
بلومبرغ: زيادة إمدادات "أوبك+" الأخيرة تبطئ عودة الفائض النفطي
لدى "أوبك" وحلفاءها ما يدعوهم للاعتقاد بأن زيادة إنتاج النفط ستجد من يشتريها، على الأقل في الأجل القصير، إذ ترمز الزيادات السعرية على النفط السعودي إلى آسيا، بعد القرار، إلى هذا القدر من الثقة. لكن حتى قبل الخطوة المفاجئة التي أُعلنت يوم السبت- والتي اتُّخذت بعد عشر دقائق فقط من اجتماع عبر الفيديو- كانت السوق النفطية العالمية تواجه وضعاً هشاً، يسبق موجة فائض مرتقبة خلال فصل الشتاء.
وقال جيوفاني ستاونوفو، محلل لدى بنك "يو بي إس" (UBS AG) في زيورخ: "في الوقت الراهن، لا تزال سوق النفط تُعاني شحاً في الإمدادات، ما يشير إلى قدرتها على استيعاب المزيد من الإنتاج". وأضاف: "لكن هناك مخاطر متزايدة مثل التوترات التجارية المستمرة، مما يعني أن الإمدادات في السوق ستتحسن ولن تكون قليلة كما هي الآن، خلال الأشهر الستة إلى الاثني عشر المقبلة، وهو ما قد يشكّل مخاطر تدفع الأسعار إلى الهبوط".
قرار مفاجئ يقلب توقعات السوق
فاجأت منظمة البلدان المصدّرة للبترول وشركاؤها، يوم السبت، المتعاملين في أسواق الطاقة بإعلانها أنها ستُسرّع أكثر وتيرة استعادة الإنتاج الجماعي للنفط اعتباراً من الشهر المقبل. وهي خطوة تُعد خبراً إيجابياً للمستهلكين وانتصاراً للرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي تعهّد خلال حملته الانتخابية بخفض تكاليف الوقود. غير أن هذه الخطوة قد تُلحق ضرراً بالمنتجين، بدءاً من صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة وصولاً إلى بعض أعضاء "أوبك" أنفسهم.
رغم ذلك، أظهرت الرياض موقفاً واثقاً. فقد رفعت شركة "أرامكو" السعودية، المملوكة للدولة، يوم الأحد العلاوات السعرية على خامها القياسي المتجه إلى السوق الآسيوية، متجاوزة توقعات المتعاملين. وهو ما يعكس ثقة قوية بالطلب، ولا يصدر عادة عن منتج يساوره القلق حيال ضعف السوق.
دلائل الطلب القوي خلال الصيف
قال مسؤولون في تحالف "أوبك+" إن ازدياد الطلب على النفط خلال فصل الصيف كان من بين العوامل التي عزّزت تفاؤلهم، مشيرين إلى تراجع مخزونات الخام في مركز كوشينغ الأميركي، واستقرار فروقات التسعير التي لا تعكس وجود فائض حالياً، إلى جانب الانخفاض الحاد في مخزونات الديزل في الولايات المتحدة.
ويبلغ استهلاك الوقود ذروته خلال الصيف في نصف الكرة الشمالي، ما يمنح "أوبك+" فرصة لتسريع استراتيجيتها الهادفة إلى استعادة الحصة السوقية التي فقدتها في السنوات الأخيرة لصالح منافسين، أبرزهم منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة.
لكن قرار يوم السبت يمثل نقطة تحول في مسار الإمدادات العالمية. فبينما تتوقع "أوبك" استمرار الحاجة إلى الكميات الإضافية حتى ديسمبر، يشكك بعض المحللين في هذا السيناريو. فقد كانت وكالة الطاقة الدولية –التي تتخذ من باريس مقراً وتقدّم المشورة للاقتصادات الكبرى– قد توقعت قبل صدور القرار أن يشهد الربع الرابع من العام فائضاً يعادل نحو 1.5% من الاستهلاك العالمي.
هبوط الأسعار رغم المخاوف الجيوسياسية
تراجعت العقود المستقبلية للنفط بنسبة 11% خلال الأسبوعين الماضيين في لندن، مُتجاوزةً بسرعة تداعيات الصراع بين إسرائيل وإيران، ما يُشير إلى أن المتعاملين لا يرون ضرورة ملحّة للبراميل الإضافية التي يعتزم تحالف "أوبك+" ضخها.
توقع كل من "غولدمان ساكس" و"جيه بي مورغان تشيس" مزيداً من التراجع في الأسعار نحو مستوى 60 دولاراً للبرميل هذا العام، في ظل ضعف الاستهلاك في الصين، وتداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترمب والتي تُلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي.
وخلال اجتماع عُقد عبر الفيديو يوم السبت، قرّرت ثماني دول من الأعضاء الرئيسيين في تحالف "أوبك+" استعادة 548 ألف برميل يومياً من الإمدادات التي تم خفضها سابقاً، اعتباراً من أغسطس المقبل. وتمثل هذه الزيادة تسارعاً واضحاً مقارنة بالزيادات التي بلغت 411 ألف برميل يومياً لكل من أشهر مايو ويونيو ويوليو، والتي كانت أصلاً تفوق بثلاثة أضعاف الكميات المحددة في الخطة الأصلية لتلك الاشهر.
خطط لزيادة إضافية محتملة في سبتمبر
وسينظر تحالف "أوبك+" في ضخ كمية إضافية بمقدار 548 ألف برميل لشهر سبتمبر خلال اجتماع يُعقد في 3 أغسطس، وهي خطوة ستُكمل بذلك إعادة 2.2 مليون برميل إلى السوق، كان اتُفق على خفضها عام 2023، قبل عام من الموعد الذي كان مخططاً له سابقاً.
من المرجح أن يكون التأثير الفعلي للإمدادات على أسواق النفط أقل مما تم الإعلان عنه، إذ يحرص وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان على أن تتنازل الدول التي تجاوزت حصص الإنتاج المقررة سابقاً عن حصتها من زيادات الإنتاج لتعويض الإنتاج الزائد سابقاً. تُظهر روسيا والعراق الاستعداد لذلك، بينما تواصل كازاخستان مخالفة الحصص المقررة.
التباين بين الأرقام والواقع الفعلي للإمدادات
قال دوغ كينغ، الرئيس التنفيذي لشركة "آر سي إم إيه كابيتال" (RCMA Capital LLP) إن "الإعلان الرسمي عن عودة الإمدادات شيء، لكن الكميات الفعلية الجديدة مُقارنةً بالأرقام المعلنة شيء آخر تماماً". وأشار إلى أن "علاوات الديزل تُظهر أن السوق تعاني نقصاً في المعروض. لذا، ما لم نشهد ضعفاً فعلياً من خلال ارتفاع واضح في المخزونات، فلا أرى مساراً نحو انخفاض أسعار النفط".
يُؤكد المسؤولون أيضاً أن زيادة الإمدادات يمكن "إيقافها مؤقتاً أو التراجع عنها وفقاً لتطورات السوق". لكن ما لم يُفعّل هذا الخيار، فإن البراميل الإضافية التي جرى اعتمادها بالفعل ستؤدي حتماً إلى تعميق الهبوط في الأسعار.
خطوة ترضي ترمب وتحتوي تكاليف المعيشة
من شأن ذلك أن يُهدّئ من ضغوط الرئيس دونالد ترمب الذي طالما دعا إلى خفض تكاليف الوقود في إطار مساعيه لاحتواء أزمة تكلفة المعيشة التي أضرت بسلفه. يواجه ترمب كذلك ضغوط احتواء التضخم بالتزامن مع خطط لفرض رسوم جمركية جديدة، ويضغط على مجلس الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة.
اقرأ أيضاً: ترمب معارضاً رفع أسعار النفط: "خدمة للعدو"
مع ذلك، فإن تراجع الأسعار قد يُلحق ضرراً بالغاً بصناعة النفط الأميركية، بدءاً من الشركات العملاقة مثل "إكسون موبيل"، وصولاً إلى منتجي النفط الصخري الذين دعموا بقوة عودة ترمب إلى البيت الأبيض. وأفاد مسؤولون تنفيذيون في قطاع النفط الصخري، ضمن استطلاع حديث، بأنهم يتوقعون حفر عدد أقل بكثير من الآبار هذا العام مقارنة بما كانوا يخططون له مطلع 2025، في ظل تراجع الأسعار. وقد تمتد تداعيات هذا التراجع لتطال تحالف "أوبك+" نفسه.
السعودية تواجه عجز الموازنة
تحتاج السعودية إلى سعر يزيد على 90 دولاراً لبرميل النفط لتغطية الإنفاق الحكومي، إذ يمضي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في تنفيذ خطة جذرية لإحداث تحول في اقتصاد المملكة، وفقاً لصندوق النقد الدولي.
تواجه الرياض عجزاً في الموازنة، واضطُرت إلى تقليص الإنفاق على بعض المشاريع الكبرى. وقد تختار خفض الإمدادات مجدداً من السوق إذا اشتدت الضغوط المالية بفعل انخفاض سعر الخام.
وبنظر نيل أتكينسون، المحلل المستقل والرئيس السابق لقسم أسواق وصناعة النفط في وكالة الطاقة الدولية، فإن "لديهم بالفعل خيار التراجع الكامل عن موقفهم". لكن في الوقت الحالي "لا يوجد بديل سوى الحفاظ على الحصة السوقية وقبول الأسعار المنخفضة. من الأفضل قبول الواقع كما هو، وهذا ما يفعلونه".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرجل
منذ 17 دقائق
- الرجل
إنفيديا تتصدر سوق التكنولوجيا وتتجاوز 4 تريليونات دولار وسط طفرة الذكاء الاصطناعي
في سابقة غير معهودة في تاريخ الأسواق، دخلت شركة إنفيديا Nvidia المتخصصة في تصنيع الرقائق الإلكترونية المخصصة للذكاء الاصطناعي، نادي الشركات العملاقة بعدما تجاوزت قيمتها السوقية 4 تريليونات دولار يوم الثلاثاء، لتصبح أول شركة على الإطلاق تحقق هذا الإنجاز. جاء هذا الارتفاع اللافت في ظل تجاهل المستثمرين للتقلبات الناتجة عن قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية، حيث دفع التفاؤل المرتبط بثورة الذكاء الاصطناعي بأسهم إنفيديا إلى الارتفاع بنسبة تقارب 3% خلال تداولات الأربعاء، لتسجل مستوى قياسيًا بلغ 164.42 دولارًا خلال التعاملات اليومية. وبذلك تكون الشركة قد حققت ارتفاعًا نسبته 22% منذ بداية عام 2025، ما يعكس ثقة الأسواق المستمرة في قدراتها. الذكاء الاصطناعي: الذهب الجديد المحلل المالي في شركة Wedbush Securities، دان آيفز Dan Ives، وصف الحدث بأنه لحظة تاريخية، مشيرًا إلى أن العرّاب الحقيقي للذكاء الاصطناعي، جينسن هوانغ Jensen Huang، جعل من إنفيديا أول عضو في نادي التريليونات الأربعة. وأضاف في مذكرة للعملاء أن الشرارة التي أطلقت موجة إنفاق قدرها 2 تريليون دولار على الذكاء الاصطناعي، بدأت منذ إطلاق تشات جي بي تي ChatGPT في نهاية عام 2022، لتبني إنفيديا على هذا الزخم بفضل رقاقاتها التي أصبحت بمثابة الذهب والنفط الجديد. ورغم الأداء القوي، لم تخلُ رحلة إنفيديا من التحديات خلال العام الجاري، فقد شهد السهم تراجعًا بنسبة وصلت إلى 31% في الفترة ما بين يناير وأبريل، وذلك على خلفية التوترات الناتجة عن الرسوم الجمركية ومخاوف المستثمرين من شركة DeepSeek الصينية الناشئة التي طورت روبوت دردشة باستخدام رقائق أقل تطورًا من إنفيديا. إلا أن الشركة تمكّنت من استعادة الزخم بقوة، لتواصل تصدّرها مشهد ثورة الذكاء الاصطناعي، باعتبارها اللاعب الأهم في تزويد السوق بأكثر الرقاقات طلبًا في العالم.

صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
في ورشة عمل وجه بها نائب أمير المنطقة.. مزارعو "البن" بعسير يطرحون تحديات الطرق والمياه والكهرباء
طرح أكثر من 100 مزارع للبن في منطقة عسير أبرز التحديات التي تواجههم، خلال ورشة عمل نُظّمت بحضور 9 جهات حكومية معنية، استجابة لتوجيه نائب أمير المنطقة الأمير خالد بن سطام بن سعود. وأقيمت الورشة، التي نظمها فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بعسير، على مسرح شركة المياه الوطنية، وشهدت نقاشات موسعة استمرت نحو 3 ساعات، تناولت المعوقات المتعلقة بالخدمات الأساسية كالطرق، والمياه، والكهرباء، إلى جانب مقترحات لتطوير القطاع مثل إقامة مهرجانات للبن، وتحسين أساليب الوقاية، والتسويق، وترشيد الاستهلاك. وشاركت في الورشة جهات عدة، بينها أمانة عسير، الإدارة العامة للطرق، شركة المياه الوطنية، المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي، مركز 'وقاء'، شركة الكهرباء، صندوق التنمية الزراعي، المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، إلى جانب فرع الوزارة المنظم. وأكد ممثل وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة المهندس أحمد آل مجثل، أن الورشة جاءت لتكريس دعم القيادة واهتمامها بالمزارعين، مشددًا على التزام الوزارة بدراسة كافة التحديات المطروحة ورفعها رسميًا وفق التوجيهات، وإطلاع كل مزارع على نتائجها. وأضاف: 'تعليمات القيادة ووزارة البيئة واضحة بتقديم كل الدعم لخدمة المزارعين وتسهيل أعمالهم'.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
الهلال يوقّع اتفاقية مع جامعة الأميرة نورة لإنشاء مقر تدريبات بمعايير أوروبية
أنهت شركة نادي الهلال إجراءات التوقيع مع جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، لاستضافة مقر تدريبات الفريق الأول لكرة القدم، وذلك في خطوة جديدة تهدف إلى تعزيز مسيرة النادي نحو تحقيق أهدافه الاستراتيجية. وبموجب الاتفاقية، أبرم الهلال عقداً مع شركة الإسكان والتعمير العربية للمقاولات (AHB) لإنشاء مقر تدريبات جديد، ضمن مساعي النادي للاستفادة من الإمكانات المتاحة، التي تسهم في رفع جودة أداء الفريق الأول لكرة القدم، إلى جانب التوسّع في البنى التحتية، وتوفير خيارات ترتقي بأداء قطاع كرة القدم بالنادي. وقد صُممت الملاعب وفق أعلى المعايير الدولية، بعد سلسلة من ورش العمل التي شملت الاطلاع على تجارب أندية أوروبية متقدمة، حيث ستشمل مرافق المقر الجديد جميع احتياجات الفريق، بما فيها تنوّع الحصص التدريبية، إضافة إلى ملعبَيْن للتدريبات، وصالات مخصصة للتدريبات البدنية، ومرافق طبية وإدارية وإعلامية، فضلاً عن مبنى معسكر خاص للفريق. ويهدف المشروع إلى توفير بيئة مثالية للفريق الأول لكرة القدم، ومواصلة الجهود المبذولة لرفع جودة مرافق النادي، للإسهام في تحقيق مستهدفات الهلال على مختلف الأصعدة. وأعرب فهد بن سعد بن نافل، رئيس مجلس إدارة شركة نادي الهلال، عن سعادته بهذه الخطوة النوعية، مؤكداً أنها تنسجم مع الجهود الرامية إلى الارتقاء بالبنية التحتية للنادي، بما يتوافق مع مكانة الهلال وتاريخه العريق، ويواكب تميّزه في مختلف المجالات، وفي مقدمتها الاستفادة من جميع الفرص المتاحة لتوفير بيئة مناسبة ذات جودة عالية تسهم في تعزيز حضور الهلال وتميّزه وريادته في مختلف البطولات والمنافسات.