
"لقاءاتي مع عون وسلام بناءة"... براك: واشنطن لا تفرض مطالب على لبنان بل تقدّم مقترحات لدعم الأمن والازدهار
وأشار برّاك إلى أنّ الزيارة التي يقوم بها حالياً "ليست زيارتي الثالثة للبنان، بل هي الثالثة خلال الأسابيع الأخيرة، وبالنسبة لي يمثل ذلك عودتي إلى دياري، والنقاشات التي أجريها مع الجميع هي في إطار ما بحثناه في السابق، وتركز حول استطاعة الولايات المتحدة الأميركية في أوقات دقيقة في المنطقة، ووقت أكثر دقة في لبنان، التوصل إلى اتفاقية وقف الأعمال العدائية التي تسمح لنا بمضمونها ومعايير تنفيذها بالانتقال إلى الخطوة التالية التي يحتاج أن يحققها لبنان. ولقاءاتي مع رئيس الجمورية ورئيس مجلس الوزراء كانت بناءة ومدروسة ومفعمة بالأمل، ونحن نتقدم ونحرز تقدماً"، لافتاً إلى أنّه سيلتقي رئيس مجلس النواب نبيه برّي الثلثاء صباحاً.
وفي ما يأتي تفاصيل مقابلة براك مع "تلفزيون لبنان"، بالأسئلة والأجوبة:
- الصحافة أشارت إلى أن أميركا تطلب تفكيك الصواريخ البالستية والمسيرات لـ"حزب الله" وأنتم في إحدى مقابلاتكم قلتم إن نزع سلاح "حزب الله" يتطلب سياسة الجزرة والعصا، علماً أن الشيخ نعيم قاسم كان واضحاً بأن لا تسليم للسلاح حتى توقف إسرائيل عملياتها العسكرية، هل يمكن التأكيد أن هذه هي مطالب أميركا؟ وماذا تقصدون بسياسة الجزرة والعصا؟ وهل الولايات المتحدة مستعدة للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها من النقاط الخمس؟
هذه كانت 9 أسئلة... دعيني آخذ كل سؤال على حدة، أولاً دعيني أكن واضحاً، ليس لأميركا أي مطالب. نية أميركا إزاء لبنان هي كصديق، لإرشاده إلى المستوى التالي من الملاءمة التي يستحقها. إذاً، ليس لدينا أي مطالب. جئنا تلبية لطلب المساعدة، وهذه هي اقتراحاتنا.
اقتراحات فقط سعياً لإيجاد السبيل إلى تفاهم بين كل هذه المكوّنات التي فشلت في التوصل إليه.
وقد كانت هنالك اتفاقيات عديدة في السابق، بعضها شمل إسرائيل، وبعضها شمل أقليات أخرى، ومنها شمل "حزب الله"، وهناك اتفاقية لوقف الأعمال العدائية موضوعة قيد التنفيذ وتم التواصل معنا، وكأننا طبيب وأن هناك حاجة لعملية جراحية لمريض على الطاولة. وطُلب منا المساعدة.
ليست هناك أي مطالب ولم نعلن عن أي مطالب. ما فعلناه هو أننا جئنا وقلنا دعونا نساعدكم ونساعد الجميع.
من الواضح أنني لم أجرِ أي محادثات مع "حزب الله" شخصياً، وأن التصاريح التي يُدلي بها "حزب الله" هي تصاريح خاصة به. وليس لدينا أي مصلحة في هذا الموضوع ولكن الحل واضح، هنالك معضلة مع ميليشيا "حزب الله"، ولديكم إسرائيل التي كانت واضحة وصارمة للغاية حول توقعاتها بشأن علاقتها مع "حزب الله" والذي برأي إسرائيل ليس هناك أي فارق بين ميليشيا أو حزب سياسي لـ"حزب الله". ولبنان وباقي المنطقة.
قلنا لدينا اقتراح عن كيفية احتمال انضمام لبنان إلى ذلك لأن "حزب الله" يجب أن يكون مشاركاً بإرادته.
ويسرنا أن نفاوض بالنيابة عن لبنان وليس بالنيابة عن إسرائيل.. وعلى "حزب الله" كونه جزءاً من لبنان أن يصل إلى نتيجة خاصة به. وإذا حصل ذلك يمكنكم الاعتماد علينا لمساندتكم وأخذكم إلى المستوى التالي ومنحكم كل الموارد المتوفرة لدينا لكي يصبح ذلك ممكناً، ولكن هذا قراركم أنتم وقرار لبنان، "حزب الله" جزء من لبنان. وباستطاعة كل قادة "حزب الله" القول في وسائل الإعلام إنهم يتواصلون معي، ولكن هذا لا يعني أي شيء وليس لدي أي علاقة بهم. ولم أجرِ معهم أي حوار، ليباركهم الله ويمكنهم إجراء هذه الأحاديث مع نظرائهم في الحكومة اللبنانية.
إن هذه الاستراتيجية منطقية في أي عملية تفاوض ونحن ننظر إلى المسألة بأن هناك غياب الثقة من جهة الحكومة اللبنانية، وغياب الثقة من قبل "حزب الله" وأيضاً غياب الثقة من قبل إسرائيل.
إذا كانت هذه الاتفاقية موضوعة قيد التنفيذ فلماذا لم تنجح؟ هذا سؤالي الأول للجميع،
لو أتيت كطبيب لأقوم بتشخيص المرض، فما الذي قد حصل؟ ما حصل هو أن أياً من الأفرقاء لم يثق بالآخر. كانت هنالك مجموعة من المطالب والشروط موضوعة من إسرائيل ومجموعة أخرى من الحكومة، وكانت هناك توقعات لما سيحصل ولم تحصل أي من هذه المسائل. نتيجةً لذلك ما زالت النزاعات مستمرة في الجنوب وهذا جزء من المشكلة، وهذه المشكلة تفاقم كل الأمور العظيمة التي هنالك محاولة لإنجازها في موضوع الإصلاحات من قبل الحكومة. يجب أن يكون لبنان قلب المنطقة الاقتصادي والسياحي، ونقطة على السطر.
اللبناني هو الأذكى والألمع والأكثر علماً، والثقافة الموجهة للخدمات دائماً. وعلى مدار خمسين عاماً حصة لبنان لم تتجاوز سوى 5 سنتات من كل دولار تحققه المنطقة.
ليس لأن الشعب اللبناني غير قادر أو لأنه ليس الألمع، وليس لأن المكان ليس الأكثر جاذبية، بل لأن الأمن غير متوفر وليس هناك بيئة آمنة للسياحة والاقتصاد والصناعة والاستثمار. لديكم الشعب الأكثر علماً، وهو بحاجة للأمن، والأمن كان هدف هذه الاتفاقية التي لم تنجح.
ما نقوم به هو أننا نحاول القول إن هذه الاتفاقية لم تنجح، ودعوني كميكانيكي نساعدكم لتصحيح المسائل التي نقترحها ومن ثم سنستخدم نفوذنا على كل الأفرقاء. أي الكيانات الحكومية وإسرائيل. وعلى إسرائيل أن تأخذ قرارها حول مصيرها في ما يتعلق بلبنان.
كما تعلمون في الولايات المتحدة الأميركية يُنظر إلى "حزب الله" كمنظمة إرهابية أجنبية، ولكن ليست هذه هي الحال داخل لبنان، وهذا يجب أن يكون موضع بحث لبنان معهم، ونفوذنا من الخارج هو في مرحلة ما أن نقنع الإسرائيليين بأن لدينا خطة أو بساطاً مزخرفاً ذا مغزى للجميع للوصول إلى السلام وفي نهاية المطاف إلى الازدهار، لأن ما يحتاج إليه الشعب اللبناني هو السلام والازدهار وقد حان الوقت لذلك.
- هل أنتم راضون عن الإصلاحات التي أنجزتها حكومة الرئيس نواف سلام؟
نعم ما يعتزمون القيام به هو هائل، والقرارات إن كانت في ما يتعلق بالمسائل المصرفية أو في ما يتعلق بالفجوة المالية جميعها تصل إلى نتيجة، وهنالك حاكم مصرف لبنان حائز الاحترام من كل الجوانب،
ومشروع ستارلينك المحتمل. وعندما نقول إننا نريد إعادة الأشخاص إلى لبنان فأنتم بحاجة إلى نظام مصرفي وأنتم بحاجة إلى مصرف مركزي، ويجب أن تكون هناك مصارف مراسلة، وهي بحاجة إلى الكهرباء والماء والإنترنت والطاقة. إذاً كيف يُمكن تأمين هذه الاحتياجات الأساسية للأشخاص الذين بدورهم سيتمكنون من تأمين هذه المسائل، وأعتقد أن الحكومة وكل الهيئات التشريعية تقوم بعمل جيد للغاية لمعالجة هذه المسائل بطريقة منهجية، وما يحتاجون إليه لتوفير كل ذلك هو الأمن، لأنه لن تأتي أي مؤسسة خارجية أو أي مستثمر أجنبي إلى هنا قبل أن نتمكن من تأمين ذلك لهم.
- هل ستستمر الولايات المتحدة في موقفها الحازم بدعم لبنان، خصوصاً دعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة اللبنانية، وما هي الشروط لذلك؟
ليس هناك أي شروط، وتُولي احتراماً كبيراً لمؤسسة الجيش اللبناني، وقد جمعنا بين التدريب والإشراف والمال للمساعدة في دعم القوات المسلحة اللبنانية، وقد قلت في وقت سابق إن إحدى المسائل التي علينا جميعاً القيام بها هي هندسة منهجية لتقديم المزيد من الدعم للقوات المسلحة اللبنانية لكي تكون لديهم الموارد لتقديم الدعم العسكري من الطراز الأول لعناصره، وأن تُدفع لهم الرواتب ليكون لديه العدد الضروري من العناصر، رجالاً ونساءً، وأن يكونوا بشكل مناسب ومدربين تدريباً صحيحاً كقوات لحفظ السلام، وليس كقوات عسكرية هجومية، وضمن ذلك يُمكن أن يبدأ الجميع بالشعور بالارتياح. الشيعة، "حزب الله" يُمكن أن يقول لدينا قوة كافية لحمايتنا من القوات التي نشعر بالقلق إزاءها، وأنا لست بحاجة إلى قوة عسكرية خاصة بي. لدينا التزام ونية لمساعدة الجيش اللبناني، وقوات اليونيفيل موجودة هنا منذ وقت طويل وتؤمن الدعم.
- التجديد لولاية جديدة لليونيفيل في آب... ماذا سيكون الموقف الأميركي من هذه المسألة؟
هو ما زال قيد التنفيذ من أوجه عديدة، ونحاول العبور لما هو التوصية الصحيحة لما يجب القيام به بشأن قوات اليونيفيل. أولاً نحن ممتنون لمشاركتهم ونُكنّ لهم احتراماً كبيراً وللأمم المتحدة لهذا العمل الصعب الموكل إليهم. ووصلنا إلى نقطة نحتاج فيها التركيز الدقيق على ما هي المسائل وكيف نوفر الثقة للفريقين. إذاً، هذا القرار ما زال قيد البحث ولم يُتخذ بعد القرار بشأنه. وقبل نهاية شهر آب نقرر ما ستكون توصيتنا التي بالتأكيد ستُحوّل إلى هيئة أكبر. إذاً وقبل أيلول سيتضح موقفنا أو إلى أين وصلنا في ما يتعلق باليونيفيل.
- هل بحثتم مع المسؤولين اللبنانيين مسألة ترسيم الحدود البرية بين لبنان وسوريا؟
نعم، إنه بحث مستمر منذ 40 عاماً ولن نحله في أسبوع، شعوري تجاه ذلك بسيط، علينا جميعنا أن نُمضي قُدماً لمناقشات عن كيفية توفير الأمل بالمستقبل لأولادكم وأحفادي وإلى الأجيال القادمة، وهي لا تتمحور حول خطوط رسمها رجال ونساء في الماضي لأهداف مختلفة وقد أصبحت دون معنى اليوم، وحتى نتوقف عن التركيز على هذه المسائل والتي أصبحت تافهة، إن كان الخط الأحمر أو الأزرق أو الأخضر.
لبنان يستحق العودة إلى الإرث الذي كان لديه، إرث اللؤلؤة على رأس هذا العقد في منطقة كانت دائماً تعتبره في القيادة وبيئة رحبت دائماً بالمسيحيين والسنة والشيعة والدروز واليهود.
في مكان، وفي منطقة، في السنتين أو الثلاث المقبلة ومع القليل من الحظ يمكن أن تبدأوا برؤية قوة إقليمية مع لبنان في وسط وقلب هذه العلاقة الدورية الجديدة، وهذا أملي وسبب وجودنا هنا. وأعتقد أن الهيئات الحكومية تقوم بعمل عظيم في معالجة هذه المسائل، والجميع فقد صبره وهذه هي اللحظة لنضع وراءنا مشاعر الندم من الماضي، الانتقام القبلي، الأعمال العدائية التي كانت لدينا ونقول دعونا نأخذ أفضل ما لدى لبنان وهو شعبه ونُعيد التعريف بالأشخاص الموجودين في الجهة المقابلة للحدود وننسى ما هي
الخطوط، فهي غير مهمة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

LBCI
منذ ساعة واحدة
- LBCI
توم براك: مسؤولون سوريون وإسرائيليون ناقشوا تهدئة الوضع في سوريا خلال محادثات في باريس
أعلن المبعوث الأميركي توم براك أن مسؤولين سوريين وإسرائيليين ناقشوا تهدئة الوضع في سوريا خلال محادثات جرت بوساطة أميركية في باريس الخميس. وقال براك على منصة إكس: "هدفنا هو الحوار وخفض التصعيد وحققنا ذلك بالضبط". وأضاف: "كل الأطراف أكدت التزامها بمواصلة هذه الجهود".


ليبانون ديبايت
منذ ساعة واحدة
- ليبانون ديبايت
واشنطن تربط الدعم بـ"حصرية السلاح" والإصلاحات
على الرغم من "المنهجية الشفافة" التي كان أقرّها مجلس الوزراء من خلال إصلاحات أساسية في بعض المؤسسات العامة، والتي استند إليها البنك الدولي في موافقته على قروض للبنان بمبالغ تصل بمجموعها إلى نحو مليار دولار، مخصّصة لتمويل مشاريع متعلقة بالطاقة المتجدّدة والتعافي الإقتصادي وإعادة الإعمار والمياه ومشاريع تنموية حيوية، تكشف مصادر نيابية مطلعة ل"ليبانون ديبايت"، عن أن صرف الأموال المخصّصة للقروض التي سبق وأن أقرّها المجلس النيابي ما زال معلّقاً، وذلك بانتظار إنجاز الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي، وبشكل خاص في السياق المالي والمتعلقة بقانوني إعادة إصلاح المصارف والفجوة المالية الذي سيحدد ما بات يسمى بالخسائر المالية. إلاّ أن ترجمة هذه الشروط، التي تؤكد المصادر النيابية المطلعة، أنها تبدو حتى الساعة على طريق الإنجاز في اللجان النيابية، لا تبدو سريعةً، خصوصاً في ظل الإتجاهات الواضحة لدى الإدارة الأميركية إلى ربط الدعم المالي أو مؤتمرات إعادة الإعمار بعملية بسط سيادة الدولة اللبنانية على كل الأراضي اللبنانية وتسليم سلاح "حزب الله". ومن ضمن هذا السياق، تتحدث مصادر نيابية مطلعة عن أن السبب الأساسي لهذه الشروط، يتصل بالتعهدات التي كانت التزمت بها الحكومة لجهة الإصلاحات، بدءاً من السرية المصرفية ورفعها بالكامل، وصولاً إلى إصلاح المصارف لكي يستعيد هذا القطاع دوره، وبالتالي الحدّ من اقتصاد "الكاش". بالتوازي، تتحدث المصادر النيابية عن مجموعة ملاحظات قد تمّ تسجيلها بشأن القروض التي تمّ إقرارها، والمخصصة للزراعة ودعم المزارعين بقيمة 200 مليون دولار، وبقيمة 250 مليون دولار لمجال الطاقة والكهرباء، وفي مقدمها الأعباء التي قد تنجم عن العقود الطويلة الأمد إضافةً إلى عدم تحديد جداول وأرقام واضحة بالنسبة للتوظيفات وغياب الخطة الكفيلة بتأمين الإستمرارية وذلك على مستوى مشاريع الطاقة. فيما بالنسبة للقرض الزراعي، فتشير المصادر النيابية إلى تسجيل اعتراضات من قبل فئة كبيرة من المزارعين والمؤسسات الصغيرة في المجال الغذائي، وبالتالي، المطالبة بالتنفيذ الشفاف للقرض وبضمان وصول الدعم إلى مستحقيه في المناطق الريفية.


صوت لبنان
منذ ساعة واحدة
- صوت لبنان
توم برّاك في زيارته الثالثة...وقائع من «الاجتماع الوحيد» وضجيج لقـاءات العلاقات العامّة
ابراهيم الأمين-الاخبار كثر الحديث عن شخصية توم برّاك: من أين أتى وماذا يفعل مع دونالد ترامب، وكيف يتصرّف في الملفات التي بين يديه؟ تاريخ الرجل في عالم المال والأعمال أساسي في شخصيته. صلته بلبنان تتجاوز، في مكان ما، فكرة جذور العائلة. وهو حاول في ذروة أعماله دخول السوق العقارية في لبنان، وتحديداً في ملف سوليدير، لكنه خرج بنصيحة من أحدهم، بأن المصارف التي تعده بتمويل العملية تعرف أن الملف ليس فيه أي ربح حقيقي. وهو لم يكن يومها على استعداد لخوض مغامرات جديدة، سيما أن في لبنان من ساعده أيضاً على الخروج سالماً من استثمار كبير في جزيرة سردينيا. وقد اضطر في السنوات الأخيرة إلى تخفيف نشاطه المباشر في السوق، بعدما أمضى وقتاً طويلاً مديراً لواحدة من أكبر شركات الاستثمار العقاري الخاصة في العالم («كولوني كابيتال إل إل سي»)، وهي شركة أميركية أدخلتها أعمالها إلى نحو عشرين دولة في العالم. وربما أسعفته خبرته القانونية في إدارة استراتيجية الخروج، فقد سبق أن عمل محامياً لشركات كبرى كانت منخرطة في أعمال في العالم وفي العالم العربي. عندما يتحدّث برّاك عن لبنان، فإنه لا يملك ذاكرة خاصة فيه. يتحدّر من عائلة زحلاوية هاجرت بداية القرن العشرين إلى الولايات المتحدة ضمن هجرة كثيفة لمسيحيين هرباً من الحكم العثماني. أُلزم الموفد بأصدقاء السفارة من سياسيين ورجال دين إضافة إلى الرسميين، لكنّ تركيزه كان في عين التينة فقط وهو من أبناء الجيل الثاني في العائلة التي عملت في نطاق تجاري ووظيفي بسيط. تخرّج من الجامعة أواخر ستينيات القرن الماضي، وبدأ نشاطه عام 1972، في أول مهمة له إلى السعودية، قبل أن يتعزّز نشاطه السياسي إلى جانب عمله في المحاماة ولاحقاً في التجارة. وكان دوره الأول عام 1982، عندما اختاره الرئيس رونالد ريغان لمنصب نائب وكيل وزارة الداخلية. وكان برّاك تعرّف إلى ريغان بحكم جيرتهما في السكن، ثم صار مع الوقت قريباً جداً من كبار رجال الأعمال الناشطين في الحزب الجمهوري، ومن بينهم دونالد ترامب الذي تعرّف إليه أواخر ثمانينيات القرن الماضي، عندما لعب برّاك دور الوسيط في صفقة عقارية تخصّ ترامب. وسرعان ما صارا صديقيْن. عندما ترشّح ترامب للانتخابات الرئاسية، طلب من برّاك مساعدته في حملته الأولى عام 2016، واختاره بعد فوزه رئيساً للجنة التنصيب الرئاسية. ورغم أن برّاك تعرّض يومها لحملة ملاحقة قضائية، بسبب تعاونه مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وصلت إلى حدّ اتهامه بـ«الخيانة»، خصوصاً أن الوثائق التي سُرّبت لاحقاً، كشفت عن علاقة خاصة كانت تربطه بالسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، المعروف عنه إنفاقه ملايين الدولارات على حملة العلاقات العامة في أميركا. وقد تواصل العتيبة مع برّاك يومها للتعرّف أكثر إلى ترامب بعدما علمت أبو ظبي أنه «من كبار الأغنياء وأقرب الأصدقاء الشخصيين لترامب». علاقة برّاك بترامب أكثر من وثيقة. وينقل أشخاص على صلة بالرجلين أن برّاك من القلائل جداً الذين يمكن أن يقولوا لترامب إنك مخطئ في هذا الأمر أو ذاك. وربما يعود السبب إلى لجوء ترامب إلى برّاك منتصف تسعينيات القرن الماضي لإنقاذه من ورطة مالية نتيجة تعثّر مشاريعه العقارية. كما ساهم برّاك في مشاريع تعود لصهر ترامب، اليهودي الطامح جاريد كوشنير. برّاك يحاول أن يشرح للبنانيين أن تكليفه بملف لبنان ليس لنقص في المبعوثين بل لأن الملف مرتبط بمصير الشام هذا التقديم هدفه محاولة الإضاءة على جانبين في شخصية برّاك. الأول، حول طبيعة العلاقة التي تربطه بالرئيس الأميركي، وهي علاقة قوية جداً إلى حدّ أن ترامب كلّفه بمهمة خاصة في تركيا، كون الاثنين متوافقيْن على أن لتركيا دوراً كبيراً يمكن أن تلعبه، في ظل نظرتهما المشتركة بقلة تقدير إلى غالبية الدول الأوروبية، ورؤيتهما المشتركة بأن أنقرة أقوى من عواصم أوروبية كثيرة، وقادرة على المساعدة في بناء مرجعية أقوى من مرجعية طهران لعدد من دول التوتر في المنطقة، من العراق إلى سوريا والأردن ولبنان وحتى فلسطين. وعندما ناقش برّاك العلاقات الثنائية مع تركيا، كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يلحّ عليه بضرورة مغادرة مربّع الحظر والمقاطعة لسوريا. وقد لعبت أنقرة دوراً مركزياً في إقناع برّاك، ومن خلاله ترامب، بأهمية أن تعترف أميركا بالقيادة السورية الجديدة في دمشق. ولم يكن الأمر يخص السعودية وحدها، وبرّاك، هو أكثر من يعرف حجم التنافس بين تركيا والسعودية في سوريا. لكنه ذكي إلى درجة يعرف فيها أن للسعودية دورها الكبير في تمويل تعويم حكومة أحمد الشرع، بينما تتولى تركيا تثبيت حكمه السياسي والأمني. أمّا فكرة تولي برّاك ملف لبنان فليست متصلة فقط بما حصل مع مورغان أورتاغوس، وللأخيرة قصتها المشوقة أيضاً، التي ستُروى في مكان ما. لكنّ برّاك، جاء إلى بيروت لأن ملف لبنان، صار مع الوقت جزءاً من الملف المتصل بسوريا وإسرائيل. وعندما يتهيّب سياسيون لبنانيون الحديث عن علاقة لبنان بالملف السوري، تراهم يصمتون في حضرة الأميركي. لا بل إن برّاك نفسه، الذي التقى في هذه الزيارة أكبر عدد من السياسيين والإعلاميين والأمنيين ورجال الدين، كان يجد نفسه مضطراً إلى الإجابة عن أسئلة تخص الوضع في سوريا أكثر من الأسئلة المتعلقة بلبنان. كما كان كثير المبادرة إلى الحديث عمّا يجري في «بلاد الشام»، وهي عبارة يحب برّاك تكرارها، ولو أن البعض عزاها إلى أن ذاكرة الرجل عن موطنه الأصلي تتصل بكون مسقط رأس أجداده، كان في قرية كبيرة تابعة لبلاد الشام. وبرّاك الذي يُظهِر إعجاباً حقيقياً برجل مثل أحمد الشرع، لا يهتم لملاحظات الآخرين على منشأ حاكم دمشق الحالي، ولا على أداء جماعته. في ملف لبنان، يبدو أن حصيلة الزيارات الثلاث صارت كافية ليتم التعرف إلى موقف الرجل من اللاعبين المحليين. في الشقّ الرسمي، لم يُظهِر الرجل خشية في الإعلان بأنه يجد في نبيه بري العنوان الوحيد للبحث الذي يمكن الخروج منه بنتيجة. والأمر لا يتعلق فقط بكون بري هو الناطق باسم البيئة الحاضنة لحزب الله، بل لأن برّاك يعرف قبل وصوله إلى لبنان، أن بري قد يكون آخر السياسيين المحنّكين في لبنان. وبرّاك، المحامي ورجل الصفقات، يجد في بري شريكاً ممكناً في صفقة كبرى. لكنّ للمسؤول الأميركي رأيه الخاص في بقية المسؤولين في الدولة. وربما بات لديه رأيه بالعاملين مع الرؤساء وليس بالرؤساء فقط. أمّا بقية اللقاءات التي عقدها على هامش زيارته، فهي تندرج – كلّها – ضمن برنامج العلاقات العامة الخاصة بالسفارة الأميركية في بيروت. كان الرجل يلبّي طلبات وزارة الخارجية ممثّلة بالسفارة في بيروت، لكون عوكر تبذل الجهد الكبير في جعل رجالاتها اللبنانيين على قدر الآمال. وإن كان برّاك بدا ضيّق الصدر في بعض هذه اللقاءات، وكان يستعجل الانتهاء منها. وحتى في لقاءاته الإعلامية، كاد صبره ينفد ويرتفع صوته عندما وقع خطأ الترجمة في مقابلته مع قناة «الجديد»، إذ إن من كان يتولى نقل الترجمة بينه وبين الزميل جورج صليبي، كان يوقع الرجل في مواقف لا تعبّر عما قاله، فاضطر إلى رفع الصوت أكثر من مرة. وتقرّر على إثر ذلك إعادة «منتجة» المقابلة، ما أخّر بثها لأكثر من ساعة عن التوقيت المُقرّر. عدا أن برّاك، غادر مقر القناة، وهو لا يعرف أن معركة كادت تقع قبل وصوله، لأن في القناة من كان يعتقد أنه (أو أنها) الأكفأ لإجراء المقابلة. لكنّ المهم أن برّاك كان يعبّر عن ضيقه من تكرار الأسئلة بحثاً عن أجوبة ليست موجودة لديه أصلاً. كاد يصرخ ويغادر استديو «الجديد» قبل تصحيح ترجمة ما قاله مرتين ففهم صليبي وأخّر البثّ لإزالة مقاطع في نقاشه الموسّع مع بري، وصل برّاك إلى الاجتماع، وفي جعبته بعض الملاحظات المُسبقة، سواء تلك المُجمَّعة من فريق السفارة في بيروت، أو تلك التي جمعها شخصياً، بما في ذلك جولته غير المُعلنة على قرى حدودية في الزيارة السابقة. لكنّ بري الذي أتيح له الاطّلاع على تفصيل ما دار بين برّاك والرئيسين عون وسلام قبل يوم، سارع إلى إعداد سيناريو للحديث، بما لا يتيح للرجل إدارة الحوار وفق قواعده. وكان بري شديد المباشرة والوضوح، وقدّم له عرضاً بالوقائع لما قامت به إسرائيل ضد لبنان وضد حزب الله منذ الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، قائلاً: «تعرف، أن إسرائيل قُتل لها جندي في هذه الفترة نتيجة انفجار في إحدى القرى الحدودية، لكنها قتلت أكثر من مئتي لبناني بينهم مقاتلون في حزب الله. وهي قصفت في كل لبنان، من جنوب نهر الليطاني إلى بقية الجنوب، مروراً بالضاحية الجنوبية وطريق عام صيدا – بيروت، وصولاً إلى البقاع والشمال أيضاً. وهي تفعل ذلك من دون أن يردّ عليها حزب الله برصاصة واحدة، فيا مستر توم، هل تعتقد أن ما تقوم به إسرائيل، يسمح لأحد القول إنها تريد حقاً وقف إطلاق النار، وعندما ترفض الانسحاب من النقاط المحتلة، وتواصل اعتقال لبنانيين، كما تواصل خروقاتها البرية والجوية والبحرية، وتمنع أبناء القرى الحدودية من الوصول إلى حقولهم، أو إلى ما تبقّى من منازلهم… هل إسرائيل هذه يمكن الوثوق بها، وماذا أنتم فاعلون معها حتى نقول إن الاستقرار حاصل؟». وقبل أن يستمع بري إلى جواب ضيفه، أكمل: «أنت الخبير في ملف سوريا، وما يحصل هناك، سواء ما سبق أن حصل في قرى الساحل السوري، أو ما يحصل حالياً في السويداء، حيث المجازر التي تُرتكب على أيدي مجموعات منظّمة أو مفكّكة، ألَا ترى في ذلك ما يعزّز المخاوف في لبنان، خصوصاً أنه لا يوجد أيضاً من يضمن عدم توجّه هؤلاء المسلحين إلى لبنان؟». بينما كان فريق برّاك يدوّن الأرقام والتواريخ والملاحظات، كان بري يستعدّ لجملته المفتاحية: من يمكن له أن يتحدّث عن نزع السلاح في ظل هذه الأوضاع؟ لم يكن برّاك ليتوقّع أن يسمع من بري كلاماً فيه أنه هو أو حزب الله وافقا على برنامج سحب السلاح طواعية خلال فترة أشهر، ثلاثة أو ستة أو تسعة. لكنّ برّاك، كان يريد أن يلتقط ما يمكن وصفه لاحقاً بالثمن الذي يريده «شيعة لبنان مقابل السلاح»!.