الجوع يواصل حصد الأرواح في قطاع غزة
خيم الحزن والذهول على عائلة الرضيع هود عرفات، الذي فارق الحياة في مدينة غزة بعد أسبوع فقط من ولادته، ضحية جديدة لسوء التغذية والجوع الذي ينهش أجساد الأطفال في قطاع غزة المحاصر.
وفي مشهد يجسد هذه المأساة الأليمة، حمل الفلسطيني إسماعيل عرفات، جثمان نجل شقيقه الصغير من غرفة الحضانة بمستشفى المعمداني، متجهًا به إلى ثلاجات الموتى، فيما بدت ملامح الطفل أقرب إلى هيكل عظمي وقد لُف بكفن أبيض
وقال إسماعيل عرفات لوكالة أنباء ((شينخوا)) بصوت متهدج: "هود عمره 7 أيام فقط.. مات من الجوع ونقص الحليب والفيتامينات. ما الذنب الذي اقترفه هذا الملاك الصغير؟".
وتساءل إسماعيل بمرارة بينما وقف على مقربة منه والد الرضيع مذهولًا لا يقوى على الحديث أو الحركة، "أين المنظمات الدولية؟ أين الحليب والطعام والماء؟ الأطفال والنساء يموتون جوعًا في غزة".
وأضاف أن والدة هود ترقد هي الأخرى في المستشفى تصارع مضاعفات الولادة وسوء التغذية، إذ لم تكن تملك سوى الخبز غذاءً، في غياب الفواكه والخضار واللحوم.
والرّضيع هود ليس سوى رقم جديد في قائمة ضحايا الجوع وسوء التغذية من الأطفال، إذ ارتفعت الحصيلة إلى 85 حالة منذ بداية الحرب من أصل نحو 127 حالة وفاة موثقة حتى الآن، بحسب وزارة الصحة في غزة.
ومنذ الثاني من مارس الماضي تمنع إسرائيل إدخال المساعدات الغذائية والإنسانية إلى قطاع غزة، قبل أن يعلن في مايو أنها قررت استئناف إدخال المساعدات عبر القنوات القائمة لحين بدء عمل آلية جديدة، هي مؤسسة "غزة الإنسانية".
وبدأت مؤسسة "غزة الإنسانية" عملها في 27 مايو الماضي عبر أربعة مراكز توزيع في جنوب ووسط قطاع غزة، في خطوة قوبلت بتنديد فلسطيني وأممي على خلفية سقوط قتلى وجرحى من المدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات.
وقُتل أكثر من 900 فلسطيني أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز توزيع الغذاء منذ بدء عمل الآلية الأمريكية - الإسرائيلية، بحسب وزارة الصحة في غزة ومؤسسات حقوقية.
وفي مدينة خان يونس، خيم الحزن على عائلة الرضيعة زينب أبو حليب البالغة من العمر خمسة أشهر، التي لفظت أنفاسها الأخيرة صباح اليوم داخل مجمع ناصر الطبي بعد معاناة استمرت ثلاثة أشهر مع الجوع وفقدان الحليب
وقالت والدتها إسراء أبو حليب، وهي تبكي بحرقة على صورة ابنتها التي تحوّل جسدها الصغير إلى ما يشبه الهيكل العظمي: "زينب كانت تزن 2 كيلو فقط.. لم تكن تعاني من أي أمراض، فقط بسبب نقص الحليب".
وأضافت أن زينب كانت تملك تقارير طبية تسمح لها بالسفر لتلقي العلاج، لكنها لم تتمكن من مغادرة القطاع بسبب إغلاق المعابر، قائلة: "لو كانت المعابر مفتوحة، لكانت زينب حية اليوم… لكن مشيئة الله فوق كل شيء".
ويواجه أكثر من 100 ألف طفل دون سن العامين خطر الموت في غضون أيام في ظل انعدام تام لحليب الأطفال والمكملات الغذائية، واستمرار الحصار وإغلاق المعابر، وفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
ووصف المكتب هذه الكارثة بأنها "جريمة جماعية وشيكة"، موضحا أن المستشفيات والمراكز الصحية تسجل مئات حالات سوء التغذية الحاد يوميًا، وسط عجز تام عن الاستجابة أو تقديم العلاج، نتيجة الانهيار شبه الكامل للقطاع الصحي ونفاد الموارد الطبية والغذائية.
وطالب البيان بإدخال حليب الأطفال والمكملات الغذائية بشكل فوري ودون شروط، وفتح المعابر بشكل عاجل، وإنهاء الحصار الإسرائيلي بالكامل، داعيًا إلى تحرك دولي سريع لوقف هذه "المقتلة الجماعية البطيئة".
وحمل المكتب الإعلامي إسرائيل والدول الداعمة لها المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة الإنسانية، معتبرا "أن استمرار الصمت الدولي تواطؤ صريح في الإبادة الجماعية للأطفال في غزة".
ولا تقتصر هذه المأساة على الأطفال. فالموت جوعًا بات يهدد الجميع في غزة.
ومن بين هؤلاء، الشابة رحيل رصرص (32 عامًا)، من ذوي الاحتياجات الخاصة، والتي توفيت الأسبوع الماضي في مجمع ناصر الطبي وقد بدت عظامها واضحة تحت جلدها النحيل.
وقال والدها محمد رصرص (57 عامًا)، والذي يرعى طفلين آخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة : "الجوع في غزة شيء لا يُصدق. لم نتخيل أن نموت بهذا الشكل، لا أحد يشعر بنا".
وأشار إلى أن وزن رحيل انخفض من 50 كيلو إلى 25 فقط قبل وفاتها.
وبعينين تملؤهما الدموع، أضاف الرجل الذي فقد ابنته الأخرى برصاص الجيش الإسرائيلي: "أخشى أن أفقد طفليّ الآخرين، ليس بسبب قصف أو رصاص، بل بسبب الجوع".
وتوفى خمسة فلسطينيين، بينهم طفلان خلال الساعات الماضية جراء الجوع وسوء التغذية، وفق مدير مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة محمد ابو سلمية.
وقال ابو سلمية "إن سجلات الضحايا مرشحة للاتساع ولن تغلق قريبا"، مضيفا "أن أرواح الأطفال والنساء والمرضى تحولت إلى أرقام تُسجل على دفاتر الموتى، بينما العالم يكتفي بالمراقبة".
وأكد ابو سلمية ارتفاع عدد ضحايا الجوع وسوء التغذية في غزة منذ بدء الحرب إلى 127 شخصا، بينهم 85 طفلًا، وسط تحذيرات من انهيار شامل في المنظومة الصحية، واستمرار النقص الحاد في المواد الغذائية والمكملات الأساسية.
وتشن إسرائيل حربًا واسعة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، إثر هجوم مفاجئ شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل، أسفر، بحسب السلطات الإسرائيلية، عن مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز رهائن.
وأدت الحرب إلى مقتل أكثر من 59 أل فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، إلى جانب دمار واسع في المباني والبنية التحتية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
منذ 7 ساعات
- الدستور
العدوان يثمن قرار التخصيص المالي لمستشفى مادبا الجديد
مادبا - الدستور - احمد الحراوي ثمن رئيس لجنة بلدية ناعور المهندس ماهر العدوان قرار مجلس الوزراء بالتخصيص المالي لمستشفى مادبا الجديد وذلك تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية وبمتابعة حثيثة من رئيس الوزراء جعفر حسان. واضاف م. العدوان ان هذا القرار يؤكد على موسسية عمل الحكومة في توزيع مكاسب التنمية بعدالة بين المحافظات، كما يعكس حرص الحكومة على توفير الرعاية الصحية الجيدة للمواطنين تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه وحرص جلالته على توفير العيش الكريم للمواطن الاردني. واشار م. العدوان الى ان لواء ناعور معني يالاستفادة من خدمات المستشفى للقرب الجغرافي لاغلب مناطق اللواء، لافتا الى ان وجود مثل هذا الصرح الطبي التعليمي سيسهم في جذب الاستثمار وتقديم الخدمات التطبيقية لطلبة كليات الطب اضافة الى توفير فرص عمل لابناء المحافظة وجوارها


الوكيل
منذ 21 ساعات
- الوكيل
غزيون: علاج أبنائنا في الأردن أعاد لنا الأمل وخفف من...
09:54 م ⏹ ⏵ تم الوكيل الإخباري- بنبرة حزن وأسى، تحدثت والدة الطفل الغزي عمر النجار عن حالة ابنها، البالغ من العمر 3 سنوات، والذي يعاني منذ 8 شهور من ورم في الدماغ، لم يتم اكتشافه إلا من خلال المستشفى الميداني الأردني، حيث جرت مساعدتها، وشموله بمكرمة جلالة الملك عبدالله الثاني ضمن الممر الطبي الإنساني بمستشفى الحسين للسرطان. اضافة اعلان وقالت، إن اليأس طغى على تفكيرها عندما علمت باستحالة علاجه في مستشفيات غزة، كما أخبرها الأطباء لعدم توفر العلاجات، في ظل قلة الإمكانيات الطبية نتيجة تعديات جيش الاحتلال، ووصفت اللحظة التي وصلها فيها خبر علاج ابنها في الأردن بأنها كانت "خيط الأمل الذي انقطع وعاد من جديد"، وباتت في فرحة أنستها كل الأيام الصعبة التي مرت بها نتيجة معاناة ابنها. بدوره، بين الحاج خالد محمد عبدالعزيز من رفح، والد الطفلة ألما والبالغة 10 سنوات، أن "حياة الحرمان التي عاشتها ابنته في ظل ممارسات الاحتلال أدت إلى إصابتها بمرض الاصفرار، نتيجة التأخير في متابعة علاجها، وتطورت حالتها إلى إصابة الكبد، مما جعل حياتهم خليطاً من المعاناة والألم". وأضاف: لكن كل شيء تغير، والضيق أصبح فرجاً، والمعاناة أملاً، بعد شمول ابنته بالعلاج في المستشفيات الأردنية، مشيراً إلى أن كل ما تعرض له من تعب خلال فترة علاجها سابقاً زال بدخوله الأراضي الأردنية عبر جسر الملك حسين، داعياً أن يحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثاني، السند الداعم لأبناء الشعب الفلسطيني، بما يقدمه من عون طبي وغذائي وللتخفيف من معاناتهم. من جهتها، قالت عمة الطفلة ميسرا عمران، ذات الـ 11 عاماً، والتي تعاني من مرض السرطان، إن رؤية الكوادر الأردنية المرافقة لنا طوال مسافة انتقالنا من الأراضي الفلسطينية حتى وصولنا المملكة، أشعرتنا بكم هائل من الأمان، مضيفة: كأني لأول مرة أشعر بطعم النوم بعدما حرمنا منه ليالٍ طويلة نتيجة القصف المتكرر. وأضافت: "سمعت كثيراً عن مكرمة الممر الطبي لجلالة الملك، وانتابني إحساس غريب أن تكون ميسرا من ضمن المشمولين بها للعلاج"، مؤكدة أن هذا ليس بغريب على ملك يحمل في نفسه أسمى مشاعر الرحمة للشعب الفلسطيني، ومكارمه ترافقنا إلى كل مكان. وأما أم فتحي الخالدي، فقالت: إنني كنت أتابع تفاصيل دخول الأطفال المصابين وذويهم إلى المستشفى الميداني، ورأيت بعيني مشاهد عظيمة لا يمكن لأي إنسان محوها من الذاكرة؛ طفلة صغيرة لم تتجاوز التاسعة، ملفوفة ببطانية خفيفة، تمسك يد والدتها، حين لمحت طبيباً أردنياً يبتسم لها ويرحب بها بلغة لا تحتاج إلى ترجمة. وتابعت: الكوادر الطبية الأردنية لم تكن فقط تمارس عملاً مهنياً، بل إنسانياً من الطراز الرفيع. وما أسعدني وأنساني همومي رؤية ممرض يمسح دمعة عن خد طفل قبل أن يضع له الإبرة، وآخر يجلس على الأرض ليرسم وجوهاً ضاحكة على الجبس الطبي لأحد المصابين بمناظر أفرحت أطفالنا وذويهم. وبيّنت أنها تبلغت عن طريق منظمة الصحة العالمية أن ابنها فتحي سيتم علاجه في الأردن.


الوكيل
منذ يوم واحد
- الوكيل
غزيون: علاج أبنائنا في الأردن أعاد لنا الأمل وخفف من...
09:54 م ⏹ ⏵ تم الوكيل الإخباري- بنبرة حزن وأسى، تحدثت والدة الطفل الغزي عمر النجار عن حالة ابنها، البالغ من العمر 3 سنوات، والذي يعاني منذ 8 شهور من ورم في الدماغ، لم يتم اكتشافه إلا من خلال المستشفى الميداني الأردني، حيث جرت مساعدتها، وشموله بمكرمة جلالة الملك عبدالله الثاني ضمن الممر الطبي الإنساني بمستشفى الحسين للسرطان. اضافة اعلان وقالت، إن اليأس طغى على تفكيرها عندما علمت باستحالة علاجه في مستشفيات غزة، كما أخبرها الأطباء لعدم توفر العلاجات، في ظل قلة الإمكانيات الطبية نتيجة تعديات جيش الاحتلال، ووصفت اللحظة التي وصلها فيها خبر علاج ابنها في الأردن بأنها كانت "خيط الأمل الذي انقطع وعاد من جديد"، وباتت في فرحة أنستها كل الأيام الصعبة التي مرت بها نتيجة معاناة ابنها. بدوره، بين الحاج خالد محمد عبدالعزيز من رفح، والد الطفلة ألما والبالغة 10 سنوات، أن "حياة الحرمان التي عاشتها ابنته في ظل ممارسات الاحتلال أدت إلى إصابتها بمرض الاصفرار، نتيجة التأخير في متابعة علاجها، وتطورت حالتها إلى إصابة الكبد، مما جعل حياتهم خليطاً من المعاناة والألم". وأضاف: لكن كل شيء تغير، والضيق أصبح فرجاً، والمعاناة أملاً، بعد شمول ابنته بالعلاج في المستشفيات الأردنية، مشيراً إلى أن كل ما تعرض له من تعب خلال فترة علاجها سابقاً زال بدخوله الأراضي الأردنية عبر جسر الملك حسين، داعياً أن يحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثاني، السند الداعم لأبناء الشعب الفلسطيني، بما يقدمه من عون طبي وغذائي وللتخفيف من معاناتهم. من جهتها، قالت عمة الطفلة ميسرا عمران، ذات الـ 11 عاماً، والتي تعاني من مرض السرطان، إن رؤية الكوادر الأردنية المرافقة لنا طوال مسافة انتقالنا من الأراضي الفلسطينية حتى وصولنا المملكة، أشعرتنا بكم هائل من الأمان، مضيفة: كأني لأول مرة أشعر بطعم النوم بعدما حرمنا منه ليالٍ طويلة نتيجة القصف المتكرر. وأضافت: "سمعت كثيراً عن مكرمة الممر الطبي لجلالة الملك، وانتابني إحساس غريب أن تكون ميسرا من ضمن المشمولين بها للعلاج"، مؤكدة أن هذا ليس بغريب على ملك يحمل في نفسه أسمى مشاعر الرحمة للشعب الفلسطيني، ومكارمه ترافقنا إلى كل مكان. وأما أم فتحي الخالدي، فقالت: إنني كنت أتابع تفاصيل دخول الأطفال المصابين وذويهم إلى المستشفى الميداني، ورأيت بعيني مشاهد عظيمة لا يمكن لأي إنسان محوها من الذاكرة؛ طفلة صغيرة لم تتجاوز التاسعة، ملفوفة ببطانية خفيفة، تمسك يد والدتها، حين لمحت طبيباً أردنياً يبتسم لها ويرحب بها بلغة لا تحتاج إلى ترجمة. وتابعت: الكوادر الطبية الأردنية لم تكن فقط تمارس عملاً مهنياً، بل إنسانياً من الطراز الرفيع. وما أسعدني وأنساني همومي رؤية ممرض يمسح دمعة عن خد طفل قبل أن يضع له الإبرة، وآخر يجلس على الأرض ليرسم وجوهاً ضاحكة على الجبس الطبي لأحد المصابين بمناظر أفرحت أطفالنا وذويهم. وبيّنت أنها تبلغت عن طريق منظمة الصحة العالمية أن ابنها فتحي سيتم علاجه في الأردن.