logo
مالي تعلن تصفية "أبو الدحداح": العقل المدبر لهجمات داعش في الساحل

مالي تعلن تصفية "أبو الدحداح": العقل المدبر لهجمات داعش في الساحل

في خطوة نوعية تعكس تصاعد كفاءة الجيش المالي في مكافحة الإرهاب، أعلنت السلطات في باماكو الأحد 29 يونيو 2025، تصفية القيادي البارز في تنظيم داعش بمنطقة الساحل، "أبو الدحداح الحرب"، خلال عملية عسكرية محكمة شمال مدينة ميناكا، قرب الحدود مع النيجر. يُعد هذا القيادي، المغربي الجنسية، أحد أبرز العقول المدبرة للهجمات الإرهابية في المنطقة، ويمثل مقتله ضربة مؤلمة للقدرات التخطيطية والعملياتية للتنظيم في ما يعرف بـ"المثلث الحدودي".
من هو أبو الدحداح الحرب؟
يُعرف "أبو الدحداح الحرب" باعتباره أحد أبرز القادة الميدانيين لتنظيم داعش في منطقة الساحل الإفريقي، وُصف بأنه "العقل التكتيكي" للتنظيم في الصحراء الكبرى. وفقًا لمنشورات أمنية وتحليلات منشورة على منصة "إكس"، فإن هذا القيادي الإرهابي يحمل الجنسية المغربية، وكان يتمتع بخبرة عسكرية وتنظيمية جعلته شخصية محورية في تنسيق وتنفيذ الهجمات الإرهابية الأكثر دموية في المنطقة خلال السنوات الأخيرة. دوره لم يكن محصورًا في القيادة العسكرية فقط، بل امتد إلى التوجيه العقائدي وتجنيد العناصر، مما جعله من الأعمدة الأساسية لهيكل التنظيم في منطقة ميناكا والمثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
برز "أبو الدحداح" في العمليات الكبرى التي نُسبت إلى تنظيم داعش، وعلى رأسها هجوم "بانيبانغو" في النيجر عام 2022، والذي خلّف عشرات القتلى والجرحى في صفوف القوات النيجرية والمدنيين، واعتُبر حينها من أكثر الهجمات تعقيدًا وجرأة في تلك المرحلة. كما وُجّهت إليه مسؤولية مباشرة عن تنظيم وتنفيذ مجازر بشعة ضد المدنيين في منطقتي "غاو" و"ميناكا" في مالي، حيث استُهدفت قرى بأكملها بحملات قتل جماعي، في إطار استراتيجية نشر الرعب وفرض السيطرة على المجتمعات المحلية. هذه الهجمات لم تكن عشوائية، بل اعتمدت على تنسيق لوجستي دقيق واستخدام كثيف للعبوات الناسفة، وهي الأساليب التي يُعرف أنه أشرف شخصيًا على تطويرها وتدريب المقاتلين عليها.
من ناحية فنية، كان "أبو الدحداح الحرب" يُعد خبيرًا في تصنيع المتفجرات وتكتيكات الكمائن، وكان يقود ورش عمل سرية داخل معسكرات التنظيم المنتشرة في المناطق الصحراوية النائية. تشير تقديرات استخباراتية إلى أنه كان يشرف على إعداد خلايا مسلحة مستقلة، وتدريبها على تنفيذ عمليات نوعية، بما في ذلك الهجمات الانتحارية وتفجير القوافل العسكرية. كما لعب دورًا في دعم شبكات التهريب التي يعتمد عليها التنظيم في تأمين الموارد والسلاح، وهو ما أكسبه احترامًا واسعًا داخل صفوف داعش، وفي الوقت نفسه جعله هدفًا رئيسيًا للأجهزة الأمنية في المنطقة.
تفاصيل العملية العسكرية
في 29 يونيو 2025، نفّذ الجيش المالي عملية عسكرية دقيقة شمال منطقة ميناكا، تحديدًا في منطقة "شيمان" الواقعة على بُعد نحو 40 كيلومترًا من المدينة، وهي منطقة تُعرف بتضاريسها الصعبة وتواجد عدد من معسكرات تنظيم داعش في الصحراء الكبرى. العملية جاءت بعد أسابيع من الرصد الاستخباراتي والتحقيقات الميدانية التي مكّنت القوات الأمنية من تحديد موقع "أبو الدحداح الحرب"، الذي كان يتحرك ضمن مجموعة صغيرة من الحراس والمقاتلين في محاولة لتفادي الاستهداف.
العملية تم تنفيذها بتنسيق متعدد الأطراف، حيث شاركت وحدات من الجيش المالي إلى جانب عناصر من فيلق إفريقيا—وهو تحالف عسكري إفريقي يضم وحدات قتالية متعددة الجنسيات تشارك في مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل—بالإضافة إلى مقاتلي حركة إنقاذ أزواد، وهي حركة مسلحة محلية انخرطت في شراكة أمنية مع الدولة المالية مؤخرًا في إطار مواجهة الخطر المتزايد للجماعات المتطرفة. ووفقًا للمصادر، تم تطويق الموقع المستهدف ومحاصرته من عدة محاور، ما أدى إلى اشتباكات محدودة أسفرت عن مقتل "أبو الدحداح" وستة من مرافقيه، ومصادرة أسلحة رشاشة وذخائر ومواد متفجرة، إلى جانب إصابة عناصر من تنظيم داعش خلال العملية.
وأُعلن عن نجاح العملية عبر حساب موسى أغ أشراتومان، أمين عام حركة إنقاذ أزواد وعضو المجلس الوطني الانتقالي في مالي، الذي نشر تفاصيل الحدث على منصة "إكس"، مؤكدًا تصفية القيادي البارز. وقد أكد عدة محللين ومهتمين بالشأن الأمني المعلومات، ومن بينهم المستخدمان @TifaritiB و@IntelAnalyst54، اللذان نشرا تحديثات ميدانية تفصيلية عن هوية القتيل وتوقيت العملية، مما يعزز مصداقية الرواية الرسمية. وتُظهر هذه العملية مدى تطور التنسيق بين الجهات المحلية والدولية في ملاحقة قيادات التنظيم، مما يمثل تحوّلًا نوعيًا في التكتيك العسكري المالي في مواجهة الجماعات المتطرفة.
أهمية العملية ومآلاتها
يُعد مقتل "أبو الدحداح الحرب" ضربة استراتيجية موجهة إلى البنية القيادية الصلبة لتنظيم داعش في الصحراء الكبرى، لا سيما في لحظة حرجة تشهد فيها منطقة الساحل الإفريقي تصاعدًا غير مسبوق في وتيرة الهجمات المسلحة والتوسع الجغرافي للتنظيم. فقد كان "أبو الدحداح" أحد العقول المدبرة التي أسهمت في نقل داعش من مجرد جماعة تنشط في خلايا متفرقة إلى تنظيم أكثر تنظيمًا واحترافية في التخطيط والتنفيذ، خاصة في المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو. اغتياله بهذا الشكل النوعي يُحدث فراغًا تكتيكيًا من شأنه أن يربك هيكل القيادة العسكرية للتنظيم مؤقتًا.
وقد عُرف "أبو الدحداح" بأنه من القادة الميدانيين القلائل الذين يجمعون بين المهارة القتالية والتخطيط الاستراتيجي والعمل اللوجستي، حيث كان يضطلع بمهام تشمل تنسيق الهجمات العابرة للحدود، وتحديد أهداف استراتيجية ضد القوات الحكومية والقرى المتحالفة معها، إلى جانب الإشراف على برامج تجنيد المقاتلين وتلقينهم خطاب الكراهية والتكفير. لهذا السبب، يُتوقع أن يؤدي مقتله إلى اضطراب نسبي في فعالية العمليات الهجومية للتنظيم، خاصة تلك التي تتطلب تنسيقًا عالي المستوى أو تصنيعًا معقدًا للمتفجرات.
من جهة أخرى، يمثل نجاح العملية مؤشرًا بالغ الأهمية على التطور الملحوظ في أداء الأجهزة العسكرية والاستخباراتية المالية، التي عُرفت سابقًا بتحديات في هذا المجال، سواء على مستوى الموارد أو الكفاءة. لكن هذه العملية تؤكد تحسّن قدرات جمع المعلومات، ودقة التتبع الميداني، والقدرة على تنفيذ عمليات مشتركة ناجحة. ويُرجّح أن يكون ذلك ناتجًا عن دعم وتدريب من شركاء إقليميين ودوليين، أو على الأقل نتيجة التعاون العملياتي مع قوى محلية كحركة إنقاذ أزواد التي قدمت دعمًا لوجستيًا وبشريًا مهمًا.
ومع ذلك، يبقى التحدي الحقيقي في ترجمة هذا النجاح العسكري إلى مكاسب أمنية طويلة الأمد. فتجربة الحرب على الإرهاب في الساحل تُظهر أن الضربات الموجهة لقيادات التنظيمات، على أهميتها، لا تكفي وحدها لإضعاف الجماعات الإرهابية ما لم تترافق مع استراتيجية شاملة لتجفيف منابع التطرف، سواء عبر محاربة الخطاب التحريضي، أو تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المناطق المهمشة، أو من خلال دعم جهود المصالحة المحلية بين القبائل المتناحرة التي تستغلها التنظيمات المتطرفة لتجنيد الأتباع وبسط النفوذ.
تحديات ما بعد العملية
رغم الأهمية البالغة لنجاح العملية التي أسفرت عن تصفية "أبو الدحداح الحرب"، إلا أن الحرب ضد الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي ما تزال في بداياتها. فتنظيم داعش في الصحراء الكبرى يتمتع بهيكلية مرنة وشبكات دعم لوجستي قوية تتيح له امتصاص الضربات وإعادة ترتيب صفوفه بسرعة نسبية. وقد أظهرت التجربة الميدانية أن التنظيمات المتطرفة قادرة على إنتاج قيادات بديلة خلال فترة وجيزة، مستفيدة من مخزون بشري مستعد للتصعيد، وغالبًا ما يكون مدفوعًا بعوامل اقتصادية أو انتقامية.
أضف إلى ذلك أن الطبيعة الجغرافية للمنطقة—بما فيها الصحارى الشاسعة والمساحات غير الخاضعة لسلطة مركزية—توفر ملاذًا آمنًا للجماعات المتطرفة، كما تسهّل عمليات التنقل والاختباء والتهريب. ويزيد من تعقيد الوضع هشاشة الدولة في المناطق الحدودية، وضعف البنية الأمنية، وانتشار الجماعات المسلحة غير المنضبطة، مما يُسهّل على التنظيم إعادة التمركز وتجنيد مقاتلين جدد، مستفيدًا من مشاعر التهميش وفقدان الثقة في الحكومة المركزية.
كما أن الأبعاد الاجتماعية والعرقية للنزاع تلعب دورًا خطيرًا في تأجيج الصراع، إذ يستغل تنظيم داعش الصراعات القبلية—خصوصًا بين الطوارق والفولاني وغيرهم—لتوسيع نفوذه. ويتعمّد التنظيم تأجيج العداوات المحلية وتقديم نفسه كحامٍ أو منتقم، مما يكسبه شرعية مزعومة في أعين بعض السكان. في غياب مصالحة وطنية حقيقية تعالج هذه الانقسامات، سيظل خطر الانزلاق نحو مزيد من العنف قائمًا، حتى بعد مقتل كبار القادة في التنظيم.
لذلك، فإن استثمار النجاحات العسكرية لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار مقاربة شاملة تدمج بين الحلول الأمنية والتنموية والاجتماعية. من الضروري تعزيز الحضور المدني للدولة في المناطق النائية من خلال توفير التعليم، والرعاية الصحية، والبنية التحتية، وكذلك دعم برامج المصالحة المحلية والمساءلة، وبناء جسور الثقة بين السلطات والسكان. كما ينبغي إشراك منظمات المجتمع المدني، والزعامات القبلية والدينية المعتدلة، في جهود مكافحة التطرف، لضمان تحصين المجتمعات ضد سرديات العنف والتجنيد.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

موقع إيران الاستراتيجي يهدد هيمنة أمريكا على التجارة العالمية
موقع إيران الاستراتيجي يهدد هيمنة أمريكا على التجارة العالمية

اذاعة طهران العربية

timeمنذ 24 دقائق

  • اذاعة طهران العربية

موقع إيران الاستراتيجي يهدد هيمنة أمريكا على التجارة العالمية

تشكل الممرات التجارية ورقة ضغط إيرانية في المواجهة مع الغرب، حيث يمكن للجمهورية الإسلامية تحويل موقعها الجغرافي إلى قوة اقتصادية وسياسية في حال تجاوز التحديات الداخلية والخارجية. في العالم اليوم، أصبح الموقع الجغرافي أكثر من أي وقت مضى أحد أهم الأصول الاستراتيجية. وإيران، بموقعها في قلب أوراسيا، ليست مجرد دولة عادية، بل هي جسر حيوي يربط بين القوى الاقتصادية العالمية. تتمتع إيران بموقع جيوسياسي فريد في منطقة تربط من جهة ببحر عمان والخليج الفارسي، ومن جهة أخرى بآسيا الوسطى والقوقاز وتركيا وأوروبا، يشبه موقع إيران الشريان الرئيسي في الجسم، حيث يصبح نقل التجارة دون المرور عبره أكثر تكلفة واستهلاكًا للوقت. في عالم التجارة الحديثة، يلعب الوقت وتكلفة النقل دوراً حاسماً في تنافسية السلع. لذلك، تتمتع الدول الواقعة على طرق أقصر وأكثر أماناً بميزة كبيرة، حيث يمكنها تحقيق أعلى الأرباح بأقل استثمار. حاليًا، تسعى دول مثل الصين والهند وروسيا وحتى الدول الأوروبية إلى تنويع طرقها التجارية. ويُعد الطريق الإيراني، من الناحية الجغرافية، البديل الأفضل لتجنب الاختناقات الجيوسياسية مثل قناة السويس والبحر الأسود والطرق عالية الخطورة التي تمر عبر مناطق النزاعات مثل أوكرانيا. ثلاثة ممرات حيوية تمر عبر إيران: الممر الشمالي-الجنوبي INSTC: يمتد هذا الممر الدولي من الهند إلى روسيا ثم إلى أوروبا، وهو مصمم ليكون بديلًا للطريق البحري الطويل والمكلف عبر قناة السويس. وتلعب إيران دور الحلقة المركزية التي لا يمكن الاستغناء عنها في هذا الممر. وفقًا لدراسات الأمم المتحدة، فإن نقل البضائع من الهند إلى روسيا عبر هذا الممر يوفر حوالي 20 يومًا مقارنة بالطريق التقليدي. هذه الميزة تجعله جذابًا للشركات العالمية والمنتجين الآسيويين. مع عدم الاستقرار في طرق شمال أوروبا بسبب الحرب في أوكرانيا، أصبح هذا الممر خيارًا مثاليًا لصادرات روسيا وواردات الهند ودول الخليج. ولهذا، أبدت روسيا اهتمامًا كبيرًا بتطوير البنية التحتية في إيران، بما في ذلك الاستثمار في مشروع السكك الحديدية "رشت-آستارا". الممر الشرقي-الغربي (طريق الحرير الجديد): يعد هذا الممر جزءًا من المبادرة الطموحة للصين المعروفة باسم "الحزام والطريق"، والتي تهدف إلى تقليل الاعتماد على الطرق البحرية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة، مثل مضيق ملقا وقناة السويس، وتنويع الطرق البرية إلى أوروبا. بفضل حدودها المشتركة مع تركمانستان وأرمينيا وتركيا، يمكن لإيران أن تكون جسرًا يربط آسيا الوسطى بأوروبا. كما تتمتع إيران بأمن ووصول أفضل إلى مصادر الطاقة والموانئ مقارنة بطرق القوقاز أو باكستان. أبدت الصين اهتمامًا مباشرًا بمشاريع السكك الحديدية والموانئ الإيرانية، مثل ميناء تشابهار وسكة حديد "گرمسار-إينچه برون"، لكن العقبات السياسية الداخلية والعقوبات حالت دون تحقيق هذه الإمكانات. الممر الجنوبي الغربي (الهند-إيران-القوقاز-أوروبا): يُعد هذا الممر حيويًا للهند، حيث إن عداءها التاريخي مع باكستان يحول دون وصولها المباشر إلى آسيا الوسطى وروسيا. لذلك، ظهر ميناء تشابهار كبديل لميناء جوادر الباكستاني، مما يعزز الدور الجيواستراتيجي لإيران. مع تطوير هذا الممر، يمكن لإيران الاستفادة من تصدير واستيراد البضائع، بالإضافة إلى نقل البضائع العابرة من الهند وأرمينيا وأذربيجان وأوروبا. كما أن تنويع الطرق التجارية عبر هذا الممر سيقلل من ضغط العقوبات ويعزز العلاقات الإقليمية لإيران. إيرادات النقل العابر: فرصة لم تُستغل بعد في العام الإيراني 1402 (2023-2024)، مر عبر إيران حوالي 12 مليون طن من البضائع العابرة، وهو ما يمثل 25% فقط من طاقتها المحتملة البالغة 50 مليون طن. هذا التأخر يعود لأسباب متعددة، منها نقص البنية التحتية، وعدم وجود سياسات متكاملة، والعقوبات الدولية. في المقابل، تحقق تركيا، التي تمتلك موقعًا مشابهًا، أكثر من 5 مليارات دولار سنويًا من إيرادات النقل البري والسكك الحديدية، بينما لم تصل إيران بعد إلى خُمس هذا المبلغ رغم إمكاناتها الأكبر. وفقًا لتقديرات خبراء مركز أبحاث مجلس الشورى الإسلامي، فإن تحقيق إيران لطاقتها الكاملة في النقل العابر (50 مليون طن) يمكن أن يحقق لها عائدًا سنويًا يتراوح بين 5 إلى 7 مليارات دولار، وهو دخل مستقر ومنخفض المخاطر يمكن أن يكون بديلًا جزئيًا لصادرات النفط الخام. تأثير استغلال فرص النقل العابر: قال الخبير الاقتصادي "رامين فرهادي" في حديثه لمراسل وكالة "فارس": "ما سيحدث هو تحول هيكلي في الاقتصاد الإيراني. فالنقل العابر، على عكس النفط، يدر دخلًا دون مخاطر بيع المواد الخام. إذا تمكنت إيران من زيادة حجم النقل العابر من 12 مليون طن حاليًا إلى 50 مليون طن، فستحقق عائدًا سنويًا يتراوح بين 5 إلى 7 مليارات دولار، وهو ما يتجاوز إجمالي الدخل غير النفطي لإيران في بعض السنوات." وأضاف: "لكن الأمر لا يتعلق بالمال فقط. فالنقل العابر يؤثر بشكل متسلسل على البنية التحتية والتكنولوجيا والعمالة وتنمية المناطق الحدودية وحتى القوة التفاوضية السياسية لإيران في المنطقة. بمعنى آخر، النقل العابر هو محرك للتنمية، وليس مجرد قناة للدخل." وتابع: "يمكن من خلال النقل العابر حل مشكلة التخلف في المناطق الحدودية. فمدن مثل زابل وخواف وزاهدان وخرمشهر وآستارا يمكن أن تتحول إلى محطات تجارية بفضل موقعها. إذا تم استثمارها بشكل استراتيجي، فسوف ينخفض معدل البطالة ويقل الضغط على الهجرة إلى المدن الكبرى." وأكد فرهادي أن "تركيا، من خلال استثمارات ضخمة في البنية التحتية للنقل، رفعت إيراداتها من النقل العابر إلى أكثر من 5 مليارات دولار سنويًا. وحتى أذربيجان، رغم إمكانياتها المحدودة مقارنة بإيران، استطاعت أن تصبح لاعبًا رئيسيًا في الممر الجنوبي الغربي بفضل الدبلوماسية الذكية والاستثمار في الطرق." الفرص الجيوسياسية لها تاريخ انتهاء صلاحية! وحذر الخبير الاقتصادي من أنه "إذا لم تستغل إيران هذه الفرصة، فستلجأ دول مثل تركمانستان وأذربيجان وحتى السعودية إلى طرق بديلة. ولن تنتظرنا الصين أو الهند أو روسيا؛ فإذا لم تكن إيران شريكًا موثوقًا به، فسيتم تحويل سوق النقل العابر إلى مكان آخر. وهذا يعني ليس فقط فقدان فرصة التنمية، بل أيضًا تهميش إيران تدريجيًا في التجارة العالمية." وأضاف: "لكن إذا تمكنت إيران، عبر دبلوماسية نشطة وجذب الاستثمارات وإصلاح السياسات الداخلية، من تفعيل هذه الفرصة، فسوف تتحول من دولة تعتمد على اقتصاد النفط إلى دولة ذات دخل مستقر ودور محوري في سلسلة التوريد العالمية. وهذا يعني تعزيز القوة السياسية، وتقليل الهشاشة الاقتصادية، والأهم من ذلك، خلق أفق للتنمية المستدامة." مشاريع رئيسية للقفزة النوعية في النقل العابر: سكة حديد رشت-آستارا: يُعد هذا المشروع الحلقة المفقودة في الممر الشمالي-الجنوبي. فبدونه، ستضطر البضائع إلى النقل عبر سفن صغيرة بين ميناء أنزلي وباكو، وهو أمر مكلف ويستغرق وقتًا طويلًا. تطوير ميناء تشابهار: هذا الميناء هو المنفذ الوحيد لإيران على المحيط الهندي، مما يمنحه ميزة سياسية لوجستية. وأعلنت الهند عدة مرات استعدادها للاستثمار فيه، لكن عدم الاستقرار القانوني وخطر العقوبات حالا دون ذلك. النقل العابر: محرك للتنمية دون الاعتماد على النفط في ظل العقوبات، يعد الدخل من النقل العابر أحد أهم أدوار الصمود الاقتصادي. فخلافًا للنفط، لا يعتمد النقل العابر بشكل مباشر على التصدير ويمكنه تحقيق عائدات حتى في ظل العقوبات. كما أن النقل العابر يتطلب تطوير البنية التحتية الداخلية (طرق، سكك حديدية، موانئ)، مما يخلق فرص عمل ويربط المناطق المهمشة بالاقتصاد الوطني. ومن مزاياه الأخرى جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث إن العديد من الدول مستعدة للاستثمار في البنية التحتية الإيرانية إذا توفرت الاستقرار والشفافية القانونية والإرادة السياسية.

صمود إيران نموذج يُحتذى به في مواجهة الهيمنة الأمريكية
صمود إيران نموذج يُحتذى به في مواجهة الهيمنة الأمريكية

اذاعة طهران العربية

timeمنذ 24 دقائق

  • اذاعة طهران العربية

صمود إيران نموذج يُحتذى به في مواجهة الهيمنة الأمريكية

جاء ذلك خلال مقابلة مع برنامج "حدث وحوار" على إذاعة طهران العربية، حيث أشار أيوب إلى أن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لم يعودا قادرين على خوض حرب واسعة، خاصة بعد أن أثبتت إيران قدرتها على الرد القوي، وامتلاكها أوراق ضغط لم تُكشف بعد. وأوضح أن الدعم الشعبي والعالمي لإيران يتزايد، خاصة بعد كشف العدوان عن انتهاكات صارخة للقانون الدولي ومبادئ السيادة. كما أشار إلى أن العدوان الإسرائيلي المدعوم أمريكياً لم يقتصر على الجانب العسكري، بل شمل حرباً نفسية وإعلامية ممنهجة، إلا أن إيران وحلفاءها استطاعوا تفنيد ادعاءات العدو، خاصة بعد الضربات الدقيقة التي وصلت إلى عمق الكيان الصهيوني. وأضاف أن التصريحات المتناقضة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشفت عن ارتباك الموقف الأمريكي والإسرائيلي، وعدم امتلاكهما معلومات دقيقة عن نتائج عدوانهما، مما زاد من تشتيت المجتمع الدولي. وتابع أن الهزيمة الإسرائيلية في هذه الجولة جعلت الكيان الصهيوني يفكر ألف مرة قبل التجرؤ على أي عدوان جديد، خاصة مع تصاعد الخلافات الداخلية وفشلهم في تحقيق نصر سريع، إلى جانب صمود المقاومة الفلسطينية. وأكد أن إيران وحلفاءها، خاصة روسيا والصين، أدركوا أن العدوان على إيران هو جزء من حرب أشمل ضد محور المقاومة والدول المستقلة، مما يعزز التحالفات الاستراتيجية مثل "بريكس" ومنظمة شنغهاي. واختتم بالقول إن الفترة المقبلة ستشهد تعزيز التحالفات الإيرانية مع روسيا والصين والدول الصديقة، حيث أصبح صمود إيران درساً استراتيجياً في مواجهة الهيمنة الأمريكية، بينما خسر العدو هيبته وقدرته على الترهيب. وأشار إلى أن استراتيجية "الصمود والردع" التي تتبعها إيران أثبتت فعاليتها، وأن أي عدوان مستقبلي سيواجه ردًا مدمرًا لا يستطيع العدو تحمل تبعاته.

حريق داخل مخيم للاجئين السوريين في دهوك (صور)
حريق داخل مخيم للاجئين السوريين في دهوك (صور)

شفق نيوز

timeمنذ 36 دقائق

  • شفق نيوز

حريق داخل مخيم للاجئين السوريين في دهوك (صور)

شفق نيوز – دهوك أفاد مصدر من ادارة مخيم كويلان للاجئين السوريين الواقع في قضاء بردرش شرق محافظة دهوك، يوم الاربعاء، باندلاع حريق كبير في مبنى يتكون من عدة كابينات تعود لمنظمة خيرية أمريكية داخل المخيم. وأبلغ المصدر وكالة شفق نيوز، ان "الحادث ادى الى احتراق البناية بالكامل وتسبب في أضرار مادية كبيرة، ولكن تمكن رجال الإطفاء من السيطرة عليه"، موضحا أن "سبب الحريق يعود الى اضرام النيران من قبل عدد من الأطفال في الأعشاب والحشائش القريبة من المنظمة، مما ادى الى امتداد النيران الى خزان الوقود للمولدات وانفجاره". واضاف ان "هذه المنظمة الخيرية الامريكية، تقوم بأعمال الصيانة والإصلاح للمواد المنزلية للاجئين داخل المخيم".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store