logo
الأردن  وفلسطين : بين  الحكمة والتهور

الأردن وفلسطين : بين  الحكمة والتهور

الدستورمنذ 13 ساعات
في وقت تتصاعد فيه ألسنة النار في غزة، وتخنق المجاعة أطفالها، وتحتشد جثث الأبرياء تحت الركام، تتعالى الأصوات، بعضها غاضب بحق، وبعضها مدفوع بالعاطفة، وأخرى لا ترى الصورة كاملة. ومن بين تلك الأصوات، يتكرر سؤال يطرق آذان الأردنيين: «أين أنتم؟ ولماذا لا تتحركون؟».هذا السؤال لا يُخيفنا، لكن إجابته لا تُختصر بشعارات أو هتافات. فالأردن، منذ اللحظة الأولى للعدوان، لم يكن غائبًا. كان الصوت الأوضح في المحافل الدولية، يحمل همّ غزة، ويطالب المجتمع الدولي بكسر صمته، ويؤكد أن حماية الشعب الفلسطيني ليست ترفًا سياسيًا، بل واجب أخلاقي وقانوني. الملك عبد الله الثاني تحدث بوضوح من على منابر العالم، رافضًا جرائم الحرب، ومحذرًا من عواقب السكوت عنها. وزير الخارجية الأردني حمل الموقف الأردني إلى كل عاصمة ومؤتمر، مدافعًا عن الفلسطينيين دون مواربة أو تلوّن، فيما لجأت بعض الدول إلى صياغات حذرة، تكاد تساوي بين القاتل والضحية.الملكة رانيا، بدورها، اخترقت جدار التجاهل الدولي، وسلّطت الضوء على التواطؤ الإعلامي، وانتقدت علنًا الصمت الغربي الذي يغضّ الطرف عن المجازر. وعلى الأرض، لم يكتفِ الأردن بالكلمات، بل أرسل مستشفياته إلى غزة، وأنشأ جسرًا إنسانيًا لا ينقطع، بجهود طبية وإغاثية متواصلة، رغم الأخطار والتحديات.أما الشارع الأردني، فكان ـ كعادته ـ متقدمًا في نبضه الشعبي، فلم ينتظر دعوة أو حثًّا؛ خرج إلى الميادين، نظّم الفعاليات، قدّم التبرعات، وأثبت أن فلسطين تسكن قلبه لا شعاراته. ورغم كل هذا، لا تزال هناك منابر تُشكك، وأصوات تُزايد، وتتساءل: «لماذا لا يفتح الأردن جبهة عسكرية؟». وهنا لا بد من وقفة عقل. هل المطلوب قرار متهور؟ هل الحل في التصعيد العسكري المنفرد؟ وهل يُطلب من الأردن أن يدخل حربًا بلا ظهير، وبلا دعم، في مواجهة تحالفات تسند العدو سياسيًا وعسكريًا؟التاريخ يُعلّم، والتجربة تُرشد. الأردن خاض معركة الكرامة وانتصر، لكنه يدرك أن الحروب لا تُخاض بالعاطفة، بل بالحسابات. فالمغامرة في هذا الزمن ليست بطولة، بل مقامرة بمصير دولة وشعب، وقد يكون ثمنها تفتيت آخر خطوط الدفاع عن فلسطين نفسها.إن استقرار الأردن ليس ترفًا، بل ركيزة أساسية في ميزان الصراع. ومن يسعى لضرب استقراره، ولو عن غير قصد، فهو يقدّم خدمة مجانية للمحتل. المؤامرات اليوم لا تلبس دائمًا الزي العسكري، بل قد تأتي في منشور، أو دعوة مشبوهة، أو حملة تشكيك تُبث من الداخل لتضرب الثقة، وتُضعف المعنويات.وفي التاريخ دروس لا تُنسى: في غزوة مؤتة، انسحب خالد بن الوليد بالجيش حفاظًا على الأرواح، ولم يُعنّفه النبي صلى الله عليه وسلم، بل لقّبه بـ»سيف الله المسلول». فليس كل تراجع هزيمة، وليس كل تريث خيانة. أحيانًا، التمهّل هو أعلى مراتب الشجاعة.من يُهاجم الأردن اليوم، يتناسى أن المملكة هي الرئة التي لا تزال تتنفس منها فلسطين. يتناسى أن الأردن لم يتخلَّ يومًا، ولم يساوم، بل دفع من اقتصاده وموارده وأمنه الداخلي ليبقى إلى جوار الشعب الفلسطيني في كل نازلة.إن أسهل ما يمكن فعله هو توزيع التهم والنعوت من خلف الشاشات، لكن الأصعب ـ والأشرف ـ هو أن تبقى واقفًا، ثابتًا، قويًا، في وجه رياح الانهيار التي تعصف بالمنطقة. الأردن ليس تابعًا، ولا خائفًا، ولا متفرجًا. هو شريك في الموقف، وسند في المعركة، وحارسٌ للكرامة الفلسطينية، لا بالخطابة، بل بالفعل الصادق والحكمة البصيرة. فليتذكر الجميع: إن ضعف الأردن يعني ضعف فلسطين، وإن انكسر الجدار الأردني، فمَن سيحمي البوابة الأخيرة لفلسطين؟حفظ الله الأردن، شعبًا وجيشًا وقيادة، ودام سندًا لفلسطين في زمن قلّ فيه السند.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

العبادي يرأس وفدا للسفارة الفرنسية ويوجه رسالة إلى ماكرون
العبادي يرأس وفدا للسفارة الفرنسية ويوجه رسالة إلى ماكرون

عمون

timeمنذ 12 دقائق

  • عمون

العبادي يرأس وفدا للسفارة الفرنسية ويوجه رسالة إلى ماكرون

عمون - زار وفد من جمعية الشفافية الأردنية، برئاسة الدكتور ممدوح العبادي رئيس الجمعية، اليوم الاثنين، السفير الفرنسي في الأردن، بدار السفارة. وشكر العبادي والوفد المرافق له الجمهورية الفرنسية على مواقفها تجاه القضية الفلسطينية ودعمها المعلن، واعترافها المرتقب في الجمعية العمومية للأمم المتحدة بدولة فلسطين المستقلة. ووجه العبادي رسالة شكر إلى الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون قال فيها: فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون المحترم رئيس الجمهورية الفرنسية تحية طيبة وبعد، باسم جمعية الشفافية الأردنية، نتقدم إلى فخامتكم بجزيل الشكر وعظيم التقدير على موقفكم المشرف والمعلن تجاه القضية الفلسطينية، ودعمكم المرتقب للاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة في الجمعية العامة للأمم المتحدة. إن مواقفكم النبيلة تجاه حقوق الشعوب، وخاصة الشعب الفلسطيني الذي يواجه يوميا الاعتداءات والانتهاكات من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ليست غريبة على فرنسا بلد الثورة الفرنسية العظيمة، التي رفعت رايات الحرية والمساواة والأخوة وألهمت العالم بمبادئها وقيمها. نعبر لكم عن بالغ امتنانا، ونؤكد أن صوت فرنسا العادل له أثر كبير في الضمير الإنساني العالمي، وأن دعمكم للشعب الفلسطيني يعكس التزام فرنسا المستمر بمبادئ العدالة والحرية. تقبلوا فائق الاحترام والتقدير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الدكتور ممدوح العبادي رئيس جمعية الشفافية الأردنية المملكة الأردنية الهاشمية 2025/07/28

التربية تنعى الطالب عبدالله العلاونة بعد وفاته إثر حادث دهس
التربية تنعى الطالب عبدالله العلاونة بعد وفاته إثر حادث دهس

صراحة نيوز

timeمنذ 12 دقائق

  • صراحة نيوز

التربية تنعى الطالب عبدالله العلاونة بعد وفاته إثر حادث دهس

صراحة نيوز- ينعى وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة، والأمين العام للشؤون التعليمية الدكتور نواف العجارمة، والأمين العام للشؤون الإدارية والمالية الدكتورة سحر شخاترة، ومدير التربية والتعليم للواءي الطيبة والوسطية الدكتور رعد خصاونة، بمزيد من الحزن والأسى وفاة الطالب عبد الله صالح العلاونة، من طلبة الصف الرابع في مدرسة علي بن أبي طالب الأساسية للبنين. ويتقدمون بأحر مشاعر التعزية والمواساة إلى عائلة الفقيد، سائلين الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. وكان الطالب عبد الله صالح العلاونة قد انتقل إلى رحمة الله إثر حادث دهس تعرض له قبل عشرة أيام، ما أدى إلى دخوله في غيبوبة، حيث فارق الحياة بعد فترة من الألم. يُذكر أن عبد الله كان أحد مشجعي ولاعبي نادي الحسين – إربد، وكان يطمح لأن يصبح لاعبًا كبيرًا في المستقبل، بحسب ما ذكر ابن عمه.

تربية الأغوار الجنوبية تنهي اجتماعاتها لجميع العاملين في امتحانات الصف الحادي عشر 2025
تربية الأغوار الجنوبية تنهي اجتماعاتها لجميع العاملين في امتحانات الصف الحادي عشر 2025

جو 24

timeمنذ 17 دقائق

  • جو 24

تربية الأغوار الجنوبية تنهي اجتماعاتها لجميع العاملين في امتحانات الصف الحادي عشر 2025

جو 24 : أنهت تربية الأغوار الجنوبية اجتماعاتها لجميع العاملين على مختلف مسمياتهم الوظيفية في إدارة امتحانات الثانوية العامة للصف الأول الثانوي 2025/ المسار الأكاديمي، والتي ترأسها مدير التربية والتعليم للواء الأغوار الجنوبية الأستاذ عوده الضرابعة وبحضور مدير الشؤون التعليمية والفنية الأستاذ أسامة ومدير الشؤون الإدارية والمالية الدكتورة افتخار ورئيس قسم الرقابة الداخلية الأستاذة عيشة المعاقلة ورئيس قسم الامتحانات الأستاذ أمجد الشعار رحب الضرابعة بالحضور ، وشاكرا جهودهم في العملية التربوية والتعليمية وإنجاح سير الامتحانات لطلبة الثانوية العامة الامتحان العام 2025. وأكد الضرابعة على أهمية الالتزام التام بالتعليمات الناظمة للامتحان، وضرورة التحلي بأعلى درجات المسؤولية والمهنية في أداء المهام، بما يضمن سير الامتحانات بعدالة ونزاهة، ويوفر بيئة آمنة وهادئة للطلبة تمكنهم من تقديم أفضل ما لديهم. وأشار الضرابعة إلى تنظيم العمل في قاعات امتحان الثانوية العامة مؤكدا مهام وواجبات المراقبين وتعليمات سير الامتحانات خاصة فيما يتعلق بالمشتركين، منوها إلى ضرورة التأكد من ورقة الأسئلة بعد تسليمها للمشتركين مباشرة وضرورة استلامها حسب الأصول، مشددا على ضرورة التأكد من أسماء الطلبة حسب الكشف المرفق وتدقيقها. بدوره نوه المرادات على ضرورة توفير الراحة للمشتركين دون الإخلال بالتعليمات الناظمة لامتحانات الثانوية العامة وبذل كل الجهود لراحة أبناءنا الطلبة فيما يتعلق بتجهيز كل وسائل التي تصب في مصلحة الطلبة وإجراءات سير الامتحان. وتحدثت المحافظة عن العمل بروح الفريق الواحد ، وتفقد القاعات يوميا قبل بدء الامتحان من حيث توفير الإضاءة والتهوية المناسبة مع المحافظة على النظافة الشاملة. وتناول الشعار قراءة التعليمات الناظمة بالامتحانات والعمل بمضمونها ، والتأكيد على ختم دفاتر الإجابة وورقة الأسئلة وورقة القاريء الضوئي وتوقيعها حسب الأصول، وإرشاد العمل في تنظيم القاعات. ومتمنيا الضرابعة للطلبة الأعزاء التوفيق والنجاح والحصول على أعلى المعدلات والنتائج إن شاء الله. وتبدأ الامتحانات في يوم الخميس الموافق : 31 / 7 / 2025 م، وتنتهي في يوم الخميس الموافق: 7 / 8/ 2025م، فيما تبدأ الجلسة الأولى للامتحان في تمام الساعة العاشرة صباحاً. وفي ختام الاجتماع تم أداء القسم القانوني بشكل فردي. تابعو الأردن 24 على

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store