
حان الوقت لإعطاء دفعة أقوى لليورو وتحدي الدولار
كاتي مارتن
في خضم الضبابية التي خيّمت على الأسواق العالمية مع عودة دونالد ترامب لتولي رئاسة أمريكا، بدأ شكلٌ ما جديد يتبلور. وإذا ركّزتَ قليلاً، يمكنك بالكاد أن ترسم ملامح كيف يُمكن لأوروبا أن تُشكّل تحدياً لمركزية الدولار في النظام المالي العالمي، وكيف يُمكن أن تبدو عملية إصلاح أسواق سنداتها الحكومية المُفككة. لكن الجميع يعلم أنها ستكون عملية طويلة ومتعثرة، ومُزعجة أحياناً، فهذه أوروبا في نهاية المطاف.
ومسألة ما إذا كان ينبغي تعزيز اليورو وجعله أكثر ملاءمةً للاحتياطيات الرسمية العالمية هي من الأمور المحسومة، الآن فقط يأتي دور الكيفية. وقد يكون أحد الحلول المُحتملة هو عدم القيام بأي شيء، إذ يُمكن لمنطقة اليورو أن تستغل عيوبها لمصلحتها.
وبدلاً من طرح سند حكومي موحد ضخم مدعوم من كل عضو وتغذية الإنفاق في كل دولة من دول الاتحاد، فإنه يمكن للاتحاد الأوروبي أن يلتزم بما لديه بالفعل: مجموعة فضفاضة إلى حد ما من أسواق السندات الوطنية ذات الأحجام والنكهات المختلفة.
وبعض المستثمرين الكبار يحبون هذا التنوع، وقد يكون من الممكن تقديمه كميزة متاحة أمام المديرين المدعومين من الدول الذين يديرون حيازات نقدية ضخمة حول العالم، و«القوة» ستقوم ببعض العمل الشاق هنا. وهذا الرأي له مزاياه، لكن البيروقراطيين الأوروبيين بمختلف أصنافهم وفئاتهم، والمصرفيين داخل الاتحاد الأوروبي، يبذلون عموماً المزيد من الجهد في التفكير حول كيفية توحيد الجهود بشكل أفضل وإطلاق تحدٍّ لسوق سندات الحكومة الأمريكية الأكبر والأكثر سلاسة والأسرع حركة. ومن الواضح للغاية أن هذا نقاش حي بالفعل.
وكان مايكل كلاوس، السفير الألماني لدى الاتحاد الأوروبي، قال في فعالية لصحيفة فاينانشال تايمز ببرلين في وقت سابق من هذا الشهر: «لدينا هذا النقاش الدائم حول الاقتراض المشترك». وأضاف: «لم يمر اجتماع [لممثلي الحكومات لدى الاتحاد الأوروبي] أتذكره خلال الأشهر الـ12 الماضية أو نحو ذلك دون ذكر سندات اليورو أو طرح أفكار للاقتراض المشترك» في إشارة إلى أن هذا ليس مجرد رد على ترامب، بل هو نقاش أوسع حول كيفية تمويل الدفاع الأوروبي.
وفي نهاية المطاف، سيكون هذا قراراً سياسياً لكن تأييد أوروبا لاتخاذ هذه الخطوة يتزايد، بما في ذلك من جانب رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، التي كتبت هذا الشهر عن «اليورو العالمي». ويعتمد ذلك جزئياً، كما أوضحت لاغارد، على دور أوروبا المهم أصلاً في التجارة العالمية، وعلى استخدام اليورو كعملة فوترة وهو دور ينبغي أن تواصل أوروبا تعزيزه.
وغالباً ما يتم إغفال هذا الأمر، ولكنه بالغ الأهمية، إذ إن الدور الأكبر للدولار كعملة فوترة عالمية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحصته الضخمة من أصول الاحتياطي العالمية. وفي إحاطة إعلامية منذ أيام، قال ثيموس فيوتاكيس، محلل العملات في باركليز: «إنه ليس مجرد قرار إداري بتحويل أصول الاحتياطي بعيداً عن الدولار».
أو حتى «ليس الأمر مجرد صراخ: أنا غاضب من الرئيس ترامب، سأنتقم بشراء اليورو». وأشار إلى أن هذا الأمر يتبع «وصفة قديمة» لتوفير أموال الطوارئ والسيولة اللازمة لاستمرار تدفق التجارة في أوقات الأزمات. ومن المنطقي أن تؤدي زيادة التجارة باليورو خارج أوروبا إلى تعزيز الحجة لصالح زيادة احتياطيات اليورو.
ومن المهم أن نعود مرة أخرى إلى التساؤل: أين ستذهب هذه الاحتياطيات؟ وما قد يكون عليه أصل اليورو المهيمن؟ في هذا الصدد، لفت كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي، فيليب لين، مؤخراً الانتباه إلى إطار عمل السندات الحمراء/السندات الزرقاء الذي وُضع للمرة الأولى عام 2010. وهذا الإطار يتضمن قيام الدول الأعضاء في منطقة اليورو بتخصيص مصدر دخل واستخدامه لخدمة السندات الزرقاء المشتركة، والتي ستُستخدم عائداتها لشراء جزء كبير من السندات الوطنية الحمراء. ولم يكتب لهذه الفكرة الانطلاق عام 2010، بسبب نقص الدعم السياسي.
وفي ذلك الوقت، كان من الممكن تجاوز الفجوات بين تكاليف اقتراض الدول الأعضاء الأكثر أماناً في منطقة اليورو - ولا سيما ألمانيا، الدولة المرجعية والأساسية - وتكاليف اقتراض الدول الأضعف مثل إيطاليا، ناهيك عن الدول التي تعاني من أزمات ملاءة مالية حادة. وبالنظر إلى هذه الفروق، لماذا يتم قبول ألمانيا بتكاليف مرتفعة بشكل غير منطقي؟ كذلك، كان من الصعب بما فيه الكفاية إبقاء اليونان في منطقة اليورو دون إضافة طبقة أخرى من النزاعات المحتملة.
الآن اختفت فروق الأسعار تقريباً. كما أن البنية المالية لليورو أكثر متانة، ونظامه المصرفي أفضل تمويلاً. إضافة إلى ذلك، فقد تمت تسوية مجموعة متنوعة من الاختلالات. ويعني هذا أن التغييرات الهيكلية في تصميم سوق سندات منطقة اليورو ستعزز الطلب العالمي على الأصول الآمنة المقومة باليورو.
من جانبهم، يرى بعض المصرفيين أن الاتحاد المصرفي الأوروبي ليس مثالياً، وأن اتحاد أسواق رأس المال فيه فاشل، وأن قوانين الإعسار لا تزال غير متوافقة من دولة إلى أخرى، وأن الولايات المتحدة تعمل بطريقة أكثر بساطة. وكل هذا صحيح، لكن فكرة السندات الزرقاء - التي روّج لها أيضاً خبراء ماليون كبار مثل أوليفييه بلانشارد وأنخيل أوبيدي في ورقة بحثية لمعهد بيترسون - توفر على الأقل إمكانية منع الكمال من أن يكون عدواً للخير.
وقد لا تكون السندات الزرقاء هي الحل الأمثل في نهاية المطاف لكن، بطريقة أو بأخرى، يعد الوقت مناسباً للسياسيين الأوروبيين لاستغلال هذه الأوضاع. وينبغي الآن أن ينتقل النقاش من الغرق في مشكلة أوروبا التي لا تستطيع تحمل مسؤولياتها، إلى التوصل إلى الكيفية التي يمكن من خلالها إصلاح هذه المشكلة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 21 دقائق
- صحيفة الخليج
ماسك: مشروع قانون الضرائب سيدمر الوظائف وسيضر أمريكا
انتقد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، أحدث نسخة من مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي أعده الرئيس دونالد ترامب وينظره مجلس الشيوخ حاليا، واصفا القانون بأنه «مجنون ومدمّر تماما»، وذلك بعد أسابيع من تسوية خلاف بين الرجلين بسبب تعليقات رجل الأعمال على التشريع. وقال ماسك في منشور على إكس: «أحدث نسخة من مشروع القانون (المنظور أمام) مجلس الشيوخ ستدمر ملايين الوظائف في أمريكا وستسبب ضررا استراتيجيا هائلا لبلدنا!». ومضى يقول «إنه (مشروع القانون) يقدم مساعدات لصناعات عفا عليها الزمن بينما يلحق ضررا بالغا بصناعات المستقبل».


سكاي نيوز عربية
منذ 34 دقائق
- سكاي نيوز عربية
بعد حرب الـ12 يوما.. النووي الإيراني قيد "الحسابات الدقيقة"
وبينما توقف إطلاق النار رسميًا، لم تهدأ عاصفة الأسئلة: هل أخفت طهران مخزون اليورانيوم بعيدًا عن مرمى الغارات؟ وهل عادت الدبلوماسية لتأخذ مكان البارود؟ في هذا السياق، برزت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومسؤولين أميركيين بارزين لتعيد رسم خريطة الاحتمالات، ما بين العودة إلى طاولة التفاوض أو التجهيز لمواجهة جديدة. في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، نفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل قاطع أن تكون إيران قد خبأت مخزونها من اليورانيوم قبل الضربات. واعتبر أن القيام بمثل هذه الخطوة "صعب للغاية"، في إشارة إلى رقابة الأقمار الصناعية ، ونشاط أجهزة الاستخبارات الغربية، خصوصا في وقت كانت فيه المنطقة على شفير الحرب. تصريح ترامب يأتي ليقطع الطريق على اتهامات مفترضة بأن إيران ربما تكون قد استبقت الضربة بإخفاء كميات من المواد النووية، ما قد يعني استمرار طهران في امتلاك قدرات تهدد أمن المنطقة رغم الضربات. نفى ترامب أيضا تقارير تحدثت عن نية إدارته تقديم صفقة نووية مدنية لإيران بقيمة 30 مليار دولار لبناء مفاعل للطاقة النووية. ووصف هذه الأنباء بـ"الزائفة"، مضيفًا: "لم أقدم عرضا في هذا الشأن". لكنه في الوقت نفسه لم ينفِ وجود نقاش داخل إدارته حول تقديم حوافز اقتصادية مقابل وقف تخصيب اليورانيوم ، وهي صيغة تستعيد نماذج تفاوضية مشابهة من عهد أوباما، لكن بشروط أكثر صرامة. ستيف ويتكوف على الخط.. محادثات أميركية إيرانية قيد التحضير في تطور مفاجئ، كشفت شبكة "إن بي سي" الأميركية أن المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يستعد لعقد لقاءات مع مسؤولين إيرانيين خلال الأيام المقبلة، في محاولة لاستكشاف إمكانية التوصل إلى اتفاق يُجمّد التخصيب الإيراني مقابل تخفيف العقوبات. هذه الأنباء تعكس تحولًا من حالة الحرب إلى اختبار حقيقي لنوايا الطرفين، وتُظهر أن واشنطن لم تقطع خط العودة إلى المسار الدبلوماسي. الموقف الإيراني: عراقجي يعرض استئناف المفاوضات... دون تنازل من الجانب الإيراني، خرج وزير الخارجية عباس عراقجي بتصريح يحمل رسائل مزدوجة. فعلى منصة "إكس"، كتب أن "الإيرانيين ضحوا بدمائهم لا بشرفهم"، مؤكدًا رفض طهران للاستسلام. لكنه في الوقت ذاته أبدى "استعدادًا مبدئيًا" لاستئناف المفاوضات مع واشنطن، وهو ما يُفهم على أنه محاولة لحفظ ماء الوجه داخليًا، مع إبقاء الباب مفتوحًا أمام التسوية. إيران "أُصيبت في العمق"... لكن التهديد قائم أوضح مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق للشؤون السياسية والعسكرية مارك كيميت ، خلال حديثه إلى برنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية أن "الضربات ألحقت ضررا بالغا بالمرافق النووية الإيرانية، وأعادت البرنامج سنوات إلى الوراء"، لكنه حذر من أن "المعرفة والقدرات ما زالت بيد الإيرانيين"، ما يعني أن الخطر لم يُستأصل بعد. كيميت شدد على أن الولايات المتحدة وضعت خطًا أحمر واضحًا: لا تخصيب لليورانيوم، ولا حيازة لسلاح نووي. هل تصمد الدبلوماسية أمام "البرنامج الثلاثي" الإيراني؟ يشير كيميت إلى أن الأزمة النووية الإيرانية لا يمكن اختزالها في ملف التخصيب فقط، بل تتضمن أيضًا برنامج إيران الصاروخي وأذرعها الإقليمية. وفي هذا الإطار، يرى أن طهران تسعى إلى تجزئة الملفات الثلاثة لمقايضتها بشكل منفصل، بينما تصر واشنطن على مقاربة شاملة. هذا التباين في المنهجيات التفاوضية يهدد بانهيار أي حوار مرتقب ما لم تُضبط شروطه بوضوح منذ البداية. ويطرح كيميت تساؤلا جوهريا: من سيحسم القرار في طهران؟ البراغماتيون الذين قد يرون في صفقة نووية مدنية ومساعدات اقتصادية فرصة لانتشال البلاد من أزمتها، أم العقائديون الذين يعتبرون التخلي عن التخصيب "خيانة للمقاومة"؟ يشير كيميت إلى أن "العرض الأميركي مغرٍ"، لكنه يعتمد على من ستكون له الكلمة داخل النظام الإيراني. فالصراع بين التيارين – السياسي والآيديولوجي – قد يحدد مصير المفاوضات المقبلة. الضربة التالية: خيار مطروح أم مجرد ورقة ضغط؟ السؤال الذي يفرض نفسه اليوم هو: هل تكون الضربة التالية مجرد تهديد؟ أم أنها خيار حقيقي قيد الإعداد؟ كيميت يلمّح إلى أن الولايات المتحدة قد تشارك في ضرب مواقع نووية "يصعب تدميرها من قبل إسرائيل وحدها"، ما يعني أن واشنطن تحتفظ بخيار عسكري محدود لكنه مؤثر، في حال أظهرت طهران أي نية لاستئناف التخصيب لمستويات عالية. شروط أميركية جديدة: التفكيك، الرقابة، والتخزين من اللافت أن كيميت تحدث عن "مرونة أميركية" في تفاصيل التفاوض، مثل شروط تفكيك البرنامج، أو كيفية تخزين اليورانيوم. لكنه أكد أن "عصر التساهل انتهى"، وأن الحصول على سلاح نووي أو حتى الاقتراب منه لم يعد مسموحًا. هذا يوضح أن الولايات المتحدة مستعدة لتسويات تقنية محددة، لكن الإطار السياسي العام سيبقى صارمًا.


البيان
منذ 2 ساعات
- البيان
"الشيوخ الأمريكي" يقر مبدئياً مشروع قانون ترامب للضرائب
أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مبدئياً مشروع قانون الرئيس دونالد ترامب الشامل للضرائب والإنفاق، بعد تصويت إجرائي حاسم انتهى بأغلبية ضئيلة بلغت 51 صوتا مقابل 49. ويمهد هذا التصويت، الذي جرى في ساعة متأخرة أمس، الطريق لمناقشة التشريع الذي يهدف إلى تمديد التخفيضات الضريبية لعام 2017 وزيادة الإنفاق على الجيش وأمن الحدود. وجاءت الموافقة بعد مداولات جمهورية مكثفة لتأمين الأصوات اللازمة، وسط معارضة شديدة من الديمقراطيين الذين يعتبرون أن القانون يفيد الأثرياء على حساب البرامج الاجتماعية. وحذر محللون مستقلون من أن التشريع قد يضيف تريليونات الدولارات إلى الدين العام، فيما رحب الرئيس الأمريكي بالنتيجة، واصفا إياها بـ "الانتصار الكبير".