logo
احتجاجات توغو تُعبّر عن غضب شبابي من التوريث.. لكن هل التغيير ممكن؟

احتجاجات توغو تُعبّر عن غضب شبابي من التوريث.. لكن هل التغيير ممكن؟

الجزيرةمنذ 3 أيام
لومي- توغو – هدأت الهتافات، وأُزيلت الحواجز من الشوارع، وساد هدوء مريب في العاصمة بعد أيام من الاحتجاجات الجماهيرية في توغو.
لكن تحت السطح، لا يزال الغضب يتصاعد، والقوات الأمنية منتشرة عند تقاطعات رئيسية، فيما يخشى كثيرون أن العاصفة لم تنتهِ بعد.
بين 26 و28 يونيو/حزيران، نزل الآلاف إلى شوارع لومي احتجاجًا على تعديلات دستورية يقول معارضوها إنها تُبقي الرئيس فور غناسينغبي في السلطة إلى أجل غير مسمى.
غناسينغبي (59 عامًا)، الذي تولى الرئاسة عام 2005 بعد وفاة والده الذي حكم 38 عامًا، أدى مؤخرًا اليمين رئيسًا لمجلس الوزراء – وهو منصب تنفيذي قوي بلا حدود زمنية في النظام البرلماني المعتمد حديثًا.
قمع عنيف وسريع للاحتجاجات
قُتل ما لا يقل عن 4 أشخاص، وأُصيب العشرات، واعتُقل أكثر من 60 شخصًا، وفق منظمات مجتمع مدني محلية. وتُظهر مقاطع فيديو موثقة ضربًا ومطاردات وجرّ مدنيين على يد رجال بملابس مدنية.
لكن في بلد اعتاد الإرهاق السياسي والمعارضة المنقسمة، شكل الأسبوع الماضي نقطة تحول.
رفض الحكم الوراثي
يرى كثيرون في هذه الاحتجاجات أكثر من مجرد رفض للتعديلات الدستورية، فهي قطيعة أجيال.
يقول الصحفي والكاتب التوغولي باب كودجو "هؤلاء الشباب لا يحتجون فقط ضد دستور جديد. إنهم يرفضون 58 عامًا من الحكم الوراثي من الأب إلى الابن، والذي لم يجلب سوى الفقر والقمع والإذلال".
معظم المحتجين كانوا دون الـ25، لم يعرفوا قائدًا آخر. نشؤوا في ظل انقطاعات الكهرباء، والبنية التحتية المتدهورة، والبطالة وتقلص الحريات.
حاولت الحكومة الحد من الغضب، فتراجعت بسرعة عن زيادة بنسبة 12.5% في أسعار الكهرباء، وهي أحد مصادر الاستياء، وأفرجت بهدوء عن المغني الناشط "آمرون"، الذي أثار اعتقاله موجة غضب.
لكن ذلك لم يوقف الاحتجاجات. يقول المحلل السياسي بول أميغاكبو، رئيس معهد تامبيرما للحكم: "اعتقال آمرون كان الشرارة. لكن القصة الحقيقية هي أن النظام لم يعد قادرًا على تقديم حل تفاوضي أو مؤسسي للأزمة، ويعتمد فقط على القوة العسكرية".
وأشار إلى دلائل على التصدع داخل الدولة نفسها، حيث أصدرت وزيرة الدفاع السابقة مارغريت غناكادي بيانًا نادرًا يدين العنف، ما قد يشير إلى انقسامات على أعلى المستويات.
المجتمع المدني يسد الفراغ
اللافت أن قادة الاحتجاج لم يكونوا من أحزاب المعارضة التقليدية، بل من نشطاء المجتمع المدني وفنانين ومؤثرين من الشتات.
وقال كودجو "المعارضة منهكة سياسيًا وجسديًا وماليًا. وبعد عقود من الحوار الفاشل، تصدّر الشباب المشهد".
أصدرت منظمات مدنية بيانات تدين "الاستخدام غير المتناسب للقوة" وتطالب بتحقيقات مستقلة. وقالت مؤسسة الإعلام لغرب أفريقيا إن حرية التعبير "تتقلص بشكل خطير".
وأكد فابيان أوفنر، الباحث في منظمة العفو الدولية، أن القمع هو جزء من "بنية قمعية ممنهجة"، ووثّقت منظمته حالات اعتقال تعسفي وتعذيب تمت في ظل الإفلات من العقاب.
وقال "هذا ليس مجرد إدارة احتجاجات، وإنما هو إنكار منهجي للحقوق الأساسية"، وأشار إلى أن وصف الحكومة للاحتجاجات بأنها "غير مصرح بها" يتعارض مع القانون الدولي، حيث لا تتطلب التجمعات السلمية إذنًا مسبقًا.
غياب دولي مقلق
العفو الدولية دعت لتحقيق مستقل، ونشرِ قائمة المعتقلين، وشفافية كاملة من المدعين العامين. وقال أوفنر "توغو أصبحت نقطة عمياء دبلوماسيًا. نحتاج إلى موقف أكثر صرامة من الاتحاد الأفريقي والإيكواس والأمم المتحدة".
حتى أساقفة الكنيسة الكاثوليكية، المعروفون بتحفظهم، حذروا في بيان نادر من "خطر الانفجار تحت وطأة الإحباط المكبوت"، داعين إلى "حوار صادق وشامل وبنّاء".
رد الحكومة
قال الوزير غيلبرت باوارا إن "ما حدث لم يكن احتجاجًا سلميًا بل محاولة لزعزعة النظام العام"، ونفى ارتكاب القوات الأمنية انتهاكات ممنهجة، مضيفًا أن الحكومة "منفتحة على الحوار"، ولكن فقط مع "جهات واضحة ومنظمة، لا دعوات مجهولة من الخارج".
ودافع عن التعديلات الدستورية باعتبارها "تمت ضمن عملية شرعية"، مؤكدًا أن من يعارضها "يمكنه اللجوء للانتخابات أو الطعن القانوني".
لكن منتقدين اعتبروا هذه الآليات شكلية في ظل هيمنة الحزب الحاكم على المؤسسات وقمعه للمعارضة.
يقول المحلل أميغاكبو "هناك مظاهر ديمقراطية، نعم، لكنها فارغة من المضمون. السلطة في توغو تُحتكر وتُصان عبر القمع والزبونية والهندسة الدستورية".
وأشار إلى أن إعلان الحكومة عن "مسيرة سلمية" مؤيدة لها في 5 يوليو/تموز هو دليل على أنها "لا تستمع، بل ترد على المعاناة الاجتماعية بالدعاية والتظاهرات المضادة".
نقطة تحول
مصير البلاد لا يزال غامضًا. الاحتجاجات هدأت، لكن الانتشار الأمني وبطء الإنترنت يعكسان التوتر القائم.
وحذّر أميغاكبو "لسنا في ثورة بعد، لكننا في شرخ عميق. إذا استمر النظام في إنكاره، فقد تكون التكلفة أكبر مما يتوقع".
واختتم كودجو قائلا "هناك طلاق بين جيل يعرف حقوقه ونظام يعيش في وضع البقاء. شيء ما قد تغير. هل سيقود ذلك إلى إصلاح أم إلى مزيد من القمع؟ هذا ما ستكشفه المرحلة القادمة".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عصابة مسلحة تهاجم لجنة حقوق الإنسان الكينية
عصابة مسلحة تهاجم لجنة حقوق الإنسان الكينية

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

عصابة مسلحة تهاجم لجنة حقوق الإنسان الكينية

تعرض مقر لجنة حقوق الإنسان الكينية، الأحد، لهجوم من قبل عصابة مسلحة أثناء مؤتمر صحفي دعا إلى إنهاء الانتهاكات الممارسة من قبل السلطة، وذلك عشية مظاهرات مرتقبة في "يوم سابا سابا" الذي يحيي ذكرى الحراك الديمقراطي في البلاد خلال تسعينيات القرن الماضي. ووفق مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، اقتحم نحو 20 شخصا، بعضهم يحمل العصي، مبنى اللجنة، وهاجموا المشاركين في المؤتمر الصحفي، متهمين إياهم بـ"التخطيط للاحتجاجات". وأعلنت مجموعة "التجمع النسائي الكيني" عبر منصة "إكس" أن مكاتب اللجنة تعرضت لهجوم من قبل "عصابات مسلحة". ويأتي هذا التطور في ظل أجواء متوترة تعيشها البلاد، حيث تتجدد المظاهرات احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية واتهامات بالفساد، إلى جانب استمرار ما تصفه المنظمات الحقوقية بـ"وحشية الشرطة" في التعامل مع المحتجين. الاحتجاجات تتصاعد والضحايا بالأرقام وكانت المظاهرات التي خرجت في 25 يونيو/حزيران الماضي قد أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 19 شخصا، ونهب آلاف المتاجر وتدميرها، وسط اتهامات للحكومة بنشر "مجرمين مسلحين" لاستهداف المتظاهرين والمعارضين السياسيين. وتكرر المشهد في 17 يونيو/حزيران، حيث هاجمت مجموعة من الرجال المسلحين بالسياط والهراوات متظاهرين يحتجون على عنف الشرطة. ووفق شهود عيان، تحرك هؤلاء الأشخاص بحماية أمنية واضحة. ويرى محللون أن البلاد تشهد تحوّلا اجتماعيا وسياسيا ملحوظا. فالتوسع العمراني وارتفاع معدلات التعليم، إلى جانب الانتشار الكبير لوسائل التواصل، كلها عوامل أسهمت في تصاعد الغضب الشعبي، لا سيما في أوساط الشباب الذين باتوا أكثر استقلالا عن الانتماءات القبلية. ويقول ديكلان غالفين المحلل لدى شركة "إيكزيجنت ريسك أدفايزوري" لوكالة الصحافة الفرنسية "إن كينيا أصبحت أكثر هشاشة مما كانت عليه قبل سنوات"، مضيفًا أن "الأغلبية الشابة في المناطق الحضرية باتت تبحث عن خيارات سياسية تتجاوز الخطاب القبلي التقليدي". الرئيس في موقع قوي ولكن.. سياسيا، يحتفظ الرئيس وليام روتو بموطئ قدم قوي في المشهد الكيني بعد تحالفه مع زعيم المعارضة رايلا أودينغا، مما خلق فراغا سياسيا في مواجهة الاستحقاق الانتخابي المرتقب عام 2027. لكن خبراء يحذرون من أن استمرار القمع يؤدي إلى زيادة حدة الاحتقان. وتقول الناشطة نيريما واكو "في كل مرة ينظم فيها الناس احتجاجًا يُقتل عدد إضافي، وذلك ما يجعل العنف يتغذى من ذاته".

نيروبي تحت حصار أمني ودعوات لإحياء رمزية "سابا سابا" ضد الفساد والقمع
نيروبي تحت حصار أمني ودعوات لإحياء رمزية "سابا سابا" ضد الفساد والقمع

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

نيروبي تحت حصار أمني ودعوات لإحياء رمزية "سابا سابا" ضد الفساد والقمع

تشهد العاصمة الكينية نيروبي صباح اليوم شللا تاما وانتشارا مكثفا للقوات العسكرية، في مشهد يعيد إلى الأذهان التوترات السياسية التي عصفت بالبلاد في محطات سابقة. وتأتي هذه الإجراءات في ظل دعوات متزايدة من مجموعات شبابية، وعلى رأسها "جيل زد"، لتنظيم مظاهرات حاشدة في ذكرى "سابا سابا"، احتجاجا على ما وصفوه بـ"الانتهاكات الأمنية والفساد السياسي". وأعلنت السلطات حالة التأهب القصوى، سعيا لمنع تكرار سيناريو احتجاجات يونيو/ حزيران الماضي، التي أسفرت عن سقوط قتلى ومئات الإصابات، وسط اتهامات باستخدام الذخيرة الحية ضد المحتجين السلميين. وحذر مراقبون من أن يصبح اليوم بداية لمواجهة مفتوحة بين الشباب الغاضب ومؤسسات الدولة، خاصة بعد أن اتخذ ماراثون نيروبي الرياضي، يوم الأحد، طابعا احتجاجيا ضد الرئيس ويليام روتو. هل يعيد التاريخ نفسه في مثل هذا اليوم من عام 1990، خرج الآلاف إلى شوارع كينيا رفضا لنظام الحزب الواحد، بقيادة شخصيات بارزة مثل كينيث ماتيبا وتشارلز روبيا. قابل النظام تلك الاحتجاجات بالعنف والاعتقالات، مما أدى إلى مقتل أكثر من 20 شخصا. ومع تصاعد الضغط الشعبي، اضطرت الحكومة إلى إلغاء الحكم الأحادي، لتبدأ البلاد عهد التعددية الحزبية عام 1992. ولا يزال هذا التاريخ يحمل رمزية الغضب الشعبي، حيث يستلهم "جيل زد" روح ذلك اليوم للتنديد بما وصفوه بـ"تراجع الحريات" و"إفلات السلطات الأمنية من المحاسبة"، وسط دعوات واسعة على منصات التواصل تحت وسم #SabaSaba2025. وتلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا محوريا في تحفيز المتظاهرين، حيث انتشرت دعوات رقمية تتبنى رمزية "سابا سابا"، وتحث على النزول إلى الشارع بـ"أعلام كينيا ولافتات فارغة.. كصوت لا يُقمع". ويتداول الشباب مقاطع من مظاهرات 1990، مرفقة برسائل تعهد "لن ننسى ولن نصمت". وتشير التطورات الجارية إلى أن كينيا تقف أمام اختبار حقيقي لمسارها الديمقراطي. وبينما تستحضر الاحتجاجات رمزية تاريخية مؤثرة، فإن تصاعد التوتر بين السلطة وجيل الشباب قد يُعيد البلاد إلى مشهد الاحتقان السياسي.

تجدد دعوات الاحتجاج في توغو قبيل الانتخابات البلدية
تجدد دعوات الاحتجاج في توغو قبيل الانتخابات البلدية

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

تجدد دعوات الاحتجاج في توغو قبيل الانتخابات البلدية

جدد منظمو المظاهرات الشعبية في توغو دعوتهم إلى التظاهر يومي 16 و17 يوليو/تموز الجاري، تزامنا مع الانتخابات البلدية المرتقبة، رفضا لسياسات الحكومة ومقتل محتجين في مظاهرات سابقة. وتأتي هذه الدعوات في ظل تصاعد التوتر السياسي بعد اعتقال شخصيات من المعارضة، وارتفاع أسعار الكهرباء، وتمرير تعديل دستوري يمنح الرئيس فور غناسينغبي صلاحيات موسعة، اعتبرها المحتجون تكريسا للهيمنة على السلطة. وفي مقطع مصور نُشر على منصة "تيك توك"، أعلن فنانون ونشطاء مشاركون في مظاهرات يونيو/حزيران نيتهم استئناف الحراك الجماهيري ضمن ما يعرف بـ"حراك السادس من يونيو". مواجهات وقتلى وأفادت منظمات حقوقية بقتل 7 أشخاص وإصابة العشرات واعتقال أكثر من 60 شخصًا خلال مظاهرات يونيو/حزيران، بينما تحدثت السلطات عن وفاتين فقط "غرقًا"، من دون تقديم حصيلة دقيقة. في المقابل، حمّلت المعارضة قوات الأمن مسؤولية جميع الوفيات. وتتزامن هذه التطورات مع استعدادات تنظيم الانتخابات البلدية في 17 يوليو/تموز، وسط دعوات من أحزاب معارضة وهيئات مدنية لتأجيلها، بدعوى أن المناخ السياسي والأمني غير ملائم. مطالب بتحقيق مستقل وفي سياق متصل، أكدت الجمعية الوطنية أنها ستراجع ملابسات أعمال العنف الأخيرة، بينما طالبت منظمة العفو الدولية بإجراء تحقيق "مستقل وشفاف" في الأحداث. لكن وزير التعليم التقني إسحاق تشياكبي اعتبر أن البلاد تشهد "هدوءا واستقرارا"، مشيرا إلى أن الأنشطة العامة والاختبارات المدرسية تُجرى طبيعيا، نافيًا وجود توتر واسع النطاق. وفي خطوة مفاجئة، ألغى الحزب الحاكم فعالية دعم للرئيس كانت مقررة السبت، دون إعلان الأسباب، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر مطلعة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store