إنجازات تتخطى التحديات
قوة تنافسية معززة بوفرة سلسلة الخام
تسعى المملكة العربية السعودية لأن تصبح مركزًا إقليميًا لصناعة السيارات، وخاصة السيارات الكهربائية، بحلول عام 2030 و2035 من خلال مشاريع صناعية ضخمة وتعزيز سلاسل التوريد المحلية.
وتأتي صناعة السيارات بالمملكة ضمن أهداف رؤية 2030 الرامية لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
وتسير المملكة بثقة نحو مستقبل صناعي للنقل، ضمن رؤية طويلة الأمد، تشمل إنشاء تشكيلة من الشركات الوطنية والعالمية، وإنشاء بنية تحتية ذكية، وتعزيز بناء القدرات الوطنية.
ورغم التحديات القائمة، إلا أنها قابلة للتجاوز عبر توفر الموارد والتمويل، والشراكات القوية مع كيانات عالمية، والتطوير المستمر الذي يمهد لمنافسة عالمية.
ومن أهم التحديات الاقتصادية والتقنية التي تواجهها صناعة السيارات بالمملكة الموارد الخام وسلسلة التوريد، فبالرغم من التقدم في تحسين استخراج الليثيوم من مياه النفط، إلا أن المملكة لاتزال تعتمد جزئيًا على واردات البطاريات والمواد الخام.
كما أن المنافسة الدولية شديدة حيث تواجه المملكة منافسة شديدة من مراكز تصنيع السيارات في الصين وأوروبا.
كما أن النقص في المواهب والخبرات يشكل تحدياً، فعلى الرغم من إنشاء الأكاديميات والبرامج التدريبيّة، إلا أنه لا تزال هناك حاجة لبناء قوى عاملة متخصصة ومحترفة.
«بداية الانطلاقة»
بدأت صناعة السيارات في المملكة العربية السعودية فعليًا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، رغم أن الاستيراد والتجميع الجزئي بدأ قبل ذلك بسنوات. ولم تكن هناك صناعة فعلية للسيارات، بل عمليات تجميع جزئية أو خدمات ما بعد البيع. فبعض الشركات تولّت استيراد السيارات وتجميع قطع غيار محدودة داخل المملكة.
وفي عام 2012 أُعلن عن أول مشروع وطني ضخم لإنشاء مصنع سيارات في الدمام ، لتجميع الشاحنات الخفيفة والمتوسطة.
وهو أول مصنع سيارات تجارية يُبنى في المملكة، بطاقة 25 ألف شاحنة سنويًا.
وفي عام 2016 عندما انطلقت «رؤية السعودية 2030»، أعطت دفعة قوية لفكرة إنشاء صناعة سيارات وطنية متكاملة، ضمن مساعي تنويع الاقتصاد.
وفي عام 2022 تم تأسيس شركة «سير» (Ceer Motors) بالشراكة بين صندوق الاستثمارات العامة وفوكسكون، وهي أول شركة سيارات كهربائية سعودية، مدعومة من BMW.
وتم توقيع اتفاقيات ضخمة مع شركات عالمية مثل Lucid Motors لبناء مصانع إنتاج كاملة.
وفي عام 2023 تم البدء بالتجميع المحلي لبعض سيارات لوسيد في مصنع جدة كخطوة أولى نحو إنتاج كامل.
وتعتبر شركة «سير» (Ceer Motors) أول علامة سعودية للسيارات الكهربائية، والمستهدف إنتاج نحو170 ألف سيارة سنويًا بحلول منتصف العقد القادم، وتوفير 30 ألف وظيفة، وبناء مصنع متكامل في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية.
ومجمع الملك سلمان للسيارات يضم «سير»، لوسيد، وشراكات مع مصانع للإطارات يستهدف إنتاج أكثر من 150 ألف سيارة كهربائية سنويًا بحلول 2026، مع جذب استثمارات أجنبية ضخمة تصل إلى 100 مليار دولار سنويًا بحلول 2030.
ومن خلال الشراكات العالمية والتصنيع المحلي فإن لوسيد لوحدها تزيد استثماراتها عن 3.4 مليارات دولار لإنشاء مصنع في جدة بطاقة إنتاجية في حدود 170 ألف سيارة سنوياً، وبدأت عمليات تجميع السيارات منذ 2023.
وهناك شراكة مع شركة كورية بارزة لبناء مصنع ينتج 50 ألف سيارة سنويًا، منها كهربائية ومحركات احتراق داخلي.
«صناعة وطنية»
وتسعى المملكة من خلال شركات محلية في التوسّع في سلسلة البطاريات عبر استثمارات في ليثيوم بالشراكة مع مصانع عالمية بهدف إنتاج بطاريات محلية وموارد لطاقة 110 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول 2030.
وهناك شراكات مع قطاعات عالمية لتطوير تقنية المركبات الخضراء والكفاءة البيئية.
والهدف إيجاد بنية تحتية للتنقل الذكي وتمكين شبكة شحن كهربائية مخطط لها تضم 5,000 محطة بحلول 2030، علماً أن الآن لا توجد سوى نحو 101 محطة تتركّز في المدن الكبرى ولكن الخطى تتسارع لتحقيق المأمول.
والمملكة توفر إطارًا تنظيميًا لقيادة ذاتية وتهيئة لتجارب سيارات ذاتية القيادة خلال 2025 ضمن برنامج التنقل الذكي تماشيا مع رؤية 2030
والهدف أن تصل حصة السيارات الكهربائية إلى 30 % من مركبات الرياض بحلول 2030، وصافي emissions صفرية بحلول 2060 وتخطط المملكة لإنتاج 500 ألف سيارة كهربائية سنويًا بحلول 2030، والنمو المتوقع في قطاع السيارات بحوالي 12 % سنوياً حتى 2030، ما يدعم الناتج المحلي وتوفير آلاف الوظائف مباشرة وغير مباشرة.
ومن المتوقع أن يصاحب تصنيع السيارات في المملكة إنشاء مصانع مرادفة لصناعة قطع الغيار والمكوّنات، بل ويُعدّ هذا شرطًا أساسيًا لنجاح أي صناعة سيارات وطنية مستدامة.
وكذلك إنشاء مصانع لقطع الغيار وهو أمر مخطط له ضمن المشاريع الكبرى. فالمملكة لا تستهدف فقط «تجميع سيارات» بل بناء منظومة متكاملة للصناعة تشمل أيضاً قطع الغيار والبطاريات والتقنيات الذكية.
والتحدي الحقيقي هو في السرعة، والجودة، وبناء الكفاءات، وهي تسير في الاتجاه الصحيح بإذن الله.
ومن الضروري تصنيع قطع الغيار محليًا، لأن ذلك سيسهم في تقليل التكاليف والتبعية فاستيراد المكوّنات من الخارج يُعطّل الإنتاج ويرفع الكلفة.
ووجود مصانع محلية لقطع الغيار يضمن الاكتفاء الذاتي النسبي وسرعة الإنتاج.
وتعزيز سلاسل الإمداد المحلية علماً أن السيارات الحديثة تحتوي على ما يزيد عن 30,000 قطعة.
ولا يمكن لأي مصنع سيارات سيعتمد طويلًا على الاستيراد الكامل للمكوّنات.
والرؤية تستهدف توطين الصناعات ورفع نسبة المحتوى المحلي في المنتجات الوطنية.
«مقومات نجاح»
وقد نصت رؤية 2030 على أهمية توطين الصناعات الاستراتيجية، ورفع نسبة المحتوى المحلي في القطاعات الحيوية، من بينها صناعة السيارات والطاقة المتجددة، والطائرات، والخدمات اللوجستية."
وهذا يظهر تحديدًا ضمن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب)، الذي يعد أحد البرامج التنفيذية للرؤية، والذي يشمل صراحةً صناعة السيارات الكهربائية والتقليدية كجزء من الصناعات المستهدفة بالتوطين والنمو.
وتجربة المملكة العربية السعودية في صناعة السيارات تُعد طموحة ومبنية على رؤية استراتيجية طويلة المدى، لكنّها تواجه تحديات واقعية تستلزم التعامل معها بذكاء واستمرارية. ويحظى قطاع تصنيع السيارات بالمملكة باستثمارات ضخمة من القطاع الحكومي ومنها: صندوق الاستثمارات العامة والذي يقود الجهد عبر تمويلات بالمليارات.
كما يحظى قطاع تصنيع السيارات بدعم كبير من وزارة الصناعة، ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب).
ويساعد ذلك بوجود بنية تحتية قيد التطوير مثل: مشاريع لإنشاء مجمعات صناعية ضخمة مثل مجمع الملك سلمان للسيارات.
وتوجه لبناء شبكات شحن كهربائي ومراكز تطوير وبحث وتدريب.
وقد يتساءل البعض لماذا لدى المملكة العربية السعودية فرصة حقيقية للنجاح؟ والجواب أن لدى المملكة القدرة التمويلية، فالمملكة تملك احتياطات مالية كبيرة تمكنها من تحمل تكاليف بناء الصناعة من الصفر.
إضافة لذلك موقع المملكة الاستراتيجي وقربها من أسواق الخليج، وإفريقيا، وأوروبا الشرقية مايسهل فتح أبواب التصدير.
كما أن التحول للطاقة النظيفة يسهم في ذلك النجاح، فالعالم يتجه للسيارات الكهربائية، والمملكة تستثمر مبكرًا في هذا المجال.
كما أن السوق المحلي جاذب ففي المملكة أكثر من 9 ملايين سيارة، والتوجه لاستبدال نسبة منها بسيارات كهربائية يصنع بالمملكة وسيشهد ذلك طلبًا داخليًا هائلًا.
ودعمت الرؤية صناعة السيارات فعلياً بتقديم حوافز استثمارية ضخمة للمصنعين الدوليين وتأسيس مناطق صناعية مخصصة للسيارات مثل مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات، وإطلاق استراتيجية توطين 30% من السيارات في الرياض كهربائية بحلول 2030.
وتم عقد شراكات مع كبرى الجامعات لإنشاء برامج في هندسة السيارات والبطاريات.
«تحول مستدام»
وتدعم رؤية 2030 التوجه نحو السيارات الكهربائية والتحول نحو النقل المستدام، ويتجلى ذلك في دعم البنية التحتية لمحطات الشحن.
والاستثمار في التعدين المحلي لبطاريات الليثيوم.
وإطلاق برامج تنظيمية وتشريعية تسمح بدخول وتطوير السيارات ذاتية القيادة والكهربائية.
ليصبح توطين صناعة السيارات فعلياً جزء من رؤية المملكة 2030.
والتركيز الأكبر حاليًا على السيارات الكهربائية كقطاع المستقبل.
والجهد يشمل التصنيع، وقطع الغيار، والبطاريات، والبنية التحتية، وسلاسل التوريد.
وبلا شك فإن كل ذلك سيصاحبه العديد من التحديات التي لن تعيق التقدم بإذن الله ومن هذه التحدبات نقص الكفاءات البشرية المتخصصة حيث لا تزال الكوادر السعودية في مجالات هندسة السيارات والتصنيع قليلة نسبيًا.والحاجة ملحة لمراكز تدريب متقدمة، وشراكات أكاديمية قوية لتأهيل المهندسين والتقنيين.
كما أن من التحديات أن الكثير من القطع الحيوية تُستورد من الخارج، مثل البطاريات والمحركات.
ولكن المفرح أن المملكة بدأت الاستثمار في الليثيوم ومعادن البطاريات، ولكن النتائج تحتاج سنوات لتظهر.
ومن التحديات أيضاً التنافسبة العالمية، فدخول شركات سعودية في سوق مشبّع بمنافسة شرسة من الصين ، كوريا، أوروبا، والولايات المتحدة سيكون تحدياً صعباً.
وحتى السيارات الكهربائية تواجه ضغطًا من شركات عملاقة سبقتنا في هذا المجال.
ومن التحديات البيئية والمناخية درجات الحرارة المرتفعة التي تشكل تحديًا تقنيًا لاختبار واعتماد بطاريات السيارات الكهربائية.
كما أن هناك حاجة لتحديث شامل في قوانين النقل، اختبارات السلامة، والقيادة الذاتية لمواكبة الصناعة الحديثة.
ولكن التجربة السعودية واعدة جدًا، وتحظى بدعم سياسي ومالي غير مسبوق.
والنجاح ممكن، لكنه مشروط ببناء سلاسل توريد محلية، تطوير الكوادر، والمنافسة على الجودة عالميًا.
والتحديات حقيقية لكنها قابلة للحل، والمملكة تسير بخطى واثقة لتكون لاعبًا صناعيًا مهمًا في المنطقة والعالم بإذن الله.
«منافسة عالمية»
وسبق أن كشف وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح أن مصنع سيارات «سير» يعادل حجمه ضعف مصنع «لوسد»، إضافة إلى وجود شركات عالمية أخرى تتفاوض مع السعودية لمباشرة أعمالها في المملكة.
وبين الفالح أن مصنع شركة «لوسد» الذي تم افتتاحه في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، يعمل على إنتاج سيارات تعمل بالطاقة الكهربائية بنسبة 100 %، لإنتاج سيارات كهربائية أكثر تقدما، تتمكن من السير لمسافة 800 كيلو دون شحن، مع شحن سريع للسيارات.
وبين أن المملكة كانت تستورد السيارات منذ 100 سنة ماضية، وتعد المملكة من أكبر الأسواق في استيراد السيارات، وكانت المصانع من شرق وغرب وشمال وجنوب العالم تستفيد من التصدير إلى المملكة، واليوم سيتحول هذا التوجه إلى العكس.
وأكد أن نجاح شركة «لوسد» يؤكد نجاح صندوق الاستثمارات الذي يرأس مجلس إدارته ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، بعد أن كانت شركة «لوسد» تعاني سابقا، وأعلن بأن كثيرا من السيارات التي ستصنع في السعودية ستصدّر إلى الخارج، ونوه بأنه لن يقتصر الموضوع مستقبلا على تجميع وصناعة السيارات وامتلاكها والحصول على الملكية الفكرية، بل إلى تصديرها للخارج، ويعد إطلاق هذا المصنع هو إشارة قوية للعالم أن السعودية هي الدولة الأكثر جاذبية للاستثمار من ناحية التنافسية وما تعطيه للمستثمرين العالميين في القطاع الخاص، من بيئة جاذبة بها كل المدخلات الضرورية، وبها دلالات قوية جدا وتأكيد لرؤية المملكة 2030.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة المواطن
منذ ساعة واحدة
- صحيفة المواطن
إيلون ماسك: مشروع قانون ترامب للضرائب سيدمر الوظائف
انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك يوم أمس السبت أحدث نسخة من مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي أعده الرئيس دونالد ترامب وسيصوّت عليه مجلس الشيوخ، واصفا القانون بأنه 'مجنون ومدمّر تماما'، وذلك بعد أسابيع من تسوية خلاف بين الرجلين بسبب تعليقات رجل الأعمال على التشريع. وقال ماسك في منشور على إكس 'أحدث نسخة من مشروع القانون المنظور أمام مجلس الشيوخ ستدمر ملايين الوظائف في أميركا وستسبب ضررا استراتيجيا هائلا لبلدنا!'. وأضاف: 'إنه (مشروع القانون) يقدم مساعدات لصناعات عفا عليها الزمن بينما يلحق ضررا بالغا بصناعات المستقبل'. تمديد تخفيضات ضريبية ومن شأن مشروع القانون الضخم المؤلف من 940 صفحة تمديد تخفيضات ضريبية جرى إقرارها عام 2017 ومثلت إنجازًا تشريعيًا كبيرًا لترامب في فترة رئاسته الأولى، ويخفض ضرائب أخرى ويعزز الإنفاق على الجيش وأمن الحدود. وتشير تقديرات محللين غير منتمين إلى أي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى أن النسخة التي أقرها مجلس النواب الشهر الماضي ستضيف نحو ثلاثة تريليونات دولار إلى الدين الحكومي البالغ 36.2 تريليون. ولم يصدر مكتب الميزانية في الكونغرس توقعات بشأن المبلغ الذي ستضيفه نسخة مجلس الشيوخ، التي لا تزال عرضة للتغيير، إلى الدين في حال إقرارها. وقالت لجنة الميزانية الاتحادية المسؤولة، وهي منظمة غير حزبية تعمل في مجال السياسة العامة، في وقت سابق يوم السبت، إن تقديرها الأولي هو أن نسخة مجلس الشيوخ من القانون من شأنها أن تضيف أربعة تريليونات دولار إلى الدين على مدى العقد المقبل، بما في ذلك تكاليف الفائدة. وحسبما قال البيت الأبيض هذا الشهر فإن التشريع سيخفض العجز السنوي بمقدار 1.4 تريليون دولار. وعارض الديمقراطيون مشروع القانون، قائلين إن عناصر خفض الضرائب فيه من شأنها أن تعود بالنفع بشكل غير متناسب على الأثرياء على حساب البرامج الاجتماعية التي يعتمد عليها الأميركيون من ذوي الدخل المنخفض.


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
أسواق دمشق... قدرة شرائية مفقودة على رغم وفرة المعروض
لا تبدو الأسواق السورية في حاجة إلى الوقت لتظهر عليها ملامح الانفتاح وتمتلئ بالسلع وبفروع الشركات الأجنبية والعالمية، بقدر ما هي في حاجة إلى توافر ظروف أفضل. في العاصمة دمشق كل شيء متوافر لكن عندما تتحدث إلى التجار يقولون لك إن السوق منهكة والمبيعات متدنية، لدرجة أن ما جرى استيراده منذ خلع النظام السابق يكفي الأسواق السورية أعواماً مقبلة، فحال الناس في ضيق والقدرة الشرائية متدنية للغاية. تقول مصادر في غرفة تجارة دمشق إن حركة التجارة في الأسواق السورية تراجعت على رغم توافر كل شيء، وغالبية السكان يركزون على "اللقمة" والحاجات الرئيسة، ودائماً هم في رحلة البحث عن الأرخص والأوفر، لافتة إلى كثير من المنتجات الرديئة التي جرى توريدها بالمخالفة لمواصفات الجودة. وكانت جمعية حماية المستهلك قالت إن الأسواق تعاني الجمود نتيجة قلة ضعف القدرة الشرائية، مشيرة إلى أن انفتاح الأسواق تسبب في دخول كميات كبيرة وغير متوقعة من البضائع غير المطابقة للمواصفات، مؤكدة أنه لا يجوز استغلال ضعف القدرة الشرائية لإغراق الأـسواق بسلع رخيصة غير جيدة. تحذيرات جمعية حماية المستهلك أكدتها مديرة المخابز التابعة للإدارة العامة للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، التي صرحت لوكالة "سانا" بإجراء تحليل لنحو 3715 عينة غذائية وغير غذائية، تبين بعدها أن نحو 33 في المئة منها كان مخالفاً. 25 مليار دولار حجم الواردات المتوقع مصادر تجارية في دمشق قدرت أن يبلغ حجم واردات سوريا هذا العام بين 22 و25 مليار دولار، بينما كان حجم الواردات خلال الأعوام الماضية يراوح ما بين 3 و4 مليارات دولار، تأتي في مقدمها السيارات، إذ استوردت البلاد 250 ألف سيارة تصل كلفتها ما بين 2 و3 مليارات دولار، مع تزايد استيراد منتجات الطاقة البديلة بسبب انخفاض أسعارها. كانت هناك حركة باتجاه استيراد الكهربائيات التي لن تقل فاتورتها عن مليار دولار، إلى جانب السلع الغذائية بخاصة المتعلقة بالرفاهية والألبسة والأكسسوارات والحقائب والأحذية، وأيضاً الزيوت التي كانت تستورد "دوغماً" وتعبأ في سوريا، واليوم تستورد منتجاً نهائياً يضاف إلى كل هذه الواردات، فاتورة الاستيراد التي تجرى بإشراف الحكومة وخصوصاً القمح والنفط. مليارات الواردات الفائضة يتوقع عضو غرفة تجارة دمشق محمد حلاق أن تنخفض واردات سوريا في العام المقبل ما بين 15 و17 مليار دولار، بسبب استيراد كميات فائضة من السلع هذا العام تحتاج إلى ثلاثة أعوام في الأقل لتصريفها، وبخاصة السلع التي لا يشترط مدة صلاحية لها كالأدوات المنزلية والكهربائية، مقدراً أن تبلغ قيمة الواردات الفائضة مع نهاية العام الحالي ما بين 7 و8 مليارات دولار. وقال إن تراجع الواردات مرتبط بثبات الظروف الحالية نفسها، أي ضعف القوة الشرائية وانخفاض معدل الاستهلاك، لكن في حال زاد الدخل وعادت آبار النفط وجاءت إمدادات وكان هناك دعم للدخول فإن الأمور ستكون أفضل والاستهلاك سيتجه نحو الارتفاع وعندها سنتحدث عن أرقام أخرى، وفق تعبيره. تراجع حركة التجارة إلى أقل من 25 في المئة حلاق قال لـ"اندبندنت عربية" إن كل شيء متوافر في السوق السورية، وكل شيء أرخص من السابق على صعيد الأسعار، لكن الحصول على السلع والخدمات أصبح أغلى من السابق، وأعباء الحياة والمعيشة ارتفعت بصورة كبيرة، لافتاً إلى أن حركة التجارة في السوق تراجعت إلى أقل من 25 في المئة من الحال المعتادة بسبب ضعف القدرة الشرائية لدى غالبية السوريين، وسط آمال في أن تساعد زيادة رواتب القطاع العام التي أقرت قبل أيام بنسبة 200 في المئة في إحداث بعض الحركة، وإن كان يعتقد أنها ستستخدم لوفاء المديونيات وسد الحاجات والالتزامات الضرورية. وأضاف أن التجار يعملون اليوم براحة نفسية، بحسب وصفه، وأن الفساد تراجع، لكن مع ذلك لن تستقيم الأمور إلا بتطبيق نظم رقابة وتدقيق ووضع ضوابط حتى يعرف قطاع الأعمال، بخاصة التجار ما لهم وما عليهم، مشيراً إلى أن المشكلة الحقيقية التي تعانيها السوق السورية هي دخول مواد كثيرة عبر الاستيراد والتهريب، لذلك نرى كثيراً من المواد والسلع اليوم متدنية الجودة، ابتداء من المواد الغذائية إلى الكهربائية والألبسة وحتى السيارات وألواح الطاقة وغيرها، مؤكداً أن السوق في حاجة إلى وقت حتى يتخلص من هذه السلع الرديئة، ومنع تأثيرها السيئ في المستهلك والمنتج والتاجر في آن معاً. في أسواق دمشق ليس ارتفاع حرارة الجو وراء ضعف الحركة في أسواق دمشق بل "الجيوب الباردة" كما تقول علا، وهي مهندسة ولديها ثلاثة أطفال في المدرسة، بالكاد تستطيع مع زوجها المهندس أن يؤمنا الحاجات الأساسية، وتضيف بحسرة "لولا ما يحوله لنا شقيق زوجي المقيم في السويد لما استطعت النزول إلى السوق لأشتري أحذية صيفية لأولادي، صحيح الأسعار انخفضت بصورة عامة لكن ما زالت الفجوة كبيرة بين حاجات الأسرة ومدخولها، وأقضي ساعات أتنقل من متجر إلى آخر حتى أحصل على ما أريد بأقل سعر ممكن، وأسرتي في حاجة إلى كل قرش نتمكن من توفيره". وائل عبدالحق صاحب محل حقائب في شارع العابد بدمشق قال لنا، "سابقاً كنت ألجأ إلى التجار المهربين للحصول على بضائع أجنبية، واليوم هناك تجار يستوردون البضائع الأجنبية ويوزعونها على المحال، لكن على رغم امتلاء الأسواق بالبضائع الأجنبية، فإن الأسواق تعاني الجمود بسبب الفقر، وهذا ما أبطأ فتح فروع لوكالات أجنبية في البلاد"، مضيفاً "للأسف أولئك الذين يدخلون الاستوكات والبضائع الرديئة أوفر حظاً منا في جذب الزبائن". صدمة لبنانية الشركات والتجار اللبنانيون كانوا الأكثر نشاطاً على المستوى التجاري، محاولين إحداث انفراج في ضيق أسواقهم بالتوجه إلى السوق السورية، معتقدين أن تعطشها للاستهلاك يمكن أن ينشط تجارتهم وأعمالهم الجامدة، فعملوا على إدخال كل شيء، لكن علاء التاجر اللبناني الشاب سرعان ما اكتشف أن السوق السورية متعطشة لتحسين قدرة الناس الشرائية وتحسين دخولهم، مضيفاً لـ"اندبندنت عربية"، "أعتقد أنه كان يجب دراسة وضع الناس المعيشي قبل دراسة موضوع التعطش للسلع والاستهلاك". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ولفت إلى أن السوق منهكة، وأن شغف الناس للبضائع الأجنبية قادر على إنقاذ طموحاتنا في السوق، إذ إن السوريين ليس لديهم المال لينفقوا خارج الحاجات الأساسية، وعلينا الانتظار لتتحسن الأوضاع وتدخل الاستثمارات، وفق قوله. الاستيراد أسهل والبيع أصعب قبل خلع النظام وعلى رغم التضييق ومنع الاستيراد، نشطت "تجارة الشنطة" بموجب بيانات جمركية مفتوحة غالباً للبضائع التي تأتي من الصين. تقول رزان صاحبة محل ألبسة إنه "على رغم أن استيراد الألبسة الأجنبية صار أسهل، فإنه بعد سقوط النظام السابق خسرت معظم زبائني بسبب مغادرتهم دمشق وتراجع أو توقف أعمالهم... المحل ممتلئ بالبضاعة تنتظر من يشتريها، مر عيد الفطر وعيد الأضحى ولم تظهر الأسواق بذلك الزخم المعتاد، وأصبح إحضار البضاعة أسهل لكن صار البيع أصعب، فالناس لا تملك مالاً لتأكل فكيف تشتري براندات"، مشيرة إلى أن هناك تشابهاً في البضائع التي تدخل إلى سوريا من لبنان وكأن تاجراً أو شركة واحدة تتولى التوزيع في السوق، مما تسبب في أزمة عرض إلى جانب تردي الجودة، في حين أن البضائع التي تدخل من تركيا مختلفة وتناسب ذوق النساء السوريات أكثر خصوصاً المحجبات. الصناعة في المواجهة أمام تسونامي الواردات الذي تشهده سوريا منذ خلع النظام اضطرت المصانع والمحال التي تبيع منتجات وطنية إلى تخفيض أسعارها في محاولة لمجاراة أسعار المستورد والمهرب، بحسب ما يقول الصناعي ماهر الزيات، مضيفاً "اضطرت المصانع التي تدفع كلفة عالية إلى خفض أسعارها أمام المنتجات الرديئة غالباً"، معبراً عن مخاوف من أن تضطر المصانع إلى الإغلاق وتسرح عشرات الآلاف من السوريين إذا لم تجر مساعدتها على خفض كلفتها، ووضع سياسات حمائية وتخفيض أسعار الطاقة وفرض رسوم على السلع المستوردة ومكافحة التهريب الذي يشهد حالاً نشطة جداً.

موجز 24
منذ 5 ساعات
- موجز 24
تمويل سعودي لمشروعات بنية تحتية في تونس
المشروع الذي حظي بتمويل سعودي يتجاوز 38 مليون دولار يستصلح الأراضي الزراعية في مختلف المناطق التونسية بمساحة تتجاوز 1000هكتار، كما يحفر ويجهز 22 بئراً، كما يوسع القُرى ومرافقها. وينشئ في الوقت ذاته أكثر من 285 مسكناً للمستفيدين، وتعزيز البنية التحتية في مختلف المناطق عبر إنشاء الطرق، وخطوط أنابيب وشبكات ضخ وتوزيع المياه الصالحة للشرب والري الزراعي، والمرافق الحيوية التي تعزز الإنتاج الزراعي، فضلًا عن المرافق التعليمية والمراكز الثقافية والاجتماعية والتجارية، مما يعزز النمو والازدهار الاجتماعي والاقتصادي في مختلف مناطق تونس. وتأتي هذه الاتفاقية في إطار نشاط الصندوق السعودي للتنمية للإسهام في تعزيز الفرص التنموية والحيوية في تونس، من خلال تمويل مشروعات وبرامج تنموية مستدامة لدعم البنية التحتية، وتحسين مستوى المعيشة، وتعزيز النمو الاقتصادي، نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة والركائز الرئيسة في المسيرة الإنمائية. يذكر أن نشاط الصندوق السعودي للتنمية في الجمهورية التونسية بدأ منذ عام (1975م)، إذ قدّم على مدى خمسة عقود التمويل لتنفيذ (32) مشروعًا وبرنامجًا إنمائيًا من خلال قروض تنموية ميسّرة تتجاوز قيمتها (1.2) مليار دولار، إضافةً إلى المنح المقدمة من المملكة من خلال الصندوق بقيمة تصل إلى أكثر من (105) ملايين دولار.