
مشاريع الطاقة الشمسية في قطر.. طاقة خضراء في أعماق الصحراء
2
A+ A-
الدوحة - قنا
في ظل العديد من التحديات العالمية المتصلة بالتغيرات المناخية، يبقى البحث عن مصادر جديدة لطاقة نظيفة ومستدامة مسعى لكل الدول، وقد تبنت دولة قطر في هذا الاتجاه استراتيجية طموحة في مسيرة التحول نحو الطاقات الجديدة والمتجددة، وعلى رأسها الطاقة الشمسية، كمورد طبيعي متوفر بلا عوائق، وقد شرعت الدولة في تنفيذ عدد من المشاريع العملاقة، مما يعكس توجها وطنيا نحو اقتصاد أخضر ولتقليل الاعتماد على الوقود العضوي، وهو التوجه الذي يجسد الخطوات الفعلية نحو تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 في مجال البيئة والطاقة.
وكانت دولة قطر قد وضعت أهدافا ضمن إطار الاستراتيجية الوطنية الثانية للتنمية في (2018 - 2022) والاستراتيجية الوطنية للبيئة والتغير المناخي (2021 - 2030)، ومن بينها إنتاج 20% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 25%، والاستثمار في مشاريع أبحاث وتقنيات تخزين الطاقة الشمسية والربط بالشبكة الوطنية.
ومن أبرز مشاريع الطاقة المتجددة التي أقامتها دولة قطر محطة الخرسعة للطاقة الشمسية غرب الدوحة، والتي تتمتع بقدرة إنتاجية 800 ميغاواط، في مساحة 10 كيلومترات، بأكثر من 1.8 مليون لوح شمسي، ويوفر مشروع محطة الخرسعة كهرباء تكفي لحوالي 60 ألف منزل، وينتج الكهرباء بسعر تنافسي، حيث إنها تولد ما يعادل 10 بالمئة من الطاقة الكهربائية للدولة في وقت الذروة، كما أنها تساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية بحوالي 26 مليون طن.
ويعكس دخول محطتي رأس لفان ومسيعيد للطاقة الشمسية دائرة الإنتاج في أبريل الماضي، بإضافة قدرة إنتاجية من الكهرباء تبلغ 875 ميغاواط، وبطاقة تبلغ 800 ميغاواط، بعد تدشين محطة الخرسعة في العام 2022، حجم التحول الاقتصادي والالتزام البيئي الصارم لدولة قطر، والذي يعزز مكانتها عالميا، خاصة مع استمرارها في تطوير مشاريع ضخمة، وتبني سياسات داعمة وابتكارات تكنولوجية في مجال الطاقة المتجددة تضعها على مسار تحقيق أهدافها الطموحة في الاستدامة وتنويع الاقتصاد الوطني.
وتوضح البيانات أن محطتي رأس لفان ومسيعيد للطاقة الشمسية أضافتا للسعة الإنتاجية لمحطات الطاقة الشمسية في دولة قطر 1,675 ميغاواط من الطاقة الكهربائية المتجددة، وهو ما شكّل خطوة أساسية نحو تحقيق الركيزة الرابعة من رؤية قطر الوطنية 2030، وهي إدارة البيئة بشكل يضمن الانسجام والتناسق بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة، ويحقق أيضا أحد أهداف استراتيجية قطر للطاقة للاستدامة، المتمثل في توليد أكثر من 4,000 ميغاواط من الطاقة المتجددة بحلول العام 2030.
ومن المتوقع أن تعمل (الخرسعة ومسيعيد ورأس لفان) على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحوالي 4,7 مليون طن سنويا، وستلعب محطتا مسيعيد ورأس لفان، إلى جانب محطة الخرسعة، دورا مهما في تلبية الطلب على الكهرباء داخل الدولة، حيث تساهم المحطات الثلاث بحوالي 15 بالمئة من إجمالي الطلب المحلي على الكهرباء في أوقات الذروة، بينما سترتفع هذه النسبة إلى 30 بالمئة بعد تشغيل محطة دخان العملاقة للطاقة الشمسية بحلول العام 2029، والتي تبلغ قدرتها الإنتاجية حوالي 2,000 ميغاواط".
وفي الإطار ذاته، تواصل قطر تطوير مشروع ضخم في منطقة دخان بقدرة إنتاجية تصل إلى 2000 ميغاواط، ليصبح من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم، ومن المتوقع أن يدخل الخدمة قبل نهاية العقد الجاري، وهو مشروع سيضاف إلى محطات الخرسعة، ومسيعيد، ورأس لفان، ما يرفع إجمالي القدرة الإنتاجية للطاقة الشمسية في قطر إلى 4000 ميغاواط بحلول عام 2030.
وكان لافتا أن اعتمدت قطر على خبرات الكوادر الوطنية في كل ما يتعلق باستخدامات الطاقة الشمسية كمورد نظيف لإنتاج الطاقة، حيث أشار سعادة المهندس سعد بن شريدة الكعبي وزير الدولة لشؤون الطاقة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لقطر للطاقة، إلى أن قطر للطاقة تجاوزت مرحلة الاعتماد على خبرات الآخرين في بناء وتشغيل وصيانة محطات الطاقة الشمسية، وأضاف سعادته، خلال افتتاح محطتي رأس لفان ومسيعيد للطاقة الشمسية في أبريل الماضي: "بدأنا بتنفيذ هذه المشاريع بخبراتنا الوطنية التي نعتز بها وبإنجازاتها، وللـتأكيد على الالتزام بالاعتماد على الطاقات الجديدة، فإن دولة قطر عملت على إيلاء استثماراتها في مجال إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية أهمية قصوى، بمضاعفة القيمة الإجمالية لمشاريعها في هذا القطاع من 1.7 مليار ريال في مرحلته الأولى إلى نحو 4 مليارات ريال، بضخ ما قيمته 2.3 مليار ريال في محطتي "مسيعيد" و"رأس لفان" في العام 2022، وذلك ما يعكس توجه السياسات والخطط الحكومية لتنويع مصادر الطاقة، من خلال التشجيع على الاستثمار في الطاقة المتجددة، بالنظر إلى المعطيات المناخية والإمكانات المادية والتقنية المتاحة في قطر.
ولاستخدامات الطاقة الشمسية العديد من المشكلات التي تحول دون استخدامها على نطاق واسع، ومنها كلفة الإنشاء الأولية العالية، وضعف الإنتاج لأغراض الاستخدام الليلي، مثلما أن عملية تركيب الألواح الشمسية تحتاج إلى مساحات كبيرة، فكلما كانت هناك رغبة في زيادة التوليد، ازدادت كميات الألواح المركبة لإنتاج الكهرباء.
مشاريع الطاقة الشمسية في قطر.. طاقة خضراء في أعماق الصحراء /إضافة أولى وأخيرة/
وللتغلب على التحديات البيئية والتقنية التي تواجه مشاريع الطاقة الشمسية، عملت الشركات القطرية، بالتعاون مع مؤسسات بحثية مثل معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة على تطوير نوع من الألواح الشمسية المقاومة للغبار وارتفاع درجات الحرارة، كما أن الدولة تخطط لتوسيع مشاريع الطاقة الشمسية في مناطق أخرى مثل: الوكير، والشحانية، وسيلين وغيرها من المناطق، فضلا عن تشجيع القطاع الخاص والمؤسسات المختلفة على تركيب أنظمة الطاقة الشمسية.
وفي السياق، فإن استخدام الطاقة الناتجة عن الإشعاع الشمسي في توليد الكهرباء يعد من أهم مصادر الطاقة النظيفة والمهمة، والتي يمكن استغلالها في العديد من القطاعات الزراعية، والصناعية، وعمليات تحلية وتسخين وتبريد المياه، مما يجعلها الحل الأمثل لأزمة الطاقة التي يواجهها العالم، وحسب الخبراء، فإن للطاقة الشمسية فوائد جمة لمستخدميها على المستوى الفردي، حيث تعتبر الطاقة الشمسية من مصادر الطاقة المتجددة غير الناضبة، التي تساعد المستهلكين على التوفير في استخدامات الطاقة، كما أنها تتميز بانخفاض تكاليف الصيانة، فأنظمة الطاقة الشمسية لا تحتاج إلى كثير من الصيانة، ويكفي تنظيفها عدة مرات في السنة لتستمر في عملية الإنتاج لسنوات، ومن فوائد الطاقة الشمسية التي تعود على البيئة، تقليل تلوث الهواء، وإبطاء تغير المناخ، فضلا عن إنهاء أثر انبعاثات الكربون لعدم اعتمادها على الوقود التقليدي في عملية التشغيل وفي مختلف مراحل الإنتاج.
وفي الاتجاه ذاته، فإن التوجه العالمي للطاقات المتجددة بات يمثل السمة الأبرز لأغلب الدول، فبحسب بيانات الأمم المتحدة فإن العام الماضي شهد إنفاق تريليوني دولار للطاقة النظيفة، أي بزيادة قدرها 800 مليار دولار عما أنفق على الوقود الأحفوري، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 70% تقريبا في عشر سنوات.
وفي تصريحات له الأسبوع الماضي، قال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة: "إن عصر الوقود الأحفوري "يتداعى وينهار" وأننا نعيش الآن في فجر عصر الطاقة الجديد، وهو "عصر تغذي فيه الطاقة النظيفة الوفيرة الرخيصة عالما غنيا بالفرص الاقتصادية".
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة أن بيانات أصدرتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، تظهر أن أكثر من 90% من المصادر الجديدة للطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم تنتج الكهرباء بتكلفة أقل من أرخص البدائل للوقود الأحفوري، وأضاف قائلا: "هذا ليس مجرد تحول في التأثير، إنه تحول في الإمكانية، وفي جهود إصلاح علاقتنا بالمناخ".
وبالمحصلة فإن النمو المتسارع لاستخدامات الطاقة النظيفة على مستوى العالم سيظل يمثل الخيار الأمثل، خاصة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الذي قفز إلى مراحل متقدمة، فقد جسدت استثمارات الطاقة الشمسية في قطر توجها استراتيجيا ونموذجا متكاملا للتحول الاقتصادي والالتزام البيئي، وهو ما يعزز مكانة الدولة كرائد إقليمي ودولي في مجالات إنتاج الطاقات المتجددة، مع الاستمرار في تطوير المشاريع المماثلة، والعمل على تبني السياسات الداعمة للابتكارات الرقمية لتحقيق أهداف الاستدامة وتنويع الاقتصاد الوطني بحلول عام 2030 عبر استخدام الطاقات النظيفة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ 4 ساعات
- صحيفة الشرق
ارتفاع معاملات القطاع العقاري في الدولة بنسبة 29.8 بالمئة في الربع الثاني من 2025
اقتصاد محلي 24 A+ A- الدوحة - قنا سجل القطاع العقاري أداء قويا خلال الربع الثاني من العام الجاري، حيث بلغ إجمالي قيمة معاملاته نحو 8.9 مليار ريال، بزيادة قدرها 29.8 بالمئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وذكرت الهيئة العامة للتطوير العقاري "عقارات"، في بيانات نشرها العدد الأول من النشرة العقارية اليوم، أن المعاملات العقارية المسجلة الربع الثاني من العام 2025 سجلت زيادة كبيرة، إذ وصلت إلى 1915 معاملة عبر مختلف الفئات، بزيادة نسبتها 44 بالمئة مقارنة بالربع المماثل من 2024، وهو أقوى أداء ربعي يسجل منذ الربع الثالث من عام 2020، مشيرة إلى استحواذ بلدية الدوحة على الحصة الأكبر منها بقيمة 4.8 مليار ريال، تلتها بلدية الريان بإجمالي 1.9 مليار ريال. ولفتت إلى أن المعاملات السكنية شكلت نسبة 44 بالمئة من إجمالي عدد المعاملات العقارية خلال الفترة المذكورة، وتصدرت "اللؤلؤة" قائمة المناطق الأكثر طلبا، حيث سجلت 266 معاملة، تلتها "لوسيل" بـ 125 معاملة، وذلك بدعم من موقعيهما الاستراتيجيين، وجودة المشاريع فيهما، وجاذبيتهما المتنامية بين المستثمرين والسكان على حد سواء، فيما سجلت الدوحة أعلى نسبة من الوحدات المباعة بنسبة 39.2 بالمئة، تلتها بلدية الريان بنسبة 18.2 بالمئة، ثم الضعاين بنسبة 17.2 بالمئة. وعلى صعيد آخر، نوهت النشرة إلى أن سوق الإيجارات لم يكن بعيدا عن هذا النشاط الملحوظ، إذا بلغ عدد عقود الإيجارات المسجلة في النصف الأول من العام الجاري 58 ألفا و246 عقدا، وهو أعلى معدل يسجل للنصف الأول خلال السنوات الست الماضية، وبلغت نسبة الزيادة حوالي 26 بالمئة مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي التي سجلت 46 ألفا و73 عقدا. وشهدت بلدية الوكرة أكبر طلب على عقود الإيجار، لاسيما في مناطق مثل الوكير والمشاف والثمامة والتي سجلت مجتمعة 5 آلاف و337 عقدا، نظرا لكونها ضمن الخيارات المفضلة للمستأجرين بسبب توفر مساكن بأسعار مناسبة. وأوضحت النشرة أن بيانات الربع الثاني من العام الجاري تؤكد على المسار القوي الذي يسلكه القطاع العقاري في الدولة، مدفوعا بارتفاع ملحوظ في حجم المعاملات وعودة الزخم إلى تسجيل عقود الإيجار، لاسيما في المناطق المتوسطة الداخل وعالية الطلب، مشيرة إلى أن مراكز الاستثمار الراسخة مثل "اللؤلؤة" و"لوسيل" لا تزال تحظى باهتمام المستثمرين بينما تبرز مناطق مثل الوكرة كركيزة أساسية لتوسيع قاعدة السوق وتعزيز تنوعه، متوقعة أن يواصل القطاع العقاري الاستفادة من تسارع وتيرة التحول الرقمي وتعزيز الشفافية التنظيمية والاستثمار الاستراتيجي في البنية التحتية بما يتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030، وباستثناء أية تقلبات خارجية كبرى، فإن هذه الركائز الاستراتيجية تهيئ السوق لتحقيق نمو مستدام وتوسيع المشاركة الاستثمارية وتعزيز مكانة دولة قطر كوجهة رائدة في الاستثمار العقاري على المستوى المنطقة. مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
منذ 4 أيام
- صحيفة الشرق
مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع
اقتصاد 0 A+ A- الدوحة - قنا أغلقت مؤشرات الأسهم الرئيسية في بورصة /وول ستريت/ الأمريكية على تراجع في ختام تعاملات اليوم. وأنهى المؤشر /ستاندرد اند بورز 500/ التداول منخفضا 101.60 نقطة، بما يعادل 1.60 بالمئة، ليصل إلى 6237.79 نقطة. وهبط المؤشر /ناسداك/ المجمع بواقع 472.78 نقطة، أو 2.24 بالمئة، مسجلا 20649.67 نقطة في ختام التعاملات. كما تراجع المؤشر /داو جونز/ الصناعي 543.97 نقطة، أو 1.23 بالمئة، لينهي التداول عند 43587.01 نقطة. مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
منذ 4 أيام
- صحيفة الشرق
131 مليارا و408 ملايين دولار صادرات تركيا في 6 أشهر
اقتصاد 28 A+ A- أنقرة - قنا ارتفعت صادرات تركيا بنسبة 4.1 بالمئة في الأشهر الستة الأولى من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتصل إلى 131 مليارا و408 ملايين دولار. وبحسب معطيات معهد الإحصاء التركي، سجلت صادرات البلاد ارتفاعا في 58 قطاعا من بين 97 قطاعا للتجارة الخارجية، خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري. وجاءت قطاعات المركبات الآلية، والأحجار الكريمة أو شبه الكريمة، و الأسلحة والذخائر، والآلات والأجهزة الكهربائية، والحديد والصلب ضمن خمس أكبر قطاعات زيادة في الصادرات خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بالأشهر الستة الأولى من العام الماضي.