logo
حارة الشهيدين: مخيم نهر البارد يخلد ذكرى شهيدين ارتقيا على حدود فلسطين

حارة الشهيدين: مخيم نهر البارد يخلد ذكرى شهيدين ارتقيا على حدود فلسطين

بوابة اللاجئينمنذ يوم واحد
أزيح الستار يوم أمس الاربعاء 30 تموز/ يوليو، عن لوحة دشنها أهالي مخيم نهر البارد شمالي لبنان وفصائل المقاومة الفلسطينية، تخليداً لذكرى الشهيدين محمد عبد العزيز الرنتيسي (أبو علي) ومحمد السبعين (جيفارا)، اللذين ارتقيا في معركة اسناد غزة عند الحدود اللبنانية الفلسطينية، وذلك في خطوة تكريمية وفاء لتضحيات الشهيدين، واعتزازاً بمشاركة أبناء مخيمات الشتات في النضال ضد الاحتلال "الإسرائيلي".
ونظّمالفعالية عائلتا الشهيدين بمساعدة جمعيات وأهالي المخيم، بالتعاون مع لجنة حي الشهيدين، وبحضور ممثلين عن الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية في المخيم، الذين أكّدوا على التمسك بنهج الشهداء حتى تحرير فلسطين.
وجاءت هذه المبادرة بعد إعادة تأهيل الحارة التي كان يقطنها الشهيدين، وتجميلها وإنارتها، بتمويل من جمعية "النجدة الاجتماعية".
وخلال الفعالية، أوضح خضر السبعين، من لجنة الحي الذي كان يقطن فيه الشهيدان في تصريح لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أن "المبادرة انطلقت من روح الانتماء والولاء للشهداء، حيث تم تأهيل الحي الذي يسكنه الشهيدان، بالتنسيق مع الأهالي، قبل أن تتبلور فكرة اللوحة التكريمية التي توّجت العمل الجماعي".
وقال السبعين: "الشهيدان هما من أولاد هذه الحارة، ومن عمق الانتماء جاءت هذه المبادرة. أردنا أن يبقى اسماهما حيّين في الذاكرة الجمعية، وأن نوجه رسالة واضحة لكل من مرّ بهذه الحارة: إن الشهداء هم شعلة النضال وهم القدوة، وإن تحرير فلسطين لا يتم إلا عبر درب التضحيات".
والشهيد محمد عبد العزيز الرنتيسي، المعروف بلقبه الحركي "أبو علي"، كان من مقاتلي سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
التحق بصفوف المقاومة في وقت مبكر، وشارك في عدة مهمات قتالية، كان آخرها مشاركته في معركة الإسناد التي أطلقتها "المقاومة الإسلامية" في لبنان دعماً لغزة، بالتزامن مع معركة (طوفان الأقصى)، حيث ارتقى شهيداً في أحد المواقع المتقدمة.
أما الشهيد محمد السبعين، الذي عُرف باسم "إضاء السبعين" وبلقبه الحركي "جيفارا"، فكان من مقاتلي كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. عُرف بين رفاقه بالتزامه وحماسه الثوري، وارتقى خلال مشاركته في المعركة نفسها، في مواجهة مباشرة مع جيش الاحتلال "الإسرائيلي"
وفي كلمة الفصائل واللجان الشعبية التي ألقاها خالد السبعين جاء: "في حضرة الشهادة والشهداء، تعجز الكلمات، وتتلعثم الأبجديات، فهؤلاء هم أكرم الناس وأشرفهم، هم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وارتقوا على درب القدس، مقبلين غير مدبرين."
وأضاف أن الشهيدين الرنتيسي وجيفارا، كانا من أوائل من لبّوا نداء نصرة غزة، والتحقوا بجبهات القتال في إطار معركة "الإسناد التي تخوضها المقاومة الفلسطينية في الداخل، ليرتقي كلاهما شهيدين في الخطوط الأمامية، تاركين إرثًا من البطولة والعطاء.
وأشار إلى أن المخيم، رغم بعده الجغرافي عن فلسطين، لم يغب يوماً عن ميادين التضحية، وقدم على مرّ العقود مئات الشهداء والجرحى، متمسكًا بهويته وانتمائه وواجبه الوطني.
من جهته، ألقى أبو ممدوح الرنتيسي، والد الشهيد محمد الرنتيسي، كلمة باسم عائلتَي الشهيدين، عبّر فيها عن مشاعر الفخر والوفاء، قائلاً: "إن هذه اللوحة لم تكن مجرّد تكريم رمزي، بل هي عهد بأن هذه الأرض ستظل وفية لدماء أبنائها. أطلقنا اسم 'حارة الشهيدين' على هذا المكان بعد إعادة تأهيله وتجميله، ليكون شاهدًا على أن في هذا الحي رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه."
ووجه الرنتيسي شكره إلى الجمعيات وأبناء المخيم الذين ساهموا في تنفيذ هذه المبادرة، مؤكداً أن اسم الشهيدين سيبقى محفوراً في ذاكرة المكان، وأن رسالتهما ستصل إلى كل شاب فلسطيني يحمل همّ القضية ويبحث عن موقعه في معركة التحرير.
بوابة اللاجئين الفلسطينيين
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'أمل' و'حزب الله' سيشاركان في جلسة الثلاثاء: استحالة تسليم السلاح قبل التزام إسرائيل بالانسحاب
'أمل' و'حزب الله' سيشاركان في جلسة الثلاثاء: استحالة تسليم السلاح قبل التزام إسرائيل بالانسحاب

LBCI

timeمنذ 36 دقائق

  • LBCI

'أمل' و'حزب الله' سيشاركان في جلسة الثلاثاء: استحالة تسليم السلاح قبل التزام إسرائيل بالانسحاب

أكّدت مصادر الثنائيّ 'أمل' و'حزب الله' لصحيفة ' الأخبار '، أنّ الحزبين سيشاركان في جلسة الثلاثاء الحكومية ولم يوضع على الطاولة خيار مقاطعتهما. وأوضحت وجود قناعة بضرورة التشاور، داخل مجلس الوزراء وانتظار النتائج، ليُبنى على الشيء مقتضاه. ولفتت المصادر للصحيفة ذاتها، إلى تشدّد حزبيّ على استحالة تسليم السلاح، قبل التزام إسرائيل بالانسحاب من التلال الخمس ووقف الاعتداءات وإطلاق الأسرى وبدء الإعمار.

في ذكراه الأليمة: الإمام الحسن وإرهاصات كربلاء
في ذكراه الأليمة: الإمام الحسن وإرهاصات كربلاء

شبكة النبأ

timeمنذ ساعة واحدة

  • شبكة النبأ

في ذكراه الأليمة: الإمام الحسن وإرهاصات كربلاء

لم يكن الامام الحسن، عليه السلام، يبغي مطلقاً أن يتحول أطفال عهد معاوية (الهدنة) عام أربعين للهجرة، الى رجال التخاذل والخيانة والجُبن في ظل حكم ابنه يزيد، والانجرار نحو حرب الامام الحسين عام واحد وستين للهجرة... الحقُ أبلجُ ما يحيلُ سبيلهُ والحقُ يعرفه ذَوو الألبابِ الإمام الحسن المجتبى، عليه السلام أحكم الباحثون الربط بين صلح الإمام الحسن، وقتال الامام الحسين، عليهما السلام، لما لمسوه من وحدة المنهج الرسالي، والمهمة الإصلاحية في الأمة، وكونهما الامتداد الطبيعي لجدّهما المصطفى، صلى الله عليه وآله، فقالوا: "لو لم ينتصر الإمام الحسن المجتبى في هدنته، على معاوية والنظام الأموي، لما تمكّن أخاه؛ الامام الحسين من تحقيق النصر المؤزر والمدوي عبر التاريخ على النظام نفسه، ودفعه سريعاً نحو الهاوية". ولكن! من ناحية الطبيعة الانسانية للمجتمع الاسلامي آنذاك، وتحديداً مجتمع الكوفة المبتلى بشكل مرير وشديد، بالإيمان وبالاخلاق وبالوعي الديني منذ احتضانه حكومة أمير المؤمنين، عليه السلام، فان الأمر يختلف في رؤية الامام الحسن المجتبى الذي تمر علينا هذه الأيام ذكرى استشهاده الأليمة في السابع من شهر صفر، صحيح أنه، عليه السلام، اضطلع بدور أساس في نجاح النهضة الحسينية، من خلال تمهيد الأرضية السياسية، وإماطة اللثام عن حقيقة معاوية والأمويين، بيد أنه كان يريد في نفس الوقت نجاح العملية الإصلاحية في أمة جدّه بشكل عام، وفي المجتمع الكوفي بشكل خاص، والعمل على معالجة المشاكل النفسية والروحية المسببة لكل ما تجرعه من قبل، أمير المؤمنين من خذلان وخيانة وتمرّد وجهل بأحكام الدين وبالسيرة النبوية، فهو، عليه السلام، لم يكن يبغي مطلقاً أن يتحول أطفال عهد معاوية (الهدنة) عام أربعين من الهجرة، الى رجال التخاذل والخيانة والجُبن في ظل حكم ابنه يزيد، والانجرار نحو حرب الامام الحسين عام واحد وستين للهجرة، أي بعد واحد وعشرين سنة. ولكن! هذا هو شأن الاختبار في الحياة. حبّ المال وكراهية الموت إنها نزعة مغروزة في نفس كل انسان، وليس فقط هي مشكلة الانسان الكوفي آنذاك، إنما ظهور هذه النزعة والمشكلة على سطح الاحداث جاءت نتيجة لوجود أول تجربة إسلامية متكاملة ونموذجية على يد أمير المؤمنين في هذه البقعة الجغرافية المترامية الاطراف (الكوفة)، فقد حصل التقاطع بين العدل والمساواة والقيم الدينية والاخلاقية، وثقافة الحرب والعنف والعصبية للقبيلة، والولاء للأقوى المترسخة في نفوس سكان منطقة كانت تعد حامية عكسرية تضم أكثر من مليون نسمة، جلّهم من محترفي القتال تحت الطلب في الدولة الاسلامية. وهذا ما ورثه الامام الحسن المجتبى منذ أول يوم لتوليه الخلافة بعد استشهاد أبيه امير المؤمنين، فقد بايعته الجموع الغفيرة في مسجد الكوفة، وتحت صرخات عبد الله بن عباس بأن "معاشر الناس! هذا ابن نبيكم و وصي إمامكم، فبايعوه"، فكان الرجل القوي الوحيد في الساحة، وربما لو كان ثمة من ينافسه، وإن كان أموياً، لمالوا اليه، يُذكر أن الامام الحسن، عليه السلام، كان يوم بويع للخلافة في عزّ شبابه، فقد كان في سن السابعة والثلاثين من عمره الشريف، وفي هذا العمر الغضّ لم تدم له الخلافة سوى اربعة أشهر فقط! وبعد التوقيع على الهدنة قال معاوية للإمام الحسن: "أنا خيرٌ منك يا حسن! فقال، عليه السلام: وكيف ذاك يا بن هند؟ قال: لأن الناس أجمعوا عليّ ولم يجمعوا عليك، فقال له، هيهات هيهات، لشرّ ما علوت، يا بن آكلة الاكباد، المجتعون عليك رجلان: بين مُطيع و مُكره، فالطائع لك عاصٍ لله، والمكره معذور بكتاب الله، وحاش لله أن أقول: أنا خيرٌ منك، فلا خير فيك، ولكن الله برأني من الرذائل كما برأك من الفضائل". هذه الثغرة النفسية الخطيرة كان مدركها معاوية منذ حربه الضروس مع أمير المؤمنين، بيد أنه لم ينجح حينها بتغرير القادة والأعيان كما فعل في عهد ولده الحسن، إنما اعتمد التضليل وتحريك حب الحياة والبقاء وإن كان على الذل والباطل، ولذا بدأ يعلن عن أسعار مغرية للذمم لكبار القادة العسكريين، وحتى رواة الحديث النبوي، أمثال سمرة بن جندب الذي اشتراه، واشترى أحاديثه الكاذبة على رسول الله بنصف مليون درهم. وجاءت وعوده علانية للكوفيين بأن من يقتل الحسن له الاموال والمناصب العليا في الدولة، كما حصل مع عمرو بن حريث، والاشعث الكندي، وشبث بن ربعي، عندما وعد كلٌ منهم بـ 100الف درهم إن تمكن من قتل الامام الحسن، وجاء في التاريخ أن الامام تنبه الى هذه الدسائس فلبس الدرع للاحتراز، وذات يوم تعرض لسهم اثناء الصلاة فلم تثبت فيه، وبلغ الوقاحة بالبعض ان تحدث جهاراً بأن "اذا سلمنا الحسن الى معاوية لنا العراق"! فهمّ المقربون من الإمام بقتل القائل، ولكن الامام عفى عنه، وقال لهم: "ويلكم والله ان معاوية لا يفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي، و اني أظن أني إن وضعت يدي في يده فأسالمه لم يتركني أدين بدين جدي، وان أقدر أن أعبد الله –عزوجل- وحدي، ولكني كأني انظر الى ابنائكم واقفين على ابواب ابنائهم يستسقونهم ويستطعمونهم بما جعله الله لهم فلا يُسقَون ولا يُطعمون"! وفي شدّة الازمة في معسكر الإمام الحسن، حيث تساقط القادة العسكريين، وخذلان الجند وعامة المجتمع، صعد الإمام المنبر ليلقي آخر حجة عليهم بين القتال والهدنة مع معاوية فقال: "أما والله ما ثنانا عن قتال اهل الشام ذلّة ولا قلّة، ولكن كنا نقاتلهم بالسلامة والصبر، فشيب السلامة بالعدواة، والصبر بالجزع، وكنتم تتوجهون معنا ودينكم امام دنايكم ، وقد اصبحتم الان ودنياكم امام دينكم، فكنا لكم وكنتم لنا، وقد صرتم اليوم علينا، ثم اصبحتم تعدّون قتيلين: قتيلا بصفين تبكون عليه، وقتيلا بالنهروان تطلبون بثأره! فأما الباكي فخاذل، واما الطالب فثائر (معارض)، وان معاوية قد دعا الى أمر ليس فيه عزّ ولا نَصِفة، فان اردتم الحياة قبلناه منه، وأغضضنا على القذى، و ان أردتم الموت بذلناه في ذات الله وحاكمنا الى الله، فنادى القوم بأجمعهم: بل البقية والحياة"! أبرز صور الجهل بأهل بيت رسول الله تجلت هذه الصورة المحفورة بالدم في ذاكرة التاريخ، عندما أراد الامام الحسن اختبار الناس، تماماً كما فعل طالوت الملك في حربه ضد جالوت في عهد نبي الله داوود عندما أمر الناس بعدم الشرب من ماء النهر إلا بغرفة يد فقط، في القصة التي يرويها القرآن الكريم، فقال لهم الإمام الحسن: "أما بعد فإني والله لأرجو ان أكون قد اصبحت بحمد الله ومنّه و انا أنصح خلق الله لخلقه، وما اصبحت محتملا على مسلم ضغينة، ولا مُريدا له بسوء، ولا غائلة، ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، ألا واني ناظر لكم خيراً من نظركم لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري ولا تردوا عليّ رأيي، غفر الله لي ولكم و أرشدوني و أياكم لما فيه المحبة والرضا". كلامٌ مفعم بالحبّ والنصح والإرشاد بضياء الإيمان، بيد أن الجهل والسطحية في الفهم والعقيدة جعل البعض يقول لصاحبه: "ما ترونه يريد بما قال؟! قالوا نظنه والله يريد ان يصالح معاوية ويسلّم الامر اليه! فقالوا كفر والله الرجل"! ثم شدوا عليه على فسطاطه (خيمته) و انتهبوه، حتى أخذوا مصلّاه من تحته بدعوى أنه غير مسلم! ليس هذا فقط، بل هاجمه شخص من التكفيريين الخوارج فيما كان على بغلته مع حلول الظلام، وكان بيده "مغول" وصاح: الله اكبر! اشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل! ثم طعنه في فخذه فشقه حتى بلغ العظم، ثم اعتنقه الحسن وخرا جميعا الى الارض فوثب اليه رجل من شيعة الامام فانتزع المغول من يده وضرب به بطنه حتى مات. كان الامام الحسن، عليه السلام، يحذر الناس (سكان الكوفة) من مغبة عواقب التخاذل والتنصّل عن مسؤولية القتال ضد الفئة الباغية، وكان يصارحهم مباشرة بمرضهم النفسي وضرورة المعالجة قبل فوات الآوان، ولكنهم كانوا يكابرون وينفون بشدّة، ويكررون وعود الولاء والطاعة، والإمام يرد عليهم قولهم المعسول الذي لم يخرج من القلب قط، فقال لهم: "إن كنتم صادقين فموعد ما بيني وبينكم معسكر المدائن فوافوني هناك، فركب ومعه من أراد الخروج، وتخلف عنه خلقٌ كثير ولم يفوا بما قالوا". لقد اشترى معاوية ذمة قائد من كنده وقائد آخر من مراد، كلٌ دفع له نصف مليون درهم، وكذا فعل مع عبيد الله بن العباس، وهو ابن عمه المقرّب، وقد وثق به، عليه السلام، وأعطاه قيادة اثني عشر فارس "من فرسان العرب وقراء المصر"، على أن يعسكروا بالانبار، وكان ردّهم للجميل والثقة العالية، بالغدر والخيانة. وفي المصادر التاريخية أن القائد من قبيلة مُراد حلف أمام الإمام الحسن بالإيمان الغليظة على الوفاء له، بعد أن توقع خيانته أمام جموع المسلمين، مع ذلك؛ فان قرقعة الدراهم كانت أقوى من أي حلف وإيمان تخرج من أفواه المنافقين. ربح الإمام الحسن المجتبى الهدنة مع معاوية بتحقيق ما كان يصبو اليه بحفظ دماء وحرمات المسلمين، وخسر المتخاذلون والمنافقون الحرب، رغم ادعاءاتهم الفارغة بالشجاعة والفروسية والاقدام على المكاره، فلم تعد الكوفة مكاناً في مستوى الإمام الحسن المجتبى، فجمع عياله وأهل بيته قاصداً العودة الى مدينة جدّه؛ المدينة، فاستقبله أحد الموالين راجياً منه البقاء ليكون لشيعته علماً ومناراً، فكان جوابه البليغ والمشحون ألماً وكمداً: و لاعن قِلىً فارقتُ دار معاشري

الرئيس عون لقاسم: اسمع منّي يا شيخ
الرئيس عون لقاسم: اسمع منّي يا شيخ

MTV

timeمنذ ساعة واحدة

  • MTV

الرئيس عون لقاسم: اسمع منّي يا شيخ

بين 30 و31 تموز انقسم لبنان بين خطابين: خطاب الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الذي رفض بشكل قاطع التخلي عن سلاحه ووضع اللبنانيين أمام خيارين الاحتلال أو الدمار، وخطاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي وضع قاسم أمام خيارين: الاستقرار أو الانهيار. قاسم أقفل الحلول والمفاوضات والأبواب ورمى المفاتيح. بينما الرئيس حاول أن يبحث عن حلول وعن مفاتيح لفتح المرحلة على أفق جديد وعلى دولة كاملة السيادة، وأسدى النصيحة لـ "حزب الله" بأن الجيش هو الضمانة وليس السلاح. كأنّه يقول للشيخ نعيم: "اسمع منّي يا شيخ". ولكن هل سيسمع الشيخ؟ كلمة قاسم في 30 تموز ألقاها عبر شاشة كبيرة في ثانوية الإمام المهدي في الحدث ‏في الضاحية الجنوبية، في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال القائد العسكري المركزي في "حزب الله" الحاج فؤاد شكر، أو السيد محسن، في منزله السرّي في حارة حريك. وهي الضربة الأقسى التي كان تعرّض لها "الحزب" منذ دخل حرب المساندة في 8 تشرين الأول 2023، بعد يوم واحد على "عملية طوفان الأقصى" التي نفّذتها "حركة حماس" في قطاع غزة ولم يعلم بها أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله إلا فور حصولها. كلمة قاسم كانت أمام جمهور من "الحزب" في قاعة مقفلة لم تصل إلى مستوى اللقاءات الحاشدة التي كان يتحدّث فيها نصرالله. كلمة رئيس الجمهورية جوزاف عون صباح 31 تموز جاءت خلال الاحتفال الذي أقيم في مقرّ وزارة الدفاع الوطني في اليرزة في ذكرى شهداء الجيش قبل يوم واحد من عيد الجيش في أول آب، حيث وضع إكليلًا من الزهر على نصب شهداء الجيش، ثم انتقل إلى قاعة العماد جان نجيم ليلقي خطابًا أمام حشد من الضباط، ولكنّه في الواقع كان يخاطب اللبنانيين ويتوجه مباشرة إلى الشيخ نعيم قاسم و"حزب الله" ناصحًا بالعودة إلى كنف الدولة والتخلّي عن السلاح للجيش الذي يحمي وحده اللبنانيين بمن فيهم الشيعة. بين جمهور "الحزب" في الضاحية وخطاب قاسم، وبين جمهور الضباط في اليرزة ومناديل "حزب الله" الصفراء في ثانوية الإمام المهدي، ينقسم المشهد اليوم بين خيارين: سلاح "الحزب" أم سلاح الجيش؟ اغتيال شكر وخطاب الإنكار شكّل اغتيال شكر ضربة قاسية لـ "حزب الله". لم يكد "الحزب" يستوعب ما حصل ولم يكن نصرالله قد أُفيد بعد بأسرار العملية التي طالت أبرز قائد عسكري لديه يفترض أن يكون مكان وجوده من الأسرار العميقة، حتى جاءته الضربة الثانية في 31 تموز باغتيال رئيس "حركة حماس" اسماعيل هنية في سريره في قلب طهران، وهو اغتيال لم تفك طهران ألغازه بعد. بحسب المعلومات المتداولة بعد اغيتال شكر، أن نصرالله أصيب بنكسة كبيرة لم يستطع أن يخرج منها بعد ذلك نتيجة عدم تقدير المدى الذي بلغه الاختراق الإسرائيلي لجسم "الحزب" التنظيمي والتسليحي. بحيث أن نصرالله أيقن أنّه شخصيًا قد لا يكون في أمان. وهذا ما اثبتته الأيام اللاحقة لهذا الاغتيال. في خطاب الإنكار والتعالي عن فهم الواقع قارب قاسم خطاب نصرالله في أول آب في تشييع شكر وتوصيفه الخاطئ للحرب ونتائجها. قال قاسم: "سأقولها لكم صراحة من الآخر لن ‏نقبل أن يكون لبنان مُلحقًا بإسرائيل، ‏والله لو قُتلنا ولم يبقَ منا أحد، لن تستطيع إسرائيل أن تهزمنا، ولن تستطيع إسرائيل أن تأخذ لبنان رهينة، ما ‏دام فينا نفس حي...".‏ وقد جدّد قاسم رفض التخلّي عن السلاح معتبرًا أنّه "لمقاومة إسرائيل، لا علاقة له بالداخل اللبناني. السلاح الذي معنا هو قوة للبنان. ونحن ‏نقول: نحن مستعدون لنناقش كيف يكون هذا السلاح جزءًا من قوة لبنان. لكن، لن نقبل أن يُسلَّم السلاح إلى ‏إسرائيل".‏ كلمة نصرالله في أول آب 2024 في أول آب 2024 تحدّث نصرالله في تشييع شكر في مجمع سيّد الشهداء في الضاحية، أمام حشد كبير من المحازبين والمناصرين. بين مشهدي خطاب قاسم وخطاب نصرالله مسافة عام كامل ظهر فيها الانهيار الكبير الذي أصاب "حزب الله" في القيادة وفي القاعة، وفي الحضور والهيبة والمعنويات، وفي المشهد كله وفي الخطاب. اعتبر نصرالله أن اغتيال شكر "جزء من الحرب الإسرائيلية الصهيونية الأميركية على فلسطين وعلى لبنان وعلى سوريا وعلى المنطقة وعلى شعوب المنطقة" ورفض ادعاء إسرائيل بأنّه ردّ على حادث سقوط صاروخ في مجدل شمس، في الجولان، أدّى إلى مقتل 12درزيًا. استذكر نصرالله "شكر وإخوانه ذو الفقار (مصطفى بدر الدين)، والحاج عماد (مغنية) مجتمعين في صورة واحدة... هؤلاء الإخوة الثلاثة كانوا سويًا منذ البدايات، الآن هناك بعض الرفاق ‏لهم ما زالوا على قيد الحياة حفظهم الله تعالى، لكن هذه واحدة من أهم النواة الأولى في مقاومتنا"... وذكر بأن شكر كان المسؤول العسكري المركزي وأنّه كان قائد فريق "حزب الله" الذي ذهب إلى ‏البوسنة للقتال...". وقال نصرالله: "إذهب وافعل ما شئت يا نتنياهو، أنت ‏والأميركيين الذين هم بظهرك، بايدن أو هاريس أو ترامب أو أيًا يكن، الأميركيون كلّهم مثل بعض يا إخوان، كلهم مثل بعض، "فكِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَ اللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميت وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، ولا تَرحضُ عنك عارها، وهل رأيك الا فَنَد ‏وأيَّامك الا عدد، وجمعُكَ الا بَدَد"، هذا ‏الجمع إن شاء الله سَيُبدّده الله ورجال الله في كل الميادين". وختم نصرالله: "لِشهيدنا لا نَقول وداعاً بل ‏نَقول إلى اللقاء، إلى اللقاء مع انتصار الدم على السيف، إلى اللقاء في الشهادة، إلى ‏اللقاء في جوار الأحبة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". ‏ وداع بطعم الغياب هذا الكلام الأخير قال عنه لاحقًا ابنه جواد، بعد اغتيال والده في 27 أيلول إنّه كان يستمع إليه مع الحاج أبو الفضل علي كركي، الذي اغتيل مع نصرالله، وعندما قال "إلى اللقاء" لم يعد يسمع باقي الكلام. رجف قلبه وسأل كركي: "شو عم يحكي؟ ليش عم يقول هيك؟". قال له كركي: "والله ما عندي علم". وانقلب كيانه في تلك اللحظة وشعر بأن والده يودّعهم وأنّه يتوقّع أن يُغتال ويلحق بشكر، وأنّه يمهّد لهم موحيًا بهذا الأمر. وقد ربط هذا الكلام بكلام قاله له والده كأنّه يوصيه بأن يكون الأب لإخوته في حال غيابه. ولكن لم يكن هذا هو الكلام الأخير لنصرالله. في 6 آب، بعد أسبوع على اغتيال شكر، وبعدما تكاثرت التساؤلات حول سبب عدم ردّ "حزب الله" على اغتياله بشكل متناسب، كان عليه أن يبرّر وأن يفسّر. قال: "أؤكد لكم أنّ القدرة أيضاً موجودة. وكما ذكرت في التشييع، التصرّف بروية، بتأنّ، وأيضاً ‏بشجاعة وليس بانفعال، إنه ضربني فقوموا حتى نضربه، "يواش يواش"، على مهل. أساسًا اليوم هذا ‏الانتظار الإسرائيلي، كُنّا نقول على رجل ونصف، وقرأت من يومين على رجل وربع، يعني رفعوا الرجل ‏قليلًا، الانتظار الإسرائيلي على مدى أسبوع هو جزءٌ من العقاب... إسرائيل كلها تقف على رجل ‏ونصف من الجنوب إلى الشمال، إلى الوسط، حكومتها، جيشها، مجتمعها، مستوطناتها، مستعمروها، الكل ‏ينتظر ولسان حالهم يقول يا أخي "يلا خلصونا"...". التقديرات الخاطئة للحرب تقييم قاسم للحرب ونتائجها اليوم يشبه تقييم نصرالله لها قبل عام بالضبط. بين الخوف من النتيجة وبين ادعاء العكس والوعد بالنصر، استمرّ مسلسل العمليات الإسرائيلية من تفجيرات البيجر إلى اغتيال قادة "الرضوان" واستهداف مقرات "الحزب" ومستودعات ذخيرته وصواريخه، إلى اغتيال نصرالله ثم خلفه السيد هاشم صفي الدين، وغيره من القادة، وصولًا إلى اضطرار "الحزب" للموافقة على اتفاق وقف النار في 27 تشرين الثاني وقد ظهر لاحقًا أنّه كان اتفاق استسلام وإذعان. اليوم لا يزال الشيخ نعيم يكابر، كما كابر نصرالله، مع أنّه ربّما يدرك بالتجربة والدليل الحسّي أنّ أي معركة جديدة تشنّها إسرائيل ضد "الحزب" ستكون قاتلة هذه المرة وقاضية عليه. في ظل هذا الإنكار والتجبر على السلطة الجديدة في لبنان وعلى المطالبين بتخلي "الحزب" عن سلاحه ، يأتي خطاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في اليرزة وكأنه يرمي خشبة الخلاص للشيخ نعيم ولـ "الحزب" وللبيئة الحاضنة له التي يقودها إلى نهر جديد من الدماء مهدّدًا بحرب ضد من يطالبه بتسليم سلاحه للجيش وبقطع الأيادي والأعناق والرؤوس. في أول آب قبل أربعة أيام من اجتماع مجلس الوزراء لمناقشة مسألة حصرية السلاح، وفق ما ورد في خطاب الرئيس عون، كتب رئيس الحكومة نواف سلام على منصة "إكس": "جيش واحد لشعب واحد في وطن واحد... لا إنقاذ للبنان إلا بالعمل الجاد على حصر السلاح في يد جيشنا وحده، ولا استقرار إلا ببسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بقواها الذاتية، وفقًا لما نصّ عليه اتفاق الطائف، والبيان الوزاري لحكومتنا". شيخ نعيم من الأفضل أن تقرأ في كتاب جوزاف عون وخطابه، لا في كتاب نصرالله وخطابه. الرئيس عون يريد مصلحتك ومصلحة لبنان والشيعة. اسمعه يا شيخ.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store