
بالتعاون مع «الدولية للهجرة» ومشاركة «الداخلية» و»العمل» .. «حقوق الإنسان»: رعاية العمالة المنزلية أولوية اجتماعية وثقافية
نظمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والمنظمة الدولية للهجرة أمس حلقة نقاشية رفيعة المستوى، واجتماع مائدة مستديرة، إحياءً لليوم الدولي لعمال المنازل.
جاءت النقاشات تحت عنوان «تعزيز الوصول إلى العدالة لعمال المنازل: الارتقاء بالدعم القانوني وتعزيز آليات المساءلة»، بمشاركة من وزارتي العمل والداخلية، وعدد من الخبراء.
من جانبه أوضح الدكتور محمد بن سيف الكواري - نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان – أن الاحتفاء بالأيام العالمية والإقليمية والوطنية لحقوق الإنسان بمثابة فرصة ثمينة للوقوف على التقدم المحرز في معالجة شواغل حقوق الإنسان وإذكاء الوعي بها.
وقال د. الكواري: نغتنم اليوم العالمي للعمالة المنزلية من أجل مواصلة جهودنا في مجال التثقيف والتوعية والمناصرة مع شركائنا وأصحاب المصلحة، سيما وأن هناك نحو (168626) انسانا يقومون بالعمل المنزلي في قطر، وفقا لتقرير مسح القوى العاملة لعام 2022 الصادر عن جهاز التخطيط والاحصاء عام 2023، وهؤلاء يمثلون ما نسبته (8.39%) من مجموع العمالة غير القطرية، الأمر الذي جعل هذا العمل جزءا من حقائق حياتنا الاقتصادية والاجتماعية في دولة قطر.
وأضاف: هذه العمالة غادرت مجتمعاتها بحثا عن فرص الرزق التي تكفل لهم العيش الكريم، والتنمية المستدامة لمجتمعاتهم أيضا، وحماية حقوق العمالة المنزلية من منظورنا، هي حماية لحقوق الإنسان المكفولة في الدستور الدائم لدولة قطر، وهو الذي نص على أن المجتمع القطري «يقوم على دعامات العدل، والإحسان، والحرية، والمساواة، ومكارم الأخلاق»، وهذه هي المقومات الأساسية التي تعكس رؤية المجتمع القطري للعمالة المنزلية بصفتها جزءا لا يتجزأ من الأسرة القطرية القائمة على قيّم العطاء والاحترام والخير لجميع أفرادها.
وأكد أن رعاية حقوق العمالة المنزلية أولوية اجتماعية وثقافية بناء على القاعدة الشرعية التي جاءت في قول الله تعالى «هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ»، مشيراً إلى أن الدستور القطري أكّد على مبدأ المساواة وسيادة القانون والكرامة الإنسانية والحريات الشخصية والسلامة البدنية.
وأضاف: قطعنا في قطر شوطاً مهماً في تعزيز وحماية حقوق العمالة المنزلية خلال السنوات الماضية، وهو ما عكسته الإصلاحات القانونية التي توجت بإقرار القانون رقم (15) لسنة 2017 بشأن المستخدمين في المنازل.
وشدد على أن توعية وتثقيف العمال المنزليين بالتشريعات القطرية بما تتضمنه من حقوق وآليات إنصاف ومساعدة قانونية قبل مغادرة دولهم، هي بمثابة مسؤولية تقع على عاتق دولهم في المقام الأول، مثمناً المبادرة القطرية بإنشاء (14) مركزا لمنح التأشيرات في الدول المصدرة للعمالة من اجل ضمان عدم استغلال العمال، مع أهمية التوسع بها إلى دول أخرى، إضافة إلى أهمية مد العمالة المنزلية بعد الوصول إلى قطر بالمعلومات الخاصة بالثقافة المجتمعية والقانونية.
وأشار إلى الدور المهم للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في حماية حقوق العمالة المنزلية المتجسدة في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وتحليل الممارسات الوطنية الجيدة وتوسيع نطاقها، فضلا عن الدعوة إلى اقتباس الممارسات الدولية الفضلى.
جزء حيوي من نسيج المجتمع وسوق العمل.. رلى حاماتي: تقدم قطري ملحوظ على صعيد تشريعات «الحماية»
أكدت السيدة رلى حاماتي – القائم بالأعمال، بعثة المنظمة الدولية للهجرة في دولة قطر أهمية الحلقة النقاشية، والتي تعد الفعالية الاولى من نوعها مشتركة ما بين اللجنة الوطنية لحقوق الانسان والمنظمة الدولية للهجرة.
وأشارت إلى أن العمال المنزليين يشكلون جزءًا حيويًا من النسيج المجتمعي ومن سوق العمل، وان هؤلاء العمال ليسوا فقط داعمين رئيسيين للأسر، بل هم أيضًا ركيزة أساسية في الاقتصاد الرعائي، بما يسهم في تمكين شرائح واسعة من المجتمع خاصة النساء منهم من المشاركة الاقتصادية والاجتماعية.
وقالت حاماتي: احرزت دولة قطر تقدما ملحوظا على صعيد التشريعات الهادفة الى حماية حقوق المهاجرين عامة وعمال المنازل منهم أيضا، فقد اقرت دولة قطر قانون رقم (15) لسنة 2017 بشأن المستخدمين في المنازل، ما يشير إلى خصوصية هذا القطاع واهمية تنظيم شروط العمل فيه، وقد شكلت اصلاحات سياسات العمل التي وضعتها الدولة منذ عام 2020 بدءا من ضمان حرية التنقل في سوق العمل وتغير جهة العمل، والحد ادنى للأجور نقلة نوعية في ظروف العمل، والظروف المعيشية لمئات الآلاف من العمال ومنهم عمال المنازل ايضا.
وأضافت: على الرغم من التقدم المُحرز على صعيد الإصلاحات، لا تزال هناك تحديات حقيقية تحول دون تمتع هذه الفئة من العمال بكامل حقوقها. ومن بين هذه التحديات مثل حواجز اللغة، والصعوبات الاقتصادية.
«اللجنة» تلقت 1853 التماساً خلال 2024.. ناصر المري: تقديم استشارة قانونية والترافع
مجاناً للفئات الأولى بالرعاية
تطرقت الجلسة الأولى من النقاشات إلى المسارات القانونية والأطر المؤسسية، شارك بها السيد ناصر مرزوق سلطان المري، مدير ادارة الشؤون القانونية، باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.
الذي استعرض دور اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في تعزيز الوصول إلى العدالة وحماية حقوق الإنسان، مع تقديم مجموعة من التوصيات لتعزيز هذه الجهود للوصول إلى آفاق الاستدامة، مشيراً إلى أن دولة قطر أولت اهتماما بالغا بحقوق العمال عبر مجموعة من الإصلاحات التشريعية، ومنحت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مزيد من الصلاحيات والأدوار التي تمارسها في تعزيز وحماية حقوق الإنسان بقدر من الشفافية والاستقلالية.
وأكد على دور اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان للوصول إلى العدالة، وفقاً لخطتها الاستراتيجية 2024-2030، ولاختصاصاتها التي حددتها مبادئ باريس لعام 1993، وأن من أبرز أدوار اللجنة الانتصاف لحقوق الجمهور من الملتمسين، حيث تختص (اللجنة) بتلقي الشكاوى والتماسات المواطنين والمقيمين التي تتضمن انتهاكات وتجاوزات محتمله لحقوق الإنسان، وأن إحصائية عام 2024م لعدد الشكاوى قد بلغت 1853 التماساً، وبضمنها ما يتعلق بالالتماسات الخاصة بالعمال والعمالة المنزلية، حيث عملت اللجنة على بحثها والتحقق منها والتنسيق مع الجهات المعنية بشأن معالجتها.
ونوه بأن هناك خدمات مساندة ودعم في سياق ممارسة اللجنة لهذا الاختصاص تتمثل في تلقي البلاغات والنداءات المستعجلة عبر الخطوط الساخنة للجنة بخمس لغات وهي (العربية، والانجليزية، والأوردو والتي تغطي بدورها اللغات الهندية، والنيبالية، والسريلانكية إلى جانب اللغتين الفلبينية والسواحلية)، بشأن انتهاكات في مواقع عمل أو شركات، وانتداب موظفي الرصد للوقوف على الأوضاع للتحقق من صحتها واستطلاع ما يحيطها من أسباب وملابسات، وتقديم تقارير مفصلة عنها مشفوعة بما يلائم من توصيات إلى الجهات المعنية لمعالجتها، لافتا إلي دور اللجنة في تقديم الاستشارة القانونية والترافع مجاناً بشأن بعض الحالات للفئات الأولى بالرعاية، والضعيفة ومنهم العمال أمام المحاكم المختصة، من قبل مكاتب محاماة متعاونة مع (اللجنة)، وتقديم الدعم المادي لبعض الحالات من المشتكين والملتمسين من ذوي الدخل المحدود ومن ضمنهم العمال والفئات الأولى بالرعاية بالتنسيق مع الجمعيات الخيرية.
لا تسمح للمستقدم بإساءة استخدام صلاحياته.. النقيب محمد الجبر: التشريعات والإجراءات تضمن الحقوق
قال النقيب محمد ناصر الجبر ممثل إدارة البحث والمتابعة بوزارة الداخلية خلال الجلسة: إن العلاقة التي تربط مستخدمي المنازل ومن في حكمهم بمستقدمها تتسم بطبيعة خاصة، لافتا إلى أنها ذات طابع إنساني واجتماعي نتيجة لاتصالها بالحياة اليومية لكلا الطرفين، موضحاً أن دولة قطر استصدرت أدوات وقوانين تشريعية لضبط هذه العلاقة وتنظيمها لحماية هذه الفئة والوصول الى انصافها من خلال توفير الحماية والدعم القانوني.
أضاف الجبر: إن وزارة الداخلية ممثلة بإدارة البحث والمتابعة تعمل على تنفيذ احكام القانون رقم 21 لسنة 2015 بتنظيم دخول وخروج الوافدين، بما يضمن استمرارية توفير الدعم القانوني والحماية للعمالة الوافدة بصفة عامة والعمالة المنزلية بصفة خاصة. ونوه بما أقرته التشريعات الصادرة بهذا الشأن من إلزام المستقدم القيام بإجراءات ترخيص الإقامة وتجديدها خلال مدة لا تجاوز تسعين يوما ولا يعفى من هذا الالتزام الا في حال تعذر عليه القيام بذلك بموجب المادة 8 من القانون رقم 21 لسنة 2015 بتنظيم دخول وخروج الوافدين فقرة (2)، ولا يتم استصدار رخصة الإقامة الا بوجود عقد استخدام موثق ومصدق من قبل الجهات المختصة. ولفت إلى أن التشريعات نظمت إجراءات بلاغات ترك العمل وعدم السماح للمستقدم بإساءة استخدام صلاحياته، وتسهيل تأمين مغادرة العامل في حال قام بتسليم نفسه وطلب المغادرة الطوعية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العرب القطرية
منذ 2 أيام
- العرب القطرية
مجلس الشورى.. دور تشريعي فاعل وتعزيز للمشاركة في صنع القرار
قنا اختتم مجلس الشورى فصله التشريعي الأول الموافق لدور الانعقاد السنوي (50-53)، مضيفا إلى سجله الممتد لأكثر من خمسين عاما إرثا من الإنجازات التي تعكس التزامه برسالته الدستورية، وحرصه على تعزيز المشاركة في صنع القرار، وترسيخ أسس النهج الشوري بالدولة بما يضمن تحقيق المصلحة العليا للوطن. وأثبت مجلس الشورى خلال دوراته المتعاقبة، دوره التشريعي الهام والحيوي لأجل مصلحة الشعب القطري، وتلبية طموحاته من خلال منظومة التشريعيات والقوانين التي يناقشها ويجيزها ويقرها ويقوم بتعديلها، في ظل سيادة القانون، وبما يتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030، والدستور الدائم لدولة قطر باعتباره السياج القانوني لهذه الطموحات والمصالح. وفي هذا السياق يؤكد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله ورعاه" في كل خطاباته التي يفتتح بها دورات الانعقاد السنوي لمجلس الشورى، على الدور التشريعي والرقابي الذي يقوم به المجلس على أكمل وجه، وما يجيزه ويناقشه من حزم ومجموعات مشروعات القوانين الهامة، استكملت بموجبها قوانين أساسية تنظم مختلف أوجه الحياة والمعاملات في الدولة، بما يصب في مصلحة الوطن والمواطن. وتعد التوجيهات السامية لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى نبراسا يسترشد به المجلس في مسيرته، الأمر الذي يحفز على بذل المزيد من الجهود والعمل لتحقيق الأهداف التي تلبي تطلعات المواطنين، وتساهم في التنمية والازدهار في مختلف ربوع الوطن. لقد تمكن المجلس، عبر مداولاته وجلساته التي وصل عددها إلى 140 جلسة (بينها جلستان غير عاديتين)، من مناقشة جملة من القضايا الحيوية التي تصب في صلب الأولويات الوطنية، سواء ما يتعلق منها بالموضوعات التي تهم وتمس حياة المواطنين، أو التشريعات والسياسات التي تعزز التنمية المستدامة، وتواكب رؤية قطر الوطنية 2030، ترجمة تطلعات القيادة الحكيمة والشعب القطري إلى واقع ملموس. كما اضطلع المجلس على امتداد الفصل التشريعي الأول، وكعادته بدور تشريعي فاعل ونشاط ملحوظ أسهم في دعم مسيرة التنمية الوطنية، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية قطر الوطنية 2030. وضمن هذا السياق، أقر المجلس خلال أدوار انعقاده 82 مشروع قانون، تناولت في مجملها قضايا حيوية تهدف إلى تحسين البيئة الاقتصادية وتعزيز جاذبية الاستثمار، وتوسيع نطاق الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب تطوير البنية التحتية. كما شملت تلك التشريعات تطوير المنظومة القضائية، ودعم كفاءة الأداء الإداري والمالي للدولة، بما يعزز من فعالية المؤسسات ويواكب متطلبات النمو والتطور. ومن أبرز ما أنجزه المجلس خلال الدورة التشريعية الفائتة إقراره مشروع التعديلات الدستورية في دور انعقاده العادي الرابع من الفصل التشريعي الأول، الموافق لدور الانعقاد السنوي الثالث والخمسين. ووافق مجلس الشورى بالإجماع على إقرار مشروع التعديلات الدستورية ورفعه إلى سمو الأمير، وذلك بعد استعراض تقرير اللجنة الخاصة بدراسة تعديل بعض مواد الدستور، ومناقشات بناءة ومعمقة اتسمت بحرص أصحاب السعادة أعضاء المجلس على تعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ مبدأ العدل وسيادة القانون، وتحقيق المصلحة العليا للبلاد، وفق توجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى "حفظه الله". وقد أكد سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم رئيس مجلس الشورى بهذه المناسبة، على أن مشروع التعديلات الدستورية الذي جاء بناء على توجيهات حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى "يجعلنا أمام مرحلة هامة ستضع دولة قطر في مرتبة متقدمة، وستفتح آفاقا نحو النمو والتقدم والازدهار، وستذكرها الأجيال القادمة بفخر واعتزاز". وتابع سعادته قائلا: "إن هذه التعديلات تمثل خطوة هامة في تعزيز وحدتنا الوطنية وترسيخ مبدأ سيادة القانون، لافتا إلى أن الغاية من اقتراح هذه التعديلات الدستورية، كما أشار سمو الأمير المفدى في خطابه أمام مجلس الشورى، هي الحفاظ على وحدة الشعب وتعزيز المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات. وشدد سعادة رئيس المجلس على أن هذه التعديلات تأتي لتعكس التزام دولة قطر بتطبيق مبدأ العدل وسيادة القانون في كافة مجالات الحياة، وتحقيق تطلعات المواطن القطري نحو مستقبل أفضل يسوده القانون، وأضاف سعادته قائلا: "إن إقرار هذه التعديلات والغايات النبيلة التي تهدف إلى تحقيقها تجعلنا أمام لحظات تاريخية في مسيرة التطور والنماء لدولتنا الحبيبة. لقد ورثنا وطنا آمنا ومتماسكا اجتماعيا لا توجد به انقسامات ونريد أن نورث لأبنائنا وطنا أقوى وأكثر تماسكا". وأشاد سعادته بالتعاون المثمر والبناء مع الحكومة الموقرة، مثمنا ما قدمته من دعم واهتمام بمشروع التعديلات الدستورية. كما أقر المجلس خلال هذه الدورة لائحته الداخلية، والتي تهدف إلى تنظيم عمل المجلس، وتحديد كيفية إدارة جلساته، وكيفية اتخاذ القرارات، وتنظيم اللجان المختلفة. وتتكون اللائحة الداخلية من 244 مادة موزعة على ثمانية أبواب، وتنظم مختلف قواعد العمل والإجراءات الداخلية لعمل المجلس. وتتضمن اللائحة الداخلية الجديدة، التي حلت محل القانون رقم (6) لسنة 1979، تحديد النظام الداخلي وطريقة سير العمل في المجلس، وأعمال لجانه، وتنظيم الجلسات، وقواعد المناقشة، والتصويت، وسائر الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور. كما تهدف اللائحة الداخلية الجديدة إلى تعزيز العمل الرقابي والتشريعي للمجلس، وتضمنت أيضا آليات لضمان سير العمل في المجلس، مثل تنظيم الجلسات، وقواعد المناقشة والتصويت. وبموجب اللائحة الداخلية الجديدة، يعزز مجلس الشورى دوره الرقابي والتشريعي، ويحدد آليات ممارسة اختصاصاته وفق الصلاحيات المقررة في الدستور والقوانين ذات الصلة. وقد أكد سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم رئيس مجلس الشورى، في حوار سابق مع وكالة الأنباء القطرية " قنا "، أن القضايا التي تهم المواطنين تأتي في صدارة أولويات المجلس، استرشادا بتوجيهات القيادة الحكيمة، وتطلعاتها لتطوير التشريعات الوطنية لتستجيب لكافة متطلبات التنمية الشاملة، بما يعزز تنفيذ رؤية قطر الوطنية 2030. ونوه سعادته إلى أن المجلس تعاطى مع القضايا التي تهم المواطن القطري بحرص كبير واهتمام بالغ، الأمر الذي تجسد في النقاشات المثمرة التي دارت تحت قبة قاعة "تميم بن حمد"، وما تمخض عنها من توصيات، وما أسفرت عنها من تعديلات على مشروعات القوانين التي أحيلت إلى المجلس من الحكومة الموقرة. وعلى صعيد مناقشاته العامة والاقتراحات برغبة، أثمرت أعمال مجلس الشورى خلال فصله التشريعي الأول، الموافق لدور الانعقاد السنوي، العديد من المقترحات والتوصيات التي تستجيب لمتطلبات المرحلة، وتلامس هموم المواطن في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد والإسكان والبيئة والاستدامة، إلى جانب تعزيز الحوكمة والشفافية والحفاظ على الهوية ومواجهة التحديات المتصلة بوسائل الاتصال الحديثة. وفي هذا السياق، وخلال دور الانعقاد السنوي الخمسين، طرح المجلس موضوعات وقضايا مهمة وجوهرية، كان من أبرزها جلسة حول الباحثين عن العمل من القطريين، وتحديد احتياجات الدولة من التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، وأخرى عن التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة الأعباء المالية على الأسر، كما ناقش ظاهرة عزوف القطريين عن مهنة التعليم. ومن القضايا التي كانت محل مداولات المجلس كذلك، مناقشة تفعيل قانون رقم "7" لسنة 2019 بشأن حماية اللغة العربية والحفاظ عليها، وتعزيز القيم الإسلامية والمجتمعية، والحفاظ على الهوية الوطنية، إلى جانب مناقشة "المظاهرة المصاحبة للزواج" التي تؤدي إلى ارتفاع التكاليف، فضلا عن تحديات مجتمعية أخرى. وقد اتسم دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الأول، الموافق لدور الانعقاد السنوي الخمسين لمجلس الشورى، وكذلك بأعمال ومناقشات وتوصيات بناءة، حيث تناول المجلس خلال 35 جلسة عامة، وعدة اجتماعات للجان، العديد من المسائل والموضوعات الحيوية التي تهم الوطن والمواطن، وقدم المقترحات الملائمة بشأنها، سواء ما يتعلق منها بالأدوات التشريعية التي تنظم شؤون نزع الملكية الخاصة مؤقتا للمنفعة العامة، وتنظيم تملك البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى الدولة للعقارات، أو الموضوعات المهمة الأخرى التي تلامس حياة المواطنين كمشروعي قانوني التأمينات الاجتماعية والتقاعد العسكري، ومناقشة المقترحات الخاصة بالتضخم وارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة الأعباء على المواطنين، وعزوف القطريين عن مهنة التعليم، والمظاهر السلبية المصاحبة للزواج، والباحثين عن عمل من القطريين، وتعزيز القيم والهوية الوطنية وغيرها من الموضوعات. ومن بين مشروعات القوانين التي ناقشها المجلس في دور الانعقاد الأول الموافق لدور الانعقاد السنوي الخمسين مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2022، والموافقة على مشروع القانون باعتمادها، ومشروع قانون بشأن تنظيم الحق في الحصول على المعلومات، ومشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 4 لسنة 2008 بشأن إيجارات العقارات وغيرها. وفي دور الانعقاد السنوي الحادي والخمسين، واصل المجلس دوره الدستوري في مناقشة القضايا التي تهم الوطن والمواطن، وكان من أبرزها "إعادة تنظيم ومراقبة مكاتب استقدام عمال المنازل"، و"تأثير مخالفات بعض الأفراد والشركات على البيئة البرية"، و"الاستفادة من المتقاعدين في سوق العمل"، و"تأخير المواعيد الطبية في القطاع الصحي العام"، و"ارتفاع معدلات الطلاق"، و"مخاطر استخدام التكنولوجيا على النشء"، و"مشروع الإرث الثقافي لكأس العالم قطر 2022". وكان هذا الدور حافلا أيضا بمناقشة جملة من مشروعات القوانين واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها، منها على سبيل المثال، مشروع قانون باعتماد الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2023، ومشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 24 لسنة 2018، ومشروع قانون بشأن مكافحة التستر على ممارسة غير القطريين للأنشطة التجارية والاقتصادية والمهنية بالمخالفة للقانون، ومشروع قانون بشأن التوثيق، وغيرها من مشروعات القوانين. وقد تناول مجلس الشورى خلال جلساته في دور الانعقاد السنوي الثاني والخمسين بعض القضايا الملحة، من بينها "تجمعات مياه الأمطار وما تسببه من خسائر"، و"تطوير الاقتصاد السياحي ودراسة الحلول الممكنة التي تؤدي إلى تطويره والنهوض به"، و"إجراءات مغادرة العمالة المنزلية للبلاد"، حيث ناقش إمكانية إعادة النظر في بعض هذه الإجراءات بما يحفظ حقوق المواطن والعامل في الوقت ذاته. ومن أبرز الموضوعات والقضايا التي أثارها المجلس " تعزيز الانتماء والهوية الوطنية لدى الطلبة القطريين في المدارس الخاصة"، و"تقنين صناعة المحتوى الإعلامي ونشره في المنصات الرقمية"، و"دعم الاستثمار الوطني والأجنبي"، وغيرها من القضايا. وعقد مجلس الشورى وأقر خلال دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الأول، الموافق لدور الانعقاد السنوي الثاني والخمسين، 33 جلسة عادية، و63 اجتماعا للجان الدائمة والمؤقتة. كما حفلت أعمال دور الانعقاد هذا بمناقشة ودراسة 24 مشروع قانون ومشروعات قوانين بتعديل بعض أحكام القوانين السارية، بجانب مناقشة 9 مشروعات قوانين بتعديل بعض أحكام القوانين، فيما أقر 15 مشروع قانون بعد مناقشتها باستفاضة، بما في ذلك مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024، ومشاريع قوانين مهمة مثل تنظيم التسجيل العقاري، والتنفيذ القضائي، وتوطين الوظائف في القطاع الخاص. وشملت المناقشات العامة في دور الانعقاد السنوي الثالث والخمسين لمجلس الشورى "أوضاع ذوي الإعاقة"، والتحديات التي تواجهها هذه الفئة، والإجراءات والخطط المطلوبة لضمان حقوقهم القانونية كاملة لا سيما في التعليم والعمل. كما ناقش المجلس "الدعم الزراعي المقدم للمزارع المحلية ومدى مساهمته في تعزيز الأمن الغذائي"، و"المعلم وأثره في غرس قيم الهوية الوطنية"، وكذلك تقديم اقتراح برغبة بشأن الخدمات والامتيازات المقدمة لفئة كبار القدر. وشهدت هذه الدورة التشريعية تقديم المجلس "اقتراحات برغبة" للحكومة الموقرة، تتضمن مجموعة من المرئيات والتوصيات حول الموضوعات والقضايا التي ناقشها المجلس، بما يلبي تطلعات المواطنين وطموحاتهم في إطار من التعاون والتكامل مع الحكومة الموقرة. وإضافة إلى ذلك، وفي إطار اختصاصاته الدستورية، تولى مجلس الشورى مناقشة وإقرار الموازنة العامة للدولة، حيث لا تعتبر الموازنة نافذة إلا بإقراره لها، وفقا للدستور، حيث استضاف المجلس سعادة وزير المالية، الذي قدم شرحا وافيا حول مشروع الموازنة العامة للدولة، كما أجاب على أسئلة واستفسارات السادة أعضاء المجلس، والمتعلقة بأبواب وقطاعات الموازنة العامة. وفي هذا الدور، ناقش مجلس الشورى وأقر العديد من مشروعات القوانين، مثل مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 15 لسنة 2011 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر ومشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2025، ومشروع قانون باعتمادها، ومشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 16 لسنة 2018 بشأن تنظيم تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها، ومشروع قانون بشأن دعم الابتكار والبحث العلمي وغيرها من مشروعات القوانين. كما استضاف المجلس خلال هذا الفصل التشريعي عددا من الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة، حيث تركزت المناقشات والعروض التي قدموها، على الخطط والاستراتيجيات والمبادرات الحكومية في ضوء استراتيجيات التنمية الوطنية، وبالأخص استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة 2024-2030، حرصا من مجلس الشورى على متابعة الأداء الحكومي وتقديم المقترحات والرؤى لتعزيز الخطط التنفيذية بما يحقق تطلعات المواطنين، انسجاما مع التوجيهات السامية لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، والتي تضع المواطن في صلب الأولويات. وفي هذا الإطار ناقش المجلس الخطط الاستراتيجية والمبادرات في قطاعات التعليم والعمل والبلدية والبيئة والتغير المناخي، والصحة العامة، والتجارة والصناعة، والأوقاف والشؤون الإسلامية، والتنمية الاجتماعية والأسرة، والثقافة، والمواصلات، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، والخدمة المدنية والتطوير الحكومي، والأشغال العامة، إضافة إلى الاطلاع على جهود اللجنة العليا للمشاريع والإرث، والتخطيط، وغيرها. لقد عكست المقترحات والتوصيات التي أبداها أعضاء مجلس الشورى في مختلف الموضوعات والقضايا التي تمت مناقشتها على مدى هذا الفصل التشريعي، حرص المجلس على متابعة الجهود الحكومية على صعيد تنفيذ الخطط والاستراتيجيات التنموية، بما يحقق توجيهات القيادة الرشيدة ويلبي تطلعات المواطنين، علما أن العلاقة التكاملية بين المجلس والحكومة الموقرة كانت أحد أبرز العوامل التي ساهمت في هذه الإنجازات، ليؤكد المجلس ويجسد بصدق حرصه على تحقيق تطلعات المواطنين، والمصلحة العليا للبلاد، ما جعله خير عون للحكومة الموقرة في القيام بمهامها في مختلف المجالات.


العرب القطرية
منذ 2 أيام
- العرب القطرية
نايف آل محمود: «الأمانة العامة» ركيزة تنظيمية لإنجاح أعمال المجلس
الدوحة - العرب أكد سعادة السيد نايف بن محمد آل محمود، الأمين العام لمجلس الشورى، أن الأمانة العامة شكّلت خلال الفصل التشريعي الأول ركيزة تنظيمية أساسية في دعم أعمال المجلس، وأسهمت بفعالية في إنجاح مسيرته التشريعية والرقابية، عبر توفير بيئة عمل مهنية متكاملة تُلبي متطلبات الأعضاء وتعزز من أداء اللجان. وفي تصريح له بمناسبة اختتام دور الانعقاد العادي الرابع والفصل التشريعي الأول للمجلس، عبّر سعادته عن فخره واعتزازه بما تحقق خلال هذه المرحلة المهمة من منجزات نوعية، شملت إقرار مشروعات قوانين حيوية، ومتابعة دقيقة للمقترحات والبيانات، ومشاركات برلمانية خارجية بارزة، مشيدًا بالدور المحوري الذي قام به المجلس برئاسة سعادة السيد حسن بن عبدالله الغانم، وبالجهود المخلصة التي بذلها أصحاب السعادة أعضاء المجلس. ونوّه سعادته إلى أن الأمانة العامة حرصت خلال هذا الفصل على تطوير أدوات الدعم الفني والإداري، وتيسير أعمال اللجان، وتوفير احتياجات جلسات المجلس وفق أعلى مستوى من التنظيم، في إطار يحقق الكفاءة ويواكب تطلعات المرحلة. وأشار الأمين العام إلى أن الأمانة العامة عملت على تعزيز قدراتها البشرية، من خلال استقطاب وتأهيل الكفاءات الوطنية، وتنفيذ برامج تدريبية متخصصة، مما أسهم في رفع مستوى الأداء المؤسسي وفق أفضل الممارسات. كما ثمّن سعادته التعاون الإيجابي مع الجهات ذات العلاقة، والذي انعكس بصورة واضحة في تسهيل عمل المجلس، وتعزيز التنسيق في الملفات التشريعية والرقابية، بما يخدم المصلحة الوطنية ويسهم في تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030. وفي ختام تصريحه، جدّد سعادة السيد نايف بن محمد آل محمود التأكيد على التزام الأمانة العامة بمواصلة العمل على تطوير الأداء المؤسسي، ومواكبة متطلبات المرحلة القادمة، لتظل شريكًا فاعلًا في دعم المجلس وتمكينه من أداء دوره في خدمة الوطن والمواطنين، تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه.


الجزيرة
منذ 3 أيام
- الجزيرة
جيش الاحتلال في مرمى المستوطنين.. هل تنقلب أدوات إسرائيل عليها؟
القدس المحتلة – شهدت الضفة الغربية المحتلة مؤخرا توترا غير مسبوق بين المستوطنين و الجيش الإسرائيلي ، تجلى في صدامات واعتداءات مباشرة على جنود وضباط، واقتحام قواعد عسكرية، وإحراق منشآت أمنية. وأدان الجيش الإسرائيلي ما وصفه بـ"عنف المستوطنين" ضد قواته المنتشرة في الضفة، مطالبا الجهات الأمنية باعتقال المعتدين وتقديمهم للمحاكمة. تعكس هذه الأحداث ارتدادا مباشرا لسياسات حكومة بنيامين نتنياهو ، التي سارعت عقب عملية " طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى تسليح المستوطنين، وتشكيل مليشيات يهودية لمحاربة الفلسطينيين في الضفة الغربية والانتقام منهم. ووفّر جيش الاحتلال الحماية لهذه المجموعات خلال اعتداءاتها المتكررة على القرى الفلسطينية ومنازل السكان وأراضيهم، في حين غضّت الحكومة الطرف عن هذه الجرائم، وشرعتها وشجعتها عبر السياسات التي يقودها وزير المالية ووزير في وزارة الأمن بتسلئيل سموتريتش ، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ، بدعم من مجموعات الضغط في الكنيست الموالية لمجلس المستوطنات. وتأتي هذه الاشتباكات الأخيرة لتسلط الضوء على الصدام المتفاقم بين المستوطنين والجيش في الضفة الغربية، ضمن سياق سياسي وأمني معقد يترافق مع تصاعد هجمات المستوطنين على القرى الفلسطينية، في ظل غياب أي رادع قانوني أو أمني فعّال من قِبل السلطات الإسرائيلية. ما تفاصيل الصدام بين عصابات المستوطنين وجيش الاحتلال بالضفة؟ شهدت الضفة تصاعدا في التوتر بين المستوطنين وقوات الاحتلال، حيث هاجم مستوطنون جنودا ورشوهم برذاذ الفلفل وأتلفوا مركبات عسكرية، وأضرموا النار في موقع أمني قرب مقر "لواء بنيامين" شمال رام الله وسط الضفة، كما حاول نحو 70 مستوطنا منع إخلاء بؤرة استيطانية قرب باعل حتسور. وحسب تقارير إسرائيلية، كان المستوطنون يحتجون على إصابة فتى (14 عاما) بنيران الجيش كما يدّعون. فيما حذر الجيش من "مجموعات منظمة من مثيري الشغب المسلحة بدعم سياسي، تنشط من بؤر استيطانية". وانتقد قرار وزير الدفاع، يسرائيل كاتس ، بإلغاء الاعتقالات الإدارية بحق عشرات المستوطنين. تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين أساسا، واتهامات لحكومة الاحتلال بتوفير الغطاء السياسي والأمني لهذه الاعتداءات. ما مواقف الخارطة السياسية الإسرائيلية من تصاعد عنف المستوطنين ضد قوات الجيش؟ أدان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حوادث العنف بشدة، مؤكدا أنه لا يمكن التسامح مع إحراق منشأة عسكرية والاعتداء على الجنود، داعيا إلى تحقيق سريع ومحاسبة المسؤولين، في حين توعد وزير الدفاع كاتس باجتثاث هذه الظواهر ومنع تكرارها. كما أصدر وزراء آخرون في الحكومة بيانات إدانة، بينهم سموتريتش الذي دعا إلى تقديم المهاجمين للقضاء، وكذلك بن غفير الذي اعتبر الاعتداء على الجنود "خطا أحمر" يتطلب ردا صارما. في المقابل، حمّل قادة في المعارضة الحكومة المسؤولية عن تصاعد هذه الظواهر، واتهم رئيس "المعسكر الوطني" بيني غانتس حكومة نتنياهو ووزراء مثل بن غفير وسموتريتش بتشجيع عنف المستوطنين، من خلال إضعاف الشرطة والهجوم على الجيش وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك". ووصف رئيس حزب "الديمقراطيين"، يائير غولان هذه الجماعات بأنها "مليشيات" تعمل بشرعية حكومية، وتهدف إلى إشعال الضفة. وقالت عائلة قائد كتيبة اعتدى عليه مستوطنون إنه تعرض لتهديدات شخصية أيضا، مشيرة إلى حملة تشويه وتهديدات متواصلة له ولزوجته، رغم خدمته الطويلة في الاحتياط منذ هجوم 7 أكتوبر /تشرين الأول 2023. ما موقف الجيش وإجراءات رئاسة الأركان للحد من الصدام مع المستوطنين؟ في تقييمه للوضع الراهن، وصف رئيس الأركان إيال زامير اعتداءات المستوطنين على جنود الجيش، بينهم قائد كتيبة، بأنها "كارثة"، داعيا إلى "معالجة منهجية وفورية" لهذه الظاهرة. وأكد في بيان أن مهمة الجيش هي "الحفاظ على الأمن وحماية المستوطنات"، محذرا من السماح بتفاقم مظاهر التطرف إلى "فوضى وضياع للحكم"، وشدد على أن "كل من يمس بالجيش يضر ب إسرائيل وأمنها". وأدان الجيش الإسرائيلي بشدة اعتداءات المستوطنين على قواته، واعتبرها انتهاكا صارخا للقانون، داعيا لتقديم المعتدين للعدالة، وأعلنت الشرطة تشكيل وحدة تحقيق خاصة لتحديد المتورطين واعتقالهم. ما أسباب وملابسات الصدام بين المستوطنين والجيش في الضفة؟ جاء في مقال تحليلي بصحيفة "يديعوت أحرونوت" أن جيش الاحتلال فوجئ بضعف الإدانات السياسية لهجمات المستوطنين ضد جنوده.. لكن المقال أضاف أن الاستهتار التام بالقانون، وحرق الممتلكات، وتدمير الأراضي الزراعية، والعنف اليومي ضد الفلسطينيين، غالبا ما يقابل إما بصمت، أو بدعم علني من الجيش والحكومة. وأوضح المحامي والناشط الحقوقي سنير كلاين، في مقال بصحيفة "هآرتس"، أن هجمات المستوطنين الأخيرة على قوات الأمن ليست مفاجئة، بل نتيجة مباشرة لسياسات الحكومة بعد "7 أكتوبر"، التي سمحت بتسليحهم وتشكيل مليشيات بدعم بن غفير، وألغت أوامر اعتقال إداري بحق مجموعاتهم المسماة " شبيبة التلال". وأشار إلى أن هؤلاء ليسوا مجرد "شباب مستوطنات" بل مجرمون يعتدون على الفلسطينيين بدوافع عنصرية، وأحيانا يتجاوزون حتى الحدود المسموح بها ضمنيا من داعميهم، فيعتدون على قوات الأمن. هل توجد صلة بين دعم الحكومة لعنف المستوطنين والصدام مع الجنود؟ قالت منظمة " كسر الصمت" إن من ينكر الصلة بين دعم الحكومة لعنف المستوطنين ضد الفلسطينيين واعتداءاتهم اللاحقة على الجنود يرفض الاعتراف بالواقع في الأراضي المحتلة. وأوضحت في بيان أن المشكلة ليست "فشل الجيش" في كبح هذه العصابات، بل كونه الذراع التنفيذية لسياسة تشجّع فعليا على التطهير العرقي للفلسطينيين في الضفة، محذرة من أن الصمت يعني استمرار هذه الممارسات إلى الأبد. ويقول الكاتب أورن زيف، في مقال بموقع "سيحا مكوميت"، إن المستوطنين استمروا في السنوات الأخيرة، في تنفيذ أعمالهم الإرهابية بالضفة بلا حساب، من طرد التجمعات السكانية الفلسطينية، وحرق المنازل، إلى إطلاق النار. كل ذلك، حسب زيف، يتم بدعم كامل وتعاون مباشر من الجيش الإسرائيلي، وحتى الاحتكاكات التي تحدث بين المستوطنين والجنود لا يُتوقع أن تغير هذا الواقع. كيف يتجلى دعم الحكومة الإسرائيلية لمجموعات "شبيبة التلال"؟ في اجتماع مع قائد القيادة الوسطى اللواء آفي بلوت، وقائد فرقة بنيامين اللواء موشيه بينشي، وجه كاتس أوامر بتعزيز التعاون بين الجيش، وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والشرطة، عبر "هيئة مشتركة" لتنسيق الجهود ضد عنف المستوطنين. إلا أن هذه "الهيئة الجديدة"، يقول المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يوآف زيتون "ليست جديدة فعليا، إذ إنها قائمة بالفعل منذ عدة أشهر، ما يثير تساؤلات حول جدية الإجراء، ويعزز الطرح أن هذه المليشيات مدعومة من الحكومة". يُذكر أن كاتس نفسه كان قد ألغى سياسة الاعتقالات الإدارية بحق المستوطنين تحت ضغط مجموعات اليمين المتطرف، وهو الآن يرفض إعادة العمل بها، مكتفيا بخطط لتخصيص ملايين الشواكل لبرامج "تأهيل" ما يُعرف بـ"شباب التلال"، في محاولة لتغيير سلوكهم بدلا من فرض عقوبات رادعة بحقهم. ما الواقع الذي خلفه دعم المستوطنين في الضفة؟ عنف المستوطنين في الضفة ضد جنود الاحتلال ليس جديدا، لكنه بات في السنوات الأخيرة أكثر تنظيما وجرأة، مدعوما بسياسة حكومية متساهلة، فقد توسّعت البؤر الاستيطانية بشكل غير مسبوق، وأصبحت الاعتداءات على الفلسطينيين وحتى قوات الجيش أكثر علنية. وأشارت هاجر شيزاف -في مقال بصحيفة "هآرتس"- إلى تراجع أدوات إنفاذ القانون ضد المستوطنين كتوقف الاعتقالات الإدارية، وإهمال أوامر الهدم ضد البناء الاستيطاني غير القانوني بفعل ضغوط سياسية. حتى الاعتداءات على الجنود، كما حدث قرب قاعدة بنيامين مؤخرا، تقابل بإدانات خجولة دون محاسبة جدية. وتضيف أن هذا الواقع خلق معادلة جديدة هي أن من يحاول فرض القانون في الضفة يدفع الثمن، وأن البؤر الاستيطانية تتوسع، والمجتمعات الفلسطينية تتقلص أو تُهجر، في حين تُعطل أية محاولة للتصدي للعنف، مشددة على أن تفكيك هذه الشبكة من المصالح بين المستوطنين والسياسة والجيش يحتاج إلى تغيير سياسي جذري.