
المهاجرون المغاربة في إسبانيا: هل أصبحوا وقودًا لصراعات سياسية لا ناقة لهم فيها؟
في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، شهدت إسبانيا قبل خمسة وعشرين عامًا أحداث إليخيدو التي اندلعت بسبب حادث فردي استُهدِف فيه المهاجرون المغاربة. واليوم، تتكرر المعاناة في بلدة توري باشيكو بإقليم مورسيا حيث تم تصوير حادث عنف ضد عجوز إسباني من قبل مهاجرين مغاربة ونشره عبر 'تيك توك'، مما أدى إلى تصاعد جديد للعنف ضد الجالية المغربية. ورغم أن الحادث يمكن أن يُعتبر مجرد تصرف فردي، إلا أنه في ظل الظروف السياسية الراهنة أصبح يمثل تمهيدًا لاستمرار التصعيد العنصري ضد المهاجرين المغاربة في إسبانيا.
لقد عاشت إسبانيا منذ سنوات أزمات عدة تتعلق بالهجرة والعنصرية، لكن اليوم، يُضاف إلى هذا السياق تصعيد مواقف بعض الأحزاب السياسية التي تثير التوترات مع المغرب.
الحملة العنصرية ضد المهاجرين المغاربة تأخذ أبعادًا جديدة مع دعوة الحزب الشعبي الإسباني لممثل جبهة البوليساريو لحضور مؤتمر رسمي. هذا التصرف، الذي يهدف إلى إحداث توتر في العلاقات مع المغرب، لم يمر دون رد فعل قوي من المملكة المغربية، حيث قررت تجميد التبادل التجاري عبر معبري سبتة ومليلية المحتلتين. ويُظهر هذا الموقف الحازم أن المغرب لا يمكنه التنازل عن قضيته الوطنية المتعلقة بالصحراء، التي أصبحت اليوم محور العلاقات مع إسبانيا.
ما يثير القلق في هذه الفترة هو التصعيد المتزايد داخل الساحة السياسية الإسبانية بين اليمين واليسار، والذي يعكس صراعًا من أجل الهيمنة على المشهد السياسي في إسبانيا. في هذا السياق، يُستخدم 'الخطر المغربي' كأداة لتحفيز الانقسامات السياسية الداخلية، حيث يسعى اليمين المتطرف والحزب الشعبي لتوسيع هوة الصراع مع المغرب، وتغذية الخوف بين الإسبان من تهديد محتمل يفرضه المغرب. ولعل ما يثير الاستغراب في هذا السلوك هو أنه يتم استخدام القضية المغربية بشكل سياسي، حيث يسعى بعض السياسيين الإسبان إلى تحويلها إلى ذريعة لزيادة الإنفاق العسكري.
في خضم هذه الأزمات السياسية، يعاني المهاجرون المغاربة في إسبانيا من تحديات كبيرة على الصعيد الاجتماعي. الشباب المغاربة، ولا سيما القاصرين غير المرافقين، يجدون أنفسهم عالقين في حلقة مفرغة من السلوكيات المنحرفة التي تقودهم إلى السجون. هذا الوضع يتسبب في تشويه صورة المهاجرين المغاربة في إسبانيا بشكل عام، ويجعل من الصعب على الجالية المغربية الاندماج بشكل إيجابي في المجتمع الإسباني. كما أن هؤلاء الشباب يواجهون التهميش الاجتماعي والاقتصادي، مما يعزز العزلة الاجتماعية لهم.
التحديات التي يواجهها المهاجرون المغاربة في إسبانيا لا تقتصر على الصعوبات الاجتماعية فقط، بل تشمل أيضًا الآثار الاقتصادية المترتبة على تدهور وضعهم في الخارج. مع تصاعد العنصرية ضدهم، انخفضت تحويلات المغتربين المغاربة بشكل ملحوظ، وهو ما يمثل تهديدًا خطيرًا للاقتصاد المغربي، الذي يعتمد بشكل كبير على هذه التحويلات. وتُظهر الأرقام أن هناك تراجعًا كبيرًا في تحويلات العملة الصعبة من المغتربين، وهو ما يعكس الأثر السلبي للظروف الصعبة التي يواجهها المهاجرون في دول المهجر.
لكن الوضع ليس فقط انعكاسًا للواقع الخارجي، بل أيضًا يعكس بعض المشكلات التي يعاني منها المغرب نفسه. فارتفاع معدلات الفقر، وتزايد معدلات تسرب الشباب من التعليم، وانتشار المخدرات، كلها عوامل تلعب دورًا في دفع العديد من الشباب للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. هؤلاء الشباب، الذين يبحثون عن فرص أفضل في دول المهجر، يواجهون تحديات أكبر، ما يساهم في زيادة أعدادهم في السجون الأوروبية ويُفاقم من التوترات بين المغاربة والمجتمعات المضيفة.
علاوة على ذلك، تكشف تقارير الأمم المتحدة عن التحولات المقلقة في أنماط تعاطي المخدرات في المغرب، خاصة بين الفئات الشابة. هذه الظاهرة تضع مزيدًا من الضغط على الجالية المغربية في الخارج، إذ تؤدي إلى زيادة الوعي بمشكلات المراهقين المغاربة المرتبطين بهذه السلوكيات، مما يضر بصورة الجالية بأكملها في الدول المضيفة. ويتضاعف التحدي، إذ يعاني هؤلاء الشباب من أزمة هوية في بلدهم وفي دول المهجر.
من جانب آخر، لم يغفل الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء عن الإشارة إلى الجالية المغربية في الخارج، حيث أشاد بروح المواطنة التي يتمتع بها أفراد الجالية، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى ضرورة تحسين أوضاعهم. رغم هذه الدعوة، لا يزال مشروع المجلس الجديد للجالية المغربية معلقًا، ولا يزال هناك نقص في فاعلية المؤسسات المعنية بشؤون هذه الجالية…

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 8 ساعات
- هبة بريس
انفجار قنينة غاز يحرق 10 رؤوس أغنام ويشرّد أسرة فقيرة بضواحي بني ملال(فيديو)
شهدت منطقة الزواير، الواقعة بضواحي مدينة بني ملال، مساء أمس، حادثًا مأساويًا تسبب في اندلاع حريق مهول بأحد الإسطبلات (الزرائب)، أتى على 10 رؤوس من الأغنام التي كانت تملكها سيدة فقيرة تعيش رفقة زوجها وطفليها في 'عشة بلاستيكية' بسيطة. ووفقًا لشهادات محلية، فقد اندلع الحريق بسبب انفجار قنينة غاز صغيرة كانت السيدة تستعملها لإعداد وجبة العشاء، ما أدى إلى اشتعال النيران بشكل سريع داخل الإسطبل، والتهمت ألسنة اللهب مورد الرزق الوحيد للأسرة، المتمثل في قطيع الأغنام. وأضافت السيدة المتضررة في تصريح 'لهبة بريس'، التي كانت في حالة صدمة وتأثر شديد، أنها لم تتمكن من إنقاذ أي من ممتلكاتها، مشيرة إلى أن النيران أتت على الأغنام، وبعض الملابس، والأغطية، والمستلزمات المنزلية، وحتى مبلغ مالي وهاتفها المحمول. وعبّرت المتحدثة، وسط دموعها، عن حمدها لله على سلامة طفليها وزوجها، حيث تمكنوا جميعًا من الخروج في اللحظة الأخيرة من 'العشة' دون إصابات جسدية، لكنها أكدت أن الأسرة باتت مشردة دون مأوى أو مصدر دخل. وفور إشعارها بالحادث، انتقلت عناصر الوقاية المدنية والدرك الملكي إلى عين المكان، حيث عملت فرق الإطفاء على إخماد النيران ومنع انتشارها إلى المساكن المجاورة، فيما تم فتح تحقيق لمعرفة ظروف وملابسات الحريق. وخلف هذا الحادث تعاطفًا واسعًا من طرف الساكنة المحلية ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دعوا إلى التضامن مع الأسرة المتضررة، خصوصًا أن رب الأسرة يشتغل كراعٍ للغنم، ودخله لا يفي حتى بحاجيات الحياة الأساسية. وتناشد الأسرة، عبر هذا النداء الإنساني، المحسنين والجمعيات الخيرية للتدخل العاجل من أجل مساعدتها على تخطي هذه المحنة، وتوفير مسكن مؤقت ومورد رزق بديل، خاصة أن لديها طفلين صغيرين في حاجة إلى العناية والرعاية. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة


هبة بريس
منذ 11 ساعات
- هبة بريس
وزير الداخلية يتهم "فوكس" بالتحريض على العنف في مورسيا
حمّل وزير الداخلية الإسباني، فرناندو مارلاسكا، حزب اليمين المتطرف 'فوكس' مسؤولية اندلاع العنف في مدينة مورسيا، متهمًا إياه بالتحريض على الكراهية وإشعال الفتن بين السكان المحليين والمهاجرين. وأوضح مارلاسكا أن 'فوكس' يستغل منصاته الرسمية وشبكات التواصل الاجتماعي لنشر رسائل تحث على ترحيل المهاجرين، إضافة إلى تعميم صور نمطية سلبية تُلقي باللوم على الجالية المغربية عن حادث لا يزال التحقيق فيه مستمراً. وأكد الوزير أن هذا الخطاب التحريضي يفاقم الاستقطاب المجتمعي ويهدد السلم الأهلي في مناطق عدة من إسبانيا، ما يستدعي تدخل السلطات للحد من تداعياته. من جهتها، نبهت منظمات حقوق الإنسان إلى أن مثل هذا التحريض على الكراهية والتمييز الجماعي بناءً على الأصل أو الجنسية يشكل انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية، وعلى رأسها المعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص في مادته الأولى على أن 'جميع الناس يولدون أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق'. في ظل هذه الأوضاع، تزداد الدعوات لضرورة التصدي لخطابات الكراهية وحماية الوحدة الاجتماعية في إسبانيا، لضمان بيئة آمنة للجميع بعيدًا عن العنف والتوترات التي تهدد استقرار المجتمع. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة


عبّر
منذ 11 ساعات
- عبّر
السير ليام فوكس: المملكة المغربية شريك أساسي للمملكة المتحدة
أكد السير ليام فوكس، الوزير البريطاني الأسبق للدفاع والتجارة الدولية، اليوم الإثنين، أن المملكة المغربية تُعد من أقدم حلفاء المملكة المتحدة وشريكا رئيسيا في العديد من القضايا المرتبطة بالأمن البريطاني والدولي. وفي مقال نشر على بوابة 'ذا ناشيونال'، أشاد السير فوكس بالدور الحاسم الذي يضطلع به المغرب على الساحة الدولية، مؤكدا على أن المملكة تعد 'حليفا موثوقا وجديرا بالثقة، وركيزة أساسية للأمن الإقليمي في منطقة الساحل'. وأشار السير فوكس في مقاله، الذي ركز على القرار الأخير للمملكة المتحدة بدعم مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كحل للنزاع الإقليمي حول وحدته الترابية، إلى أن الدعم الذي عبر عنه وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، في يونيو الماضي، يعد 'قرارا مرحبا به وطال انتظاره'. وخلال زيارة إلى الرباط، أكد السيد ديفيد لامي على أن المملكة المتحدة تعتبر مخطط الحكم الذاتي 'بمثابة الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق وبراغماتية من أجل تسوية دائمة' للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. كما شددت لندن على أنها 'ستواصل العمل على الصعيد الثنائي، وكذلك على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفقا لهذا الموقف، من أجل دعم تسوية النزاع'. وأشار السير فوكس إلى أن الدعم البريطاني لمخطط الحكم الذاتي، الذي دافع عنه 'بحماسة' منذ فترة طويلة، يجعل المملكة المتحدة تصطف إلى جانب حلفائها مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا وألمانيا، الذين يعتبرون المغرب حليفا موثوقا وجديرا بالثقة، وركيزة أساسية للأمن الإقليمي في منطقة الساحل. وأكد السياسي البريطاني أن مخطط الحكم الذاتي يمثل 'الحل الوحيد ذو مصداقية وبراغماتي لهذا النزاع'، موضحا أن هذا المخطط 'لا يطرح حلا سلميا للنزاع فحسب، بل يقدم أيضا رؤية إيجابية للتنمية الاقتصادية من خلال الاستثمار وخلق فرص الشغل'. وأضاف أن 'معارضي هذا المخطط لا يقدمون أي بديل قابل للتطبيق، ناهيك عن كونه إيجابيا'. من جهة أخرى، أبرز السير فوكس أن ميناء الداخلة الأطلسي الجديد يتيح للمملكة المتحدة فرصة الاستفادة الكاملة من الفرص التجارية والتنموية الجديدة، التي تعززها مقومات الأمن التي يضمنها مخطط الحكم الذاتي. وسيساهم ذلك، حسب قوله، في دعم المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب، 'بهدف نبيل يتمثل في تعزيز الترابط في منطقة الساحل، من خلال تمكين بلدان المنطقة من ولوج أفضل إلى المحيط الأطلسي'. وفي معرض تطرقه إلى العلاقات بين المغرب والمملكة المتحدة، شدد السير فوكس على أن تعزيز الشراكات بين البلدين 'يأتي في لحظة حاسمة'. وأشار في هذا الصدد إلى أن القرار البريطاني بدعم مخطط الحكم الذاتي بشكل كامل يبعث بإشارة قوية إلى المستثمرين والشركاء مفادها أن المملكة المتحدة تدعم إطارا مستقرا للمنطقة. وفي السياق ذاته، نبه السير فوكس إلى التهديدات التي يشكلها انفصاليو 'البوليساريو' في المنطقة، بسبب ارتباطاتهم مع التنظيمات الإرهابية والدول الداعمة للإرهاب، معتبرا أن هذه الصلات'ينبغي أن تثير قلق كل من يعملون على تحقيق الاستقرار الإقليمي'. وقال:'بشكل عام، ينهج البوليساريو استراتيجية الاضطراب وعدم الاستقرار والفوضى'.