
الاقتصاد الأسود بين حزب الله والحرس الثوري.. واشنطن تفكك شبكات التهريب والتمويل غير المشروعة
ففي السياق اللبناني، استهدفت وزارة الخزانة الأمريكية سبعة مسؤولين كبار وكيانًا واحدًا مرتبطًا بمؤسسة "القرض الحسن" (AQAH)، وهي مؤسسة مالية خاضعة لسيطرة حزب الله كانت قد أدرجت على قائمة العقوبات منذ عام 2007.
وبحسب بيان الوزارة، فإن هؤلاء الأفراد لعبوا أدوارًا إدارية حساسة ساعدت حزب الله في التهرب من العقوبات الأمريكية من خلال طمس طابع المعاملات المالية وربطها بمؤسسات مصرفية لبنانية رسمية، مما عرّض هذه المؤسسات لمخاطر قانونية كبيرة مرتبطة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
نائب وزير الخزانة، مايكل فولكندر، أكد أن هذه الشخصيات حاولت تضليل النظام المالي اللبناني لصالح حزب الله، ما سمح للجماعة بنقل الأموال بحرية داخل النظام المصرفي الرسمي رغم تصنيفها كمنظمة إرهابية.
وتشير التفاصيل إلى أن شبكة AQAH لم تكن تعمل في الظل فحسب، بل استندت إلى نمط معقد من "المصرفيين الظليين" عبر فتح حسابات مصرفية مشتركة وتحريك ملايين الدولارات بطرق تتعمد حجب ارتباطها المباشر بحزب الله، ومن بين أبرز هؤلاء المسؤولين: نعمة أحمد جميل، الذي ترأس قسمي التدقيق والأعمال في AQAH وكان على مدى 20 عامًا مسؤولًا عن إدارة الخدمات المالية لحزب الله، كما يمتلك جميل إلى جانب شخصيات أخرى مصنّفة، شركة "تسهيلات SARL" التي كانت تقدم قروضًا عقارية بعد حرب 2006، وتُعتبر جزءًا من البنية التحتية المالية التي يستخدمها حزب الله لتأمين التمويل بعيدًا عن الرصد الدولي.
ومن بين الشخصيات الأخرى المدرجة، برز اسم عيسى حسين قصير، المشرف على قسم المشتريات والخدمات اللوجستية، الذي حوّل نحو مليون دولار إلى أعضاء آخرين في AQAH، في حين تولى سامر حسن فواز مهام التنسيق والإدارة مع شركات لوجستية تدعم أنشطة حزب الله، أما عماد محمد بيز، مسؤول صفقات الذهب، فقد أرسل أكثر من 2.5 مليون دولار إلى ثلاثة مسؤولين سابقين في المؤسسة، بينما أشرف علي محمد كرنيب على شراء أكثر من ألف أونصة من الذهب لصالح AQAH خلال عام واحد، كما كُشف عن ارتباط علي أحمد كريشت، مدير فرع AQAH في صور، بحسابات مصرفية مباشرة لصالح حزب الله، وعلاقته الوثيقة بالمستشار المالي المدرج على لائحة العقوبات حسن مقلد، إضافة إلى ذلك تولى محمد سليمان بدير مهام نائب المدير في فرع AQAH بالنبطية، وكان له حساب مصرفي مشترك مع مسؤولين آخرين، في إطار ما وصفته وزارة الخزانة بـ"خطة منظمة للالتفاف على النظام المالي".
وفي الموازاة، كشفت وزارة الخزانة عن شبكة دولية معقدة لتهريب النفط الإيراني، على رأسها رجل الأعمال العراقي البريطاني سليم أحمد سعيد، الذي استخدم منذ عام 2020 شركات متعددة الواجهات في الإمارات والمملكة المتحدة والعراق لتسويق النفط الإيراني تحت غطاء أنه نفط عراقي، لجأ سعيد إلى عمليات خلط ممنهجة بين النفطين الإيراني والعراقي، مستخدمًا وثائق مزورة وعمليات نقل من سفينة إلى سفينة، واستفاد من تسهيلات قدمها مسؤولون عراقيون متواطئون تلقوا رشاوى بملايين الدولارات، من بين أبرز شركاته المصنفة، شركة "VS Tankers FZE" و"VS Oil Terminal FZE" و"Rhine Shipping" و"VS Petroleum DMCC"، إضافة إلى شركتين بريطانيتين هما "The Willett Hotel Limited" و"Robinbest Limited".
كما تبيّن أن سعيد استخدم هذه الشبكات لتهريب العملة الصعبة إلى إيران براً عبر سيارات وشاحنات محمّلة بملايين الدولارات، لتُستخدم كدفعات مباشرة مقابل شحنات النفط، وهو ما يعد خرقًا مباشرًا لنظام العقوبات الأمريكي والدولي.
وتطرقت العقوبات أيضًا إلى الناقلات والسفن التي تُشكل ما يُعرف بـ"أسطول الظل" الإيراني، الذي يعتمد عليه النظام في تصدير النفط سرًا إلى الأسواق الآسيوية، ومن بين السفن التي خضعت للعقوبات ناقلة "فيزوري" التي ترفع علم الكاميرون، و"فوتيس" و"ثيميس" اللتان ترفعان علم جزر القمر وبنما على التوالي، وناقلة "بيانكا جويسيل" التي نقلت وحدها أكثر من عشرة ملايين برميل منذ منتصف عام 2024، وتدير هذه السفن شركات واجهة مثل "إيجير للشحن" و"فوتيس لاينز إنكوربوريتد" و"ثيميس المحدودة"، التي تم إدراجها بدورها ضمن العقوبات لارتباطها بقطاع النفط الإيراني.
وقد عملت شركة "Trans Arctic Global" التي تتخذ من سنغافورة مقرًا لها، كجهة تنسيق لعبور ناقلات النفط الإيرانية عبر مضيق ملقا، ممهّدةً الطريق أمام عمليات نقل النفط من سفينة إلى أخرى في المياه الإقليمية قبالة سنغافورة.
ويرى المراقبون أن هذه الحزمة المتقدمة من العقوبات تمثل تصعيدًا نوعيًا في سياسة الضغط القصوى التي تتبعها الإدارة الأمريكية ضد إيران ووكلائها في المنطقة، خاصة حزب الله، كما أن التزام وزارة الخزانة الأمريكية بتجفيف مصادر التمويل، سواء عبر التهريب النفطي أو القنوات المصرفية المحلية في لبنان، يشير إلى إصرار واضح على عدم ترك أي منفذ مالي لهذه الجماعات، ويعتقد كثير من المحللين أن العقوبات لم تعد تُصمم فقط لردع الأنشطة الحالية، بل لإحباط أي محاولة لإعادة بناء البنية التحتية المالية لحزب الله وفيلق القدس مستقبلًا، في الوقت نفسه تشكّل هذه العقوبات رسالة مباشرة إلى الحكومة اللبنانية الجديدة بضرورة فك الارتباط مع المؤسسات المالية التابعة لحزب الله أو المتواطئة معه، خاصة في ظل استمرار الانهيار الاقتصادي في البلاد، والذي يتغذى جزئيًا من هذه الأنشطة المشبوهة.
وإذا كان من دلالة لهذه الإجراءات، فهي أن واشنطن ماضية في توسيع نطاق استهدافها لشبكات الدعم المالي التي تربط بين طهران وبيروت وبغداد، وأنها لم تعد تكتفي بتجفيف منابع التمويل الظاهرة، بل تستهدف البنية العميقة للشبكات التي تستفيد من ثغرات القانون، ومن الفساد الرسمي، ومن ضعف الرقابة، لتواصل تمويل الإرهاب وزعزعة الاستقرار الإقليمي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة أنباء براثا
منذ 25 دقائق
- وكالة أنباء براثا
عضو تحالف الأنبار المتحد، محمد الدليمي: السفير الكويتي يعقد صفقات سرية مع نواب لدفعهم نحو تمرير اتفاقية خور عبدالله
حذر عضو تحالف الأنبار المتحد، محمد الدليمي، اليوم الاثنين، من تحركات وصَفها بـ'المريبة' للسفير الكويتي في بغداد، بعد الكشف عن إجرائه اتصالات سرية مع أكثر من 70 نائبًا وشخصية سياسية بهدف إغرائهم بالأموال والمنافع للتصويت على اتفاقية خور عبد الله بصيغتها الحالية. وقال الدليمي في تصريح ل /المعلومة/، إن "السفير الكويتي أجرى اتصالات غير معلنة مع نواب وشخصيات سياسية نافذة، في محاولة لجعل العراق أسيرًا بيد الحكومة الكويتية والتحكم باقتصاده، عبر تمرير صيغة اتفاق خور عبد الله التي تسعى الكويت لفرضها". وأضاف أن "السفير عرض على النواب والشخصيات السياسية مبالغ تتجاوز مليوني دولار لكل منهم، إلى جانب سيارات كاديلاك 2025 وامتيازات أخرى لم يُكشف عن تفاصيلها حتى الآن، مقابل الموافقة والتوقيع على تمرير الاتفاقية". وأشار الدليمي إلى أن "الكويت سبق وأن قدمت رشى لمسؤولين كبار في الحكومة العراقية لتسهيل تمرير خور عبد الله، إلا أن محاولاتها اصطدمت برفض المحكمة الاتحادية، وهي اليوم تحاول تكرار المساعي بوجوه جديدة ونواب جدد". وختم بالقول إن "التحركات الكويتية باتت مكشوفة، وعلى الجهات الرقابية والقضائية متابعة هذا الملف الخطير حفاظًا على سيادة العراق ومصالحه الوطنية"


شفق نيوز
منذ 2 ساعات
- شفق نيوز
"البيتكوين" تقفز الى مستوى تاريخي جديد
شفق نيوز- متابعة ارتفعت عملة "البيتكوين"، يوم الاثنين، إلى مستوى تاريخي حيث تجاوزت مستوى 121 ألف دولار. وتسارعت وتيرة نمو عملة "البيتكوين" متجاوزة حاجز 121 ألف دولار، ووصلت إلى 121014.73 دولارا بزيادة نسبتها 2.82%. وفي 9 يوليو/ تموز الجاري، صعدت عملة "البيتكوين" إلى 111.999 ألف دولار مسجلة مستوى تاريخيا، بعد تداولها لمدة شهر ونصف في نطاق 100 - 110 آلاف دولار.


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 3 ساعات
- وكالة الصحافة المستقلة
قفزة صاروخية لبتكوين.. صعود تاريخي يربك الأسواق العالمية
المستقلة/-قفزة صاروخية لبتكوين.. صعود تاريخي يربك الأسواق العالمية قفزت عملة بتكوين إلى أعلى مستوى في تاريخها، متجاوزة حاجز 120 ألف دولار للمرة الأولى، وسط موجة صعود قياسية تدعمها تدفقات مالية ضخمة إلى صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) وتفاؤل متزايد بشأن مستقبل الأصول الرقمية. ووفقاً لبيانات Coin Metrics، فقد بلغت بتكوين ذروتها المؤقتة عند 121,249.90 دولارًا صباح اليوم، ما يمثل ارتفاعاً تاريخياً غير مسبوق في قيمتها السوقية، لتواصل بذلك سلسلة مكاسبها التي بدأت منذ بداية العام 2025. ويأتي هذا الارتفاع وسط تدفقات استثمارية قياسية، حيث سجّلت صناديق ETF المرتبطة بعملة بتكوين ما قيمته 1.18 مليار دولار يوم الخميس الماضي فقط، في أقوى أداء أسبوعي لها منذ أكثر من عام. ويُعزى هذا الزخم إلى إقبال مؤسسي متزايد على الاستثمار في العملات المشفرة، مع توقعات بأن تكون بتكوين أصلًا استراتيجياً في المحافظ العالمية. تابع وكالة الصحافة المستقلة على الفيسبوك .. اضغط هنا في السياق ذاته، يبدأ مجلس النواب الأميركي اليوم مناقشة مجموعة من مشاريع القوانين الهادفة إلى تنظيم صناعة الأصول الرقمية، وهي خطوة طال انتظارها من قبل كبرى الشركات التقنية والمؤسسات المالية، وسط مطالب متزايدة بإطار تنظيمي واضح يدعم الابتكار ويحمي المستثمرين. ويشير محللون إلى أن هذا الارتفاع القوي قد يكون مدفوعًا أيضًا بتحولات في السياسة النقدية العالمية، مع تزايد الرهانات على خفض أسعار الفائدة الأميركية خلال الربع الأخير من العام، وهو ما يعزز شهية المستثمرين تجاه الأصول عالية المخاطر مثل العملات المشفرة. وتجدر الإشارة إلى أن بتكوين كانت قد بدأت عام 2025 عند مستويات قريبة من 44 ألف دولار، مما يعني أنها تضاعفت تقريبًا خلال سبعة أشهر فقط، في أداء يفوق معظم الأسواق المالية الأخرى. ويرى خبراء أن استمرار تدفقات رؤوس الأموال المؤسسية، إلى جانب وضوح التشريعات، قد يدفع العملة نحو مستويات قياسية جديدة، وربما يفتح الطريق أمام موجة صعود تشمل السوق بأكمله، خاصة مع استمرار نمو إيثيريوم وظهور عملات جديدة تعتمد تقنيات أكثر كفاءة.