logo
بنسبة 30 بالمئة.. ترامب يوجه رسائل متعلقة بالرسوم للجزائر والعراق وليبيا

بنسبة 30 بالمئة.. ترامب يوجه رسائل متعلقة بالرسوم للجزائر والعراق وليبيا

القدس العربي منذ 2 أيام
واشنطن ـ'القدس العربي':
وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الأربعاء رسائل متعلقة بالرسوم الجمركية لست دول هي الجزائر وبروناي والعراق وليبيا ومولدوفا والفلبين.
وتضمنت الرسائل فرض رسوم جمركية بنسبة 30 بالمئة على الجزائر و25 بالمئة على بروناي و30 بالمئة على العراق و30 بالمئة على ليبيا و25 بالمئة على مولدوفا و25 بالمئة على الفلبين.
وفي حالة الجزائر يأتي هذا الإعلان بعد يوم من تأكيد ترامب، تطلعه لتعزيز العلاقات مع الجزائر، وذلك في رسالة تهنئة بعث بها إلى نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لعيد الاستقلال الوطني.
وقال ترامب في رسالته التي نشرتها الرئاسة الجزائرية: 'أبلغكم تهانيّ الحارة بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لليوم الوطني للاستقلال المصادف لـ 05 جويلية'. ولفت إلى أن تزامن احتفال البلدين بذكرى الاستقلال في اليوم ذاته، يمثل فرصة لاستحضار الشراكة المستدامة بين الأمتين.
وأشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة والجزائر حققتا معًا إنجازات هامة 'لصالح الاستقرار الإقليمي ومجهودات في مجال مكافحة الإرهاب وأخرى من أجل تأمين الحدود لفائدة أمننا المشترك وعلاقاتنا الاقتصادية'.
وشدد على أن التعاون الحالي بين البلدين يمر بمرحلة حاسمة لخلق مستقبل 'أكثر ضمانًا وأكثر ازدهارًا للأمريكيين كما للجزائريين'. وفي ختام رسالته، جدد ترامب تطلعه بأن 'تواصل علاقتنا الازدهار وعلى وجه الخصوص في المجالات التجارية والمبادلات الثقافية، إذن نستطيع رسم معالم مستقبل أكثر إشعاعًا لبلدينا'.
ولم تعترض علاقات الجزائر بالولايات المتحدة منذ إعادة انتخاب ترامب للرئاسة إشكالات خاصة خارج ملف الصحراء الغربية الذي يختلف فيه توجه البلدان، بل على عكس ذلك أبدى الطرفان رغبة أكبر في تعميق العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بينهما، في وقت أعلنت كبرى شركات النفط الأمريكية اقتحامها السوق الجزائرية.
وكان ترامب نشر ، أول أمس الاثنين، رسائل تتضمن الرسوم الجمركية المفروضة على 14 دولة، هي تونس، وكوريا الجنوبية، وماليزيا، وكازاخستان، واليابان، وجنوب إفريقيا، والبوسنة والهرسك، وإندونيسيا، وصربيا، وبنغلاديش، وتايلاند، وكمبوديا، وميانمار، ولاوس.
وبالنسبة لتونس، أعلن الرئيس الأمريكي أن الولايات المتحدة ستفرض رسوما جمركية جديدة على تونس بقيمة 25 بالمئة، مع بداية شهر آب/ أغسطس المقبل.
وقال في رسالة توجه بها للرئيس قيس سعيد، ونشرتها الخارجية الأمريكية: 'يشرفني أن أبعث إليكم بهذه الرسالة، فهي تُبرز متانة علاقاتنا التجارية والتزامنا بها، وموافقة الولايات المتحدة الأمريكية على مواصلة العمل مع تونس، رغم وجود عجز تجاري كبير مع بلدكم العظيم. ومع ذلك، فقد قررنا المضي قدمًا معكم، ولكن بتجارة أكثر توازنًا وعدالة. لذلك، ندعوكم للمشاركة في الاقتصاد الاستثنائي للولايات المتحدة، السوق الأولى في العالم بلا منازع'.
وأضاف: 'هذه الرسوم ضرورية لتصحيح سياسات تونس الجمركية وغير الجمركية والحواجز التجارية المستمرة منذ سنوات طويلة، والتي تسببت في عجز تجاري مع الولايات المتحدة، وهذا العجز يُشكل تهديدًا كبيرًا لاقتصادنا، بل ولأمننا القومي'.
وأكد أنه في حال قررت تونس زيارة رسومها الجمركية على المنتجات الأمريكية (والتي تبلغ 55 بالمئة)، فستقوم الولايات المتحدة بإضافة نفس نسبة الزيادة الجديدة على الرسوم التي تم فرضها على المنتجات التونسية.
وبلغت قيمة الصادرات التونسية إلى الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار العام الماضي، وفق منصة الأمم المتحدة للتجارة، وتشمل أساسا زيت الزيتون والتمور والنسيج.
Letter from President Donald J. Trump to Kais Saied President of the Republic of Tunisia pic.twitter.com/WdJM7AngqV
— U.S. State Dept – Near Eastern Affairs (@StateDept_NEA) July 7, 2025
وأعلن ترامب، أن التعريفات الجمركية الجديدة المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 1 أغسطس/ آب المقبل، ستطبق في موعدها، وأنه لن يتم منح مهلة إضافية للدول.
وقال ترامب في منشور عبر منصة 'تروث سوشيال'، أمس الثلاثاء، 'وفقا للرسائل التي تم إرسالها إلى عدد من الدول أمس، واليوم، والتي سيتم إرسالها لاحقا، سيتم البدء بتطبيق الرسوم الجمركية في 1 أغسطس'.
وأضاف أنه لم ولن يطرأ أي تعديل على ذلك التاريخ.
وأفاد ترامب في منشور لاحق، أنه 'سيتم تحصيل الأموال اعتبارا من 1 أغسطس'، وأنه لن يمدد المهلة الممنوحة.
وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن في أبريل/ نيسان الماضي عن رسوم جمركية واسعة النطاق ضد معظم الشركاء التجاريين، قبل أن يعلّق تنفيذ معظمها حتى التاسع من يوليو/ تموز، عقب اضطرابات شهدتها أسواق الأسهم والسندات.
وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، سعت إدارة ترامب لإبرام اتفاقات تجارية مع أكثر من 12 دولة لخفض الحواجز التجارية أمام الصادرات الأمريكية وتجنب فرض رسوم إضافية. إلا أن الولايات المتحدة لم تتوصل حتى الآن إلا إلى اتفاقين أوليين مع كل من بريطانيا وفيتنام، فيما يتوقع إعلان إطار لاتفاق تجاري مع الهند في الأيام المقبلة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جهود متواصلة للسيطرة على حرائق اللاذقية والعراق يقدّم المساعدة
جهود متواصلة للسيطرة على حرائق اللاذقية والعراق يقدّم المساعدة

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

جهود متواصلة للسيطرة على حرائق اللاذقية والعراق يقدّم المساعدة

تواصل فرق الدفاع المدني السوري لليوم الثامن على التوالي، بمشاركة من فرق إطفاء تركية وأردنية، ودعم جوي من الطائرات السورية والتركية والأردنية واللبنانية، عمليات إخماد الحرائق في محافظة اللاذقية غربي البلاد، وفقاً لما أعلنه وزير الطوارئ وإدارة الكوارث في سورية رائد الصالح في تدوينة على موقع إكس. ووسط التضامن اللافت المسجَّل أخيراً، وجّه الصالح الشكر إلى العراق لإرساله فرق إطفاء برية من أجل المشاركة في دعم جهود إخماد حرائق الغابات في ريف اللاذقية عند الساحل السوري ، موضحاً أنّ من المخطّط مشاركة 10 مركبات إطفاء مع 10 ملاحق تزويد بالمياه والكوادر البشرية. وأكد: "نثمّن عالياً هذه المشاركة الإنسانية التي تعبّر عن الروابط العميقة بين البلدَين". لليوم الثامن على التوالي تواصل فرق الدفاع المدني السوري و أفواج الإطفاء وأفواج إطفاء الحراج في محافظة اللاذقية وبمشاركة من فرق الإطفاء التركية والأردنية، وبدعم جوي من الطائرات السورية والتركية الأردنية واللبنانية في عمليات إخماد حرائق الغابات في محافظة اللاذقية. شكّل اليوم الخميس… — Raed Al Saleh ( رائد الصالح ) (@RaedAlSaleh3) July 10, 2025 وأوضح وزير الطوارئ وإدارة الكوارث في سورية أنّهم ينسّقون مع كلّ المحافظات السورية بخصوص مشاركة فرق الإطفاء من الرقة والحسكة ودير الزور في عمليات مكافحة الحرائق، مشيراً إلى أنّ تلك المشاركة سوف تكون من خلال كوادر بشرية و22 مركبة إطفاء، بالإضافة إلى جرّافتَين للدعم اللوجستي. وبيّن الصالح، في تدوينته نفسها، أنّ الدفاع المدني السوري يبذل جهوداً كبيرة لاحتواء الحرائق في المنطقة الجبلية من ريف اللاذقية بين كلّ من قسطل معاف وجبل النسر، بسبب التضاريس الوعرة جداً في المنطقة وانتشار المخلفات الحربية، علماً أنّ واحداً من تلك المخلّفات ينفجر كلّ 10 دقائق في المنطقة. من جهتها، انتقدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير أصدرته أمس الأربعاء، الإهمال الأممي والدولي المتكرّر في سورية، ابتداءً من زلزال فبراير/ شباط 2023 حتى حرائق يوليو/ تموز 2025. وأشارت إلى احتراق أكثر من 14 ألف هكتار من الغابات والأراضي الزراعية، بمعدّل 140 كيلومتراً مربّعاً تمثّل 4% من الغطاء الحرجي في البلاد. وأضافت الشبكة: "تُجسّد استجابة المجتمع الدولي لهذه الكارثة واحدة من أبرز حالات الفشل الإنساني في التاريخ المعاصر"، إذ إنّ مشاركة الأمم المتحدة اقتصرت حتى الآن على ما وصفته بـ"التقييمات العاجلة"، في حين أنّ "الحرائق تلتهم آلاف الهكتارات كلّ ساعة". وأوضحت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقريرها نفسه، أنّ الاتحاد الأوروبي لم يتفاعل مع كارثة حرائق اللاذقية طوال ستّة أيام، على الرغم من ادّعائه الدائم "الريادة في قضايا المناخ والبيئة"، وعلى الرغم من "امتلاكه آلية الحماية المدنية الأوروبية التي تتيح إرسال فرق إطفاء ومروحيات متخصّصة إلى أيّ نقطة" في القارة خلال أقلّ من 24 ساعة. وذكرت الشبكة أنّ جامعة الدول العربية، بدورها، لم تنسّق أيّ استجابة جماعية، على الرغم من أنّ حرائق غابات اللاذقية كارثة تمسّ منطقة عربية، فيما بقي البنك الدولي صامتاً تماماً من دون تقديم أيّ دعم طارئ، علماً أنّ آثار الحرائق طاولت البنية التحتية والاقتصاد السوري بصورة مباشرة. لكنّ الشبكة السورية لفتت إلى أنّه "في مقابل هذا الصمت الدولي، قدّمت دول الجوار السوري نموذجاً فاعلاً وسريعاً للاستجابة الإنسانية". وشرحت أنّ تركيا أرسلت مروحيّتَين و11 مركبة إطفاء فور تلقّيها نداء الاستغاثة في الخامس من يوليو/ تموز الجاري، أمّا الأردن فبادر إلى إرسال فرق دفاع مدني متخصّصة ومروحيّتَين من طراز "بلاك هوك" مزوّدتَين بأنظمة إطفاء حديثة. من جهته قام لبنان، على الرغم من أزماته الاقتصادية العميقة، بإرسال مروحيّتَين في السابع من يوليو. بيئة التحديثات الحية حرائق اللاذقية: عائلات تخسر منازلها وأرزاقها وتنزح مجدداً ووصفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما يحدث في سياق حرائق غابات اللاذقية بأنّه "انتهاك للقانون الدولي"، موضحةً أنّ الاستجابة الدولية المتأخّرة تُعَدّ خرقاً لعدد من المبادئ الأساسية في القانون الدولي العام، من قبيل "انتهاك مبدأ عدم التمييز، والإخلال بالالتزامات البيئية الدولية، بالإضافة إلى نمط الإهمال المتكرر". وطالبت الشبكة الأمم المتحدة بإعلان حالة طوارئ بيئية عاجلة في سورية، وتفعيل صندوق الاستجابة المركزية للطوارئ بمبلغ لا يقلّ عن 75 مليون دولار أميركي، ونشر فرق تقنية متخصّصة من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في خلال 24 ساعة، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في أسباب تأخّر الاستجابة الأممية وتقديم تقرير في خلال 30 يوماً. كذلك طالبت الاتحاد الأوروبي بتفعيل آلية الحماية المدنية الأوروبية لإرسال فرق إطفاء ومعدّات متخصّصة في خلال 48 ساعة، وإطلاق مبادرة أوروبية للعدالة المناخية في منطقة البحر الأبيض المتوسط تشمل سورية بوصفها "شريكاً فعلياً".

لماذا يبدو ترامب ضعيفا أمام بوتين؟
لماذا يبدو ترامب ضعيفا أمام بوتين؟

القدس العربي

timeمنذ 4 ساعات

  • القدس العربي

لماذا يبدو ترامب ضعيفا أمام بوتين؟

مع طغيان حوادث الحروب الأمريكية الإسرائيلية في منطقتنا، توارت إلى الظل وقائع حرب أوكرانيا، وإن بدت تطوراتها متصاعدة في عامها الرابع، رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل نحو عام، أنه سيوقف حرب أوكرانيا خلال 24 ساعة من لحظة دخوله إلى البيت الأبيض مجددا، ثم مرت الشهور تلو الشهور، وقضى ترامب نصف سنة في رئاسته الجديدة، ولكن دون أن تنطفئ نار الحرب، بل زاد لهيبها، ربما لأن صاحب القرار في حرب أوكرانيا هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وليس ترامب، الذي أجرى مع بوتين ست مكالمات هاتفية رسمية مطولة، وأعرب بعد الاتصال الأخير عن إحباطه من بوتين، وأوحى بالعودة إلى مدّ أوكرانيا بالصواريخ والذخائر، بعد توقف جزئي محدود، فيما كان رد بوتين عاصفا في الميدان الحربي، ورقيقا ـ ربما ساخرا ـ في الميدان الدبلوماسي، وداعيا ترامب من خلال تصريحات الكرملين والخارجية الروسية إلى الاستمرار في بذل جهوده الحميدة لإحلال السلام. يد أمريكا تبدو طليقة ناهية آمرة في منطقتنا، بينما تبدو اليد نفسها مقيدة في مناطق أخرى، وربما مشلولة في حرب أوكرانيا ولكن ما هو الفارق؟ الذي يجعل كلمة الرئيس الأمريكي تبدو مسموعة آمرة في منطقتنا وحروبها، بينما يجرى تجاهلها بخشونة في حرب أوكرانيا، رغم إشارات ترامب المتعددة لعلاقة صداقة خاصة غامضة الدواعي مع الرئيس الروسي، الجواب المباشر ظاهر في حالة العالم اليوم، وهو يمر بمراحل انتقال عسيرة من عالم القطب الأمريكي الواحد إلى دنيا تعدد الأقطاب. وفيما تبدو منطقتنا المنكوبة أشبه بالربع الخالي، إلا من سطوة أمريكا المتصلة لعقود طويلة مريرة، بينما يطل النفوذان الصيني والروسي على نحو خجول، وعبر نوافذ متناثرة من إيران إلى مصر والجزائر، بينما الوضع في شمال العالم مختلف، ومن حول أوكرانيا وشمال المحيط الهادي بالذات، ورغم وجود اختراقات صينية اقتصادية غالبا في منطقتنا، غير أن أثرها الإجمالي يبدو محدودا، بالذات في حوض الثروة الخليجية، بينما تتصاعد أمارات التنافس في المنطقة الأوراسية، ومن حول الثقل الجبار للصين المدعوم من روسيا، وعبر تكتلات من نوع تحالف شنغهاي، وروابط روسيا مع كثير من جمهوريات آسيا الوسطى، الخارجة من معطف الاتحاد السوفييتي السابق، مع تضاعف معدلات التبادل التجاري والتكنولوجي بين بكين وموسكو، ما جعل اقتصاد روسيا يبدو عصيا على الكسر، رغم فرض الغرب ما زاد إلى اليوم على العشرين ألف عقوبة على الاقتصاد الروسي، إضافة لعلاقة تحالف متنامية بين السلاح الروسي والسلاح الصيني، وإن احتفظ كل طرف بهامش استقلال ضروري، جعل معدلات نمو وامتياز السلاح الصيني، تفرض نفسها، فالصين توالي تطوير أسلحتها البحرية، وتدخل باقتدار في مضمار صناعة حاملات الطائرات، إضافة إلى سبق مذهل تحققه في مجال صناعة القاذفات الشبحية، ونظم الدفاع الجوي الأحدث، وهو ما كان له أثره الظاهر في علو كعب باكستان خلال حربها القصيرة الأخيرة مع الهند، التي تفاخر ترامب بدوره في إيقافها، وإن ردت عليه الهند الأقرب للتحالفات الأمريكية بالإنكار، فيما سكتت باكستان الأقرب عسكريا للصين، وإن بدت الصورة في قلب آسيا وجنوبها أكثر تعقيدا، فلا تزال موسكو هي المورد الأول للسلاح إلى الهند، بينما الخلافات التاريخية الحدودية بين الهند والصين متصلة، ولا تعيق حركة التبادل التجاري، فالصين هي الشريك التجاري الأول للهند كما لباكستان ولروسيا نفسها، والوضع ذاته سائد لصالح الصين مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا ذاتها، فضلا عن الاجتياح الصيني التجاري مع افريقيا، وتلك حالة يحاول ترامب أن يحد منها بحروبه الجمركية، ولكن من دون نجاح كبير حتى اليوم، فالطاقة الإنتاجية للصين تعدت منافسيها بأشواط بعيدة، وربما لم يعد لأمريكا من امتياز ظاهر، إلا في مجال شركات التكنولوجيا الكبرى، وهو المجال الذى تزاحم فيه الصين بقوة، وتصنع لنفسها فضاء عالميا متسعا، بدا في توسع منظمة بريكس بلس، التي انضمت إليها إندونيسيا ـ أكبر دولة مسلمة ـ في قمة البرازيل الأخيرة، وتلعب الصين مع روسيا أدوارا متناسقة في دعم بريكس وتوسيع نفوذها الاقتصادي، وقد صار أكبر من النفوذ الاقتصادي لمجموعة الدول السبع الكبرى الملتفة حول واشنطن، وإن كانت مشكلة بريكس أنها جسد اقتصادي تجاري بلا ذراع عسكري جامع، بينما التعاون العسكري في قلب البريكس بين الصين وروسيا ذاهب إلى آفاق متطورة، لها الدور الأساس في خدمة صناعة السلاح الروسي المتقدم تكنولوجيا، وإلى حد أن مارك روته سكرتير حلف شمال الأطلنطي (الناتو) قال مؤخرا، إن روسيا تنتج سلاحا في ثلاثة شهور قدر ما ينتجه الغرب كله في سنة كاملة والمعنى ببساطة مما سبق، أن يد أمريكا تبدو طليقة ناهية آمرة في منطقتنا، بينما تبدو اليد نفسها مقيدة في مناطق أخرى، وربما مشلولة في حرب أوكرانيا مثلا، ويستطيع ترامب هناك أن يقول ما يشاء، لكن روسيا بدعم صيني هي التي تفعل ما تشاء، واللعبة هناك محجوزة مفاتيحها للرئيس الروسي، وهذا ما تشهد به وقائع الشهور الستة الأخيرة منذ عودة ترامب للرئاسة، فقد تصور ترامب أن ادعاءاته السلامية قد تجدي هناك، وأن بوسعه اقتسام كعكة أوكرانيا مع موسكو، وسارع إلى عقد اجتماعات ومفاوضات سلام من الرياض إلى إسطنبول، لكن بوتين احتفظ دائما بالكرة بين قدميه، وأرهق ترامب وأغرقه في دوامة الاقتراحات والمبادرات والمراوغات، التي كانت رؤية بوتين فيها ظاهرة بلا التباس، فهو يعطي ترامب من طرف اللسان حلاوة، لكنه لا يحيد أبدا عن أهدافه المعلنة في حرب أوكرانيا، وهو يدرك أنها حرب ذات طابع عالمي تجري في الميدان الأوكراني، تواجه فيها روسيا تحالفا من 54 دولة تقودها أمريكا، وسعى بوتين إلى تحييد واشنطن وإخراجها قدر الإمكان من ساحة المواجهة الجارية، ثم الانفراد بأوروبا وإنهاكها في الميدان العسكري، واستنفاد كثير من بهلوانيات ترامب وتنازلاته المعلنة لصالح موسكو، ومن نزعته العدوانية المتعالية على حلفاء أمريكا الأوروبيين، ومن احتقاره البادي للرئيس الأوكراني زيلينسكي، وعبر الشهور الستة الماضية، بدا أن خطة بوتين تؤتى أكلها، رغم عودة البنتاغون إلى مد أوكرانيا بشحنات صواريخ باتريوت بعد انقطاع موقوت، اشتكى فيه ترامب من نقص المخزونات الأمريكية، فيما واصلت أوروبا إمداد الميدان الأوكراني بكل ما تملك من سلاح، وتظاهرت بقبول شروط ترامب رفع إسهامها المالي في موازنة الناتو إلى 5% من الناتج القومي، وإن راوغت بتأجيل التنفيذ الكامل إلى عام 2035، لكن ترامب بدا سعيدا بإنهاك أوروبا، وهو ما ظهرت ملامحه في دول أوروبا الغربية الكبرى، ففيما بدت بريطانيا وألمانيا أكثر تصميما على مواجهة بوتين، وتصعيد نبرات العداء لروسيا في تصريحات وأفعال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني الجديد فريدريش ميريتس، وزيادة توريد المال والسلاح والصواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا، وتأييد ودعم اختراقات أوكرانية خاطفة، كان أهمها ضرب قاذفات استراتيجية في مطارات شرق روسيا، فيما بدا ترامب متفهما لضرورات الرد الروسي، الذي جاء خلافا لتوقعات كثيرة، وركز على قصف المطارات وقواعد الدعم الأوروبي في كل مساحة أوكرانيا، ولم يلجأ لقصف نووي تكتيكي، بل وجه طاقته لقضم تدريجي متسارع لأراضي المقاطعات الأربع التي أعلنت روسيا ضمها (لوغانتسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون)، وأضاف إليها بعد تحرير مقاطعة كورسك الروسية مقاطعات أخرى، لم تتوقف عند حد إقامة مناطق عازلة في مقاطعتي خاركيف وسومي، بل أضافت توغلا عسكريا مدروسا إلى قلب مقاطعة دنيبرو بتروفسك غرب نهر دنيبرو، ما أشار إلى انفتاح شهية روسيا لضم المزيد من أراضي أوكرانيا، ربما وصولا إلى أوديسا على شاطئ البحر الأسود، ولا يبدو بوتين في عجلة من أمره، ولا في حاجة إلى تغيير مسمى العملية العسكرية الروسية الخاصة، فهو لم يعلن الحرب كاملة حتى الآن، ولا حالة الطوارئ الشاملة، ويسعى لامتصاص الضربات المعادية المؤذية إعلاميا لهيبة روسيا، ويوفر جهده لكسب أراضي ما يسميه روسيا الجديدة أو نوفو روسيا، وإنهاك الخصوم الأوروبيين، ما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمعاودة التواصل الهاتفي مع بوتين، ربما لحجز مكان في تفاوض محتمل مع روسيا، التي باتت أغلب الآراء الغربية تسلم بانتصارها في الميدان الأوكراني. وبالجملة، فات الميعاد على إمكانية قلب حقائق الميدان في أوكرانيا، وليس بوسع ترامب مواصلة استعراضاته السلامية هناك، حتى إن تحجج بخذلان بوتين، الذي يدير اللعبة ويصفع ترامب بهدوء قاتل، وبتماسك أعصاب لاعب الشطرنج المحترف، وليس بشطحات ترامب المغرم بإطلاق التصريحات، وليس بإطلاق القنابل والصواريخ والطائرات الأمريكية المهزومة في الميدان الأوكراني. كاتب مصري Kandel2002@

أطلس مصر المعاصرة… مهاجرون ولاجئون وعنوسة
أطلس مصر المعاصرة… مهاجرون ولاجئون وعنوسة

القدس العربي

timeمنذ 4 ساعات

  • القدس العربي

أطلس مصر المعاصرة… مهاجرون ولاجئون وعنوسة

يُعد كتاب أطلس مصر المعاصرة، الصادر عن المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، بنسختين إنكليزية وفرنسية، تحرير هالة بيومي وكارين بن نافلة، مدخلا جيدا لقراءة تاريخ مصر في المئة سنة الأخيرة. وما يميز الأطالس عادة أنها لا تعتمد على السرد الطويل، بل على تكثيف المعلومات والتطرق لأهم الزوايا. وهذا ما ينطبق على هذا الكتاب؛ إذ يكتشف المتجوّل بين صفحاته، أنه أمام صور اجتماعية غنية وقريبة من الحياة في مصر. وقد زاد من غنى الكتاب الصور والخرائط المنشورة فيه، التي عادة ما تكون أساس هذا النوع من الكتب. تناول الكتاب عدة موضوعات، من السياسة وظهور محمد علي باشا في القرن التاسع عشر، إلى حياة الزبّالين وعملهم. وهذا ما يوفّر للقارئ مساحة واسعة ومكثفة وغنية بالمعلومات والتحليلات. وإذا حاولنا تكثيف الصورة التي يرسمها عن مصر، يمكن القول إنها صورة قلقة، لمجتمع واسع يشعر بالتهميش والفقر، وبأزمات اجتماعية لا تنتهي. كان عام 1956 عاما حاسما في تاريخ مصر المعاصر. فقد شهد اعتماد دستور جديد عبر استفتاء شاركت فيه النساء لأول مرة، وتولي جمال عبد الناصر الرئاسة، وانسحاب آخر القوات البريطانية إيذانا ببدء الاستقلال الحقيقي، وتأميم قناة السويس الذي أشعل فتيل الحرب. أثرت حرب السويس على التنوع الثقافي في البلاد من خلال الرحيل الجماعي لليهود، وجاليات أجنبية أخرى. ففي نوفمبر/تشرين الثاني، صنّفت وزارة الشؤون الدينية يهود مصر «أعداء الدولة» وغادر ما بين 25 ألفا و40 ألف شخص، تاركين ممتلكاتهم وأعمالهم. صودرت ممتلكات البريطانيين والفرنسيين، وأصبحت الإسكندرية، لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط، تجسيدا للحنين إلى ماضٍ متعدد الثقافات فقد مع نفي الأجانب. مقابل هذا النزوح، شهدت مصر لاحقا سلسلة من الهجرات، أصبحت البلاد بلدا للهجرة خلال القرن العشرين، مستغلة مخزونها من العمالة وسياسات التعريب في الدول المستقلة حديثا. وبعد ثورة 1952 شجّع ناصر الهجرة إلى دول الكتلة الشرقية، مستغلا الحراك كأداة سياسية. ومنذ السبعينيات، بدأت موجة هجرة متزايدة مع وصول السادات إلى السلطة، وتشبّع القطاع العام بالوظائف. شجعت الحكومة الهجرة في وقت شهدت فيه المنطقة طفرة نفطية وطلبا متزايدا على العمالة، وسُهّل الحصول على جواز سفر اعتبارا من عام 1974. وتعاملت الدولة مع الهجرة كأداة استراتيجية سياسية واجتماعية واقتصادية. وقد ارتفع متوسط تحويلات مدخرات المهاجرين إلى 3.229 مليار دولار سنويا بين 1979 و1989 ما جعل مصر الأولى عربيا في التحويلات المالية. كما شهدت التسعينيات تجددا للهجرة إلى مصر، خاصة من اللاجئين الفارين من السودان وإثيوبيا وإريتريا، ومؤخرا من العراق وسوريا. شاركت في إدارة هؤلاء اللاجئين كل من الدولة ووكلاء خارجيين، وعلى رأسهم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وقد أدت الحروب الأهلية في إثيوبيا (1961-1991) والصومال (من عام 1991 والسودان إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين عبر الحدود الجنوبية. حتى عام 2013 كان السودانيون يمثلون أكبر عدد من طالبي اللجوء، إلى أن أدى وصول مئات الآلاف من السوريين إلى تغيير جذري في المشهد الإنساني للمفوضية. يتوقف الأطلس عند حالة المهاجرين النوبيين في القاهرة، وهي تجربة قديمة بدأت بالنزوح الريفي، وصاحبتها معاملة سيئة وعنصرية مثل ألقاب شوكولاتة. وقد تمركزت في أحياء عابدين وبولاق وإمبابة، هجرة الذكور النوبيين، الذين عُرفوا بالنظافة والصدق، وعملوا غالبا في منازل العائلة المالكة، يُضطر المهاجرون القسريون إلى مواجهة مأسسة العمل غير الرسمي، بما يرافقها من إدارة أمنية ونهج تعسفي يميز الأنظمة الاستبدادية، ويواجهون عزلة اجتماعية من الدولة، ما يضطرهم إلى تبنّي استراتيجيات للتكيّف والبقاء، خاصة من خلال التجمّع في جيوب حضرية تشبه أحيانا أحياء معزولة مثل، سوريا الصغيرة. وتُسهم هذه الجيوب في إعادة تنظيم الحياة اليومية من خلال تقديم الدعم المادي والنفسي وتوفير أماكن للتفاعل الاجتماعي، وتشكل صراعاتهم مع السكان المحليين، إلى جانب كراهية الأجانب والعنصرية، جزءا من حياتهم اليومية. وعلى صعيد الزواج والجنس، يتطرق الأطلس للأنماط المعروفة في التحول الديموغرافي، إذ لا تزال مصر في نهاية المرحلة الثانية: فقد انخفض معدل الوفيات، خاصة بين الأطفال، بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية، بينما لم تنخفض الخصوبة. وفي بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ارتفع معدل الخصوبة الإجمالي مجددا، متجاوزا 3.5 ما أدى إلى زيادة الضغط البشري على الموارد الطبيعية، والتوسع الحضري على حساب الأراضي الزراعية، والضغط على الخدمات العامة، وزيادة الطلب على المياه والغذاء والعمل والسكن، وهي عوامل إن تُركت دون معالجة قد تؤدي إلى السخط الاجتماعي والاحتجاج. في عام 2017 كانت نسبة العازبات من النساء فوق سن 18 عاما 17% فقط، مقابل 30.7% من الرجال. هذا الفارق، الناتج عن الكلفة المالية لتأمين المهر والسكن، يُطيل فترة انتظار الشباب، ويُسهم في تغييرات ملحوظة، لاسيما في المدن، في السلوكيات الجنسية المُدانة أخلاقيا، مثل: النشاط الجنسي قبل الزواج، والزواج غير الرسمي أي العرفي. حياة الزبّالين يمتاز الأطلس بتركيزه على زوايا مهمشة غالبا ما تُهمل في الدراسات المحلية. فمثلا، يُخصص أحد فصوله لحياة الزبّالين. منذ منتصف القرن العشرين، كان الزبّالون يجمعون نفايات القاهرة المنزلية والتجارية من باب إلى باب، باتباع طرق وراثية وتقسيمات إقليمية. كانوا يربّون الخنازير على النفايات العضوية في حظائر تُسمى «الزرايب»، ويفرزون المواد القابلة لإعادة التدوير كالورق والكرتون والبلاستيك والمعادن والزجاج لإعادة بيعها. يُعدّ الزبّالون جزءا من القطاع «غير الرسمي»، ويركّزون على الأحياء الثرية، ويتعاملون أحيانا مباشرة مع الشركات والمطاعم والفنادق والمتاجر. تغيّر دور الزبّالين منذ الثمانينيات بسبب تطور أنشطة إعادة التدوير وتعقيدها، ووصول شركات إدارة النفايات الأجنبية في مطلع الألفية. وبعد التدخلات الإنسانية، أصبح الزبّالون محورا لبرامج تنموية عدّة، ركزت على كفاءتهم في إعادة التدوير وتقديمهم خدمة منخفضة التكلفة، لكن السلطات غالبا ما ترى في الزبّالين صورة سلبية عن مصر وظروفها الصحية. وتُعد عربات الحمير ـ التي مُنعت عدة مرات دون جدوى ـ رمزا لهذا الجدل، وقد استُبدلت إلى حد كبير بشاحنات البيك آب. ورغم أهمية الزبّالين، فإن نظام جمع القمامة في القاهرة يتجاوز نطاق عملهم. في مطلع الألفية الثانية، أبرمت السلطات المصرية عقودا لمدة 15 عاما مع شركات خاصة لإدارة النفايات. وبموجب هذه العقود، التي تُموّل عبر ضريبة مضافة إلى فواتير الكهرباء، ركزت هذه الشركات على الأماكن العامة، والأحياء الفقيرة والنفايات عديمة القيمة التجارية، أدى تطبيق هذا النظام إلى تعاقد عدد من الزبّالين من الباطن مع هذه الشركات، التي استُبدلت لاحقا بشركات محلية. لكن ذلك لم يمنع الزبالين من البحث عن أساليب أخرى من أجل الاستمرار في العيش، في بلد تزداد تعقيداته يوما بعد يوم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store