
وسط تصاعد التوترات العالمية وتهديدات ترامب.. بريكس تبحث مستقبل الجنوب العالمي
القمة، التي تعقد تحت شعار 'تعزيز التعاون بين دول الجنوب العالمي لحوكمة أكثر شمولًا واستدامة'، تأتي في توقيت حساس دوليًا، وسط تصاعد التوترات التجارية التي فجّرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ودخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الرابع، وتصاعد المواجهة في الشرق الأوسط بين إسرائيل وإيران.
وشهدت التحضيرات للقمة خلافات بين الدول الأعضاء، خصوصًا بشأن توسعة المجموعة التي انضمت إليها مؤخرًا كل من مصر، الإمارات، السعودية، إيران، إثيوبيا، وإندونيسيا. وبينما يرى البعض أن التوسع يعزز نفوذ المجموعة على الساحة العالمية، يرى آخرون أنه قد يعيق اتخاذ قرارات موحدة، في ظل غياب هيكل مؤسسي دائم مثل الأمانة العامة.
تفاقمت الخلافات كذلك حول ملفات إقليمية حساسة، منها النزاع الحدودي بين الصين والهند، والتوتر بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة، بالإضافة إلى مواقف الدول المختلفة من دعم الغرب لأوكرانيا، وهو ما أعاق التوصل إلى بيان ختامي في اجتماع وزراء الخارجية في أبريل الماضي.
وتضع البرازيل، التي تترأس المجموعة هذا العام، أولوياتها في تعزيز التعاون بين دول الجنوب، مع تركيز سياسي على ستة محاور رئيسية:
التعاون الصحي العالمي، خاصة في إنتاج اللقاحات ومكافحة الأمراض المدارية؛ التجارة والتمويل، بما يشمل دعم استخدام العملات المحلية وتوسيع منصات الدفع؛ العمل المناخي، عبر إعلان إطار للتمويل المناخي؛ حوكمة الذكاء الاصطناعي، لتسخير هذه التكنولوجيا في التنمية؛ إصلاح نظام الأمن متعدد الأطراف، خاصة دعم البرازيل والهند بمقعد دائم في مجلس الأمن مع إبقاء ممثل إفريقيا قيد التفاوض؛ التطوير المؤسسي للمجموعة.
تهديدات ترامب تلقي بظلالها على القمة
الرئيس الأميركي دونالد ترامب صعّد من نبرته تجاه المجموعة بعد أسابيع من توليه ولايته الثانية، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على دول 'بريكس' إن أقدمت على تدشين عملة موحدة أو دعم أي مشروع لاستبدال الدولار، مؤكدًا أن الولايات المتحدة 'لن تسمح بأي مساس بمكانة الدولار كعملة احتياطية'.
في المقابل، نفى بعض الأعضاء وجود نية فورية لإطلاق عملة جديدة، إذ أكدت جنوب إفريقيا في وقت سابق أن هذه الفكرة 'غير دقيقة وعارية من الصحة'.
كما واجه المفاوضون صعوبة في التوافق على صيغة بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، والصراع بين إسرائيل وإيران، ما دفع المجموعة إلى تبني لهجة أكثر تشددًا مقارنة ببيانات سابقة، في محاولة لتقديم موقف موحد تجاه التصعيد المتزايد في المنطقة.
ويغيب عن القمة كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية، والرئيس الصيني شي جين بينغ، لأسباب تتعلق بجدول الأعمال. ويمثلهما وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ورئيس الوزراء الصيني لي تشيانج على التوالي.
وتُعقد القمة بمشاركة 20 دولة، منها 10 أعضاء و10 شركاء، بينهم مصر، الإمارات، إيران، إثيوبيا، إندونيسيا، إضافة إلى بيلاروس، كوبا، ماليزيا، فيتنام، وكازاخستان. وتحضر شخصيات بارزة من قادة الدول، من بينهم لولا دا سيلفا، عبد الفتاح السيسي، محمد بن زايد، ناريندرا مودي، ومسعود بيزشكيان.
رغم الاتفاق على إعلان مشترك، تبقى تساؤلات كبرى حول قدرة 'بريكس' على التماسك كقوة عالمية بديلة، في ظل الانقسامات الداخلية، وتضارب المصالح، والتحديات الهيكلية. فهل تنجح القمة في إرساء أسس جديدة لعالم متعدد الأقطاب، أم تؤجل الخلافات الكبرى إلى قمة مقبلة؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار ليبيا
منذ ساعة واحدة
- أخبار ليبيا
تغييرات للدولار والباوند واليورو.. أسعار صرف العملات الأجنبية في السوق الرسمية (7 يوليو 2025)
شهدت السوق الرسمية الليبية، اليوم الاثنين صعودا طفيفاً للدولار وتباين في أسعار صرف عدد من العملات الأجنبية مقابل الدينار الليبي، وفقًا لبيانات مصرف ليبيا المركزي. وسجل متوسط سعر صرف الدولار أمام العملة الليبية صعوده إلى 5.3953 دينار، وحسب جدول العملات المعلن من مصرف ليبيا المركزي، وسجل متوسط سعر صرف اليورو 6.3471 دينار، والجنيه الإسترليني 7.3447 دينار. وفيما يخص العملات العربية، سجل سعر الريال السعودي 1.4386 دينار، بينما سجل الدرهم الإماراتي 1.4689 دينار، والدينار التونسي 1.8939 دينار. وسجل سعري الليرة التركية واليوان الصيني مقابل العملة الليبية 0.135 دينار و 0.7523 دينار على الترتيب. ــ يضاف إلى هذه الأسعار ضريبة بنسبة 15%.


الوسط
منذ ساعة واحدة
- الوسط
أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الدينار في السوق الرسمية (الإثنين 7 يوليو 2025)
استقر سعر صرف الدولار أمام الدينار في السوق الرسمية اليوم الإثنين عند 5.39 دينار، وهو السعر نفسه المسجل أمس الأحد. بينما تراجع اليورو إلى 6.34 دينار من 6.35 دينار أمس، والجنيه الإسترليني إلى 7.34 دينار مقابل 7.35 دينار أمس، وفق جدول العملات المعلن من قِبل مصرف ليبيا المركزي. أسعار صرف العملات العربية أمام الدينار عربيًا، استقر الريال السعودي عند 1.43 دينار، والدرهم الإماراتي عند 1.46 دينار، بينما ارتفع الدينار التونسي إلى 1.89 من 1.88 دينار ليبي. ولم يطرأ تغيير على سعري الليرة التركية واليوان الصيني الذين سجلا 0.13 دينار و0.75 دينار على الترتيب.


الوسط
منذ ساعة واحدة
- الوسط
كيف يستخدم ترامب "نظرية الرجل المجنون" لمحاولة تغيير العالم (وينجح بالفعل)؟
Reuters الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما سُئل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الشهر الماضي عمّا إذا كان يخطط للانضمام إلى إسرائيل في مهاجمة إيران، قال: "قد أفعل ذلك. وقد لا أفعل. لا أحد يعلم ما سأفعله". أوحى للعالم بأنه وافق على مهلة لمدة أسبوعين للسماح لإيران باستئناف المفاوضات. ثم قصفها، كما تعلمون. ثمة نمط آخذ في الظهور: أكثر ما يمكن التنبؤ به في ترامب هو عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته، فهو يغير رأيه، ويناقض نفسه، إنه متناقض. يقول بيتر تروبويتز، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد: "لقد بنى ترامب عملية صنع سياسات شديدة المركزية. يمكن القول إنها الأكثر مركزية، على الأقل في مجال السياسة الخارجية، منذ عهد ريتشارد نيكسون". "وهذا يجعل قرارات السياسة أكثر اعتماداً على شخصية ترامب وتفضيلاته ومزاجه". لقد وظّف ترامب هذا الأمر سياسياً؛ لقد جعل من عدم قابليته للتنبؤ رصيداً استراتيجياً وسياسياً أساسياً لنفسه. لقد ارتقى بعدم قابليّته للتنبؤ إلى أن باتت مبدأً. والآن، تُوجّه سمات الشخصية التي جلبها إلى البيت الأبيض السياسة الخارجية والأمنية. إنها تُغيّر شكل العالم. يُطلق علماء السياسة على هذه النظرية اسم "نظرية الرجل المجنون"، حيث يسعى زعيم عالمي إلى إقناع خصمه بأنه قادر على فعل أي شيء وفق حالته المزاجية المتقلبة، لانتزاع تنازلات. إذا استُخدمت بنجاح، فقد تُصبح شكلاً من أشكال الإكراه، ويعتقد ترامب أنها تُؤتي ثمارها، إذ تضع حلفاء الولايات المتحدة في المكان الذي يريده. ولكن هل هذا نهج يُمكن أن يُجدي نفعاً ضد الأعداء؟ وهل يمكن أن يكون العيب في هذا الأسلوب أنه ليس مجرد خدعة مصممة لخداع الخصوم، بل هو في الواقع مبني على سمات شخصية راسخة وموثقة بوضوح، مما يجعل من السهل التنبؤ بسلوكه؟ هجمات وإهانات وتفاهمات Getty Images بدأ ترامب رئاسته الثانية بالانفتاح على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومهاجمة حلفاء أمريكا. أهان كندا بقوله إنها يجب أن تصبح الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة. وقال إنه مستعد للنظر في استخدام القوة العسكرية لضم غرينلاند، وهو إقليم يتمتع بالحكم الذاتي تابع لحليفة أمريكا، الدنمارك. وأضاف أن على الولايات المتحدة استعادة ملكية قناة بنما والسيطرة عليها. تُلزم المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (ناتو) كل عضو بالدفاع عن جميع الأعضاء الآخرين. وقد أثار ترامب شكوكاً حول التزام أمريكا بذلك. وصرّح بن والاس، وزير الدفاع البريطاني السابق، قائلاً: "أعتقد أن المادة الخامسة على وشك الانهيار". وقال المدعي العام المحافظ دومينيك غريف: "في الوقت الحالي، انتهى التحالف عبر الأطلسي". كشفت سلسلة من الرسائل النصية المسربة عن ثقافة الازدراء السائدة في البيت الأبيض بقيادة ترامب تجاه الحلفاء الأوروبيين. وقال وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، لزملائه (في إدارة ترامب): "أشارككم تماماً كراهيتكم للمستغلين الأوروبيين"، مضيفاً: "هذا مثير للشفقة". في ميونيخ، في وقت سابق من هذا العام، صرّح نائب الرئيس ترامب، جيه دي فانس، بأن الولايات المتحدة لن تكون بعد الآن ضامنة للأمن الأوروبي. بدا أن هذا يُطوي صفحة 80 عاماً من التضامن عبر الأطلسي. يقول البروفيسور تروبويتز: "ما فعله ترامب هو إثارة شكوك وتساؤلات جديّة حول مصداقية التزامات أمريكا الدولية". "مهما كانت التفاهمات التي تربط تلك البلدان (في أوروبا) مع الولايات المتحدة، فيما يتعلق بالأمن أو الاقتصاد أو غير ذلك من المسائل، فإنها أصبحت الآن موضع تفاوض في أي لحظة". "أشعر أن معظم من يُحيطون بترامب يعتقدون أن عدم القدرة على التنبؤ (بسلوكه) أمر جيد، لأنه يسمح لدونالد ترامب باستغلال نفوذ أمريكا لتحقيق أقصى مكاسب..." "هذا أحد الدروس التي استخلصها من التفاوض في عالم العقارات". لقد أتى نهج ترامب بثماره. فقبل أربعة أشهر فقط، صرّح رئيس الوزراء البريطاني السير، كير ستارمر، أمام مجلس العموم بأن بريطانيا ستزيد إنفاقها الدفاعي والأمني من 2.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.5 في المئة. في الشهر الماضي، خلال قمة لحلف الناتو، ارتفعت هذه النسبة إلى 5 في المئة، وهي زيادة هائلة، تُضاهيها الآن جميع الدول الأعضاء الأخرى في الحلف. إمكانية التنبؤ بعدم القدرة على التنبؤ ليس ترامب أول رئيس أمريكي يتبنى مبدأ عدم القدرة على التنبؤ. ففي عام 1968، عندما كان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون يحاول إنهاء حرب فيتنام، وجد عدوه (فيتنام الشمالية) عنيداً. يقول مايكل ديش، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نوتردام: "في مرحلة ما، قال نيكسون لمستشاره للأمن القومي هنري كيسنجر: 'عليك أن تُخبر المفاوضين الفيتناميين الشماليين بأن نيكسون مجنون، وأنك لا تعرف ما الذي سيفعله، لذا من الأفضل أن يتوصلوا إلى اتفاق قبل أن تتفاقم الأمور'". ويضيف: "هذه هي نظرية الرجل المجنون". تتفق جولي نورمان، أستاذة العلوم السياسية في كلية لندن الجامعية، على وجود مبدأ عدم القدرة على التنبؤ. وتُجادل قائلةً: "من الصعب جداَ معرفة ما سيحدث بين يوم وآخر. وهذا هو نهج ترامب دائماً". نجح ترامب في استغلال سمعته كرجل متقلب المزاج لتغيير العلاقة الدفاعية عبر الأطلسي. ويبدو أن بعض القادة الأوروبيين، للحفاظ على دعم ترامب، قد أثنوا عليه وتملقوه. كانت قمة الناتو الشهر الماضي في لاهاي بمثابة تمرين على التودد المذل. وكان الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، قد أرسل في وقت سابق رسالة نصية إلى الرئيس ترامب أو "عزيزي دونالد"، كما سرّبها ترامب. وكتب: "تهانينا، وشكراً لك على عملكم الحاسم في إيران، لقد كان استثنائياً حقاً". وحول الإعلان المرتقب عن موافقة جميع أعضاء الناتو على زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، تابع قائلاً: "ستحققون شيئاً لم يستطع أي رئيس (أمريكي) تحقيقه لعقود". وقال أنتوني سكاراموتشي، الذي شغل سابقاً منصب مدير الاتصالات في إدارة ترامب في ولايته الأولى: "السيد روته، إنه يحاول إحراجك يا سيدي. إنه يجلس حرفياً على متن طائرة الرئاسة (الأمريكية) ويضحك عليك". وقد تكون هذه هي نقطة الضعف في جوهر مبدأ ترامب "عدم القدرة على التنبؤ": فقد تكون أفعالهم مبنية على فكرة أن ترامب يتوق إلى الإطراء، أو أنه يسعى إلى تحقيق مكاسب قصيرة الأجل، مفضلاً إياها على العمليات الطويلة والمعقدة. إذا كان هذا هو الحال وكان افتراضهم صحيحاً، فإن ذلك يحد من قدرة ترامب على ممارسة الحيل لخداع خصومه - بل إنه يمتلك سمات شخصية راسخة وموثقة بوضوح أصبحوا على دراية بها. الخصوم لا يتأثرون بالسحر والتهديدات Getty Images يرى مراقبون أن بوتين لم يتأثر بـ"مغازلة" ترامب له، كما لم يتأثر بتهديداته أيضاً ثم هناك سؤالٌ، حول ما إذا كان مبدأ عدم القدرة على التنبؤ أو نظرية الرجل المجنون سينجحان مع الخصوم. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الحليف الذي تعرض لتوبيخ شديد من ترامب وفانس في المكتب البيضاوي، وافق لاحقاً على منح الولايات المتحدة حقوقاً مربحة لاستغلال الموارد المعدنية الأوكرانية. من ناحية أخرى، يبدو أن فلاديمير بوتين لا يزال غير متأثر بسحر ترامب وتهديداته على حد سواء. يوم الخميس، عقب مكالمة هاتفية، قال ترامب إنه "يشعر بخيبة أمل" لعدم استعداد بوتين لإنهاء الحرب ضد أوكرانيا. وماذا عن إيران؟ وعد ترامب قاعدته الشعبية بأنه سينهي التدخل الأمريكي في "حروب الشرق الأوسط التي لا تنتهي". ولعل قراره بضرب المنشآت النووية الإيرانية كان الخيار السياسي الأكثر تقلباً في ولايته الثانية حتى الآن. والسؤال هو: هل سيحقق هذا القرار التأثير المنشود؟. يرى وزير الخارجية البريطاني الأسبق، ويليام هيغ، أن ذلك سيؤدي إلى عكس المنشود تماماً: "سيزيد، ولا يقلل، من احتمال سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية". ويتفق البروفيسور مايكل ديش، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نوتردام، مع هذا الرأي. يقول: "أعتقد أنه من المرجح جداً الآن أن تتخذ إيران قراراً بالسعي لامتلاك سلاح نووي. لذا لن أتفاجأ إذا ما التزموا الصمت وبذلوا قصارى جهدهم لإكمال دورة الوقود النووي الكاملة وإجراء تجربة نووية". "أعتقد أن درس صدام حسين ومعمر القذافي لم يغب عن بال الطغاة الآخرين، الذين يواجهون الولايات المتحدة، واحتمال تغيير أنظمتهم..." "لذا سيشعر الإيرانيون بشدة بالحاجة إلى رادع نهائي، وسينظرون إلى صدّام والقذافي كمثالين سلبيين، وكيم جونغ أون، زعيم كوريا الشمالية، كمثال إيجابي". ومن السيناريوهات المحتملة تماسك الجمهورية الإسلامية، وفقا لـ محسن ميلاني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جنوب فلوريدا ومؤلف كتاب "صعود إيران وتنافسها مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط". ويقول: "في عام 1980، عندما هاجم صدام حسين إيران، كان هدفه انهيار الجمهورية الإسلامية. ما حدث هو العكس تماماً". "كانت هذه هي الحسابات الإسرائيلية والأمريكية أيضاً... إذا تخلصنا من كبار القادة، فستستسلم إيران بسرعة أو سينهار النظام بأكمله". فقدان الثقة في المفاوضات؟ Getty Images تكشف تصريحات المستشار الألماني، فريدريش ميرتس (يسار)، عن إدراك لتغير الأولويات الاستراتيجية الأمريكية، وفقاً للبروفيسور تروبويتز بالنظر إلى المستقبل، قد لا يُجدي عدم القدرة على التنبؤ نفعاً مع الخصوم، ولكن من غير الواضح ما إذا كان من الممكن الحفاظ على التحولات الأخيرة التي أحدثتها بين الحلفاء. وإن كانت هذه العملية ممكنة، إلا أنها مبنية إلى حد كبير على الاندفاع. وقد يكون هناك قلق من أن يُنظر إلى الولايات المتحدة كوسيط غير موثوق. تقول البروفيسور جولي نورمان: "لن يرغب الناس في التعامل مع الولايات المتحدة إذا لم يثقوا بها في المفاوضات، وإذا لم يكونوا متأكدين من أنها ستدعمهم في قضايا الدفاع والأمن". "لذا، أعتقد أن العزلة التي يسعى إليها الكثيرون في عالم ماغا - حركة ماغا (لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً) المؤيدة لترامب - ستأتي بنتائج عكسية". قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، على سبيل المثال، إن أوروبا بحاجة الآن إلى أن تصبح مستقلة عملياً عن الولايات المتحدة. يقول البروفيسور تروبويتز: "تكمن أهمية تعليق المستشار الألماني في أنه إدراكٌ لتغير الأولويات الاستراتيجية الأمريكية. لن تعود هذه الأولويات إلى ما كانت عليه قبل تولي ترامب منصبه". "لذا، نعم، سيتعين على أوروبا أن تصبح أكثر استقلالية عملياً". يجادل البروفيسور ديش بأن هذا سيتطلب من الدول الأوروبية تطوير صناعة دفاع أوروبية أكبر بكثير، للحصول على معدات وقدرات لا تمتلكها حالياً سوى الولايات المتحدة. على سبيل المثال، يمتلك الأوروبيون بعض القدرات الاستخباراتية العالمية المتطورة، كما يقول، لكن الولايات المتحدة تزودهم بالكثير منها. ويتابع: "إذا اضطرت أوروبا إلى الاعتماد على نفسها، فستحتاج أيضاً إلى زيادة كبيرة في قدرتها على إنتاج الأسلحة بشكل مستقل. ستكون القوى العاملة أيضاً مشكلة. سيتعين على أوروبا الغربية أن تنظر إلى بولندا لمعرفة مستوى القوى العاملة التي ستحتاجها". سيستغرق بناء كل ذلك سنوات. فهل دفع عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب الأوروبيين، حقاً، إلى إجراء أكبر تغيير جذري في البنية الأمنية للعالم الغربي منذ نهاية الحرب الباردة؟. يقول البروفيسور تروبويتز: "لقد ساهم ذلك في الأمر بالفعل. لكن الأهم من ذلك، أن ترامب قد كشف النقاب عن أمرٍ ما... لقد تغيرت السياسة في الولايات المتحدة، وتغيرت الأولويات. بالنسبة لتحالف ماغا، تُمثل الصين مشكلة أكبر من روسيا. ربما لا ينطبق هذا على الأوروبيين". ووفقاً للبروفيسور ميلاني، يحاول ترامب ترسيخ النفوذ الأمريكي في النظام العالمي. "من المستبعد جداً أن يُغير النظام الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية. إنه يريد ترسيخ مكانة أمريكا فيه، لأن الصين باتت تُشكل تحدياً لها". لكن كل هذا يعني أن ضرورات الدفاع والأمن التي تواجهها الولايات المتحدة وأوروبا متباينة. قد يكون الحلفاء الأوروبيون راضين عن أنهم، من خلال الإطراء والتحولات السياسية الحقيقية، قد حافظوا على ترامب في صفّهم بشكل عام، لقد أعاد، في نهاية المطاف، تأكيد التزامه بالمادة الخامسة في أحدث قمة لحلف الناتو. لكن عدم القدرة على التنبؤ يعني استحالة ضمان ذلك - ويبدو أنهم قد تقبلوا أنه لم يعد بإمكانهم الاعتماد على الولايات المتحدة، للوفاء بالتزامها التاريخي بالدفاع عنهم. وبهذا المعنى، حتى لو كانت عقيدة - عدم القدرة على التنبؤ - نابعة من مزيج من الاختيار الواعي وسمات شخصية ترامب الحقيقية، فإنها تُجدي نفعاً، على الأقل، على الأقل مع البعض.