logo
ديميتري ميدفيديف.. "ظل بوتين" في دائرة "سجال نووي" مع ترمب

ديميتري ميدفيديف.. "ظل بوتين" في دائرة "سجال نووي" مع ترمب

لم يكن ديميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، بحاجة إلى منصب تنفيذي رفيع لإشعال جدل دولي واسع، ففي غضون أيام قليلة، دخل الرئيس الروسي السابق في سجال "نووي إعلامي" مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعدما وجّه تهديداً صريحاً بالتلويح بنظام "اليد الميتة"في إشارة لـ"الترسانة النووية السوفيتية التي تعمل دون شفقة"، وردّ ترمب سريعاً بنشر غواصتين نوويتين، واصفاً تهديد ميدفيديف بأنه "فاشل".
ميدفيديف، الذي كان يُنظر إليه في السابق كرمز للإصلاح الهادئ في روسيا، عاد إلى الواجهة بخطاب لا يقل حدّة عن نبرات الحرب الباردة في أشد مراحلها.
فالرجل الذي عُرف بوقاره القانوني وتحدّث ذات يوم عن "دولة القانون"، بات اليوم من أبرز الأصوات التي لا تتردد في الدفاع بشراسة عما تعتبره "الكرامة الروسية" المجروحة في أوكرانيا، والحنين المتقد إلى مجد إمبراطوري مضى.
وديميتري ميدفيديف من الشخصيات البارزة في الحياة السياسية الروسية خلال العقدين الأخيرين، إذ تولّى رئاسة البلاد بين عامي 2008 و2012، ثم ترأس الحكومة من 2012 حتى 2020، ولا يزال يشغل دوراً مؤثراً كنائب لرئيس مجلس الأمن القومي الروسي.
ويرى البعض في ميدفيديف نموذجاً لـ"التكنوقراطي الكفء" الذي يوازن بين القانون والسياسة، بينما يعتبره آخرون تجسيداً لفكرة "الرئيس بالوكالة" في نظام لا يزال خاضعاً لهيمنة فلاديمير بوتين المطلقة.
وُلد ميدفيديف في 14 سبتمبر 1965 بمدينة لينينجراد (التي تُعرف اليوم بسانت بطرسبرج)، نشأ في أسرة متوسطة، وكان والده أستاذاً جامعياً في الكيمياء، ووالدته مدرسة لغة روسية، وبرز تفوقه الأكاديمي مبكراً، ما أهله للالتحاق بكلية الحقوق في جامعة لينينجراد التي تخرّج فيها عام 1987، ثم حصل على درجة الدكتوراه في القانون.
ولاحقاً، عمل محاضراً في الجامعة نفسها حيث التقى عدداً من الشخصيات التي شكلت النواة الصلبة للنظام الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وكان من بينهم الرئيس بوتين، الذي أصبح لاحقاً حليفاً أساسياً له.
الصعود السياسي والارتباط ببوتين
بدأ ميدفيديف مسيرته الحكومية في أواخر تسعينيات القرن الماضي، إذ عمل مستشاراً قانونياً في ديوان رئاسة الجمهورية بعد تولي بوتين رئاسة الحكومة، ثم انتقل إلى إدارة شؤون الرئاسة، وأدار ملفات اقتصادية وتنظيمية.
وفي عام 2000، بعد تولي بوتين منصب الرئيس، تسارع صعود ميدفيدف، إذ أصبح نائباً لرئيس ديوان الرئاسة، ثم رئيساً لمجلس إدارة شركة "جازبروم"، أحد أضخم الكيانات الاقتصادية الخاصة بالطاقة في روسيا والعالم.
وفي عام 2005، تم تعيينه نائباً أول لرئيس الوزراء، وبرز كشخصية إصلاحية ذات توجهات اقتصادية ليبرالية نسبياً.
ومع اقتراب نهاية الولاية الثانية لبوتين عام 2008، بدا ميدفيديف مرشحاً توافقياً لخلافته، ضمن ما عُرف بـ"الترتيب الدستوري" الذي سمح لبوتين بالاحتفاظ بالنفوذ من موقع رئيس الوزراء.
تولى ميدفيديف الرئاسة رسمياً في مايو 2008، ليصبح بذلك أصغر رئيس لروسيا منذ نهاية الحقبة السوفيتية، وخلال ولايته الرئاسية، سعى إلى تقديم نفسه كرئيس إصلاحي يسعى إلى تحديث الاقتصاد الروسي وتخفيف الاعتماد على النفط والغاز، وركّز على تعزيز "الحداثة التكنولوجية" ومحاربة الفساد.
وأطلق مبادرات لتوسيع الحريات الرقمية، ودافع عن استخدام الإنترنت كأداة للمساءلة المدنية، بل شجّع على الانضمام إلى شبكات التواصل الاجتماعي بنفسه.
ومع ذلك، فإن الإصلاحات السياسية بقيت محدودة، ولم تصل إلى مرحلة التغيير الشامل، إذ ظل النظام المركزي القائم على شخصنة السلطة مستمراً.
وشهدت فترة رئاسته أحداثاً بارزة، مثل الحرب مع جورجيا في عام 2008، والتي اتُهمت موسكو خلالها بالسعي لإعادة بسط نفوذها على الجمهوريات السوفيتية السابقة، وردّت روسيا على اتهامات الغرب بتأكيد "حقها في حماية أمنها ومصالحها الإقليمية".
"رئيس بالنيابة" يعود إلى الظل
في عام 2012، عاد بوتين إلى الكرملين رئيساً، بعد تعديلات دستورية سمحت له بذلك، وتولى ميدفيديف رئاسة الوزراء، وعلى الرغم من محاولاته الفردية لإثبات استقلاليته، إلا أن تلك الخطوة اعتُبرت بمثابة تأكيد على أن ميدفيدف لم يكن سوى "رئيس بالنيابة" بينما كان بوتين يقود كل شيء من خلف الكواليس.
وخلال توليه رئاسة الحكومة الروسية حتى 2020، اتسم أداء ميدفيديف بالبراجاماتية، وأدار ملفات اقتصادية واجتماعية في فترة صعبة تخللتها عقوبات دولية على روسيا إثر ضم شبه جزيرة القرم في 2014، وانخفاض أسعار النفط.
وتعرض لانتقادات داخلية تتعلق بتردي مستويات المعيشة وارتفاع معدلات الفساد.
وفي يناير 2020، استقالت حكومة ميدفيديف بشكل مفاجئ، في خطوة فسّرها البعض بأنها جزء من إعادة ترتيب السلطة استعداداً لتعديلات دستورية أُقرت لاحقاً، سمحت لبوتين بالبقاء في السلطة حتى عام 2036.
المواقف المتشددة بعد 2022
بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، برز ميدفيديف من جديد ولكن هذه المرة بوجه أكثر حدّة، إذ بدأ يصدر تصريحات نارية عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل، داعياً إلى مواقف أكثر تشدداً تجاه الغرب، ومؤيداً للعمل العسكري باعتباره "دفاعاً عن روسيا".
وفسر محللون سياسيون، هذا التحول كنوع من تعزيز الحضور السياسي للبقاء في دائرة النفوذ داخل الكرملين، في وقت أصبح الخطاب المتشدد هو السائد، في حين رآه آخرون محاولة للتخلص من صورته السابقة كرئيس إصلاحي معتدل.
ويُعرف ميدفيديف بشغفه بالتكنولوجيا والروك الكلاسيكي، ويحتفظ بصورة الرجل التكنوقراطي أكثر من كونه زعيماً شعبوياً، ورغم توليه أعلى المناصب، لم يُعرف عنه القدرة على تعبئة الجماهير أو فرض رؤى شخصية متمايزة عن بوتين.
ورغم خروجه من المشهد التنفيذي المباشر، إلا أن موقعه الحالي في مجلس الأمن الروسي، وخطابه السياسي الحاد، ربما يُشيران إلى استمرار دوره كأحد وجوه النظام، وإن لم يكن من صانعي القرارات الاستراتيجية.
ويبقى ميدفيديف حالة سياسية محكومة بسقف المنظومة التي نشأ فيها، إذ تتقاطع سيرته مع تحولات روسيا من مرحلة ما بعد السوفييت إلى دولة بقيادة مركزية قوية، حيث لا يكون المنصب دائماً مرآة للنفوذ.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترمب: سنرفع رسوم الجمارك على الهند بشكل كبير
ترمب: سنرفع رسوم الجمارك على الهند بشكل كبير

عكاظ

timeمنذ ساعة واحدة

  • عكاظ

ترمب: سنرفع رسوم الجمارك على الهند بشكل كبير

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أنه سيرفع الرسوم الجمركية على الهند بشكل كبير بسبب مشترياتها من النفط الروسي. وقال ترمب في منشور على موقع تروث سوشيال: «الهند لا تشتري كميات هائلة من النفط الروسي فحسب، بل تبيع جزءاً كبيراً منه أيضاً في السوق المفتوحة لتحقيق أرباح طائلة، ولا يهمهم عدد الأشخاص الذين يقتلون في أوكرانيا على يد آلة الحرب الروسية». وأضاف: «لهذا السبب، سأرفع بشكل كبير الرسوم الجمركية التي تدفعها الهند للولايات المتحدة». وكان ترمب قد أوضح الأسبوع الماضي أنه سيفرض رسوماً جمركية بنسبة 25% على السلع المستوردة من الهند، مشيراً إلى أن خامس أكبر اقتصاد في العالم سيواجه أيضاً عقوبة لم يحددها. وأصبحت الهند واحدة من أهم مشتري النفط الروسي في العالم، وذلك بسبب العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، التي اضطرت الروس إلى تقديم تخفيضات في الأسعار لمن لا يلتزمون بهذه العقوبات، الأمر الذي جعل الهند أكبر المستفيدين من هذه الظروف وأكبر المستفيدين من الحرب على أوكرانيا، فضلاً عن أنها أصبحت أكبر وأهم الزبائن الذين يشترون النفط الروسي. ويقول تقرير سابق نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن الهند تُعد مشترياً رئيسياً وواضحاً للطاقة الروسية منذ غزو أوكرانيا قبل 3 سنوات، حيث قلّصت معظم الدول الغربية مشترياتها أو توقفت عن الشراء تماماً، بينما رفعت الهند هذه المشتريات مستفيدة من التخفيضات الروسية. أخبار ذات صلة

ترامب يهدد بزيادة الرسوم الجمركية على الهند بسبب شرائها النفط الروسي
ترامب يهدد بزيادة الرسوم الجمركية على الهند بسبب شرائها النفط الروسي

الرياض

timeمنذ 2 ساعات

  • الرياض

ترامب يهدد بزيادة الرسوم الجمركية على الهند بسبب شرائها النفط الروسي

هدد الرئيس دونالد ترامب الإثنين بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية على السلع الهندية بشكل كبير بسبب مشتريات الهند من النفط الروسي، وذلك قبل أيام من دخول الرسوم الجمركية الأكثر شدة التي فرضها على عشرات الاقتصادات حيز التنفيذ. وقال ترامب في منشور على منصته "تروث سوشال": "لا يكترثون بعدد من تقتلهم آلة الحرب الروسية في أوكرانيا. ولهذا السبب، سأزيد الرسوم الجمركية التي تدفعها الهند للولايات المتحدة بشكل كبير". وكان ترامب فرض تعرفة جمركية بنسبة 25 % على الهند، فضلا عن "غرامة" لم تحدّد قيمتها بسبب شراء نيودلهي الأسلحة والنفط من روسيا. وتعدّ التعرفة الجديدة المفروضة على الهند أدنى بقليل من تلك التي أعلنت في نيسان/أبريل، لكنها أعلى من الرسوم المحدّدة لدول آسيوية أخرى سبق أن أبرمت صفقات تجارية مع واشنطن. وكانت الهند، وهي أكثر بلدان العالم تعدادا للسكان، من أوّل الاقتصادات الكبرى التي خاضت مفاوضات تجارية مع إدارة ترامب.

ترامب يلوّح برفع كبير للرسوم الجمركية على الهند بسبب النفط الروسي
ترامب يلوّح برفع كبير للرسوم الجمركية على الهند بسبب النفط الروسي

مباشر

timeمنذ 2 ساعات

  • مباشر

ترامب يلوّح برفع كبير للرسوم الجمركية على الهند بسبب النفط الروسي

مباشر: أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتزامه رفع الرسوم الجمركية على الهند بشكل كبير، مشيرًا إلى أن نيودلهي تحقق أرباحًا ضخمة من خلال شرائها كميات هائلة من النفط الروسي وإعادة بيعه في الأسواق العالمية. وكان ترامب قد فرض مؤخرًا رسومًا جمركية بنسبة 25% على الواردات القادمة من الهند، في خطوة أثارت ردود فعل واسعة على الساحة التجارية العالمية. وأكد الرئيس الأمريكي أن هذه الخطوات تهدف إلى حماية الاقتصاد الأميركي، مشيرًا إلى أن بعض الدول، وعلى رأسها الهند، تستفيد تجاريًا من النزاعات الجيوسياسية على حساب الشركاء التجاريين. وبعد تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات ضد الهند على خلفية استمرارها في استيراد النفط الروسي، باتت الهند على حبل مشدود، خاصة أنها تبدو غير مستعدة للتخلي عن تجارتها مع روسيا في الوقت الراهن. ورغم تصريح ترامب للصحفيين بأنه "سمع" أن الهند ستوقف مشترياتها من النفط الروسي، فإن المسؤولين في نيودلهي لم يؤكدوا ذلك، وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم. واكتفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية، راندهير جيسوال، بالقول إن بلاده "تقرر مصادر وارداتها من الطاقة بناء على الأسعار المتاحة في السوق العالمية وبحسب الأوضاع الجيوسياسية السائدة في حينها". حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال آبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store