logo
أوروبا ترفع سلاحها بوجه أمريكا.. منظمة بديلة عن "التجارة العالمية"

أوروبا ترفع سلاحها بوجه أمريكا.. منظمة بديلة عن "التجارة العالمية"

شفق نيوزمنذ 3 أيام
شفق نيوز – برلين
طرح الاتحاد الأوروبي، إطلاق مبادرة لإنشاء منظمة بديلة لمنظمة التجارة العالمية، بهدف التغلب على الحصار الأمريكي المفروض عليها، والذي تسبب بوقف معظم آليات العمل في المنظمة.
وأثارت المبادرة، تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين ضفتي الأطلسي، وتعد بمثابة تحول في السياسة التجارية العالمية.
منذ سنوات، تواجه منظمة التجارة العالمية أزمة هيكلية تمثلت في تعطيل النظام القضائي المعني بتسوية النزاعات التجارية بسبب معارضة الولايات المتحدة لتعيين قضاة في المحكمة العليا لمنظمة التجارة العالمية.
وقد بدأ الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما هذا التعطيل في آخر سنوات حكمه، وواصلت كل الإدارات الأمريكية اللاحقة على اختلاف توجهاتها السياسة نفسها.
وكان سبب هذا الإجراء معارضة واشنطن لقرارات المحكمة التي اعتبرت أنها لا تصب في مصلحة الولايات المتحدة، ما أدى إلى شلل شبه كامل في آلية التحكيم والفصل في النزاعات.
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، طرحا في 27 حزيران/ يونيو الماضي، فكرة التحول نحو تشكيل منظمة تجارية بديلة تأخذ مكان منظمة التجارة العالمية في بعض الأبعاد الأساسية مثل تسوية النزاعات التجارية.
ويستهدف هذا البديل التغلب على تعطيل الولايات المتحدة لجهاز التحكيم في منظمة التجارة العالمية.
وأشار ميرتس إلى أن هذه الفكرة ما زالت في مراحلها الأولى، لكنها تهدف إلى أن تشمل آليات لحل النزاعات كما هو الحال في منظمة التجارة العالمية.
وبينما يتمثل السبب الرئيس للمبادرة في تعطيل النظام القضائي لمنظمة التجارة العالمية، فإن الاتحاد الأوروبي وألمانيا يأملان في تشكيل منظمة بديلة تؤكد على التجارة الحرة والمفتوحة في العالم، وتعيد ترتيب أولويات النظام التجاري العالمي.
ويرى يورجن ماثِس، الخبير في سياسة التجارة الدولية في المعهد الاقتصادي الألماني في كولونيا، أن المبادرة الأوروبية تشكل خطوة استراتيجية هامة في عدة جوانب.
وأشار إلى أن "تقديم الاتحاد الأوروبي طلبًا رسميًا للانضمام إلى CPTPP (اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ) سيكون خطوة هامة، لا سيما أنه سيوجه رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة بأن سياساتها الحمائية تعزلها عن باقي دول العالم التي تواصل تحرير التجارة".
وأضاف ماثِس أن هذه المبادرة ستسهم في تشكيل "اتفاقية تجارية ضخمة بين عدة اقتصادات كبرى"، حيث ستكون أوروبا هي الكتلة الأكبر.
ومع ذلك، فإن هذه المبادرة الأوروبية ستكون خالية من الصين في البداية، حيث يرى ماثِس أن "الصين لا تلتزم بقواعد المنافسة العادلة"، موضحًا أن هدف الاتحاد الأوروبي في هذا السياق هو تشكيل تحالف تجاري استراتيجي يعالج القضايا الملحة في التجارة العالمية، مثل الحمائية الأمريكية، والتشوهات السوقية الناتجة عن الدعم الصناعي الصيني الذي لا تعالجه القواعد الحالية لمنظمة التجارة العالمية.
أما ديرك ياندورا، رئيس اتحاد التجارة الألماني (BGA)، فقد أشار إلى أن تشكيل تحالف جديد قد يخلق انقسامات في التجارة العالمية.
وقال في تصريح له "يجب ألا نسمح بتجزئة التجارة العالمية إلى كتل متنافسة تحمل قواعد مختلفة"، مؤكدا أن هذه المنظمة الجديدة يجب أن تكون "حلًا انتقاليًا"، موجهًا نحو إصلاح منظمة التجارة العالمية، وليس استبدالها.
وستستبعد هذه المبادرة في البداية الصين، التي يتم انتقادها من قبل العديد من الخبراء بسبب عدم التزامها بقواعد المنافسة العادلة.
فحتى وإن كانت الصين تعتبر لاعبًا رئيسيًا في الاقتصاد العالمي، إلا أن سلوكها التجاري ودعمها الصناعي قد يؤدي إلى تشوه الأسواق العالمية، وفق الأوروبيين.
ويعتقد ماثِس أن هذه السياسات الصينية هي أحد الأسباب التي تجعل الاتحاد الأوروبي يستبعدها في هذه المرحلة. وأضاف: "منظمة التجارة العالمية الحالية لا تعالج هذه المشاكل، ما يستدعي اتخاذ خطوات أكثر صرامة".
من جانب آخر، ورغم أن الولايات المتحدة لن تكون جزءًا من هذا التحالف الجديد، فإن الاتحاد الأوروبي يأمل في إبعاد واشنطن عن سياساتها الحمائية، ويهدف إلى "تحقيق مزيد من تحرير التجارة والوصول إلى أسواق جديدة".
وقال دبلوماسي أوروبي إن المسألة بالغة الخطر في هذا الوضع قد تتمثل في أن يعيد ترامب النظر في التزاماته تجاه الدفاع الأوروبي، ويتساءل لماذا يجب على الأمريكيين أن يدفعوا ثمن حماية الدول التي تحاربهم تجاريا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الشرطة الفرنسية تداهم مقر حزب مارين لوبان التجمع الوطني اليميني المتطرف
الشرطة الفرنسية تداهم مقر حزب مارين لوبان التجمع الوطني اليميني المتطرف

وكالة الصحافة المستقلة

timeمنذ 2 ساعات

  • وكالة الصحافة المستقلة

الشرطة الفرنسية تداهم مقر حزب مارين لوبان التجمع الوطني اليميني المتطرف

المستقلة/- داهمت الشرطة الفرنسية مقر حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف (RN) وصادرت وثائق في إطار تحقيق في مزاعم تمويل غير قانوني للحملات الانتخابية، وهو ما ندد به زعيم الحزب، جوردان بارديلا، ووصفه بأنه 'حملة مضايقة'. جاءت المداهمة بعد يوم من إعلان المدعين الماليين في الاتحاد الأوروبي في بروكسل عن بدء تحقيق منفصل في مزاعم إساءة استخدام 4.3 مليون يورو من قبل مجموعة الهوية والديمقراطية (ID) اليمينية المتطرفة السابقة في البرلمان الأوروبي، والتي كانت تضم حزب التجمع الوطني. كما مثّلت هذه العملية انتكاسة جديدة للحزب بعد إدانة زعيمته، مارين لوبان، في مارس/آذار باختلاس أموال الاتحاد الأوروبي ومنعها من الترشح لمدة خمس سنوات، مما قضى فعليًا على آمالها في الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2027. وقال بارديلا، البالغ من العمر 29 عامًا، والتي طلبت منها لوبان الاستعداد للحملة الانتخابية بدلاً منها، على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الأربعاء: 'يقوم حوالي 20 ضابط شرطة من لواء الشؤون المالية بتفتيش مقر حزب التجمع الوطني – بما في ذلك مكاتب قادته'. وقال إن الشرطة وقضاة التحقيق صادروا 'رسائل بريد إلكتروني ووثائق وحسابات' تتعلق 'بآخر الانتخابات الإقليمية والرئاسية والبرلمانية والأوروبية'، واصفًا العملية بأنها 'هجوم خطير على التعددية والخيار الديمقراطي'. وأعلن مكتب المدعي العام في باريس أن المداهمة كانت جزءًا من تحقيق بدأ في يوليو/تموز من العام الماضي، سعى إلى تحديد ما إذا كانت الحملات الانتخابية لعامي 2022 و2024 قد مُوّلت من خلال 'قروض غير قانونية من أفراد للحزب أو لمرشحي حزب التجمع الوطني'. وأضاف مكتب المدعي العام أن التحقيق سينظر أيضًا في مزاعم بأن الحزب أدرج فواتير مبالغ فيها أو مزورة في مطالباته للدولة بسداد تمويل حملته. كما تم تفتيش مكاتب ومنازل العديد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات. وأضاف الادعاء في بيان أن التحقيق شمل 'أفعالًا قد تُشكل احتيالًا، وقروضًا تتجاوز لوائح تمويل الحملات الانتخابية، وغسيل أموال احتيالي مُشدد، وتزويرًا، واستخدام وثائق مزورة بين عامي 2020 و2024'. ويأتي تحقيق ممثلي الادعاء في الاتحاد الأوروبي في أعقاب تقرير للبرلمان الأوروبي يزعم أن مجموعة الهوية، التي تضم أعضاء في البرلمان الأوروبي من الحزب الوطني الجمهوري، وحزب الرابطة الإيطالي، وحزب البديل لألمانيا، وأحزاب يمينية متطرفة أخرى، أنفقت بشكل غير لائق أكثر من 4 ملايين يورو من أموال الاتحاد الأوروبي. أفاد اتحاد صحف أوروبية، من بينها صحيفة لوموند، أن معظم الأموال استفادت منها شركات مرتبطة بمستشار سابق للوبان وزوجته. حُلّت منظمة ID العام الماضي، وخلفتها منظمة جديدة تُدعى 'وطنيون من أجل أوروبا'. استأنفت لوبان إدانتها، وأعربت عن أملها في نقض الحكم لتتمكن من خوض ترشحها الرابع لرئاسة الإليزيه خلال عامين. تشير استطلاعات الرأي إلى أن إحداهما أو بارديلا ستكون في وضع قوي للفوز.

موقع أوروبا السياسي بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي!الطاهر المعز
موقع أوروبا السياسي بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي!الطاهر المعز

ساحة التحرير

timeمنذ 12 ساعات

  • ساحة التحرير

موقع أوروبا السياسي بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي!الطاهر المعز

موقع أوروبا السياسي بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي! الطاهر المعز الإتحاد الأوروبي تحت القُبّة الأمريكية؟ يصادف هذا العام الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومعظم دول أوروبا الغربية المنتمية حاليا إلى الإتحاد الأوروبي وبهذه المناسبة وصل وزير الخارجية الصيني إلى بروكسل – مقر المُفوضية الأوروبية – يوم الإثنين 30 حزيران/يونيو 2025، وهي المحطة الأولى في جولته الأوروبية التي تستمر ستة أيام، لإجراء محادثات مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، وتتضمن الزيارة أيضًا محادثات مع وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبلجيكا، وأطلق على الزيارة اسم 'الحوار الاستراتيجي الرفيع المستوى الثالث عشر بين الصين والإتحاد الأوروبي'، إذ تريد الصين التفاوض مع الاتحاد الأوروبي بشأن الخلافات الاقتصادية والإستراتيجية، وتعتبر الصين إن الولايات المتحدة تضغط على الإتحاد الأوروبي وتُثير الخلاف، وتتظاهر الحكومة الصينية بتجاهل الإصطفاف الأوروبي وراء الولايات المتحدة، وكانت رئيسة المُفوّضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ( المُغرقة في الرجعية ) قد هدّدت الصين بشأن توريد سلع وتقنيات يمكن استخدامها في العمليات العسكرية الروسية، وحجبت ألمانيا شركة ( DeepSeek ) الصّينية لأنها 'تَنْقُل بيانات إلى الصّين' التي ردّت بحظْر روبوت الدّردشة الفرنسي 'ميسترال' المزوّد بالذكاء الاصطناعي، لأنه ينقل بيانات صينية إلى فرنسا. تستغل الولايات المتحدة الخلافات بين الصين والإتحاد الأوروبي بهدف تعميقها وأكد مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية لوكالة رويترز 'إن شركة ديب سيك تُقدّم بالفعل دعمًا للجيش والمخابرات الصينية'، وفي الواقع فإن الولايات المتحدة تُحاول إبعاد هذه الشركة الصينية التي تفوقت على الشركات الأمريكية في مجالات عديدة من تكنولوجيا الإتصالات والذكاء الإصطناعي… تدريبات على توسيع رُقعة الحرب لجأت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى القرصنة لمهاجمة السفن التي تنقل النفط الروسي أو الإيراني، وهاجم 'مَجْهُولُونَ' يوم الجمعة 27 حزيران/يونيو 2025، في المياه الإقليمية الليبية، ناقلة النفط 'فيلامورا'، التي تعرضت للتفجير مع حمولتها ( حوالي مليون برميل من النفط الكازاخستاني)، وتسبب الانفجار في تسرب مياه إلى غرفة محركات السفينة وإغراقها، وكانت السفينة ترفع علم جزر مارشال وتشغلها شركة TMS Tankers اليونانية، وكانت السفينة قد توقفت في موانئ روسية، وتحديدا ميناء أوست لوغا بالقرب من سانت بطرسبرغ خلال شهر نيسان/ابريل 2025، ثم في محطة اتحاد خط أنابيب بحر قزوين بالقرب من نوفوروسيسك خلال شهر أيار/مايو 2025، وهما مَحَطّتان رئيسيتان لصادرات النفط، بما في ذلك النفط الكازاخستاني، الذي غالبا ما يتم مزجه بالنفط الروسي للتحايل على العقوبات. لم تكن هذه المرة الأولى بل تكرّر تَعَرُّضُ السفنٌ التي ترسو في الموانئ الروسية لأعمال تخريب، وتُعدّ فيلامورا سابع سفينة تُهاجم بعد زيارتها الموانئ الروسية، واضطر الأسطول العسكري الروسي إلى مرافقة السّفن التّجارية التي تعبر بحر الشمال وبحر البلطيق لإخلاء الطريق. أما سفينة 'فيلامورا' فيتم سحبها إلى اليونان، حيث سيتم تقييم الأضرار عند وصولها، وأعربت منظمة التجارة العالمية عن قلقها إزاء تأثير 'التدابير الأحادية، بما فيها العقوبات، التي تؤثر بشكل مباشر على التجارة العالمية' وتدعو المنظمة إلى 'سياسات تعزز التجارة كمحرك للتنمية'، في حين أن العقوبات المفروضة على روسيا منذ سنة 2022 تؤثر على أسواق الغذاء والأسمدة العالمية، مما يهدد الأمن الغذائي للعديد من الدول النامية، وللتذكير فإن دونالد ترامب قام خلال فترة رئاسته الأولى، بتعطيل هيئة الإستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية، مما حد من قدرة المنظمة على حل النزاعات المتعلقة بالتدابير الأحادية الجانب، مثل الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم، والتي اعتبرها البعض غير متوافقة مع قواعد منظمة التجارة العالمية. ألمانيا من التقارب مع روسيا إلى رأس حربة حلف شمال الأطلسي في أوروبا اعترضت الولايات المتحدة على مشروع خط أنابيب الغاز البحري 'نورد ستريم 2' وهدّدت بفرض عقوبات على البائع ( روسيا ) والمُشتري ( ألمانيا وأوروبا ) منذ سنة 2017، ودافعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن المشروع الذي يحظى بترحيب الشركات الألمانية، وتم بناء خَطَّيْ أنابيب الغاز ( نورد ستريم 1 و 2 ) عبر بحر البلطيق لتجنب المرور عبر أوكرانيا التي تحكمها مجموعات يمينية متطرفة منذ 2014، وهددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الشركات المشاركة في مد أنابيب الغاز في بحر البلطيق، وانضمت إليها الدول الوكيلة لها في أوروبا الشرقية، بقيادة بولندا، وتهدف الولايات المتحدة بيع الغاز الصّخري إلى أوروبا (كبديل للغاز الرّوسي)، منذ فترة رئاسة دونالد ترامب الأولى التي ألْغت كذلك الإتفاق ( الأمريكي ) مع إيران الذي ضمنته بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا، وكرّر دونالد ترامب تهديد الشركات الألمانية بسبب بناء خط أنابيب الغاز 'نورد ستريم 2' في كل مناسبة ( بالتّوازي مع الحرب التي شنتها الولايات المتحدة، ثم تبعتها أوروبا) على الشركات الصّينية، وخصوصًا 'هواوي' للإتصالات التي توصّلت إلى طرح شرائح 'الجيل الخامس' ( منذ نهاية 2018) قبل أن تتمكّن الشركات الأوروبية واليابانية والأمريكية من تصنيعها، ونشرت صحيفة 'بيلد' الألمانية نسخة من الرسالة الإلكترونية للسّفير الأمريكي في برلين ( 14 كانون الثاني/يناير 2019) وتتضَمّن هذه الرّسالة تهديدًا صريحا: '… تعترض الولايات المتحدة على استيراد الوقود الرّوسي… نؤكد أن الشركات المشاركة في صادرات الطاقة الروسية متورطة في أنشطة قد تؤدي إلى خطر كبير بالتعرض لعقوبات… لخط الأنابيب عواقب جيوسياسية خطيرة على شركائنا وحلفائنا الأوروبيين، إذ تُعارض بعض الدّول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي من أوروبا الشرقية، والعديد من حكومات أوروبا الغربية، وكندا، هذا المشروع (لأن) السياسة الروسية عدوانية، ولأن موسكو تستخدم مواردها من الطاقة كرافعة سياسية واقتصادية'، غير إن المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل وكذلك الحكومة الروسية أعلنت مرارًا وتكرارًا بأنها تعتبر هذا المشروع تجاريًا، وينقل خط أنابيب الغاز 55 مليار متر مكعب سنويا من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، ويبلغ طوله أكثر من 1200 كيلومتر، ونَفّذت شركة غازبروم المشروع بالتعاون مع شركات أوروبية مثل إنجي وأو إم في وشل ويونيبر ووينترشال، لكن مجلس النواب الأمريكي أقَرّ بالإجماع يوم 13 كانون الأول/ديسمبر 2028، قرارًا يدعم فرض عقوبات على مشروع 'نورد ستريم 2″، كما دعا مسؤولون أمريكيون منتخبون الدول الأوروبية إلى التخلي عن بنائه، ولما بدأ الغاز الرّوسي يتدفق نحو ألمانيا وشمال أوروبا تم تدمير خط أنابيب نقل الغاز الروسي 'نورد ستريم' من قِبَل الإستخبارات الأمريكية ووكلائها في أوروبا مثل النّرويج. تم تدمير خط أنابيب الغاز نورد ستريم من قِبَل البحرية الأمريكية والنرويج، يوم السادس والعشرين من أيلول/سبتمبر 2022، بإشراف مستشار الأمن القومي الأمريكي جاكوب سوليفان، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند وللتذكير لإن للنرويج اتفاقية عسكرية مع الولايات المتحدة، أقرّها البرلمان النرويجي خلال شهر حزيران/يونيو 2022، وأدى التخريب إلى تدمير اقتصاد الاتحاد الأوروبي، وإلى زيادات كبيرة في واردات أوروبا للنفط الصخري الرديء ومرتفع الثمن وأدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى سلسلة من حالات إفلاس الشركات الأوروبية، وبعد حوالي سنتَيْن من التفجير الذي بقي مُنفّذُهُ 'مجهولا'، أعلن المضارب الأمريكي ستيفن ب. لينش رغبته في شراء خط أنابيب الغاز نورد ستريم بقيمة 11 مليار دولارا، إذا تم طرحه للبيع في مزاد كجزء من إجراءات إفلاس الشركة المُشَغِّلَة في سويسرا، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال ( 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2024) ويعتبر لينش هذه الصفقة المُقْتَرَحَة 'فرصة فريدة للسيطرة الأمريكية على إمدادات الطاقة في أوروبا'، وكتبت صحيفة 'بيلد' الألمانية وصحيفة 'فايننشال تايمز' ( 05 آذار/مارس 2025) 'إن شراء الأمريكيين لخط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 وإعادة تشغيله تحت الإشراف الأمريكي خطة جريئة'، غير إن إعادة التشغيل تتطلب رفع الحَظْر على شركة غازبروم، فيما يتمثل هدف الحكومة الأمريكية ( بايدن أو ترامب) في قطع الصلة بين ألمانيا ( وأوروبا ) وروسيا، وبيع الغاز الأمريكي المُسَال بأسعار أعلى بكثير من الغاز الرّوسي والهيمنة المُطلقة على إمدادات الطاقة في أوروبا. ألمانيا بين الهيمنة على أوروبا والتّذَيُّل للولايات المتحدة بينما تُكرّس الولايات المتحدة هيمنتها الإقتصادية والسّياسية في إطار سياسة 'القُطب الإمبريالي والواحد'، تبالغ الحكومة الألمانية في التّذَيُّل للولايات المتحدة، خصوصًا منذ أصبح فريدريش ميرتز مستشارا، فهو انتقل من إدارة صندوق بلاك روك الاستثماري إلى إدارة المستشارية الألمانية، دون أي أجندة أخرى غير إعادة التسلح والعسكرة والصَّهْيَنَة والأطلسية، واستفزاز روسيا، بدل سياسات 'التقارب وتحقيق الاستقرار السياسي والسلام في أوروبا من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية والمفاوضات مع موسكو' التي كانت تدعو لها حكومات سابقة، فقد جعل فريدريش ميرتز إعادة التسليح والعسكرة حجر الزاوية لفترة تولِّيه منصب المُستشار، وهي الخطة الأكثر عَسْكَرَةً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تم تخصيص 3,5% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الحربي بحلول عام 2029 و5% خلال السنوات اللاحقة. نشر الجنرال الألماني كارستن بروير يوم 19 أيار/مايو 2025، خطة شاملة للجيش الألماني، تُصوّر روسيا على أنها 'خطر وجودي، ويستعد الجيش الروسي لحرب شاملة مع حلف شمال الأطلسي (ناتو) بحلول نهاية العقد، لذلك، وجب على الجيش الألماني تحقيق جاهزية عملياتية كاملة بحلول سنة 2029، وتجهيز جميع الوحدات ورَقْمَنَتِها، وإعادة فرض الخدمة العسكرية الإلزامية، وتطوير الدفاعات المضادة للطائرات بدون طيار والصواريخ، وتعزيز قدرات الحرب الإلكترونية والهجومية، وتطوير أنظمة الدفاع الفضائية (…) وتعزيز مشاركة ألمانيا في الترسانة النووية لحلف شمال الأطلسي…' قررت الحكومة الألمانية استثمار خمس مليارات يورو لتطوير الأسلحة بعيدة المدى وتستخدم ألمانيا حاليا أراضي أوكرانيا لتجربة هذه الأسلحة ضد روسيا… الإمبريالية الأوروبية ضحية 'القُطب الإمبريالي الواحد'؟ لم تستفد الدّول الأوروبية من الأصطفاف وراء الولايات المتحدة بشأن روسيا والصين وإيران وفنزويلا وغيرها، بل تضرّرت مصالح دول الاتحاد الأوروبي من تضييق الخناق على الصين، لأنها بحاجة إلى الإنتاج الصيني، خاصة بعد الإضطراب الذي سبّبته الحرب التجارية الأمريكية وزيادة الرسوم الجمركية التي شملت أوروبا كما شملت الصين وكافة بلدان العالم، فازداد اعتماد أوروبا على السّوق الصينية، لكن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تتجنب إثارة غضب الولايات المتحدة التي فرضت على أوروبا العديد من القرارات من بينها زيادة الإنفاق العسكري لأعضاء حلف شمال الأطلسي من 2% كانت مُقرّرة لسنة 2025 إلى 5% خلال السنوات القادمة، وانْساق الإتحاد الأوروبي وراء المُخطّطات الأمريكية لعَسْكَرَة الدبلوماسية وأصبحت خطة الاتحاد الأوروبي تتمثل في تشكيل مجتمع في حالة حرب دائمة ( وفق وكالة رويترز بتاريخ 01 تموز/يوليو 2025)، فقد وضع الاتحاد الأوروبي خطةً لبناء مجتمع في حالة حرب دائمة، حيث يُمكن إعادة توظيف كل شيء لأغراض عسكرية، من المستشفيات إلى أجهزة التوجيه، وتُسمى هذه الخطة 'الاستعداد 2030″، وتُحوّل قارّة أوروبا إلى ساحة تدريب عسكرة، رغم عدم إعلان الحرب بصورة رسمية، والهدف هو تحويل كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي إلى قاعدة لوجستية ومعرفية لحلف شمال الأطلسي، والتّخلِّي عن مشروع خطّة الدفاع الأوروبي المشترك، لتحل محله الخطة الأمريكية المتمثلة في دمج وظيفي في الجهاز الاستراتيجي الأطلسي، مع أقصى قدر من المركزية وغياب تام للرقابة العامة، وتحويل البُنَى التحتية المدنية (الطرقات والسكك الحديدية والموانئ ومحطات الطاقة والمستشفيات، والمدارس إلى مرافق متوافقة مع الاستخدام العسكري، وتحويل كافة المُنْشآت بسرعة إلى 'الاستخدام المزدوج' ( المدني والعسكري)، و'تحصين شبكات الطاقة والشبكات الرقمية من خلال إدارتها بواسطة بروتوكولات أمنية عسكرية، وفي حال وقوع أزمة، سيتم استبدال الإدارات المَدَنية للمرافق ( الطاقة الكهربائية أو السكة الحديدية أو الموانئ الجوية والبحرية…) بمراكز قيادة مشتركة، لتأمين الحماية المادية والرقمية ضد التهديدات الهجينة والسيبرانية، كما يجب أن تكون الصناعات الاستراتيجية (الصلب والإلكترونيات والأدوية والسيارات) قادرة على التحول من الإنتاج المدني إلى الإنتاج العسكري دون إشعار مسبق أو نقاش، في ظل حماية قانونية وحوافز عامة، ويجب أن تكون القاعدة الصناعية الأوروبية مستعدة لإعادة هيكلة سريعة لدعم سلسلة التوريد الدفاعية، بالتّوازي مع إعداد السكان وتدريبهم على التكيف السلبي مع الأزمات النظامية، ويجب استخدام جميع الوسائل لإعداد المواطنين نفسيًا لحالات الطوارئ، في مؤسسات التعليم وفي وسائل الإعلام ( مراقبة سلامة المعلومات ومطابقتها لمخطط ضمان التماسك الإجتماعي ) والحماية المدنية، وتهيئة الملاجئ والمخابئ لجعل الناس يشعرون إنهم في أجواء حرب ( خطة الإستعداد 2030 من الصفحة 16 إلى الصفحة 22 ). تتطلب هذه الخطّة ( عسكرة المُجتمعات الأوروبية خلال السنوات الخمسة القادمة) ميزانية كبيرة، يتم جمعها من المال العام ومن الشراكة بين القطاعَيْن العام والخاص ( صفحة 23 من خطة الإستعداد 2030) وبذلك يتم تحويل المرافق والبُنى التحتية المَدَنِية إلى ثكنات عسكرية محتملة تُراقب المواطنين وتُجنّدهم في حرب لا مصلحة لهم فيها… نشر موقع مركز سكوكروفت، التابع لحلف شمال الأطلسي، يوم الثاني من تموز/يوليو 2025، بحثًا كتبه أندرو ميشت، أحد مسؤولي المركز، وورد في البحث إنه يجب على أوروبا توفير جميع مواردها لحلف شمال الأطلسي لأن روسيا لا تزال العدو الرئيسي وكان روسيا امتداد للإتحاد السوفييتي، أما الهدف فيتمثل في إبقاء أوروبا خاضعة دَوْمًا للولايات المتحدة بواسطة قيادة حلف الناتو الذي 'يجب على أوروبا تحمل أعباء نفقاته من خلال زيادة الإنفاق إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، مع إبقاء المظلة النووية الأمريكية والأسطول البحري والجوي الأمريكي في أوروبا، فضلا عن الأقمار الصناعية ومراقبة الفضاء والإتصالات، وبذلك يتم تقويض فكرة الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي وتعزيز نظام دفاع غربي يتلاءم مع استراتيجيات الولايات المتحدة المتمثلة في 'الأوْلَوِيّة المُطلقة للمَمَرّ الشمالي الشرقي' (الدول الإسكندنافية وفنلندا ودويلات البلطيق وبولندا، وهي الدّول القريبة من روسيا)، وخاصةً أقصى الشمال، وعلى الجناح الجنوبي، يجب إيلاء الاهتمام لرومانيا، أما بالنسبة لأوروبا الغربية القديمة، فقد أُسند إليها دور المؤخرة: الاحتياطيات والخدمات اللوجستية والمقاومة إلخ. إن رسالة أندرو ميشت واضحة: لا ينبغي لأوروبا أن تُبدد طاقتها في تكرار هياكل القيادة ومحاولة التحرر، فكل شيء في حلف شمال الأطلسي، وكل شيء تحت السيطرة الأمريكية، مما يضمن تدفق الأموال إلى ميزانية البنتاغون ( وزارة الحرب الأمريكية) من خلال مشتريات الأسلحة والالتزام بقاعدة الخمسة في المائة، وتُشكل حرب أوكرانيا نموذجًا لتطبيق هذه الخطة، حيث تتحمل أوروبا العبء الرئيسي في استمرار الحرب، ويتمثل الدّور الأمريكي في الإشراف على تدريب أوروبا بانتظار الحرب ضد روسيا. حلف شمال الأطلسي أداة تنفيذية للقرار الأمريكي اعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ( ناتو)، مارك روته، خلال مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ الخامس من تموز/يوليو 2025 بعض الفَرَضِيّات الخيالية وغير واقعية، مثل 'إمكانية طلب الزعيم الصيني شي جين بينغ من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين'، في حال قررت الصين استخدام القوة ضد تايوان، 'صرف انتباه الأوروبيين' عن الوضع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ من خلال 'مهاجمة أراضي الناتو'، مؤكدًا تنامي الوعي بإمكانية حدوث مثل هذا التطور، ويقترح الأمين العام لحلف الناتو 'إجراءات ضرورية لاحتواء بكين وموسكو، مثل التعزيز الجماعي للتحالف الغربي، حتى لا يتمكن الرُّوس أبدًا من مُهاجمتنا و العمل المشترك مع منطقة المحيطين الهندي والهادئ في مجال الصناعات الدفاعية والابتكار (…) نحن نواجه تحديًا جيوسياسيًا كبيرًا من روسيا، التي تتعافى بسرعة غير مسبوقة في التاريخ الحديث، فهي تنتج الآن ذخائر تزيد ثلاثة أضعاف في ثلاثة أشهر عما تنتجه جميع دول حلف الناتو في عام واحد'، وأضاف 'إن التعاون بين دول الغرب يحظى بتشجيع قوي من الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس دونالد ترامب '… أعلن الفريق 'ألكسيوس غرينكيفيتش'، من القوات الجوية الأمريكية، والذي تولى مؤخرًا رئاسة قوات حلف الناتو في أوروبا، خطة لدمج جميع القوات الجوية للدول الأوروبية الأعضاء في الحلف في الحرب ضد روسيا، وهي استراتيجية إضافية للإستخدام الشامل للقوات الجوية الغربية' وفق تصريح ألكسندر ستيبانوف، الخبير العسكري في معهد القانون والأمن القومي التابع للأكاديمية الرئاسية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة والباحث الأول في معهد أمريكا الجنوبية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، لوكالة تاس، وأوضح ستيبانوف أن 'غرينكيفيتش' هو فريق في القوات الجوية الأمريكية، وأن منصبه السابق تضمن التخطيط المباشر للعمليات باستخدام القوات الجوية لتنفيذ ضربات بعيدة المدى عالية الدقة بأسلحة حديثة ومتطورة، خصوصًا من صُنع شركة لوكهيد مارتن الأمريكية التي سلمت شحنات كبيرة من مقاتلات إف-35 متعددة المهام نشرها حلف شمال الأطلسي على طول الحدود الشرقية والشمالية لأوروبا، مع التركيز على الدول المجاورة لروسيا، وينصبّ التركيز الأساسي على هذه الأسلحة الهجومية، بما في ذلك حاملات القنابل النووية الحرارية من الجيل الثالث عشر من طراز بي-61. أيُّ هامش لأوروبا مع الولايات المتحدة؟ قَرّر المُشاركون ( 32 دولة منها 23 دولة أوروبية) في قمة الناتو التي عُقدت في لاهاي يومَيْ 24 و 25 حزيران/يونيو 2025، بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية، رفع الإنفاق العسكري من 2% كانت مُقَرَّرة إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة بحلول سنة 2035، بذريعة الإستعداد للتهديدات الإرهابية وخصوصًا التهديدات الرُّوسية المُفْترضة، وفي الحقيقة إن المُجَمّع الصناعي العسكري الأمريكي هو المُستفيد الوحيد من هذا القرار الذي لن يؤدّي سوى لخفض الإنفاق الإجتماعي وعَسْكَرَة الإقتصاد والدّبلوماسية والعلاقات الدّولية، وتتضمّن القمّة 'اجتماعًا بين قادة الدّول الأعضاء في الحلف ورؤساء ومُدِيرِي قطاع الصناعات الحربية، لبحث سُبُل تعزيز التّعاون'، وعبّر المواطنون في هولندا وفي بلدان أوروبية أخرى عن معارضتهم لحلف شمال الأطلسي، وقًبيْل انعقاد القمة الأخيرة في لاهاي، تظاهر المواطنون تحت شعار 'لا للنّاتو'، و 'توجيه الإنفاق الحكومي نحو مكافحة التّلوّث والرعاية الصحية، كما أظهرت استطلاعات الرّأي مُعارضة الرّأي العام الأمريكي والأوروبي زيادة الإنفاق العسكري، غير إن حلف شمال الأطلسي ليس منظمة أو مؤسسة ديمقراطية، ولا يخضع بالتّالي للمحاسبة من قِبَل شُعوب الدُّوَل الأعضاء، بل ما انفك يتوسّع ويخرق نُصُوصه الأساسية التي تُحدّد مهمته كحلف دفاعي يتدخّل عند تَعَرُّض أعضائه للإعتداء، ولكنه في الواقع حلف هجومي يُبادر بالعدوان على بلدان بعيدة عن المحيط الأطلسي ( شماله وجنوبه)، خدمة لمصالح الإمبريالية الأمريكية والأوروبية ولِمُجَمّع الصّناعات الحربية، وما انْفَكَّ يتوسّع توسّع ( من 12 دولة عند انهيار الإتحاد السُّوفييتي إلى 32 دولة حاليا، منها 23 دولة أوروبية) ويَرْفَعُ الإنفاق الحربي، وأصبح وُجُود حلف شمال الأطلسي عائقًا أمام التعايش السّلمي للبلدان والشّعوب. كانت مدينة لاهاي الهولندية هادئة ( مدينة الأمين العام الحالي لحلف شمال الأطلسي ورئيس وزراء هولندا الأسبق 'مارك روته' ) قبل القمّة – وهي أول قِمّة تنعقد في هولندا منذ تأسيس الحلف سنة 1949 – ثم تحولت المدينة إلى ثكنة عسكرية وعاش سُكّانها إجراءات أمنية 'غير مسبوقة' حيث خَضَعوا ل'حصار أمني' من قِبَل قوات الجيش والشّرطة التي أمرتْهُم بالبقاء في منازلهم، وأغلقت أماكن العمل ومواقف السيارات وفق وكالة أسوشيتد برس بتاريخ 24 حزيران/يونيو 2025، ووَصَفَت حكومة هولندا هذا الحدث بأكبر عملية أمنية في تاريخ البلاد، وجنّدت أكثر من عشرة آلاف جُندي و 27 ألف شرطي أو حوالي نصف عدد قوات شرطة البلاد التي نصبت الحواجز والأَسْوار المعدنية في وسط المدينة وضواحيها، بينما أغلقت البلاد الأجواء أمام حركات الطّيران واحتلت الطّائرات الآلية و مروحيات أباشي الأمريكية وطائرات إف-35 الأمريكية أيضًا، الفضاء، كما احتلّت السفن الحربية بحر الشّمال، وأغلقت الحكومة الطريق الرابطة بين مطار مدينة لاهاي ووسط المدينة، حيث يُقيم نحو 45 رئيس دولة وحكومة و45 وزير خارجية 45 وزير حرب، وحوالي تسعة آلاف شخص، من المُشاركين في قمة حلف شمال الأطلسي، وفق وكالة أسوشيتد برس وموقع الحكومة الهولندية. ضغطت الولايات المتحدة لزيادة الإنفاق العسكري لأعضاء حلف شمال الأطلسي إلى 2% ثم إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى 1,5% للأمن السيبراني والمتاجرة بالبشر وما إلى ذلك، مما يُؤَدِّي إلى خفض الإنفاق على الصحة والتعليم والخدمات الإجتماعية، ووصفت صحيفة 'غارديان' قادة أوروبا بالخاضعين والإنبطاحيين خلال قمة لاهاي، لأن كافة القرارات وصفقات الأسلحة والعتاد تصب في مصلحة الولايات المتحدة و المجمع الصناعي العسكري الأميركي، بينما تجني الشعوب الأوروبية المزيد من الفَقْر، رغم بعض المقاومة من قِبَل المجموعات المناهضة للحرب ولانتشار الأسلحة النووية، في إسبانيا وبريطانيا وأوروبا الشمالية. أما في الدنمارك فقد احتجت رابطة المُستشارين الإجتماعيين على خفض الإنفاق الإجتماعي الذي دخل حيّز التنفيذ منذ الأول من تموز/يوليو 2025 تحت عنوان 'إصلاحات الإعانة النّقدية' للمُعْدَمِين الذين لا يزيد دخلهم عن 6789 كرونة دنماركية شهريا ( 1064,5 دولارا أمريكيا) وعلى سبيل المقارنة تبلغ منحة الطالب الذي يعيش خارج منزل والدَيْه 7086 كرونة شهريًا، ويُشترط على الفقراء المستفيدين من الإعانة النقدية تأدية 37 ساعة أسبوعيا من عمل إلزامي، مقابل هذا المبلغ الذي لا يكفي للحصول على أساسيات الحياة المُكلفة في الدنمارك: إيجار المسكن والغذاء والنقل، مما قد يدفع بآلاف الأشخاص الجدد إلى ما دون خط الفقر، في ظل انخفاض فرص العمل وخفض ميزانيات برامج التّدريب والتّأهيل… خلفيات القرارات العدوانية لحلف شمال الأطلسي تُواجه دول 'المَرْكَز' منافسة الصين وروسيا أو الهند والبرازيل والبلدان الأخرى التي أصبحت مراكز صناعية عالمية وطوّرت مجالات البحث والإبتكار التكنولوجي لتنافس عمالقة التكنولوجيا الأمريكية مثل آبل وغوغل ومايكروسوفت، مما قد يؤدّي إلى تغيير موازين القوى في المجال الإقتصادي، وربما إلى إرساء نظام عالمي جديد، حيث أصبحت الصّين أهم شريك تجاري لمعظم دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة وأوروبا، فيما بقيت الولايات المتحدة ومجمل أعضاء حلف النّاتو متفوقة عسكريًّا، لحدّ الآن، وتريد المحافظة على هذا التفوق من خلال زيادة الإنفاق العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة خلال عِقْدٍ واحد، رغم غياب أي تهديد عسكري، ويبدو إن قرار تعزيز القوة العسكرية بدل تعزيز الإنفاق على التعليم والصحة والسكن والنقل العمومي، يُمثل محاولةً لتعويض التراجع الاقتصادي بزيادة الإنفاق الحربي الذي فاق تريليون دولار سنويًا في الولايات المتحدة، فضلا عن مئات المليارات من الدّولارات ( حوالي 1,5 تريليون دولارا ) في باقي البلدان الأعضاء في حلف الناتو التي دعمت الإبادة الجماعية التي ينفذها الكيان الصهيوني، وأثبتت الوقائع إن إيران أو المقاومة اللبنانية واليمنية والفلسطينية قادرة على استهداف تل أبيب أو السفن الحربية الأمريكية بأسلحة متواضعة وبميزانيات ضعيفة، وإن أسلحة الدّمار الشامل لا تصمد أمام إرادة الشعوب… لا تكمن قوة الدّول والمجتمعات في حجم وقوة الأسلحة التي تُكدّسها بل في تعزيز الإستثمار في البنية التحتية والتعليم والبحث والإبتكار والرّعاية الصّحّية والخدمات الإجتماعية وتنمية قُدرات الشباب والمجتمع وتوفير السكن والنقل المُرِيح ووسائل الترفيه الجماعية الخ. خلاصة تحتفل الولايات المتحدة يوم الرابع من تموز/يوليو 2025 بالذكرى الـ 250 لتأسيسها، في ظل صعوبات سياسية واقتصادية أدّت إلى تصويت مجلس الشيوخ بأغلبية ضئيلة يوم الثلاثاء الأول من تموز/يوليو 2025 على مشروع القانون الذي يتضمن حجر الأساس للبرنامج الإقتصادي للرئيس دونالد ترامب، بعد مفاوضات طويلة بين مُمَثّلين عن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ، ومن المتوقّع أن يُفاقم القانون الجديد الدَّيْن العام الذي سوف يرتفع بنحو 3,4 تريليون دولارا خلال العام 2026، وفق مكتب الميزانية في الكونغرس (CBO) الذي يتولى مسؤولية تقييم أثر القوانين الجديدة على الأسعار، ويُخصّصُ مشروع القانون مليارات الدولارات الإضافية لإنفاذ قوانين الهجرة وضبطها، كما يستهدف برنامج ميديكيد، وهو برنامج التأمين الصحي العام للأمريكيين ذوي الدخل المحدود، بشكل خاص، مما يُهدد التغطية الصحية لملايين العمال والعاطلين عن العمل، ويُتوقَّعُ أن تطال التخفيضات الحادّة في الإنفاق الإجتماعي برنامج المساعدة الغذائية التكميلية (SNAP) في المقابل ترتفع ميزانية التّسلّح، رغم إلقاء ثقل تسليح حلف شمال الأطلسي على أوروبا التي سوف ترفع الإنفاق الحربي إلى 5% من الناتج المحلّي الإجمالي لكل بلد وتُوفِّر مزيدًا من الموارد للحلف، مقابل خَفْض الإنفاق الإجتماعي، وسوف تستفيد شركات الصناعات الحربية الأمريكية من زيادة الإنفاق العسكري لأعضاء حلف النّاتو الذي تقوده وتهيمن عليه الولايات المتحدة التي تُهدّد بسحب الغطاء الأمني عن أوروبا… تتمثل رسالة الإمبريالية الأمريكية إلى أوروبا والعالم في عدم السّماح بأي شكل من المنافسة، والإستمرار في تركيز هيمنة 'القُطب الواحد' على العالم ( الأصدقاء والأعداء ) وتحجيم أي قوة تحاول منافسة الولايات المتحدة اقتصاديا، كما حصل بالأمس مع اليابان وألمانيا، أو مع الصّين حاليا، أو منافستها عسكريا مثل روسيا أو الصّين، ولو بقي نفوذ المنافسين ضمن منطقة نفوذهم 'التقليدي'، ولا تزال الأنظمة الأوروبية ( والإتحاد الأوروبي) تُسدّد ثمن هزيمتها خلال الحرب العالمية الثانية… يمكن الإطلاع على تفاصيل خطط عسكرة الإقتصاد والحياة في أوروبا بموقع الإتحاد الأوروبي بعنوان ( White paper for European defense – Readiness 2030 ) وكذلك موقع ( ) أو الإطلاع على ''الخطة القومية للتعافي والمرونة' ( PNRR )، التي أقرها الاتحاد الأوروبي لمساعدة الدول الأعضاء على التعافي من الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجائحة، وهي جزء من حزمة أوسع نطاقًا تُسمى ' 'الجيل القادم' وتُخصص حاليًا أموالًا لإعادة التسليح ‎2025-‎07-‎09

ألمانيا تتهم الصين باستهداف إحدى طائراتها العسكرية بالليزر
ألمانيا تتهم الصين باستهداف إحدى طائراتها العسكرية بالليزر

وكالة الصحافة المستقلة

timeمنذ يوم واحد

  • وكالة الصحافة المستقلة

ألمانيا تتهم الصين باستهداف إحدى طائراتها العسكرية بالليزر

المستقلة/- اتهمت ألمانيا الجيش الصيني باستهداف إحدى طائراتها بالليزر خلال عملية للاتحاد الأوروبي فوق البحر الأحمر. استُدعي السفير الصيني إلى وزارة الخارجية الألمانية على خلفية الحادثة التي تزعم أنها وقعت مطلع هذا الشهر. يأتي تصاعد التوترات مع تزايد المخاوف في الاتحاد الأوروبي بشأن تأثير بكين على التقنيات الحيوية والبنية التحتية الأمنية في أوروبا. صرحت وزارة الدفاع الألمانية بأن الطائرة كانت تشارك في مهمة 'أسبايدس' التابعة للاتحاد الأوروبي، والتي تأتي ردًا على هجمات الحوثيين المدعومين من إيران على الشحن الدولي في البحر الأحمر. عملية 'أسبايدس' هي مهمة دفاعية بحتة تهدف إلى زيادة المراقبة البحرية في المنطقة، وتوفير الحماية للسفن التجارية، والدفاع ضد الهجمات. وتغطي البحر الأحمر والمحيط الهندي والخليج. تقوم طائرة المراقبة البحرية بأعمال استطلاع فوق البحر الأحمر منذ أكتوبر/تشرين الأول. صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية بأن سفينة حربية صينية، سبق أن واجهت عدة مرات في البحر الأحمر، استهدفت الطائرة بالليزر دون سبب أو اتصال مسبق خلال مهمة روتينية. وأضاف: 'باستخدام الليزر، عرّضت السفينة الحربية سلامة الأفراد والمواد للخطر'. وأضاف المتحدث أن رحلة المهمة أُلغيت كإجراء احترازي، وهبطت الطائرة بسلام في قاعدة في جيبوتي. وفي الوقت نفسه، كتبت وزارة الخارجية الألمانية على X: 'استخدم الجيش الصيني ليزرًا لاستهداف طائرة ألمانية ضمن عملية الاتحاد الأوروبي ASPIDES#. إن تعريض الأفراد الألمان للخطر وتعطيل العملية أمر غير مقبول على الإطلاق. تم استدعاء السفير الصيني إلى وزارة الخارجية الألمانية اليوم'. واستأنفت الطائرة عملياتها منذ ذلك الحين مع بعثة الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر. ولم يصدر أي رد فوري من وزارة الخارجية الصينية، ولم ترد السفارة الصينية في برلين على طلبات للتعليق. ونفت الصين سابقًا اتهامات بإطلاق أو توجيه أشعة الليزر نحو الطائرات الأمريكية. في عام 2020، صرّح الأسطول الأمريكي في المحيط الهادئ بأن سفينة حربية صينية أطلقت ليزرًا على طائرة دورية بحرية أمريكية كانت تحلق في المجال الجوي فوق المياه الدولية غرب غوام. ونفت الصين وقوع هذا الحادث.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store