
دراسة تثير الفزع.. شباب أوروبا يميلون نحو الحكم المستبد
وحظيت الدراسة بتغطية إعلامية واسعة على الصعيد الأوروبي، واعتبرها بعض الخبراء مثيرة للقلق ومنذرة بمستقبل قاتم للنظام الديمقراطي.
وبينما رأى خبراء وباحثون آخرون أنها لا تعني اهتزازا للثقة بالنظام الديمقراطي بقدر ما هي صرخة تعبر عما يعانيه الشباب من مشكلات اقتصادية وإقصاء سياسي، أكدت دراسات وتقارير أن معاناة النظام الديمقراطي لا تقتصر على أوروبا فقط.
نتائج الدراسة
كشفت دراسة معهد يوغوف التي نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية في الرابع من يوليو/تموز الجاري تحت عنوان "الشباب الأوروبي يفقد ثقته بالديمقراطية" أن نصف الشباب فقط في فرنسا وإسبانيا يعتقدون أن الديمقراطية هي أفضل أشكال الحكم، بينما انخفضت النسبة إلى ما دون النصف بين نظرائهم البولنديين.
وحسب الدراسة التي ركزت على ما يعرف في أوروبا بجيل زد (مواليد أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن 21) فإن 57% فقط من هذا الجيل ما زال يفضل الديمقراطية على أي شكل آخر من أشكال الحكم.
لكن معدلات الدعم في مختلف أوروبا تفاوتت بشكل كبير، حيث وصلت إلى 48% فقط في بولندا، وحوالي 52% فقط في إسبانيا وفرنسا، بينما بلغت أعلى نسبة دعم للديمقراطية 71% في ألمانيا.
وشارك في الدراسة أكثر من 6700 شخص تتراوح أعمارهم بين 16 و26 عامًا من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا واليونان وبولندا.
وأعرب أكثر من خُمس المشاركين (21%) عن تأييدهم للحكم الاستبدادي في ظل ظروف معينة، بل إن نسبة داعمي الحكم الاستبدادي بلغت في فرنسا وإسبانيا وبولندا 23%، وارتفعت في إيطاليا إلى 24%.
ونقلت الغارديان عن عالم السياسة في جامعة برلين الحرة الذي شارك في الدراسة، ثورستن فاس، قوله إن نسبة دعم الديمقراطية تنخفض إلى الثلث لدى الأوروبيين المحسوبين سياسيا على يمين الوسط لشعورهم بالحرمان الاقتصادي.
قلق على المؤسسات الأوروبية
أعرب 48% من المشاركين في الدراسة عن قلقهم من تعرض النظام الديمقراطي في بلدانهم للخطر، وقد ارتفعت هذه النسبة إلى 61% في ألمانيا، حيث يعاني الاقتصاد الأكبر في أوروبا من الضعف، وحقق اليمين المتطرف تقدمًا ملحوظًا، مدفوعًا جزئيًا بزيادة دعم الناخبين الشباب.
ولا يقتصر القلق بين شباب أوروبا على النظام الديمقراطي، بل إن هناك شكوكا في مستقبل الاتحاد الأوروبي نفسه، حيث اعتبر أغلب من شملتهم الدراسة أن الاتحاد لم يعد من بين أكبر 3 لاعبين عالميين.
فقد أدت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وصعود الصين، والغزو الروسي لأوكرانيا، إلى تحويل ميزان القوى بعيدًا عن أوروبا في نظر المشاركين، حيث رأى 83% منهم أن الولايات المتحدة في طليعة الثلاثي القوي، تليها الصين بنسبة 75% وروسيا بنسبة 57%.
واعتبر أكثر من نصف المشاركين (53%) أن الاتحاد الأوروبي يُركز بشكل مفرط على التفاصيل والأمور التافهة، معربين عن رغبتهم في أن يُعالج ارتفاع تكلفة المعيشة، ويُعزز الدفاع ضد التهديدات الخارجية.
وكانت نسبة رضا الشباب عن حكوماتهم الوطنية ضئيلة، حيث لم تتجاوز 6% فقط، مؤكدين على الحاجة لحصول تغييرات جوهرية في هذه الحكومات.
هل الديمقراطية إلى زوال؟
تعكس التغطية الإعلامية التي حظيت بها دراسة يوغوف حول مواقف الشباب من الديمقراطية أهمية المعطيات التي أفرزتها الدراسة، فقد تساءل عدد من المحللين الأوروبيين عن إمكانية أن تشهد أوروبا ميلاد جيل استبدادي، وهل باتت الأجيال الجديدة تحلم بزمن الرجال الأقوياء وتحن إلى الدكتاتوريات؟
وفي هذا السياق، بثت محطة سفيرجيس الإذاعية السويدية برنامجا حول الدراسة تحت عنوان "المزيد من الشباب يشككون في الديمقراطية.. مقلق للغاية"، ونقلت عن أستاذة الفلسفة النظرية ومؤلفة كتاب "لماذا الديمقراطية؟"، آسا ويكفورس، قولها "عندما يفقد الناس الثقة في الديمقراطية كنظام، فإن هذا قد ينذر بزوال الديمقراطية، وهذا أمر خطير للغاية".
ونشر موقع "كادينا سير" الإسباني مقالا للكاتب أنطونيو مارتين بعنوان "واحد من كل 5 شباب أوروبيين يفضل الاستبداد على الديمقراطية" اعتبر فيه أن الانتخابات التي جرت في مختلف البلدان الأوروبية خلال العقد الماضي أظهرت أن تصويت الشباب يتجه بشكل متزايد نحو أحزاب اليمين.
وأوضح الكاتب مارتين أن المتطرفين الذين تتزعمهم مارين لوبان هم المفضلون لدى الشباب الفرنسي، كما هو الحال بالنسبة لأتباع حزب البديل في ألمانيا، ويتكرر الأمر في بلدان أوروبية أخرى.
ورآى مارتين أن الدراسة تبين تماهيا للشباب الأوروبي مع أفكار اليمين المتطرف، حيث أن حوالي 40% ممن شملتهم الدراسة يعتقدون بوجوب اتخاذ إجراءات أكثر تشددا في ملف الهجرة، بينما كانت هذه النسبة لا تتجاوز حوالي 20% قبل 4 سنوات.
اعتبر لورين سميث في مقال على موقع "أوروبا كونسرفاتيف" بعنوان "جيل زد الأوروبي يفقد الثقة في الديمقراطية، ولكن هذا لا يجعله الوجه الجديد للفاشية" أن دراسة يوغوف تعكس قبل كل شيء الغضب إزاء الوضع الراهن: السكن غير الميسور، والوظائف غير المستقرة، وتكاليف المعيشة، وانعدام الأمن الثقافي، والشكوك حول عمل الاتحاد الأوروبي.
وأضاف سميث أن الدراسة لا تعكس دعوة للانقلاب على الديمقراطية، وإنما هي دعوة لإصلاح النظام حتى يلبي في النهاية توقعات الشباب، ويرى أن بعض المحللين بالغوا واعتبروا أن كون خُمس المشمولين في الدراسة يؤيدون الحكم الاستبدادي في ظل ظروف معينة يعني أن الشباب الأوروبي على وشك حمل السلاح للإطاحة بحكوماتهم.
يقول الكاتب "ليس الحال هكذا، فإذا نظرنا إلى نتائج الدراسة بشكل عام ندرك أن الأمر لا يتعلق بتحول جذري نحو الاستبداد بقدر ما يتعلق باستياء عميق من الوضع الحالي، وأن جيل الشباب يشعر بالقلق بشأن مستقبله اقتصاديا وسياسيا وثقافيا".
وألقى سميث باللائمة في ذلك على الأحزاب اليسارية و الليبرالية التقدمية التي هيمنت على الحياة السياسية الأوروبية منذ نشأتها، وخلص إلى أنه لا ينبغي لنتائج دراسة يوغوف أن تسبب الذعر، بل يجب أن تدق ناقوس الخطر، فالشباب يشعر بالغضب ويريدون ديمقراطية تعمل لصالحهم بشكل أفضل.
التشكيك في الديمقراطية بدأ منذ سنوات
حسب دراسة لأستاذ العلوم السياسية ومدير معهد إيبسوس لاستطلاعات الرأي بباريس، بريس تينتيريه، نشرها موقع "كيرن إنفو" بعنوان "الشباب والديمقراطية والتصويت"، فإن استياء الشباب الأوروبي من الديمقراطية بدأ منذ سنوات، لكن الدراسات تؤكد أيضا أن تراجع الثقة في الديمقراطية في أوروبا لا يقتصر فقط على الشباب.
فحسب استطلاعات أجراها معهد إيبسوس في فرنسا، فقد وصلت نسبة من يعتقدون أن النظام الديمقراطي يمكن الاستغناء عنه وأنه ليس أفضل نظام للحكم إلى 24% في عام 2014، وقد ارتفع هذا الرقم بشكل مطرد منذ ذلك الحين، ليصل إلى 36% عام 2019.
ومع ذلك، تؤكد تلك الاستطلاعات أن هذا التشكيك في الديمقراطية أكثر وضوحا بين الشباب، حيث كانت نسبة المتشككين 29% عام 2014 بين من هم دون سن 35 عاما لتقفز إلى41% عام 2019.
ويرى الباحث أن سبب إيمان الأجيال المتقدمة في العمر أكثر بالديمقراطية مقارنة مع أجيال الشباب أن ثمن الديمقراطية ما زال محفورا في ذاكرة العديد من كبار السن، فأغلبهم ناضل من أجلها بحماس من خلال التظاهرات أو التوقيع على عرائض من أجل توسيع نطاقها، كما أنها بنت إلى حد كبير علاقتهم بالسياسة.
ويوضح الباحث السياسي تينتيريه أنه حتى جيل "إكس"، الذين تتراوح أعمارهم بين 37 و51 عاماً اليوم، ما زالوا يحملون بعض بصمات صراعات وتحولات مهمة شهدها العالم، من ذلك آخر حدث أوروبي كبير مرتبط بمعركة الديمقراطيات ضد الأنظمة الشمولية، وهو سقوط جدار برلين عام 1989.
وفي المقابل فإن البناء السياسي للأجيال اللاحقة: جيل الألفية "واي" (25-37 سنة) وجيل "زد" (24 سنة وأصغر) لا يتضمن مثل تلك التراكمات، مما يجعل هذا الجيل يفتقر إلى الذاكرة السياسية للديمقراطية.
تراجع الثقة عالميا في الديمقراطية
في دراسة نشرتها جامعة كامبريدج، اعتبر أستاذ السياسات العامة بالجامعة، الدكتور روبرتو ستيفان فوا أنه "في جميع أنحاء العالم، نشهد فجوة متزايدة الاتساع بين الشباب والأجيال الأكبر سنا حول الديمقراطية، فإيمان الشباب اليوم بالنظام الديمقراطي أقل من أي فئة عمرية أخرى".
وحسب التقرير صادر عن مركز مستقبل الديمقراطية بالجامعة، جمع أكبر قاعدة بيانات عالمية حول الديمقراطية بمشاركة ما يقرب من 5 ملايين شخص في أكثر من 160 دولة، وعلى مدى عدة عقود، فإن الرضا عن الديمقراطية في جميع مناطق العالم تقريبا هو الأكثر انخفاضا بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما.
ووجد الباحثون في الجامعة أن الشباب أكثر تفاؤلا بشأن الديمقراطية في ظل القادة الشعبويين، ولعل هذا ما يفسر التنامي المفرط لليمين المتطرف في أوروبا خلال السنوات الأخيرة.
وحسب الدكتور روبرتو فوا، فإن جيل الألفية هو أول جيل في الذاكرة الحية لديه أغلبية غير راضية عن الديمقراطية، فنسبة 55% ممن هم في الثلاثينيات من العمر يقولون إنهم غير راضين عن الديمقراطية، في حين عبر أقل من نصف جيل إكس عن الموقف نفسها، بينما لا يزال غالبية جيل الستينيات والسبعينيات من العمر راضين عن الديمقراطية.
وفي الديمقراطيات الناشئة في أميركا اللاتينية وأفريقيا وجنوب أوروبا، وجد فريق كامبريدج أن هناك انخفاضا ملحوظا في الرضا عن الديمقراطية بعد 25 عاما من تحول تلك البلدان إلى المسار الديمقراطي.
وخلص روبرتو فوا إلى أن هذه الانتكاسة الديمقراطية مردها فشل الأنظمة الديمقراطية في توزيع عادل للثروات وتحقيق نتائج مهمة للشباب في العقود الأخيرة تتعلق بالوظائف وفرص الحياة بشكل عام.
سناريوهات بديلة
حسب مدير معهد إيبسوس الفرنسي للاستطلاعات، بريس تينتيريه، فقد عرضت على الفرنسيين في استطلاعات سابقة سيناريوهات بديلة للديمقراطية، وتفاوتت حولها نسب التأييد.
السيناريو التكنوقراطي، حيث لا يوجد منتخبون ولا سياسيون، وإنما يقوم الخبراء بتقديم حلول للشعب الفرنسي الذي سيوافق عليها بعد ذلك بالتصويت.
السيناريو التشاركي، ويعطي المواطنين دوراً أكبر في تطوير القوانين والسيطرة عليها، وبالتالي يصبح القادة السياسيون خاضعين لرقابة شديدة.
السيناريو الاستبدادي، حيث يتم انتخاب زعيم يأخذ الدور الأهم في القرارات مع وجود برلمان وهيئات وسيطة ذات صلاحيات محدودة.
وكانت نتيجة الاستطلاعات أن السيناريو التشاركي هو المفضل بنسبة 67%، مقارنة بـ 46% للسيناريو التكنوقراطي و33% للسيناريو الاستبدادي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
مراسل الجزيرة على متن السفينة حنظلة: لم يبقَ إلا القليل
"لم يبقَ إلا القليل" يردد النشطاء على متن سفينة حنظلة وهم يتتبعون خط سير السفينة حنظلة. "ما أقرب غزة" يقول أنطونيو الإيطالي، فيرد عليه سانتياغو من إسبانيا: بل ما أبعدها، فبيننا وبينها بحرية وسلاح وجنود. أما القبطان فيقول لنا في الاجتماع الصباحي: بقي 150 ميلا بحريا، وهذا يعني أننا قريبون جدا من المنطقة التي احتُجزت فيها السفينة مادلين. ومعنى ذلك كله أننا سنعرف مصير السفينة خلال أقل من 20 ساعة، هل يسمح لها بالوصول أم يكون مصيرها مثل مصير عشرات قبلها في قبضة الجيش الإسرائيلي. يفترض في من ينتظر مصيره أن يقلق. لكن لا ألمح أي قلق على متن السفينة. جايكوب بيرغر يواصل هوايته المفضلة، الحديث إلى مئات الآلاف من متابعيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يحكي لهم قصص السفينة، وحنظلة وفلسطين ويغني أحيانا لهم. فهو مغني راب وممثل ولديه هوايات أخرى في أوقات الفراغ. جايكوب يهودي أميركي من نيويورك يفضل تسميته بجاكوب الفلسطيني. لديه حب استثنائي لفلسطين، أسأله: كيف حدث التحول الكبير في حياتك يا جاكوب؟ يجيب: لم يحدث أي تحول، منذ البداية كنت مؤمنا بقيم العدالة، ويكفي ذلك كي تدافع عن فلسطين. أما سيرجيو أو سيرخيو، فقصة أخرى. هذا الرجل الإسباني من بلاد الباسك مهندس ميكانيكي مختص بالسفن، سافر على متن سفينة حنظلة قبل 40 يوما، وعندما رحل رفع دعوى ضد نتنياهو. وهو الآن هو عائد على متن حنظلة. أسأله: ألا تخشى أن يضطهدوك يا سيريجيو؟ يجيبني بضحكته المجلجلة التي تسعد كل من على متن السفينة: نعم قليلا، لكن لا أفكر في الأمر. هناك أيضا بوب، وبوب هذا له قصة تستحق أن تُروى. فهو يهودي أميركي ويحمل الجواز الإسرائيلي، مهدد بتهمة الخيانة، ورغم ذلك يواصل نشاطه من أجل فلسطين. على امتداد أيام السفينة السبعة يلبس القميص نفسه، وعليه كتب "ليس باسمي"، الرسالة واضحة لا تكاد تحتاج إلى تأويل رغم ذلك أطلب رأيه، وهذا جوابه: "اليوم تتم حرب الإبادة باسم اليهودية، وبدعم أميركي، وأنا يهودي وأميركي. أريد أن أقول لهم ليس باسمي". على ظهر السفينة انتظار وأمل. كل شيء سيتبين خلال الساعات المقبلة، هل تصل السفينة إلى وجهتها أم يُحال بينها وبين ما تبغي؟ لا ضير، تقول كلوي أو شمس كما تحب أن نناديها أحيانا. هي شابة في الثلاثين من عمرها، فرنسية أيرلندية. بدأت العمل في الأمانة العامة للأمم المتحدة قبل سنوات. قبيل أيام أرسلت رسالة لرئيستها "شكرا لكم على كل شيء، سأستقيل وألتحق بحنظلة". وكذلك كان. في استقالتها ما يشبه الصرخة في وجه نظام عاجز. تقول لي "في الأمم المتحدة لدينا التقارير والمعطيات والمعلومات الموثقة. لكنه نظام عاجز عن فعل شيء. ببساطة لا أرغب في البقاء في نظام مثل هذا بصمْته وعجزه الفاضح، أريد أن أفعل شيئا ملموسا لذلك شاركت في حنظلة". على متن السفينة 21 شخصا من 10 جنسيات مختلفة، كلهم يحملون جوازات أجنبية باستثنائي وحاتم من تونس الذي فعل كل شيء من أجل الالتحاق بهذه الرحلة. الجميع يدرك مصاعب الرحلة ومخاطرها. لكن ماذا يساوي ذلك أمام ما يواجهه أطفال غزة؟ تقول لنا جوستين الممرضة الفرنسية التي تحرص على تقديم الدواء، خاصة حبوب منع دوار البحر للمشاركين. على ظهر السفينة شخصية محورية، لا يكاد يُسمَع صوتها.. والجميع يتساءل: ماذا كنا سنفعل بدونها؟ الجدة فيديكس من النرويج، في الخامسة والسبعين من عمرها ركبت البحر. أتساءل كم تحتاج من العزم ومن الشجاعة كي تفعل هذا في سنها؟ فيدتكس والجميع يناديها بالجدة، تقضي معظم وقتها في المطبخ. وهو أسوأ مكان يمكن أن يقضي فيه المرء وقته على متن هذه السفينة. مكان ضيق وحار وعندما توجد فيه يتضاعف إحساسك بتمايل المركب بسبب موقعه، لكن الجدة فيديكس تقضي جُل وقتها هناك. لا تبدي فيديكس أي خوف أو توجس. خلال التدريبات التي يجريها الفريق تم تحديد أماكن وجود كل شخص في حال تعرض السفينة للهجوم، كان موقعي جانبها تماما. قالت لي: ابق بجانبي سأحميك، وأنا أصدقها. عند الحديث عن التدريب فهو يندرج ضمن ما يُسمى بالمقاومة السلمية، فهذه سفينة مدنية ومن عليها نشطاء وسياسيون وصحافيّون مسالمون. ولا أحد منهم يمثل تهديدا لأي أحد، كما تذكر بشكل مستمر هويدا عراف التي تخوض البحر للمرة الثامنة ضمن سفن أسطول الحرية. يقوم التدريب على سرعة الاستجابة بارتداء سترات النجاة تحسبا لاحتمال انقلابها في البحر، واتخاذ كل شخص موقعه. والأهم أنه يشجع على السكينة والهدوء في مواجهة لحظات التوتر استنادا للقيم التي من أجلها خرج هؤلاء النشطاء. لا يخلو الأمر من صعوبات، في اليوم السابع بدأت السفينة تعاني من شح المياه. أصبحنا نعتمد على البحر كليا في غير الشرب، منذ اليوم الأول قيل لنا تعاملوا مع الماء كأغلى ما عندكم. لحسن الحظ بقي ما يكفي من ماء الشرب لبضعة أيام آخر، وحينها سنكون قد وصلنا إلى غزة أو دخلنا السجن.


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
رئيسة وزراء إيطاليا: لا أؤيد الاعتراف بدولة فلسطين قبل إقامتها
قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني اليوم السبت إنها "تؤيد بشدة قيام دولة فلسطين لكنها لا تؤيد الاعتراف بها قبل إقامتها". وأضافت ميلوني في تصريح لصحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية أن الاعتراف بدولة فلسطين قبل قيامها قد يؤدي إلى نتائج عكسية. وتابعت ميلوني "إذا تم الاعتراف على الورق بشيء غير موجود، فقد تبدو المشكلة كأنها حُلّت وهي لم تُحل". وأثار قرار فرنسا الاعتراف بدولة فلسطينية عند انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول تنديدا من إسرائيل والولايات المتحدة، وسط استمرار حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة. وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني أمس الجمعة إن الاعتراف بدولة فلسطينية يجب أن يقترن باعتراف هذه الدولة الجديدة بإسرائيل. بدوره، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر -مساء الجمعة- إن "الحكومة لن تعترف بدولة فلسطينية إلا في إطار اتفاق سلام تفاوضي"، مخيّبًا آمال كثيرين في حزب العمال يريدون منه أن يحذو حذو فرنسا في تسريع هذه الخطوة. وذكر متحدث باسم الحكومة الألمانية أمس أن برلين لا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية على المدى القريب، وأن أولويتها الآن هي إحراز "تقدم تأخر كثيرا" نحو حل الدولتين. ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل بدعم أميركي حرب إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 203 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
الاتحاد الأفريقي يرحّب بقرار فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين
رحّب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نيته الاعتراف رسميا بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول المقبل. وقال يوسف إن "الإعلان الفرنسي يتماشى مع الموقف الثابت للاتحاد الأفريقي، الذي تم التأكيد عليه خلال الدورة العادية الثامنة والثلاثين لمؤتمر الاتحاد، التي عُقدت في الفترة من 15 إلى 16 فبراير/شباط 2025 في أديس أبابا، والتي جددت التزام أفريقيا الجماعي بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة". واعتبر رئيس المفوضية هذا التطور خطوة مهمة نحو حل عادل ودائم وشامل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يستند إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وجدد معالي يوسف تأكيد دعم الاتحاد الأفريقي الثابت ل حل الدولتين ، داعيا الدول الأخرى لأن تحذو حذو فرنسا في دعم التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني. وكان الرئيس الفرنسي أعلن في بيان، الخميس، أن بلاده قررت الاعتراف بدولة فلسطين رسميا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، "وفاء بالتزامها التاريخي بتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط". وأكد ماكرون أن "الحاجة الملحة اليوم هي إنهاء الحرب في غزة وإنقاذ المدنيين". وبعث الرئيس الفرنسي برسالة إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس شدد فيها على أن باريس باتخاذها خطوة الاعتراف تنوي "تقديم مساهمة حاسمة من أجل السلام في الشرق الأوسط"، و"ستحشد كل شركائها الدوليين الراغبين في المشاركة". من جانبه رحّب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بانضمام فرنسا إلى إسبانيا ودول أوروبية أخرى في الاعتراف بدولة فلسطين. ودعا سانشيز إلى العمل من أجل حماية ما يحاول نتنياهو تدميره، مؤكدا أن حل الدولتين هو الخيار الوحيد.