
شراكة «بلا حدود» بين روسيا والصين
حرص الرئيس الصيني شي جين بينغ على زيارة موسكو، في وقت متزامن مع إحياء روسيا الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية.
ومنذ عام 2013، زار شي روسيا 11 مرة، والتقى بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في أكثر من 40 مناسبة، بمعدل ثلاثة إلى أربعة لقاءات سنوياً، ولكن هذه المرة الأولى التي يلتقي فيها الزعيمان وجهاً لوجه، منذ أن أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حربه التجارية، التي أضعفت العلاقات مع الحلفاء، وسحبت إدارته بعيداً عن المؤسسات العالمية.
وقد ساهم ذلك في دعم مهمة الصين الرامية إلى مواجهة النظام العالمي، الذي تقوده الولايات المتحدة، وهي مهمة اتحدت فيها مع روسيا، لا سيما بعد غزو بوتين لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022. وكذلك بفضل شراكة واسعة من المصالح الوطنية. والعمل على مزيد من التنسيق بينهما في الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ومجموعة بريكس، ومجموعة العشرين، ورابطة دول جنوب شرق آسيا، وغيرها من المنصات متعددة الأطراف، بما يخدم بناء نظام عالمي متعدد الأقطاب أكثر عدالة وديمقراطية، فالصين وروسيا تشتركان في رؤيتهما الجيوسياسية للعالم، والسعي إلى عالم متعدد الأقطاب.
بعد مضي نحو 10 سنوات من المباحثات، وقع الرئيسان بوتين وشي جين بينغ، عام 2016، اتفاقاً بقيمة 400 مليار دولار، هذا الاتفاق الذي ستمد بمقتضاه شركة جازبروم 38 مليار متر مكعب من الغاز إلى «المؤسسة الوطنية الصينية للبترول»، انطلاقاً من عام 2018 وحتى 30 عاماً قادمة، بالإضافة إلى إنشاء بعض المشروعات مثل خط أنابيب الغاز «قوة سيبيريا»، بطول 400 كيلومتر، للربط بين حقول الإنتاج في منطقة «بيجين تيانجين هيبي» ودلتا منطقة «يانجتزي». وهناك وجهتا نظر بشأن تلك الصفقة الكبرى:
وجهة النظر الأولي، ترى أن تلك الصفقة جاءت من منظور الأزمة الأوكرانية، أي مواجهة الأزمة الأوكرانية وتداعياتها مثل عقوبات أوروبية.
وجهة نظر الثانية، ترى أن هذه الصفقة خرجت إلى النور، بعد عشر سنوات من المفاوضات، ومن هنا لعبت المصالح التجارية والجغرافية دوراً أكبر من الاعتبارات السياسية. وتسوق عدداً كبيراً من العوامل لعل أهمها:(1) الجغرافيا، فلماذا التوجه الروسي نحو الصين؟ السبب يتمثل في أن غاز شرق سيبيريا يبعد كثيراً عن أوروبا، والطلب المحلي الروسي على هذا الغاز في هذه المنطقة منخفض جداً، بدرجة لا تسمح بتطوير حقول الغاز في «شيانادا» و«كوفياختا»، في حين أن الصين لديها اقتصاد يتنامى، ويعتمد بوتيرة متسارعة على الغاز، ما يجعل الصين عميلاً ممتازاً لشركة «غازبروم». (2) الاعتبار الجغرافي لعب دوراً مهماً في قرار بكين، حيث خط أنابيب الغاز يمر بشمال شرق الصين، أي بمنطقة لديها معدلات طلب مرتفعة على الغاز. (3) لعب أمن الطاقة دوراً في تمرير الصفقة، ذلك لأن معظم ما تستورده الصين من غاز، إما أنه يعبر دول آسيا الوسطى، أو يمر في صورة غاز مُسال عبر خطوط نقل بحري غير مأمونة كمضيق هرمز أو مضيق «ملقا». (4) رغبة شركة «غازبروم» الروسية في فتح أسواق جديدة، في ظل قيود يفرضها السوق الأوروبي على تصدير الغاز الروسي. (5) أن الصفقة تساعد روسيا على تقليص عجزها التجاري، فالصين هي أكبر شريك تجاري لروسيا، (6) أنه لدى الصين حاجة ماسة إلى الغاز، فاستهلاكها ينمو بنسبة أكبر من المتوقع، بحكم أنه الاقتصاد الثاني على مستوى العالم (7) صفقة الغاز ستعزز الناتج المحلي الإجمالي للصين، حيث سعر الألف متر مكعب من الغاز، حسب الصفقة الروسية يصل ما بين 370 إلى 390 دولاراً، أي أرخص مما تدفعه شركات الطاقة الصينية، مقابل الغاز المسال المستورد. (8) أن روسيا بحاجة إلى التحالف مع الصين، ذلك لأن التوازنات الاقتصادية العالمية تميل منذ العقد الماضي لمصلحة منطقة آسيا المطلة على المحيط الهادي، خاصة في ظل تحول الصين إلى قوة اقتصادية عالمية مرشحة لتبوؤ مكانة الولايات المتحدة، ومما يزيد من وجاهة هذا الرأي، تعثر خط أنابيب «قوة سيبيريا».
شملت المحادثات بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في زيارته الأخيرة، مفاوضات بشأن مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي المتوقف منذ فترة طويلة، والذي يربط بين البلدين.
طالما سعت موسكو إلى إبرام اتفاق بشأن مشروع «باور أوف سيبيريا 2»، لتعزيز العلاقات الثنائية مع الصين، وأيضاً لزيادة تدفقات الغاز إلى أكبر مستورد للطاقة في العالم. وتعتمد روسيا بشكل متزايد على مبيعات الغاز إلى الصين، في ظل سعيها لتعويض السوق الأوروبية، التي تقلصت بشكل كبير، بعد حرب أوكرانيا عام 2022، وقد تنقطع بالكامل بحلول عام 2027.
كما أن مسار خط الأنابيب محور خلاف جديد. وتذكر تقارير أنه لا تزال هناك نقاط خلاف قائمة بين الجانبين، وأن بكين تضغط من أجل وجود مسار مباشر لخط الأنابيب بين أراضيها وروسيا، دون المرور عبر منغوليا، على غرار خط «باور أوف سيبيريا» الأصلي، إلا أن هناك مسارات بديلة كانت مطروحة للنسخة الثانية من المشروع.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 41 دقائق
- صحيفة الخليج
أرجوحة الرسوم التجارية
بدأ عام 2025 بترقب، ما قد يطول التجارة العالمية، على ضوء توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة التي كانت تتأهب لتولي مقاليد الحكم في ما يتعلق بالرسوم الجمركية، وكان في الأذهان ما حدث في فترة ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى خاصة مع الصين. لم يمض الكثير من الوقت حتى جاءت الخطوات الأمريكية متجاوزة كل التخوفات، برسوم جمركية واسعة النطاق، وعالية القيمة، جعلت الأذهان تعود إلى ما كان سائداً منذ أكثر من قرن من الزمان، وتوارت تماماً قواعد حرية التجارة، وبات صوت المنظمة القائمة على حمايتها خافتاً. التقط العالم بعض أنفاسه، بقرار تأجيل فرض الرسوم، وبدأت جولات المفاوضات بين القوى التجارية الكبرى في العالم، ثم كان التخفيض في النسب التي أُعلنت ابتداء، وقبل أن يحل موعد إعادة فرض الرسوم المخفضة، أعلن تأجيل جديد. وفي هذه الأجواء لم يخل الأمر من مشاكسات علنية أو مخفية، وكذلك تهديدات واضحة من انحياز بعض الدول إلى طرف بعينه في هذه المعمعة التجارية. هذا التأرجح الواضح في حركة التجارة العالمية، يترك آثاراً واضحة في ما يتعلق بحالة عدم اليقين من ناحية أولى، وما يترتب عليها من تأثيرات محتملة في سلاسل الإمداد، وقبل ذلك الشكوك التي قد تحيط بالقرارات الاستثمارية في ظل هذه البيئة المضطربة، خاصة في ضوء القيود والقيود المضادة التي لا تقف عند حدود التجارة في المواد المصنعة. قد يكون لدى الدول المتقدمة، وذات الاقتصادات القوية من الدول النامية، القدرة على التعامل مع تداعيات مثل هذه التموجات التجارية ولو إلى حين، لكن الأمر سيكون أشد خطورة بالنسبة لاقتصادات الدول الفقيرة والأشد فقراً، خاصة تلك التي تعتمد كثيراً على صادراتها، حتى ولو كانت بعدد قليل من المنتجات. الأثر هنا لا يقف عند مجرد تراجع الحصيلة من الصادرات، وإنما يمتد إلى كافة القطاعات الخدمية مثل الصحة والتعليم، وما تتضمنه من برامج دعم للفئات الأضعف في تلك المجتمعات، وما يزيد من خطورة الأوضاع، أن ذلك قد ترافق مع تخفيضات عالية جداً في المساعدات الإنمائية التي تقدمها الدول المتقدمة. وإذا كانت الأمور حتى الآن في نطاق المؤشرات المقلقة، فإن هذا القلق قد يتحول إلى مآس بكل معنى الكلمة للكثير من الفئات المستضعفة، ليس فقط في مخيمات اللجوء والنزوح حول العالم، وإنما كذلك بالنسبة لفئات اجتماعية في دول مستقرة، قد يطولها المزيد من التهميش. وقد يدفع المزيد من التآكل في القدرات الشحيحة أساساً، لتوفير متطلبات الحياة الأساسية إلى نشوب اضطرابات اجتماعية داخلية، كما أنه قد يؤدي إلى المزيد من موجات الهجرة، بحثاً عن توفير لقمة العيش. وهنا ستجد الدول المتقدمة نفسها أمام ظواهر باتت تضج منها علناً، وعلى رأسها الهجرة غير الشرعية. التحذيرات الدولية من هذه التقلبات التجارية كثيرة، وبات على الدول التي تسببت في هذه الحالة وخصوصاً الولايات المتحدة مسؤولية كبيرة في الركون إلى منطق التجارة الحرة والعادلة للجميع، وليس لطرف على حساب الأطراف الأخرى، وإذا كانت ثمة مشاكل داخلية، فمن المهم البحث عن معالجة أسبابها في الداخل، وليس نقل آثارها إلى الخارج.


البيان
منذ 3 ساعات
- البيان
زيلينسكي: نسابق الزمن لتوسيع إنتاج الأسلحة محلياً
وفي الوقت ذاته، قالت سويسرا، إن وزارة الدفاع الأمريكية أبلغتها بأن واشنطن بصدد تحويل صفقة منظومات باتريوت للدفاع الجوي كانت مخصصة لها لصالح دعم أوكرانيا، التي تحتاج بشدة إلى تعزيز دفاعاتها للتصدي للهجمات الجوية الروسية التي تزداد حدتها. وقالت وزارة الدفاع السويسرية، التي كانت قد طلبت خمس منظومات "باتريوت "في عام 2022، إنها تلقت إخطارا من وزارة الدفاع الأمريكية يفيد بأنه سيتم "إعادة ترتيب أولويات تسليم منظومات باتريوت، بحيث تُمنح الأولوية لدعم أوكرانيا." ولم يتضح على الفور ما إذا كانت منظومات "باتريوت" التي طلبتها سويسرا، سيتم توجيهها مباشرة إلى أوكرانيا، أم أنها ستخصص لتعويض منظومات في دول أوروبية أخرى قد تتبرع بها لصالح كييف. وكان من المقرر أن يبدأ تسليم هذه المنظومات ، والتي تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات، إلى سويسرا في عام 2027 على أن يكتمل تسليمها بحلول عام 2028. لكن الحكومة السويسرية قالت إن واشنطن أبلغتها بالتأجيل، مضيفة أنه من غير الواضح عدد المنظومات الذي سيتأثر بالتغيير. وقال وزير الدفاع البريطاني جون هيلي، اليوم الخميس، إنه سيترأس مع نظيره الألماني بوريس بيستوريوس اجتماعا لحلفاء أوكرانيا يوم الاثنين القادم لمناقشة خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن توريد الأسلحة. وأوضح هيلي أن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته سيشاركان في اجتماع مجموعة الاتصال الدفاعية الخاصة بأوكرانيا. وقال الجنرال أليكسوس جرينكيفيتش، بأن "التحضيرات جارية" لنقل الأسلحة إلى أوكرانيا، مضيفا أن الناتو يعمل "بشكل وثيق للغاية" مع ألمانيا لنقل منظومات باتريوت.


سكاي نيوز عربية
منذ 4 ساعات
- سكاي نيوز عربية
الكرملين: روسيا وأوكرانيا ستناقشان مذكرة وقف إطلاق النار
وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، للصحفيين إن الجولة الثالثة من المفاوضات مع أوكرانيا، ستتضمن مناقشة مشاريع مذكرات وقف إطلاق النار تبادلها الطرفان خلال الجولة السابقة. وأوضح المتحدث باسم الكرملين ، أن رئيس الوفد الروسي، فلاديمير ميدينسكي ، يجري اتصالات مباشرة مع رئيس الوفد الأوكراني رستم عمروف. وقال بيسكوف للصحفيين: "لا يزال يتعين إتمام عملية التبادل، ويجري حاليا تنسيق التفاصيل النهائية. هذا تنفيذ للاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال الجولة الثانية، وبعدها ينبغي اتخاذ قرارات"، مضيفا: "نحن ننتظر مقترحات الجانب الأوكراني، كما قلنا مرارا". وكانت روسيا وأوكرانيا، اللتان تتقاتلان منذ فبراير 2022، قد أجريتا جولتين من المفاوضات المباشرة في إسطنبول يوم 16 مايو و2 يونيو. وقالت السلطات الأوكرانية إن عملية تبادل الأسرى وجثامين الجنود بين الجانبين، يجب أن تستكمل قبل انعقاد الاجتماع المقبل. من جانبه، دعا الكرملين جميع الأطراف، بما فيها الولايات المتحدة، إلى ممارسة الضغط على أوكرانيا لضمان انعقاد الجولة الثالثة من المفاوضات، بحسب ما ذكرته صحيفة "كوميرسانت". وأفضت الجولة الثانية من محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، التي عقدت في 2 يونيو بإسطنبول، إلى اتفاق إنساني محدود يقضي بتبادل جثامين 6 آلاف جندي من الطرفين قضوا خلال المعارك، إضافة إلى تفاهم مبدئي حول تبادل أسرى جدد، مع التركيز على المصابين بجروح خطيرة وصغار السن. ومنح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب ، موسكو مهلة مدتها 50 يوما للتوصل إلى اتفاق مع كييف، مهددا بفرض عقوبات على الدول التي تشتري الصادرات الروسية. من جانبه، وصف المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف ، تصريحات ترامب بـ"الخطيرة"، واعتبر أن تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا "إشارة لمواصلة الحرب".