
«مونديال الأندية»: قيادة تياغو سيلفا تُبقي حلم فلومينينسي حيّاً
بعد أن وضع شعار فلومينينسي في منتصف ملعب «كامبينغ وورلد» في أورلاندو، اصطفّ الفريق بأكمله، لاعبين وجهازاً فنياً، في دائرة حول نقطة المنتصف. تشابكت الأيدي وارتفعت في الهواء كما لو كانوا على منصة تتويج، ثم بدأوا بالتمايل نصف دورة يساراً ثم يميناً على إيقاع احتفال آلاف البرازيليين الذين رأوا «البطة القبيحة» تهزم الهلال، وتبلغ نصف نهائي كأس العالم للأندية.
وبحسب شبكة «The Athletic»، ووسط هذا الضباب العنابي من النشوة، كسر سيلفا الدائرة وغادرها مبكراً. بعض اللاعبين كانوا يتعانقون كأنهم مغناطيسات، آخرون التفوا بالأعلام، وبعضهم يلوّح بأوشحة النادي كأنهم رعاة في حلبة رعاة البقر.
أما سيلفا، فبقي شامخاً. سار وحيداً نحو النفق المؤدي لغرف الملابس، يحتسي الماء بهدوء، وقد بدأ عقله بالفعل التفكير في نصف النهائي. كان مشهداً من السكون التام، يناقض خطبته الملهمة التي ألقاها قبل 4 أيام، ودفع بها الفريق للفوز على إنتر ميلان.
السيطرة هي قوته الخارقة. عند صافرة النهاية، انحنى على ركبتيه وأشار إلى السماء، قبل أن يُحتفى به من قبل الدكة، لكنه عاد بعدها بلحظات إلى هدوئه المعتاد.
سيلفا، الذي سيبلغ الـ41 في غضون شهرين، كان تجسيداً للثبات. عندما سجّل ماتيوس مارتينيلي هدف التقدُّم على الهلال، لم يركض للاحتفال، بل بقي في وسط الملعب يشير إلى السماء لثوانٍ، قبل أن يوجّه زميله المدافع بتعليمات تكتيكية.
في معظم الفرق، يُعدّ اللاعب البالغ من العمر 28 عاماً عنصراً خبيراً، لكن في فلومينينسي، مع وجود سيلفا، كلّهم يتتلمذون على يديه.
في هذا الفريق، إنه القائد رقم 3، حتى وهو ينزف من أنفه دون أن يسمح لطبيب بمداواته إلا خلال استراحة مياه قصيرة، تبادل فيها الحديث مع المدرب ريناتو غاوتشو فقط.
هو أيضاً اللاعب الوحيد الذي لم يكن مضطراً لأن يكون هنا. بعد 15 عاماً في قمة الكرة الأوروبية، لم يعد بحاجة إلى إثبات شيء، لكنه اختار أن يضع جسده وروحه على المحك، مدافعاً عن كبريائه مع كل هجمة خصم.
ومع ذلك، ها هو حاضر، يقود فلومينينسي نحو المجد الأبدي.
ربما سجّل هيركوليز الهدف الأخير، كما فعل أمام الإنتر من قبل، لكن الأداء الأسطوري الذي قدّمه قلب الدفاع الأربعيني كان الأساس الذي بُني عليه هذا الانتصار.
حتى وهو يملك سجل بطولات يضم الدوري الإيطالي، والفرنسي، ودوري الأبطال، وكوبا أميركا، لا يترك سيلفا لحظة في الدفاع تمرّ دون أن يعطيها أقصى درجات التركيز.
يعرف طعم المعاناة، ويحبها لأنه عاشها. في عام 2005، قضى 6 أشهر في المستشفى مصاباً بالسل، وقيل له إنه قد لا يلعب كرة القدم مجدداً. دخل في اكتئاب، ولم يكن قد خاض أكثر من 15 مباراة في الموسم الواحد حتى سن الـ23.
قاتل ليصل إلى هذه اللحظة من مسيرته. الآن، بقيت له مباراتان فقط لحصد آخر مجدٍ كبير في رحلته الخالدة.
عاد إلى النادي الذي أطلق مسيرته، وهو في الـ21 من عمره، بعد تجربة فاشلة مع بورتو، وصعود شاق من الدرجة الثالثة في البرازيل. عودته إلى أجواء «التحدي المستحيل» مع نادي الطفولة، أيقظت بداخله شيئاً أعمق.
قال عنه مدربه غاوتشو بعد الفوز 2-1: «تياغو سيلفا عملاق. هو المدرب داخل الملعب. ينقل الهدوء والخبرة لزملائه. هو القائد والزعيم، وفي المباريات الصعبة ضد الفرق الكبرى، نحتاج لاعباً مثله. إنه عنصر أساسي. نحاول عدم إرهاقه بالتدريبات حتى يكون جاهزاً بنسبة 100في المائة للمباريات».
يُبجّله زملاؤه كما لو كان مرشداً روحياً. ينصتون لصوته في لحظات السكون أو قبل انطلاق المباريات، مثلما فعلوا قبل الفوز 2-0 على الإنتر، حين ألقى خطاباً لن يُنسى.
قال، وهو يهزّ رأسه: «لا تنتظروا لما بعد المباراة لتقولوا: كان بإمكاني أن أفعل. لا، لا تفعلوا هذا»، ثم وقف يمسح دموعه وقال: «زوج أمي هو من جعلني أصبح تياغو سيلفا. مرض ولم أكن أعرف مدى خطورة مرضه. عدت للمنتخب، وانتهى كأس العالم كما انتهى. ثم عدت إلى باريس، وبدأت فترة الإعداد. وفي إحدى المباريات اتصلت بي زوجتي، وقالت: والدك تُوفي».
ثم تابع: «ما أريد قوله هو أنني لم أذهب لرؤيته في المستشفى، ظننت أنه سيكون بخير. لا تؤجلوا ما يمكن فعله الآن، فقد لا يتاح الوقت. استغلوا اللحظة، استمتعوا بها، لكن بمسؤولية. والأهم، أنهينا المباراة بـ11 لاعباً. لا تدفعوا الأمور نحو الظلم. نافسوا، بحق الله نافسوا، جميعنا بحاجة إلى أن نتنافس معاً».
نادراً ما نجد خطباً تستحق الاقتباس كاملة، لكن في أقل من 90 ثانية، لخّص سيلفا كل ما جعله قائداً استثنائياً طوال مسيرته، وربما أيضاً السبب الذي جعل البرازيل تنهار أمام ألمانيا 7-1 في 2014 في غيابه.
قال الجناح جون أرياس: «تياغو سيلفا مرجع عالمي. إنه من أعظم المدافعين في التاريخ، ويحظى بكل تقديرنا واحترامنا. إنه إنسان رائع. فقد زوج أمه، وهذه المحنة منحته دافعاً جديداً. وهذا ما يحدث حين تكون روحك عظيمة».
سيلفا خاض 896 مباراة رسمية في مسيرته، لكنه ليس أكبر لاعب في الفريق. خلفه يقف الحارس فابيو، البالغ من العمر 44 عاماً، الذي لعب 1379 مباراة، ويقترب من كسر الرقم القياسي للحارس الإنجليزي بيتر شيلتون.
حتى كاليدو كوليبالي، زميله السابق في تشيلسي، الذي دخل معه في جدال خلال المباراة بعد لقطة جزاء، لم يبخل عليه بالإشادة بعد اللقاء. قال: «أعرف تياغو جيداً. أسطورة. شخص لطيف وزميل مميز. يعطي النصائح ويتحكم بالفريق. رأينا ذلك اليوم وخلال البطولة كلها. يستحق أن يكون هنا. أنا حزين للخسارة، لكن أتمنى له التوفيق حتى النهاية».
موسيقى النهاية التي ترافق انتصارات فلومينينسي باتت مألوفة. أنغام ناعمة من البوق، كأنها خارجة من ملهى ليلي في الأربعينات. إنها النقيض التام لعالم كرة القدم الأوروبية المعقم والفاقد للهوية.
في الحقيقة، هي تمثّل روح تياغو سيلفا في هذه البطولة؛ هادئة، خجولة من الضوء، لكنها تمضي بخطى واثقة نحو الخلود.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 43 دقائق
- الشرق الأوسط
ألونسو: مواجهة سان جيرمان «تحدٍّ كبير»
رأى تشابي ألونسو، مدرب ريال مدريد الإسباني، أن مواجهة باريس سان جيرمان الفرنسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية بكرة القدم، الأربعاء المقبل، ستكون «تحدياً كبيراً»، وذلك بعد تخطيه بروسيا دورتموند الأربعاء 3 - 2، السبت في ربع النهائي. وقال ألونسو في مؤتمر صحافي: «أعتقد أن (الإسباني لويس) إنريكي ينقل حالياً طاقةً إيجابيةً جداً. منذ الدور ثُمن النهائي لدوري أبطال أوروبا، وباريس سان جيرمان يقدِّم مستوى عالياً جداً، وسيكون ذلك تحدياً كبيراً بالنسبة لنا». وأضاف المدرب الذي خلف الإيطالي كارلو أنشيلوتي: «علينا الآن أن نفوز في نصف النهائي. نأمل أن نبلغ النهائي، وأن نتحسَّن ونتطور. لقد أصبحنا أقرب بكثير الآن، وسنواصل على هذا النحو، الإيقاع جيد». كما أعرب ألونسو عن إعجابه بمشاركة الفرنسي كيليان مبابي الذي سجَّل هدفه الأول في المسابقة من ضربة مقصية رائعة. وكان قائد منتخب فرنسا قد غاب عن كامل الدور الأول؛ بسبب إصابته بالتهاب معوي حاد، قبل أن يعود إلى المنافسات في ثُمن النهائي أمام يوفنتوس الإيطالي (1 - 0) عندما دخل بديلاً في الدقيقة 68. وقال مدرب ريال مدريد: «إنه بحال أفضل، لم يصل بعد إلى نسبة 100في المائة، لكنه يتحسَّن كل يوم، ولديه الآن 4 أيام إضافية (قبل نصف النهائي)».


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
انطلاق كأس أفريقيا للأمم لكرة القدم للسيدات بالمغرب
انطلقت بالعاصمة المغربية الرباط أمس، منافسات كأس أفريقيا للأمم لكرة القدم للسيدات، والتي تستمر لـ 26 يوليو الجاري على أرضية 6 ملاعب بأربعة مدن مغربية. وانطلقت المباراة الافتتاحية لهذه المنافسات في الملعب الأولمبي بالرباط، بين كل من المنتخب الوطني المغربي والمنتخب الوطني الزامبي برسم الجولة الأولى من دور المجموعات لهذه لبطولة القارية. وستتنافس أفضل المنتخبات الأفريقية النسائية بحثًا عن التتويج باللقب القاري، حيث يدخل منتخب المغرب بطموحات كبيرة لبلوغ النهائي، خاصة بعد الإنجاز التاريخي الذي حققه في نسخة 2022، حين بلغ المباراة النهائية لأول مرة في مساره.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
أرنولد ينعى جوتا: كان يضيء المكان… وسيبقى في قلوبنا
وصف ترينت ألكسندر أرنولد، ظهير أيمن ريال مدريد الإسباني، النجم البرتغالي الراحل ديوغو جوتا، زميله السابق في فريق ليفربول الإنجليزي، بأنه «كان صديقاً مقرباً جداً». وكان جوتا قد توفي برفقة شقيقه أندريه سيلفا، إثر حادث سيارة في إسبانيا يوم الخميس الماضي، في الوقت الذي يشارك فيه ألكسندر أرنولد حالياً ببطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم، المقامة في الولايات المتحدة، مع الفريق الملكي الذي انضم إلى صفوفه عقب نهاية مسيرته مع ليفربول في ختام الموسم الماضي، الذي شهد تتويج ناديه السابق بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز. وفي تصريحات أدلى بها لشبكة «دازن» عقب فوز ريال مدريد على بروسيا دورتموند 3 - 2 في نيويورك ضمن دور الـ8 من البطولة، قال ألكسندر أرنولد: «بعض الأشياء أكبر من مجرد مباراة. لقد كان الأمر صعباً، لكنه كان عاطفياً للغاية، ويثلج الصدر أن نرى عالم كرة القدم يتحد ويظهر حبه ودعمه له ولعائلته، ولشقيقه أيضاً بالطبع». وأضاف ظهير أيمن منتخب إنجلترا: «رغم صعوبة الأمر، فإنه كان أيضاً مشهداً رائعاً من جميع الأندية والناس، حيث توحَّدوا وأظهروا الحب والدعم، في وقت عصيب للغاية على العائلة». ونقلت وكالة الأنباء البريطانية «بي إيه ميديا» عن ألكسندر أرنولد قوله: «لقد كنت بجانبه وبجانب شقيقه، وعائلته، وزوجته الرائعة، ووالديه، وأطفاله الثلاثة الرائعين. إنه من المفجع حقاً أن أستيقظ على خبر مثل هذا. إنه أمر لم يكن متوقعاً أبداً». وكشف ألكسندر أرنولد: «لقد كان صديقاً مقرباً جداً، كان شخصاً يضيء المكان عندما يوجد فيه. شاركت غرفة الملابس معه لمدة 5 سنوات، ولدي ذكريات رائعة معه داخل الملعب وخارجه». واختتم اللاعب الإنجليزي تصريحاته قائلاً: «من البديهي أنه لن يُنسى أبداً. سيبقى خالداً في ذاكرتنا جميعاً، رجلاً ولاعباً رائعاً كما كان».