
اللواء علام السقا يلتقي سفير جمهورية نيكاراغوا لدى دولة فلسطين
وخلال اللقاء، أكد اللواء السقا عمق العلاقات التي تربط الشعبين، مشيداً بالدعم النيكاراغوي المستمر للقضية الفلسطينية.
وثمن السفير آرسه جهود الشرطة في تعزيز الأمن والاستقرار، مشيداً بالتطور والتقدم الذي يشهده جهاز الشرطة الفلسطينية.
وحضر اللقاء العميد حقوقي ليث زيدان، مساعد مدير عام الشرطة لديوان عام الشرطة، والعقيد ركن ماهر الصادق، مدير مكتب مدير عام الشرطة ودائرة الاتصال والتنسيق الدولي. شاهد أيضاً
نظرة من الداخل: المتوحدون وذوو الإعاقات الذهنية التطورية… كيف ننهض بهم؟ بقلم: رانية مرجية حين …
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الايام
منذ 2 ساعات
- جريدة الايام
النظام السوري والمعركة المذهبية والطائفية
استطاعت دولة الاحتلال أن تحقّق اختراقاً إستراتيجياً كبيراً بإسقاط النظام السوري السابق، ووقف خطوط الإمداد للمقاومة اللبنانية في لبنان، وتصفية المراكز والمواقع الإيرانية، وتدمير معظم قدرات ومقدّرات الجيش السوري دون أن تخسر جندياً واحداً في هذه «الحرب» على سورية. لا أظنّ أنّ أحداً في هذا العالم لا يرى أنّ هذه «الحرب» على سورية هي أرخص حرب «قامت» بها دولة الاحتلال، وبهذه الدرجة من المردود. واضح للجميع، على الأقلّ، الآن، أنّ إسقاط النظام السابق قد جاء في ضوء تراكمات وتحضيرات امتدّت لسنوات، وواضح أكثر أنّ الوضع الاقتصادي المزري بسبب العقوبات الجهنمية على سورية، وبسبب هشاشة الأوضاع الاجتماعية والسياسية، وبسبب فشل النظام السابق في قدرته على تحويل النجاحات الميدانية إلى قوة دفع وتراجع ومراجعة للتأقلم مع مستجدّات الإقليم، وارتهانه للدعم الخارجي في الإطار الميداني تحديداً قد أدّت فيما أدّت إليه إلى توهّم النظام بأن الأطماع التركية ستبقى محدودة، وأنّ الطموحات الكردية، والدعم الأميركي لهذه الطموحات ستحدّ من دور تركيا في الإخلال بمعادلة الصراع الداخلي، وأنّ أيّ نزعات معادية للنظام في الجنوب السوري ستظلّ هامشية وقليلة التأثير والأهمية. لم يكن هذا التوهّم مفهوماً ولا متفهّماً لا من إيران، ولا من «حزب الله» اللبناني، ولا حتى من الرُّوس أنفسهم. كلّ مراقب منصف يعرف مهما كانت درجة انحيازه، أو حتى تزمّته أنّ قطر وتركيا بالتعاون مع الاستخبارات الأميركية كانوا يعملون على مدار الساعة لتقويض أوضاع النظام بانتظار «الرزمة القاتلة» في الوقت المحدّد والمناسب، والجميع أدركوا أنّ أيّ ضعضعة في أوضاع إيران، أو أوضاع الحزب هي بمثابة إيذان للتحرك نحو إسقاط النظام أو ابتزازه إلى أبعد الحدود في حال لم تنجح الرزمة إيّاها، والتي تبيّن الآن وللجميع أنّها كانت معدّة منذ عدة سنوات، لكل طرف من أطراف «المحور» حسب الأهمية والخطورة وحسب الدور الذي ستشارك به هذه الأطراف في الحرب التي أعقبت «طوفان الأقصى». اللافت لكل مراقب أنّ اللحظة للانقضاض على النظام قد أعقبت وقف إطلاق النار في لبنان مباشرة. هنا جرى التحوُّل الدراماتيكي في الموقف التركي. مقابل وعود أميركية وإسرائيلية بحلول «جذرية» للتهديد الكردي، ومقابل دور إقليمي كبير دخلت تركيا على خطّ إسقاط النظام باستخدام كل القوات التي تعمل لحسابها في جيب إدلب، وخصوصاً «هيئة تحرير الشام» التي تشكّل القوة الضاربة الرئيسة هناك. وتمّ تنسيق دخولها مع تراجع الفرق العسكرية السورية، والاستنكاف الكامل عن الدخول في معارك مع القوات التي زحفت على المدن السورية، وتمّ «إسقاطها» مدينةً بعد مدينةٍ أخرى، دون مقاومة جدّية، إلا في حالات نادرة وجزئية، وبسبب عدم معرفة بعض قادة الألوية والكتائب بالانهيار العسكري لفرق النظام. وجاء في بعض تفاصيل المعلومات أن تركيا وقطر اللتين كانتا على تواصل سياسي و»مالي» مع بعض قادة الفرق العسكرية قد طلبتا منهم إقناع الأسد بـ»التنحّي السلمي» بدلاً من المغامرة بالقتال، لا سيّما أن الجانب الإسرائيلي سيتولّى القيام بهجمات مدمّرة على دمشق والقوات المتواجدة فيها وحولها، وأنّ الطيران التركي نفسه سيغطّي تقدّم قوات «هيئة تحرير الشام»، والفصائل المرافقة لها، وكانت النتيجة أن هرب الأسد، وتم إسقاط نظامه بسهولة ويُسر، وتولّت الهجمات الجوية الحربية الإسرائيلية تدمير كل الأهداف التي كانت لديها بمعرفة وتنسيق كامل مع كل من تركيا وقطر و»الجولاني» في آنٍ معاً. هنا بدأ مسار تحديد دور النظام الجديد، وتمّ انتظار المعركة والحرب التي شنّتها الولايات المتحدة على إيران، وقامت دولة الاحتلال بتنفيذها في إطار خطة تكشّفت بالكامل باعتبارها الحرب التي خُطّط لها على مدار سنواتٍ طويلة، وكان هدفها من خلال طبيعة الهجمات، وحجمها، ومن خلال «الرزمة القاتلة» التي كانت ضخمة، وعلى أعلى درجات القوة والاتساع والأدوات والتجهيزات، والتي انتهت بالفشل في إسقاط النظام، وبالذهاب الأميركي المفاجئ إلى وقف الحرب تحت يافطة الادعاء بالنصر، دون أن يعرف أحد، أو يصدّق أحد كيف تحقّق هذا النصر، وما هي مؤشّراته والدلائل عليه. هنا نعود إلى دور «الجولاني» لأنّ دوره قد تحدّد في ضوء نتائج الحرب على إيران بالذات. قبل الحرب على إيران والفشل الأميركي الإسرائيلي الذي نتج عنها كانت أميركا، وكذلك أوروبا تتحدثان عن ضرورة رفع الحصار عن دمشق في أقرب فرصة، وقبل ذلك تتحدثان عن ضرورة التدرّج في هذا الرفع، وكانت الأوساط الأوروبية تحديداً تتحدّث عن ضرورة ترافق رفع العقوبات مع إنجاز إصلاحات سياسية تتعلّق بالتعدّدية السياسية، وتحديد مسار «ديمقراطي»، في حين كانت أميركا تتحدث عن طرد المقاتلين الأجانب، وعن مناصفة واقتسام المناصب العسكرية والأمنية مع قوات «قسد»، وعن حصة كبيرة للأكراد السوريين في الحكم وفي النفط السوري. فجأة تحوّل رفع العقوبات الكاملة إلى قرار أميركي وأوروبي مباشر وشامل بعد قمّة الخليج مع دونالد ترامب، واختفت مسألة تقاسم الحكم من على طاولة البحث، وطُلب على عجل من أكراد سورية سرعة الالتحاق والاندماج بالجيش السوري الجديد، والذي هو جيش «هيئة تحرير الشام» ومن لفّ لفّها. ولم يعد أحد يتحدث في عواصم «الغرب» عن الدستور، أو المرحلة الانتقالية، وتحوّلت الانتخابات إلى وعد في علم الغيب عملياً.. ما هو سرّ هذا الاصطلاح الخليجي في تلك القمّة الشهيرة، وما هي العلاقة التي ربطت، وما زالت تربط بين دور النظام السوري الجديد، وكل ترتيبات الإقليم بعد الحرب على إيران؟ وهنا دعونا نفتح قوساً جديداً على الحرب مع إيران؟ فإذا كان البعض يرى في الحرب على إيران فشلاً عسكرياً وأمنياً وسياسياً في نهاية المطاف، ومن العيار الثقيل، بصرف النظر عن الخسائر الكبيرة التي تكبّدتها عسكرياً وأمنياً ومادّياً وبشرياً، أيضاً، إلّا أنها خرجت من هذه الحرب بمكاسب إستراتيجية كبيرة بالمقابل. فقد حافظت على وتيرة قوية من إطلاق الصواريخ النوعية المتطوّرة، وخرّبت على ما يبدو مركز الاتصال المركزي في قاعدة «العديد» القطرية، وأرهقت الدفاعات الجوية الأميركية والإسرائيلية، ودمّرت مؤسّسات إستراتيجية حيوية لدى دولة الاحتلال، وأثبتت قدرة فائقة على الاستمرار في حرب استنزاف لا تقوى عليها أميركا ولا الدولة العبرية. المكسب الإستراتيجي الخاص الذي حققته إيران هو تدمير أسس وقواعد ومرتكزات المعركة المذهبية والطائفية التي عملت عليها الإستراتيجية «الغربية» على مدى عقود كاملة، وتلاشي واضمحلال الدافعية المذهبية المباشرة في معاداة إيران، وفي تصنيفها المذهبي الذي يخدم هذه الإستراتيجية. نظام «الجولاني» هو النظام الوحيد الذي يستطيع أن يعيد لهذه الحرب وهجها من جديد، وهو مؤهّل أكثر من أيّ جهة، ومن أيّ نظام لأن يلعب هذا الدور، ولديه الأدوات الكافية من الجماعات ذات التاريخ الإجرامي على هذا الصعيد، وهم ــ أي هذه الجماعات الإرهابية ــ يتعطّشون للدماء من كل ما هو غير سنّي، وفق رؤيتهم، وهم على استعداد لقتل المسيحي والدرزي والشيعي والعلوي بدمٍ بارد، ومن دون سبب، وبأعلى درجات التوحُّش والعنف والسادية، أيضاً، أو لقتل السنّي إذا كان يخالفهم الرأي. نظام «الجولاني» في سورية أصبح، اليوم، وتحوّل موضوعياً، وبصرف النظر عن أصحاب النوايا الحسنة، والساذجة إلى شرطي للمنطقة، بعد أن فشلت دولة الاحتلال في لعب مثل هذا الدور بعد حرب الإبادة الجماعية والوحشية التي ارتكبتها في فلسطين ولبنان وإيران واليمن، وفي كل مكان طالتها يدها الإجرامية. النظام الجديد سيلقى كل الدعم بقدر ما ينضبط في أداء هذه المهمّة. فإذا تأخّر وتردّد لسبب أو لآخر ركلوه على قفاه، وإذا هبش وخرمش ضربوه على كلتا يديه، وعلى أن يبقى جاهزاً في كل لحظة لأدوار قادمة في لبنان والعراق وعلى الحدود البرّية لإيران، وفي سورية نفسها إذا تحرك «سُنّة الشام» ضدّه في أيّ لحظة. وأما علاقته بتركيا فستخضع للاعتبارات الأميركية الإسرائيلية، وهذا ما بات يقلق أنقرة أكثر من أيّ وقتٍ مضى. مجازر الساحل السوري كانت البروفة الأولى، وفصول السويداء السورية، أيضاً، هي الثانية، وعليها وعلى نتائجها ستتحدّد الوجهة الثالثة.


جريدة الايام
منذ 2 ساعات
- جريدة الايام
إلى حين يتعرّف العرب على هويّتهم
بينما يتهاوى نظام القيم الدولية الإنسانية، ويترنّح نظام العدالة وضوابط السلم العالمي، في الطريق نحو انهيار النظام الدولي الذي لا يزال يتسيّد على البشرية، ينهض التساؤل المرّ عن حال الأمة العربية ودورها ومكانتها القائمة والمرتقبة في العالم الجديد الموعود. إذا كانت الأمّة العربية، قد حافظت كأمّة على العناصر الأساسية المكوّنة لهويّتها الجمعية نظرياً، فإنّ النظام العالمي الذي ساد بعد الحرب العالمية الأولى، قد فكّك هذه العناصر، وأحالها إلى شظايا متناثرة، ما أدّى إلى الإطاحة بممكنات إقامة مشروع قومي، عربي نهضوي. القوى الاستعمارية، التي أدركت مبكّراً ضرورة منع قيام مشروع قومي عربي، بما يسمح لها بالسيطرة الكاملة على الثروات الهائلة التي تزخر بها هذه المنطقة من العالم، كانت قد أسّست للوضع القائم حالياً، عَبر ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الأولى. بل إنّ قوى الاستعمار القديم، قد تنبّهت إلى خطورة مشروع محمد علي باشا في النصف الأوّل من القرن التاسع عشر، واستلهمت من ذلك، التفكير بتقسيم الوطن العربي بين شرق وغرب عَبر مشروع حلّ ما يسمّى الأزمة اليهودية، بإقامة مجتمع استيطاني إحلالي يهودي على أرض فلسطين، وكانت تلك الخطوة الكبيرة الأولى تبعتها اتفاقية «سايكس ـ بيكو» عام 1916. بعد تلك الفترة، عملت القوى الاستعمارية على تأييد ذلك الواقع عَبر تعزيز النزعات القبلية، والطائفية والعرقية، وتنمية النزعات القُطرية، وتشكيل كيانات متصارعة، تتراجع معها تدريجياً، المصالح القومية المشتركة. اليوم تعيش الأمّة العربية حالة مزرية، من التنافس والصراع البيني، وتطغى على المشهد أوهام تجاوز محدودية القدرة القطرية التي يعتقد معها كل نظام أنه يمكن أن يأخذ مكانه بين القوى العظمى الإقليمية أو الدولية. لا يدرك هؤلاء أن هذه الأوهام قد تسقط بين لحظة وأخرى طالما أنها تعمل في المساحة المتاحة لها من قبل المتسيّد على النظام الدولي، ومرّة أخرى أسقطت القوى الاستعمارية الفكرة التي آمن وعمل عليها جمال عبد الناصر، بشأن إقامة مشروع قومي عربي نهضوي، حتى لم يبق أحد يفكّر بهذه الطريقة. كان لا بدّ من إكمال عملية إسقاط هذه الفكرة من أساسها، عَبر إسقاط حامليها، بحيث اختفت كل الأحزاب القومية العربية وخلت المنطقة من أيّ تجمُّع، أو مشروع نظري حتى يبشّر أو يدعو إلى ذلك، حتى باتت هذه الفكرة وكأنّها شبهة تستدعي مُلاحقة من يدعو إليها. في قراءة الوضع الذي وصلته الأمّة العربية، يتساءل المرء عن أسباب الصراع في سورية، والعراق، ولبنان، واليمن، والسودان، والصومال، وفلسطين وليبيا، وبين الجزائر والمغرب، وما هي القوى التي تقف خلف هذه الصراعات والحروب والانقسامات. لماذا تمسّك الزعماء العرب في سورية (بشار الأسد)، وفي ليبيا (معمر القذافي)، وفي تونس (زين العابدين بن علي)، وفي اليمن (علي عبد الله صالح)، بالسلطة حتى الموت والدمار؟ كان بإمكان هؤلاء، أن يختموا حياتهم كأبطال لو أنهم نزلوا عند رغبة شعوبهم، واختاروا الديمقراطية وصناديق الاقتراع لمنع انهيار بلدانهم، وكان لدى البعض خيارات وأولويات أخرى بدلاً من خوض الصراع، وهدر الإمكانيات المادية والبشرية في الصراعات الداخلية. بأيدٍ عربية، وتدخُّلات أجنبية، يجري تدمير السودان، وسورية، ولبنان، وليبيا واليمن، سعياً وراء أوهام القوّة وتحقيق النفوذ. لا يدرك الزعماء العرب أنّ الأمّة العربية تملك من الإمكانيات الجغرافية والبشرية، والثروات الطبيعية ما يجعلها تنافس على مواقع ونفوذ بين القوى العظمى الدولية. العرب تائهون، وإراداتهم مسلوبة، وثقتهم بأنفسهم وشعوبهم معدومة، وخوفهم على أنظمتهم القُطرية والقبلية، يجعلهم دائماً يبحثون عن حماية أمنهم واستقرارهم، من خلال قوى خارجية. لماذا لا يستطيع العرب حماية أمنهم بأنفسهم، ويتركون ذلك مرّة لإيران، وأخرى للدولة العبرية، ودائماً للولايات المتحدة، وآخرون تائهون بين الخيارات؟ القضية الفلسطينية التي يتشدّق العرب بأنها قضيتهم المركزية تأرجحت بين صعود وهبوط، تبعاً لحالة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وبعضهم أسقطها من حساباته، واختار التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي. والسؤال: ماذا ينتظر العرب من التغيّرات الجارية على المستوى الدولي؟ إذا كان العرب، وقضيتهم المركزية، لم يحققوا شيئاً خلال فترة النظام الدولي ثنائي القوة قبل سقوط الاتحاد السوفييتي، فهل يمكن أن يحققوا شيئاً من النظام الدولي متعدّد الأقطاب الموعود؟ القوى المرشّحة للمشاركة في صناعة النظام الدولي متعدّد الأقطاب، من الصين إلى روسيا، وغيرها، كلها تبني سياساتها وفق مصالحها الخاصّة، وهي تكتفي فقط بإصدار البيانات، فهل ستجد تلك البيانات طريقاً للعمل في حال تغيّر النظام الدولي؟ الولايات المتحدة، تمارس هيمنتها على النظام العالمي من خلال استخدام القوّة، ولأنها تتحمّل الجزء الأكبر من ميزانيات الأمم المتحدة، ولذلك، فإن الكثير من مؤسّساتها تنهار ويختفي دورها العملي، حين تتوقّف الولايات المتحدة عن تغطية نفقاتها. والسؤال: لماذا لا تتقدّم القوى المنافسة لملء الفراغ لحماية المؤسّسات الدولية، ولعلّ أبرز مثال على ذلك «الأونروا». من الواضح أنّ الدرس الأساس المهمّ هنا هو أن الأمّة العربية، سواء كجماعة أو كأنظمة قُطرية، لا يمكنها أن تحقق استقلالها وكرامتها، واستقرارها، وحقها في تقرير مصيرها، إلّا بالاعتماد على ذاتها. الدرس الفلسطيني أبلغ من أيّ درسٍ أو تجربة، فلولا نضالهم وتضحياتهم، لما تمكنوا من إحياء وفرض قضيتهم على كل الأجندات الإقليمية والدولية.


جريدة الايام
منذ 2 ساعات
- جريدة الايام
إسرائيل بين تناقض السياسات ووضوح الاستراتيجية في سورية
لم تكن هجمات ٧ أكتوبر مقدمة لاستراتيجيات عسكرية وأمنية جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ــ في قطاع غزة والضفة الغربية فقط، بل كانت مدخلاً لاستراتيجيات جديدة معلنة في سورية أيضاً. وقد تعكس الأحداث الأخيرة في السويداء جانباً من تلك الاستراتيجية الإسرائيلية المعلنة في سورية. وقد يكون أكثر ما يشير لغرابة الأحداث في السويداء تناقض المواقف الإسرائيلية، التي تشن غارات على قوات النظام التي تحاول فرض الأمن في السويداء من جهة، بينما تتبنى محادثات مباشرة وغير مباشرة مع ذلك النظام السوري الجديد، في سبيل تثبيت اتفاقيات هدنة، أو تطبيع كما يتطلع الرئيس الأميركي. في فلسطين، كشف الاحتلال صراحة عن استراتيجيته باتجاه حسم الصراع مع الفلسطينيين في غزة والضفة، بعد السابع من أكتوبر. فمن خلال الحرب الدموية المدمرة في غزة، التي تهدف لجعل مستقبل حياة الغزيين فيها معقداً، ومن خلال تضييق الخناق في الضفة الغربية، بفرض الحواجز والتهجير الداخلي والهدم والمصادرة وتصعيد اعتداءات المستوطنين، تزداد تعقيدات الحياة، في تدشين بيئة طاردة للفلسطينيين من أرضهم. تأتي تلك السياسات الإسرائيلية المعلنة، اليوم، في ظل مجتمع إسرائيلي يميني في غالبيته، وتوجه بترسيخ يمينية مفاصل الدولة العميقة، وتحسين فرص وصول من هم أشد يمينية لسدة الحكم، لضمان تنفيذ السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين في المستقبل. لم تكن إستراتيجية الاحتلال بإدارة الصراع بعيدة عن النتائج التي باتت تتطلع إليها بحسمه، اليوم، بل كانت مرحلة ضرورية لازمة، هدفت خلالها الحكومات الإسرائيلية إلى تغيير الوضع الجغرافي على الأرض تدريجياً، تمهيداً لحسم ديمغرافي. في سورية، وبعد أن بقيت التفاهمات الأمنية لعقود بين النظام السوري والحكومات الإسرائيلية المختلفة، التزم خلالها النظام السوري بقواعد هدنة لم تتزحزح، رغم خروقات إسرائيل المتكررة بهجمات جوية بقيت محدودة، ودون كسر لقواعد الاشتباك على الحدود، في ظل اتفاقية الهدنة لعام ١٩٧٤، والتي حددت المناطق المنزوعة السلاح، في ظل وجود قوة أممية تدعم ذلك. بعد سقوط نظام بشار الأسد نهاية العام الماضي، غيرت إسرائيل من سياستها تجاه سورية، وتبنت استراتيجية تختلف تماماً عن تلك التي تبنتها في الماضي. فقد ألغت اتفاق الهدنة، واحتلت المناطق المنزوعة السلاح، داخل الأراضي السورية، وتمددت في أنحاء واسعة في البلاد. كما أنها اعتبرت النظام السوري الجديد «إرهابياً»، ينحدر من أصول دينية أصولية، يصعب الوثوق به، خوفاً من تكرار هجمات السابع من أكتوبر. وقد يكون من المفيد تتبع التصريحات الرسمية في ذات الخصوص، لفهم إستراتيجية إسرائيل في سورية، اليوم. بينما وصف نتنياهو نظام أحمد الشرع الجديد، بعد سقوط نظام الأسد، بأنه «نظام إسلامي متطرف» يشكل تهديداً لدولة إسرائيل، وقامت القوات الجوية الإسرائيلية بتدمير كبير في البنية العسكرية للدولة السورية، واعتبر جدعون ساعر وزير الخارجية الإسرائيلي أن إسرائيل تتطلع إلى تطبيع علاقاتها مع سورية ولبنان، لما يشكل ذلك من مصلحة لبلاده، لكنه شدد على أن ذلك التطبيع يأتي في ظل «الحفاظ على مصالح إسرائيل الأساسية والأمنية». ويأتي تصريح نتنياهو بأنه يتطلع لـ»نزع السلاح الكامل من جنوب سورية»، لتكتمل عناصر المعادلة الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه سورية، بما يفسر سياساتها المتناقضة فيها. ففي سبيل الحفاظ على واقع أمني وعسكري يضمن تدخلا إسرائيليا قويا في سورية ويحفظ وجودها ومكانتها، تحتاج إسرائيل لوجود نظام ضعيف فيها، لا يقوى على مواجهتها، ويكون من مصلحته تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتجنب عدائها. واعتبرت الإدارة الأميركية بالفعل أن «من مصلحة سورية أن تميل نحو إسرائيل». وعليه يمكن فهم سياسة إسرائيل، التي تواصل تمددها وسيطرتها الأمنية والعسكرية في سورية، خصوصاً في جنوبها، وهو ما يتطلب المحافظة على نظام ضعيف في سورية، يسهل الطعن به وتقويض مصداقيته. وتستهدف إسرائيل منذ سقوط الأسد البنية التحتية للقدرات الهجومية العسكرية السورية، كما تتعمد شن غارات على رموز مهمة للنظام، لكشف ضعفه، ومواصلة تهديده. كما تنسج إسرائيل علاقات وولاءات مختلفة مع أطياف وأقليات مختلفة في سورية، خصوصا في جنوبها، كما يحدث حالياً في السويداء، ما يضعف هيبة النظام سياسياً أيضاً. في السويداء، تتعمد إسرائيل باستغلال أزمة الدروز، الذين يشكلون الأغلبية فيها، لترسخ مفهوم ضعف النظام. فرغم أن الخلاف بين الدروز والنظام ليس جديداً، كما الهجمات المتبادلة من قبل البدو أو جماعات متطرفة مع الدروز، إلا أنها تفاقمت بعد وصول الشرع إلى الحكم. ووصل الأمر إلى اعتبار إسرائيل السويداء تحت حمايتها الأمنية، ما يفسر استهداف إسرائيل لقوات النظام المتوجهة للسويداء أو المتواجدة فيها خلال الأيام الماضية، ومحاولتها تقويض أي تفاهمات بين النظام والدروز. تريد إسرائيل أن تستغل علاقتها التاريخية بالدروز، خصوصاً هؤلاء المتواجدين في مرتفعات الجولان، والذين يمتلكون علاقات عائلية ممتدة في السويداء، وعدم عدائية العلاقة مع دروز سورية، على مدار العقود السابقة، لترسيخ علاقة معهم، تضمن تواجدا أمنيا وسياسيا، بموافقة الدروز أنفسهم، رغم أن هناك من يعترض على تلك العلاقة من دروز السويداء. ولم يخرج الطلب الإسرائيلي من ترامب بعدم رفع العقوبات عن سورية، إلا لضمان بقاء النظام السوري الجديد ضعيفاً. كما تسعى إسرائيل للاحتفاظ بالوجود الأميركي في شمال سورية، لتقويض فرص تعزيز النفوذ السوري فيها، خصوصاً في ظل تحسن مكانة ونفوذ تركيا في تلك المناطق، التي تدعم نظام الشرع. إن تلك التطورات تفسر القلق الإسرائيلي من النفوذ التركي في شمال سورية، والقلق التركي من النفوذ الإسرائيلي المتصاعد في جنوبها. تأتي جميع تلك السياسات الإسرائيلية تجاه نظام الشرع على الرغم من تأكيده على عدم نيته مهاجمة إسرائيل، أو السماح بمهاجمتها من الأراضي السورية، أو جعل بلاده ممراً مفتوحاً للبنان، ما يفسر موقف الولايات المتحدة الساعي لتطبيع العلاقات بين سورية وإسرائيل. وأجرت إسرائيل محادثات مباشرة وغير مباشرة مع الحكومة السورية الجديدة، إلا أن ذلك لن يخرج عن الحد الذي ستسمح به إسرائيل، بما يضمن لها تحقيق مصالحها الأمنية والسياسية.