
هل اعترفت الصين أخيراً بمشكلتها الصناعية؟
فمن وجهة النظر الغربية، فإن الإنتاج الفعلي في الصين أعلى بكثير من قدرة السوق الاستيعابية عند مستويات سعرية معقولة ومربحة، وهو ما يطلق عليه «الطاقة الإنتاجية الفائضة»، وهي ظاهرة لا تقتصر على الصين وحدها، لكن الغرب يؤمن بأن هذه الظاهرة في الصين تتخذ طابعاً مؤسسياً ممنهجاً بفعل السياسات الصناعية التي تقودها الحكومة المركزية، والدعم الواسع الذي تقدمه الحكومات المحلية لمجمعات صناعية في سعيها لتحفيز النمو وتحقيق أهداف الناتج المحلي، وهذا الخلاف لم يعد مجرد نقاش اقتصادي، بل امتد إلى أروقة السياسة والتجارة الدولية، والغرب، بالإضافة إلى الهند والبرازيل، أعربوا عن قلقهم بشأن الفائض الإنتاجي الصيني المدعوم بإعانات ومزايا غير سوقية، وهو ما يقوّض المنافسة العادلة ويهدد قطاعات ناشئة لدى هذه الدول، خصوصاً في مجال الطاقة الشمسية، حيث تنتج الصين اليوم أكثر من 80 في المائة من الألواح الشمسية في العالم، وتسيطر على سلاسل توريد البطاريات والسيارات الكهربائية.
أما الصين فهي ترفض هذا المنطق، وترى فيه ازدواجيةً في المعايير، فقد استشفت الصين وجود فجوة بالسوق في العديد من المجالات التي يتوجه إليها العالم، منها السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، وهي احتياجات للسوق الصينية، كما أنه احتياج السوق العالمية، وعندما استثمرت الصين في صناعات الطاقة المتجددة، لم يكن هذا الاستثمار وليد طموحات تصديرية فحسب، بل هو استجابة لحاجة حقيقية في الداخل ولضرورات مناخية عالمية، بل إن الصين ترى أنها وفرت بدائل منخفضة التكلفة وعالية الكفاءة في سوقٍ لم تكن لديه حلول متاحة من قبل، خصوصاً في مجالات تقنية معقدة كالطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية، وما ينتقده الغرب في الصين في التجارة هو ما يفتخر به في محافل أخرى، وذلك في خفض تكلفة الألواح الشمسية بنسبة تصل إلى 80 في المائة، ولم يكن ذلك ليحدث لو لم تدخل الصين هذه الصناعة، وينطبق الأمر ذاته على السيارات الكهربائية، فقد تسببت المنافسة الحادة بدخول الصين هذا المجال بتقليص أسعار بعض الطرازات للنصف، وهو ما سرّع وتيرة تبني الطاقة النظيفة في أسواق متعددة من جنوب شرق آسيا إلى أوروبا.
ولكن ما اعترفت به الصين مؤخراً هو وجود حرب أسعار في الداخل، بما يُعرف بالخطاب الاقتصادي الصيني بمصطلح «نيجوان»، وهو دخول السوق في حلقة مفرغة من التنافس غير المنتج، بخفض الأسعار دون الربحية بهدف الاستحواذ على حصص سوقية أكبر، وسبب هذه الظاهرة هو فائض الطاقة الإنتاجية، الذي ينتقده الغرب، فدعم الحكومات المحلية المستمر يزيد الطاقة الإنتاجية للمصانع، ومع تباطؤ الطلب المحلي بسبب أزمة العقارات الصينية، وندرة فرص التصدير مع ازدياد الحماية الاقتصادية العالمية، أصبحت الشركات تسعى إلى تصريف منتجاتها بأي ثمن، حتى لو باعتها دون سعر التكلفة، وقد أشار أحد المصانع إلى أنها تبيع منتجاتها بأقل من سعر التكلفة لمجرد الحفاظ على العاملين، على أمل أن تتحسن الأوضاع في المستقبل القريب.
إن فائض الطاقة الإنتاجية في الصين ظاهرة سببت الضرر للصين نفسها، وهي نتاج اختلال هيكلي في النموذج الصناعي الصيني الذي يحفز النمو بتحفيز القدرة الإنتاجية، وليس بزيادة الكفاءة والجودة، والخروج من هذه الحلقة، أو «نيجوان»، يتطلب إصلاحات هيكلية تشمل تقليص الدعم غير الفعّال وتحفيز الطلب المحلي، والحديث في الداخل الصيني اليوم يدور حول القوى الإنتاجية عالية الجودة، وهي صيغة تسعى لإعادة تعريف الطموح الصناعي بعيداً عن مجرد التوسع الكمي، نحو التصنيع الذكي المبتكر والكفء، وإذا ما طبقت هذه الاستراتيجية على أرض الواقع فقد تمثل تحولاً نوعياً في علاقة الصين بالعالم الاقتصادي، وتعيد تعريف الصناعة الصينية من جديد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 17 دقائق
- الشرق الأوسط
الصين تتعهد بزيادة الدعم المالي للقطاعات الصناعية الرئيسية
أصدرت الصين، يوم الثلاثاء، مبادئ توجيهية بشأن الدعم المالي للقطاعات الصناعية الرئيسية، متعهدةً بتوجيه البنوك لتوفير تمويل متوسط وطويل الأجل لصناعات مثل الدوائر المتكاملة والمواد المتقدمة. وأوضحت المبادئ التوجيهية التي أصدرتها سبع جهات حكومية، من بينها البنك المركزي ووزارة المالية، أنها تهدف إلى تعزيز التطوير الصناعي ومنع المنافسة المفرطة. كما تدعو المبادئ التوجيهية المؤسسات المالية إلى تقديم خطط حلول مالية للشركات المتضررة بشدة من العوامل الخارجية، والتعهد بدعم شركات التعدين لتحقيق استقرار العرض وأسعار السلع. توسّع قوي للخدمات وفي غضون ذلك، أظهر مسح للقطاع الخاص نُشر يوم الثلاثاء، أن نشاط الخدمات في الصين توسّع بأسرع وتيرة له في 14 شهراً خلال يوليو (تموز)، مدفوعاً بارتفاع الطلب، بما في ذلك ارتفاع طلبات التصدير الجديدة. وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز غلوبال» لمديري المشتريات في قطاع الخدمات العامة لدى الصين إلى 52.6 نقطة في يوليو، من 50.6 نقطة في الشهر السابق، مسجلاً أسرع وتيرة منذ مايو (أيار) من العام الماضي. ويفصل مستوى 50 نقطة بين التوسع والانكماش. وتناقضت هذه القراءة مع المسح الرسمي الصيني الذي أظهر انخفاضاً طفيفاً في نشاط الخدمات إلى 50.0 نقطة في يوليو، من 50.1 نقطة في يونيو (حزيران). ويعدّ مؤشر «ستاندرد آند بورز» لمديري المشتريات قراءة أفضل لاتجاهات الشركات الصغيرة الموجهة نحو التصدير، لا سيما على طول الساحل الشرقي، فيما يتتبع مؤشر مديري المشتريات الرسمي في المقام الأول الشركات الكبيرة والمتوسطة، بما في ذلك الشركات المملوكة للدولة. وفي غضون ذلك، انخفض مؤشر مديري المشتريات العام المركب لمؤشر «ستاندرد آند بورز الصين» إلى 50.8 نقطة في يوليو من 51.3 نقطة خلال الشهر السابق. المخاوف قائمة وتباطأ الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بوتيرة أقل من المتوقع في الربع الثاني، مدعوماً بإجراءات السياسة المالية واستفادة المصانع من الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين لتسريع وتيرة شحناتها. ومع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة بشأن النصف الثاني من العام مع ضعف زخم الصادرات، وانخفاض الأسعار، وضعف ثقة المستهلك، متأثرةً جزئياً بتباطؤ سوق العقارات المطول. ووفقاً لمسح «ستاندرد آند بورز غلوبال»، فإن أسرع نمو في الأعمال الجديدة خلال عام أسهم في دعم ارتفاع النشاط التجاري مع بداية النصف الثاني من العام. وارتفع المؤشر الفرعي لطلبات التصدير الجديدة لأول مرة في ثلاثة أشهر، مدعوماً بنمو النشاط السياحي واستقرار الأوضاع التجارية. وفي الأسبوع الماضي، اتفق المسؤولون الأميركيون والصينيون على السعي لتمديد هدنة التعريفات الجمركية التي استمرت 90 يوماً بعد يومَيْن مما وصفه الجانبان بمحادثات بناءة في استوكهولم. وأظهر المسح أنه بعد خفض مستويات التوظيف في يونيو، زاد مُقدّمو الخدمات من التوظيف بأسرع وتيرة منذ يوليو 2024، مدفوعاً بارتفاع أعباء العمل وتحسن الثقة. وقد أدى ذلك إلى تباطؤ تراكم الأعمال المتراكمة. وأدى ارتفاع تكاليف المواد الخام والوقود والرواتب إلى إبقاء متوسط أسعار المدخلات في نطاق التوسع خلال يوليو. ونتيجةً لذلك، رفع مُقدّمو الخدمات أسعار بيعهم لأول مرة منذ ستة أشهر. ومع ازدياد الأعمال الجديدة والنشاط التجاري تحسّنت الثقة العامة للأعمال. وبدءاً من يوليو الماضي، لم تعد شركة «كايكسين» راعيةً لمؤشر مديري المشتريات للصين الصادر عن «ستاندرد آند بورز». انتعاشة في الأسواق وفي الأسواق، ارتفعت أسهم «الصين» و«هونغ كونغ» للجلسة الثانية على التوالي يوم الثلاثاء، متعافيةً من خسائرها الحادة التي تكبدتها الأسبوع الماضي، عقب بيانات الخدمات التي عززت معنويات المستثمرين. وارتفع مؤشر «سي إس آي 300» الصيني للأسهم القيادية بنسبة 0.3 في المائة بحلول استراحة الغداء، فيما ارتفع مؤشر «شنغهاي المركب» بنسبة 0.5 في المائة. كما ارتفع مؤشر «هانغ سنغ القياسي» في «هونغ كونغ» بنسبة 0.3 في المائة. وتشير البيانات إلى تسارع نشاط قطاع الخدمات في يوليو، وفقاً لمحللي «غولدمان ساكس» في مذكرة، إلا أن التباين الكبير بين مؤشر مديري المشتريات الرسمي للخدمات (الذي انخفض في يوليو) ومؤشر «ستاندرد آند بورز» يشير إلى «تباين كبير بين قطاعات الخدمات الفرعية»، كما أضاف المحللون. كما اقتفت مكاسب الأسهم الصينية أثر ارتفاع «وول ستريت» الليلة السابقة، مدفوعةً بتزايد الرهانات على خفض أسعار الفائدة الأميركية. ومع ذلك، يتوقع المحللون بعض التماسك في المكاسب خلال الأسابيع القليلة المقبلة، نظراً إلى عدم اليقين بشأن معدلات الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين واستمرار بيئة الأعمال الصعبة محلياً. وقال محللو «سيتي» في مذكرة، إن ظهور بوادر محدودة على مزيد من التقدم في مفاوضات الرسوم الجمركية الأخيرة بين البلدين أدى إلى ضعف مراكز الأسهم في الصين و«هونغ كونغ». وصرّح المدير التنفيذي لشركة «كينغستون» للأوراق المالية، ديكي وونغ، بأن بعض الشركات المدرجة في «هونغ كونغ» أعلنت أرباحاً مخيبة للآمال، على عكس النتائج القوية للشركات الأميركية، خصوصاً في قطاع التكنولوجيا، مما قد يؤدي إلى تماسك السوق. وحسب القطاعات، قفزت أسهم التكنولوجيا الحيوية بنسبة 2 في المائة لتقود المكاسب في «هونغ كونغ». وفي بورصة هونغ كونغ، تفوقت أسهم الرسوم المتحركة والألعاب والبنوك على غيرها، حيث ارتفعت بنسبة 1 في المائة لكل منها.


الشرق الأوسط
منذ 17 دقائق
- الشرق الأوسط
«أرامكو» تحقق أعلى أرباح بين عمالقة الطاقة العالمية في الربع الثاني من 2025
تواصل شركة «أرامكو السعودية» تصدرها قائمة شركات الطاقة العالمية من حيث الأرباح، مسجلةً 22.6 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2025. ورغم هذا الأداء القوي الذي وضعها في المركز الأول بفارق كبير عن أقرب منافسيها، شهدت الشركة تراجعاً في صافي الأرباح بنسبة 22 في المائة على أساس سنوي. تأتي هذه الأرباح لتؤكد مكانة «أرامكو» بصفتها عملاقاً في القطاع، متفوقةً على شركات كبرى مثل «إكسون موبيل» التي حققت أرباحاً بلغت 7.1 مليار دولار، و«شل» التي سجلت 4.3 مليار دولار، في حين حققت «توتال إنرجيز» 2.7 مليار دولار، و«شيفرون» 2.5 مليار دولار، و«بي بي» 2.4 مليار دولار. يُعزى هذا التراجع في أرباح معظم الشركات الكبرى إلى تقلبات أسعار النفط والغاز العالمية، لكن «أرامكو» حافظت على صدارتها بفضل حجم إنتاجها الكبير وكفاءتها التشغيلية. وواجهت شركات الطاقة الكبرى تحديات مالية خلال الربع الثاني من العام، حيث شهدت أرباحها في الربع الثاني من عام 2025 تراجعاً بنسب تراوحت بين 22 و44 في المائة.


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
اتهامات خطيرة تلاحق إدارة أوباما
في تطور لافت، أمرت النائب العام بام بوندي بفتح تحقيق عبر هيئة محلفين كبرى في مزاعم تشير إلى أن مسؤولين في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما لفقوا معلومات استخباراتية بشأن تدخل روسيا في انتخابات عام 2016. وكانت مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد أحالت الموضوع رسميا، ما يفتح الباب أمام تحقيق جنائي يتوقع أن يطال أسماء بارزة في الإدارة السابقة، ويعيد الجدل حول نزاهة المؤسسات الاستخباراتية والتدخلات السياسية في ملفات الأمن القومي. ونقلت شبكة «سي إن إن» عن مصدر مطلع، أن هيئة المحلفين الكبرى ستتمكن من إصدار مذكرات استدعاء كجزء من تحقيق جنائي في مزاعم متجددة بأن مسؤولين ديمقراطيين حاولوا تشويه سمعة الرئيس الحالي دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية عام 2016، عبر الادعاء زوراً بتواطؤ حملته مع الحكومة الروسية. وأضاف أن الهيئة يمكنها النظر في توجيه لائحة اتهام إذا قررت وزارة العدل متابعة القضية جنائياً. وأتت هذه الخطوة عقب إحالة من مديرة الاستخبارات الوطنية غابارد، التي ألغت في يوليو الماضي السرية عن وثائق تزعم أنها تقوض استنتاج إدارة أوباما بأن روسيا حاولت مساعدة ترمب على هزيمة هيلاري كلينتون. وطلبت غابارد من وزارة العدل التحقيق مع أوباما وكبار المسؤولين في إدارته بتهمة التآمر المزعوم. وبعد هذه الإحالة، كشفت بوندي أن وزارة العدل بصدد إنشاء «قوة ضاربة» لتقييم الأدلة التي كشفتها غابارد والتحقيق في الخطوات القانونية التالية المحتملة التي قد تنجم عن إفصاحات مديرة الاستخبارات الوطنية. ورغم من إصرار مديرة الاستخبارات على أن هدف روسيا في عام 2016 كان زرع الشكوك في الديمقراطية الأمريكية وليس مساعدة ترمب، إلا أن الوثائق غير المختومة لا تنفي أو تغير النتائج الأساسية التي توصلت إليها الحكومة الأمريكية عام 2017، والتي تؤكد أن روسيا شنت حملة تأثير وقرصنة إلكترونية سعت من خلالها إلى إلحاق الهزيمة بهيلاري كلينتون. وفي يوليو الماضي، وصف مكتب أوباما بياناً، اتهامات ترمب له بالخيانة بأنها «مزاعم غريبة ومحاولة ضعيفة لصرف الانتباه»، مؤكداً حقيقة لا تقبل الجدل أن روسيا حاولت التأثير على انتخابات عام 2016. وأوضح مكتب أوباما أن «لا شيء في الوثيقة الصادرة يقوض الاستنتاج المقبول على نطاق واسع بأن روسيا عملت للتأثير على الانتخابات الرئاسية لعام 2016». ولفت إلى أن هذا التأثير لم يصل إلى حد «التلاعب الناجح في أي أصوات». وخلصت أجهزة الاستخبارات في يناير 2017، إلى أن روسيا تدخلت بشكل ممنهج في انتخابات عام 2016 بهدف تقويض الثقة في النظام الأمريكي، والإضرار بفرص هيلاري كلينتون، ودعم حملة ترمب. وأدى الكشف عن التدخل الروسي إلى إطلاق سلسلة من التحقيقات، أبرزها تحقيق المستشار الخاص روبرت مولر، الذي سعى لتحديد ما إذا كان هناك تواطؤ بين حملة ترمب والكرملين. ورغم أن تقرير مولر لم يثبت وجود تواطؤ جنائي مباشر، إلا أنه كشف اتصالات متعددة بين مسؤولي حملة ترمب وأفراد مرتبطين بروسيا. أخبار ذات صلة