
كذبة أدبية كبيرة اسمها: "ورشة كتابة الرواية!"
الكتابة الإبداعية رواية أو شعراً تقيم خارج مربع التعليم والتعلم، بل أجزم بأنها ضد مسطرة التعليم والتعلم أصلاً.
فجأة، انتشرت ظاهرة ثقافية غريبة في فضاءاتنا الإبداعية، ظاهرة تأسيس "أوراش كتابة الرواية!".
البيداغوجيا عدوة الإبداع!
ترفع "ورشة كتابة الرواية" شعاراً صارخاً، كيف تصبح روائياً عالمياً؟ على وزن كيف تصبح حلاقاً مشهوراً أو مصارع ثيران لا يهزم؟
فكما حوّل بعض المعلمين مرائبهم (كاراجاتهم) إلى قاعات للتدريس الاستدراكي مع اقتراب موعد الامتحانات، حيث يكدس التلاميذ مع وعدهم بالنجاح المحقق والباهر في الباكالوريا، عمد بعض "الكتاب" و"النقاد" و"الجامعيين" وحتى "الصحافيين" إلى تأسيس "أوراش للكتابة الروائية" ليسكنوها في بعض مكتبات الحي أو المراكز الثقافية، ونادوا عالياً عبر وسائط التواصل الاجتماعي على الكتاب الصاعدين أن تعالوا نعلمكم "أسرار الكتابة الروائية"، ونمنحكم مفاتيح كتابة الرواية المدهشة حتى تحصلوا وتحصدوا الجوائز الكبرى المحلية والعالمية.
هذه الكذبة الأدبية الغريبة التي يصدقها كثر، لا يقتصر انتشارها على العالم العربي وشمال أفريقيا فقط، بل إن أصلها ومنبتها كان في الولايات المتحدة الأميركية (هكذا يقال!)، ثم شاعت في بلدان أوروبا، لتحط رحالها في ربوعنا أخيراً.
وتكون الكذبة قوية وملونة كلما كان منبتها العالم المتطور المصنع والمعلب!
ماذا تقدم يا ترى كذبة "ورشة كتابة الرواية" لكاتب شاب يحلم أن يكون، ذات يوم، كاتباً على شاكلة غارسيا ماركيز أو إرنست همنغواي أو نجيب محفوظ أو فيكتور هوغو ...
هل يمكننا أن نتصور كاتباً يكتب بحسب ما تمليه وصفة "دواء أدبية"؟
يقرأ الكاتب الصاعد "وصفة طبيبه الأدبي" بصورة جيدة يحفظها عن ظهر قلب ثم يطبقها بحذافيرها، كما يحترم المريض مضمون وصفة طبيبه لعلته، فيتخيل نفسه وقد أصبح بقدرة قادر دوستويفسكي أو مكسيم غوركي أو عبدالرحمن منيف وآسيا جبار.
مضغ الوهم! اجترار لقمة السراب!
وبحماسة يبدأ الكاتب الصاعد خريج كذبة "ورشة كتابة الرواية" بتركيب ما أملاه عليه "فقيه الرواية"، طريقة خلق الشخوص والرجال بلحاهم والنساء بزينتهن والأطفال بلعبهم والسماء بزرقتها والعصافير تزقزق والقط يموء والجارة تراقب الجار الذي سيصبح البطل الرئيس ويسافر ويتزوج وينجب، وتمطر السماء ويجري النهر ويجرف في طريقه الأشجار والماشية وتطلع الشمس...
هي الرواية يا إلهي!
ويكبر الوهم!
كلما سمعت أو قرأت عن ورشة لكتابة الرواية، عن مزاياها وتشبث بعض الشباب من الكتاب بأوهامها، أتساءل في أية ورشة لكتابة الرواية تعلم سرفانتس وزولا وهمنغواي والطيب صالح أسرار فن كتابة الرواية؟ على يد أي "فقيه" أو "فقيهة" تدرب هؤلاء حتى اشتد عودهم الأدبي وأصبحوا بكل هذه الجودة وهذا الإدهاش الفني؟
الكتابة الإبداعية الخلاقة هي السير ضد الطريق المستقيم، على الكاتب أن يمشي كالقط في طريق حلزوني، ويظل على هذا الطريق إلى أن ينتهي الطريق أو لا ينتهي، لا يهم.
والكتابة الإبداعية هي تحطيم "الأصنام".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحين يجلس الكاتب الصاعد أمام "فقيه" يعلمه كتابة الرواية، فهو، قبل كل شيء، يعلمه عبادة أصنام الرواية الذين جاؤوا من رحم غير رحم "المدرسة"، وحين يريده معلمه أن يصبح مثلهم، أو أن يكتب على نهجهم فهو بذلك يصنع منه نسخة مزورة لعملة نادرة.
الكتابة الخلاقة سفر ضد المكرس، هي قتل الأب.
الكتابة تنبع من رحم التجارب الخاصة في الحياة، هي حفر في علاقة الكاتب مع نفسه ومع الآخرين، فلكل كتابة أصيلة بصماتها ولها زمرتها الدموية ولها جيناتها، ولا تشبهها في ذلك سوى تجربة حرارة الحياة الخاصة، لكل إنسان مصير ومسار خاصان به، وعلى الكتابة كي تكون متفردة أن تقتفي هذه الحياة المميزة.
الكتابة هي القراءة، ونقطة إلى السطر.
ورشة الكتابة الوحيدة والمثلى التي على الكاتب الصاعد أن يدخلها ويظل مقيماً فيها متعلماً، لا يغادرها حتى لو أصبح من صف تولستوي وكامو وكاتب ياسين ومحمد ديب هي "ورشة القراءة".
لا معلم في الأدب إلا معلم القراءة.
والمدرسة التي لا تغلق أبوابها والتي يظل فيها الكاتب تلميذاً هي مدرسة "القراءة"، ونصاب بالتخمة في كل شيء باستثناء القراءة، فكلما قرأنا شيئاً جميلاً نصاب بمرض ارتفاع منسوب "الشهية"، فترتفع رغبتنا في التهام الكتب أكثر فأكثر.
الكاتب الجيد قارئ أَجْوَد!
المدرسة الحقيقية للكاتب هي "المكتبة"، وقد تحدث بورخيس عنها ولم يجد لها شبيهاً سوى "الجنة"، وكتب عنها نصوصاً إبداعية مدهشة كقصة "مكتبة بابل" ورفعها إلى درجة المكان المقدس.
ويذكرنا التاريخ الإنساني بأنه كلما كانت هناك مكتبات مرجعية في مدينة أو بلد إلا وأنتجت لنا مواهب في الإبداع والفكر والفلسفة، فهي المكان الذي يجتمع فيه وحوله النخب، من جامعة "مداوروش" بالجزائر ومكتبتها التي أعطتنا الكاتب أبوليوس صاحب أول رواية في تاريخ السرد البشري وهي "الحمار الذهبي، إلى مكتبة "الإسكندرية" وإلى مكتبات تمبكتو العريقة.
ومن خلال القراءة المتعددة تتشكل الذائقة الجمالية، لغة وأسلوباً وفلسفة، وبصورة لا واعية يقوم القارئ/الكاتب بتصفية ما يقرأ ثم يشرع في إجراء عملية تقاطع الأساليب والرؤى، ومنها تبدأ ولادة كاتب جديد.
أعود لكذبة "ورشة الكتابة" فأقول إن ورشة الكتابة الروائية هي شبيهة بخم الدجاج، فالورشة سعيها الحثيث هو تفريخ أكبر عدد من الكتاكيت الأدبية الروائية المتشابهة، ككتاكيت الحاضنة الكهربائية، متشابهين في اللون والحجم والحركة والمصير أيضاً.
أيها الكتاب الصاعدون الحالمون لا تصدقوا كذبة "ورشة الكتابة الروائية"!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 4 ساعات
- Independent عربية
"جراح النساء" يودع الشاشة... جوليان مكماهون يرحل بعد صراع مع السرطان
توفي عن عمر 56 سنة في ولاية فلوريدا الأميركية الممثل الأسترالي جوليان مكماهون الذي عُرِف بدوريه في مسلسلي "تشارمد" Charmed و"نيب /تاك" Nip/Tuck، بعد صراع مع مرض السرطان. وجاء في بيان لزوجته كيلي مكماهون نشره الجمعة موقع "ديدلاين" المتخصص "أود إعلام الجمهور بأن زوجي الحبيب، جوليان مكماهون، توفي بسلام هذا الأسبوع بعد صراع شجاع مع السرطان". وكان جوليان مكماهون المولود عام 1968 في مدينة سيدني الأسترالية بدأ مسيرته المهنية عارض أزياء قبل أن يتحول إلى التمثيل التلفزيوني، بداية في بلده الأصلي ثم في الولايات المتحدة. وبرز الممثل ذو العينين الخضراوين والابتسامة الساحرة للمرة الأولى في أواخر تسعينيات القرن الـ20 عندما أدى دور الشيطان كول تيرنر في مسلسل "تشارمد" الخيالي، إلى جانب الممثلات شانين دوهرتي التي توفيت بالسرطان عن 53 سنة في يوليو (تموز) 2024، وأليسا ميلانو وهولي ماري كومبس. وأعربت أليسا ميلانو عبر حسابها على "إنستغرام" عن حزنها الشديد، معتبرة أن "فقدانه أشبه بأمر غير حقيقي وهو مُبكر جداً، وظالم جداً. ارقد بسلام يا صديقي. سآخذ ضحكتك معي". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كذلك برز جوليان مكماهون على الشاشة الصغيرة بدور جراح تجميل مغوٍ للنساء وعديم الضمير في مسلسل "نيب/تاك"، الذي رُشح عنه لجائزة "غولدن غلوب" عام 2005. ويتناول "نيب/تاك" الذي ابتكره راين مورفي وعُرض من عام 2003 إلى 2010 رواج جراحة التجميل وتجاوزاتها في الولايات المتحدة، متضمناً مشاهد شديدة الواقعية من عمليات التجميل. ونَعَته شركة "وارنز براذرز تيليفيجن" في منشور عبر الصفحة الرسمية لـ"نيب/تاك" على "فيسبوك"، مقدمة تعازيها "لعائلته وأصدقائه وزملائه ومحبيه". كذلك خاض الممثل بعض التجارب السينمائية، أبرزها في سلسلة أفلام "ذي فانتاستيك فور"The Fantastic Four وفيلم "ذي سيرفر"The Surfer من بطولة نيكولاس كيدج الذي عُرض للمرة الأولى في مايو (أيار) 2024 في مهرجان كان السينمائي. وقال كيدج لموقع "ديدلاين"، "إنه خبر محزن جداً. عملتُ ستة أسابيع مع جوليان، وكان ممثلاً موهوباً جداً".


Independent عربية
منذ 5 ساعات
- Independent عربية
وفاة الممثل الأسترالي جوليان مكماهون عن 56 سنة
توفي عن عمر 56 سنة في ولاية فلوريدا الأميركية الممثل الأسترالي جوليان مكماهون الذي عُرِف بدوريه في مسلسلي "تشارمد" Charmed و"نيب /تاك" Nip/Tuck، بعد صراع مع مرض السرطان. وجاء في بيان لزوجته كيلي مكماهون نشره الجمعة موقع "ديدلاين" المتخصص "أود إعلام الجمهور بأن زوجي الحبيب، جوليان مكماهون، توفي بسلام هذا الأسبوع بعد صراع شجاع مع السرطان". وكان جوليان مكماهون المولود عام 1968 في مدينة سيدني الأسترالية بدأ مسيرته المهنية عارض أزياء قبل أن يتحول إلى التمثيل التلفزيوني، بداية في بلده الأصلي ثم في الولايات المتحدة. وبرز الممثل ذو العينين الخضراوين والابتسامة الساحرة للمرة الأولى في أواخر تسعينيات القرن الـ20 عندما أدى دور الشيطان كول تيرنر في مسلسل "تشارمد" الخيالي، إلى جانب الممثلات شانين دوهرتي التي توفيت بالسرطان عن 53 سنة في يوليو (تموز) 2024، وأليسا ميلانو وهولي ماري كومبس. وأعربت أليسا ميلانو عبر حسابها على "إنستغرام" عن حزنها الشديد، معتبرة أن "فقدانه أشبه بأمر غير حقيقي وهو مُبكر جداً، وظالم جداً. ارقد بسلام يا صديقي. سآخذ ضحكتك معي". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كذلك برز جوليان مكماهون على الشاشة الصغيرة بدور جراح تجميل مغوٍ للنساء وعديم الضمير في مسلسل "نيب/تاك"، الذي رُشح عنه لجائزة "غولدن غلوب" عام 2005. ويتناول "نيب/تاك" الذي ابتكره راين مورفي وعُرض من عام 2003 إلى 2010 رواج جراحة التجميل وتجاوزاتها في الولايات المتحدة، متضمناً مشاهد شديدة الواقعية من عمليات التجميل. ونَعَته شركة "وارنز براذرز تيليفيجن" في منشور عبر الصفحة الرسمية لـ"نيب/تاك" على "فيسبوك"، مقدمة تعازيها "لعائلته وأصدقائه وزملائه ومحبيه". كذلك خاض الممثل بعض التجارب السينمائية، أبرزها في سلسلة أفلام "ذي فانتاستيك فور"The Fantastic Four وفيلم "ذي سيرفر"The Surfer من بطولة نيكولاس كيدج الذي عُرض للمرة الأولى في مايو (أيار) 2024 في مهرجان كان السينمائي. وقال كيدج لموقع "ديدلاين"، "إنه خبر محزن جداً. عملتُ ستة أسابيع مع جوليان، وكان ممثلاً موهوباً جداً".


Independent عربية
منذ 5 ساعات
- Independent عربية
"سمسم"... فيلم أردني يتمرد على الواقع وأشياء أخرى
ماذا يعني لسيدة عربية، تعيش في مجتمع تقليدي محافظ، التمرد على واقعها ومواجهته؟ هل القوانين التي معظمها ذكورية منصفة بحقها؟ وإذا ابتعدنا قليلاً عن القوانين، هل هي قادرة على الخروج من الأنماط التي تربت وعاشت عليها، وهل المجتمع لن يلعنها مثلاً؟ هذه هي حال كثير من العربيات، يقتنعن بما أمرن بهن من أولياء أمورهن. يتزوجن برجال لا يعرفهن، فقط طاعة لأولياء أمورهن، ويعشن حياة رتيبة متواضعة بلا أحلام ولا طموحات. القصة سمسم واحدة من تلك النسوة، أجبرت على زواج طاعة لوالدها، وبعد وفاته قررت التمرد. غادرت منزلها وطلبت الطلاق من زوجها بائع الدجاج، قررت أن تبدأ حياة جديدة بأحلام جديدة وطموحات أكبر. رفض الزوج الطلاق، فلجأت إلى المحكمة التي قررت بعد سنة أن تطلقها من بائع الدجاج، لكن الزوج استأنف الحكم، وعادت سمسم إلى دوامة جديدة. هي تريد التحرر والسفر، تعمل في استوديو للتصوير الفوتوغرافي، تغازل فيه أي شاب وسيم ترى أنه قادر على انتشالها من وضعها، تستعمل أيضاً تطبيقاً للتعارف، تريد "اصطياد" فرصة خارجية للسفر بعيداً من واقعها. تتصادم سمسم دوماً مع أمها بسبب العادات والتقاليد، التي لا تتقبلها على رغم أنها فتاة محافظة، لكن بأحلام كبيرة. بعد مرحلة يأس، تجد أن أفضل فرصة للحصول على الطلاق هي إيجاد عروس لزوجها، تعجبه الفكرة ويوافق عليها، وتبدأ رحلة البحث عن عروس. "سمسم" هو الفيلم الروائي الأول للمخرجة الأردنية سندس ذيب حسن السميرات، الذي عرض للمرة الأولى في مهرجان عمان السينمائي الدولي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في أولى تجاربها تقرر سندس التطرق إلى قضية اجتماعية تعانيها كثيرات، وتطرح أسئلة كثيرة، "هل حقاً نحن أحرار، أم أننا نسير على ما رسمه لنا آباؤنا، ولماذا المجتمع دوماً غير منصف تجاه المرأة وحقوقها في الاختيار؟". تبحث سمسم عن زوج يرافق أحلامها، يفهم ما تقوله، يعرف كيف يتصرف معها وكيف يعاملها بحنان، زوج له رائحة شهية، ولا تفوح منه دوماً رائحة دجاج، ولا أقصى طموحاته أن يوسع المحل ويضم إلى الدجاج بعض طيور الفري. ما تقوله المخرجة هنا أن ثمة جيلاً لا يعرف أن يقول لا، ويبحث عمن يشبه أهله، وثمة فتيات يبحثن عن رجل يشبه والدهن، كدينا الفتاة التي تعمل في الاستوديو والتي أعجبت بزوج سمسم، ووافقت على الزواج منه في نهاية الفيلم، لأنه نسخة من والدها. إذاً، لدينا نموذجان في العمل، سمسم الرافضة فكرة الارتباط بمن لا يشبهها ويحقق أحلامها، ويعاملها بصورة جيدة، ودينا الفتاة التي قبلت ورضيت بالقليل واقتنعت أن بائع الدجاج هو كل ما تتمناه. نموذجان نقيضان لكنهما موجودان، لكن النموذج الذي يقرر رفض العادات والتقاليد سيصطدم بمجتمع لديه قوالب جاهزة عن المرأة المتحررة. تطرح المخرجة الأردنية الشابة كل تلك الأفكار بصورة رمزية، لا تغوص في الفكرة بل تلمح إليها، وتعمد إلى إطالة بعض المشاهد التي لا تخدم الفكرة. واضح أن العمل هو التجربة الأولى لها، ولذلك نجد تفاوتاً كبيراً في معظم فتراته وثمة مشاهد لا داعي لها أصلاً. إذاً لا يسير العمل بخط مستقيم، بل كتخطيط القلب، ثمة صعود وهبوط. ويلاحظ أن الحبكة الدرامية ضعيفة، ولا تخدم الفكرة الكبيرة التي يدور حولها الفيلم. في المقابل، ثمة بعض المشاهد الجميلة في الفيلم، كالمشهد الذي تتفقد فيه سمسم خزان المياه، تشعر بالغرق كلما فتحت الخزان، وتشعر بقلق وتوتر كلما سألتها أمها عن الخزان. الغرق هنا هو اليأس الذي تشعر به سمسم، ثمة ما يشدها نحو القاع وهي تحاول المقاومة. فعل المقاومة لدى سمسم هو التمرد الذي تريده، التحرر الذي تطمح إليه. لا تريد أن تكون شبيهة لأحد، ولا تريد أن تقتنع بكلام أمها، أنها ليست أحسن من غيرها وأنها ليست الليدي ديانا. سمسم الرافضة واقعها وزواجها ترفض الغرق وتخرج من الخزان، ولكن هل نجحت أم استسلمت في النهاية؟ تقطع سمسم واسمها الحقيقي ابتسام علاقتها بشاب كانت تعرفت إليه عبر تطبيق بعدما تأزمت قضية طلاقها، وتقرر أنها لا تريد أن تكون مع أحد، ولا تريد السفر أيضاً، ستبقى في بلدها لتربية ابنتها وتفتح مشروعها الخاص، استوديو للتصوير الفوتوغرافي خاصاً بها. قد لا يكون الخلاص فقط من المجتمع، بل قد يكون أحياناً من أفكارنا التي قد تقتلنا وتبعدنا عن الواقع. ويعود التفاوت بين مشهد وآخر في العمل، بسبب ضعف السيناريو، وهذه مشكلة تعانيها كثير من الأعمال الروائية العربية. وتظهر بوضوح في الدراما تحديداً، إذ يعمد بعض المخرجين إلى مشاهد طويلة تدور حول فكرة واحدة، فقط لإطالة مدة العرض، وهذا ما يحدث تحديداً خلال الموسم الرمضاني. سيرة سندس السميرات من مواليد مدينة إربد، تخرجت في جامعة اليرموك بمرتبة الشرف في تخصص الدراما وصناعة الفيلم عام 2022. تتلمذت على يد نخبة من أعضاء هيئة التدريس المحترفين المنتمين إلى نقابة الفنانين الأردنيين، وهي عضو في النقابة أيضاً. بدأت مسيرتها الفنية بإخراج وإنتاج الأفلام القصيرة، وقد حصدت معظم أعمالها جوائز في مهرجانات محلية ودولية، كذلك شاركت في كثير من الورش التدريبية التي نظمتها الهيئة الملكية الأردنية للأفلام.