
مجلة أمريكية: الهجمات الإسرائيلية- الأمريكية منحت فرصة جديدة لإيران
وتابع المقال أنّه: "بدلا من الانهيار تحت وطأة الصدمة، يبدو أن الجمهورية الإسلامية قد استعادت حيويتها"، مردفا: "من غير المرجح أن يصبح المجتمع الإيراني أكثر تشددا ردا على الضربات. وللحفاظ على الاستقرار الداخلي، قد تتسامح الحكومة مع المزيد من الحريات الاجتماعية".
وأضاف: "قد يكون الإيرانيون أكثر استعدادا لقبول الدولة كما هي. يمكن للبلاد الآن أن يكون لها عقد اجتماعي جديد، عقد يُعلي من شأن الأمن القومي فوق كل اعتبار"، مستطردا: "مع ذلك، لا تزال استراتيجية الأمن القومي الإيراني على حالها إلى حد كبير. قد تكون الجمهورية الإسلامية أضعف في بعض النواحي، لكن قادتها فخورون بصمودهم في وجه الهجمات الإسرائيلية والأمريكية".
"يرون في الأضرار الجسيمة التي ألحقوها بمدن إسرائيل إنجازا كبيرا. ولا يزالون يعتقدون أن إظهار العزيمة في وجه العدوان هو السبيل الوحيد لردع خصومهم. وهكذا، سيشرع القادة الإيرانيون في إعادة بناء شبكة وكلائهم في البلاد: ما يسمى بمحور المقاومة. ستتراجع ثقتهم بالدبلوماسية أكثر من ذي قبل. وبدلا من ذلك، سيمهدون الطريق لحرب استنزاف طويلة مع إسرائيل، وربما لاختراق نووي" وفقا للمقال نفسه.
واسترسل: "في الأسابيع التي سبقت هجوم إسرائيل على إيران، بدا وكأن طهران وواشنطن قد تتوصلان إلى حل سلمي لنزاعهما حول البرنامج النووي الإيراني. لأول مرة منذ التخلي عن خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2018، أشار فريق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى استعداده لقبول ترتيب يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم حتى 3.67%، وهو المستوى الذي وافقت عليه الولايات المتحدة بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، بدلا من عدم التخصيب على الإطلاق".
من جانبها، كانت طهران منفتحة مرة أخرى على التحدث مباشرة مع المسؤولين الأمريكيين، بدلا من التحدث حصريا من خلال وسطاء. واعتقد بعض المحللين أن اتفاقا نوويا جديدا قد يكون وشيكا.
إلى ذلك، أبرز المقال: "لكن مع تقدم المفاوضات، بدأت إدارة ترامب في التراجع عن مرونتها الأولية، متذبذبة بين المطالبة بعدم التخصيب تماما والتفكيك الكامل للبنية التحتية النووية الإيرانية. في غضون ذلك، عملت إسرائيل بشكل مطرد على محاولة تفكيك حزب الله، وتمزيق حماس، وتدمير بعض الدفاعات الجوية الإيرانية".
واسترسل: "ازدادت الجمهورية الإسلامية ضعفا في كانون الأول/ ديسمبر، عندما أطاح الثوار بالرئيس السوري، بشار الأسد، حليف إيران المخلص. في النهاية، ساد شعور بالاستسلام في طهران: إذ أصبح العديد من المسؤولين والمحللين على حد سواء يعتقدون أن إسرائيل أو الولايات المتحدة أو كليهما ستهاجم، سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا".
ومضى بالقول: "تمسك المسؤولون الإيرانيون بطاولة المفاوضات، على أمل تجنب أي هجوم، مع سعيهم في الوقت نفسه إلى تعزيز دعمهم الداخلي؛ ليس من الواضح إلى أي مدى ساعدت هذه الخطوات الحكومة عند سقوط القنابل الإسرائيلية الأولى. في البداية، افترض العديد من الإيرانيين أن الصراع سيكون مواجهة قصيرة بين حكومتين، ومن غير المرجح أن تؤثر عليهم".
وأبرز: "لكن مع تكثيف الضربات، واستهدافها للبنية التحتية وقتلها للمواطنين العاديين، بدأ العديد من الإيرانيين يستنتجون أن الهجمات لم تكن مجرد حرب ضد النظام، بل حربا ضد الأمة نفسها. تفاقمت هذه المشاعر بعد أن حثّ ترامب والمسؤولون الإسرائيليون سكان طهران على إخلاء منازلهم. قالت إحدى سكان طهران للصحيفة: حان الوقت الآن لإظهار التضامن مع إيران. يقول ترامب ونتنياهو 'أخلوا' وكأنهم يهتمون بسلامتنا. كيف يمكن لمدينة يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة أن تُخلى؟ أنا وزوجي لن نمهد لهم الطريق. فليقتلونا".
"بينما صدت الجمهورية الإسلامية هجوم إسرائيل وردت بصواريخ بالستية من جانبها، لاقى رد النظام ترحيبا من الكُتّاب والفنانين والمغنين الإيرانيين. وشبّه المعلقون الإيرانيون من مختلف الأطياف السياسية الهجوم الإسرائيلي بغزو ألمانيا النازية للاتحاد السوفيتي عام 1941، واصفين الصراع بأنه حرب وطنية إيرانية: نضال وطني يتجاوز السياسة. حتى أن بعض المعارضين القدامى والسجناء السياسيين السابقين انضموا إلى الاحتجاجات" وفقا للمقال نفسه.
وأورد: "من المرجح أن تستغل الحكومة الإيرانية هذه الهدنة لتسريع وتيرة تسليحها استعدادا لصراع طويل الأمد.. وبدأ الخطباء الموالون للحكومة في جميع أنحاء البلاد، فجأة، بدمج الأغاني الوطنية الأيقونية التي تعود إلى ما قبل الثورة في الطقوس الدينية الشيعية. وبالمثل، تستحضر وسائل الإعلام الحكومية ومسؤولو البلديات أساطير فارسية قديمة في رسائلهم، رابطين شخصيات أسطورية بقادة الحرس الثوري الإيراني الذين قُتلوا".
وتابع: "يعتقد بعض الإيرانيين أنه لضمان استمرار التماسك الاجتماعي الحالي في المستقبل، سيتخذ كبار المسؤولين خطوات نحو الاعتدال. فالحكومة، في نهاية المطاف، أقرت بدعم الإيرانيين الذين عارضوا النظام تاريخيا، واعترفت ضمنيا بأخطاء الماضي، ووعدت بمعاملة أفضل للشعب".
وبحسب المقال فإنّ: "المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون، بطبيعة الحال، يركزون على ما إذا كانت طهران تُشكل تهديدا لهم. فيما يرى الحرس الثوري الإيراني الوضع بشكل مختلف. يعتقد قادته أنّ استراتيجية في الدفاع الأمامي للبلاد، ومحاربة الخصوم عبر شن حرب غير متكافئة بالقرب من حدودهم أو داخلها بدلا من الأراضي الإيرانية، قد أثبتت جدواها".
وأردف: "نجح هذا النهج في ردع إسرائيل والولايات المتحدة عن شن هجمات لسنوات، وبالتالي منح طهران وقتا حاسما لبناء البنية التحتية الصناعية والخبرة التقنية والمرونة المؤسسية التي يمكنها الآن استخدامها لإعادة بناء برامجها النووية والصاروخية الباليستية بسرعة، حتى بعد القصف".
ولفت إلى أنّه: "لطالما جادل قادة الحرس الثوري الإيراني لسنوات بضرورة نقل المعركة إلى الخارج لحماية الأمة، زاعمين، على سبيل المثال، أن الفشل في دعم الأسد في دمشق سيؤدي لضربات في طهران. وثبتت صحّة هذا الزعم إلى حد ما. فقد صمّمت إيران وضعها الإقليمي لإنشاء طبقات دفاعية متمثلة في شركائها المختلفين".
وتابع: "ترى طهران فرصا. فقد أجّجت الحرب في غزة غضبا واسع النطاق تجاه إسرائيل في جميع أنحاء المنطقة، ما دفع بالمطالبة من القاعدة إلى القمة بتجديد المقاومة ضد عدو الجمهورية الإسلامية. في الواقع، أكسب صمود إيران وضرباتها الصاروخية على الأراضي الإسرائيلية إعجاب العديد من الشعوب العربية".
وأردف: "في غضون ذلك، تُبدي طهران تشككا أكبر في الدبلوماسية من أي وقت مضى. فقد أضعفت صدمة الهجمات، التي شملت اغتيال قادة كبار في الحرس الثوري الإيراني ومحاولة فاشلة لاغتيال علي شمخاني، المفاوض النووي الرئيسي، أي مصداقية كانت تتمتع بها الضمانات الأمريكية".
"لا يبدو أن إيران تُسارع نحو امتلاك القنبلة. كما أن إيران لا ترى في الأسلحة النووية بديلا عن جيش تقليدي قوي. فهي دولة كبيرة ذات حدود مع العديد من الدول المجاورة غير المستقرة. وهي متورطة في نزاعات إقليمية متداخلة حول حقول النفط والموارد المائية والحدود البحرية. وتتفاقم هذه التحديات الخارجية بسبب نقاط الضعف الداخلية لإيران" أبرز المقال ذاته.
واسترسل: "بدلا من الاندفاع نحو امتلاك قنبلة نووية، من المرجح أن تواصل طهران سعيها وراء الغموض النووي، بتعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وسيؤدي ذلك أيضا للضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية للضغط ضد أي هجمات مستقبلية على إيران، حيث لا تستطيع الوكالة استئناف عمليات التفتيش إلا إذا لم تعد المواقع النووية الإيرانية مُهددة".
واستدرك: "تعتقد طهران أن هذا النهج، الذي يُخفي نشاطها في التخصيب، سيمنحها مرونة أكبر للمضي قدما في برنامجها دون سابق إنذار. وترى في هذا التعليق جزاء عادلا للوكالة الدولية للطاقة الذرية: إذ يشعر المسؤولون الإيرانيون بالغضب لعدم إدانة الوكالة للهجمات الإسرائيلية والأمريكية، رغم أن إيران طرف في معاهدة حظر الانتشار النووي، والتي تضمن لأعضائها الاستخدام السلمي للطاقة النووية".
واختتم المقال بالقول: "ما إذا كانت إيران ستحصل على الرادع النهائي أم لا، ومتى ستحصل عليه؟ سيبقى سؤالا مفتوحا لكن الواضح هو أن إيران غير مُستسلمة، ومن غير المرجح أن تتصرف بشكل مختلف عما كانت عليه سابقا. هذا يعني أن إسرائيل قد تُقرر شن هجوم جديد. وقد ترد إيران بسرعة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة خبر
منذ 18 ساعات
- وكالة خبر
ترامب سيُصدر إعلانًا مهمًا بشأن روسيا الإثنين المقبل
أفادت قناة "إن بي سي نيوز" التلفزيونية، بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعد بالإدلاء بتصريح وصفه بغاية الجدية بشأن روسيا الإثنين المقبل الموافق 14 يوليو الجاري. وقال ترامب خلال مقابلة مع القناة الأمريكية، ليلة أمس الخميس: "أعتقد أني سأصدر إعلانا هاما حول روسيا في يوم الاثنين المقبل". وخلال المقابلة، رفض ترامب تقديم أي تفاصيل إضافية حول محتوى تصريحه المقبل، مضيفًا: "أشعر بخيبة أمل تجاه روسيا. دعونا نرى ما سيحدث في الأسبوعين المقبلين". في وقت سابق، كشفت صحيفة "التلغراف" البريطانية أن ترامب يخطط لاستخدام وزير الخزانة سكوت بيسنت كسلاح سري ضد الاقتصاد الروسي. وفي سياق متصل، أفادت صحيفة "بوليتيكو" نقلا عن مصادر في البيت الأبيض والكونغرس بأن ترامب أعرب عن استعداده لدعم مشروع قانون جديد ثنائي الحزب لفرض عقوبات على روسيا، بشرط إجراء تعديلات على الوثيقة تمنح الرئيس صلاحيات أوسع في مجال السياسة الخارجية.


وكالة خبر
منذ 18 ساعات
- وكالة خبر
أميركا تحاول فرض نظامها على العالم
بطبيعته الشخصية وبشعاراته التي رافقت حملة عودته للبيت الأبيض بعد مغادرته أربع سنوات، يكشف الرئيس دونالد ترامب بوصلة السياسة الأميركية _الخارجية خاصة_ وترامب لا يمكنه للحظة أن ينسى بأن حركة «ماغا» هي التي أعادته للبيت الأبيض، وإن كان عبر الحزب الجمهوري، فهو رئيس وصل للمنصب، ليس فقط عبر لعبة العلاقات العامة الحزبية الداخلية، بل بقوة دفع حركة شعبية جعلت من شعار عنصري يعادل في جوهره وومعناه «أميركا فوق الجميع» وهو»Make America Great Again». وكلام ترامب علن سعيه الى نوبل للسلام، كذلك بأنه سيطفئ الحروب فور دخوله البيت الأبيض، يجب أن لا يخدع أحداً، فهو لا يقول هذا الكلام لأنه رجل سلام فعلاً، وهو في تفسير هذا يقول، بأنه يؤمن بسلام القوة، أي باستسلام الآخرين، وهو يضع نصب عينيه تحقيق شعار ماغا، الذي يرفعه انصاره ويطبعونه على قبعاتهم الحمراء، اللون الذي يحبه ترامب، وفي نظرة متأنية للشعار، نرى انه يعني بأن ترامب وانصاره يعتقدون بأن عظمة أميركا قد تراجعت، وأنهم يسعون لإعادتها، وهم بشعارهم الشعبوي هذا يذكروننا بشعار حركة الفاشي الإسرائيلي إيتمار بن غفير «العظمة اليهودية». ومن أجل إعادة العظمة لأميركا، لم يضيع ترامب وقته، وما ان دخل البيت الأبيض، حتى شرع في توزيع تهديداته التي إن دلت على شيء، فإنما تدل على رجل لا يقيم اي وزن للقانون الدولي، وإلا فبماذا يمكن تفسير اعلان رغبته في ضم كندا، أو السيطرة على قناة بنما، أو ضم جرينلاند الدانمركية الى بلاده؟ ثم تجاوز التهديد، بإطلاق حملة التعرفة الجمركية التي طالت معظم دول العالم، وبدأها بالحلفاء قبل الخصوم والاعداء، بما ادخل العالم بأسره في حالة من التوتر الاقتصادي، أثرت على معدل النمو المتوقع لهذا العام، والذي قدره صندوق النقد الدولي بنسبة 2.8% وهي نسبة اقل من النسب السابقة، حيث اعاد الصندوق ذلك الانخفاض لحملة الرسوم الجمركية الأميركية التي شنها ترامب على العالم. صحيح ان ترامب لا يعتبر بأن معيار القوة يقتصر على القوة العسكرية، ولكنه يعتمد على القوة الاقتصادية أيضاً، وربما هذا يعود الى طبيعته كتاجر، فهو ليس على شاكلة الرؤساء الأميركيين، بل هو دخل الحقل السياسي مستنداً لثروته المالية، فيما يتبعه ايلون ماسك على هذا النحو، وهو يدرك بأن القوة العسكرية الأميركية ما زالت هي القوة الأكبر في العالم، وإن كانت القوة النووية الروسية فقط تفوقها دون القوة العسكرية في مجالات أخرى، بينما في مجال التفوق الاقتصادي، فإن أميركا ما زالت اولاً لكن الصين باتت منافساً حقيقياً، مع معدل نمو سنوي لصالح الصين، لن يمر إلا أقل من عشر سنين وتكون الصين باتت أولاً، كذلك فإن اللجوء الى حسم المعركة على النظام الكوني، عبر الحرب العسكرية، سيواجه الرادع النووي، الذي يعني اغلاق الأفق سريعاً، وهذا يعني بأن حسم الصراع الكوني بين أميركا من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى، لا يكون إلا بالوكالة كما في حالة أوكرانيا، أو بشن الحرب الاقتصادية، كما يفعل ترامب، الذي سيواصل حربه الاقتصادية العالمية طوال فترة ولايته. ويخوض ترامب حربه الاقتصادية على ثلاث جبهات، أولها هي نسبة النمو، حيث ان تقديرات المراقبين بأن الاقتصاد الصيني بإنتاج سنوي يصل الى عشرين تريليون دولار، مقابل 30 تريليون دولار للاقتصاد الأميركي، وبنسبة نمو وصلت العام الماضي 5%، فإنه سيتجاوز بشكل مؤكد حجم الاقتصاد الأميركي خلال 10 سنوات، وفي هذا المجال، سارع ترامب لتحقيق أول وأهم إنجاز له خلال ولايته الحالية، وقبل مضي ستة شهور عليها، حين زار الخليج العربي، وعاد الى بلاده باستثمارات بلغت 5،1 تريليون دولار، اي بنسبة تزيد على 4% سنوياً لمدة اربع سنين هي مدة ولايته، يبقي بها الفجوة بين الاقتصاد الأميركي والصيني قائمة خلال تلك الفترة. أما الجبهة الثانية من التنافس الاقتصادي فتكمن في التبادل التجاري، حيث يشير ميزان التبادل التجاري بين اميركا وعشرات من دول العالم الى انه في صالح الدول الأخرى، وفي مقدمة هذه الدول الجارتان المكسيك وكندا، ثم الصين، ثم باقي دول العالم، وربما لهذا السبب، بدأ ترامب في اثارة مشكلة بلاده مع المهاجرين الذين يعتبرهم غير شرعيين، ويصل تعدادهم الى 10 ملايين انسان، ولهذه المشكلة علاقة بالمكسيك، حيث معظم هؤلاء هم مكسيكيون، يدخلون أميركا عبر الحدود البرية، كذلك بسبب التداخل التاريخي لنحو 3 ولايات أميركية كانت بالأصل مكسيكية، تم ضمها لأميركا بعد حروب القرن التاسع عشر بين الدولتين، واهم تلك الولايات هي كاليفورنيا التي شهدت احتجاجات صاخبة رداً على حملة ترامب ضد المهاجرين. وقد يعود السبب في ذلك، الى اعتماد الاقتصاد الأميركي في العقود الماضية على صناعة تكنولوجيا المعلومات، مقابل ان الاقتصاد الصيني يعتمد على انتاج السلع، استناداً للكثرة السكانية ورخص الأيدي العاملة، بحيث ان اميركا باتت تستورد معظم السلع التي يحتاجها المواطن الأميركي من الخارج، بما في ذلك السيارات، وقد ساعد انتهاء الحرب الباردة على فتح الأسواق العالمية على بعضها، وزوال الحدود التي كانت بين الدول والمعسكرات خلالها، بحيث بات العالم كله سوقاً مفتوحاً لبضائع كل الدول، تتنافس فيما بينها تنافساً يحسمه المستهلك، وقوانين التجارة العالمية، لكن ترامب تدخل بشكل قسري، على هذا الخط بفتح باب المزاد العلني للتعرفة الجمركية، وحين قوبل بالرد بالمثل، بدأ يعيد حساباته، فقام بتضييق نطاق الدائرة التي شملت الجميع، ليعيد التركيز على الصين. اما الجبهة الثالثة التي تؤثر على السيطرة الاقتصادية الأميركية على العالم، فهي اعتماد الدولار الأميركي كعملة تداول عالمي، تكفي الإشارة هنا الى ان ذلك يحقق سطوة أميركية مزدوجة، فهي من جهة كانت أداتها لفرض الحصار على الدول التي شقّت عصا الطاعة عليها، مثل إيران، فنزويلا، كوريا الشمالية، وحتى بعض الشركات والأشخاص، كذلك كانت وسيلتها للسطو من خلال تجميد أرصدة بعض الدول لديها، مثل الأرصدة الإيرانية، العراقية، والليبية، وغيرها، والأهم هو ما يدره عليها ذلك من أموال هائلة تتجاوز عشرات التريليونات من الدولارات سنويا، ولهذا فإن ترامب وجد نفسه مضطرا لأن يعلن مؤخراً عن حربه مع «بريكس» وهي المجموعة الاقتصادية التي تضم حالياً احدى عشرة دولة بمجموعها تمثل نصف البشرية واكثر من 40% من الاقتصاد العالمي، وذلك بمناسبة انعقاد قمتها السنوية في البرازيل قبل أيام، وللتأكيد على ان اعتماد الدولار كعملة تداول عالمي يعتبر العمود الفقري للنظام العالمي الاقتصادي الأميركي، هو ان ترامب هدد بفرض تعريفات جمركة بنسبة 100% على الدول التي تحاول تقويض الهيمنة الدولية للدولار. وجاء ذلك بعد ان حرصت اميركا على ان تجعل من روسيا خصمها الكوني تارة، ومن الصين تارة اخرى، ولعل اخطر ما تسعى اليه «بريكس» هو شطب الدولار من كونه عملة التداول فيما بينها، أولاً، ومن ثم بينها وبين دول العالم الأخرى تالياً، وقد كان رد فعل ترامب حاداً حين وصف «بريكس» بالمعادية لأميركا، وهدد بفرض رسوم إضافية على دولها تبلغ 10%، بل هدد بفرض تلك النسبة على أية دولة تتعامل مع «بريكس». مع كل هذا وبالعودة الى أن ترامب وأميركا في حرب من أجل الحفاظ على النظام العالمي الأميركي، ضد محاولة تجازوه الى نظام عالمي لا يرتكز على محور وحيد، ولا يعتمد على هيمنة الدولة الأميركية، فإنه مستعد لشن الحروب العسكرية، وقد كشفت شبكة سي إن إن الإخبارية الأميركية بعد حصولها على تسجيلات صوتية له في احد لقاءاته مع عدد من كبار المتبرعين لحملته الانتخابية عام 2024، على انه هدد بقصف موسكو وبكين، وكما سبق له في ولايته الأولى ان ارتدع عن مهاجمة كوريا الشمالية بسبب قوتها النووية، هو لا يفكر بتنفيذ تهديده المشار اليه، لكنه لم يتردد في مهاجمة إيران، خرقاً لكل القوانين الدولية، فقط لأنها لا تمتلك القنبلة النووية، وكما سبق لأميركا وان هاجمت العراق، بعد ان تيقنت من خلوه من أسلحة الدمار الشامل.


وكالة خبر
منذ 2 أيام
- وكالة خبر
«نوبل للسلام»، وما أدراكم ما «نوبل للسلام»!
كنت أخطّط لكتابة هذا المقال حول الحلول المقترحة بعد وقف إطلاق النار، وحول النقاش والمفاوضات الجارية، ليس بين «حماس» ودولة الاحتلال، وإنما بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو عن طبيعة هذه الحلول ومآلاتها، لكنني قررت تأجيل ذلك لأسباب تتعلّق بنقص المعلومات التي من دونها يصعب استقراء الوضع في مرحلة ما بعد الاتفاق، كما أن النقاشات والمفاوضات بينهما ما زالت مستمرة، ويبدو أنها لم تصل بعد إلى إعلان رسمي أميركي بالإطار الذي يكون فيه اتفاق غزّة مجرّد «بداية» «للحل» الأوسع على مستوى الإقليم كلّه، والأهم من ذلك كلّه سنرى فيما إذا كان هذا «الحل» على مستوى قطاع غزّة سيستثني منظمة التحرير الفلسطينية و»حماس» أم أن الحل يشتمل عليهما بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وكيف سيكون عليه موقفهما بعد أن تأكّد للجميع أن لا حلول عسكرية يمكن أن «تحل» أزمات نتنياهو، لا في غزّة، ولا في غيرها، وأن الذهاب إلى حلول «سياسية» أصبح إجبارياً بصرف النظر عمّا إذا كانت هذه الحلول مؤقّتة، أو انتقالية إلى حلول أوسع. نعود الآن إلى جائزة نوبل. سأبدأ بالقول، إن ترامب لا يُفترض به أن يكون سعيداً على وجه خاص «بالترشيح» الذي تبرّع به نتنياهو، لأن مثل هذا الترشيح بالذات سيعقّد الأمر أمام لجنة اختيار الجائزة مهما كانت درجة تسييسها، ومهما بلغت درجة التملّق السياسي عند اللجنة الخاصة بها، وهي تأتي من شخص مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية. من زاوية معيّنة فإنّ ترشيح نتنياهو هو سبب قوي لحجبها عن ترامب أكثر منه سبباً لمنحها. والمسألة قبل هذه المسخرة كلها أن ترامب وحتى تاريخه لم يفعل شيئاً واحداً له علاقة بأيّ سلام من أيّ نوعٍ كان، بل إن كل ما فعله ــ وهو في الواقع لم يفعل غيره ــ ليس سوى خلق حالة من الفوضى والتوتّر والتهديد والوعيد، ثم التراجع، ثم إعادة الكرّة نحو التهديد والوعيد، ثم التراجع، وهكذا دواليك. بل هو في الواقع، وبما يخصّ منطقة الشرق الأوسط عموماً، وبما يخصّ الحرب الإبادية الإجرامية على القطاع، وعلى كل الشعب الفلسطيني لم يكن إلّا شريكاً مباشراً بها، ويتحمّل هو وإدارته قسطاً كبيراً عن الجرائم والفظائع التي تمّ ارتكابها. وطالما أن مطلوباً للمحكمة الدولية يستطيع أن يرشّح شخصاً ـــ بصرف النظر عن منصبه ــ متهما على نطاق واسع من أوساط أميركية وعالمية بأنه مشارك مباشر في حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، وعلى الشعب اللبناني والعراقي والإيراني، ومتهمّا، أيضاً، بالمشاركة «المتبجّحة» بضرب منشآت دولة ذات سيادة في إيران واليمن بالصوت والصورة، وطالما أنه أعلن بالصوت والصورة وهدّد بـ»الجحيم» وبالموت والدمار فإن مجرد التفكير بحصوله على مثل هذه الجائزة هو حالة جنون، وحالة انحدار قيمي وأخلاقي، وعُهر سياسي ليس له مثيل. وبدلاً من كل هذا الإسفاف، وكل هذا الامتهان للأخلاق والأعراف والقيم، وكل هذا الاستخفاف بكل ما هو إنساني، وبدلاً من حفلات واحتفالات تقديس وترسيم القتل والإجرام والتوحُّش تعالوا إلى المباشرة الفلسطينية بترشيح من يستحقون الحصول على هذه الجائزة. لا أدّعي أنني أعرف متطلبات الترشيح بحذافيرها، لكن آلاف مؤلفة من الشخصيات الوطنية الفلسطينية، من أعضاء فاعلين في منظماتهم السياسية والاجتماعية، والفكرية والثقافية والأكاديمية، وعشرات ومئات من الناشطين يستطيعون جمع عشرات آلاف التواقيع التي تؤيّد مرشحينا لهذه الجائزة. وحتى تكون ترشيحاتنا بديلاً حقيقياً لترشيحات جوائز على القتل والبطش والإجرام تحت لافتات مزيّفة من «السلام» على الطريقة الصهيونية والأميركية، وحتى تكون ترشيحاتنا في صلب الهدف الحقيقي من هذه الجائزة بالرغم من كل العيوب السياسية التي شابت منحها، ولوّثت في بعض الحالات الفاقعة سمعتها، ودوافع منحها، فإن الترشيح الفلسطيني لها يجب ألا تشوبه أيّ شائبة من أيّ نوعٍ كان. المرشّح الأوّل لهذه الجائزة هو ــ كما أرى ــ الطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية الذي أثبت صلابةً وإصراراً على أداء واجبه الوطني والإنساني في ظروفٍ هي مستحيلة بكلّ مقاييسها، ليس في هذه الحرب العدوانية المجنونة على شعبنا، وعلى أهلنا في القطاع تحديداً، وإنّما في كل الظروف بالمطلق، وعلى مدى قرون من المعاناة الإنسانية. وأما المرشّحة الثانية لهذه الجائزة فهي الطبيبة الفلسطينية آلاء النجّار، التي تفوّقت في قدرتها على التحمُّل ما تعجز أن تتحمّله جبال راسيات. الطبيبة الأمّ، والزوجة، والإنسانة هي حالة إنسانية نادرة في التاريخ البشري كلّه، بحدود ما نعلم، وبحدود ما عبّر عنه آلاف الناس بالاستناد إلى ذاكرتهم وقراءاتهم ومعارفهم، بل وحتى البحث المباشر بُعيد فقدها لأفراد أسرتها وهي على رأس عملها. أيّ امرأة هذه، وأيّ طاقة تحمُّل، وأيّ إصرار وعزيمة وإيمان، وأيّ التزام وطني وإنساني هذا الذي سمعناه ورأيناه وتابعناه منها وعنها، بصوتها وصورتها؟ لم أكن لأتردّد لحظة واحدة، وأظنّ أن مئات الآلاف من الفلسطينيين، وربما الملايين، وعشرات الملايين في العالمين العربي والإسلامي، وربما أكثر منهم في بلدان أوروبا والعالم لن يتردّدوا بترشيح الإيطالية فرنشيسكا ألبانيز لهذه الجائزة كواحدة من أشجع نساء هذا العالم على قول الحقيقة كاملة، دون خوف أو وجل، ودون مواربة، وبشكل يثير أعلى درجات الإعجاب من كلّ إنسان، ومن كل شرفاء هذا العالم، ومن كل محبّي الحرّية والسلام فيه. لكن الأجدى بترشيح ألبانيز هي المنظمات الدولية، وممثلو المجتمع المدني في بلدها، وفي أوروبا، أيضاً، حتى لا نأخذ حقهم في ذلك، وحتى يبقى شرف الترشيح لهم أوّلاً، خصوصاً وأنها المقرّرة الأممية بشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية. نحن من خلال هذه الترشيحات ربما نساهم في إنقاذ هذه الجائزة من السقوط المدوّي المحتوم لها في حال إن مرّ وقُبل ترشيح ترامب لنيلها، ناهيكم عن الحال بنيلها. أظنّ أن الكثيرين من حملتها، وأُسرهم وأقاربهم ومعارفهم، وكل من يحيط بهم من كل الدوائر السياسية والأكاديمية والاجتماعية والثقافية سيتوجهون إلى الأكاديمية السويدية لثنيها عن قبول الترشيح، وأظنّهم سيلقون بالجائزة ويقذفونها في وجه الأكاديمية إن هي منحت ترامب هذه الجائزة، لأنّها في هذه الحالة تصبح مشوبةً بالكثير من الشوائب التي تتعدّى العيب السياسي، وتدخل في مساحة العار السياسي كذلك، وأيضاً.