"الاستباق لا الارتجال": نهج الإصلاح من منظور البنك المركزي
هذا التحول ينعكس في ثلاثة محاور رئيسية: أولاً، في تبني مقاربة استباقية تعزز مناعة الاقتصاد أمام الصدمات؛ ثانياً، في تعزيز مرتكزات الاستقرار الكلي كمدخل للنمو المستدام؛ وثالثاً، في هيكلة أدوات السياسة المالية والنقدية ضمن منطق تكاملي طويل الأجل.
اقتصاديًا، يمكن رصد تطور النمو ليس كمجرد تحسن رقمي، بل كمؤشر على اتساع القاعدة الإنتاجية وتحول هيكل النمو نحو قطاعات أعلى إنتاجية وأكثر ارتباطًا بالطلب الخارجي. مساهمة الاستثمار (40%) والقطاع الخارجي (38%) في النمو خلال 2021-2024 تكشف أن قوى الدفع الجديدة أصبحت خارجة من قطاعات قابلة للتوسع، وهو ما يضع الاقتصاد على مسار نمو نوعي لا يعتمد فقط على حجم الاستهلاك المحلي أو الإنفاق العام كما في السابق. طبع هذا التحول يعكس أيضاً فعالية السياسات الهيكلية التي استهدفت تحفيز الإنتاجية وتنمية رأس المال البشري، وهي العناصر التي تُشكّل العمود الفقري لما يسمى بـ"الناتج المحتمل" الذي يُعدّ مقياسًا لقدرة الاقتصاد على النمو دون توليد تضخم مفرط.
من جهة أخرى، يوضح الأداء الخارجي مرونة واضحة: ارتفاع مساهمة الصادرات غير التقليدية في الناتج من 16.2% في 2016 إلى 20.9% في 2024، وتراجع فاتورة الطاقة إلى 7% من الناتج، وتحسن تحويلات العاملين (3.6 مليار دولار)، جميعها عناصر تعزز الاستقلالية النسبية للاقتصاد الأردني في بيئة تجارية وجيوسياسية مضطربة.
وفي السياق النقدي، فإن استقرار معدل التضخم (نحو 2%) والاحتياطات الأجنبية التي تغطي أكثر من 8 أشهر من الواردات، يؤكدان على صلابة الإطار النقدي وفعالية أدوات السياسة النقدية. كما أن تراجع الدولرة إلى 18.1% يعكس ثقة محلية متزايدة بالدينار، في وقت يُعد فيه الاستقرار النقدي نادراً في الاقتصادات الناشئة المحاطة بتوترات إقليمية.
أما القطاع المصرفي، فهو يشكل ركيزة أساسية في المعادلة. النمو في التسهيلات الائتمانية (أكثر من 7 مليارات دينار منذ 2020) والارتفاع في الودائع (47.7 مليار دينار) يدل على توسع في القدرات التمويلية وتكامل متزايد بين البنوك والاقتصاد الحقيقي. التقدم في التحول الرقمي المالي، ببلوغ المدفوعات الرقمية 146% من الناتج، يؤكد القطاع المصرفي حضوره المميز في المشهد الاقتصادي من حيث "الوصول، الكفاءة، والمرونة".
النقطة الأهم تكمن في أن البنك المركزي لم يعد مجرد جهة تنظيمية، بل أصبح شريكًا استراتيجيًا في تنفيذ الرؤية الوطنية، من خلال مبادرات متقدمة في الشمول المالي والرقمنة والسياسة النقدية المرنة.
إن ما طرحه محافظ البنك المركزي ليس مجرد عرض لإنجازات مالية أو نمو اقتصادي، بل تأكيد على أن الأردن بدأ فعلياً في الخروج من دوامة الهشاشة الاقتصادية المزمنة نحو اقتصاد أكثر اعتمادًا على الذات، وأكثر قدرة على التعامل مع المستقبل بكفاءة. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في ضمان الاستمرارية المؤسسية لهذا المسار، وتعميق الشراكة مع القطاع الخاص لتوليد فرص العمل والنمو المشترك، وهي عناصر لا تُبنى فقط بالأرقام، بل بثقافة اقتصادية جديدة تعي متطلبات المرحلة القادمة!.
"الرأي"

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جهينة نيوز
منذ ساعة واحدة
- جهينة نيوز
القضاة ولجنة الاقتصاد النيابية تزور مدينة الحسن الصناعية لتأكيد دعم الاستثمارات
تاريخ النشر : 2025-08-04 - 04:08 pm *أهمية تعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة إقليميا ودوليا *الاستجابة لمطالب المستثمرين ومعالجة الصعوبات قدر المستطاع *فرص تصديرية مهمة امام المنتجات الوطنية الى السوق الأمريكي وكافة البلدان اربد-- قام وزير الصناعة والتجارة والتموين المهندس يعرب القضاة ولجنة الاقتصاد في مجلس النواب وعدد من نواب محافظة اربد وممثلي كتل ولجان نيابية بزيارة اليوم الى مدينة الحسن الصناعية حيث التقوا بالمستثمرين في مصانع الألبسة وقطاعات مختلفة داخل المدينة الصناعية وذلك تأكيدا على دعم صناعات الألبسة وغيرها من الصناعات والاستماع الى مقترحاتهم ومطالبهم في إطار المتابعة المستمرة لعمل القطاع الصناعي بكافة مكوناته واهميته الاقتصادية من شتى المجالات. كما جاءت الزيارة تأكيدا على أهمية القطاع الصناعي وصناعة الألبسة في زيادة الصادرات الوطنية وتوفير فرص العمل. وأكد القضاة أن هذه الزيارة تعكس التعاون والشراكة الفاعلة التي تحرص عليها الحكومة مع مجلس النواب ومختلف القطاعات الاقتصادية وبالشكل الذي يخدم الاقتصاد الوطني والارتقاء بالأداء العام لتحفيز المشاريع الاستثمارية القائمة واستقطاب المزيد منها. وقال القضاة ان الزيارة اخذت العديد من الأبعاد بمشاركة أركان الدولة من حكومة ومجلس نواب وقطاع خاص ومؤسسات مجتمع مدني لأجل العمل على تعزيز الاستثمارات ومعالجة الصعوبات التي تواجهها وأضاف ان مدينة الحسن الصناعية تمثل قصة نجاح كبيرة وامتدت استثماراتها لباقي المحافظات وصادراتها بلغت العام المضي 1.2 مليار دولار مشير ا الى وجود العديد من الفرص أمام القطاع الصناعي لتعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة في المحيط الجغرافي وأبعد من ذلك بما يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. وبين أنه سيتم العمل على معالجة أي صعوبات وخاصة الاجرائية منها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة. وقال ان القطاع الصناعي موضع اعتزاز وتقدير وواجبنا تقديم الدعم الممكن للصناعة الوطنية. وأكد القضاة أهمية حصول الأردن على أدنى نسبة ارتفاع على الرسوم الجمركية للصناعات المتجهة الى السوق الأمريكي ما يعزز فرص التصدير الى هذا السوق وزيادة الجاذبية الاستثمارية للمملكة. وتحدث خلال اللقاء رئيس لجنة الاقتصاد النيابية النائب خالد أبو حسان وعدد من النواب عن التعاون ما بين مجلس النواب والحكومة لجهة تجويد التشريعات وتهيأتها بالشكل الذي يجعلها أكثر تحفيزا للاستثمارات المختلفة وتذليل العقبات والصعوبات وخاصة بما يتعلق بالأمور الإجرائية. وعرض ممثلو القطاع الصناعي والمستثمرين واقع الاستثمار داخل المدنية الصناعية والتحديات والصعوبات التي تواجههم. كما تحدث رئيس مجلس ادارة شركة المدن الصناعية الدكتور لؤي سحويل ومديرها العام عمر جويعد عن واقع الاستثمار في المدن الصناعية والاهتمام التي توليه شركة المدن الصناعية لكافة المشاريع الاستثمارية ومتابعة شؤون المستثمرين اولا بأول. وشملت الزيارة لقاءات مع المستثمرين في قطاع الألبسة واجتماع موسع مع المستثمرين داخل المدينة بحضور رئيس مجلس ادارة غرفة صناعة الأردن المهندس فتحي الجغبير ورئيس غرفة صناعة اربد هاني ابو حسان وممثلي المستثمرين. تابعو جهينة نيوز على


جهينة نيوز
منذ ساعة واحدة
- جهينة نيوز
إنتاج الهواتف الذكية في الصين يبلغ 563 مليون وحدة خلال النصف الأول من هذا العام
تاريخ النشر : 2025-08-04 - 01:15 pm أظهرت بيانات صادرة عن وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات مؤخرا أن حجم إنتاج الهواتف الذكية في الصين بلغ 563 مليون وحدة خلال النصف الأول من هذا العام، بزيادة 0.5 بالمائة على أساس سنوي. وذكرت البيانات أن القيمة المضافة لقطاع تصنيع المعلومات الإلكترونية خلال النصف الأول من العام الجاري ازدادت بنسبة 11.1 بالمائة على أساس سنوي، وكانت نسبة ارتفاعها أعلى بمقدار 4.7 و1.6 نقطة مئوية عن النسبتين المسجلتين للقطاع الصناعي وقطاع الصناعات التحويلية عالية التقنية خلال نفس الفترة على التوالي. ومن بين المنتجات الرئيسية، بلغ إنتاج معدات الحواسيب الصغيرة 166 مليون وحدة، بزيادة 5.6 بالمائة على أساس سنوي، حيث بلغ إنتاج الدوائر المتكاملة 239.5 مليار وحدة، بزيادة 8.7 بالمائة. وبالإضافة إلى ذلك، حققت قطاع تصنيع المعلومات الإلكترونية زيادة بقيمة تسليم الصادرات بنسبة 3.6 بالمائة على أساس سنوي خلال الفترة المذكورة، فيما بلغت الإيرادات التشغيلية المجمعة للشركات الكبرى في القطاع 8.04 تريليون يوان (حوالي 1.12 تريليون دولار أمريكي)، بزيادة 9.4 بالمائة على أساس سنوي، وبلغت أرباحها المجمعة 302.4 مليار يوان، بزيادة 3.5 بالمائة. المصدر: وكالة شينخوا تابعو جهينة نيوز على


الوكيل
منذ 4 ساعات
- الوكيل
لماذا منحت "تيسلا" إيلون ماسك أسهماً بقيمة 29 مليار...
الوكيل الإخباري- اضافة اعلان منحت شركة "تيسلا" 96 مليون سهم جديد بقيمة 29 مليار دولار تقريباً إلى الرئيس التنفيذي إيلون ماسك، في خطوة تهدف إلى إبقاء رجل الأعمال الملياردير على رأس القيادة خلال مرحلة تحول حاسمة من الأعمال الأساسية المتعثرة في قطاع السيارات إلى سيارات الأجرة الآلية والروبوتات الشبيهة بالبشر.ووصفت الشركة "المنحة المؤقتة"، وهي حوالي 96 مليون سهم جديد، بأنها خطوة أولى، ودفعة "حسنة نية" للوفاء بحزمة رواتب وامتيازات ماسك التي تجاوزت 50 مليار دولار من عام 2018، والتي ألغتها محكمة في ديلاوير العام الماضي.ويمكن لماسك الحصول على المكافأة الجديدة إذا استمر في منصبه التنفيذي الأعلى لمدة عامين آخرين، وإذا لم تقم محكمة بإعادة حزمة 2018 المطعون عليها حالياً.وسيكون عليه الاحتفاظ بالأسهم لمدة خمس سنوات، ويمكنه شراؤها بسعر 23.34 دولار للسهم، وهو نفس سعر الممارسة بمكافأة عام 2018.كما ستطرح تيسلا خطة تعويضات طويلة الأجل للرئيس التنفيذي للتصويت في اجتماعها السنوي للمستثمرين في السادس من نوفمبر.وتهدف هذه الخطوة لأن يبقى تركيز ماسك، الوجه الإعلامي لشركة تيسلا ومهندس استراتيجية سيارات الأجرة الآلية، على شركة صناعة السيارات الكهربائية في ظل تحولها من قطاع السيارات إلى سيارات الأجرة الإلكترونية والروبوتات.وتشير هذه الخطوة إلى أن مجلس الإدارة لا يزال يعتبره الأنسب لمواجهة تحديات تيسلا المتزايدة في السنوات القادمة.ووفقاً لحسابات رويترز المستندة إلى بيانات جمعتها مجموعة بورصات لندن، سترفع هذه المنحة الجديدة حصة ماسك في تيسلا، وهو أكبر مساهم فيها بالفعل، إلى أكثر من 15 بالمئة مقارنة بنحو 12.7 بالمئة حالياً.وقبل تحرك يوم الإثنين، لم يكن لماسك خطة تعويضات فعلية، وقالت تيسلا إنه لم يتلق أجراً كافياً منذ عام 2017.ومع توقع استمرار النزاع القانوني بشأن حزمة مكافآته عام 2018، أعلن مجلس الإدارة عن عزمه الاحتفاظ "بموهبة ماسك الاستثنائية".