
د . جاسم المناعي لماذا يصر الرئيس الأميركي على خفض سعر الفائدة؟ الأربعاء 09 يوليو 2025
بالنسبة للرئيس الأمريكي، فإن الدوافع للإصرار على تخفيض سعر الفائدة تبدو سياسية دون الاهتمام بالجوانب الفنية في هذا الموضوع. هذا الإشكال في تباين المواقف بين رئيس الولايات المتحدة ورئيس الاتحاد الفدرالي يرجع أيضًا إلى نزعة الرئيس الأمريكي في إخضاع جميع المؤسسات الأمريكية تحت سلطته، حتى إن كان البنك المركزي يتمتع تقليديًا باستقلالية في هذا الشأن.
لكن ينبغي أن لا نستغرب إذا ما أقدم الرئيس الأمريكي الحالي على كسر التقاليد وأوجد لنفسه المبررات لاستبدال رئيس البنك المركزي، حيث إنه عُرف عنه عدم التقيد بالأعراف والتقاليد، وكذلك رغبته القوية بأن لا يخالفه أحد في أي من المؤسسات الأمريكية أين كانت.
وإذا حدث وأقدم الرئيس الأمريكي على إقالة رئيس الاحتياطي الفدرالي، فإن ذلك سيكون سابقة في تاريخ أمريكا، حيث ليس هناك تشريع أو قانون يسمح بإقالة رئيس البنك المركزي، إلا بالطبع إذا ارتكب خطأ جسيمًا. ولا يبدو أن رئيس البنك المركزي قد ارتكب أي خطأ يصل إلى حد إقالته من منصبه.
وبغض النظر عن طبيعة الخلاف بين رئيس أمريكا ورئيس البنك المركزي، وما إذا كان سينتهي هذا الأمر باستبدال رئيس البنك المركزي الأمريكي أم لا، فإن الأهم من ذلك هو التعرف على الأسباب والمبررات التي تدفع الرئيس الأمريكي إلى الإصرار على خفض الفائدة دون النظر إلى أية اعتبارات أخرى.
بالطبع، فإن هذه الأسباب تبدو سياسية أكثر منها أي شيء آخر، وبغض النظر عما يمكن أن يترتب على ذلك من تضخم، فإن الرئيس الأمريكي يتوقع أن خفض سعر الفائدة من شأنه أن ينعش سوق الأسهم وينعش الاقتصاد بشكل عام، الأمر الذي يريد أن يتم تسجيله ضمن إنجازاته.
لا ننسى كذلك أن الرئيس الأمريكي هو رجل أعمال وتاجر عقارات، وأن خفض سعر الفائدة من شأنه أن يخفض من تكاليف قروض شركاته، وبالتالي سيزيد ذلك من ثرواته.
لكن علينا أن نذكر أيضًا أن خفض سعر الفائدة يمكن أن يحقق للرئيس الأمريكي كذلك أهدافًا أخرى، منها أن جاذبية الدولار من شأنها أن تضعف مع أي انخفاض في سعر الفائدة على الدولار. وفي مثل هذه الحالة نجد أن الدولار يضعف وفقًا لذلك.
وحسبما يبدو، فإن ضعف الدولار، سواء كان بشكل مقصود أو غير مقصود، في هذه الحالة يساعد الرئيس الأمريكي من ناحية على خفض عجز الميزان التجاري، ومن ناحية أخرى على تخفيض قيمة المديونية الكبيرة التي تعانيها أمريكا.
على صعيد خفض عجز الميزان التجاري، فإن ضعف الدولار يؤدي إلى زيادة تنافسية الصادرات الأمريكية، وبالتالي يزيد الإقبال عليها، وعلى العكس بالنسبة للواردات الأجنبية إلى أمريكا، حيث تصبح، مع انخفاض أو ضعف الدولار، أكثر كلفة؛ ما يؤدي إلى ابتعاد المستهلك الأمريكي عنها وتفضيله في هذه الحالة المنتجات المحلية الأمريكية.
لا ننسى أيضًا أن ضعف الدولار من شأنه عدم تشجيع الأمريكيين على السفر إلى الخارج، حيث إن تكلفة السفر في هذه الحالة تصبح أكثر ارتفاعًا، وبالتالي يتم تفضيل السياحة الداخلية في أمريكا، وهذا من شأنه أن يساعد في توفير الأموال داخل أمريكا وخفض عجز الميزان التجاري وفقًا لذلك.
كذلك الحال بالنسبة لمديونية أمريكا تجاه الخارج، فمع ضعف الدولار فإن قيمة هذه المديونية، والمقومة أصلًا بالدولار، تنخفض، سواء تعلق الأمر بالاستثمارات الأجنبية في أسهم الشركات الأمريكية، أو الاستثمارات الأجنبية في السندات الأمريكية، سواء كانت هذه السندات للحكومة الأمريكية أو للشركات والمؤسسات الأمريكية.
وقد لاحظنا مؤخرًا موجة بيع للسندات الأمريكية تخوفًا من انخفاض قيمتها مع انخفاض الدولار، ونتيجة لهذه المخاوف المرتبطة بزيادة مخاطر الاستثمار في الأصول الأمريكية، وجدنا أن عوائد السندات الأمريكية ترتفع للتعويض عن هذه المخاطر. إلا أن مخاطر الاستثمار في الأصول الأمريكية مستمرة مع استمرار انخفاض قيمة الدولار، خاصة إذا ما أدى الضغط الذي يمارسه الرئيس الأمريكي إلى التعجيل بخفض سعر الفائدة على الدولار. (اقرأ المقال كاملا بالموقع الإلكتروني).
في الواقع، إن ضعف الدولار قد تستفيد منه جهات أخرى حتى خارج أمريكا، خاصة الدول والمؤسسات التي اقترضت بالدولار، حيث إن قيمة قروضها سوف تنخفض مع انخفاض الدولار. في المقابل، هناك دول وجهات أخرى سوف تتضرر مع استمرار ضعف الدولار، خاصة الدول التي يرتبط سعر صرف عملاتها بالعملة الأمريكية، حيث من ناحية فإن قيمة عملاتها سوف تنخفض مع انخفاض الدولار، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف القوة الشرائية لعملات هذه الدول، كما أن ذلك ينعكس في شكل زيادة تكاليف السفر إلى الخارج، خاصة السفر إلى الوجهات الأوروبية، حيث إن ضعف الدولار أدى في المقابل إلى ارتفاع قيمة اليورو كأحد البدائل عن الدولار الضعيف.
على صعيد آخر، فإن انخفاض عملات الدول المرتبطة بالدولار نتيجة لضعف الدولار من شأنه زيادة تكاليف المستوردات من الخارج، وهذا بالطبع ينعكس في شكل زيادة في أسعار السلع المستوردة، ما قد يؤدي إلى ارتفاع مستويات التضخم.
صادرات دول المنطقة قد تستفيد مع انخفاض قيمة الدولار، إلا أنه كما نعلم فإن ما تصدره دول المنطقة يعتبر محدودًا نسبيًا فيما عدا النفط، ولكون النفط مُسعرًا بالدولار، فإن انخفاض الدولار من شأنه أن يؤدي إلى خفض الإيرادات النفطية تبعًا لذلك.
ولا بد أن نذكر في هذا السياق، أن السعي لخفض سعر الفائدة أو العمل على خفض قيمة الدولار، وإن كان يخدم الأهداف الاقتصادية والسياسية التي يسعى إليها الرئيس الأمريكي، إلا أن ذلك قد يكون على حساب موقع وأهمية العملة الأمريكية على صعيد الاقتصاد العالمي، حيث إن استمرار ضعف الدولار من شأنه أن يدفع المتعاملين في أسواق العملات إلى الاتجاه نحو عملات بديلة، وبالتالي يفقد الدولار على إثر ذلك مكانته كعملة الاحتياطي العالمي الأولى.
هل أمريكا حقًا على يقين بأنها تريد دولارًا ضعيفًا؟ هذا ما سوف يتبين خلال الفترة القادمة، على ضوء إصرار الرئيس الأمريكي على خفض سعر الفائدة، وربما حتى السعي إلى استبدال رئيس البنك المركزي الأمريكي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 9 ساعات
- البلاد البحرينية
رئيسة المفوضية الأوروبية: ندافع عن مصالحنا خلال المفاوضات التجارية مع أميركا
قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، "إننا ندافع عن مصالحنا خلال المفاوضات التجارية مع أميركا". وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الثلاثاء إنه سيخبر الاتحاد الأوروبي "على الأرجح" في غضون يومين بالمعدل الذي يمكن أن يتوقعه للرسوم على صادراته إلى الولايات المتحدة، مضيفا أن التكتل يعامل إدارته "بشكل جيد للغاية" في المحادثات التجارية، وفقًا لـ "رويترز". ترامب يفرض رسوماً 25% على اليابان وكوريا الجنوبية وتونس وأعلن ترامب أيضا عن خطط لفرض رسوم جمركية 50% على النحاس المستورد، وقال إن الرسوم التي هدد بها منذ فترة طويلة على أشباه الموصلات والأدوية ستفرض قريبا. وهدد بأن تصل الرسوم الجمركية على الأدوية إلى 200%، لكنه قال إنها قد تؤجل لمدة عام تقريبا. وكان ترامب أرجأ الموعد النهائي السابق لإبرام اتفاقات بشأن الرسوم الجمركية إلى الأول من أغسطس آب، ووصفه بالموعد النهائي، معلنا أنه "لن يكون هناك المزيد من التمديدات" وفي وقت سابق من اليوم، ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن مفاوضي الاتحاد الأوروبي يقتربون من التوصل إلى اتفاق تجاري مع ترامب من شأنه فرض رسوم جمركية أعلى من تلك الخاصة بالمملكة المتحدة. وأعدّ الاتحاد الأوروبي بالفعل رسوماً جمركية مضادة على سلع أميركية تصل قيمتها إلى نحو 100 مليار يورو، في حال فشلت المحادثات في التوصّل إلى نتائج إيجابية. وأكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء أنّه لن يمدّد الموعد النهائي المحدّد في الأول من أغسطس لبدء فرض رسوم جمركية أميركية أعلى على عشرات الدول، غداة إظهاره ما بدا أنّها مؤشرات على مرونة بشأن هذا التاريخ. وقال ترامب إنّ الولايات المتحدة ستبدأ في تحصيل رسوم جمركية على واردات من دول مختلفة في الأول من أغسطس. وأكد ترامب في منشور على منصته "تروث سوشيل"، أنّه "لم يطرأ أي تغيير على هذا التاريخ، ولن يطرأ أي تغيير"، وفقًا لوكالة فرانس برس (أ ف ب). وأصدر البيت الأبيض أمرًا تنفيذيًا ينص على أن الرسوم الجمركية "المتبادلة" ستدخل حيز التنفيذ بعد منتصف ليل 1 أغسطس. وذكر الأمر أن القرار اتُّخذ "استنادًا إلى معلومات وتوصيات إضافية من مسؤولين رفيعي المستوى، بما في ذلك ما يتعلق بحالة المفاوضات مع الشركاء التجاريين".


البلاد البحرينية
منذ 9 ساعات
- البلاد البحرينية
قرار قضائي يمهد الطريق لتسريح جماعي في الوكالات الأميركية
أعطت المحكمة العليا الأميركية، اليوم الثلاثاء، الضوء الأخضر للرئيس دونالد ترامب لمواصلة التقليص الجماعي للوظائف الاتحادية، التي قد يصل عددها إلى مئات الآلاف، وإعادة هيكلة عدد من الوكالات. وتعتزم الإدارة الأميركية إجراء تخفيضات في القوى العاملة في وزارات الزراعة والتجارة والصحة والخدمات الإنسانية والخارجية والخزانة وشؤون المحاربين القدامى، وأكثر من 12 وكالة أخرى. ألغت المحكمة العليا الأمر الذي أصدرته قاضية المحكمة الجزئية الأميركية سوزان إيلستون في سان فرانسيسكو في 22 مايو/أيار، والذي منع تسريح الموظفين الاتحاديين على نطاق واسع خلال نظر القضية. ورحب المتحدث باسم البيت الأبيض، هاريسون فيلدز، بالإجراء الذي اتخذته المحكمة، واصفًا إياه بأنه "انتصار نهائي آخر للرئيس وإدارته"، مؤكدًا أن القرار يعزز سلطة ترامب في تطبيق "الكفاءة في جميع أنحاء الحكومة الاتحادية". وقالت المحكمة، في أمر موجز غير موقع، إن إدارة ترامب "من المرجح أن تنجح في حجتها بأن الأمر التنفيذي" ومذكرة تنفيذ أمره قانونيان. وأكدت المحكمة أنها لا تقيم قانونية أي خطط محددة لتسريح الموظفين في الوكالات الاتحادية. وكان ترامب قد أعلن في فبراير/شباط عن "تحول حاسم في البيروقراطية الاتحادية" من خلال أمر تنفيذي يوجه الوكالات للاستعداد لإصلاح حكومي شامل يهدف إلى تقليص القوى العاملة بشدة، وإلغاء المكاتب والبرامج التي تعارضها إدارته. وقالت مجموعة من النقابات والمنظمات غير الربحية والحكومات المحلية، التي رفعت دعوى قضائية لمنع عمليات التسريح الجماعي، إن حكم المحكمة العليا اليوم "وجه ضربة خطيرة لديمقراطيتنا، ويضع الخدمات التي يعتمد عليها الشعب الأميركي في خطر شديد". وقال المدعون في بيان: "هذا القرار لا يغير الحقيقة البسيطة والواضحة بأن إعادة تنظيم وظائف الحكومة وتسريح الموظفين الاتحاديين على نحو جماعي وعشوائي دون أي موافقة من الكونغرس أمر لا يسمح به دستورنا"، مضيفين أنهم "سيواصلون النضال نيابة عن المجتمعات التي نمثلها". وتسعى إدارة الكفاءة الحكومية، التي كان يقودها الملياردير إيلون ماسك، إلى إلغاء وظائف اتحادية، وتقليص الحكومة الأميركية، وإعادة تشكيلها، والقضاء على ما تعتبره تبذيرًا في الإنفاق. وكان ماسك قد أنهى عمله الحكومي رسميًا في 30 مايو/ أيار الماضي، ثم دخل في خلاف علني مع ترامب.


البلاد البحرينية
منذ 9 ساعات
- البلاد البحرينية
رسالة من ويتكوف إلى حماس.. "ملتزمون بتمديد الهدنة حال استمرت المفاوضات"
أفاد مصدر مطلع، أن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أرسل رسالة إلى حركة حماس عبر رجل الأعمال الفلسطيني الأميركي بشارة بحبح، تضمنت أن وقف إطلاق النار سيستمر بعد هدنة الـ60 يوما إذا استمرت المفاوضات، وأن إدارة ترامب ملتزمة بضمان ذلك، وفق ما نقله موقع "أكسيوس" الأميركي. كما ذكر المصدر المطّلع أن المحادثات يومي الاثنين والثلاثاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ركّزت على خرائط إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. وتطالب حماس بانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى نقاط التمركز التي كانت قبل انهيار الهدنة السابقة في مارس، لكن إسرائيل ترفض ذلك، وفق "أكسيوس". نقطة خلاف رئيسية وقال المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، إن إسرائيل وحماس تمكّنتا من حل ثلاث من القضايا الأربع العالقة خلال "محادثات تقارب" في الدوحة، وأضاف "نأمل أن نتوصل إلى اتفاق بنهاية هذا الأسبوع". والخلاف الرئيسي المتبقي يتعلق بموضوع انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة. واجتمع ترامب ونتنياهو، مساء الثلاثاء، لمدة 90 دقيقة لمناقشة الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وصفقة تبادل أسرى مع حماس. كما وصل وفد قطري إلى البيت الأبيض قبل اجتماع ترامب ونتنياهو، يوم الثلاثاء، وعقد اجتماعات استمرت لساعات مع مسؤولين كبار في البيت الأبيض، وفقا لمصدر مطّلع. جولة مفاوضات جديدة يذكر أن جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة كانت انطلقت بين حماس وإسرائيل في قطر، مساء الأحد، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف النار بعد أن سلم الوسطاء مقترحاً جديداً للطرفين، يستند، حسب مصادر مطلعة، إلى مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف. وتتضمن المقترحات الأميركية هدنة من شهرين تقوم خلالها حماس بالإفراج عن عشرة محتجزين أحياء اقتادتهم إلى قطاع غزة إبان هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. في المقابل، تفرج إسرائيل عن معتقلين فلسطينيين لديها، وفق مصدرين فلسطينيين مطّلعين على المباحثات، بحسب "فرانس برس".