماضي، صافي أرباح بلغ 73 مليون دينار بعد الضريبة، مع صافي إيرادات تشغيلية بنحو 174 مليون دينار، وارتفاع في إجمالي موجوداتها بنسبة 25 %، لتصل إلى 1.8 مليار دينار، نتيجة لزيادة مديونية الجهات الحكومية. وأشار إلى مشاريع استراتيجية قيد التنفيذ، منها بناء خزانين جديدين للغاز المسال في العقبة، بسعة 4000 طن، ومشروع إقامة خمسة خزانات كروية في الزرقاء بكلفة 32 مليون دينار. تعاون إقليمي وتصدير إلى سورية واختتم الحياري حديثه بالإشارة إلى تعزيز التعاون الإقليمي، حيث قدمت المصفاة عرضا رسميا لسورية، لتزويد منطقة حوران بالمشتقات النفطية، كما بدأ الأردن فعليا بتصدير الغاز البترولي المسال إلى دمشق منذ بداية العام الحالي، في خطوة تعكس قدرة المصفاة على تلبية احتياجات الجوار الجغرافي بطريقة فعالة وموثوقة. الحياري يتحدث إلى الزميلة زيدان- (تصوير: ساهر قدارة)


رؤيا نيوز
منذ 4 ساعات
- رؤيا نيوز
ثلاثة أسئلة من خارج المنهاج
عايشنا قبل أيام حالة من الغضب بين الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين، بسبب أحد نماذج أسئلة مبحث في الثانوية العامة، والتي كان عنوان الجدل فيها: «أسئلة من خارج المنهاج». وقد تصاعد الحديث إلى حد وصوله إلى أروقة اللجان في البرلمان الأردني، ليُوصَف لاحقا بأنه قضية رأي عام! ما علينا من كل هذا «الحكي»، فهذه أسطوانة سنوية تتكرر ما دامت امتحانات الثانوية العامة «التوجيهي» تُشكّل وسيلة التقييم الأساسية للطلبة في شكلها الحالي. في المقابل، نحن بحاجة إلى طرح أسئلة أخرى للمعنيين، نأمل أن لا تكون «من خارج المنهاج» في أولويتها، على قطاعات هي أساس إدارة الحياة في الأردن حاضرا ومستقبلاً. السؤال الأول: هل دواؤنا وغذاؤنا آمنان؟ في ظل ما نشهده من حديث مجتمعي واسع من حالات تراجع وضعف وغياب للرقابة على جودة وسلامة بعض المنتجات الأردنية، بغض النظر عن نوعها أو حكمها شرعاً، أو حتى طريقة توزيعها، يُطرح تساؤل جوهري: هل مَن اضطروا لشراء المنتج الرديء والرخيص بسبب ضيق الحال، كانوا وحدهم الضحية؟ ألا يمكن أن تكون هناك أخطاء أو تقصير حتى في المنتجات الأعلى جودة؟ فتكون الضحايا من طبقات أخرى فيكون الجميع في ضرر! تخيل لو كان الغش أو الخطأ في منتج شعبي واسع الانتشار أو من الأجود منها لرأينا أسماء معروفة، وأعداد أكبر ترقد على أسرّة الشفاء، أو فقدهم أهلهم! ولتنشيط ردة الفعل، أدعو كل مَن يقدر على شراء المنتج «الغالي» أو الشعبي الأكثر انتشارا أن يسأل نفسه: ماذا لو كنتُ أنا الضحية؟ نتيجة غش، أو عبث، أو تقصير، أو تهاون فيما يفترض أنه آمن! لعل هذا السؤال يُعيد ويعزز ويشدد التأكيد على ضرورة دعمهم لفرض أقصى العقوبات، وأعلى درجات الرقابة مستقبلاً لا الانسحاب من المشهد عاجلا! السؤال الثاني: هل اقتصادنا واستثمارنا السياحي فاعلان في كل الظروف؟ منذ جائحة كورونا، ونحن نعيش ارتداداتها المتواصلة، ولم نتنفس سوى قليل في نتائج عام 2023، والتي كان محركها الشغف بالسفر بعد «السجن الانفرادي» الذي فرضته علينا كوارث الطبيعة والبشر. وبعد تنفس مؤقت واجهنا جائحة الإلغاءات في حركة السفر بسبب حروب المنطقة، نسأل: هل يكفي أن تتحمل هيئة تنشيط السياحة وحدها عبء ضمان الانتعاش والاستمرار؟ رغم أنها الذراع التسويقي الأساسي للأردن، إلا أن واقعها – ماليا – بما يخصص لها غالباً ما يجعل إرادتها في الانطلاق لأوسع أفق وتحدي وانتشار مشلولة. ومع ذلك، تجد الأغلب يحاسبها على أرقام وموازنات لا تكفي أحيانا لتسويق منتج إلكتروني أو غذائي أو تجميلي لشركة ما وليس ما هو باتساع الوطن! ولتنشيط ردود الفعل، أتساءل: لماذا لم تُؤسَّس حتى اليوم شركة تسويق أردنية ممولة من مستثمري ومشغّلي القطاع السياحي؟ أم أننا نكتفي بمهاجمة الهيئة وكأنها تملك عصا موسى، بينما نغضّ الطرف عن تقصيرنا في التفكير أو المبادرة؟ السؤال الثالث: هل حالنا السياسي الداخلي ووعينا السياسي في بحبوحة ونضج كافيين لجعل التمثيل السياسي في البرلمان الأردني تمثيلاً حزبياً حقيقياً؟ تمثيل يُحكم باختيارات ما زالت عشائرية تُحدد عدد المقاعد المقبلة تصاعدياً، في وقت ما زالت تدار أغلب الأحزاب بعقلية «الشيخة السياسية» في اختيار قياداتها، أو بعقلية «نحن وحدنا خلفاء الله في الأرض» وكأن البقية من ديانة أخرى أو جنسيات متعددة! بهذا النهج، صعد بأعلى المقاعد مَن هم أهل خراب وفساد، وهبط أو تراجع حلم مَن يدّعون أنهم أهل لخدمة الوطن. اطرح ثلاثة أسئلة، لا أكثر، كل واحد فيها يمثل محورا من محاور الإصلاح الثلاثة الإداري والاقتصادي والسياسي أضعها أمام القائمين على صياغة أسئلة الامتحانات وجهات إنجاح المحاور ولن أزيد عليها لإيماني أنها وحدها -وأقصد الاسئلة وأجوبتها- قادرة على تحسن النتائج وخفض نسبة الرسوب أو زيادتها. ورغم أنها نابعة من صلب «منهاج حياتنا اليومي»، إلا أننا سنبقى ندور حول إجاباتها، وندعي أنها من خارج المنهاج، ونشكك بها، بدل أن نُصدق أنفسنا، ونتحمل مسؤولية الإجابة عليها أمام أعلى المستويات.