
وزارة الدفاع الألمانية تُنفّذ عملية توسعة هائلة في صناعة الأسلحة
خلال فترة ولايته الأولى وزيراً للدفاع في ألمانيا، واجه بوريس بيستوريوس، صعوبة في تأمين التمويل اللازم لإصلاح القوات المسلحة التي عانت الإهمال طويلاً. لكن بعد أن منحته الحكومة الجديدة، هذا الأسبوع، مبلغاً ضخماً قدره 650 مليار يورو للسنوات الخمس المقبلة، سيبقى التحدي الرئيس أمامه هو إنفاقه.
ويتعين على بيستوريوس، التعامل مع بيروقراطية المشتريات التي كانت تستغرق في السابق، سبع سنوات لاختيار بندقية هجومية رئيسة جديدة، وأكثر من عقد لشراء خوذة لطياري المروحيات. وسيتعين عليه الإشراف على عملية توسعة هائلة في صناعة الأسلحة التي تعاني بالفعل نقصاً في الطاقة الإنتاجية.
ويجب تخصيص مليارات الدولارات لمهام، مثل تحديث الثكنات التي يعاني بعضها حالة «كارثية» بسبب «الجص» المتهالك والعفن، وفقاً لهيئة الرقابة على القوات المسلحة.
وصرح بيستوريوس هذا الأسبوع، بأن البلاد «ستتمكن أخيراً من تأمين ما تحتاج إليه»، بعد أن أعلنت برلين أن ميزانية الدفاع الألمانية ستصل إلى 162 مليار يورو بحلول عام 2029، بما في ذلك الدعم المقدّم لأوكرانيا، بزيادة قدرها 70% على هذا العام، لكنه حذّر قائلاً: «كل هذا ينبغي أن يعزز القدرة الإنتاجية الصناعية بسرعة، ويوسع نطاقها ويُكيّفها مع احتياجاتنا وطلباتنا».
وتضع هذه الخطط، ألمانيا على المسار الصحيح لتحقيق هدف حلف شمال الأطلسي (الناتو) الجديد، المتمثل في إنفاق 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع الأساسي بحلول عام 2029، أي قبل ست سنوات من الموعد النهائي المتفق عليه حديثاً للتحالف العسكري الغربي.
ويعتقد العديد من الخبراء أن ألمانيا التي تُخطط لإدخال الخدمة العسكرية التطوعية، ستضطر في النهاية إلى اعتماد نموذج إلزامي، وهو أمر قدّر معهد «إيفو»، ومقره ميونيخ، أنه سيكلف الحكومة 3.2 مليارات يورو سنوياً.
وأحرزت ألمانيا بالفعل تقدماً في إصلاح الجيش الألماني منذ بدء الحرب في أوكرانيا عام 2022، عندما كشف المستشار آنذاك، أولاف شولتس، عن صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو لتجهيز الجيش. وحذّر قائد الجيش في ذلك الوقت من أن قواته «ليس لديها أي سلاح تقريباً».
وأصبح الإنفاق على نطاق جديد ممكناً، بفضل قرار المستشار الجديد فريدريش ميرتس، بالسماح بالاقتراض غير المحدود لإعادة ترسيخ ألمانيا كأقوى جيش تقليدي في أوروبا. وستقترض البلاد 380 مليار يورو من الآن وحتى عام 2029، لتغطية تكاليف هذا الإنفاق الباهظ.
لكن إنفاق هذه المبالغ الضخمة سيُشكل تحديات هائلة لنظام المشتريات الدفاعية الألماني. وكان مكتب المشتريات الضخم التابع للجيش الألماني في كوبلنز - الذي يضم 11 ألفاً و800 موظف - معروفاً في الماضي باتباعه الدقيق للأنظمة الوطنية، وأنظمة الاتحاد الأوروبي، ووضع متطلبات جمركية معقدة.
وكانت وزارة المالية في برلين عائقاً آخر أمام عمليات الشراء السريعة، حيث ناقش مسؤولون يفتقرون إلى الخبرة العسكرية، عدد الغواصات التي تحتاج إليها البحرية الألمانية بالفعل.
وقد حقق بيستوريوس، فعلاً، بعض النجاح في تغيير الثقافة، داعياً إلى السرعة بدلاً مما أسماه «حلولاً مطلية بالذهب». وقد استخدمت ألمانيا صندوق الـ100 مليار يورو لطلب سلسلة من المنتجات باهظة الثمن، بما في ذلك طائرات مقاتلة من طراز «F-35»، وطائرات هليكوبتر من طراز «شينوك»، ونظام دفاع جوي من طراز «أورو 3» من إسرائيل. ومع ذلك، لاتزال هناك إحباطات. ويقول أحد كبار المسؤولين: «في بعض الأحيان، قد يستغرق مجرد وضع عقد، عاماً كاملاً».
وحتى بعد طلب المنتجات، قد يتأخر المورّدون في التسليم وسط اختناقات صناعية هائلة. وقال المسؤول الكبير، في إشارة إلى نظام الدفاع الجوي الأميركي: «عندما تطلب نظام باتريوت اليوم يقولون: شكراً لك على طلبك، سوف تتلقاه في عام 2028».
ويقول مسؤول تنفيذي في شركة ألمانية متوسطة الحجم لتصنيع الأسلحة: «عندما تنظر إلى الأرقام المتداولة حالياً في برلين، تجد أنها أمر يدعو للقلق». ويحذر المحللون من مخاطر قرارات الشراء السيئة والهدر، ومن التلاعب بالأسعار من قِبل المنتجين، وسط ارتفاع الطلب بشكل كبير.
ويقول الزميل البارز في مركز «بروغل» للأبحاث الاقتصادية، ومقره بروكسل، غونترام وولف: «كلما احتجنا إلى صرف الأموال بسرعة، زاد خطر استخدامها في أسهل التقنيات وأكثرها كلفة، والتي قد تكون قديمة أيضاً». ويضيف أن ألمانيا - بتركيزها على أولوياتها الوطنية - أضاعت فرصة تطوير حلول أوروبية شاملة. ولايزال ميرتس يعارض الاقتراض المشترك من الاتحاد الأوروبي الذي من شأنه أن يساعد الدول الأصغر على زيادة إنفاقها العسكري.
وتختلف الجهات الفاعلة في الصناعة «القديمة»، مثل شركة «راينميتال» لإنتاج المدفعية والذخيرة، مع شركات ناشئة، مثل شركة «هيلسينغ»، مطورة الذكاء الاصطناعي وصانعة الطائرات دون طيار، حول الدروس المستفادة من الصراع في أوكرانيا، وكيفية تقاسم غنائم ميزانية الدفاع.
وصرح الرئيس التنفيذي لشركة «راينميتال»، أرمين بابرغر، الذي تلقت شركته 42 مليار يورو من صندوق الـ100 مليار يورو، بأن «الحرب التقليدية قد عادت». لكن المؤسس المشارك لشركة «هيلسينغ»، غوندبرت شيرف، يقول: «لازلنا نحصي الدبابات والسفن والطائرات. هذه عقلية خطأ». وصرحت نائبة الرئيس الأولى في صندوق مارشال الألماني، كلوديا ميغور، بأن «هذا التناقض خطأ. في النهاية نحتاج إلى الحصول على المزيج المناسب، المزيج الذي يتكيف مع أسلوب (الناتو) في القتال، وعلينا الحصول عليه بسرعة».
عن «فايننشال تايمز»

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
تنديد دولي بـ«تهديدات إيرانية» بحق غروسي.. وطهران: لا يمكن ضمان أمن مفتشي الوكالة
باريس - أ ف ب، رويترز نددت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في بيان مشترك الاثنين بـ«تهديدات» طهران بحق المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، بعد الضربات الأمريكية والإسرائيلية على منشآت نووية في إيران، وإعلان الأخيرة تعليق التعاون مع الوكالة، زاد منها تأكيد طهران مؤخراً، أنها لا يمكنها ضمان أمن مفتشي الوكالة. وجاء في البيان الصادر عن وزراء خارجية الدول الثلاث إن «فرنسا، ألمانيا، والمملكة المتحدة تدين التهديدات بحق غروسي ونجدد دعمنا الكامل للوكالة». وأضافوا: «ندعو السلطات الإيرانية إلى الامتناع عن اتخاذ أي خطوات لوقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وتابع البيان: «ونحث إيران على استئناف التعاون الكامل على الفور بما يتماشى مع التزاماتها الملزمة قانونًا، واتخاذ جميع الخطوات اللازمة، لضمان سلامة وأمن موظفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية». واتهمت طهران جروسي، بـ«خيانة واجباته» لعدم إدانته الضربات الإسرائيلية والأمريكية على المواقع النووية الإيرانية، وصوت السياسيون الإيرانيون هذا الأسبوع على تعليق التعاون مع الوكالة. واعتبر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الجمعة، أن إصرار جروسي على زيارة المواقع التي تعرضت للقصف كان «لا معنى له وربما كان خبيث النية». وقالت إيران إنها تعتقد أن قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في 12 يونيو/حزيران الجاري، والذي اتهم إيران بتجاهل التزاماتها النووية كان «ذريعة» للحرب التي شنتها إسرائيل في اليوم التالي، والتي انتهت بوقف إطلاق نار هش الأسبوع الماضي. وانتقدت الأرجنتين، موطن رافائيل جروسي، أيضاً «التهديدات» الموجهة إليه من إيران. وفي حديثه لشبكة «سي بي إس» الأمريكية يوم الأحد، نفى السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرفاني وجود أي تهديد للمفتشين النوويين في إيران، مؤكدًا أنهم «في ظروف آمنة» لكن عملهم معلق. من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي الاثنين إنه لا يمكن لبلده أن تضمن التعاون المعتاد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت لا يمكن فيه ضمان أمن مفتشي الوكالة، بعد أيام من قصف المواقع النووية بضربات إسرائيلية وأمريكية. واعتبرت الخارجية الإيرانية في بيان، أنه «لا يمكن للوكالة الذرية توقع التزامنا في ظل صمتها أو تبريرها للاعتداءات على منشآتنا النووية». كما اعتبرت أن اعتراف فرنسا بمشاركتها في صد الصواريخ الإيرانية على إسرائيل اعتراف رسمي بدورها في العدوان على طهران. كما قللت الخارجية الإيرانية من أهمية حديث دونالد ترامب عن سعيه إلى إلغاء عقوبات على بيع النفط الإيراني، وتراجعه عنها لاحقاً بسبب خطاب للمرشد الإيراني علي خامنئي. وقالت: «لا يمكن الاعتماد على تصريحات ترامب بشأن رفع العقوبات وبيع النفط الإيراني»، لافتاً إلى أنه لا يمكن الوثوق بالتغييرات المتكررة في مواقف واشنطن.


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
الأسهم الأوروبية تصعد مع ترقب محادثات التجارة الأمريكية
ارتفعت الأسهم الأوروبية الاثنين مع ترقب المستثمرين لمؤشرات التقدم في محادثات التجارة قبل الموعد النهائي المحدد بالتاسع من يوليو/ تموز لإلغاء قرار تعليق الرسوم الجمركية المضادة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتقدم المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.2 بالمئة إلى 544.47 نقطة بحلول الساعة 0714 بتوقيت جرينتش، لكنه يتجه لتسجيل انخفاض شهري. وصعدت أيضا مؤشرات بورصات رئيسية أخرى في أوروبا. وزاد تفاؤل السوق بشأن اتفاقات التجارة الأمريكية الأسبوع الماضي بفضل انحسار التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين. وأعلنت كندا الأحد إلغاء ضريبة على الخدمات الرقمية لاستئناف المحادثات المتعثرة مع الولايات المتحدة، مما زاد من رفع المعنويات. وأعلنت الحكومة البريطانية اليوم أن اتفاقية التجارة التي خفضت الرسوم الجمركية الأمريكية على السيارات وقطع غيار الطائرات البريطانية دخلت حيز التنفيذ. ومع ذلك، لا تزال مسألة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم دون حل. وتصدرت أسهم شركات الصناعات الدفاعية الأوروبية مكاسب القطاعات بارتفاع يقرب من واحد بالمئة. وصعد سهم إس.تي مايكرو إلكترونيكس 2.6 بالمئة بعد أن وضع جيه.بي.مورجان شركة صناعة الرقائق الفرنسية الإيطالية تحت المراقبة ترقبا لتطورات إيجابية. ويترقب المستثمرون أيضا بيانات مؤشر أسعار المستهلكين في ألمانيا وإيطاليا المقرر صدورها في وقت لاحق من اليوم.


صحيفة الخليج
منذ 2 ساعات
- صحيفة الخليج
الأمم المتحدة: فقراء العالم يعيشون في مناطق صراعات..والمساعدات ترسي السلام
إشبيلية - أ ف ب أكد المدير المعاون لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن الإنفاق على المساعدات أمر ضروري لتعزيز السلام في ظل الاضطرابات العالمية، والخفض الحاد في المساعدات الخارجية. وفي مقابلة أجريت معه عشية مؤتمر للأمم المتحدة يعقد في إسبانيا، ويهدف إلى حشد دعم جديد لقطاع التنمية الذي يواجه صعوبات، أكد هاوليانغ شو أن الاستثمار في المساعدات والتجارة والدفاع: «ليس عملية محصلتها صفر». وقال شو: «التعاون الإنمائي الدولي أمر بالغ الأهمية لبناء أسس السلام»، مشيراً إلى أن غالبية فقراء العالم يعيشون في دول تشهد نزاعات. أضاف شو، أن الإنفاق العسكري بلغ مستوى قياسياً وصل إلى 2.7 تريليون دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 20% عن العام السابق. لكن الدبلوماسي الصيني شدد على أن من مصلحة الدول الغنية دعم الدول النامية رغم الأولويات والأزمات الضاغطة. وقال: إن «بناء أسس للسلام والاستثمار في الاستقرار في الدول الهشة يُسهمان في تخفيف العبء عن الدول التي تواجه تحديات الهجرة، على سبيل المثال». تابع شو: «الأزمات في جزء من العالم سيكون لها تاثير على أجزاء أخرى منه تتمتع حالياً بالازدهار والاستقرار». والعام الماضي، شهد العالم أعلى عدد من النزاعات المسلحة منذ 1946، وفقاً لمعهد أبحاث السلام في أوسلو. ويتوقع البنك الدولي، أن يصل عدد الذين يعيشون في فقر مدقع على أقل من 3 دولارات يومياً في دول تعاني نزاعات، وعدم الاستقرار، إلى 435 مليوناً بحلول عام 2030. ويتوقع أن يشارك نحو 50 من قادة العالم في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في اشبيلية الذي تنطلق أعماله اعتباراً من الاثنين، ويستمر لأربعة أيام. وخفضت الدول المانحة الغنية، ولا سيما الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ميزانيات المساعدات، وعزّزت الإنفاق الدفاعي في ظل الحروب المندلعة في أوكرانيا، والشرق الأوسط التي تهدد الأمن العالمي.