
40 % من الأردنيين يستدينون مع بداية كل شهر
ويقول "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات" في استطلاع له إن عبء الديون هذا يأتي بموازاة ما يشهده الأردن من ثبات الأجور، وانخفاض القوة الشرائية، وارتفاع الأسعار.
شهدت البلاد في السنوات الأخيرة موجات من الغلاء غير المسبوق، بدءاً بالمواد الغذائية الأساسية إلى أسعار الوقود والكهرباء وحتى الإيجارات. كما أن معدلات التضخم ارتفعت بنسبة تجاوزت خمسة في المئة عام 2024 وفقاً للبنك المركزي الأردني الذي يؤكد أيضاً أن إجمال القروض الاستهلاكية الممنوحة للأفراد بلغ نحو 16 مليار دولار حتى نهاية 2023. كما أن نسبة القروض المتعثرة في الأردن وصلت إلى ثمانية في المئة في بعض البنوك. في حين تقول الأرقام الرسمية إن نسبة الفقر تجاوزت 24 في المئة والبطالة زادت على 22 في المئة، مما فاقم أعباء الحياة اليومية على المواطنين.
أمام هذه الأرقام المقلقة يرصد مراقبون تحولا جذرياً في أنماط تعامل الأردنيين مع المال، فبينما كان الاقتراض ينظر إليه سابقاً كحل موقت للأزمات المالية المفاجئة، أصبح اليوم وسيلة دائمة لتغطية الحاجات الأساسية. ويلجأ الأردنيون، وفق هذه الحال الجديدة، إلى ثلاثة خيارات كالقروض الشخصية من البنوك التجارية، ونظام المرابحات من البنوك الإسلامية، فضلاً عن الاقتراض غير الرسمي من الأهل والأصدقاء، أو حتى عبر الدكاكين ونظام "الدفتر" الذي ما زال قائماً حتى يومنا هذا.
فخ أم ثقافة؟
يقدر عدد المقترضين في الأردن بنحو مليون شخص 78 في المئة منهم ذكور، والباقي إناث. وشهدت أنماط الاقتراض والاستدانة بين الأردنيين تحولات ملحوظة على مدار العقود الماضية، متأثرة بالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على المملكة. ويعزو خبراء اقتصاديون تزايد اعتماد الأردنيين على القروض والاستدانة إلى الارتفاع المستمر في كلف المعيشة، إذ يسعى المواطنون إلى تغطية نفقاتهم الأساسية، مثل إيجارات المنازل ورسوم التعليم والفواتير المتراكمة في ظل محدودية الدخل وضعف القدرة الشرائية. كما أن البنوك والمؤسسات المالية من خلال تقديم تسهيلات ميسرة وإجراءات مرنة للحصول على القروض الشخصية أسهمت في تعزيز ثقافة الاقتراض، إذ باتت هذه القروض متاحة بسهولة، مما دفع كثيرين إلى الاستدانة من دون تقدير دقيق للعواقب المالية طويلة الأمد.
ويرى مراقبون أن معظم الأردنيين في ظل جمود الأجور وتدني متوسط الدخل الشهري الذي لا يتجاوز 500 دولار أصبحوا مرتهنين للقروض البنكية والمؤسسية، مع التزامات سداد تمتد سنوات طويلة، مما حول الدين من حل موقت للأزمات إلى نمط معيشي دائم يفرض تحديات اقتصادية واجتماعية متزايدة.
تأمين السيولة
وأكد محمد الذي اضطر إلى اللجوء للقروض والديون لتغطية كلف زواجه أنه بات مجبراً على الاستدانة مجدداً لسداد فوائد القرض الأول المتراكمة، فكل راتبه يذهب للبنك ويجد نفسه بعد أيام قليلة من بداية كل شهر بلا أية سيولة. والحال ذاتها مع أم أيمن، ربة المنزل، التي تلجأ إلى الاستدانة من أجل تغطية كلف دراسة أبنائها، وتحاول سداد مبلغ 5000 دينار أردني (نحو 7000 دولار) كل شهر، لكنها تعجز عن ذلك مع تفاقم الفوائد وقلة الدخل.
غير أن قصة أم أسامة أكثر مرارة، وهي التي تقطن في منطقة شعبية، وتقول إن كل ديونها مقيدة في "دفتر البقالة" الذي بات يمثل ملاذاً لكثيرين من الفقراء الذين يعيشون من خلال الاستدانة لتوفير المواد الغذائية وحاجاتهم اليومية فحسب، وغالباً ما ينتهي هذا الأمر بمشكلات اجتماعية وخلافات عائلية، إذ لا توجد أية ضمانات قانونية للسداد.
"دفتر البقالة" دفع مجموعة من المتطوعين الأردنيين يقدر عددهم بـ500 شاب وشابة لإطلاق مبادرة فريدة من نوعها للتخفيف عن هؤلاء الفقراء من خلال فريق يجوب القرى والمحافظات الأردنية، ويقوم بتسديد دفاتر الديون في البقالات والمخابز والصيدليات تحت اسم مبادرة "صفحتك بيضا".
أعباء نفسية واجتماعية
ومن شأن اللجوء للديون والاقتراض أن تراكم الأعباء النفسية والاجتماعية للمواطنين بسبب تزايد المطالبات وعدم القدرة على سدادها وتراجع القدرة على الادخار أو توفير أية أموال للمستقبل في ظل الانهماك في تسديد الديون المتراكمة. فبين دوامة القروض الشخصية والديون يجد الأردنيون أنفسهم عالقين في حلقة مفرغة لتغطية أساسيات حياتهم في مشهد يرى مراقبون أنه سيستمر سنوات طويلة ما لم يتم تعزيز ثقافة الادخار، ووضع سياسات مالية أكثر دعماً لذوي الدخل المحدود، وإطلاق برامج توعية مالية تساعد الأفراد على التخطيط المالي بصورة أفضل. ويرى آخرون أن ظاهرة الاستدانة قد تزيد التوتر الاجتماعي وتفاقم الفجوات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع، وقد تؤدي إلى احتجاجات واضطرابات اجتماعية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبرني
منذ 15 دقائق
- خبرني
السعودية ترفع سعر خامها العربي الخفيف لآسيا في آب لأعلى مستوى بـ4 أشهر
خبرني - أظهرت وثيقة تسعير، الأحد، أن السعودية رفعت السعر الرسمي لبيع الخام العربي الخفيف لآسيا في آب 2.20 دولار فوق مستوى عمان/دبي. وبذلك يرتفع سعر آب دولارا واحدا للبرميل عن أسعار تموز للخام العربي الخفيف، ليصبح الأعلى منذ نيسان عندما بلغ سعر البيع 3.50 دولار فوق متوسط أسعار عمان/دبي. ورفعت المملكة أيضا أسعار النفط الخام العربي الخفيف جدا لشهر آب 1.3 دولار للبرميل والخام العربي الثقيل 90 سنتا. وتأتي هذه الخطوات بعد يوم من اتفاق ثماني دول أعضاء في تحالف أوبك+ على زيادة الإنتاج 548 ألف برميل يوميا في آب، مما يسهم في تسريع وتيرة زيادات الإنتاج. وتسببت حرب جوية استمرت لـ12 يوما بين إيران وإسرائيل بارتفاع حادّ في أسعار النفط بسبب مخاوف من انقطاع الإمدادات. ثم عادت الأسعار إلى مستوياتها السابقة بعد موافقة الطرفين على وقف إطلاق النار.


جهينة نيوز
منذ 20 دقائق
- جهينة نيوز
مجلس الوزراء يستمع لإيجاز من وزير الإدارة المحليَّة حول واقع البلديات وبنك تنمية المدن والقرى
تاريخ النشر : 2025-07-06 - 07:31 pm استمع مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها اليوم الاحد برئاسة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسَّان إلى إيجاز قدَّمه وزير الإدارة المحليَّة المهندس وليد المصري حول البلديات وبنك تنمية المدن والقرى، وذلك بهدف الوقوف على واقع الحال، ودراسة وضع الحلول الممكنة، خصوصاً ما يتعلَّق بالواقع المالي وحوكمة العمل وتحسين الأداء. وكشف المصري خلال الإيجاز أنَّ الرواتب شكَّلت ما نسبة 113 بالمئة من إجمالي التحويلات الحكومية المخصصة للبلديات في عام 2024 من الموازنة العامَّة، وهي ما نسبته 70 بالمئة من إجمالي إيرادات البلديَّات (إيرادات ذاتيَّة وتحويلات حكوميَّة) لافتاً إلى أنَّ إجمالي إيرادات البلديات ومجالس الخدمات بلغ 340 مليون دينار خلال العام الماضي، شكلت الإيرادات الذاتية منها ما نسبته 36 بالمئة. ولفت إلى أنَّ وزارة الإدارة المحلية قامت خلال العام الماضي بإجراء 16 فحصاً عشوائيَّاً لضبط الجودة في العطاءات التي تنفِّذها البلديَّات، بالتعاون مع وزارة الأشغال العامة والإسكان والجمعية العلمية الملكية، وتبيَّن أن العينات الناجحة التي حقَّقت شروط المواصفات بلغت 5 عينات فقط بقيمة 2,5 مليون دينار، فيما كشفت الفحوصات عن 11 عينة غير مطابقة للمواصفات بلغت قيمتها 8,1 مليون دينار، ولم تحقِّق شروط المواصفات المطلوبة. وكشف أنَّ الفحوصات أظهرت أنَّ قُرابة نصف العطاءات غير المطابقة مرفوضة كليَّاً، وقد تم اتخاذ الإجراءات القانونيَّة بخصوصها بالتنسيق مع ديوان المحاسبة، مشيراً إلى أن فحوصات الجودة ما زالت مستمرة. ولفت المصري إلى أنَّ مجموع الديون والمستحقَّات على البلديَّات ومجالس الخدمات المشتركة تزيد عن 632 مليون دينار، فيما يبلغ مجموع الديون غير المحصَّلة لصالح البلديَّات على الجهات الأخرى 55 مليون دينار. وعرض المصري خلال الإيجاز ملامح خطط العمل والخطوات التي تم اتخاذها بهدف تحسين واقع الخدمات المقدمة للمواطنين عبر المضي قدماً في أتمتتها، وحوكمة الإجراءات، وخفض الإنفاق وترشيد الاستهلاك، إلى جانب تحسين الواقع المالي لبنك تنمية المدن والقرى وحوكمة عمله وتمكينه من القيام بدوره. على صعيد آخر، قرَّر مجلس الوزراء الموافقة على السير في إجراءات تأهيل وتعبيد الطرق المؤدية إلى مستشفى الأميرة بسمة الجديد في محافظة إربد، وتوفير المبالغ المالية اللازمة لذلك؛ بهدف تسهيل وصول المواطنين إليه عند تشغيله. ويأتي القرار إنفاذاً لتوجيهات رئيس الوزراء الذي زار المستشفى في شهر أيَّار الماضي، حيث شدَّد على ضرورة الإسراع في استكمال الأعمال للبدء بتشغيله في شهر أيلول المقبل ليقدم خدماته الطبية والصحية للمواطنين، والعمل بشكل مكثَّف لتأهيل وتحسين الطرق المؤدية إليه. وقرَّر مجلس الوزراء أيضاً الموافقة على مذكرة تفاهم بين المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية ومؤسسة Henry Ford Health. وتهدف الاتفاقية إلى التعاون في المشروعات البحثية ومشروعات الصحة العامة، وتسهيل فرص التدريب التعليم بين المؤسسة والمركز، واستكشاف أنشطة مشتركة إضافية ذات فوائد متبادلة، والاستفادة من الخبرات العلمية والعملية في المجالات المشتركة. على صعيد آخر، قرَّر مجلس الوزراء تعيين عبد الحليم محمود محمد دوجان أميناً عامَّاً لوزارة العمل، وذلك بعد حصوله على أعلى العلامات وفق المسابقة التنافسيَّة التي أُجريت بموجب نظام القيادات الحكوميَّة. تابعو جهينة نيوز على


عمان نت
منذ ساعة واحدة
- عمان نت
على الحكومة تطبيق حزمة تحفيزية للأردنيين لمواجهة الضغوط المالية المتفاقمة
شكاوى عديدة من تجار بسبب حالة الركود في قطاعات مختلفة، ومواطنون يعجزون عن ترخيص مركباتهم بسبب تراكم المخالفات والرسوم؛ هذه ليست مجرد شكاوى عابرة بل مؤشرات على أزمة اقتصادية خانقة بحاجة إلى قرارات حكومية سريعة. يواجه الأردن موجة من الضغوط الاقتصادية المتعاظمة التي تثقل كاهل الأفراد بعبء متزايد من الديون، بينما تتراجع القدرة الشرائية وسط ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وثبات الأجور. في ظل مستجدات اقتصادية كبيرة خلقها إقليم مضطرب تتطلب إجراءات حكومية جريئة. مديونة الفرد الأردني ترتفع بسرعة، بلغ إجمالي ديون الأسر 42.4 مليار دولار في يناير 2025، ما يعادل 80.6% من الناتج المحلي للأردن بحلول سبتمبر 2024. هذا الرقم القياسي يؤكد أن الكثير من الأسر تميل نحو الاقتراض لمجرد تغطية نفقاتهم الأساسية. على صعيد البطالة، وصل معدلها إلى 21% في نهاية 2024، مع ارتفاع معدلات البطالة بين النساء لتصل إلى 31%، وحوالي 46% بين الشباب (15–24 سنة)، بينما استقر معدل البطالة العام عند 21.3% في الربع الأوّل من 2025 . هذا يشير إلى وجود أزمة تشغيلية حادّة خصوصًا بين الفئات الشابة. ورغم تباطؤ معدل التضخم (حوالي 2% في 2024) واستقرار الاحتياطات عند نحو 8 أشهر من الواردات ، إلا أن ارتفاع أسعار الوقود نسبياً في أوائل عام 2025 وركود بعض القطاعات ترك أثرًا ملحوظًا على القدرة الشرائية. من جهة الإيرادات العامة، ارتفع عجز الميزانية إلى 6.3% من الناتج المحلي في نهاية نوفمبر 2024، مقارنة بـ5.9% نهاية 2023. بينما تجاوزت الحكومة الديون العامة 117% من الناتج في فبراير 2025 ، ما يزيد الضغوط المالية على المدى المتوسط. إن ما يواجهه الأردنيون اليوم هو نتيجة تراكم صدمات متعددة: جائحة كورونا، نتائج الحروب الإقليمية، البطالة المرتفعة دون زيادة ملحوظة في الأجور، إضافة لسياسات رفع الأسعار والضرائب التي لم ترافقها حوافز مباشرة للمواطنين. فمع ثبات الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة، فإن معادلة الحياة اليومية باتت تحت اختناق حقيقي. الحكومة مطالَبة اليوم بتطبيق حزمة تحفيزية عاجلة تتضمّن إعفاءً أو تسويةً فوريةً لمخالفات المركبات والرسوم المتراكمة لتخفيف العبء المباشر عن جيب المواطن، خصوصا في ظل عجز كثيرون عن ترخيص مركباتهم بسبب تراكم المخالفات. إلى جانب تخفيض ضرائب المبيعات والرسوم الجمركية على السلع الأساسية بما يساهم في تحفيز الاستهلاك وتعزيز القدرة الشرائية. وتشمل هذه الحزمة أيضًا تقديم سقوف ائتمانية ميسّرة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر قروض بفوائد منخفضة أو حتى معدومة بهدف رفع طاقة التشغيل وتحريك السوق، وإطلاق برامج دعم مالي مباشر للفئات الأكثر تضررًا من الأوضاع الاقتصادية، كالعاطلين عن العمل والعاملين بأجور يومية،بطريقة تضمن وصول الدعم لمستحقيه بفعالية وعدالة. إن تحفيز الطلب المحلي هو السبيل للخروج من الركود الطاغي، وسياسات كهذه من شأنها تشغيل طاقات السوق وتخفيف الاعتماد على الدين، ما يخفف الضغط على الديون الاستهلاكية حكوميًا وخاصة على الأفراد. وفي سياق ذلك، تُعد جهود الحكومة الحالية عبر اتفاق الصندوق مع صندوق النقد (مراجعة ثالثة في أبريل 2025 بحوافز متعلقة بالكهرباء والماء والصحة) مؤشرًا إيجابيًا، لكن لا يكفي وحده لإحداث تحول ميكروي ملموس . المطلوب تعزيز ذلك بشكل تدريجي ومرن عبر حزمة تحفيزية شاملة تحقق تأثيرًا ملموسًا للأردنيين الآن وقصير الأجل. مع الأخذ في الاعتبار أرقاما مثل ارتفاع الديون إلى 80.6% من الناتج المحلي وارتفاع البطالة الخاصة بالشباب إلى 46%، فإن سياسة الإعادة ضخّ حياة جديدة في الطلب المحلي، وتحريك عجلة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم الطبقات والمناطق الأكثر هشاشة، لم تعد رفاهية، بل ضرورة حيوية لدرء أزمة اجتماعية واقتصادية متعاظمة.