
لماذا ازداد عدد البالغ عمرهم 100 عام وأكثر؟
كان الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر خالياً من الأحداث كما هو معتاد بالنسبة لجواو مارينيو نيتو. كان مربي الماشية السابق يتطلع إلى وجبة غداء الدجاج المعتادة في دار المسنين حيث كان يعيش منذ عشر سنوات في أبوياريس، وهي بلدة صغيرة تقع في شمال شرق البرازيل القاحل.
ولكن بعد ثلاثة أيام، تصدر نيتو، 112 عاماً، عناوين الأخبار محلياً ودولياً باعتباره أكبر رجل معمر على قيد الحياة في العالم.
وقال مازحاً لإحدى الممرضات اللاتي أبلغنه الخبر: "أنا أيضاً الأكثر وسامة".
ورث نيتو لقب أكبر رجل معمر في العالم في كتاب غينيس للأرقام القياسية بعد وفاة البريطاني جون تينيسوود، الذي توفي في 25 نوفمبر/تشرين الثاني عن عمر ناهز 112 عاماً أيضاً.
أكبر شخص معمر على قيد الحياة في العالم حالياً هي اليابانية توميكو إيتوكا، التي عاشت حتى الآن 116 عاماً. إيتوكا نفسها هي أيضاً حاملة رقم قياسي جديد نسبياً - فقد "توجت" في أغسطس/آب فقط.
كلاهما من المعمرين الذين يعيشون بعد عيد ميلادهم المائة، وهي مجموعة تتزايد أعدادها في جميع أنحاء العالم.
نحو مليون شخص في عمر المئة عام 2030
وكان 92 ألفاً فقط هم من حققوا هذا الإنجاز في عام 1990، الذي لم يكن إنجازاً بسيطاً حينها.
BBC
لقد قطع البشر شوطاً طويلاً من حيث متوسط العمر المتوقع بفضل التقدم في سلسلة من المجالات التي وفرت أدوية وغذاء وظروفاً معيشية أفضل مقارنة بأسلافنا.
وكان متوسط العمر المتوقع للإنسان قرابة 52 عاماً في عام 1960، وهو أول عام بدأت فيه الأمم المتحدة تسجيل البيانات العالمية.
الشيخوخة: كيف تجعل أعضاء جسدك تُعمر أطول من المتوقع؟
إن الوصول إلى 100 عام من العمر ليس بالأمر الهين، فمن بلغوا هذا العمر كانت نسبتهم 0.008 في المئة فقط من سكان العالم في عام 2021، وفق أرقام الأمم المتحدة.
ولا يُتوقع حالياً أن يستمتع معظمنا حول العالم بعيد ميلاد بلاتينيّ (75 عاماً)، إذ يبلغ متوسط العمر العالمي المتوقع 73 عاماً.
ومع ذلك، فإن الصورة تتغير كثيراً من بلد إلى آخر، فالشخص العادي في اليابان، على سبيل المثال، يعيش 85 عاماً، في حين يُتوقع أن يعيش الإنسان في جمهورية أفريقيا الوسطى 54 عاماً فقط.
وكذلك، من المرجح أن يعاني معظم من بلغوا الشيخوخة من الأمراض المزمنة.
وتقول جانيت لورد، أستاذة بيولوجيا الخلية في جامعة برمنغهام في بريطانيا: "إن العيش لفترة أطول ليس مرادفاً للعيش بشكل جيد".
BBC
ما هو سر "المعمرين الخارقين"؟
إن تجاوز المئة عام أمر أصعب. ففي الولايات المتحدة، قدرت دراسة طويلة الأمد أجرتها جامعة بوسطن أن واحداً فقط من كل 5 ملايين أمريكي يصل إلى مرحلة "المعمرين الخارقين"، أي يعيش 110 أعوام على الأقل.
وبينما أحصى الباحثون قرابة 60 إلى 70 شخصاً ضمن تلك الفئة في عام 2010، ازداد العدد إلى 150 بحلول عام 2017.
ومن الطبيعي أن يجذب "المعمرون الخارقون" الكثير من اهتمام العلماء الذين يدرسون الشيخوخة.
وتضيف البروفيسور لورد: "هؤلاء يتحدون ما يحدث مع معظم الناس في سن الشيخوخة، ولسنا متأكدين تماماً من السبب حتى الآن".
إضافة إلى طول العمر، فإن المعمرين الخارقين يبرزون لكونهم يتمتعون بصحة جيدة نسبياً بالنسبة لأعمارهم.
فجوزيفا ماريا، على سبيل المثال، لا تحتاج إلى علاج منتظم، ولا تزال تأكل اللحوم الحمراء والحلوى، بحسب أسرتها.
وبالتأكيد فإن ذاكرتها ضبابية، وقد تدهور بصرها، لكن سيسيرا تعترف بأنها لا تزال تشعر بالحيرة أحياناً بسبب حالة والدتها.
وتقول سيسيرا، البالغة 76 عاماً، "لا يمكنها المشي بقدر ما كانت معتادة عليه، وعلينا حملها وتغيير حفاضاتها مثل الرضيع، لكني ما زلت مندهشة لأن أمي عاشت لفترة طويلة بالنظر إلى أنها تدخن منذ الطفولة ومارست العمل الشاق لعقود".
لكن أكثر ما يحير خبراء السن هو أن بعض من يبلغون 100 سنة وأكثر، ليسوا بالضرورة نبراساً للممارسات الصحية الجيدة.
فجوزيفا ماريا، كما ذكرنا سابقا، كانت تدخن معظم حياتها ونشأت في فقر في منطقة شمال شرق البرازيل التي تعاني الحرمان من الخدمات الاجتماعية.
والأكثر لفتا للنظر هو أن دراسة نشرت عام 2011 في مجلة الجمعية الأمريكية لطب الشيخوخة، وركزت على أكثر من 400 يهودي أمريكي تتراوح أعمارهم بين 95 عاماً أو أكثر، وجدت وفرة من العادات السيئة.
فقد كان ما يقرب من 60 في المئة منهم من المدخنين الشرهين، وكان نصفهم يعاني من السمنة المفرطة معظم حياتهم، و3 في المئة فقط كانوا نباتيين، ومن بين الحقائق المذهلة الأخرى أن الكثيرين منهم لم يمارسوا حتى تمارين رياضية معتدلة.
ويقول ريتشارد فاراغر، أستاذ علم الأحياء في جامعة برايتون في بريطانيا، إن "أول شيء نحتاج إلى إخباره للمهتمين بالعيش لفترة طويلة هو عدم أخذ نصائح نمط الحياة من المعمرين أو المعمرين الخارقين".
ويضيف فاراغر وهو خبير بارز في دراسة الشيخوخة، "هناك أمر استثنائي بشأنهم، لأنهم يفعلون بالضبط ما يخالف ما نعرفه والذي يمكن أن يساعد إنساناً ما على العيش لفترة أطول".
درع وراثي؟
يعتقد العلماء أن الجينات تلعب دوراً كبيراً في طول العمر.
ويبدو أن المعمرين (والمعمرين الخارقين) قادرون على حماية أنفسهم من الشيخوخة التي تؤثر على من هم أصغر سناً، كما يبدو أيضا أنهم قادرون على التعايش حتى مع العادات غير الصحية التي ترسل معظمنا إلى القبر مبكراً.
ويعمل الخبراء مثل لورد وفاراغر على تحديد المزايا التي يتمتع بها هؤلاء، وإن كانت ليست واضحة كما قد يظن المرء.
وأظهرت دراسة أخرى للمعمرين اليهود، نشرت عام 2020، أن من أُجريت عليهم الدراسة كانوا يحملون العديد من المتحورات الجينية السيئة، تلك التي قد تسبب أمراضاً في أواخر العمر، شأنهم في ذلك شأن العامة.
وقد أدى ارتفاع عدد من وصلوا إلى 100 عام أيضاً إلى تساؤل العلماء حول امتداد حدود طول عمر الإنسان.
أكبر إنسان على الإطلاق
كانت فرانسيس جين كالميت أكبر شخص تحقق من عمره على الإطلاق حتى الآن، وتوفيت عام 1997 عن عمر يناهز 122 عاماً، وهي رسميا الإنسان الوحيد الذي عاش أكثر من 120 عاماً.
ومع ذلك، فإن باحثين من جامعة واشنطن في الولايات المتحدة يزعمون أن طول العمر سيصل إلى حدود جديدة خلال هذا القرن بالذات، إذ قد يضع البعض 125 أو حتى 130 شمعة على كعكات عيد ميلادهم.
لماذا لا يعيش البريطاني عمراً أطول؟
واستخدم بيرس والبروفيسور أدريان رافتري، قاعدة البيانات الدولية حول طول العمر لمحاكاة حدود طول العمر للعقود القادمة. وخلصا إلى أن هناك احتمالاً شبه مؤكد أن يسقط رقم كالميت القياسي (122 عاماً)، واحتمالا بنسبة 68 في المئة أن يحتفل إنسان ما بعيد ميلاده الـ 127.
فهم لعبة الشيخوخة
على الرغم من ذلك، هناك العديد من الأسئلة التي لا يزال العلم بحاجة إلى الإجابة عليها لفهم لعبة الشيخوخة بشكل كامل.
ويعتقد خبراء مثل الدكتور ريتشارد سيو، مدير أبحاث الشيخوخة في كينجز كوليدج في لندن، أن هذا الفهم ضروري لمعالجة قضايا جودة الحياة مع تزايد شيخوخة سكان العالم.
وتقدر الأمم المتحدة أن العالم يسكنه عدد أكبر ممن تزيد أعمارهم عن 65 عاماً فأكثر، عن عدد الأطفال دون سن الخامسة.
ويشير سيو إلى أن "السؤال الأكبر هنا ليس مناقشة المدة التي يمكننا أن نعيشها، ولكن كيف يمكننا تأخير بداية التدهور المرتبط بالعمر، والبقاء بصحة جيدة لفترة أطول مما نحن عليه الآن".
وأضاف: "بهذه الطريقة، إذا كنا محظوظين بما يكفي لبلوغ سن الشيخوخة، فيمكننا الاستمتاع بهذه السنوات بدلاً من أن نعيشها في معاناة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأنباء
١٥-٠٦-٢٠٢٥
- الأنباء
ملجأ لـ «البوما» المهددة بالتوسع الحضري في البرازيل
بعد إصابته بجرح غائر في الورك يتلقى حيوان بوما مخدرا على نقالة العلاج من أطباء بيطريين من جمعية «ماتا سيليار» البرازيلية التي تدير محمية للحياة البرية قرب ساو باولو. سمي هذا الحيوان الذكر البالغ خمس سنوات «باريرو» نسبة إلى الحي، حيث عثر عليه عالقا في فخ مصنوع من كابل فولاذي. وقد أنقذته المنظمة غير الحكومية التي تدير محمية للحياة البرية في مدينة جوندياي على بعد 90 كيلومترا من ساو باولو. ويقول جورجي بيليكس، رئيس جمعية «ماتا سيليار» التي عالجت 32 ألف حيوان منذ إطلاقها قبل حوالي 30 عاما، لوكالة فرانس برس «بسبب قضم موطنه الطبيعي بفعل التوسع الحضري، يضيع البوما في تحركاته بين الطرق والتجمعات السكنية المسورة وغيرها من أشكال الأنشطة البشرية». ويحذر من أنه «في حال استمر هذا الوضع سنشهد للأسف انقراض الكثير من الأنواع في غضون سنوات قليلة». تتمتع البرازيل بأكبر تنوع للقطط البرية في العالم، إذ تضم تسعة أنواع مسجلة فيها، وكلها مهددة بالانقراض بسبب النشاط البشري، خصوصا جراء التوسع العمراني الجامح. على بعد بضع عشرات الكيلومترات من ساو باولو، كبرى مدن أميركا اللاتينية، تشهد حيوانات البوما (الكوغر أو الأسد الأميركي) توغلا متزايدا من البشر في موطنها الطبيعي، غابة الأطلسي (ماتا أتلانتيكا)، وهي المنطقة الأحيائية التي تواجه الحياة البرية البرازيلية فيها تهديدا شديدا.


الأنباء
٠٤-٠٦-٢٠٢٥
- الأنباء
اليابان.. تراجع المواليد لما دون 700 ألف لأول مرة منذ قرنين
أعلنت الحكومة اليابانية أن عدد المواليد في البلاد انخفض إلى أقل من 700 ألف مولود في عام 2024، لأول مرة منذ بدء تسجيل المواليد أواخر القرن التاسع عشر. وسجلت اليابان 686 ألفا و61 ولادة عام 2024، أي أقل بنحو 41 ألفا و227 ولادة عن عام 2023، وفق البيانات الحكومية. ويعد هذا العام التاسع على التوالي الذي يشهد انخفاضا في عدد المواليد مع تقدم السكان في العمر. ووصف رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا الوضع، بأنه «حالة طوارئ صامتة»، واعدا باتخاذ تدابير داعمة للأسر، بينها زيادة مرونة ساعات العمل. كما كشفت البيانات الصادرة عن وزارة الصحة أمس، عن أن معدل الخصوبة لدى النساء انخفض إلى مستوى قياسي أيضا. وذكرت الوزارة أن عدد الوفيات (1.6 مليون) قد تفوق على عدد المواليد بأكثر من الضعف، مسجلا زيادة قدرها 1.9% مقارنة بعام 2023. كما دعا إيشيبا إلى إنعاش المناطق الريفية، حيث تزداد عزلة المجتمعات المسنة، ففي أكثر من 20 ألف منطقة في اليابان تبلغ غالبية السكان 65 عاما فأكثر، وفق وزارة الداخلية.


الأنباء
٠١-٠٦-٢٠٢٥
- الأنباء
زراعة الكيوي تعيد الحياة إلى «فوكوشيما» اليابانية بعد تلوثها نووياً
على بعد بضعة كيلومترات من موقع الكارثة النووية في فوكوشيما اليابانية، يعتني تاكويا هاراغوتشي بنباتات كيوي جديدة تحت أشعة الشمس الربيعية، معيدا الحياة لأراض كانت تشكل منطقة منكوبة. كان المزارع يبلغ 11 عاما عندما ضرب اليابان أقوى زلزال في تاريخها، أعقبه سونامي أدى إلى مقتل أو فقدان 18500 شخص، بعد كارثة مارس 2011. طالت المياه محطة فوكوشيما للطاقة النووية على الساحل الشمالي الشرقي للبلاد، مما تسبب في انصهار نووي مدمر وتلوث. ويؤمن هاراغوتشي، الذي يبلغ حاليا 25 عاما والمقيم حديثا في أوكوما، بمستقبل منطقة فوكوشيما. و يقول الشاب الذي أصبحت بشرته سمراء بفعل العمل في الحقول، «من خلال زراعة الكيوي هنا، أود أن يصبح الناس مهتمين.. ويكتشفوا كيف تبدو فوكوشيما في الواقع اليوم». كانت المنطقة مشهورة خصوصا بإجاصها اللذيذ وخوخها ذي النكهة الحلوة. لكن الكارثة النووية قضت على كل شيء. وبعد أكثر من عقد، ونتيجة عمليات تطهير واسعة بينها إزالة الطبقة العليا من التربة الزراعية بالكامل، تؤكد السلطات أن منتجات فوكوشيما آمنة. درس هاراغوتشي علوم الحاسوب في الجامعة، لكن حلمه الفعلي كان أن يصبح خبيرا في زراعة الأشجار. في عام 2021، اكتشف هاراغوتشي بلدة أوكوما خلال حدث طالبي، حيث التقى السكان المحليين العازمين على إحياء مجتمعهم من خلال تطوير زراعة الكيوي. أطلق هاراغوتشي مشروعه «ري فروتس» مع شريك هو أيضا في العشرينات من عمره. ويملك الرجلان 2.5 هكتار من الأراضي، بعضها مزروع جزئيا، ويأملان حصاد أولى ثمار الكيوي خلال العام المقبل. ومنذ أصبحت المدينة صالحة للسكن مرة جديدة عام 2019، انتقل 1500 شخص إلى أوكوما، فيما تخطى عدد الوافدين الجدد ألف شخص يعمل مئات منهم في محطة الطاقة. وبوميا، تراقب عشرات من أجهزة الاستشعار في أوكوما مستويات الإشعاع التي تبقى ضمن حدود السلامة التي حددتها السلطات. لكن كاوري سوزوكي التي ترأس جمعية «ماذرز رادييشن لاب فوكوشيما ـ تاراشين» تؤكد أن الحذر لايزال مطلوبا، فيما تجري منظمتها اختبارات إشعاعية خاصة بها على التربة والأغذية المنتجة في فوكوشيما. وتقول لوكالة فرانس برس «يعود القرار إلى كل فرد فيما يريد استهلاكه». وفي حين تؤكد السلطات عدم وجود خطر مباشر على الصحة، تشير سوزوكي إلى المخاطر المرتبطة بالزراعة في المناطق التي تأثرت بشدة بالتداعيات الناجمة عن الكارثة النووية. وتقول «من الأفضل أن نبقى حذرين لأن الناس أصبحوا أكثر ارتياحا».