logo
الدين الفيدرالي الأمريكي في 2025.. هل اقتربت الولايات المتحدة من الانهيار؟

الدين الفيدرالي الأمريكي في 2025.. هل اقتربت الولايات المتحدة من الانهيار؟

تقرير/خاص/وكالة الصحافة اليمنية//
في خضم العاصفة الاقتصادية التي تهز العالم بأسره، يبرز الدين الفيدرالي الأمريكي كأعظم تحدٍ يواجه النظام المالي الدولي في القرن الحادي والعشرين.
لقد تحول هذا الدين من مجرد رقم في الميزانيات إلى كابوس حقيقي يطارد صناع القرار في واشنطن والمستثمرين حول العالم. مع تجاوز الدين حاجز الـ36 تريليون دولار خلال العام الجاري 2025، واتجاهه الصاروخي نحو 40 تريليون دولار في غضون سنوات قليلة، أصبحنا أمام معضلة وجودية تهدد أسس الاقتصاد العالمي وفقا لخبراء أقتصاد.
الخبراء أكدوا أن قصة هذا الدين هي قصة تراكمات عقود من السياسات المالية المتساهلة، حيث تحول من 10 تريليونات دولار فقط في عام 2008 إلى أكثر من ثلاثة أضعاف هذا الرقم في أقل من عقدين، في سلسلة متصاعدة من الأزمات والقرارات الخاطئة التي بدأت بالأزمة المالية العالمية، مروراً بسياسات التحفيز غير المحسوبة في عهد ترامب، ووصولاً إلى الإنفاق الجنوني خلال جائحة كورونا الذي أضاف 5 تريليونات دولار إلى الدين في عامين فقط، لتصبح الولايات المتحدة اليوم أسيرة لآلة دين لا تعرف التوقف، تعمل كقطار سريع لا يمكن إيقافه، حيث يتجاوز العجز السنوي 1.7 تريليون دولار، وتستهلك خدمة الدين وحدها أكثر من 1.3 تريليون دولار سنوياً، وهو مبلغ يكفي لتمويل أنظمة تعليمية وصحية متكاملة لدول بأكملها.
جذور هذه الأزمة تعود وفقا لتقارير دولية، إلى خلل هيكلي عميق في النظام المالي الأمريكي، حيث تتسع الفجوة بين الإنفاق الحكومي الجامح الذي يتجاوز 6 تريليونات دولار سنوياً، والإيرادات الضريبية المتراجعة بسبب نظام ضريبي معتل يسمح للشركات الكبرى والأثرياء بالتهرب من دفع حصصهم العادلة.
ففي الوقت الذي تنفق فيه الولايات المتحدة أكثر من 900 مليار دولار على الدفاع سنوياً، وهو ما يفوق إنفاق الدول العشر التالية مجتمعة، وتستنزف برامج الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي ميزانيات ضخمة تزداد مع شيخوخة السكان، نجد أن الإيرادات الضريبية غير قادرة على مجاراة هذا الإنفاق، خاصة مع استمرار سياسات الإعفاءات الضريبية للشركات والأثرياء التي تكرست في عهد ترامب ولم يتم إصلاحها بشكل جذري.
التقارير تشير إلى تفاقم الأزمة مع الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة الذي دفعته سياسات الاحتياطي الفيدرالي لمكافحة التضخم، حيث قفزت الفائدة إلى 5.5%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2001، مما جعل خدمة الدين تلتهم ما يقارب 12% من إجمالي الإيرادات الحكومية، وهو مبلغ ينفق على الفوائد وحدها دون أي عائد حقيقي على الاقتصاد أو المواطنين.
ولكن الأخطر من حجم الدين نفسه هو بداية انهيار الثقة في النظام المالي الأمريكي الذي ظل ل decades العمود الفقري للاقتصاد العالمي.
لقد بدأت علامات التصدع تظهر جلية في السنوات الأخيرة، حيث تتسارع حركة التمرد على هيمنة الدولار، فالدول الكبرى مثل الصين وروسيا والهند والبرازيل بدأت تتبنى سياسات نشطة لتقليل اعتمادها على الدولار في تجارتها الدولية واحتياطياتها النقدية، حيث انخفضت حصة الدولار في الاحتياطيات العالمية من 72% في ذروة الهيمنة الأمريكية إلى 58% فقط في 2025، وهي أدنى مستوى منذ عقود.
كما بدأ المستثمرون العالميون يطالبون بعوائد أعلى على سندات الخزانة الأمريكية، مما يزيد العبء على الميزانية الفيدرالية، حيث تتوقع بعض التقديرات أن تصل خدمة الدين السنوية إلى 2 تريليون دولار بحلول 2030، وهو رقم سيجبر الحكومة على خيارات مؤلمة بين التضخم الجامح الناتج عن طباعة النقود، أو التقشف المالي الذي سيؤدي إلى غضب شعبي واسع.
وفي خضم هذه العاصفة المالية، يبدو المشهد السياسي في واشنطن عاجزاً عن تقديم حلول جذرية، حيث يستمر الجدل العقيم بين الجمهوريين الذين يصرون على خفض الإنفاق الاجتماعي تحت شعار 'محاربة الإسراف الحكومي'، والديمقراطيين الذين يرون الحل في زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى.
لكن الحقيقة المرة هي أن كل الإدارات المتعاقبة، من بوش إلى أوباما إلى بايدن إلى ترامب، أسهمت في تفاقم الأزمة، سواء عبر الحروب الخارجية المكلفة مثل حربي العراق وأفغانستان التي كلفت تريليونات الدولارات، أو عبر سياسات التحفيز المالي غير المدروسة مثل التخفيضات الضريبية في عهد ترامب سابقا أو حزم الإنفاق الضخمة في عهد بايدن، ثم ترامب مجددا.
حتى أزمة سقف الدين التي كانت تُستخدم كفرصة لإصلاح النظام المالي، تحولت إلى مجرد مسرحية سياسية يتفق الطرفان في النهاية على رفع السقف دون أي إصلاحات حقيقية، في دورة مفرغة تتكرر كل عامين تقريباً.
السيناريو الأسوأ الذي يحذّر منه خبراء الاقتصاد منذ سنوات لم يعد مجرد نظرية، بل أصبح احتمالاً ملموساً يلوح في الأفق: فقدان الثقة المفاجئ في سندات الخزانة الأمريكية.
فإذا بدأ المستثمرون العالميون في الشك بقدرة الولايات المتحدة على سداد ديونها المتضخمة، قد يشهد العالم هروباً جماعياً من السندات الأمريكية، مما سيؤدي إلى انهيار قيمة الدولار وموجة تضخم غير مسبوقة ستضرب الاقتصاد العالمي كله.
عندها لن تكون الأزمة اقتصادية فحسب، بل ستتحول إلى أزمة جيوسياسية كبرى، حيث أن تراجع الهيمنة المالية الأمريكية سيكون بالضرورة مقدمة لتراجع النفوذ السياسي والعسكري الأمريكي على الساحة الدولية، لصالح قوى صاعدة مثل الصين التي تعمل بجد لتعويض الدولار بعملتها الخاصة في التجارة الدولية.
ورغم كل هذه التحذيرات والإنذارات التي يطلقها الخبراء يومياً، يبدو أن واشنطن ما زالت تعيش في حالة إنكار، ترفض الاعتراف بحجم الكارثة المقبلة. فبدلاً من العمل على إصلاح النظام الضريبي المعتل، أو مراجعة سياسات الإنفاق الجامح، أو إصلاح نظام الرعاية الصحية المتدهور، تستمر الحكومة الفيدرالية في زيادة الدين سنة بعد سنة، والعجز بعد عجز، في انتظار اللحظة التي ستنفجر فيها الفقاعة، ليس فقط في وول ستريت، بل في كل عاصمة مالية حول العالم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تحذير أممي: الريال اليمني ينهار وأسعار الغذاء تشتعل في عدن
تحذير أممي: الريال اليمني ينهار وأسعار الغذاء تشتعل في عدن

اليمن الآن

timeمنذ 32 دقائق

  • اليمن الآن

تحذير أممي: الريال اليمني ينهار وأسعار الغذاء تشتعل في عدن

شمسان بوست / خاص: حذّرت الأمم المتحدة من انهيار حاد يضرب العملة اليمنية في عدن والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة تهدد بمزيد من التدهور الإنساني. وذكر برنامج الأغذية العالمي في تقريره الأخير أن الريال اليمني فقد نحو ثلث قيمته خلال الفترة من يناير إلى مايو 2025، محذرًا من تداعيات هذا الانهيار على الأمن الغذائي والمعيشي للمواطنين. وبحسب التقرير، تراجعت قيمة الريال بنسبة 31% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ضمن مسار هبوطي مستمر منذ أكثر من عامين، تفاقم بشكل شهري دون مؤشرات على الاستقرار. وسجل الريال اليمني في نهاية مايو أدنى مستوى له على الإطلاق، حيث بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 2,525 ريالًا، ما تسبب بارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية، خاصة الوقود والمواد الغذائية. هذا الانخفاض الحاد في قيمة العملة انعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين، حيث فقدت الأسر قدرتها الشرائية بشكل واسع، وأصبحت عاجزة عن توفير الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية. ويشير التقرير إلى أن الأزمة تضرب الفئات الأكثر ضعفًا، مما يدفع المزيد من السكان نحو الفقر والجوع في ظل غياب حلول اقتصادية فعالة، وعجز السياسات الحكومية عن وقف الانهيار. ودعت منظمات أممية ودولية إلى تدخل عاجل لدعم الاقتصاد اليمني، وضمان استقرار العملة، تفاديًا لانهيار شامل ستكون كلفته باهظة على الصعيدين الإنساني والاجتماعي.

انهيار غير مسبوق للريال اليمني وقرع ناقوس الخطر
انهيار غير مسبوق للريال اليمني وقرع ناقوس الخطر

اليمن الآن

timeمنذ ساعة واحدة

  • اليمن الآن

انهيار غير مسبوق للريال اليمني وقرع ناقوس الخطر

كريتر سكاي/خاص دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر محذرةً من انهيار واسع النطاق للعملة المحلية، الريال اليمني، مقابل العملات الأجنبية في عدن والمناطق المحررة. وأفاد برنامج الأغذية العالمي، في أحدث تقاريره، بأن الريال فقد ما يقرب من ثلث قيمته خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري وحده، مما ينذر بكارثة اقتصادية وإنسانية. وأوضح التقرير أن الريال اليمني "فقد 31% من قيمته بين شهري يناير - مايو 2025، مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي". وأشار إلى أن هذا "المسار التصاعدي لانهيار العملة المحلية لا يزال مستمرًا منذ أكثر من عامين، وبشكل شهري". وبحلول نهاية مايو الماضي، وصلت قيمة الريال إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، حيث بلغ سعر الدولار الأمريكي الواحد 2,525 ريال يمني. هذا التدهور المستمر في قيمة العملة المحلية أدى إلى تداعيات خطيرة، أبرزها "ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية إلى مستويات غير مسبوقة في عدن". ونتيجة لذلك، تآكلت القدرة الشرائية لدى الأسر بشكل كبير، مما جعلها غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية، ويدفع بالمزيد من السكان نحو هوة الفقر والجوع.

تفاوت كبير بأسعار العملات.. الدولار يقترب من 2800 في الجنوب!
تفاوت كبير بأسعار العملات.. الدولار يقترب من 2800 في الجنوب!

اليمن الآن

timeمنذ ساعة واحدة

  • اليمن الآن

تفاوت كبير بأسعار العملات.. الدولار يقترب من 2800 في الجنوب!

سجلت أسعار صرف العملات الأجنبية تفاوتًا ملحوظًا بين المحافظات اليمنية صباح اليوم الجمعة 4 يوليو 2025، حيث واصل الدولار الأمريكي ارتفاعه في العاصمة عدن وحضرموت مسجلًا 2762 ريالًا للبيع و2747 ريالًا للشراء، مقابل 522 ريالًا للشراء و524 للبيع في صنعاء. كما بلغ سعر الريال السعودي 724 للبيع و722 للشراء في عدن وحضرموت، بينما استقر في صنعاء عند 139 للبيع و138.5 للشراء، في مؤشر جديد على عمق الانقسام النقدي وتدهور الوضع الاقتصادي المتسارع. يُشار إلى أن فارق السعر بين المناطق الحكومية والمناطق الخاضعة للحوثيين بات يخلق بيئة خصبة للمضاربات والتهريب المالي، وسط غياب لأي حلول مركزية فعالة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store