الورقة اللبنانية في مهبّ الشروط: هل يفكك حزب الله سلاحه؟
لكن حجم التناقضات في المعطيات، التي تقترب حيناً من التفاؤل بإنجازها، والتشاؤم في أحيان أخرى، ترك انطباعاً بأن القرار النهائي ليس لدى اللجنة، وهو أبعد من أن يحسم بين أعضائها وحتى لدى الرؤساء، ما دام المعني المباشر أي "حزب الله" لم يعط جوابه، أو إن مقاربته لا تزال سلبية كما انعكست في الكلام الأخير للأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم.
إشارة إيران لم تأتِ
وعلى رغم الكم المقصود من المعلومات والمعطيات المطلوب توزيعها عن موقف "حزب الله"، يؤكد مصدر دبلوماسي أن المشكلة ليست في النص الذي سيتضمن التزاماً ببسط سيادة الدولة وحصرية السلاح وإن على مراحل، تطبيقاً لاتفاق الطائف والقرارات الدولية، إنما في الشرط الأميركي المزدوج الذي تبنته المجموعة الخماسية، والذي ينص على تبني الحكومة اللبنانية الورقة المعدة من اللجنة بعد مناقشتها، إضافة إلى إعلان قيادة "حزب الله" بصورة رسمية الموافقة على تسليم سلاحه ضمن مهلة لا تتخطى نهاية العام الحالي. ويكشف المصدر أن الأمور لا تزال عالقة عند هذه المسألة، وأن "حزب الله" ينتظر إشارة من إيران لم تأتِ بعد.
ويسري في لبنان منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، اتفاق لوقف إطلاق النار بعد نزاع امتد أكثر من عام بين إسرائيل و"حزب الله"، تحول إلى مواجهة مفتوحة اعتباراً من سبتمبر (أيلول). وعلى رغم ذلك، تشن الدولة العبرية باستمرار غارات في مناطق لبنانية عدة خصوصاً في الجنوب، تقول غالباً إنها تستهدف عناصر في الحزب أو مواقع له.
ونصّ وقف إطلاق النار على انسحاب "حزب الله" من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان) وتفكيك بناه العسكرية فيها، مقابل تعزيز انتشار الجيش وقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام (يونيفيل).
كذلك نص على انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق تقدمت إليها خلال الحرب، لكن إسرائيل أبقت على وجودها في خمسة مرتفعات استراتيجية، يطالبها لبنان بالانسحاب منها.
مواكبة عربية فرنسية
وسط الغموض في موقف "حزب الله"، وبانتظار حسم السلطة السياسية في لبنان أمرها، خصوصاً أنها تلقت أكثر من رسالة تفيد بأن عدم الالتزام بإعلان رسمي بجدول زمني بتسليم السلاح يعني أن الأمور ستتجه إلى مزيد من السخونة مع ارتفاع نسبة المواجهة العسكرية مجدداً، وأن لبنان سيترك لمصيره، لفتت حركة دبلوماسية ناشطة لتجنيب لبنان الأسوأ والضغط في اتجاه إعلان رسمي بسحب السلاح، تمثلت في زيارة مفاجئة للموفد السعودي مساعد وزير الخارجية يزيد بن فرحان، بقيت تفاصيلها بعيدة من الإعلام، واستنفار السفيرة الأميركية ليزا جونسون سفراء المجموعة الخماسية (أميركا وفرنسا وقطر والسعودية ومصر) إلى اجتماع عقد في مقر السفارة الأميركية هو الأول منذ أشهر طويلة.
وكشفت مصادر دبلوماسية لـ"اندبندنت عربية" أن المجموعة الخماسية ومن ضمنها فرنسا تبنت وجهة النظر الأميركية في الدفع باتجاه إعلان رسمي بتسليم السلاح والضغط لحصول ذلك، وذكرت المصادر أن اجتماع الخماسية كان مناسبة لتجديد التزام الدول المعنية بالملف اللبناني، وفرصة لتوحيد وجهات النظر حول مسألتي حصر السلاح بيد الدولة، والإصلاحات الاقتصادية.
وفي السياق نفسه أتت زيارة المبعوث الأميركي الخاص توم براك إلى باريس قبل بيروت. وكشفت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ"اندبندنت عربية" أن براك التقى وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في زيارة هدفت إلى تنسيق أميركي - فرنسي يكون إجمالاً في مصلحة لبنان. وذكرت المصادر أن الجانبين أعربا عن رغبتهما في العمل من أجل سيادة لبنان واستقراره وإعادة إعماره، وتطرقا في هذا السياق إلى دور آلية مراقبة وقف إطلاق النار وقوات الـ"يونيفيل" على بعد أسابيع من جلسة التجديد للقوات الدولية في مجلس الأمن وسط اعتراض إسرائيلي وأميركي.
وأكدت المصادر أن لقاء براك - بارو تطرق إلى الشأن السوري، وأن كلاً من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية أكدا عزمهما التعاون الوثيق مع السلطات الموقتة لتعزيز مكافحة تنظيم "داعش"، والعمل على التوصل إلى اتفاق بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية من أجل ضمان استقرار البلد.
مؤشرات ذات دلالات
وكان "حزب الله" استبق زيارة براك وواكب التحضيرات الرسمية اللبنانية للرد على الاقتراح الأميركي بسلسلة مؤشرات ذات دلالات معبرة صبت كلها في اتجاه سلبية موقفه على رغم دقة المرحلة، مع الإصرار على إتمام الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمسة قبل تسليم السلاح. ولعل كلام السفير المصري علاء موسى بعد اجتماعه برئيس الجمهورية جوزاف عون شكل أولى هذه المؤشرات، حين قال إن "هناك كثيراً من الأمور التفصيلية التي يجب معالجتها، وإن الدولة اللبنانية على دراية بهذه التفاصيل". وعبر الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم في سلسلة إطلالات ومواقف بمناسبة ذكرى عاشوراء بوضوح عن رفض تسليم السلاح حين ساوى الدولة بالعدو وقال "لن نسلم سلاحنا للعدو"، وعندما أكد أنه لن يقبل بالاستسلام، وأن "الدفاع عن الوطن لا يحتاج إلى إذن من أحد"، مضيفاً "عندما يطرح بديل جاد وفعال للدفاع، نحن جاهزون لأن نناقش كل التفاصيل".
الأمين العام لـ"حزب الله" أكد اليوم الأحد أيضاً، أن التهديدات الإسرائيلية لن تدفع حزبه إلى "الاستسلام" أو ترك السلاح، وقال قاسم خلال كلمة متلفزة بمناسبة إحياء ذكرى عاشوراء "هذا التهديد لا يجعلنا نقبل بالاستسلام، لا يقال لنا لينوا مواقفكم، بل يقال للعدوان توقف. لا يقال لنا اتركوا السلاح".
وطالب قاسم إسرائيل بأن "تنسحب من الأراضي المحتلة وتوقف عدوانها وطيرانها وتعيد الأسرى ويبدأ الإعمار" أولاً، وعندما يتحقق ذلك، "نحن حاضرون للمرحلة الثانية، لنناقش الأمن الوطني والاستراتيجية الدفاعية. حاضرون لكل شيء، ولدينا من المرونة بما يكفي من أجل أن نتراضى ونتوافق".
وعكست معلومات نقلتها وكالة "رويترز" لم ينفها الحزب، عن اتجاه لديه إلى عدم تسليم كل سلاحه ونيته الاحتفاظ بالسلاح المتوسط والخفيف والتخلي عن الصواريخ والطائرات المسيرة فحسب، وهو ما وصفته مصادر نيابية بأنه "تذاكٍ" على البيان الوزاري وما تعهده رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، معربة عن تخوفها من أن يكون السلاح الخفيف والمتوسط بهدف الاستمرار في إمساك القرار الداخلي، بعدما تكون قد انتفت الحاجة إلى مقاومة العدو. ولفت في هذا الإطار الاستعراض المسلح في بيروت لعناصر من "حزب الله" في مناسبة دينية، وعلق النائب عن العاصمة إبراهيم منيمنة على صفحته بموقع "إكس"، "إن رفع السلاح في أحياء بيروت، وهذا الاستعراض غير المبرر، هو رسالة تهدف للقول بالتمسك بالسلاح، وهو سلاح للبلطجة وترهيب الناس لإبقاء المدينة أسيرة للسلاح المتفلت".
دنيز رحمة فخري - إندبندنت عربية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 31 دقائق
- ليبانون 24
بعد ساعات من تنفيذه غارات استهدفت الحوثيين.. الجيش الإسرائيلي يرصد إطلاق صاروخين من اليمن
أكد الجيش الإسرائيلي صباح اليوم الإثنين رصد إطلاق صاروخين من اليمن، وذلك بعد ساعات من تنفيذه سلسلة غارات استهدفت بنى تحتية تابعة للحوثيين. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان نشر على " تلغرام": "جرت محاولات لاعتراض الصاروخين، العمل جار على مراجعة نتائج الاعتراض". وأضاف البيان أنه تم تفعيل صفارات الإنذار في مناطق عدة من إسرائيل. وكان الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد قال في وقت سابق من فجر الإثنين: "هاجمنا أهدافا تابعة للحوثيين في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومحطة كهرباء رأس كثيب". وشدد كاتس على أن "الحوثيين سيدفعون ثمنا باهظا". وتابع كاتس قائلا: "هاجمنا السفينة غالاكسي ليدر التي خطفها الحوثيون والتي يستخدمونها حاليا للقيام بأنشطة إرهابية في البحر الأحمر". وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن القوات الجوية"استخدمت قنابل قوية على موانئ الحديدة ومحطة الكهرباء في رأس كثيب بالمحافظة". وحسبما ذكرت مصادر " سكاي نيوز عربية" فقد تم رصد أكثر من 20 انفجارا في الحديدة نتيجة الضربات الإسرائيلية. وفي وقت سابق مساء أمس الأحد، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، إن الجيش أصدر تحذيرا بضرورة إخلاء ثلاثة موانئ يمنية، قائلا إنه سيقصف تلك المناطق نظرا "للأنشطة العسكرية التي تنفذ فيها". وأشار أدرعي في بيان إلى "إنذار عاجل إلى المتواجدين في موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف وإلى المتواجدين داخل محطة كهرباء الحديدة، سيشن جيش الدفاع في الوقت القريب غارات في هذه المناطق نظرا للأنشطة العسكرية التي تنفذ فيها".(سكاي نيوز)


ليبانون 24
منذ 31 دقائق
- ليبانون 24
هدنة غزة على رأس المباحثات.. ترامب يلتقي نتنياهو اليوم بالبيت الأبيض
يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، اليوم الاثنين، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، الذي تعد زيارته إلى البيت الأبيض الثالثة منذ عودة ترامب إلى السلطة قبل نحو ستة أشهر. وقد عبر نتنياهو عن اعتقاده بأن مناقشاته مع الرئيس الأميركي، اليوم، ستسهم في دفع محادثات تحرير المحتجزين ووقف إطلاق النار في غزة، فيما يتوقع ترامب أن من الممكن التوصل لاتفاق هذا الأسبوع. وقال نتنياهو أمس الأحد قبل أن يصعد طائرته متجها إلى واشنطن إن المفاوضين الإسرائيليين المشاركين في محادثات وقف إطلاق النار لديهم تعليمات واضحة بالتوصل إلى اتفاق بشروط قبلتها إسرائيل. وأضاف: "أعتقد أن النقاش مع الرئيس ترامب سيسهم بالتأكيد في تحقيق هذه النتائج"، وأكد أنه مصمم على ضمان عودة المحتجزين في غزة والقضاء على تهديد حركة حماس لإسرائيل. وعبر ترامب عن اعتقاده أن من الممكن التوصل لاتفاق لتحرير الرهائن ووقف إطلاق النار هذا الأسبوع، الأمر الذي قد يؤدي إلى إطلاق سراح "عدد لا بأس به من الرهائن"، بحسب تعبيره. وأضاف في تصريحات للصحافيين قبل العودة إلى واشنطن بعد قضاء عطلة نهاية الأسبوع في نيوجيرسي: "اعتقد أن ثمة فرصة جيدة لإبرام اتفاق مع حماس خلال الأسبوع".


تيار اورغ
منذ 34 دقائق
- تيار اورغ
الميادين: لبنان: قوات الاحتلال تتوغّل في كفركلا وتشنّ غارات على عدة مناطق
الميادين: قوة إسرائيلية تتوغل في كفركلا وتقوم بأعمال تجريف، بالتوازي مع غارات جوية على مناطق في جنوب لبنان والبقاع وتحركات على أطراف عيتا الشعب. أفادت مراسلة الميادين في جنوبي لبنان بأنّ قوةً إسرائيليةً توغلت في بلدة كفركلا الحدودية، بعمق وصل إلى نحو 400 متر، وتقوم حالياً بأعمال تجريف، وتقدمت تحت غطاء دبابات الاحتلال التي تؤمّن الحماية للعملية. وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" أن القوة الإسرائيلية، التي تضم جرافتين، اجتازت الجدار الفاصل والخط الأزرق في البلدة، قرب محطة شلهوب، قبالة بوابة فاطمة. إلى جانب ذلك، أفاد مراسل الميادين بأنّ قوة إسرائيلية تسللت إلى أطراف بلدة عيتا الشعب، في وقتٍ تتواصل فيه التحركات الميدانية على طول الحدود الجنوبية. وفي سياق متصل، أفادت المراسلة بأنّ الاحتلال الإسرائيلي شنّ غارات جوية على عدد من مناطق في جوب البلاد، إضافةً إلى مناطق في البقاع. وتأتي هذه الغارات في إطار تصعيد شامل يستهدف المدنيين والبنى التحتية، في ظل مواصلة الاحتلال الإسرائيلي انتهاكه لاتفاق وقف إطلاق النار، عبر استهداف متفرّق لمناطق جنوبي لبنان والبقاع.