
الشرق الأوسط عند مفترق الطرق: بين زلزال جيوستراتيجي أم فوهة بركان؟
الشرق الأوسط لم يعد ساحة لصراع محلي، بل هو عقدة التوازنات الدولية الجديدة. المشروع الأمريكي يترنح، ومشاريع بديلة تتصارع على الفراغ. الردع المتبادل يمنع الحرب الشاملة لكنه لا يضمن السلام. حروب الوكالة هي المسار الغالب، والسباق مع الزمن هو السمة المشتركة لكل الأطراف...
في لحظة يتقاطع فيها التاريخ مع الجغرافيا، يبدو الشرق الأوسط وكأنه يقف على شفرة حادة تفصل بين عصر قديم يلفظ أنفاسه الأخيرة، ونظام جديد لم تتبلور ملامحه بعد. بين مطرقة التحولات الدولية وسندان الصراعات الإقليمية، تتكثف التفاعلات وتتشابك المصالح لتجعل من المنطقة مسرحاً لصراع الإرادات وميداناً لتنافس المشاريع. فهل نحن أمام لحظة إعادة التشكيل الجغرافي – السياسي الكبرى؟ أم أن البركان الكامن تحت السطح بدأ يثور ببطء؟
أولاً: خريطة المشاريع المتصارعة – رفض السكون والسعي لإعادة التشكيل
• انهيار سايكس – بيكو 2؟
تصريحات أردوغان حول رفض "سايكس بيكو جديدة" لا يمكن اعتبارها مجرد مزايدة خطابية، بل تعكس تحولا استراتيجياً في مقاربة تركيا الإقليمية. فالتكتلات الإقليمية (تركيا، إيران، وربما مصر والسعودية لاحقاً)، مدعومة بقوى دولية صاعدة (روسيا والصين)، باتت ترفض التسليم بإرث الهيمنة الغربية، وتسعى لفرض ترتيبات جديدة تعبّر عن توازنات القوى المتبدلة، وخاصة في ملفات الطاقة، والممرات الاستراتيجية، والأمن الحدودي.
• إسرائيل: الفاعل غير القابل للترويض
سياسات نتنياهو تقوم على استثمار الصراع لتأجيل أزماته الداخلية، وهو بذلك يكرّس نهجاً تصعيدياً خطيراً. الطموحات التوسعية الإسرائيلية في الضفة والقدس، والتهديد المستمر لإيران وحلفائها، تتقاطع مع رغبة إسرائيل في صناعة فوضى "مضبوطة" تستثمرها لمصلحتها، لكنها في الوقت ذاته تخشى انفلاتها وتحولها إلى خطر وجودي.
ثانياً: مركز الزلزال – المواجهة الإسرائيلية الإيرانية
• الردع النووي على حافة الهاوية
البرنامج النووي الإيراني يمثل العقدة الأساسية في المواجهة. بينما تعتبره طهران أداة بقاء ومساومة، تراه إسرائيل تهديداً وجودياً لا يمكن التسامح معه. التلويح المتكرر بالضربات الوقائية يضع المنطقة أمام سيناريو انزلاق خطير في أية لحظة.
• معركة الأيام الـ12: إعادة تعريف خطوط الاشتباك
إيران أثبتت قدرتها على الرد من أراضيها، بينما فضّلت إسرائيل رداً محسوباً بدعم أمريكي. اللافت في هذه الجولة كان غياب حزب الله والفصائل العراقية عن المشهد، ما يشير إلى رغبة إيرانية في إبقاء التصعيد تحت السيطرة، وإدراك حلفائها أن الحرب الشاملة ستكون مكلفة وخاسرة.
• الولايات المتحدة: حضور ضروري... ولكن محسوب
تدخلها المباشر في الدفاع عن إسرائيل، مع تجنب الانخراط البري، يعكس سياستها الجديدة: الالتزام الأمني لإسرائيل مقابل تفادي التورط الإقليمي. كما تسعى واشنطن لإعادة تقديم نفسها كقوة استقرار، ولو بمقاييس منحازة.
• أوروبا: صوت بلا تأثير
خطابها الأخلاقي لم يترجم إلى أفعال. الخوف من اللاجئين وأزمة الطاقة وانقسام البيت الأوروبي يضعف دورها الجيوسياسي.
• روسيا والصين: لعب على حافة النار دون احتراق
إدانتهما للهيمنة الأمريكية لا تخفي دعماً ضمنياً لمحور المقاومة، لكن دون المخاطرة بالتورط العسكري. هدفهما الأساسي هو تقويض النظام الغربي وملء الفراغ الناتج عن التراجع الأمريكي.
إيران تعتمد نهج "الردع غير المباشر" من خلال أدواتها المتعددة:
• حزب الله كقوة توازن وردع.
• الحشد الشعبي كورقة تهديد للقواعد الأمريكية.
• الحوثيون كسلاح استراتيجي في باب المندب.
• الفصائل الفلسطينية للضغط المتواصل على إسرائيل.
هذه الأذرع ليست فقط أدوات عسكرية، بل أوراق تفاوضية وسياسية في لعبة عض الأصابع الكبرى.
خامساً: ثلاثة سيناريوهات تحدد مآلات المرحلة المقبلة
• تصعيد محسوب نحو مشروع "الشرق الأوسط الجديد"
مرجّح على المدى المتوسط، حيث التوترات ستستمر دون انفجار شامل، بهدف خلق ظروف تبريرية لإعادة الترسيم الجيوسياسي.
• هدنة مؤقتة واستعداد استراتيجي
الأرجح في المدى القصير، حيث الجميع يسعى لإعادة ترتيب صفوفه، دون التنازل عن أوراقه.
• حرب إقليمية شاملة – السيناريو الكارثي
احتماله منخفض لكنه قائم. أي خطأ في الحسابات أو مغامرة محسوبة قد يطلق سلسلة حرائق لا يمكن إخمادها بسهولة.
الشرق الأوسط لم يعد ساحة لصراع محلي، بل هو عقدة التوازنات الدولية الجديدة. المشروع الأمريكي يترنح، ومشاريع بديلة تتصارع على الفراغ. الردع المتبادل يمنع الحرب الشاملة لكنه لا يضمن السلام. حروب الوكالة هي المسار الغالب، والسباق مع الزمن هو السمة المشتركة لكل الأطراف.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بيروت نيوز
منذ 28 دقائق
- بيروت نيوز
هذا ما يحصل على الحدود الإسرائيلية السورية
ذكرت صحيفة 'The Spectator' البريطانية أن 'الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، يسعى جاهدًا للبقاء على الحياد في الحرب الإيرانية الإسرائيلية. فقد أدانت معظم دول الشرق الأوسط بشدة هجوم إسرائيل المفاجئ على إيران، إلا أن الحكومة السورية التزمت الصمت بشكل ملحوظ. ومنذ وصولها إلى السلطة في كانون الأول 2024، واجهت قوات الشرع الفصائل المدعومة من إيران في العديد من مناطق سوريا، وتحركت للحد من القوة الناعمة لطهران من خلال طرد رجال الدين الإيرانيين وإغلاق المراكز الدينية الشيعية.إن هذه المجموعة المتنوعة من الإسلاميين السنّة، الذين يشكلون الآن جزءاً كبيراً من الجيش السوري، لديهم قائمة طويلة من الحسابات التي يريدون تصفيتها مع الشيعة وراعيهم الرئيسي. لكن في الوقت عينه، شنت إسرائيل مئات الغارات الجوية على سوريا ووسعت احتلالها بشكل كبير، إلى ما هو أبعد من مرتفعات الجولان'. وبحسب الصحيفة، 'ردًا على ذلك، اتخذت دمشق موقفًا تصالحيًا مذهلاً تجاه إسرائيل. إن الشرع رجل عملي للغاية، فهو يريد أن يتذكره الناس باعتباره الزعيم الذي وحد سوريا وأنهى الحرب الأهلية هناك، ولذلك فهو لا يستطيع أن يتحمل قبول التحدي الإسرائيلي للقتال. بعد الامتناع عن مقاومة العدوان الإسرائيلي بأي شكلٍ من الأشكال،وبعد أن منعت إسرائيل الشرع من فرض سيطرته جنوب دمشق، تغتنم قواتٌ جديدة مدعومة من إيران الفرصة لملء فراغ السلطة. وفي مساء الثاني من حزيران، وللمرة الأولى منذ سقوط نظام بشار الأسد، أطلق مسلحون سوريون صاروخين على شمال إسرائيل، سقطا في منطقة غير مأهولة بالسكان في جنوب مرتفعات الجولان. وبعد ساعات قليلة، أعلن فصيل مدعوم من إيران، 'أولي البأس'، مسؤوليته عن الهجوم. وفي المقابل، هاجمت القوات الجوية الإسرائيلية منشآت أسلحة وأهدافا أخرى في مختلف أنحاء سوريا في الأيام التالية'. وتابعت الصحيفة، 'بصفتها فصيل مدعوم من إيران، تُعدّ 'أولي الباس' عدوًا مشتركًا للدولتين السورية والإسرائيلية، لكن إسرائيل منعت الحكومة السورية من ممارسة السيطرة الأمنية في جنوب سوريا، حيث تشن إسرائيل غارات جوية متكررة، مما يسمح للجماعة بتجنيد مقاتلين. وبحسب روب جايست بينفولد، المحاضر في دراسات الدفاع في كلية كينغز لندن، فإن جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا تهاجم القوات الإسرائيلية داخل سوريا بشكل منتظم منذ سقوط نظام الأسد لحشد الدعم المحلي. أضاف: 'هذه استراتيجية مجرّبة ومُختَبَرة. كان احتلال إسرائيل المُطوّل لجنوب لبنان هو ما منح حزب الله، بدعمٍ إيراني، الشرعية والقدرة على ترسيخ وجوده داخل لبنان'. وتابع: 'إن ضعف الحكومة السورية سيسمح لإيران بإعادة تأسيس شبكاتها الراسخة في البلاد. ومع ذلك، تعمل إسرائيل بلا كلل لتحقيق هذا السيناريو تحديدًا'.' وبحسب الصحيفة، 'هناك الآن خمسة خطوط فاصلة تفصل إسرائيل عن سوريا، وتُشكّل معًا ما يُشبه الحدود، وكل خط يفصل منطقة سيطرة أو وضعًا قانونيًا مختلفًا. وعلى الجانب الآخر فقط من الخطوط الخمسة تتمتع الدولتان الإسرائيلية والسورية بالسيطرة الأمنية الكاملة والسيادة المعترف بها دوليا. الخط الأول هو الأسهل، وهو للمتجه من الجانب الإسرائيلي باتجاه سوريا، ويمكن لأي مواطن إسرائيلي أو أجنبي يحمل تأشيرة المرور، كما ولا توجد حتى نقطة تفتيش. أما الخط الثاني فهو المكان الذي يتوقف عنده الجميع تقريبًا، وهو خط برافو. وبعد خط برافو، توجد منطقة عازلة تتمركز فيها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والتي يبلغ متوسط عرضها حوالي ستة إلى سبعة كيلومترات. وبعد ذلك، يأتي خط ألفا، الذي نصّت عليه اتفاقية عام 1974 حدًّا غربيًّا للقوات السورية. وفي 8 كانون الأول 2024، انهار نظام الأسد، وفرّت قوات الحدود السورية من مواقعها. وفي اليوم عينه، اجتازت القوات الإسرائيلية حدودًا غير محمية على الإطلاق. ومنذ ذلك الحين، احتلت إسرائيل 220 كيلومترًا مربعًا إضافيًا من الأراضي السورية، ليصل إجمالي مساحة الأراضي المحتلة في سوريا إلى 460 كيلومترًا مربعًا'. وتابعت الصحيفة، 'الخط الرابع هو الموقع العملياتي الأمامي للقوات الإسرائيلية، والذي يمتد من قمة جبل الشيخ في الشمال، مروراً ببلدتي خان أرنبة ومدينة السلام، ويصل إلى مشارف منطقة قطنا بالقرب من دمشق. وفي 27 كانون الثاني، زار وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس الجانب المحتل حديثا من جبل الشيخ، وقال إن القوات الإسرائيلية ستبقى هناك، وفي 'المنطقة الأمنية'، إلى أجل غير مسمى. ويشكل الخط الأخير منطقة عازلة خلف خط المواجهة الإسرائيلي الجديد. وفي احتفال عسكري في 23 شباط، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: 'انتبهوا: لن نسمح لقوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بدخول المنطقة الواقعة جنوب دمشق'. وطالب بإنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، للسبب المعلن وهو حماية السكان الدروز المحليين. وبعد أيام قليلة اندلعت اشتباكات مسلحة بين مقاتلين دروز ومسلحين مرتبطين بالحكومة الانتقالية السورية في إحدى ضواحي دمشق، ما أدى إلى مقتل العشرات'. وأضافت الصحيفة، 'ينقسم الدروز السوريون بشأن ما إذا كانوا يريدون الاندماج في الدولة الإسلامية السورية الجديدة أو القتال من أجل الحكم الذاتي بمساعدة إسرائيل. وبغض النظر عن موقف الرأي العام السوري الدرزي من مسألة التدخل الإسرائيلي، فإن حمايتهم كانت المبرر الأساسي للحملة الإسرائيلية في سوريا. لكن إسرائيل بررت أيضاً وجودها الموسع في سوريا باعتباره إجراء ضرورياً لمنع الجماعات الجهادية من ترسيخ وجودها بالقرب من حدودها الشمالية وشن هجمات عبر الحدود'. وختمت الصحيفة، 'إن احتمال زعزعة الحرب الإيرانية الإسرائيلية استقرار سوريا والمنطقة بأسرها هائل. فمنذ أن بدأت إسرائيل بضرب إيران، نفذت ثلاث عمليات توغل برية في جنوب غرب سوريا. في غضون ذلك، تُطلق القوات المدعومة من إيران في غرب العراق النار على مواقع الحكومة السورية عبر الحدود. ومع تفاقم هذا الصراع، يُصرّ الشرع وقواته على الصمود، آملين تجنّب فخّ قد يُعرّضهم لمزيد من العقاب'.

القناة الثالثة والعشرون
منذ 30 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
لأنها بتركيبتها ونهجها كسابقاتها...الحكومة محكومة بالتخبط والمراوحة
المراوحة ولا شيء غيرها هي العنوان الاساس للمرحلة الراهنة في لبنان على كل الصعد . الحراك الجاري للسلطة وأهلها لم يحرك ساكنا في المياه الراكدة والجمود الحاكم للملفات . على الجبهة العسكرية تخبط امني محفوف بالقلق من تدحرجها الى وقائع ومنزلقات خطيرة ينذر بها تفاقم الاعتداءات الإسرائيلية وما يواكبها من تهديدات يطلقها المستويان السياسي والعسكري في إسرائيل ضد لبنان و"حزب الله " . على الجبهة السياسية مرواحة مرضية خلف متاريس الانقسام والخيارات والتوجهات والتناقضات المتصادمة . وعلى الجبهة الحكومية تخبط صاخب بين النقاط الخلافية والملفات الساخنة يبقي الحكومة معلقة على خط التوتر العالي، على الرغم من المحاولات التي تكثفت في الفترة الأخيرة لترميم الجسم الحكومي بعد الشقوق والتصدعات التي اصابته سابقا من جراء السجالات العالية النبرة بين الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله ورئيس الحكومة نواف سلام الذي زار عين التينة لتصحيح ما شاب العلاقة مع رئيس المجلس نبيه بري وما اعتراها أخيرا من تباين بين سلام ووزراء القوات اللبنانية على وجوب ان تتخذ الحكومة موقفا من الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم المتوعد بعدم التزام الحياد في الحرب بين إسرائيل وايران قبل وقفها والذي حاول رئيس الجمهورية معالجته مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ابان زيارته للقصر اخيرا. النائب السابق علي درويش يقول لـ "المركزية " ان الحكومة لم تكن بقدر الامال التي علقت عليها عند تشكيلها . رغم سعيها والجهد المبذول لمعالجة العديد من الملفات الأساسية هي لم تنجز المأمول منها في مكافحة الفساد وتحقيق الإصلاحات الموعودة باجماع الداخل والخارج . التعيينات المنجزة وعلى قلتها لم تخرج عن نطاق المحاصصة والمحسوبيات . الانطباع السائد لدى الغالبية من المواطنين ان شيئا لم يتغير . الإدارات والدوائر التي زارها رئيس الجمهورية كالمرفأ على حاله من التهرب الضريبي . كذلك دوائر تسجيل السيارات والمالية والعقارية لا تزال محكومة بالبطء والرشاوى . لم يتبق سوى اشهر معدودات من عمر هذه الحكومة المقبلة على الانتخابات النيابية التي ستكون خلالها محكومة بالشلل والتعطيل . يقال ان السلاح وتداعياته بدءا من احتلال إسرائيل للنقاط الخمس واستمرار اعتداءاتها على لبنان وصولا الى سلاح حزب الله والتنظيمات الفلسطينية هي التي تحول دون انجازات الحكومة . هذا غير صحيح السلاح ملف إقليمي في حين تعيينات الهيئات الناظمة وفي الجسمين القضائي والمالي كهيكلة المصارف وسواها هي شؤون محلية يدفعنا الخارج كل يوم لاجرائها. خلاصته : الموزاييك الداخلي بالتركيبة الحكومية لا يختلف كثيرا عن الحكومات السابقة .رغم المشهدية التي رافقت تصويرها عند تشكيلها بغير حزبية ومن اهل الاختصاص والكفاءات، لم نر لديها نهجاً مختلفاً في الكثير من المقاربات والمعالجات. لا لجهة اقالة مرتكبين ولا لناحية محاسبة فاسدين وكأننا في الدولة الفاضلة . انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


النهار
منذ 38 دقائق
- النهار
لبنان الرسميّ يدرس ردّاً مصيريّاً على الورقة الأميركية
يعيش لبنان أسابيع تكثر فيها المشاورات الجانبية والمفاوضات ما وراء الكواليس بين السلطات اللبنانية لتهيئة الردّ على الورقة الأميركية، وهي أسابيع تكاد تكون الأكثر حاجة إلى اتخاذ قرارات على طريقة "نعم" أو "لا"، من دون وجود احتمالات متشعّبة. في معطيات رسمية توافرت لـ"النهار"، سلّم توماس برّاك إلى المسؤولين في زيارته السابقة ورقة أميركية تضمّنت تأكيد مطالب جوهرية، تشمل سحب سلاح "حزب الله" للبحث في الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس في الجنوب اللبناني، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وترتيب علاقات لبنان مع الجوار وترسيم الحدود اللبنانية مع سوريا وإسرائيل. وإذ لم يتحدّث برّاك عن جدول تنفيذيّ للمطالب الأميركية، لكنّه تحدّث عن زيارة إضافية للبنان خلال أسابيع لتلقّي الردّ على مضامين الورقة الأميركية، ومعرفة ما إذا كان لبنان الرسميّ مستعدّاً لبلورتها. وفق الانطباعات التي اتضحت على مستوى أروقة رئاسة الحكومة اللبنانية، إن ما تضمّنته الورقة الأميركية يتلاقى مع حذافير البيان الوزاريّ والمبادئ الحكومية في ما يخصّ حصر السلاح والانسحاب الإسرائيلي وتنفيذ الإصلاحات وترسيم الحدود، لكنّ السلطات اللبنانية تدرس ردّاً موحَّداً بين الرئاسات الثلاث على الورقة الأميركية بعد انتهاء مشاورات يقوم بها رئيس مجلس النواب نبيه برّي مع "حزب الله". وبحسب أجواء رئاسة مجلس النواب لـ"النهار"، لا يزال التشاور قائماً ولم ينتهِ ولم تتمخّض عنه استنتاجات حتى الآن بين برّي و"حزب الله"، ولو تم التوصّل إلى حلّ للسلاح لكانت القصة قد انتهت. وترجّح أجواء الرئاسة الثانية أن يكون الردّ اللبناني جاهزاً على الورقة الأميركية قبل زيارة برّاك اللاحقة، لكنّ الردّ لا يزال قيد الإجراء. ويتّضح أنّ رئيس المجلس سيصرّ على حصول الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس، إذ بالنسبة إليه تكمن الأولوية في أن تنفّذ إسرائيل اتفاق وقف النار بعدما نفّذ لبنان عدداً من بنوده. توازياً، تشترط الإدارة الأميركية أن يباشر لبنان الرسميّ تنفيذ مبدأ حصر السلاح، ولا تراجع عن الكلمة الأميركية في هذا الإطار. وتثني الاجتماعات المنعقدة في الولايات المتحدة الأميركية على أداء الجيش اللبناني في تفكيك منشآت "حزب الله" في منطقة جنوب الليطاني، لكن ذلك ليس كافياً ما لم تستكمل المهمّة. واتضح على مستوى لبنانيّ -أميركيّ على تواصل مع مستشارين وناشطين جمهوريين متابعين للملفات اللبنانية، أنّ ما نفّذه لبنان حتى الآن من إصلاحات سياسية واقتصادية ليس على قدر التطلعات، ومنها لم تنفّذ كما يجب، فيما ردّد عضو جمهوريّ عبارة "There is a fatigue from Lebanon" في تلخيص للانطباعات من الأوضاع اللبنانية. ويبقى الأهم أن يساعد اللبنانيون أنفسهم أولاً في تنفيذ الإصلاحات والشروط، بدءاً من حصر السلاح.