
تطورات جوهرية تعيد خلط الأوراق الفلسطينية في لبنان
في المقابل شهدت الساحة الفلسطينية جملة متغيرات وتطورات وصفها متابعون بأنها "جوهرية" في توقيتها ومضمونها، من ضمنها ما أطلقت عليه عملية "ترتيب البيت الفتحاوي"، نسبة إلى حركة "فتح"، وخلالها تم إعفاء السفير الفلسطيني السابق أشرف دبور من مهامه وأوكلت المهمة إلى السفير محمد الأسعد، وكذلك قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضم وحدة "الأمن والحماية" التابعة لسفارة فلسطين في لبنان بقوات الأمن الوطني الفلسطيني في الساحة اللبنانية، بأفرادها وعتادها كافة، وفق وسائل إعلام محلية.
فما الذي يحصل فلسطينياً في لبنان؟ ما علاقته بقرار السلطات اللبنانية حصرية السلاح؟ وكيف يمكن أن تتطور الأمور مستقبلاً؟
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول الباحث الفلسطيني هشام دبسي في مقابلة صوتية مع "اندبندنت عربية" إن زيارة الرئيس عباس إلى لبنان قبل أسابيع كشفت عن أمرين أساسيين، الأول أن العلاقات بين الشرعية الفلسطينية والشرعية اللبنانية هي علاقات متينة وتستند إلى قواعد العمل المشترك ورؤية واضحة لمصالح الشعبين الفلسطيني واللبناني، وكذلك تقاطع المصلحتين سواء بما يخدم الفلسطيني أو بما يخدم اللبناني، مضيفاً أن هذا التقاطع نشأ في مسألة حصرية السلاح وحصرية القرار الأمني التي أعلنت عنه الجمهورية اللبنانية، وهذا ما عززته أيضاً المبادرة الفلسطينية السياسية لوضع السلاح الفلسطيني في أمرة الدولة اللبنانية ورؤيتها لكيفية تنفيذ هذا القرار اللبناني والأممي معاً.
ويتابع أن الهجمة المضادة من محور "الممانعة" الفلسطيني واللبناني كشفت أيضاً خللاً في الأداء القيادي لحركة "فتح" و"منظمة التحرير" وقوات الأمن الوطني التابعة لها في المخيمات، وهذا الخلل يمكن تفسيره بعدة عوامل أهمها ترهل البنية الداخلية وضعف الهياكل القيادية، فضلاً عن تأثر بعض الكوادر بما تبثه وسائل الإعلام الممانعة من تحريض ومخاوف تتطرق إلى عجز الدولة اللبنانية عن حماية مجتمع اللاجئين الفلسطينيين والتبشير بالفوضى القادمة واحتمالات أن تتعرض المخيمات للمجازر والحروب الجديدة.
يرى دبسي أن هذا الأمر أربك الأداء الرسمي الفلسطيني وعطل تنفيذ مبادرته، فبات واجباً على القيادة الفلسطينية الشرعية إعادة النظر بكافة الأطر والهياكل والمؤسسات، ومنها سفارة فلسطين في لبنان، وما يجري اليوم هو تصحيح لجملة أخطاء وتجديد للكوادر القيادية القادرة على تنفيذ السياسات الفلسطينية الرسمية بما يخدم خطة الدولة اللبنانية وإنفاذ ما تعهد به عباس خلال لقائه مع الرئيس عون بإنهاء حقبة عسكرة المخيمات الفلسطينية في لبنان ونقل مجتمع اللجوء الفلسطيني إلى حالة الأمان الإنساني وسيادة القانون والعدالة في كنف الدولة اللبنانية التي تصر وتدرك لأهمية تنفيذ قرار حصرية السلاح في يد القيادة اللبنانية تحديداً.
Listen to "تطورات جوهرية تعيد خلط الأوراق الفلسطينية في لبنان" on Spreaker.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 9 ساعات
- Independent عربية
هل يحرق الانتقام وحلق الشوارب في السويداء أصابع الجيش السوري؟
موس الحلاقة أخذ طريقه ينتزع الشعر الأبيض الكثيف البادي على وجه رجل مسن من أهالي محافظة السويداء جنوب سوريا، ولم تكتف أيادي شاب يرتدي سترة عسكرية بإزالة الشعر لكن الإهانات كانت مصاحبة لإذلاله، ولم يشفع تضرعه بعدم امتلاكه للسلاح بأن يتابع إهانته بلا أدنى رحمة. مقطع مصور يظهر به عناصر مسلحة يعتقد أنهم من أفراد الجيش الحكومي يتعمدون إهانة الرجل المسن، مما أثار موجة غضب عارمة. مشهد يختزل انهيار القيم الإنسانية والأخلاقية ضمن معركة لا تزال تدور في جبل العرب "الأشم"، كما اعتاد السوريون نعته بما يمثل رمز الكرامة والشهامة والنخوة التي طالما اعتز بها أهالي الجبل ورجاله. وتتعرض السويداء إلى موجة عنف على خلفية توترات أمنية واقتتال بين مجموعات مسلحة، تحولت إلى صورة من صور الاقتتال الطائفي، مما دفع وزارة الدفاع إلى زج فصائل عسكرية تابعة لها لإحكام السيطرة على المدينة وريفها، بعدما ظلت خارج حكم السلطات السورية الجديدة منذ سقوط نظام الأسد. ومع إعلان دخول القوات الحكومية مدينة السويداء (تبعد 120 كيلومتراً من دمشق) ضجت وسائل التواصل الاجتماعي من نشر وبث مقاطع توثق، بلغة لا تخلو من التهكم والتنمر وصوت يعلو به خطاب الكراهية، انتهاكات بحق المدنيين العزل وصلت إلى إعدامات بحقهم، وتعذيب وإذلال وسط تباهي أفراد من القوات الحكومية بقص شوارب رجال وشبان من أبناء المنطقة، مما يزيد من أوار الفتنة وأوزارها ويزرع أحقاداً بعد كل هذا الانتقام المجحف بحق قاطني المدينة. وليست الشوارب المفتولة لدى أبناء جبل العرب قاصرة في معناها على المظهر الشكلي وحسب، بل تعد تقليداً متأصلاً لدى أهل السويداء له دلالاته، ويرمز إلى الشموخ والعزة والكرامة، من ثمَّ نشرت أوساط شعبية من جميع مشارب السوريين واتجاهاتهم الدينية والسياسية منشورات استنكار عبر حساباتهم الشخصية والعامة، تستهجن ما يحدث من إهانات وحلق لشوارب، مُطالبة بوقف الاقتتال ومحاسبة فورية وعلنية لمرتكبي هذه الجرائم في حق الإنسانية. ووثقت المشاهد المصورة ظهور ناشطين إعلاميين أثناء دخول الجيش السوري إلى السويداء يصورون حلق الشوارب بلغة استهزاء تجاه رمز من رموز الرجولة، وبطريقة كلامية تختزل فوزاً ميدانياً على مدينة بعدما استعصت عن الخضوع للدولة منذ الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، بعد سقوط الرئيس السابق بشار الأسد وهربه إلى العاصمة الروسية موسكو. ظهور عسكري في المقابل، يتحدث مراقبون أن الأمر يؤكد تورط عناصر الجيش والأمن الحكومية، وانخراط أفراد شرطة عسكرية تواجدوا لوقف هذه الانتهاكات في حق أبناء السويداء، لكن ما زاد الأمر تعقيداً كان ظهور اثنين من عناصر الشرطة يحملان مقصات ضمن مقاطع مصورة بثها ناشطون ويعمدان إلى قص شوارب أحد الرجال. وتبدي الناشطة الحقوقية من السويداء رفا أبو مغضب في حديث إلى "اندبندنت عربية" استغرابها مما تشهده مدينتها من هجوم غير مسبوق على البشر، ولا سيما الطريقة المهينة في حق رجال البلد بحلق شواربهم وما صاحبه من إهانات، وسط تسجيل اعتقالات تعسفية ونزوح القاطنين إلى القرى الشرقية، ومن بقي يخشى عليه، وفق رأيها، بعد اقتحام عناصر مسلحة البيوت وسرقتها وقتل العزل. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأشارت أبو مغضب إلى انقطاع الماء والكهرباء، والخدمات شبه متوقفة، علاوة عن استنزاف مستشفى المدينة وضعف قدرته على استيعاب الجرحى وجثث القتلى، مع توقف الأفران عن العمل، إضافة إلى ما يشاع عن تلويث المياه من قبل "البدو" وسط خطاب كراهية معلنة وتوثيق لأفعالهم. وأضافت الناشطة الحقوقية "إنها جريمة منظمة ولابد من تدخل دولي لإنهاء المأساة، وأبناء الجبل لديهم عقيدة ثابتة ومنبت متأصل بأنه حرم الاعتداء عليه ومنه، ابن الجبل يدافع ببسالة عن أرضه وعرضه ولن يكون نسخة عن أولئك المرتزقة الذين ينكلون، ويعدون دخولهم وسرقتهم للأرزاق غنيمة حرب". "أصبح الدروز أعداء فجأة"، هكذا تعبر أبو مغضب عن موقفها وفي حديثها نبرة يشوبها الأسى على مفارقة الأقارب والأصدقاء، منهم طبيبة ومدنيون يقطنون حارات السويداء الوديعة "فقط لأنهم طالبوا بالعدالة الانتقالية، ونظام حكم مقبول، من لا يميز بين الفيدرالية مثلاً واللامركزية ونقيضهما التقسيم، تصبح تهمة تلوكها الأفواه ضد معتدلي الرأي بغياب القانون والرادع الخلقي". انتهاكات وانتقام ويرى المدير التنفيذي لمنظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" بسام الأحمد أنه "من الواضح أن الانتهاكات الموثقة هي لعناصر من وزارتي الدفاع والداخلية، وشاهد الجميع إهانات وتعذيباً وقتلاً خارج نطاق القضاء، وفي الوقت نفسه انتهاكات من المجموعات المسلحة في السويداء، لكن التجاوزات التي يرتكبها عناصر وزارتي الدفاع والداخلية والميليشيات التابعة لهما كبيرة، وفيها حرق منازل ونهب وعمليات إعدام وعدد هائل وغير مقبول من الألفاظ بحق الدروز ووصفهم بالخنازير، وأيضاً قضايا الإهانات والإذلال وحلق الشوارب". وعن تفسيره للتجاوزات التي تدور، يرى الأحمد أن "هذه العمليات واسعة الانتشار ولكن ليست انتهاكات فردية، لأن الفردية تكون عن حالات محدودة، لكننا اليوم نتحدث عن حالات كثيرة من القتل والنهب وفيديوهات إهانة، وواضح تعمد إذلال الناس من الطائفة الدرزية خصوصاً". في غضون ذلك أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتعرض عدد من الأهالي لعمليات إذلال وقص شوارب الرجال "عنوة"، مع توافر معلومات عن مصرع 12 مدنياً من الطائفة الدرزية ضمن عملية إعدام ميدانية نفذتها قوات الأمن السورية في مضافة بمدينة السويداء، التي دخلتها خلال وقت سابق أمس الثلاثاء. ويعزو متابعون للمشهد الخلاف الذي بات واضحاً بين حكومة دمشق ووجهاء السويداء إلى نفاد صبر الإدارة الجديدة، نتيجة انفلات السلاح بأيدي المجموعات داخل الجنوب السوري، فضلاً على الاستقواء بالخارج وطلب حماية دولية، وكذلك الاتهامات بتنسيق شيوخ الطائفة مع إسرائيل التي تستغل حال الاختلاف ونشرت جيشها متجاوزاً المنطقة العازلة، والمناداة بحماية الطائفة الدرزية في سوريا، وتحليق الطيران الإسرائيلي وقصفه مواقع عسكرية حكومية في المعارك الحالية أو السابقة داخل ريف دمشق. في المقابل، يذهب فريق موالٍ للسلطات السورية إلى اعتبار تعنت شيخ عقل الطائفة الدرزية حكمت الهجري سبباً رئيساً لما يحدث، وجاء في تصريح للإعلامي السوري المقرب من الحكومة موسى العمر "لم تدخل القوات السورية إلا بعد نداء أهلها بالدخول لحماية المدنيين من المجموعات المسلحة، والدولة تحملت كل أنواع الأذى والتطاول".


Independent عربية
منذ 9 ساعات
- Independent عربية
مطار الموصل يخلع دمار "داعش" ويعاود العمل
افتتح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اليوم الأربعاء مطار الموصل الدولي، الذي أعيد بناؤه بعد ثمانية أعوام من إعلان السلطات العراقية دحر تنظيم "داعش"، الذي دمر المنشأة بالكامل. وسيطر التنظيم الإرهابي خلال الـ10 من يونيو (حزيران) 2014 على الموصل، ثاني كبرى مدن العراق ومركز محافظة نينوى شمال البلاد. وأعلن منها بعد 19 يوماً إقامة "الخلافة الإسلامية". وبعد معارك عنيفة استعادت القوات العراقية، بدعم من تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، المدينة عام 2017. وأعلنت بغداد في نهاية العام نفسه هزيمة التنظيم داخل العراق بعدما سيطر على مساحات واسعة من شماله وغربه. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) واستعادت السلطات العراقية خلال فبراير (شباط) 2017 السيطرة على مطار الموصل الدولي بعد ثلاثة أعوام من تدميره بالكامل وخروجه عن الخدمة. وخلال أغسطس (آب) 2022، وضع رئيس الوزراء حينذاك مصطفى الكاظمي حجر الأساس لإعادة بنائه. وحط السوداني اليوم داخل طائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية في المطار الذي "سيُشغل بصورة كلية بعد شهرين"، وفق بيان صدر عن مكتبه. وسيتمكن المطار "المصمم لاستيعاب الطائرات الكبيرة لنقل المسافرين والشحن الجوي"، من استيعاب 630 ألف مسافر سنوياً، وستبلغ طاقته للشحن الجوي نحو 30 ألف طن سنوياً، وفق البيان. وقال مدير المطار عمار البياتي لوكالة الصحافة الفرنسية "أصبح المطار جاهزاً لتسيير رحلات داخلياً وإلى دول العالم"، من دون تحديد موعد بدء تسيير الرحلات. ولفت إلى أن أكثر الوجهات الدولية للرحلات المنطلقة من مطار الموصل الدولي أو الوافدة إليه كانت تركيا والأردن، قبل خروجه عن الخدمة جراء سيطرة "داعش". ويشهد العراق استقراراً نسبياً بعد أربعة عقود من النزاعات والحروب التي خلفت تهالكاً في بنيته التحتية وسياسات عامة غير فعالة.


Independent عربية
منذ 10 ساعات
- Independent عربية
صدع جيفري إبستين... هل يخاطر ترمب بخسارة "ماغا"؟
تصاعدت الاحتجاجات خلال الأيام الأخيرة على تعامل إدارة ترمب مع ملفات جيفري إبستين، الممول المتوفى الذي دين بالاتجار بالجنس بفتيات قاصرات، لكن الغريب في الأمر هو انتقاد كبار قادة حركة "ماغا" للبيت الأبيض، وهجومهم على المدعية العامة للرئيس الأميركي بام بوندي لرفضها الإفصاح عن المعلومات حول تحقيق يتعلق بالمرتبطين المحتملين بإبستين، وطرحهم تساؤلات حول سبب عدم انسجام الرئيس مع قاعدته الشعبية في قضايا أخرى مثل مواصلة إرسال أسلحة أميركية إلى أوكرانيا، واحتمال تجنب شرطة الهجرة مداهمة المهاجرين غير الشرعيين في بعض قطاعات الاقتصاد، مما جعل ترمب وإدارته في مرمى النيران، وصعود تحذيرات من خطر خسارة 10 في المئة من حركة "ماغا"، مما يعني خسارة الانتخابات النصفية العام المقبل، وربما خسارة الانتخابات الرئاسية التالية، فما أسباب اتهام ترمب بأنه أصبح دولة عميقة؟ ولماذا يخاطر بخسارة قاعدته الشعبية في "ماغا"؟ قائمة إبستين على مدى الأيام القليلة الماضية، تحول قادة قاعدة ترمب الشعبية في حركة "ماغا" (لنجعل أميركا عظيمة مجدداً) ضد مواقف إدارة الرئيس التي تفجرت بسبب نفي المدعية العامة بام بوندي وجود قائمة عملاء لرجال نافذين يزعم مشاركتهم في مخططات جيفري إبستين. فعلى مدى سنوات، دعا كثير من اليمين، بمن فيهم بعض الأشخاص الذين يعملون الآن في إدارة ترمب، إلى الكشف عن جميع الوثائق الحكومية المتعلقة بإبستين الذي توفي بصورة مفاجئة أثناء احتجازه عام 2019، وقرر الطبيب الشرعي أنه انتحر وسط شكوك متزايدة ونظريات مؤامرة تحدثت عن قتله، بخاصة بعد أن ذكر موقع "وايرد" أن تسجيلات كاميرات المراقبة بالقرب من زنزانة إبستين في الليلة التي سبقت العثور عليه ميتاً خضعت للتعديل. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ولأن أنصار الرئيس، الذين يغذون حركة "ماغا"، ظلوا مهووسين بقضية إبستين لسنوات، اعتقاداً منهم بأن قائمة عملائه تضم شخصيات يسارية نافذة، وطالبوا بمعرفة جميع التفاصيل التي ربما تخفيها السلطات، مما دفع ترمب إلى التعهد خلال حملته الانتخابية بالنظر في رفع السرية عن ملفات إبستين، وتأييد كاش باتيل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي ذلك، ثم إعلان المدعية العامة بام بوندي على قناة "فوكس نيوز" في فبراير (شباط) الماضي أن القائمة على مكتبها للمراجعة، شعر قادة وأعضاء حركة "ماغا" بالخيانة مع إصدار بوندي مذكرة تفيد بأن مراجعة وزارة العدل لم تكشف عن أية قائمة عملاء لرجال نافذين يزعم مشاركتهم في مخططات إبستين، وأن الرجل انتحر بالفعل، مما جعلهم يطالبون بإقالتها من منصبها، ولم يسهم دفاع ترمب عن بوندي ومحاولاته لحث مؤيديه على تجاوز هذه القضية في تهدئة الغضب. نقطة تحول في تجمع لأعضاء "نقطة تحول"، التي تضم مؤيدي ترمب من الشباب والطلاب المحافظين المتدينين، الذين يضعون استراتيجيات لتعزيز حركة "ماغا"، حذر قادة الحركة البيت الأبيض من الغضب المثار في شأن تحقيق جيفري إبستين وقضايا أخرى، ووجهوا انتقادات من فوق المنصة وعلى حساباتهم الواسعة النطاق على مواقع التواصل، مهاجمين ليس فقط بام بوندي، بل وطرحوا تساؤلات حول سبب عدم انسجام الرئيس مع قاعدته الشعبية، كما انضم إليهم مقدمو برامج في قناة ترمب المفضلة "فوكس نيوز"، الذين طالبوا البيت الأبيض بتقديم إجابات موضوعية حول أسئلة مشروعة. لكن ترمب لم ينح نفسه جانباً، بل ضاعف دعمه لبوندي، وأصدر توبيخاً نادراً لقاعدته، داعياً إياهم إلى التوقف عن طرح الأسئلة حول نظرية المؤامرة التي يراها كثيرون في حركة "ماغا" أساسية للكشف عما يعدونه "الدولة العميقة" من أجل تحقيق الشفافية في واشنطن، ولم يؤد تحديه إلا إلى تأجيج غضب بعض أشد مؤيدي ترمب ولاء، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان هذا الانقسام سيلحق ضرراً دائماً بائتلاف ترمب، بخاصة أن بعضاً من أشد مؤيدي ترمب إخلاصاً أصبحوا أيضاً أكثر قلقاً إزاء قرار البيت الأبيض مواصلة إرسال الأسلحة الأميركية إلى أوكرانيا، كما يشعرون بخيبة أمل من احتمال تجنب شرطة الحدود والهجرة المعروفة باسم (آيس) مداهمة المهاجرين غير الشرعيين في قطاعي الزراعة والضيافة الفندقية، التي تعد حيوية لنشاط الاقتصاد الأميركي. ضرر قريب يحذر كثير من القادة المؤثرين في حركة "ماغا" من تداعيات خطرة إذا استمر الرئيس ترمب في تجاهل ما تريده الحركة من سياسات تعهد بها من قبل، فقد حذر تشارلي كيرك مؤسس "نقطة تحول الولايات المتحدة" البالغ من العمر 31 سنة، من أن مؤيدي ترمب من الشباب منزعجون بصورة خاصة مما يرونه نقصاً في الشفافية حيال إبستين لأن ثقتهم بالحكومة معدومة، والسبب الوحيد الذي منعهم من التدخل هو ترمب نفسه، لكنه وصف الشباب الذين صوتوا لترمب بأنهم أصبحوا فتياناً ضائعين وأكثر عرضة للانفصال السياسي إلى اليسار، وربما يصبحون في أسوأ الأحوال أعضاء منتمين لحركة ممداني، في إشارة إلى زهران ممداني المرشح الاشتراكي الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك، وذلك بسبب السخرية الجماعية منهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وعلى رغم أن أبيغيل جاكسون المتحدثة باسم البيت الأبيض حاولت التخفيف من وطأة الانتقادات عبر التأكيد أن ترمب يفي بوعوده لقاعدته، ولن يكف أبداً عن الاستماع إلى أصوات أقرب حلفائه، وأن الحزب الجمهوري في عهده أكثر توحداً من أي وقت مضى، فإن احتمالية تنفير البيت الأبيض لشرائح رئيسة من الحركة التي أعادت ترمب لواشنطن كانت موضوعاً ثابتاً في خطابات بعض أكبر المعلقين في سياسات "ماغا". على سبيل المثال، أمضت ميغين كيلي مقدمة البرامج المحافظة التي عملت سابقاً في قناة "فوكس نيوز"، أكثر من نصف ساعة في انتقاد بوندي، وحذرت من أن هذا الأمر قد يكلف ترمب خسارة كبيرة في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي، كذلك توقع المستشار الكبير السابق للبيت الأبيض ستيفن بانون، خسارة "ماغا" 10 في المئة من مؤيديها، مما يعني خسارة 40 مقعداً في انتخابات الكونغرس عام 2026، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى خسارة مقعد الرئاسة في انتخابات 2028 من دون أن يسرقها الديمقراطيون، على حد قوله. استياء متصاعد لم تكن الضجة المحيطة بإبستين سوى أحدث حلقة في سلسلة من المخاوف المتصاعدة حول ترمب من مجموعة من الشخصيات النافذة في "ماغا" والحزب الجمهوري، في شأن سلسلة واسعة من القضايا. بالنسبة إلى تاكر كارلسون، مقدم البرامج السابق في "فوكس نيوز"، الذي يبث برامجه ولقاءاته الآن على منصة "إكس"، كان السبب قصف إيران الذي عارضه على اعتبار أنه يورط أميركا في صراعات خارجية. وبالنسبة إلى لورا لومر، وهي من رائدات نظريات المؤامرة اللاتي ينصت إليهن ترمب، كان السبب قبول الرئيس الأميركي طائرة فاخرة من قطر. أما بالنسبة إلى بن شابيرو، وهو مذيع "بودكاست" شهير مؤيد لترمب، فكان السبب الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب عالمياً. ولجو روغان، وهو مذيع "بودكاست" يتمتع بشعبية واسعة، كان السبب مداهمات دائرة الهجرة والجمارك التي تستهدف العمال المهاجرين الذين ليس لديهم سجل إجرامي. ولإيلون ماسك، أغنى رجل في العالم الذي ترك منصبه أخيراً في واشنطن كموظف حكومي خاص في إدارة الكفاءة الحكومية، فإن السبب يعود لمشروع القانون الكبير الجميل المتعلق بالإنفاق الحكومي والضرائب. وعلى رغم أن معظم الشخصيات الإعلامية اليمينية البارزة امتنعت في سياق حديثها عن ملف إبستين عن مهاجمة ترمب مباشرة، وركزت غضبها بدلاً من ذلك على بوندي أو شخصيات أخرى في الإدارة، فإنه مع استمرار تنامي الاستياء في هذه المجتمعات التي تشعر بالخيانة من ترمب، فقد يتغير هذا الوضع. تمثل إحباطات هؤلاء جزءاً من استياء أوسع نطاقاً في عالم حركة "ماغا" من سياسات الرجل الذي أسسها، لهذا يعدونها لحظة حاسمة للحركة التي ظلت على مدى العقد الماضي منسجمة إلى حد كبير، وهي الآن تختبر مدى استعدادها للانفصال عن ترمب، وما إذا كان بإمكان أي شخص آخر غيره تحديد مسارها. يرى كبير الباحثين في مجموعة "ميديا ماترز فور أميركا"، وهي مجموعة مراقبة إعلامية، ماثيو غيرتز أن الخطر على ترمب يكمن في أن تبدأ القاعدة الشعبية، التي تنفق الأموال على الاشتراكات والتبرعات وتشاهد مقاطع فيديو "يوتيوب" وتستمع إلى "البودكاست"، في مطالبة طبقة المؤثرين بشيء مختلف بما يكفي لتغيير الحسابات لصالح عدد من الشخصيات الأكثر نفوذاً في الحركة، إذ سيتعين على طبقة المؤثرين التكيف مع ما قد يمثل نموذجاً جديداً في طريقة عمل وسائل الإعلام السياسية اليمينية، لكن بينما لا يبدو أن الحركة وصلت إلى هذه المرحلة بعد، فإنه إذا تحول هذا الوضع يوماً ما، يتوقع غيرتز أن يحدث ذلك بسرعة كبيرة. تهديد وجودي إضافة إلى ذلك، توقع الكاتب في صحيفة "نيويورك تايمز" ديفيد فرينش انهيار حركة "ماغا" بعد رحيل ترمب، مشيراً إلى أنها قد تتفكك لأن وجودها بحد ذاته مبني على سلسلة من الادعاءات الخيالية حول أميركا والحكومة الفيدرالية، وهذا يعني أن مؤثري الحركة يخدعون أنفسهم والجمهور اليميني باستمرار، مما يجعلها منظومة تعمل في حال أزمة دائمة وتحت شعور طاغ بالمظالم، ونظراً إلى أن مؤيدي "ماغا" مقتنعون تماماً بأن أسوأ القصص المحتملة هي حقيقة واقعة، فسيهاجمون أي شخص غير دونالد ترمب يجرؤ على إخبارهم الحقيقة. وبحسب فرينش، بمجرد مغادرة ترمب منصبه، لن يبقى أحد لإنهاء الخلافات الداخلية وتوجيه الجميع للاصطفاف، وسنجد أن عدداً من مظالم حركة "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" موجهة ضد جمهوريين آخرين. لكن في الوقت الراهن، ما زال الرئيس ترمب يحافظ على نسب تأييد عالية لدى القاعدة الجمهورية، فقد أظهر استطلاع رأي أجرته مجلة الـ"إيكونيميست" بالتعاون مع مؤسسة "يوغوف" الأسبوع الماضي، أن 87 في المئة من الجمهوريين يوافقون على أداء ترمب بمنصبه حتى الآن، في حين تتزايد المؤشرات بأنه يستجيب لتطلعات حركة "ماغا" التي يهتم بها، بدليل أنه تجاوب بصورة إيجابية مع نقاشات دارت عبر الإنترنت الأسبوع الماضي حول ما إذا كان سيقدم نوعاً من الاستثناء بعد أن أشاد في تجمع انتخابي بجهود السماح لعمال المزارع غير المسجلين بالبقاء في الولايات المتحدة، واستجاب ترمب لمخاوف في اجتماع لحكومته، مؤكداً أنه لن يكون هناك استثناء لهذه الفئة. بالنسبة إلى بعض المسؤولين في البيت الأبيض فإن مثل هذه الأمور جديرة بالملاحظة عند التفكير في كيفية موازنة الرئيس لوجهات النظر التي يتلقاها، وإن كثيراً مما فعله أخيراً هو رد فعل مباشر على عدد من وعود حملته الانتخابية التي قدمت لقاعدته الشعبية. التحدي القادم مع ذلك فإن التحدي الأكبر القادم أمام ترمب يتمثل في قلق شريحة أكبر من الشباب حيال السياسات الأكثر تشدداً تحت شعار "أميركا أولاً"، لذا فإن ضمان الالتزام بها قد يكون أكثر إثارة للجدل، فقد أثبتت قاعدة ترمب صمودها، ومنحته ترشيحه للرئاسة لعام 2024 بعد فترة من عدم اليقين السياسي عقب خسارته عام 2020 وهجوم السادس من يناير (كانون الثاني) 2021 على مبنى الكابيتول الأميركي، على رغم أن بعض الجمهوريين الأقوياء حاولوا إيقافه. لكن الآن، ومع عودة ترمب للبيت الأبيض بتحالف أوسع يضم قادة قطاع التكنولوجيا في "وادي السيليكون"، ومزيداً من الناخبين اللاتينيين والسود، والليبراليين المخضرمين الذين خاب أملهم في تعامل الديمقراطيين مع قيود وباء "كوفيد" ومتطلبات اللقاح، والشباب الذين لم يشاركوا سابقاً في السياسة الجمهورية، يترقب الجميع ما إذا كانوا جميعاً سيبقون في تحالف "ماغا" إلى الأبد. بحسب مؤسس "نقطة تحول" تشارلي كيرك، فإن تأثير زهران ممداني، المرشح الديمقراطي التقدمي لمنصب عمدة نيويورك، سينتشر ويجتذب قطاعاً من حركة "ماغا" ما لم يجر تحسين الظروف المادية للناخبين الشباب بسرعة، داعياً الحزب الجمهوري بزعامة ترمب إلى إصدار بيان حاسم من خلال إطلاق مبادرة لبناء 10 ملايين منزل، على غرار "خطة مارشال" لمعالجة مشكلة قدرة الشباب على تحمل تكاليف شراء منزل. من فوق خشبة مسرح تجمع "نقطة تحول" في تامبا بولاية فلوريدا، احتفل كيرك بالمكاسب التي حققتها منظمته والمنظمات الأخرى في إقناع الشباب بدعم ترمب، مشيراً إلى أن "جيل زد"، وهو جيل الإنترنت من الشباب العمليين المتنوعين عرقياً الذين ولدوا بين 1997 و2012، ما زال يربك جميع الليبراليين بسبب ابتعاد شريحة كبيرة من الحزب الديمقراطي، واصفاً ذلك بأنه أعظم إعادة تنظيم للأجيال، ولهذا قال كيرك "لقد حولنا قبعة 'ماغا' الحمراء من رمز كان الجميع يخشون ارتداءه عام 2016، إلى رمز للأمل وللتفاؤل والوطنية واستعادة بلادنا".