
هل دمج وزارتي الكهرباء والبترول خيارٌ مناسب؟ الوكيل يجيب
ولذلك أكد الدكتور أمجد الوكيل رئيس هيئة المحطات النووية الأسبق، أن هذا الطرح، وإن بدا تنظيميًا معقولًا، يخفي - من وجهة نظري - مخاطر حقيقية على استقلال الطاقة النظيفة، ولا سيما مستقبل الطاقة النووية في مصر، كما يتعارض مع التجارب الدولية في معظم الدول النووية.
العلاقة بين القطاعين منفصلة في الأساس.
• قطاع البترول يُعنى بموارد ناضبة (النفط والغاز) وتوجهات آنية قصيرة الأجل.
• بينما تعتمد الكهرباء على رؤية استراتيجية تقوم على الطاقة الجديدة والمتجددة والطاقة النووية، أي أنها تُعنى بمصادر مستدامة أو طويلة الأجل، وتحولات استراتيجية بيئية واقتصادية.
• كما أن لكل من القطاعين تشريعات وهيئات ومصالح دولية ومجتمعات استثمارية مختلفة.
دمج قطاع نظيف ناشئ مع قطاع تقليدي قديم يُضعف التوازن
• تتطلب الطاقة المتجددة والطاقة النووية حوكمة مرنة ومؤسسات مستقلة لجذب التمويلات الدولية، في حين أن دمجهما ضمن وزارة ذات أولوية تقليدية (البترول) قد يؤدي إلى تراجع أولوياتهما إداريًا وماليًا داخل هيكل موحد.
عدم وحدة الرؤى والأهداف
• من الأهداف الرئيسية لاستخدام الطاقة النووية تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري حفاظًا على البيئة، وهو ما قد يتعارض مع أهداف قطاع البترول الذي يركّز على التنقيب وتحقيق الاكتشافات الجديدة، ما قد يؤدي إلى تضارب في التوجه داخل كيان إداري موحد.
• كما أن الدمج يتعارض مع رؤية مصر 2030، التي تستند إلى أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، والرامية إلى خفض إنتاج الكهرباء من النفط والغاز، وزيادة الاعتماد على الطاقة النووية والمصادر الجديدة والمتجددة.
خطر تهميش الطاقة النووية
• الطاقة النووية ليست مجرد وسيلة لتوليد الكهرباء، بل ملف استراتيجي ذو طابع سيادي ودولي.
• مشروعات مثل محطة الضبعة النووية، والمفاعلات المستقبلية بما في ذلك المفاعلات المعيارية الصغيرة (SMRs)، تتطلب إدارة مستقلة لا أن تكون تابعة لوزارة تنفيذية تقليدية.
التمويل والتعاون الدولي لا يدعمان الدمج
• غالبية التمويلات الدولية المخصصة للطاقة النظيفة والمناخ تشترط وجود حوكمة مؤسسية مستقلة.
• وبالتالي، فإن دمج الكهرباء مع البترول قد يُرسل إشارات سلبية للممولين والشركاء الدوليين، ويؤثر على تدفقات الدعم الفني والمالي.
التجارب الدولية تؤيد الفصل لا الدمج
• في الكويت، شهدت وزارتا الكهرباء والنفط تجارب دمج وانفصال متكررة، قبل أن تستقر الدولة على الفصل، بعدما تسبب الدمج في تعقيدات إدارية وربكة عطلت بعض القطاعات.
• في العراق، طُرح موضوع الدمج أكثر من مرة، لكنه لم يُنفذ، واستقرت الدولة على الفصل لصعوبة التنسيق العملي بين القطاعين.
كما أظهرت دراسة مقارنة للوضع المؤسسي في الدول التي تمتلك مفاعلات نووية عاملة أو قيد الإنشاء أن:
• الفصل المؤسسي هو القاعدة، والدمج هو الاستثناء.
• الدمج مع قطاع البترول لا يحدث حاليًا إلا في 3 دول تمتلك مفاعلات نووية عاملة (جنوب إفريقيا – باكستان – إيران).
• أما في الدول الأكثر تقدمًا، فيُلاحظ الآتي:
o وجود وزارة مستقلة للطاقة النووية (الهند).
o شركات/مؤسسات سيادية مستقلة (روسيا – الصين – كوريا الجنوبية – الإمارات – فرنسا).
o مكتب مستقل ضمن وزارة الطاقة (الولايات المتحدة الأمريكية).
• حتى على المستوى الدولي، يتم الفصل بين المنظمات العاملة في الطاقة النووية (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)، وتلك المعنية بالبترول والغاز (مثل منظمة أوبك).
وفي النهاية، معظم الدول النووية والخبرات الدولية المتقدمة تفصل مؤسسيًا بين الطاقة النووية والبترول.
من وجهة النظر الإدارية والتنظيمية
• تأثير سلبي على سرعة اتخاذ القرار: نتيجة الأعباء الضخمة الملقاة على عاتق وزير واحد يشرف على قطاعي الكهرباء والبترول بما يتبعهما من هيكل متسع مترامي الاطراف يضم عدد كبير من الهيئات والشركات، وعدد هائل من العاملين مما يُعقّد الإجراءات الإدارية ويُبطئ اتخاذ القرارات، خاصةً في المشروعات النووية ذات الطبيعة الخاصة والمرتبطة باتفاقيات دولية.
• تأثير على الكوادر البشرية: قد يُؤدي الدمج إلى صعوبة توحيد الهياكل المالية والمزايا الوظيفية بين العاملين في قطاعي الكهرباء والبترول، ما قد يُؤثر سلبًا على الاستقرار داخل قطاع الكهرباء ولا سيما المشروع النووي.
• تأثير على ديناميكية اتخاذ القرار في مشروع محطة الضبعة النووية: قد تنشأ منافسة داخلية في الوزارة الموحدة بين قطاعات البترول والطاقة النظيفة (المتجددة والنووية)، وقد تتضارب الرسائل التنفيذية والتنظيمية.
قراءة تحليلية للحجج المؤيدة للدمج
1- تسهيل اتخاذ القرار: التنسيق لا يتطلب الدمج، بل يتطلب وضوح الأدوار، وهو ما يمكن تحقيقه عبر المجلس الأعلى للطاقة ووحدة تخطيط الطاقة التابعة له.
2- توحيد السياسات: توحيد السياسات بين قطاعين متضادين (تقليدي ومستدام) قد يؤدي إلى تضارب في الأولويات.
3- دعم الهيدروجين الأخضر: يعتمد الهيدروجين الأخضر أساسًا على الكهرباء المتجددة والطاقة النظيفة، لذا يتطلب مسارًا تنظيميًا مستقلًا عن البترول.
4- تحسين الكفاءة: الكفاءة تتحقق من خلال المرونة المؤسسية والابتكار، لا عبر المركزية.
ما البديل الأفضل؟
1. الإبقاء على وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة بما تشمله من الطاقة المتجددة والطاقة النووية ككيان مستقل.
2. إنشاء وزارة للطاقة النووية والطاقة المتجددة في حال الإصرار على دمج الكهرباء مع البترول.
• في كلا المقترحين السابقين يجب:
o زيادة تفعيل دور المجلس الأعلى للطاقة ووحدة تخطيط الطاقة في تنسيق السياسات.
o ضمان استقلالية الهيكل المؤسسي للطاقة النووية وعدم تبعيته لوزارة تقليدية ذات طابع تنفيذي/أحفوري.
• يُفضل تجنُّب دمج الطاقة النظيفة وبصفة خاصة الطاقة النووية مع البترول في وزارة واحدة.
• مصر في حاجة إلى مؤسسات طاقية مستقلة ومرنة تواكب المتغيرات الدولية، لا إلى كيانات إدارية شديدة التبعية تتعارض فيها الأولويات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 8 ساعات
- العين الإخبارية
تغير المناخ يهدد الاستدامة المالية في بريطانيا.. سر الـ3 درجات
تم تحديثه الثلاثاء 2025/7/8 05:04 م بتوقيت أبوظبي توقع مكتب مسؤولية الميزانية البريطاني اليوم الثلاثاء أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة عالميا بنحو ثلاث درجات مئوية، فوق مستويات ما قبل الصناعة إلى الإضرار بالاقتصاد البريطاني على الأرجح بأكثر مما كان مفترضا في السابق. وفي تقريره السنوي للمخاطر المالية والاستدامة، قال مكتب مسؤولية الميزانية "في السيناريو الرئيسي المتمثل في ارتفاع درجات الحرارة بمقدار ثلاث درجات مئوية، فإن التأثيرات المالية المجمعة للأضرار المناخية وجهود التخفيف من آثارها قد تضيف 74% من الناتج المحلي الإجمالي إلى الدين الحكومي بحلول أوائل السبعينيات، مقارنة بتوقعاتنا طويلة الأجل السابقة". وذكر تقرير للأمم المتحدة نشر في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي أن سياسات المناخ الحالية من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بما يزيد على ثلاث درجات مئوية بحلول نهاية القرن. وفي حين خفض مكتب مسؤولية الميزانية تقديراته لتكلفة التحول إلى اقتصاد خال تماما من الانبعاثات إلى 21% من الناتج الاقتصادي، من 30% في عام 2021، فقد رفع تقديراته للأضرار التي تلحق بالناتج بسبب تغير المناخ. aXA6IDgyLjIzLjIxOS45MSA= جزيرة ام اند امز PL


العين الإخبارية
منذ 9 ساعات
- العين الإخبارية
مديرة مركز التجارة الدولية: تمديد مهلة الرسوم يزيد الغموض الاقتصادي
قرار ترامب بتمديد مهلة التفاوض بشأن الرسوم الجمركية يزيد الغموض في الأسواق العالمية، ويضعف ثقة المستثمرين ويزيد الضغط على الاقتصادات النامية. قالت باميلا كوك-هاميلتون المديرة التنفيذية لمركز التجارة الدولية التابع للأمم المتحدة اليوم الثلاثاء إن قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمديد مهلة التفاوض بشأن نسب الرسوم الجمركية يطيل فترة الضبابية وعدم الاستقرار بالنسبة للدول الأخرى. وصعّد ترامب أمس الإثنين حربه التجارية وأخطر 14 دولة، بعضها من أكبر الشركاء التجاريين مثل اليابان وكوريا الجنوبية، بأنها ستواجه رسوما جمركية أعلى بشكل حاد اعتبارا من موعد نهائي جديد يحل في الأول من أغسطس آب. وقالت كوك-هاميلتون للصحفيين في جنيف "هذه الخطوة تطيل في الواقع أمد الضبابية، مما يقوض الاستثمار طويل الأجل وعقود أنشطة الأعمال ويخلق المزيد من الغموض وعدم الاستقرار". وأضافت "إذا لم تكن شركةٌ ما على يقين بشأن التكاليف التي ستدفعها، فلن تتمكن من التخطيط، ولن تتمكن من تحديد الجهة التي ستستثمر فيها". وأوضحت أن حالة الضبابية، إلى جانب التخفيضات الكبيرة في المساعدات الإنمائية، تسببت في "صدمة مزدوجة" للدول النامية. وتتعرض الدول لضغوط لإبرام اتفاقات مع الولايات المتحدة بعد أن أطلق ترامب حربا تجارية عالمية في أبريل نيسان تسببت في هزات للأسواق المالية ودفعت صانعي السياسات إلى التحرك جاهدين لحماية اقتصاداتهم. aXA6IDgyLjIyLjI0Mi4xMDIg جزيرة ام اند امز GR


البوابة
منذ 10 ساعات
- البوابة
الإحصاء: ارتفاع قيمة الصادرات المصرية خلال أبريل الماضي بنسبـة 19.8%
أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، اليوم الثلاثاء، النشرة الشهرية لبيانات التجارة الخارجية أبريل 2025 وقد بلغـت قيـمة العجز في الميزان التجاري 3.42 مليــار دولار خلال شهر أبريل 2025 مقابل 3.78 مليار دولار لذات الشهر مـن العــام السابـق بنسبــة انخفاض قدرها 9.5%. قيمة الصادرات المصرية ارتفعت قيمـــة الصـادرات بنسبـة 19.8% حيـث بلغـت 4.10 مليـار دولار خـلال شهــر أبريـل 2025 مقابــل 3.43 مليـــار دولار لذات الشهــر مـن العــام السابـــق، ويرجــع ذلـك إلــى ارتفاع قيمـة صــادرات بعــض السـلــع وأهــمها (منتجات البترول بنسبة 74.3%، ملابس جاهزة بنسبة 24.7%، أسمدة بنسبـة 18.4%، عجائـن ومحضــرات غذائيــة متنوعـة بنسبـة 51.4%). بينما انخفضت قيمة صـادرات بعض السلع خــلال شهر أبريـــل 2025 مقابــل مثيلتها لنفس الشهــر من العـام السابـق وأهمهـا (الغــاز الطبيعي والــمسال بنسبــة 22.4 %، بصل طـازج بنسبـة 8.4 %، مصنوعات من لدائن بنسبة 6.3%، زيــــوت ودهون نباتيــــة وحيوانيــــــة بنسبه 14.7 %). قيمة الواردات ارتفعت قيمة الواردات بنسبة 4.4٪ حيـث بلغـــت 7.53 مليار دولار خـلال شهـر إبريل 2025 مقابـل 7.21 مليار دولار لنفس الشهر من العام السابــق ويرجع ذلك إلـى ارتفاع قيمة واردات بعض السلع وأهمهـا: (منتجات البترول بنسبة 3.5 %، الغاز الطبيعي بنسبـة 79.1 %، مواد أولية من حديد أو صلـب بنسبـة 0.04 %، لدائن بأشكالها الاولية بنسبة 6.9 %). بينما انخفضت قيمــة واردات بعض السلــع خلال شهـر أبريـــل 2025 مقابـل مثيلتهــا لنفس الشهر من العـام السابــق وأهمهـا (قمح بنسبة 37.5%، مواد كيماوية عضوية وغير عضوية بنسبـة 10.8%، ذرة بنسبـة 0.5%، أدوية ومحضرات صيدلة بنسبــة 5.7%).